07 كانون الثاني 2025 الساعة 11:48

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 3/1/2025 العدد 1199

2025-01-05 عدد القراءات : 442

 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

إسرائيل اليوم 3/1/2025

 

 

حتى قبل نهاية الستين يوما من وقف النار في لبنان ما زال أمام الجيش الإسرائيلي الكثير مما يفعله هناك

 

 

بقلم: يوآف ليمور

 

الحرب في لبنان انتهت، لكن الشمال بعيد عن إعادة البناء. معظم السكان لم يعودوا بعد. الكثيرون منهم ينتظرون أن يروا ماذا سيحصل في ختام ستين يوما تقررت في الاتفاق. هل سينسحب الجيش الإسرائيلي والى أين، وكيف سيرد حزب الله.

هذا الأسبوع كشفنا في “إسرائيل اليوم” أن الجيش يعتزم البقاء في جنوب لبنان حتى بعد الموعد الذي تقرر في الاتفاق. والسبب الأساس في ذلك هو التأخير في تنفيذ اللبنانيين ما يلزمهم به الاتفاق. فالجيش اللبناني ينتشر ببطء في جنوب الدولة (وعلى طول الحدود السورية اللبنانية، وهو أساسا مرتبك في تفكيك قدرات حزب الله مثلما تعهد.

الآلية التي تقررت يفترض أن تعمل على النحو التالي: إسرائيل تبلغ الجنرال الأمريكي في بيروت بخروقات الاتفاق. يمكن لهذا أن يكون محاولة تهريب، منشأة إنتاج سلاح أو محاولة متجددة للتموضع في جنوب لبنان. ويمكن لهذا أن يكون بنية تحتية لم تنكشف أثناء عمليات الجيش الإسرائيلي. ويفترض بالجنرال الأمريكي أن يبلغ الجيش اللبناني بالخرق وهو الملزم بأن يعالجه على الفور تحت رقابة أمريكية. وإذا ما قصر الجيش اللبناني أكثر مما ينبغي أو امتنع عن معالجة الخرق يمكن لإسرائيل أن تعمل بشكل مستقل.

في هذه الأثناء تعمل إسرائيل بنفسها بقدر غير قليل مستغلة الفترة

الانتقالية والضعف الظاهر لحزب الله المعني أساسا بالهدوء كي يلعق جراحه ويرمم قدراته. صحيح أن الحزب يتباهى بأنه لم يهزم، لكن هذه فرحة فقراء. بخلاف الجولات السابقة لا شك من انتصر في المعركة الحالية. وعليه فهو سيبتلع أيضا تواجد الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان لفترة زمنية إضافية، قد تطول لبضعة أسابيع، بل وربما لبضعة أشهر.

النصر في الميدان العسكري لا ينعكس في الساحة المدنية. القلق مما سيحصل في المستقبل مع حزب الله هو جزء من ذلك فقط، بل وربما ليس المركزي، في وجع رأس السكان. فوقه يأتي قلق الرزق والتعليم وفوقهما قلق أكبر على مستقبل هذا الإقليم الذي تلقى ضربة قاسية جدا. يوجد لها وجوه عديدة – هجران السكان هو الأكثر اقلاقا منها جميعها.

لن تفاجأوا إذا ما اكتشفتم بأن الدولة لا تزال تتردد في موضوع ترميم الشمال. فمشكوك أن يكون زئيف الكين الذي عين في معالجة هذا الموضوع متحمسا لذلك. فقد دخل إلى الحكومة في خلطة استهدفت إحياء اصطناعيا في جثة حزب أمل جديد بقيادة ساعر.

هناك شخصان يمكنها أن ينقذا الشمال: رئيس الوزراء نتنياهو ووزير المالية سموتريتش. الأول مشغول بشؤونه السياسية، القضائية والصحية. والثاني يهتم أساسا بالساحة الفلسطينية. فقد اختار أن يعلن هذه السنة بأنها سنة السيادة في يهودا والسامرة. والمعنى واضح: إسرائيل نجحت عسكريا لكنها تفقد الشمال.

غزة

سقط مقاتلان في غزة هذا الأسبوع. ومعهما يحصي الجيش الإسرائيلي 41 مقاتلا في الحملة في جباليا. أكثر من كل القتلى في أربعة أشهر من القتال خاضته فرقة 98 في رفح في الثلث الأول من السنة الماضية.

يوجد لهذا عدة أسباب محتملة: الأول، الجيش منهك وتعب بعد حرب طويلة في عدة ساعات، وأداؤه يتراجع. الثاني – بغياب أهداف ومهام محددة تتراجع القوات ويستغل العدو هذا لتحقيق إنجازات. الثالث – البقاء الطويل في الميدان يخلق نقاط ضعف. والرابع – العدو يترمم.

في الأسابيع الأخيرة وصلت تقارير من غزة أن حماس تجند آلاف الشبان أبناء عشرة وتنقلهم لتأهيل سريع كي يحلوا محل المقاتلين الذين فقدتهم. هذا يدل على أمرين: حماس ما زالت تسيطر في القطاع والجمهور يخافها، وإسرائيل وإن كانت ضربتها بشدة إلا أنها لم تكسر شوكتها.

هدد وزير الدفاع كاتس حماس بأنها إذا لم تفرج عن المخطوفين ستتلقى ضربات شديدة. وهذا ينسجم مع تهديدات ترامب. وفي الحالتين نوصي ألا نطور توقعات. فبعد 455 يوما من الحرب هناك يقين بأن حماس لن ترفع علما أبيض. قد توافق على تنازلات تكتيكية، محلية ولحظية لكنها لم تحيد عن طريقها.

مخطئ من يعتقد أن الزمن يعمل في صالح إسرائيل. المخطوفون لا يعودون، والحسم لا يتحقق. وعد نتنياهو بالنصر المطلق جاء مع آلاف الوعود الكاذبة الأخرى. في هذه الاثناء حماس تتعزز فقط. تجمع الغذاء، تجمع المال، تجمع الرجال. المأساة هي أنها تفعل كل هذا برعاية إسرائيل التي تعمل على أن تشتري لنفسها شرعية بمواصلة القتال.

لأجل تغيير الاتجاه والانتصار على إسرائيل أن تفعل أمرين: الأول، صفقة مخطوفين. والثاني الاهتمام بجدية في مسألة اليوم التالي. الأمر الحقيقي الذي يخيف حماس ليس الدبابة الإسرائيلية، بل البديل السلطوي. أحد ما آخر يأتي مكانها ويتحكم بالمال والغذاء وبالتالي بسكان القطاع. هذا، إلى جانب استمرار الضغط العسكري الإسرائيلي، أخيرا سيحقق تغيير الاتجاه المنشود.

في هذه الأثناء هذا لا يحصل لأسباب سياسية. والنتيجة هي أن الجنود يواصلون دفع الثمن فيقتلون باسم مهام سيكون أصعب فأصعب تعريفها. ومن جهتها على العائلات الثكلى أن تعرف أن للموت معنى. إن للعمليات معنى. في غياب صفقة مخطوفين وفي غياب أفق للعمليات في غزة، انتقادهم سيزداد. هذه ليست نبوءة – هكذا كان في جنوب لبنان في التسعينيات. لا يوجد أي سبب يمنع هذا بأن يتكرر مرة أخرى الآن وبقوة أكبر بأضعاف.

 

--------------------------------------------

 

 

هآرتس3/1/20225

 

 

زعيم سوريا الجديد لا يسارع إلى أي مكان ويحاول أن يتعلم من الأخطاء التي حدثت في الربيع العربي

 

محسنة المحيثاوي هي الاسم الجديد واللامع في لائحة تعيينات أحمد الشرع، زعيم سوريا الجديد. المحيثاوي، الدرزية ابنة الـ 52 سنة هي المرأة الأولى، التي تم تعيينها كمحافظة لمحافظة السويداء في جنوب سوريا. وكصاحبة خلفية اقتصادية بعد أن تولت إدارة البنك الزراعي في المنطقة، وعلى اعتبار أن لديها علاقات وطيدة مع الدروز، فإنها كانت المرشحة المناسبة، ليس فقط للوظيفة نفسها، بل أيضا للشخصية الجديدة التي يريد الشرع أن يزين فيها حكومته، كمشجع لتقدم المرأة وكمحافظ على حقوقها.

السويداء هي محافظة معقدة ومتحدية، فيها يمكن أن يتم فحص قدرة الشرع على إدارة كل الدولة. الامتحان الأول ظهر يوم الثلاثاء عندما منعت ميليشيات محلية دخول قافلة سيارات عسكرية أرسلت من قبل “إدارة العمليات العسكرية” في دمشق، الجسم الذي يسيطر في الوقت الحالي على سوريا من أجل إدارة مركز الشرطة بدلا من القوات السورية التي انسحبت عند سقوط نظام الأسد. قيادة الميليشيات المحلية طلبت من القوة الحكومية القادمة عدم دخول المدينة والعودة إلى دمشق. السبب الرسمي الذي قدمته قيادة الميليشيات هو أنها جاءت بدون تنسيق مع القيادة المحلية. القوة الحكومية عادت حقا على أعقابها إلى دمشق بدون مواجهة أو نقاش، لكن التفسير البيروقراطي لعدم التنسيق يغطي على تحد معقد أكثر بكثير.

قيادة السكان الدروز، وعلى رأسها الزعيم الروحي الشيخ حكمت الهجري، تسعى إلى تحويل السويداء إلى إقليم يتمتع بالحكم الذاتي الذي سيكون جزءا من الدولة، لكنه سيدير شؤونه بنفسه. هم يطالبون بالاعتراف بمنظومة القضاء المحلية وتعيين قائد الشرطة، لديهم أيضا. والأكراد في شمال الدولة التقوا هذا الأسبوع مع الشرع لمناقشة مكانتهم في ظل النظام الجديد. ممثلو ميليشيا الأكراد الذين يحاربون هذه الأثناء ضد القوات التركية والميليشيات التي تعمل تحت رعايتها، يطمحون إلى الحفاظ على المكانة المستقلة للمحافظات الكردية التي تسيطر، ضمن أمور أخرى، على آبار النفط والغاز للدولة، وحتى أن يكونوا جزءا من الجيش السوري، الذي سيتم تشكيله. في المقابل، هم يطالبون بحماية من الهجمات التركية وأيضا انسحاب القوات التركية من المناطق الكردية التي احتلت وعودة كاملة للسكان الذين طردوا أو هربوا من المدن الكردية المحتلة. في هذه البؤر تجنب الشرع حتى الآن التصريح بأقوال صريحة، باستثناء الإعلان الذي بحسبه أنه في سوريا سيكون فقط جيش واحد تحت علم واحد. أي أنه لن تكون ميليشيات “خاصة”، طائفية، دينية وقبلية.

ثورة الربيع العربي التي أسقطت نظام القذافي في ليبيا وعلي عبد الله صالح في اليمن، والحرب في العراق، التي أزاحت صدام حسين، علمت الشرع درسا مهما في التداعيات التي يمكن أن تكون للأنظمة التي تسمح للمليشيات بأن تأخذ لنفسها استقلالية وحرية عمل عسكرية. وهو نفسه مثال واضح على التهديد الذي ينتظر النظام الذي لا يسيطر على جميع القوات المسلحة في الدولة. الشرع نجح في إدارة محافظة ادلب إدارة مستقلة تحت سيطرته بعد أن قام بإخضاع، بشكل وحشي، الميليشيات الأخرى التي تجمعت في هذه المحافظة أثناء الحرب الأهلية. والسؤال هو هل سيكون قادرا على شق طريق مختلفة في قيادة كل الدولة، بدون التدهور إلى مواجهات عنيفة.

الشرع، الذي حتى الآن لا يحمل منصبا رسميا، يحذر أيضا في معالجة عملاء نظام الأسد وبالأساس التعامل مع الأقلية العلوية. وخلافا للعراق، الذي بدأ فيه على الفور بعد الحرب تطهير قوات الأمن والأجهزة الحكومية من كل الذين كانوا أعضاء في حزب البعث، حتى لم يبق من سيدير الدولة، فإنه في سوريا هذه الأثناء الموظفون بقوا في أماكنهم، ولا توجد حملات ملاحقة ضد من يسمون “بقايا النظام السابق”. الطلب الوحيد من هذه الجهات هو تسليم سلاحهم لقوات الأمن، بدون تنازلات.

في محافظة اللاذقية التي يتركز فيها معظم السكان العلويين، والتي هرب إليها عدد من رجال الأسد، سجلت مواجهات بين قوات الأمن للشرع وبين المدنيين. من الجيش السوري لم يبق الكثير، ومعظم الضباط الكبار هربوا إلى العراق ودول أخرى. وخلافا لمصر، حيث سارع هناك الجيش إلى إعطاء رعايته للثورة بعد إسقاط حسني مبارك، وفي نهاية المطاف سيطر على الحكم، فإنه في سوريا لا يوجد مثل هذا التهديد ولا حزب حاكم يجب مواجهته. يوجد للمتمردين في سوريا جيش خاص وحتى زعيم كاريزماتي، الذي سارع إلى نزع الزي العسكري وارتداء البدلة وربطة العنق. هذا مقابل معظم الدول التي مرت بانقلابات الربيع العربي بدون أن تولد قيادة سياسية جذابة.

الشرع لا يسارع إلى ترسيخ إجراءات ديمقراطية. صياغة دستور جديد ليس على رأس سلم أولوياته، وقد أعلن أن الانتخابات يمكن أن تجرى بعد أربع سنوات. في هذه الاثناء شكل لجنة للأعداد لـ”حوار وطني” برئاسة مؤيد رسلان قبلاوي، الباحث المعروف في العلوم السياسية. في مقابلة مع صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية شرح أن العملية فقط هي في بدايتها، وفي هذه الأثناء هو يقوم ببلورة الخطوط الرئيسية ويحدد الممثلين الذين ستتم دعوتهم. حسب تقارير سابقة فإنه ستتم دعوة حوالي 1200 شخصية، إلى هذا المؤتمر والتي من شأنها أن تمثل الطوائف، الأديان، التنظيمات، المليشيات وجهات أخرى سيكون عليها تقديم الاقتراحات لصياغة الدستور الذي سيحدد طابع الدولة.

ولكن التوصية هي عدم حبس الأنفاس قبل عقد “الحوار الوطني”. فهذه الحوارات جرت في عدة دول بعد ثورة الربيع العربي، بما في ذلك في مصر، ولكن لم تخرج منها أي فائدة كبيرة. الشرع أعلن أن الحكومة المؤقتة التي شكلها ستنتهي في شهر آذار/مارس المقبل، وبدلا منها سيتم تشكيل حكومة دائمة، ليس على أساس الانتخابات، وبالتأكيد ليس طبقا لدستور جديد، ويبدو أنه هو الذي سيقوم بتعيينها.

مقابل سلوكه المحسوب على المستوى السياسي فإنه تجاه الخارج يوجد الشرع في ذروة حملة سياسية كثيفة هدفها هو بناء غطاء حماية ودعم سياسي واقتصادي. ولكن مطلوب منه أكثر أن يغازل الشخص الذي يطلب وده. تركيا كانت الأولى التي هبطت في دمشق، وأقامت علاقات دبلوماسية مع النظام الجديد، ولكن في غرفة الانتظار للشرع يوجد الكثير من الزبائن.

ممثلون أوروبيون كبار صافحوا الزعيم الكاريزماتي، والإدارة الأمريكية أقامت حتى حوار تعارف معه، لكن المنافسين الأقوياء هم السعودية وقطر. فقد قامت بإرسال إرساليات مساعدات كبيرة، وهذه لم تكن الوجبة الأولى. فقد هبط أمس في الرياض وزير خارجية الشرع أسعد الشيباني، ووزير الدفاع مرهف أبو قصرى، ورئيس المخابرات أنس الخطيب. الشرع أعلن في السابق بأنه “يتوقع أن يكون للسعودية دور كبير في مستقبل سوريا”. ولكن أيضا تم وعد قطر بـ “أفضلية خاصة”، وقبل ذلك حصلت تركيا على مكانة دولة مفضلة.

هذه الدول الثلاث تعتبر مؤيدة للغرب ولها علاقات قوية مع الولايات المتحدة، لكن كل واحدة منها توجد لها مصالح خاصة بها في سوريا. فتركيا التي تسيطر على مناطق في الدولة تسعى إلى التوصل إلى اتفاق يضمن حدودها الجنوبية وازاحة تهديد الأكراد والتحرر من ملايين اللاجئين السوريين الموجودين فيها.

وقطر التي عارضت استئناف علاقات الدول العربية مع نظام الأسد، ومثل تركيا أيدت بعض الميليشيات التي تشكل هيئة تحرير الشام (منظمة الشرع)، تعتبر دمشق جزءا لا يتجزأ من فضاء نفوذها، واضافة إلى ذلك هي تريد أنبوب غاز يربط بينها وبين أوروبا عبر سوريا. السعودية، التي تستأنف تدخلها في لبنان وتوثق علاقاتها مع العراق، تعتبر سوريا موقعا حيويا لصد نفوذ إيران وإضعاف قوة حزب الله في لبنان. إضافة إلى هذه الدول، فإن الدول الأوروبية التي تطمح إلى التخلص من ملايين اللاجئين السوريين تطمح إلى الفرص الاستثمارية التي تستدعيها سوريا. الشرع لم يكن يتوقع عناقا أكثر دفئا من ذلك.

سوريا المدمرة، وخزينتها فارغة والبنى التحتية فيها في كل المجالات تدمرت كليا، ومواطنوها يعيشون تحت خط الفقر، والملايين منهم مهجرون خارج البلاد أو داخلها، تحتاج عشرات مليارات الدولارات لإعادة الإعمار. ولكن المساعدات الضخمة والاستثمارات الأجنبية تأتي بشكل عام مع شروط وقواعد، تخلق الاعتماد وتملي الاستراتيجية. التحدي الكبير الذي يواجهه الشرع هو بناء سوريا كدولة لها أهمية استراتيجية وإقليمية وتجنب شرك العسل الذي سيحولها إلى دولة حماية.

 

--------------------------------------------معاريف 3/1/2025

 

 

بدون أي استراتيجية أو تخطيط من المستوى السياسي سيبقى الجيش الإسرائيلي في غزة وسوريا ولبنان

 

كان شيئا ملتبسا في معظم تهاني العيد “أن تكون سنة أفضل” سمعتها هذا الأسبوع”. يبدو أن ليس خلفها أي ثقة. فإسرائيل تدخل العام 2025 كدولة لا تزال جريحة، فيما أن بعضا من جراحها لا تزال مفتوحة ونازفة. صحيح أنها أنهت 2024 متوجة بإنجازات عسكرية مبهرة، لكن هذه الإنجازات لم تترجم بعد إلى خلق واقع أفضل وتحويل إسرائيل إلى دولة من الأفضل العيش فيها. العكس هو الصحيح: فهذه آخذة في التآكل كل يوم فيما أننا نغرق في مراوحة في المكان في غزة، في لبنان وفي سوريا.

في اليوم الأخير من 2024، أثناء زيارة لي إلى الشمال توقفت في أحد الأماكن التي استطيبها: “فلافل شمعون عومر” في كريات شمونا، مؤسسة قديمة أصر عومر على ابقائها مفتوحة كل أيام الحرب. بخلاف تام مع المدينة نفسها التي لا تزال فارغة من الناس، كان المكان مليئا بالزوار، لكن شيئا ما بدا غريبا. لقد كان الفلافل طيبا، كما كان دوما، لكن فقط بعد دقيقة وبضع لقيمات فهمت ما الذي يختلف هذه المرة: رغم العدد الكبير من الناس الذين أموا المكان، ساد هناك صمت مطبق. الكل كان يأكل بصمت، وحتى عندما كانوا يتحدثون، كان هذا قصيرا وبصوت هامس. بسطات الفلافل هي أماكن تعج بالناس بطبيعتها، وبسطة عومر كانت دوما مليئة بالناس. أما هذه المرة فلم يكن هناك إلا صمت مثقل بالحزن.

زيارة السيدة ستروك

هذا الصمت المزعج تواصل أيضا في زيارة إلى بلدة مطلبة المحطمة. فمنذ وقف النار وإن كان المجلس تمكن من قصقصة الأعشاب الضارة التي نمت بعشوائية وقبل بضعة أسابيع بلغت طول الإنسان لكن الدمار بيّن في كل زاوية في ما كان ذات يوم زهرة جليلية: في البيوت المهدمة، في الأرصفة المحطمة تحت جنازير الدبابات وفي الطرقات المثقبة بإصابات الصواريخ. كلاب لبنانية متروكة تسللت بجموعها دون عراقيل من الثغرات العديدة في السور وملأت البلدة.

في البلدة نفسها لم يكن سوى أعضاء ثلة التأهب المخلصين، ممن واصلوا حماية المطلة أثناء كل السنة القاسية. هنا وهناك كان سكان جاءوا ليروا ما تبقى من بيوتهم أو لأخذ أغراض شخصية من هناك، لكن عشرة مواطنين فقط، معظمهم كبار في السن، عادوا إلى المطلة منذ أعلن وقف النار. الهجران بات واضحا في كل مكان.

في محاولة لبعث بعض من الأمل وإشعال بصيص نور، اعتزموا في المجلس إشعال شموع الحانوكا مع قادة الجيش في المنطقة. لكن عندها جاء بلاغ من وزيرة الاستيطان والمهام الوطنية أوريت ستروك بأنها تعتزم المجيء. الجميع تأهبوا. في كل البلدات في الشمال حيث زرت أثناء الحرب وكانت هذه كثيرة لم يسمعوا أبدا عن هذه الوزارة الزائدة والوزيرة الزائدة أكثر فأكثر.

الوزيرة ثرية الميزانيات لا تؤمن على ما يبدو بأنه يوجد استيطان أو مهام وطنية جدية داخل تخوم الخط الأخضر. في السنة الماضية ومن ميزانية رفعت إلى أكثر من 700 مليون شيكل، حولت نحو 8 ملايين شيكل فقط، أكثر بقليل من 1 في المئة من ميزانيتها، لبلدات الشمال المتضررة. أما الآن فقد أرادت أن تشعل شمعة في المطلة ربما كي تضيء المطارح الجديدة التي تتطلع لأن تستوطن فيها. قبل لحظة من الغاء الجميع مشاركتهم، جاء من مكتبها بلاغ إلغاء، فتنفس الجميع الصعداء.

على بلدات الجنوب المدمرة تفضلت وزيرة المهام الوطنية بأن تغدق 4.6 مليون شيكل في السنة الماضية، نحو نصف في المئة من ميزانيتها. الصمت المطبق لمطلة وكريات شمونا كان يمكن أن نسمعه هذا الأسبوع حتى في الغلاف، في كيبوتس ناحل عوز. المرافق الاقتصادية تؤدي مهامها، لكن الأعضاء ليسوا موجودين. إن أحدا لا يعرف إذا من ومتى سيعودون. إسرائيل 2025 ليست فقط حزينة، بل مهملة أيضا، من حكومتها.

الجيش الإسرائيلي يبحث عن تفسيرات

من الجهة الأخرى واصل الجيش الإسرائيلي ضرباته في غزة. اهتزت الأرض بالقنابل التي ألقاها سلاح الجو، وأصوات نار الدبابات والمدافع لم تتوقف للحظة. شارع آخر وحي آخر، مئة آخرون ومئتان آخرون من رجال حماس صفوا. نحن يمكننا أن نبتلع في الحرب في غزة إلى الأبد، لكن حتى في أصوات قادة الجيش الإسرائيلي يسمع التشكك حين يشرحون الأهمية الحيوية للمهمة.

تكاد تكون كل منطقة شمال القطاع قد طهرت من المدنيين ومن رجال حماس. أبراج أحياء سكنية للضباط والأطباء من بيت لاهيا سويت بالأرض. لم يعد هناك منزل يطل على ساحات نتيف هعسرا وخط القطار إلى سديروت. جباليا أصبحت جزرا وخرائب، والكلاب وحدها تجول هناك لتتغذى على القمامة التي يخلفها وراءه الجيش الإسرائيلي. السيطرة في القسم الشمالي من القطاع توفر لإسرائيل ورقة مساومة يمكنها أن تدفع قدما بإعادة المخطوفين لو أن حكومتنا كانت معنية بهذا وليس فقط بقانون التملص من الخدمة.

في هذه الأثناء كل يوم كان هناك يجبي لترات دمه، والآن يستعد الجيش الإسرائيلي أن يلقي بفرقة أخرى، رابعة من عددها، إلى العمل في غزة. ينبغي أن نقول هذا مرة أخرى: لن نتمكن أبدا من أن نقتل كل المتماثلين مع حماس. أعدادهم في غزة هي مخزون لا نهاية له. كما أننا لن ندمر آخر الصواريخ والآر.بي.جي. إذا لم نجير الإنجاز الآن سنجد أنفسنا نغرق وننزف هناك لسنوات دون جدوى ودون المخطوفين، القلة التي لا تزال باقية على قيد الحياة.

بدون أي استراتيجية أو تفكير مرتب من المستوى السياسي، يجد الجيش الإسرائيلي نفسه يجتذب إلى بقاء طويل في ثلاثة أقاليم: غزة، سوريا ولبنان.

مثلما في 1982، بعد أن طردنا الفلسطينيين من لبنان واجتذبنا إلى 18 سنة دامية من القتال هناك، هكذا اليوم أيضا: الجيش الإسرائيلي يبحث عن تفسيرات تبرر استمرار البقاء والنزيف. مع القضمة – تأتي الشهية للبقاء في الأرض التي احتليناها.

ضابط في قيادة المنطقة الشمالية شرح لي هذا الأسبوع في ذروة الجدية بأننا “لن نتمكن من الدفاع عن بلدات الجولان في الهضبة، ومن الحيوي أن نبقى على الأرض السورية”.

وأضاف “ليتنا نتمكن من أن نحتل حزاما أمنيا في كل حدودنا، كي ندافع عن البلدات”. ثمة من هذه الفكرة التبسيطية كفيلة بأن تسمع لديه مغرية، لكن تاريخنا أثبت المرة تلو الأخرى بأن احتلال أرض أجنبية له أثمان عالية، والاحتلال بشكل عام، الذي دخل إلى وعي عالٍ، يخرج مع ذيل منكسر.

إسرائيل التي تجاوز عدد سكانها هذه السنة خط الـ 10 مليون لا تحتاج إلى أرض أخرى – بل تحتاج إلى تطبيب وشفاء. شرط ضروري للشفاء هو إعادة المخطوفين وهو في متناول اليد. حربنا لن تنتهي هذه السنة، لكن يمكن تقليصها إلى الحجوم الضرورية ووقف النزف الزائد. المهمة الأكبر التي ستكون لنا في السنة الجديدة ستكون إصلاح ما تحطم كي يكون لنا ما نواصل القتال في سبيله.

 

--------------------------------------------هآرتس 3/1/2025

 

 

السعودية توفر فرصة في لبنان وتأثيرها إيجابي على وقف إطلاق النار

 

 

 

 

في موقع التزلج الأكبر في الشرق الأوسط العربي في قرية دوبيان، التي تبعد حوالي ساعة سفر عن بيروت، أصبحوا الآن مستعدين لاستيعاب آلاف المتزلجين الذين يتوقع مجيئهم في نهاية الأسبوع عند افتتاح موسم التزلج في لبنان. القرية نشرت عدة تعليمات للمستجمين، يطلب فيها منهم المجيء بسيارات مزودة بسلاسل للثلوج والتزود بالطعام والماء خوفا من الاختناقات المتوقعة؛ عدم الانحراف عن المسارات والامتثال لتعليمات رجال الشرطة وقوات الأمن التي ستأتي من أجل الإشراف على حركة السير. ولكن خلافا للسنوات السابقة، التي تم فيها حجز غرف فندقية قبل الموسم بأشهر فإنه في هذه السنة الحجز ضعيف ومدراء الموقع يقولون إنه فقط 30 – 40 في المئة من الغرف تم حجزها. سبب ذلك لا يحتاج إلى الكثير من التفسير.

المستجمون من العراق لا يمكنهم السفر مباشرة من بغداد إلى بيروت بسبب قيود الطيران في سماء سوريا، لذلك فان سعر تذكرة السفر ارتفع بشكل كبير. دول الخليج أمرت مواطنيها بالامتناع عن زيارة لبنان، رغم أن وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ قبل أكثر من شهر. الأردنيون ينشغلون بمشكلاتهم، وحسب قول وكيل شركة سياحة في الأردن، أجرى مقابلة مع موقع في لبنان فإنه “لا يوجد للأردنيين مزاج للتزلج في لبنان، في الوقت الذي فيه غزة والضفة الغربية تشتعلان الآن”. لذلك، لا يوجد لأصحاب مواقع التزلج إلا الاكتفاء بالسياح اللبنانيين، وبعضهم توجد لهم بيوت بملكيتهم في الجبل أو أنهم ليسوا بحاجة إلى خدمة المبيت.

افتتاح موسم التزلج ربما هو الاشارة الأولى الواضحة على جهود الدولة من أجل العودة إلى الحياة الطبيعية، وربما أن الطبيعية هي مفهوم نسبي في لبنان. فحتى في الأوقات العادية قبل الحرب كان لبنان دولة مفلسة، بدون حكومة فاعلة وميزانية وأفق اقتصادي أو سياسي. في حينه كان يبدو أنه لم يعد لديه مكان يتدهور إليه، إلى حين تبين أنه لا يوجد قعر لهذه الهاوية.

ملخصات السنة التي أجرتها وسائل إعلام رئيسية في لبنان مليئة بالأرقام الكئيبة التي تصف حجم الأضرار والكارثة التي تسببت بها الحرب في لبنان. حوالي 150 ألف بيت تم تدميرها بالكامل أو بشكل جزئي، وحوالي 20 ألف مبنى عام تدمرت، ومئات المصانع الصغيرة أو المتوسطة توقفت عن العمل، وتقريبا مليون وربع مواطن هجروا من بيوتهم، و3500 شخص تقريبا قتلوا وأصيب الآلاف. التكلفة المالية للأضرار قدرت بأكثر 13 مليار دولار، نصفها أضرار مباشرة والنصف الآخر ضرر غير مباشر للاقتصاد. وهذه حتى ليست أرقاما نهائية، لأنه رغم وقف إطلاق النار إلا أن إسرائيل تستمر في القصف في لبنان. وحسب ادعاء بيروت فقد خرقت وقف إطلاق النار أكثر من 800 مرة.

الآن العيون في المنطقة تشخص إلى أطواق النجاة السياسية والاقتصادية التي يتم القاؤها في محاولة لإنقاذ وقف إطلاق النار. سيكون عليها الاهتمام بانسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان في نهاية الستين يوما التي حددت في الاتفاق، وأن يتم فتح صنبور المساعدات الدولية التي بدونها لن تكون أي فرصة لإعادة إعمار لبنان، وأن يكون أخيرا هناك رئيس للدولة، لأنه بدون ذلك لا يمكن تشكيل حكومة مستقرة وموثوقة يمكنها إدارتها.

“لبنان تسنح له الآن فرصة تاريخية جديدة”، كتبت أمس كاتبة المقالات اللبنانية جوزفين ديب. “العام 2025 يفتح فصلا جديدا في لبنان سيترك خلفه سنوات من الأزمات المتواصلة”. أملها تعلقه ديب على التقارير التي تقول إن السعودية تنوي أن تحل محل إيران، وربما أن تصبح راعية لبنان الجديدة بعد أن تم إبعاد طهران عنها.

محللون لبنانيون يعطون أهمية كبيرة للزيارة المتوقعة، كما يبدو في نهاية الأسبوع، لوفد سعودي رفيع يترأسه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، والمسؤول السعودي للشؤون اللبنانية يزيد بن فرحان. “هذا يمكن أن يكون خروج لبنان إلى الحرية من دائرة إيران والعودة إلى الدائرة العربية”، كتب وليد شقير كاتب المقالات.

حتى الآن من المبكر تقدير دور السعودية في الخطوات السياسية في لبنان. في الحقيقة السعودية تعمل على حل الأزمة السياسية في لبنان، وإلى جانبها تعمل قطر ومصر وفرنسا والولايات المتحدة منذ سنتين تقريبا. ولكن حتى الآن اكتفت بمشاركة سفيرها بالنقاشات بين هذه الدول. ورفع تدخلها إلى مستوى مشاركة وزير الخارجية ربما سيغير قواعد اللعب.

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حصل على ضربة سياسية قاسية في لبنان في 2017، عندما حاول التدخل بشكل فظ في الشؤون اللبنانية وقام باعتقال رئيس الحكومة سعد الحريري في الرياض، وطلب منه الاستقالة من رئاسة الحكومة التي يوجد في عضويتها ممثلين عن حزب الله. الانتقاد والردود المضادة الشديدة للبنان وتدخل فرنسا أجبرته على التراجع وإطلاق سراح الحريري ورفع يده عن لبنان. الظروف الآن مختلفة. فالضعف العسكري والسياسي أيضا لحزب الله وابعاد إيران والانقلاب في سوريا، كل ذلك يعطي السعودية فرصة لتوسيع نفوذها والعودة إلى الساحة، التي تم ابعادها عنها أو أبعدت نفسها عنها. وحضور سعودي نشط في لبنان، مرفق برزمة مساعدات كبيرة، يمكن أن تكون بشرى مهمة ليس فقط للبنان، بل لكل المنطقة. أيضا هي يمكن أن تشكل الضمانة لتقليص قوة حزب الله السياسية ووقف قنوات النفوذ لإيران.

لكن من أجل تحقق كل ذلك فإنه يجب على لبنان أولا وقبل كل شيء التوصل إلى الاتفاق على انتخاب الرئيس. يوم الخميس المقبل ستكون هذه القدرة في امتحان، عندما سيدعو رئيس البرلمان نبيه بري إلى عقد جلسة خاصة من أجل انتخاب الرئيس. وقد دعا إلى هذه الجلسة سفراء الدول في لبنان لإظهار جديته. ولكن هنا توجد إشارة تحذير. تقريبا 12 جلسة برلمان تم عقدها في السابق من أجل تعيين رئيس للبنان ولكن بدون نجاح. أيضا في هذه المرة لا توجد موثوقية بأنه سيتم عقد الجلسة، وأيضا لا توجد موثوقية إذا عقدت بأنها ستنجح في التوصل إلى اتفاق حول انتخاب الرئيس.

لكن ربما في هذه المرة هناك احتمالية أكبر، بالأساس بسبب نتائج الحرب التي تحمل حزب الله المسؤولية عن الدمار في لبنان، وبسبب الخوف من أنه إذا فشلت عملية انتخاب الرئيس فإن استمرار تنفيذ وقف إطلاق النار أيضا يمكن أن يتفجر.

الضغط الدولي على لبنان كبير جدا، الذي تشارك فيه فرنسا وأمريكا. المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين يتوقع أن يزور لبنان في الأسبوع المقبل قبل عقد جلسة البرلمان، إضافة إلى السعودية وقطر ومصر. المرشح المفضل في هذه الاثناء بالنسبة لدول الوساطة هو قائد الجيش الجنرال جوزيف عون، الذي ينشغل الآن في انتشار الجيش في جنوب لبنان على طول الحدود مع إسرائيل. وهو أيضا الشخص الذي يجب عليه نزع سلاح حزب الله في جنوب لبنان، وبعد ذلك نزع السلاح من المناطق التي توجد شمال نهر الليطاني.

انتخاب عون كرئيس، الذي حسب صلاحياته سيقوم بتعيين رئيس الحكومة وتقرير من سيكون قائد الجيش الذي سيستبدله، سيؤثر بشكل كبير على تصميمه وعلى قدرة لبنان على تنفيذ هذه المهمة الكبيرة. حزب الله برئاسة نعيم قاسم، ما زال يؤيد المرشح المنافس سليمان فرنجية، المقرب من حزب الله، والذي يعتبر المقاومة قوة مشروعة الدولة بحاجة إليها. من هنا فان انتخاب الرئيس ليس فقط مسألة إجراءات إدارية وفتح قنوات المساعدات للبنان، بل قرار استراتيجي يمكن أن يحدد مصير حزب الله كتنظيم عسكري.

في البيان الذي بثه أمس نعيم قاسم في التلفزيون صرح أن “المقاومة استعادت قوتها وهي في الطريق لتكون أقوى”. ولكن، هذه “لكن” مهمة، “يجب على حكومة لبنان التي وقعت على اتفاق وقف إطلاق النار أن تتابع الاتفاق بواسطة لجنة الرقابة على تنفيذه. هنا توجد فرصة للبنان كي يظهر قدرته بواسطة عملية سياسية”.

هذا تصريح مخفف لنعيم قاسم، أو على الأقل أكثر مرونة، وهو لا يكرر التهديدات السابقة لكبار قادة الحزب بأنه إذا لم تتوقف إسرائيل عن خرق اتفاق وقف اطلاق النار فإنه “في اليوم الواحد والستين القصة ستكون مختلفة”.

هنا توجد أيضا مسؤولية لإسرائيل في مساعدة لبنان على تحقيق فرصة “العودة إلى المستقبل” وتمكين الجيش اللبناني من الانتشار على طول الحدود وإخلاء القرى التي ما زالت تسيطر عليها.

إسرائيل حتى الآن لا يجب أن تتنازل عن حقها في “الدفاع عن نفسها”. هذه الكلمات تعني فعليا الأذن بمهاجمة لبنان، ولكن من داخل إسرائيل، وبدون التواجد العسكري لها في لبنان.

 

--------------------------------------------

 

 

معاريف 3/1/2025

 

 

صحيفة إسرائيلية: فقط السلام سيجلب الأمن للجميع

 

 

بقلم: يورام دوري

 

بعثت فظائع مخربي النخبة عن حق موجات كراهية ومشاعر ثأر ضد سكان غزة الذين سمحوا للأنذال من حماس أن يتحكموا، يخططوا وينفذوا مذبحة بحق مواطني إسرائيل. في هذه الأيام، حين يغلي الدم ومخطوفونا ما زالوا يتعرضون للتنكيل في غزة، من الصعب حتى متعذر التفكير بالحاجة للوصول إلى تسوية سلام مع جيراننا.

كثيرون في إسرائيل يشبهون أفعال حماس في مذبحة فرحة التوراة بأفعال النازيين (برأيي التشبيه ليس في مكانه – فالفظائع التي ارتكبها النازيون لم يكن لها مثيل في العالم). ومع ذلك، حتى الناجين من الكارثة وأبناء عائلاتهم استوعبوا منذ زمن بعيد أن ألمانيا، أمة الرايخ الثالث اللعين والإجرامي، هي اليوم الصديقة الأقرب لإسرائيل في أوروبا وموردة سلاح ذات مغزى.

يتبين أنه حتى دولة كان فيها نظام إجرامي، نال تأييدا واسعا من السكان الألمان في سنوات 1933 – 1945 أصبح بعد أن تغير حليفا استراتيجيا لنا. فالصداقة والتأييد لسياسة إسرائيل لا يقفزان أيضا عن الحكم البولندي الحالي، رغم أن الكثير من مواطني بولندا في الماضي تعاونوا مع النازيين وكانوا شركاء طوعيين في آلة الموت الألمانية.

يثبت التاريخ أنه يمكن أن يكون الحال مختلفا، ليس فقط بالنسبة لليهود ولإسرائيل. فقد كانت أمور أخرى حتى بعد حروب أخرى. فقد سبق أن كانت حتى بعد حروب أخرى، مضرجة بالدماء تضمنت عددا لا يحصى من الفظائع والاغتصابات، مثلما كانت في الحرب بين الصرب وكرواتيا. اليوم العلاقات بين الشعبين معقولة بما يكفي ونزعة الثأر المبررة في حينه، حلت محلها الرغبة في محاولة العيش معا. الكرواتيون والصربيون استوعبوا أن السلام يتيح الأمن والرفاه الاقتصادي. الماضي لم ينُسَ ولا ذكرى الضحايا أيضا. لكن الأغلبية قررت النظر إلى الأمام انطلاقا من الفهم أنه لا بديل عن علاقات السلام. الحوار حل محل العنف، خطاب القتل، وحل التطلع إلى السلام محل الرغبة في الثأر. شعوب كثيرة وصلوا إلى هذا الوعي.

عندنا أيضا يجب أن نحاول ألا نسمح للغضب المبرر أن يقرر المستقبل. أن نحذر – نعم، أن نستعبد بالخوف – لا. من المهم أن نتذكر أن الأردن الذي أكثر من نصف سكانه فلسطينيون يقيمون علاقات سلام معقولة مع إسرائيل. هكذا أيضا مصر التي هاجمتنا في يوم الغفران، في حرب شاركت فيها كمقاتل وفقدت فيها الكثير من رفاقي الذين كانوا بين آلاف القتلى.

اسحق رابين، الاستراتيجي والمقاتل، عرف كيف يصف الواقع في خطابه في احتفال تلقي جائزة نوبل للسلام: “يوجد فقط حل راديكالي واحد للحفاظ على حياة الإنسان: لا ألواح الفولاذ، لا الدبابات، لا الطائرات، لا استحكامات الاسمنت. الحل الراديكالي الآخر هو السلام. السلام يحمي حياة المقاتلين، الذين يحمون حياة المدنيين”.

بكلمات أخرى، فقط السلام يجلب الأمن.

--------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 25/11/2024

 

 

هل قَتَلنا 14 ألف طفل في قطاع غزة حقا؟

 

 

بقلم: نمرود ألوني

 

معيارنا المزدوج: إذا كان موت مواطن إسرائيلي بإصابة من طائرة مسيرة يوصَف عندنا في الأخبار بأنه "قتل متعمد"، كيف يجوز أن نسمي ما يحدث للقتلى جراء عمليات القصف التي قوم بها نحن في قطاع غزة وفي لبنان بأنه "غير متعمد"؟

من عادة النشرات الإخبارية التمييز بين الجنود المقاتلين الذين يُقتَلون على الجبهة وبين المواطنين المدنيين الذين يُقتَلون جراء الإصابات بالصواريخ أو القذائف أو الطائرات المسيرة. ما الذي سيحصل لو أننا التزمنا، بشكل مثابر، بالتمييز بين القتلى من أحبائنا عند تطرقنا إلى أعدائنا في قطاع غزة -ولبنان أيضًا- وأولئك الذين فقدوا أرواحهم نتيجة القصف والنيران التي تطلقها قواتنا؟

"يجب القول بنزاهة"، على حد تعبير محللي الحرب، إن الالتزام بهذا التمييز اللغوي سيقود إلى الاعتراف بأننا قَتَلنا، خلال السنة الأخيرة، نحو 14 ألف طفل على الأقل وعددًا مماثلًا من النساء والمسنين غير المشاركين بصورة مباشرة في الحرب أمام الجيش الإسرائيلي.

سوف يعترض كثيرون ويدعون أنه لا يجوز الحديث عن قتل (متعمد) لدى التحدث عن أعدائنا في زمن الحرب. كما سيكون هنالك المتشددون الذين يتحدون في القول إن اليهود، بطبيعتهم، لا يمكن أن يكونوا قَتَلة. على ذلك، يجب الإجابة بأن العواطف والمصالح شيء، والأخلاق والعدالة شيء آخر.

يعني ذلك أننا، بصورة طبيعية، قريبون من أنفسنا ونتألم لموت أبناء شعبنا أكثر مما نهتم بسلامة الأغيار، فما بالك بأولئك الذين ينتمون إلى معسكر الأعداء الذين يحاربوننا؟ لكن هذه عواطف ذاتية وسرية بين جميع الشعوب ومواطني الدول، بحسب هويتهم وانتمائهم. والقاعدة المعروفة هي أن كل واحد من الأطراف في أي حرب يكون مقتنعًا بأن الرب والعدل يقفان في صفه هو، وأن أي أب وأم، من كلا الطرفين، يبكيان أولادهما الذين قُتلوا من دون أي علاقة بعدالة الحرب التي قُتلوا فيها و/ أو بسببها.

في مقابل ذلك، عندما نبحث في الأخلاق والعدالة، فإننا لا نكتفي بالعواطف وإنما نضع أنفسنا أمام تحد يتمثل في مواجهة معايير موضوعية لا يمكن لأي طرف من دونها الادعاء بأن طرفًا آخر، أيًا كان، قد أساء إليه أو تسبب له بأذى -أو حتى الأسوأ من هذا: أنه ارتكب جرائم حرب بحقه.

لتحقيق هذه الغاية، تتوفر لدينا بنى تحتية عديدة ومتنوعة، ومن ضمنها: مبادئ الأخلاق الإنسانية الخاصة بقدسية الحياة، والمساواة في قيمة الإنسان والقضاء العادل؛ المواثيق الدولية الخاصة بقوانين الحرب والقتال ومعاملة الأسرى؛ المبادئ والسوابق المتعلقة بدستور الأخلاق في الجيش الإسرائيلي وتجنب المس بغير المشاركين في القتال؛ والتراث اليهودي الذي يقدس الحياة، وينبذ العنف الجماعي، ويطالب بأن "كل من يحمي نفسًا واحدة، يُمجَّد وكأنه حمى عالمًا بأكمله".

بافتراض أننا غير محكومين بالتحيز القومي على أساس "من يقف معنا ومن يقف ضدنا"، وأننا نقارب الواقع بمصطلحات غير متحيزة مشتقة من المنطق والأخلاق والعدالة، سوف يتضح أن السجال الإسرائيلي العام موبوء بالمعايير المزدوجة: إننا لا نحكم على أنفسنا بالمعايير ذاتها التي نحكم بها على الآخرين. ولا يتجسد إخفاقنا الأخلاقي في تعاملنا مع قتل آلاف الأطفال، والنساء والمسنين غير الضالعين في القتال في قطاع غزة فحسب. إنه يتمثل أيضًا في تعاملنا الفاسد والمعيب مع أعمال الشغب والمذابح المُدبَّرة التي وقعت في الفترة الأخيرة.

في حين أن الخطاب العام يعج بالإدانات الحادة والتعابير الكارثية حول الهجوم على مشجعي فريق "مكابي تل أبيب" في أمستردام، إلا أنه لا يشير بقدر يعتد به إلى الاعتداءات التي ينفذها يهود من "فتيان التلال" ضد القرويين الفلسطينيين في الضفة الغربية. هنا الضحايا أكثر بكثير، والخراب أفظع بكثير، والوتيرة شبه يومية، وكله يجري برعاية -أو بموافقة صامتة- من الحكومة الإسرائيلية.

كيف يمكن وصف الفجوة الكبيرة ما بين التشارك الوجداني الذي يبديه الجمهور في إسرائيل مع أي ضحية من طرفنا جراء العمليات العدائية، وبين الانغلاق والبلادة والازدراء حيال موت وبؤس ضحايا أبرياء تضرروا من قواتنا؟ الجواب معروف وواضح: إنهم يتبنون موقفًا عنصريًا مبنيًا على الفوقية اليهودية وتعريف الفلسطينيين بأنهم "عماليق"، أدنى مرتبة وأقل قيمة وعنصرًا خبيثًا يجب القضاء عليه.

في نظر الأغلبية، كان إلغاء التعاطف وتعطيل الضمير نتيجة لمزيج من العاصفة العاطفية وهندسة الوعي؛ بين مشاعر الغضب والانتقام الطبيعية في أعقاب الصدمة التي خلفها هجوم "حماس" الوحشي والجرائم التي ارتكبتها ضد سكان "غلاف غزة"؛ وبين هندسة الوعي بحيث يتم تقمص دور الضحية، من إنتاج نتنياهو -زعيم الدولة المتهم بسلوكات جنائية وبارتكاب جرائم ضد الإنسانية، "الذي يجعل العتمة نورًا والنور عتمة"، والذي بالرغم من حكمه الجامح المفتقر إلى أي كوابح والذي يزرع الموت والدمار، يصور نفسه على أنه ضحية، على طريقة الوطني اليهودي المستقيم، السير ألفرد درايفوس.

في أيام الأزمات والحضيض التي نمر بها، يتعين علينا أن نتعلم من شخصية فرنسية أخرى، ليس ضحية وإنما منارة أخلاقية. في الأيام الرهيبة التي مرت على أوروبا، كتب ألبير كامو: "لا أستطيع أن أصدق أن كل الوسائل تقدس الغاية. ثمة وسائل لا يمكن أن يكون لها أي تبرير. أريد أن أحب دولتي وأن أحب العدالة، لكنني لا أريد عظَمَة لدولتي تكون مُكتَسَبة بالمظالم".

بهذه الروح، أود أن أضيف شيئًا للوطنيين الإسرائيليين الذين يواجهون المعضلات الأخلاقية التي تجلبها الحرب: إن من يتخلى عن حب الوطن وخدمة دولته يُضعِفها، وقد يدفع إلى إفسادها وانهيارها؛ ومن يتنازل عن العدالة ينحدر إلى الهمجية. أو، بلغة عصرنا، إلى ارتكاب جرائم حرب.

*البروفيسور نمرود ألوني: هو رئيس كرسي اليونسكو للتربية الإنسانية.

--------------------------------------------

هآرتس 3/1/2025

 

القضاة أيضاً يخافون

 

بقلم: أسرة التحرير

 

 

شطبت محكمة العدل العليا أمس الأول مادة في تعديل أمر الشرطة تخول وزير الامن القومي ايتمار بن غفير رسم سياسة التحقيقات للجهاز بدعوى انها لیست دستورية. وقف القضاة عند الحاجة الحقيقية لاستقلال الشرطة وتركوا للمفتش العام مكانته كالمحفل المهني الحصري المؤتمن على استخدام الجهاز للقوة. هذه رسالة هامة تخرج من المحكمة العليا أمام انهيار الشرطة منذ تسلم بن غفير منصبه. غير أنه عمليا، يثير قرار المحكمة الذي اتخذ قلقا عظيما. أولا، اتخذ بأغلبية طفيفة من خمسة قضاة فقط مقابل أربعة آخرين يرون امام ناظريهم كيف تسقط الشرطة كل يوم في أيدي الأكثر تطرفا بين السياسيين - كهاني أدين بالجنائي ويستخدم الشرطة لأغراضه السياسية - ويأذنون له أن يبقى على ما هو عليه. يشهد رأي الأقلية الى أن تتجه المحكمة العليا "المحافظة" برئاسة نوعم سولبرغ واليكس شتاين: تفضيل الأغلبية في الكنيست على الحقوق الدستورية الأساس.

لكن ليس قضاة الأقلية فقط هم من ينبغي ان يقلقوا الجمهور في إسرائيل. فكل تسعة القضاة قضوا بان لا مكان للتدخل في باقي مواد التعديل، التي تخول بن غفير رسم السياسة العامة للشرطة. بمعنى ان قضاة الأغلبية أيضا خافوا من أن يسيروا حتى النهاية ويشطبوا تماما التعديل لأمر الشرطة الذي يخضع بالواقع الجهاز لبن غفير وعصبته التي تسيطر اليوم في وزارة الأمن القومي.

القائم باعمال رئيس المحكمة العليا اسحق عميت قال، أقوالا واعية في قرار المحكمة. فقد حذر من أنه منذ اليوم، بمرور سنتين على تسلم بن غفير للمنصب، اجتازت الشرطة تسييسا خطيرا وأشار الى أن "سياسة الوزير" ليس فقط لم تساعد عمل الشرطة بل عمليا فشلت في ضوء معطيات الجريمة العالية في عهد بن غفير.

اعتقد عميت بان تعديل القانون يمس بالحقوق الدستورية وطلب شطب القانون تماما، لكنه امتنع عن ذلك واكتفى بموقف سلفه في المنصب عوزي فوغلمان الذي قضى بانه ينبغي تفسير التغيير في

القانون بشكل لا يمس باستقلالية الشرطة.

بهذا المفهوم فان الايادي المهددة للمس بالمحكمة العليا وبشرطة إسرائيل نجحت. اذا نجح وزير العدل يريف لفين في مهمته الحالية، تقليص قوة محكمة العدل العليا المس بالمستشارة القانونية للحكومة الى جانب تنصيب قضاة سياسيين من قبل الليكود في المحكمة العليا، فان قرار المحكمة الذي اتخذ امس الاول بصعوبة الذي كيفما اتفق يحافظ على التفكر المهني للمفتش العام اذا ما تفضل هذا الا يكون دمية لوزير الامن القومي، سيكون القرار الأخير الذي يضع حقوق الفرد في رأس سلم الأولويات.

--------------------------------------------

هآرتس 3/1/2025

 

من ضحايا العمليات العبثية للجيش

 

 

مسنة قتلت في الشارع

 

وشاب ابن 25 قُتل في بيته بمخيم بلاطة

بقلم: جدعون ليفى واليكس ليباك

صورة تصعب مشاهدتها شاب ملقى على أرضية المطبخ في بيته. يغرق في بركة دماء حمراء وكثيفة. اللون قوي. الدم الأحمر اللزج على بلاط السيراميك الأبيض في المطبخ الشاب يرتدي ملابس جيدة بنطال جينز عصري وقميص اسود مكتوب عليه كاوتشر وسترة يونيكلو اقدامه عارية ومنشفة مطبخ مضرجة بالدماء تغطي جبهته. شخص ما حاول وقف نزف الدماء من رأسه ولكن بدون نجاح.

 

 

هذه هي الصورة الأخيرة لقصي السروجي، الحلاق ابن الـ 25 سنة وابن عائلة حلاقين من مخيم بلاطة للاجئين في نابلس هو لم يكن الضحية العبثية الوحيدة للجيش فى العملية التي قام بها في المخيم قبل أسبوعين، في صباح 19 كانون الأول. قوة من المستعربين جاءت لقتل أو اعتقال مسلحين الذين يوجدون بكثرة في المخيم حوالى ثلاث ساعات تقريبا الجيش كان هناك، وخلالها قتل اثنين من المواطنين الأبرياء وأصاب ستة آخرين، بينهم اصابته حرجة.

 

 

مخيم بلاطة هو المخيم الأكبر في الضفة الغربية، وأحد المخيمات المقاتلة من بينها في يوم الاثنين الماضي عندما قمنا بزيارة المخيم هطلت امطار خفيفة والازقة المكتظة والمهملة امتلأت بالمياه. عندما صعدنا الى شرفة المطبخ في الطابق الثالث في البيت المكان الذي اطلقت فيه النار على قصي، شاهدنا ما يحدث في المخيم بنظرة من الأعلى. الجندي الذي اطلق النار على السروجي وقتله كان يقف على نافذة البيت المقابل، وهو بيت سيطر عليه الجنود مسبقا. في اسفل الشارع سارت الحياة الروتينية في المخيم بالضبط مثلما في يوم قتل السروجي. المارة يذهبون ويأتون في الازقة بنظرات كئيبة، والتي زادتها كآبة الامطار والبرد والغيوم في السماء. الاكتظاظ، البؤس والفقر، تظهر اكثر احباطا عند النظر اليها من أعلى.

فجأة لاحظنا شابا مسلحا يقف على مدخل المبنى الذي كنا فيه، له لحية ويرتدي سترة سوداء ويحمل بندقية على كتفه. هذا الشاب تحدث مع شاب آخر لا يحمل سلاحا وقاما بالتدخين معا. كل شيء كان طبيعيا، لكن نحن لم نعرف كيف سنخرج من المبنى بأمان.

من اجل الوصول الى مخيم بلاطة كان يجب علينا مثل جميع الفلسطينيين اجتياز مدينة نابلس من الغرب الى الشرق المدينة الكبيرة التي كانت ذات يوم العاصمة الاقتصادية للفلسطينيين هي شبه محاصرة منذ اندلاع الحرب، وفقط يمكن الدخول اليها والخروج منها عبر قرية دير شرف على المدخل الغربي. حاجز حوارة، الطريق الرئيسية الى نابلس، مغلق منذ 7 أكتوبر. نابلس هي مدينة متعبة ومهزومة ولم يبق فيها إلا بقايا الثروات قبل دخول مخيم بلاطة شاهدنا لافتة على أحد البيوت مكتوب عليها مركز السعادة لاطفال نابلس.

صالون الحلاقة لقصي يوجد في شارع القدس، وهو الشارع الذي يؤدي من المدينة الى المخيم. ومثلما كان الامر ذات يوم في إسرائيل فان الصالونات في المدينة وفي المخيم تغلق في يوم الاثنين، اليوم الذي قمنا فيه بالزيارة. عندما وصلنا في الظهيرة، بيت عائلة السروجي كان لا يزال نائما في يوم إجازة الحلاقين، ونحن انتظرنا فترة في الخارج الى أن تم فتح الباب. في غرفة مكتظة في الطابق السفلي جلس الأب الثاكل وطويل القامة، حامد (61) سنة، والأب لستة أولاد، وهو حلاق وصالونه يوجد في سوق المخيم ؛ العم علي (75) سنة، الذي يوجد له أيضا صالون تجميل في سوق المخيم؛ شقيق قصي محمود (29 سنة)، متزوج وخريج قسم علم النفس من جامعة النجاح وهو يعمل في الامن الوطني في السلطة، بعد أن لم يجد عملا له في تخصصه. من المطبخ جلبوا مدفأة قديمة من اجل تخفيف قليلا البرد في البيت. الأخ البكر محمد (30 سنة)، كان شريك قصي في صالون الحلاقة في شارع القدس الأب قام بتعليمهم سر المهنة وهو يقول بأنهم جميعهم حلاقين جيدين، أيضا السعر موحد، 20 شيكل لحلاقة الرجل.

قصي كان طالب في كلية الإدارة في جامعة القدس المفتوحة وحلاق. وقد بدأ يعمل مع شقيقه قبل اربع سنوات. كان يأتي كل يوم قبل الظهر الى صالون الحلاقة ويبقى هناك حتى المساء.

 

 

في يوم الأربعاء 19 كانون الأول تأخر قصي وأبناء العائلة الآخرين في الاستيقاظ في الساعة العاشرة تقريبا جلسوا لتناول الفطور في المطبخ الواسع الذي يوجد في الطابق الثالث في بناية العائلة التي تضم عدد من الشقق والطابق الثاني لم يتم تعميره بعد، استعدوا حينها لتناول الطعام.

فجأة، كما يقولون، سمعنا صوت اطلاق نار في الشارع. هذا كان تبادل لاطلاق النار بين قوة المستعربين التي اقتحمت المخيم وتم تشخيصها وبين المسلحين قوات جيش أخرى وصلت بعد فترة قصيرة الى المخيم والجنود انتشروا في شقق فى الطوابق العليا للبيوت وعلى الاسطح اطلاق النار في الخارج ازداد على الأقل ٨ سيارات عسكرية اقتحمت المخيم إضافة الى سيارة المستعربين الكبيرة. في الشارع الذي تعيش فيه عائلة السروجي يعيش عدد من مقاتلي المخيم.

اول من سقطت هي حليمة أبو ليال الباحثان في "بتسيلم "، سلامة الدبعي وعبد الكريم السعدي، قالا إن المرأة ابنة الـ 80 خرجت من عيادة الاونروا وذهبت للتسوق في السوق، بعد بضع دقائق أصيب أيضا صاحب بقالة في السوق، حسين أبو ليال (28 سنة)، وهو من عائلة المرأة التي قتلت. هو أصيب في بطنه وحتى الآن حالته حرجة خمسة مارة آخرين أصيبوا بنار الجنود.

في ذلك الوقت كان قصي يجلس مع والده ووالدته وعمته على طاولة الفطور. الأب قام للحظة وذهب الى الحمام ومن هنا سمع فجأة صراخ مخيف من المطبخ. عندما رجع شاهد ابنه ملطخ بالدماء وملقى على الأرض.

 

 

تبين أن قصي نهض وتوجه الى شرفة المطبخ، وعندما وقف على الحافة اطلق عليه قناص كان يختبئ في البيت المقابل النار من مسافة عشرات الأمتار بخط جوي. أم قصي، جميلة (60 سنة)، وعمته كريمة (59 سنة) وزوجة شقيقه شمعة (25 سنة)، شاهدن قصي والدم ينزف من الجانب الايسر في رأسه قرب الأذن. زوجة شقيقه حاولت وقف النزيف بمنشفة المطبخ، وبنات العائلة بدأن في الصراخ بأنه يجب استدعاء سيارة الإسعاف، لكن الأب قال إنه لم تعد حاجة الى ذلك. فقد عرف أن ابنه مات بسبب كمية الدماء التي نزفت. بعد ساعتين على اطلاق النار وصلت سيارة الإسعاف، عندما ترك الجيش المخيم، من اجل اخلاء الميت. طوال ذلك الوقت جلس أبناء العائلة حول جثة عزيزهم التي قاموا بتغطيتها ببطانية، وتوحدوا مع الكارثة.

 

 

في هذا الأسبوع لم يتمكنوا من أن يصفوا لي ما مر عليهم في ذلك الوقت أمام الجثة. "قصي لم يفعل أي شيء غير صحيح"، قال الأب. "هو لم يكن مسلح ولم يحاول الاضرار بأحد جميعنا سنموت في النهاية، لكن أن يموت هكذا بدون عدالة وبدون مبرر...

المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي قال في هذا الأسبوع ردا على سؤال لـ "هآرتس": " في 19 كانون الأول جنود الجيش الإسرائيلي عملوا على اعتقال مشبوه بنشاطات إرهابية فى مخيم بلاطة طوال النشاطات فتح مخربون النار والقوا عبوات على قواتنا التي ردت باطلاق النار. تم تشخيص إصابات. نحن عرفنا بالادعاء أنه اثناء تبادل اطلاق النار بين المخربين وقواتنا أصيب اشخاص لا علاقة لهم، الذين كانوا متواجدين في المنطقة. الموضوع قيد الفحص".

في نهاية المحادثة خرجنا في هذا الأسبوع الى شرفة المطبخ الجدران هي مثل جدران كل البيوت التي توجد حولنا، مثقوبة بسبب الرصاص الذي اطلق هنا خلال السنين غير بعيد على سطح أحد البيوت القريبة، توجد لافتة مقلوبة لبنك "هبوعليم" كفاصل، المخيم يظهر من هنا مثل مجموعة لانهائية من أجزاء البناء، الواحد على الآخر. في اسفل الشارع، على مدخل البيت وقف المسلح مع صديقه وقاما بالتدخين ببراءة.

--------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 3/1/2025

 

زعيم سوريا الجديد لا يسارع إلى أي مكان سوى مصادر التمويل

 

بقلم: تسفي برئيل

 

 

محسنة المحيثاوي هى الاسم الجديد واللامع في لائحة تعيينات احمد الشرع، زعيم سوريا الجديد المحيثاوي، الدرزية ابنة الـ 52 سنة هي المرأة الأولى التي تم تعيينها كمحافظة لمحافظة السويداء في جنوب سوريا. وكصاحبة خلفية اقتصادية بعد أن تولت ادارة البنك الزراعي في المنطقة، وعلى اعتبار أن لديها علاقات وطيدة مع الدروز فانها كانت المرشحة المناسبة، ليس فقط للوظيفة نفسها، بل أيضا للشخصية الجديدة التي يريد الشرع أن يزين فيها حکومته، كمشجع لتقدم المرأة وكمحافظ على حقوقها.

 

 

السويداء هي محافظة معقدة ومتحدية، فيها يمكن أن يتم فحص قدرة الشرع على إدارة كل الدولة الامتحان الأول ظهر في يوم الثلاثاء عندما منعت مليشيات محلية دخول قافلة سيارات عسكرية أرسلت من قبل "إدارة العمليات العسكرية، الجسم الذي يسيطر في الوقت الحالي على سوريا من اجل احتلال مركز الشرطة بدلا من القوات السورية التي انسحبت عند سقوط نظام الأسد. قيادة المليشيات المحلية طلبت من القوة الحكومية عدم دخول المدينة والعودة الى دمشق. السبب الرسمي الذي قدمته قيادة المليشيات هو أن القوة الحكومية جاءت بدون تنسيق مع القيادة المحلية. القوة الحكومية عادت حقا على اعقابها الى دمشق بدون مواجهة أو نقاش، لكن التفسير البيروقراطي لعدم التنسيق يغطي على تحد معقد اكثر بكثير.

قيادة السكان الدروز، وعلى رأسها الزعيم الروحي حكمت الهاجري، تسعى الى تحويل السويداء الى إقليم يتمتع بالحكم الذاتي الذي سيكون جزءا من الدولة، لكنه سيدير شؤونه بنفسه. هم يطالبون بالاعتراف بمنظومة القضاء المحلية وتعيين قائد الشرطة، أيضا الاكراد في شمال الدولة التقوا في هذا الأسبوع مع الشرع لمناقشة مكانتهم في ظل النظام الجديد ممثلو مليشيا الاكراد الذين يحارسون في هذه الاثناء ضد القوات التركية والمليشيات التي تعمل تحت رعايتها، يطمحون الى الحفاظ على المكانة المستقلة للمحافظات الكردية التي تسيطر، ضمن أمور أخرى، على آبار النفط للدولة، وحتى أن يكونوا جزءا من الجيش السوري الذي سيتم تشكيله. في المقابل، هم يطالبون بحماية من الهجمات التركية وأيضا انسحاب القوات التركية من المناطق الكردية التي احتلت وعودة كاملة للسكان الذين طردوا أو هربوا من المدن الكردية المحتلة. في هذه البؤر تجنب الشرع حتى الآن قول اقوال صريحة، باستثناء الإعلان الذي بحسبه أنه في سوريا سيكون فقط جيش واحد تحت علم واحد. أي أنه لن تكون مليشيات "خاصة"، طائفية، دينية وقبلية.

ثورة الربيع العربي التي اسقطت نظام القذافي في ليبيا وعلي عبد الله صالح في اليمن، والحرب في العراق التي ازاحت صدام حسین، الشرع درسا مهما في التداعيات التي يمكن أن تكون للأنظمة التي تسمح للمليشيات بأن تأخذ لنفسها استقلالية وحرية عمل عسكرية. وهو نفسه مثال واضح على التهديد الذي ينتظر النظام الذي لا يسيطر على جميع القوات المسلحة في الدولة الشرع نجح في خلق في محافظة ادلب إدارة مستقلة تحت سيطرته بعد أن قام باخضاع بشكل وحشي، المليشيات الأخرى التي تجمعت في هذه المحافظة اثناء الحرب الاهلية. والسؤال هو هل سيكون قادر على شق طريق مختلفة في قيادة كل الدولة، بدون التدهور الى مواجهات عنيفة.

الشرع، الذي حتى الآن لا يحمل منصبا رسميا، يحذر أيضا في معالجة عملاء نظام الأسد وبالاساس التعامل مع الأقلية العلوية. وخلافا للعراق، الذي فيه على الفور بعد الحرب بدأ تطهير قوات الأمن والأجهزة الحكومية من كل الذين كانوا أعضاء فى حزب البعث حتى لم يبق من سيدير الدولة فانه في سوريا في هذه الاثناء الموظفون بقوا في أماكنهم، ولا توجد حملات ملاحقة ضد من يسمون "بقايا النظام السابق". الطلب الوحيد من هذه الجهات هو تسليم سلاحهم لقوات الأمن، بدون تنازلات. في محافظة اللاذقية التي يتركز فيها معظم السكان العلويين والتي هرب اليها عدد من رجال الأسد، سجلت مواجهات بين قوات الامن للشرع وبين المدنيين من الجيش السوري لم يبق الكثير، ومعظم الضباط الكبار هربوا الى العراق ودول أخرى. وخلافا لمصر، حيث سارع هناك الجيش الى إعطاء رعايته للثورة بعد اسقاط حسني مبارك، وفي نهاية المطاف سيطر على الحكم، فانه في سوريا لا يوجد مثل هذا التهديد ولا حزب حاكم يجب مواجهته. يوجد للمتمردين في سوريا جيش خاص وحتى زعيم كاريزماتي، الذي سارع الى نزع الزي العسكري وارتداء البدلة وربطة العنق. هذا مقابل معظم الدول التي مرت بانقلابات الربيع العربي بدون أن تولد قيادة سياسية جذابة.

الشرع لا يسارع الى ترسيخ إجراءات ديمقراطية. صياغة دستور جديد ليس على رأس سلم أولوياته، وقد اعلن أن الانتخابات يمكن أن تجرى بعد اربع سنوات. في هذه الاثناء شكل لجنة للاعداد لـ "حوار وطني" برئاسة مؤيد رسلان قبلاوي، الباحث المعروف في العلوم السياسية في مقابلة مع صحيفة "الشرق" "الأوسط" السعودية شرح بأن العملية فقط هي في بدايتها، وفي هذه الاثناء هو يقوم ببلورة الخطوط الرئيسية ويحدد الممثلين الذين ستتم دعوتهم حسب تقارير سابقة فانه ستتم دعوة الى هذا المؤتمر حوالي 1200 شخصية، التي من شأنها أن تمثل الطوائف، الأديان، التنظيمات، المليشيات وجهات أخرى سيكون عليها تقديم الاقتراحات لصياغة الدستور الذي سيحدد طابع الدولة. ولكن التوصية هي عدم حبس الانفاس قبل عقد "الحوار الوطني". فهذه الحوارات جرت في عدة دول بعد ثورة الربيع العربي، بما في ذلك في مصر، ولكن لم يخرج منها أي فائدة كبيرة. الشرع اعلن أن الحكومة المؤقتة التي شكلها ستنتهي في شهر آذار القادم، وبدلا منها سيتم تشكيل حكومة دائمة، ليس على أساس الانتخابات، وبالتأكيد ليس طبقا لدستور جديد، ويبدو أنه هو الذي سيقوم بتعيينها.

مقابل سلوكه المحسوب على المستوى السياسي فانه تجاه الخارج يوجد الشرع في ذروة حملة سياسية كثيفة هدفها هو بناء غطاء حماية ودعم سياسي واقتصادي ولكن اكثر مطلوب منه أن يغازل هو يجد نفسه الشخص الذي يطلب وده. تركيا كانت الأولى التي هبطت في دمشق، واقامت علاقات دبلوماسية مع النظام الجديد، ولكن في غرفة الانتظار للشرع يوجد الكثير من الزبائن.

 

 

ممثلون أوروبيون كبار صافحوا الزعيم الكاريزماتي، والإدارة الامريكية اقامت حتى حوار تعارف معه، لكن المنافسين الأقوياء هم السعودية وقطر. فقد قامت بارسال ارسالیات مساعدات كبيرة، وهذه لم تكن الوجبة الأولى. فقد هبط أمس الاول في الرياض وزير خارجية الشرع اسعد الشيباني، ووزير الدفاع مرهف أبو قصرى، ورئيس المخابرات انس الخطيب. الشرع اعلن في السابق بأنه يتوقع أن يكون للسعودية دور كبير في مستقبل سوريا". ولكن أيضا تم وعد قطر بـ "افضلية خاصة"، وقبل ذلك حصلت تركيا على مكانة دولة مفضلة.

 

 

هذه الدول الثلاثة تعتبر مؤيدة للغرب ولها علاقات قوية مع الولايات المتحدة، لكن كل واحدة منها توجد لها مصالح خاصة بها في سوريا. فتركيا التي تسيطر على مناطق في الدولة تسعى الى التوصل الى اتفاق يضمن حدودها الجنوبية وازاحة تهديد الاكراد والتحرر من ملايين اللاجئين السوريين الموجودين فيها. وقطر التي عارضت استئناف علاقات الدول العربية مع نظام الأسد، ومثل تركيا أيدت بعض المليشيات التي تشكل هيئة تحرير الشام (منظمة الشرع)، تعتبر دمشق جزء لا يتجزأ من فضاء نفوذها، واضافة الى ذلك هي تريد أنبوب غاز يربط بينها وبين أوروبا عبر سوريا. السعودية، التي تستأنف تدخلها في لبنان وتوثق علاقاتها مع العراق، تعتبر سوريا موقع حيوي لصد نفوذ ایران واضعاف قوة حزب الله في لبنان إضافة الى هذه الدول، فان الدول الأوروبية التي تطمح الى التخلص من ملايين اللاجئين السوريين تطمح الى الفرص الاستثمارية التي تستدعيها سوريا. الشرع لم يكن يتوقع عناقا اكثر دفئا من ذلك.

سوريا المدمرة التي خزينتها فارغة والبنى التحتية فيها في كل المجالات تدمرت كليا، ومواطنوها يعيشون تحت خط الفقر والملايين منهم مهجرون خارج البلاد أو في داخلها، تحتاج عشرات مليارات الدولارات لاعادة الاعمار. ولكن المساعدات الضخمة والاستثمارات الأجنبية تأتى بشكل عام مع شروط وقواعد، تخلق الاعتماد وتملي الاستراتيجية. التحدي الكبير الذي يواجهه الشرع هو بناء سوريا كدولة لها أهمية استراتيجية وإقليمية وتجنب شرك العسل الذي سيحولها الى دولة حماية.

--------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 3/1/2025

 

 

ائتلاف نتنياهو وأسطورة الغابة

 

بقلم: سيما كدمون

لا يفترض في حالة الائتلاف هذا الأسبوع ان تشجع من ينتظرون ان تسقط لتوها الحكومة. 68 نائبا يوجد لائتلاف نتنياهو. لكن ما هو أهم بالنسبة لها هو أنه بفضل حدثين وقعا هذا الأسبوع - خروج الموغ كوهن من عظمة يهودية من الخزانة الذي صوت مع الائتلاف يوم الثلاثاء على قانون المرابح الحبيسة بخلاف موقف رئيس حزبه - وخطاب الاعتزال لغالنت - يوجد لنتنياهو 63 نائبا حتى

بدون بن غفير.

فكروا فقط ماذا كان سيحصل لو لم يكن ساعر دخل الحكومة وقريبا الليكود فقد كان يمكن للحكومة أن تسقط. ثمة غير قليل من الأشخاص ممن يتعين على نتنياهو أن يبعث اليهم بالورود هذا الأسبوع. الباقة الأكبر ينبغي له أن يبعثها الى جدعون ساعر الذي سيكون للأسبوع القادم أيضا، مع التصويت على قانون التجنيد ما الغرو ان خطاب الاعتزال لغالنت من الكنيست أثار الغضب. من جهة غالنت يقول ان قانون التجنيد يتعارض مع احتياجات الجيش ويعرض امن الدولة للخطر، ومن جهة أخرى يقوم بأكثر عمل يمكنه أن يساعد في تمرير قانون التجنيد يعتزل الكنيست ويسمح بذلك بإدخال عفيف عبد، مندوب الدروز الى الكنيست بدلا منه. ان المعركة لصد قانون التملص من الخدمة تعرض لضربة مزدوجة : فليس فقط فقد اصبع. المعسكر الثاني، معسكر الائتلاف، حصل على صوت إضافي في صالح تمرير القانون.

يبدو أن غالنت يعيش في فيلم في أنه سيعود ليقود الليكود الى هناك يتطلع والى الأعلى فيه. ويبدو أن هذا هو السبب الذي جعله يعتزل، بدلا من أن يبقى ليكون عصا فى دواليب القانون فيثير بذلك أعصاب الليكوديين الذين لا بد سيحتاجهم لاحقا. لكن يا غالنت، اذا كنت بهذا القدر ضد القانون وبهذا القدر تحرص على امن الدولة فلماذا لا تبقى لاسبوعين آخرين؟

غير أنه سيكون لنا دوما الصوت سوي العقل، المعلل، للمستشارة القانونية للحكومة التي حذرت امس من أمرين : ففى توجه الى وزير الدفاع قالت ان مشروع القانون الذي يعمل عليه لم يصل اليها، وانه بعد أكتوبر لم تعد الاعفاء واردة. وقضت بان على القانون الجديد ان يتضمن واجب التجنيد الشخصي بشكل متساو وفرض عقوبات شخصية ومتساوية على المتملصين. كما يوجد أيضا يولي ادلشتاين رئيس لجنة الخارجية والامن. فقد اصبح ادلشتاین ورقة الاختبار، كما قال لي مصدر سياسي. إذ استقر على موقف واضح ضد الخدعة الإسرائيلية. نواب يرون فيه قاض يقرر اذا كان القانون جيد أم لا. كل العيون تنظر الى أدلشتاين.

لحظات حسم ..

 

 

ثمة من رأى هذا الأسبوع نتنياهو الشاحب، الضعيف، الرجل غير الشاب الذي خرج من المستشفى رغم تحذيرات الأطباء وجلس في الهيئة العامة دون أن يكون مزينا او ممشطا لشعره، واضطر كل بضع لحظات لان يخرج ليرتاح لو لم يكن الحديث يدور عن نتنياهو - هذا الرجل الذي استصعب السير وجر من سريره الى الهيئة العامة لكان بالتأكيد أثار الشفقة هذا لم يحصل. في كل ما يرتبط بنتنياهو، بالرجل المكتوم، عديم الإحساس والمتهكم، الذي أبناء جيله بل والاكبر منه يمكثون منذ سنة وثلاثة اشهر في انفاق حماس ولا يتلقون علاجا طبيا دافئا ومتفانيا مثله - لا يتبقى مكان للرحمة.

وثمة من رأى أمام ناظريه أسطورة غابة. الأسد الجريح، العجوز الذي يري كل الذئاب ان قوته لا تزال في متنه وهو الملك ملك الغابة. سنوات طويلة وانا في الكنيست. قال لي هذا الأسبوع مصدر سياسي. سبق أن رأيت كل شيء بما في ذلك الانقلاب الذي اجراه لاولمرت رفاقه فى الحكومة. لكن ما رأيته هذا الأسبوع فى الكنيست كان اقوى عرض أشاهده. رئيس وزراء، مريض، نازف جاء الى الساحة مع سكين بين الاسنان كي يزيل تهديدا على زعامته. إذن صحيح، بانه حتى وهو يجلس هناك، ملك الحيوانات لم يعفنا من نظرة الضحية، عيناه اللتان تنظران الى الأسفل مثابة مهانة ومسكنة. مشوق ان نعرف لمن كانت هذه النظرة موجهة لشركاء الائتلاف؟ لبن غفير الذي هو، نتنياهو، جلب على نفسه كارثة تواجده في الحكومة وخضوعه لضغوطه التي لا تتوقف؟ لنواب اغودات يسرائيل؟ لسموتريتش، الذي وان قال نتنياهو انه ما كان له أن يأتي من سرير مرضه، لكن علاقات سموتريتش مع بن غفير هي احد التهديدات الأكبر على الائتلاف. يهم من أي زاوية ننظر منها الى احداث تلك الليلة، فان السطر الأخير هو ان نتنياهو جاء الى الكنيست وادار بنفسه المعركة السياسية داخل الائتلاف. كانت هذه لحظات اضاءة لكل من لم يفهم حتى اليوم لماذا ينجح نتنياهو حيثما فشل الاخرون بان ما  هو مستعد لان يفعله احد ليس قادرا عليه من كل المحافل السياسية التي تضرب عيونها للتاج، من الصعب أن نرى من كان سينجح في التغلب على الازمة الائتلافية التي وقعت في تلك الساعات من يوم الثلاثاء.

لنتنياهو توجد هذا الأسبوع بضعة انتصارات إضافة الى ابداء الزعامة. فتفكيك يهدوت هتوراة إدارة في موعد قريب من العملية الجراحية. فمساء يوم الاحد أجريت له العملية. وفي الغداة عمل كالمجنون كي يفكك اغودات يسرائيل. قراره الظهور في الكنيست تبين كقرار صحيح. ظهوره في الهيئة كان له تأثير دراماتيكي أيضا على القدرة لتحريك شخصين من اغودات يسرائيل من جهة الى جهة أخرى وجلب النائب الثالث للتصويت ضد بشكل رمزي مرة واحدة في إطار ثلاث مرات بكلمات أخرى، اظهر لحسيدية غور أنه قادر على اختراقها وقلبها. فقد استغل حقيقة ان العلاقات داخل اغودات يسرائيل مركبة ومعقدة فدخل الى الشارع الحريدي ونجح في اقناع القيادة ذات الصلة التغيير موقف الحاخام من غور والذي هو ليس اقل من هزة أرضية في الشارع الحريدي.

حدث آخر نجح نتنياهو في القيام به هو جعل الموغ كوهن من عظمة يهودية يصوت مع الليكود وليس مع بن غفير. صحيح أنه يوجد شرخ طويل بينهما، وكوهن يمثل جماهير بيبية أيضا، بينما في الليكود يتعزز هذا الشقاق. كوهن يفهم بان لدى بن غفير ليس له أي مستقبل لكن كان يمكنه مثلا الا يأتي للتصويت بينما بن غفير يصوت ضد. لكنه صوت مع وحسم القانون بفارق صوت واحد انجاز تکتیکی آخر لنتنياهو في جعل الموغ كوهن يجتاز الروبيكون. ما ان فعل هذا فاننا سنرى كم سهلا سيكون عليه فعله مرة أخرى. من الآن فصاعدا يمكنكم ان تحصوا صوت كوهن مع الليكود.

-----------------انتهت النشرة-----------------

أضف تعليق