الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 31/12/2024 العدد 1197
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
هآرتس 31/12/2024
الجنود يسقطون عبثا، استمرار الحرب سيهزمنا
بقلم: الجنرال اسحق بريك
أنا هنا سأحاول التوجه بالاساس الى نفس الجمهور الذي يتصرف مثل قطيع ضل طريقه، اقدامه عالقة عميقا في الوحل، وعيونه لا ترى متر الى الامام. هو يعيش اللحظة، يصرخ ويصفق بعمى لنجاحات محلية، التي للاسف لا تغير الاتجاه الصعب الذي سنسير اليه في المستقبل القريب والبعيد، ويمنح الحكومة ورئيسها الدعم من اجل قيادة مواطني دولة اسرائيل الى طريق مسدود، مثل القطيع وراء جرس الكبش الدليل. مجموعة الصارخين والشاتمين هذه ستكون أول من سيرفع الراية البيضاء عندما ستدرك الوضع.
هناك تعبيرات تخطر ببالي في هذا السياق، مثل “اعمى في مدخنة”، و”غبي أصم يعتبر حكيم”، لكن اعضاء هذا القطيع، للاسف الشديد، الذين ليسوا صم وغباءهم يظهر في كل زاوية، ينضم اليهم المراسلون والمحللون الذين يخدمون المستوى السياسي والامني ويذرون الرماد في عيون الجمهور من خلال عرض صورة واقع غير موثوقة، والمسافة بينها وبين ما يحدث حقا بعيدة مثل المسافة بين الشرق والغرب.
بنيامين نتنياهو هو باركوخبا هذه الايام. فهو يقودنا الى الكارثة مثلما قاد باركوخبا شعب اسرائيل. في حينه مئات آلاف اليهود قتلوا، والذين بقوا خرجوا الى الشتات لآلاف السنين. بسبب رغبته في البقاء فان نتنياهو تبنى الرؤية المسيحانية لبتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير، ويعمل طبقا لأوامرهما. هؤلاء المتعصبون الثلاثة يقودونا الى مواصلة حرب الاستنزاف التي تدمر الاقتصاد والمناعة الوطنية والعلاقات مع العالم والامن القومي. الحرب التي لم تحقق أي هدف من اهدافها – تحرير المخطوفين وعودة المخلين الى بيوتهم وتدمير حماس واخضاع حزب الله. وكلما طالت حرب الاستنزاف نحن نبتعد اكثر فأكثر عن تحقيق اهداف الحرب الاصلية.
من الجدير البدء بالفهم، لن نستطيع هزيمة حماس، لن نستطيع هزيمة حزب الله، لن نستطيع هزيمة الحوثيين وايران. استمرار القتال سيهزمنا، سنفقد العالم، سنفقد الاقتصاد، سنفقد الجيش الذي تآكل كليا، سنفقد المناعة الوطنية والاجتماعية الى درجة اندلاع حرب اهلية. في الوقت الذي سندرك فيه بأنه لا يمكننا اجتثاث الارهاب من الشرق الاوسط، أو هزيمة الدول العربية، ربما سيكون الوقت متأخر جدا.
الامر الصحيح الذي يجب فعله هو وقف الحرب، التي تسبب لنا الآن الضرر أكثر من الفائدة؛ تحرير المخطوفين؛ وقف قتل الجنود الذين يقتلون عبثا؛ اعادة المخلين الى بيوتهم؛ اعادة بناء الجيش كي يكون قادرا على المهاجمة والدفاع عن الدولة امام التهديدات الآخذة في التزايد؛ ترميم العلاقات مع العالم؛ ترميم الاقتصاد والمناعة الوطنية والاجتماعية؛ بناء قدرات قومية بمساعدة الولايات المتحدة والدول الصديقة؛ عقد تحالفات تمكننا من العيش في بلادنا لسنوات كثيرة اخرى – كي لا نقول بأننا انتصرنا في الحرب ولكننا فقدنا الدولة. للاسف، الكثيرين من بيننا لا يرون لمسافة بعيدة، وهم يسيرون منخدعين خلف الشعارات، جميعنا يجب علينا التحرر من الاوهام والعمل من خلال رؤية رصينة تسمح لنا بالعيش في اسرائيل لسنوات كثيرة اخرى.
-------------------------------------------
حصاد 2024: انهيار الأمن في الشرق الأوسط
بقلم: د. عمرو حمزاوي أستاذ السياسة العامة بالجامعة الأمريكية في القاهرة
ما الذي غيب العدل عن الشرق الأوسط وأوصلنا إلى ما نحن فيه اليوم على الرغم من ثروات منطقتنا البشرية والطبيعية وعمقها الحضاري وتنوعها الثقافي؟
كيف انهارت فرص السلام الإقليمي وعجز المجتمع الدولي عن وضع نهاية لحرب مستعرة منذ أكثر من عام أكلت الأخضر واليابس في غزة ولبنان ولم تتوقف عند حدودهما؟
كيف يقبل الضمير الإنساني ممثلا في الأمم المتحدة أن تمنع الحكومة الإسرائيلية دخول مساعدات إنسانية وطبية كافية إلى الفلسطينيين دافعة بهم إلى حافة المجاعة وانعدام الأمن الصحي وأن تمارس تجاههم وتجاه المدنيين في لبنان قتلا على المشاع ولا يصدر عن مجلس الأمن الأممي (الجهة الموكول إليها حفظ السلم والأمن العالميين) قرارا ملزما واحدا يقضي بإيقاف كل هذه الجرائم؟
ما الذي صنع من أغلبية الشعب الإسرائيلي أغلبية تراوح بين الموافقة أو عدم الاعتراض على الجرائم التي ترتكبها حكومتها وتقبل باسم الأمن، وهو ادعاء مراوغ، كل هذه الدماء وذلك الدمار وتلك العنصرية؟
كيف تجاهلت إدارة بايدن - هاريس في الولايات المتحدة الأمريكية والتي رفضت الأغلبية التجديد لها بإسقاط هاريس في انتخابات 2024 وإعادة ترامب إلى البيت الأبيض، ومعها عديد الحكومات الغربية، إيقاف إمدادات السلاح والذخيرة وأنواع الدعم المالي والاقتصادي المقدمة لإسرائيل وما يقرب من خمسين ألفا من الفلسطينيين وآلاف اللبنانيين قضوا وأمن الشرق الأوسط يتهاوى من درك أسفل إلى درك أسفل آخر على وقع ما صار حرب استنزاف إقليمية جديدة؟
وعلى الرغم من أن كافة هذه التساؤلات يمكن الإجابة عليها تفصيلا باستدعاء ملاحظات كثيرة عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية في دول المنطقة وطبيعة حكوماتها وتنوع تحالفاتها مع الدول الخارجية وفي مقدمتها القوى الكبرى كالولايات المتحدة والصين وأوروبا وروسيا وتباين المصالح الحيوية «للأربعة الكبار» وتغليبهم لمقتضيات حماية المصالح على اعتبارات الضمير الإنساني، يظل الأهم في هذه الأسطر هو إظهار الخيط التحليلي الناظم بين التفاصيل والملاحظات ألا وهو أن خلاص الشرق الأوسط من حرائقه المشتعلة لم ولن تأتي به أفعال القوى الكبرى (الولايات المتحدة الأمريكية في أكثر من محاولة في النصف الثاني من القرن العشرين) ولا إرادة منفردة تمارسها دولة مؤثرة (مصر والسعودية في عقود سابقة وجنون المغامرات العسكرية العراقية والإيرانية والإسرائيلية والتركية المتكررة) بل يتمثل سبيله الوحيد في التنسيق الإقليمي بين جميع الدول المؤثرة بغية بناء منظومة متكاملة للأمن والتعاون والرخاء المشترك على غرار منظمة الأمن والتعاون الأوروبي التي أسست في 1975 ومكنت القارة العجوز من تجاوز الانقسام الحاد آنذاك بين دول الشرق الشيوعية ودول الغرب الرأسمالية وحالت دون نشوب حروب بينهم طوال الفترة الممتدة بين 1975 و1989 (انهيار المعسكر الشيوعي).
لا خلاص للشرق الأوسط من حرائقه المشتعلة حروبا وصراعات مسلحة ونزاعات أهلية سوى بهيئة للأمن والتعاون الإقليمي تستند إلى مبادئ السلام واحترام السيادة وحسن الجوار والامتناع عن التدخل في شؤون الغير وحماية كيان الدولة الوطنية ورفض وجود الميليشيات وحركات اللا ـ دولة وكذلك رفض سباقات التسلح وانتشار سلاح الدمار الشامل، وتقر الحق في تقرير المصير للشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وفي الأمن لإسرائيل وفي العيش المشترك دون عنف في سوريا ولبنان واليمن والسودان وليبيا، وتؤسس لعلاقات اقتصادية وتجارية وثقافية ودبلوماسية طبيعية بين كافة دول وشعوب الشرق الأوسط طالما التزمت الحكومات بالمبادئ المعلنة ولم تحد عنها في أفعالها وأعمالها.
كيف يقبل الضمير الإنساني ممثلا في الأمم المتحدة أن تمنع الحكومة الإسرائيلية دخول مساعدات إنسانية وطبية كافية إلى الفلسطينيين دافعة بهم إلى حافة المجاعة؟
ليست هذه دعوة لفك الارتباط بين الشرق الأوسط وبين القوى الكبرى، ولا للتنكر للتحالفات الهامة بين بعض دول المنطقة وبين الكبار. بل هي، وقبل أي شيء آخر، محاولة لجعل نقاط الارتكاز والانطلاق في التعامل مع ما نحن فيه هي نحن شعوبا ودولا وحكومات ومجتمعات مدنية وتحميلنا للمسؤولية الجماعية عن أحوالنا وتحفيزنا على توظيف كل ما لدينا بما فيه علاقاتنا مع القوى الكبرى وعموم العالم الخارجي لتجاوز صراعاتنا وخلافاتنا (بين فلسطين وإسرائيل، بين إيران وإسرائيل، بين إيران والخليج، بين لبنان وإسرائيل، بين الجزائر والمغرب، وبين القوى المتناحرة داخل بعض الدول) ومن ثم الخلاص من الحروب والمشكلات والأزمات وسباقات التسلح التي تراكمت وأشعلت المنطقة وأرهقت كل أهلها باستعادة العدل الغائب.
والشاهد أن في الشرق الأوسط اليوم مجموعة من الدول النافذة والمؤثرة خارج حدودها الوطنية والتي تستطيع، إن أرادت، القيام بأدوار هامة لإطفاء الحرائق المشتعلة.
بحسابات القوة الشاملة (القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية والمالية والدبلوماسية والقوة المعنوية) وكذلك بحسابات الأوزان الإقليمية النسبية، تضم هذه المجموعة النافذة دول مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة وتركيا وإسرائيل وإيران وهي دول تتفاوت سياساتها الراهنة بين الانخراط المباشر في الحروب والحروب بالوكالة كحال إسرائيل وإيران، وبين تورط متنوع المضامين والأدوات في الصراعات المسلحة والنزاعات الأهلية في جوارها القريب أو البعيد كحال السعودية (عسكريا وبأدوات أخرى في اليمن) والإمارات (عسكريا وبأدوات أخرى في اليمن وإلى حد ما في السودان) وتركيا (عسكريا وبأدوات أخرى في سوريا وبدرجة أقل في العراق) ومصر (بأدوات غير عسكرية في ليبيا وفي السودان وفي القرن الإفريقي).
يطغى الانخراط في الحروب والحروب بالوكالة على مجمل الفعل الإقليمي لإسرائيل وإيران، ويجعل منهما مسببين للعنف متعدد المستويات في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن ويباعد سياسيا ودبلوماسيا بينهما وبين الدول النافذة الأخرى إلا بالقدر الذي يكفي للحيلولة دون اشتعال المزيد من الحرائق (كالاتفاق السعودي-الإيراني على عودة العلاقات الدبلوماسية وتهدئة الوضع في اليمن والترتيبات المصرية ـ الإسرائيلية بشأن خفض التوتر في الشريط الحدودي بين الدولتين ومع قطاع غزة). في المقابل، يغلب على السياسات السعودية والإماراتية والتركية والمصرية التوجه نحو الحد من التورط العسكري وغير العسكري في الجوار، والبحث عن حلول تفاوضية وتوافقية تقلل من التهديدات الواردة على الأمن القومي للدول الأربعة وتقلل أيضا من إهدار مواردها العسكرية والاقتصادية والمالية في صراعات ونزاعات لن تحل أبدا بقوة السلاح. على هذا النحو تطورت في الآونة الأخيرة السياسات السعودية والإمارات تجاه اليمن والتركية تجاه سوريا والعراق والمصرية تجاه ليبيا والسودان والقرن الإفريقي الذي تواجه به القاهرة توغل أديس أبابا عبر بوابة أرض الصومال.
على الرغم من تناقضات الفعل والتوجه الحاضرة بين دول المجموعة النافذة، يظل إطفاء حرائق الشرق الأوسط المشتعلة وتجنيبه المزيد من الحروب والصراعات وسباقات التسلح المحمومة مرهونا بسعيها المشترك إلى صياغة ترتيبات للأمن والتعاون تستند إلى مبادئ عادلة وملزمة وتنتظم داخل هيئة إقليمية تفتح عضويتها لكافة الدول الواقعة في المساحة الفاصلة بين إيران شرقا والمغرب غربا، ولها من الأدوات ما يجعلها قادرة على تحفيز علاقات السلام وحسن الجوار والتجارة بين الدول الأعضاء، وتمكن من توظيف تنافس القوى الكبرى وأدوارها الكثيرة بطرق تتقاطع إيجابيا مع أهداف الأمن والتعاون الإقليمي وبإدراك يستند إلى غياب رغبة (وربما انعدام قدرة) الكبار (خاصة الولايات المتحدة الأمريكية) على ابتداع وقيادة نظام متكامل لأمن الشرق الأوسط.
إلا أن التوقف على مدى واقعية «سعي جماعي» لمصر والسعودية والإمارات وتركيا وإسرائيل وإيران وحدود فاعليته الإنقاذية إنما يرتبط بالقراءة الموضوعية لأحوال ورؤى وسياسات الدول الست، وحسابات القواسم المشتركة الممكنة في مقابل الأهداف الاستراتيجية المتعارضة، وتفضيلات الحكومات والقيادات ومواقعها على المنحنى الإقليمي المركب الواصل بين نهايتين قصويين، صفر سلام وصفر صراع. وربما جاءت محصلة القراءة الموضوعية لتنفي إمكانية ذلك «السعي الجماعي» للدول الست لأسباب عديدة من بينها غياب الثقة بينها أو لتدلل على فرصه الكثيرة واحتمالاته المرتفعة أو لتقترح تعديل في المسار ليقتصر الأمر على بعض الدول ويستبعد منه البعض الآخر وفقا لحسابات المصالح والسياسات.
-------------------------------------------
هآرتس 31/12/2024
يوجد في غزة أناس اصبحوا اكثر ضعفا وجوعا ومرضا
بقلم: نير حسون
الوضع الانساني في غزة يتفاقم. في الشمال انهارت كليا منظومة الصحة؛ في الجنوب تستمر اعمال نهب الغذاء والمعدات؛ مئات آلاف النازحين يعانون من البرد وغرق الخيام. في نهاية الاسبوع الماضي، للمرة الاولى بعد بضعة اسابيع، سمح الجيش الاسرائيلي لبعثة الامم المتحدة بدخول المستشفى الاندونيسي في شمال القطاع، المنطقة التي تتعرض للهجوم منذ ثلاثة اشهر تقريبا. هذا المستشفى هو المستشفى الوحيد الذي يعمل هناك بعد أن قام الجيش الاسرائيلي في نهاية الاسبوع الماضي باخلاء مستشفى كمال عدوان.
اعضاء البعثة، اعضاء وكالة “اوتشا” التابعة للامم المتحدة وممثلون عن منظمة الصحة العالمية، نشروا بأن الوضع في المستشفى صعب ولا توجد فيه الشروط الاساسية لعلاج المرضى، ضمن ذلك الكهرباء والمياه وآلية النظافة. جونثان فيتل، رئيس اوتشا في المناطق، قال في فيلم الفيديو للامم المتحدة بأنه في الاشهر الاخيرة قدمت الامم المتحدة 140 طلب للجيش الاسرائيلي من اجل زيارة المنطقة، لكن جميعها تم رفضها. “لا يوجد للناس طعام وماء ونظافة. ما زال يوجد اناس في المنطقة، وما زال يوجد اناس في جباليا وهم بحاجة الينا كي نصل اليهم من اجل توفير لهم الاحتياجات الاساسية جدا من اجل البقاء”.
لا أحد يعرف بالتأكيد كم هو عدد السكان الذين بقوا في المنطقة المحاصرة في الشمال. حسب تقدير الامم المتحدة يوجد هناك 10 – 15 ألف مدني. العضوة في البعثة التي تحدثت مع نازحين في المستشفى الاندونيسي، الذي انتقلوا اليه بعد اخلاء مستشفى كمال عدوان، قالت إن “كثير من السكان يرفضون حتى الآن ترك منطقة الشمال. “توجد لهم عائلات هنا، اصدقاء، وهم يقولون بأنه يجب عليهم البقاء”.
بعضة الامم المتحدة اخذت معها من المستشفى الاندونيسي عشرة مرضى في حالة صعبة، الذين تم نقلهم يوم السبت من مستشفى كمال عدوان. الهدف كان نقلهم الى مستشفى الشفاء في غزة، ولكن في الطريق اوقف الجيش القافلة واعتقل اربعة مرضى من بين العشرة.
رئيس منظمة الصحة العالمية، تادروس غفرياسوس، كتب في صفحته في تويتر أمس: “المستشفيات في غزة اصبحت مرة اخرى ساحة حرب، وجهاز الصحة يتعرض لتهديد خطير. مستشفى كمال عدوان خرج عن الخدمة في اعقاب الاقتحام والاخلاء القسري واعتقال مديره، الدكتور حسام أبو صفية. المرضى في حالة حرجة تم نقلهم الى المستشفى الاندونيسي، الذي لا يعمل بسبب الفوضى المستمرة في القطاع. غفرياسوس طلب اطلاق سراح الدكتور أبو صفية ووقف الهجمات على المستشفى.
أول أمس وصلت شهادات من معتقلين محررين بأن الدكتور أبو صفية معتقل في سديه تيمان. وحسب قول ابنه فهو يعاني من التنكيل والاهانة. عضو الكنيست احمد الطيبي توجه الى وزير الدفاع وطلب منه أن يزور الدكتور أبو صفية في المعتقل. الطيبي قال عنه بأنه “طبيب شجاع، قتل ابنه ابن الـ 15، بعد ذلك اطلقوا النار على المستشفى وأصابوه، هو بقي هناك مع الطاقم ومع المرضى. هذا قرار شجاع. في النهاية خرج الى الدبابة وتم اعتقاله. الآن هو يوجد في سديه تيمان، وهناك طلب دولي لاطلاق سراحه. لماذا؟ لأنه في سديه تيمان الاطباء يتم قتلهم. الدكتور البطش، جراح العظام، اعتقل وتم تعذيبه وتوفي. اليوم أنا طلبت من وزير الدفاع اطلاق سراحه”.
حسب اقوال نشطاء انسانيين ايضا في جنوب القطاع، حيث يوجد هناك معظم سكان قطاع غزة، الوضع يتفاقم. في يوم الجمعة ويوم السبت لم تدخل الى المنطقة أي شاحنة مساعدات. واثناء توزيع المواد الغذائية على النازحين في يوم الجمعة تم نهرب شاحنة مواد غذائية، 200 رزمة أخذها سارقون ولم تصل الى هدفها. في اليوم التالي تمت سرقة 2 صهريج وقود تابعة للاونروا. أول أمس تم ادخال خمس شاحنات من كرم أبو سالم و65 شاحنة من المعبر الذي يوجد في وسط القطاع، لكنها نصفها تقريبا تمت سرقته في الطريق ولم تصل الى نقاط التوزيع.
حسب اقوال مصادر دولية فان الانهيار الاجتماعي واعمال السطو والنهب تزداد. “العصابات تتعزز وتصبح عنيفة اكثر، ونحن لا ننجح في الوصول الى السكان بسبب عدم الأمان”، قال ناشط انساني في جنوب القطاع. وزارة الاعلام الفلسطينية نشرت بيان يهاجم منظمة برنامج الغذاء العالمي بذريعة أن شاحنات هذه المنظمة التي تم ارسالها أول أمس لم يتم تنسيقها جيدا، وأن رجال حراسة هذه القافلة تسببوا بموت اثنان من المدنيين. في بيان برنامج الغذاء العالمي جاء: “خلال اسبوعين تقريبا كل حركة المساعدات في معابر الجنوب ووسط غزة أدت الى عنف ونهب وموت مأساوي في اعقاب الهجمات وغياب القانون والنظام على طول مسارات القوافل داخل غزة”.
وضع النازحين في الجنوب تفاقم بسبب عاصفة الشتاء. في جنوب القطاع يوجد تقريبا 1.7 مليون شخص، معظمهم في الخيام واماكن ايواء مؤقتة. بعض الخيام غرقت بسبب الامطار، والنازحون يعانون من البرد ونقص الطعام. “الجو بارد جدا ولا توجد أي طريقة لتدفئة الجسم. السكان قاموا باحراق الاثاث كي يطبخوا وخيام كثيرة تضررت، توجد ثقوب في الخيام التي مرت سنة عليها. ايضا منظومة الصرف الصحي لا تعمل. الناس يعيشون في خيام غارقة في مياه المجاري”، قال الناشط الانساني واضاف. “لا يوجد ما يكفي من الطعام، الناس مرضى، لكن لا يوجد في المستشفيات وسائل للتعقيم، والمرضى يصابون بالعدوى، توجد هنا شريحة من الناس اصبحت اكثر ضعفا وجوعا ومرضا”.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 31/12/2024
في السنة القادمة يمكن الاصلاح
بقلم: يوآف ليمور
أمس كان هذا العريف اورئيل بيرتس. أول أمس العريف أول يوفال شوهم. كل يوم وضحيته في هذه الحرب اللعينة التي بدأت في العام 2023 وتنتقل الى 2025 ولا تبدو نهايتها في الأفق.
قبور الشهداء في المقابر العسكرية هي شهادة صامتة على ثمن الحرب. مثلها الكيبوتسات الخربة في غلاف غزة، والبلدات المقصوفة في حدود الشمال. “النصر المطلق” هو شعار جميل للسياسيين. اما البشر فيدفعون ثمنه اليومي بالدم، بالممتلكات، بالمال، بالروح.
لباب مفهوم الامن الإسرائيلي هو خوض حروب قصيرة ونقلها الى أرض العدو. في القسم الأول إسرائيل فشلت: الحرب الحالية هي الأطول في تاريخها. في قسمها الثاني حققت نجاحا جزئيا: القتال يجري في معظمه في ارض العدو، لكن الجبهة الإسرائيلية الداخلية وقفت وستواصل الوقوف تحت تهديد من جملة جبهات.
تآكل دائرة العداء
يمكن اجمال السنة المنصرمة في سلسلة الإنجازات، وكان غير قليل كهذه: حزب الله ضرب في الشمال وفقد معظم قيادته السياسية – العسكرية وعلى رأسها زعيمه كلي القدرة، حسن نصرالله. حماس ضربت في الجنوب وفقدت معظم قيادتها السياسية – العسكرية، وعلى رأسها زعيمها كلي القدرة يحيى السنوار. ايران فقدت بعضا من معاقلها الهامة في محور شرها وتلقت ضربات في مقدرات استراتيجية على أراضيها.
كما أن الحوثيين في اليمن تعرضوا للهجمات والإرهاب في الضفة تلقى ضربات أليمة. وحتى الرئيس الأسد فقد حكمه. وان كان الامر حصل بشكل غير مخطط له، فهو ساهم في تآكل دائرة العداء التي تحيط بإسرائيل.
كما يمكن اجمال السنة المنصرمة بسلسلة الإخفاقات وكان غير قليل كهذه: الـ 100 مخطوف الذين لم يعودوا الى الديار. عشرات الاف النازحين الذين لم يعودوا بعد الى بيوتهم في الشمال وفي الجنوب، وإعادة البناء المتأخر. فتح معركة مباشرة مع ايران، التي اطلقت لأول مرة (مرتين) صواريخ ومُسيرات الى إسرائيل.
تعاظم المعركة المباشرة مع الحوثيين في اليمن، والتعاظم الكبير للارهاب في الضفة. الضرر للمكانة السياسية لإسرائيل وحصانتها الاقتصادية، وتسارع الإجراءات القضائية ضد مسؤوليها في العالم.
ان السنة التي تبدأ في منتصف هذه الليلة، تجلب معها جملة تحديات في كل هذه الجبهات. هذه ستكون سنة ستحسم فيها الأمور في ايران. على جدول الاعمال المشروع النووي، وكل الإمكانيات مفتوحة: من محاولة إيرانية للاقتحام الى القنبلة عبر هجوم إسرائيل (أو امريكي أو مشترك) وحتى اتفاق جديد. كل هذه المسارات ستمر في البيت الأبيض دونالد ترامب، الذي سيكون اللاعب الأساس في ما سيحصل في الشرق الأوسط في السنة القادمة وما بعدها.
هذه ستكون السنة التي ستكون فيها إسرائيل مطالبة أيضا بان تقرر مستقبل القطاع. ليس فقط معضلة إعادة المخطوفين تستحق وقف القتال بل وأيضا الانشغال الحقيقي بمسألة اليوم التالي، على نحو منفصل او كجزء من صفقة واسعة تتضمن اتفاق تطبيع مع السعودية ومع دول أخرى.
صفقة كهذه ستكون حائط درع هام لإسرائيل لوجه المحور الشيعي ويفترض بها أيضا أن تمنح حقنة تحفيز هامة للاقتصاد الإسرائيلي.
حسم في سوريا وفي لبنان
وهذه ستكون أيضا السنة التي ستتصمم فيها الأمور في الشمال: في لبنان الذي سيحسم اذا كان سيعود ليكون رهينة لحزب الله ام سيتحرر ولاحقا بذلك طبيعة الاعمال التي سيقوم بها الجيش الإسرائيلي. وفي سوريا التي ستصمم مستقبلها تحت النظام الجديد، وستكون مطالبة بان تصمم أيضا علاقاتها المستقبلية مع إسرائيل للتعايش، الحار أو البارد، او للقتال.
كما ستكون هذه سنة الساحة الفلسطينية التي تعد تنازليا نحو وفاة أبو مازن والفوضى التي قد تسود في غيابه. ثمة في اسرائيل من يرحبون بذلك كجزء من خطتهم الكبرى لضم الضفة: يخيل أن فرحتهم سابقة لاوانها وهي أساسا تتجاهل الثمن الباهظ الذي سيرافق ذلك امنيا، سياسيا واقتصاديا.
وستكون هذه أيضا السنة التي يكون فيها الجيش الإسرائيلي مطالبا بان ينظر الى الداخل ويبدأ بترميم نفسه. ليستكمل التحقيقات وليستخلص الدروس. قادة وعلى رأسهم رئيس الأركان سيرحلون.
أولئك الذين سيأتون بعدهم سيحرثون عميقا كي يعيدوا بناء ثقة الجيش بنفسه وثقة الجمهور به. كما سيتناولون مسائل متفجرة وعلى رأسها دمج الحريديم ومستقبل جيش الاحتياط وحجم الجيش الدائم واعتزال بالجملة لقادة واستثمارات كبرى في الأسلحة، وهم لن يتمكنوا من ذلك الا اذا حرصوا على أداء التحية للعلم، وله فقط.
وستكون هذه سنة السياسيين الذين سيواصلون محاولة اخصاء الجيش، الشباك كجزء من الجبهة الأخطر على إسرائيل: الساحة الداخلية.
عرفتنا بداية الحرب ما الذي يحصل لإسرائيل عندما تكون مستقطبة ومنشقة: تصبح فريسة لاعدائها.
تواصل الحرب علمنا ماذا يحصل عندما تتحد إسرائيل امام التحدي، أي تحدي: تتمكن منه وبعظمة. لشدة الأسف والقلق، الساحة السياسية عادت منذ زمن بعيد الى 6 أكتوبر.
بينما يسقط الجنود في غزة، تنشغل الكنيست بقوانين التملص من التجنيد، تقييد جهاز القضاء ووسائل الاعلام وبمحاولات التملص من لجنة تحقيق رسمية تفحص اخفاقاتها وتضمن الا تتكرر كارثة مشابهة في المستقبل.
على شفا دوامة خطيرة
هذه الفجوة بين طاقم الدبابة في غزة، والدورية في لبنان وقوة الاجتياح في جنين وبين السلوك في الاروقة السياسية لا تسمح بالراحة.
هي السبب لغياب حل مسألة المخطوفين، وللاحباط المتزايد في أوساط رجال الاحتياط وعائلاتهم ورجال الخدمة الدائمة وعائلاتهم ولتأخر الحلول المدنية الكافية لمشاكل النازحين وإعادة الاعمار، ولهجرة العقول من البلاد والاحساس المتزايد بانه بدلا من الانشغال بالامر الأساس علقت إسرائيل بدوامة خطيرة جديدة.
في يد إسرائيل ان تختار شيئا آخر. فقد رتبت لها الأوراق بداية لا بأس بها لـ 2025. ترامب في البيت الأبيض، وكذا وضع امني محسن في معظم الجبهات.
فقط اذا ما عرفت كيف تتدبر امرها مع نفسها وتفضل الأساسي على التافه، القومي على السياسي، العام على الشخصي واذا ما نجحت في وضع الأنا والكبرياء جانبا والعمل من الرأس وليس من البطن، فستتمكن إسرائيل من كل ما تبقى.
-------------------------------------------
هآرتس 31/12/2024
صفقة لا تبدو في الأفق والجيش يواصل اخلاء شمال غزة بالقصور الذاتي
بقلم: عاموس هرئيلِ
في اليوم الاخير في سنة 2024 كان يفضل، حتى لو من اجل التغيير، أن تقول الحكومة للجمهور الحقيقة. ورغم الاتصالات الكثيفة التي جرت في الاسابيع الاخيرة إلا أن المحادثات حول صفقة التبادل ما زالت عالقة، واحتمالية دفعها قدما تبدو ضئيلة. ربما أنه فقط تدخل من الرئيس الامريكي القادم دونالد ترامب سينجح بطريقة معينة في اخراج هذه العربة من الوحل عند تسلمه لمنصبه في 20 كانون الثاني القادم.
احيانا يجب على المرء اللجوء الى وسائل الاعلام العربية من اجل الحصول على صورة كاملة عما يحدث، أو ما لا يحدث. صحيفة “الشرق الاوسط” السعودية نشرت أول أمس بأن الخلاف بين اسرائيل وحماس بقي على حاله. فحماس تطالب بالحصول على تعهد واضح بانسحاب اسرائيل من القطاع، الذي سيكون مدعوم بخرائط وجدول زمني صارم. حماس تريد ايضا بلورة تفاهمات حول المعايير لتحرير آلاف السجناء الفلسطينيين من السجون الاسرائيلية في النبضات القادمة في الصفقة، في حين أن اسرائيل تطلب من حماس تزويدها بقائمة كاملة ومفصلة عن جميع المخطوفين وعن وضعهم، سواء الاحياء أو الأموات.
حسب صحيفة “الشرق الاوسط” فان هناك نقطة خلاف اخرى وهي رغبة الحكومة الاسرائيلية بصفقة جزئية فقط، في اطارها سيتم اطلاق سراح فقط المخطوفين المشمولين في “القائمة الانسانية”، النساء، كبار السن الرجال، المرضى والجرحى. وهناك خلاف ايضا حول تعريف المرضى والجرحى، الذين يجب شملهم في المرحلة الانسانية، لأنه بعد سنة واربعة اشهر على وجودهم في الاسر فان وضع جميع المخطوفين صعب. كما يبدو يمكن شمل الجميع في القائمة. توجد لاسرائيل مصلحة في زيادة العدد بقدر الامكان لأن تنفيذ المرحلة الثانية في الصفقة أمر مشكوك فيه. في المقابل، قيادة حماس في القطاع، على رأسها محمد السنوار وعز الدين حداد (التي تقرر حقا مواقف حماس في المفاوضات)، تريد اعادة فقط الحد الادنى من المخطوفين من اجل الاحتفاظ بالباقين كـ “بوليصة تأمين” لنفسها، على فرض أن القتال سيستأنف بسرعة.
صورة الوضع هذه التي وصفتها الصحيفة السعودية بشكل دقيق لم تتغير كثيرا خلال السنة الاخيرة. حماس، حتى بعد أن تمت تصفية معظم قادتها بالاغتيال من قبل اسرائيل، واكثر من 15 ألف من نشطائها المسلحين قتلوا في المعارك، إلا أنها ما زالت تصمم على طلباتها الاساسية، انهاء الحرب وانسحاب اسرائيل بشكل كامل واطلاق سراح جماعي لمخربين في السجون الاسرائيلية (من بينهم عدد من كبار القادة الذين تهتم حماس بأن يقوموا باعادة تشكيل قيادتها في الضفة الغربية) واعادة اعمار القطاع). منذ تفجر صفقة التبادل الاولى في كانون الاول من السنة الماضية كانت هناك محاولات لتجاوز نقاط الخلاف، لكن في كل مرة كان فيها تقدم حقيقي، حدث تراجع في النهاية ايضا. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو غير مستعد لأن يخطو خطوة اخرى من اجل التوصل الى الاتفاق لعدة اسباب متشابكة، سياسية وشخصية واستراتيجية.
هذا الخلاف ما زال موجودا، وبعثات الى قطر ومصر تذهب وتأتي في الوقت الذي يحاول فيه المخطوفين البقاء على قيد الحياة في ظل ظروف الشتاء القاسية في القطاع. التقرير الذي قدمته اسرائيل للامم المتحدة، الذي نشر في الاسبوع الماضي في “هآرتس”، يشير بدرجة معينة الى خطورة وضعهم. وهو يستند الى شهادات المخطوفين الذين عادوا الى القطاع قبل اكثر من سنة. الآن وضع الذين بقوا هناك يمكن أن يكون خطير بشكل لا يمكن تقديره.
مركز الثقل
الجمود في المفاوضات يظهر الشكوك المتعلقة بمواصلة العملية في القطاع. في نهاية شهر تموز الماضي بعد اطلاق الصاروخ الذي قتل بسببه 12 فتى في مجدل شمس في هضبة الجولان نقلت اسرائيل مركز ثقل الحرب الى الشمال، الى لبنان. في منتصف شهر ايلول بعد عملية “البيجرات” ضد حزب الله تم تقليص القوات في قطاع غزة من اجل ارسالها للمشاركة في العملية البرية في جنوب لبنان. مع ذلك، في بداية تشرين الاول بدأت العملية الهجومية الرئيسية للجيش الاسرائيلي في القطاع في الفترة الاخيرة – عملية الفرقة 162 في مخيم جباليا في شمال القطاع.
هذه العملية، الرابعة في المخيم منذ بداية الحرب، ما زالت مستمرة. النتائج في هذه المرة أكثر تدميرا وقتلا: معظم البيوت في المخيم تم تدميرها في عملية الجيش الاسرائيلي، وقتل اكثر من الفي فلسطيني، والجيش الاسرائيلي تكبد أكثر من 40 قتيل في المعارك. رؤساء جهاز الامن يواصلون الادعاء بأن الضغط العسكري، الذي ازداد في الاسبوع الماضي عند توسيع العملية الى بيت حانون، يدفع قدما بالمفاوضات حول الصفقة. عمليا، هذا يبدو كعمل ينبع من القصور الذاتي. المفاوضات عالقة، وقف اطلاق النار لا يلوح في الافق، وفي ظل غياب التقدم في المفاوضات فان القصف يستمر في جباليا.
بدون اتفاق فانه من المرجح أن تتوسع العملية الى مناطق اخرى في شمال القطاع مع ابعاد منهجي للمدنيين الفلسطينيين من كل المنطقة. في هيئة الاركان يستمرون في نفي أنهم ينفذون “خطة الجنرالات” التي تتحدث عن افراغ نصف القطاع الشمالي بالقوة. عمليا، الجيش يواصل التقدم نحو هناك خطوة تلو الاخرى.
هل هذا سيهزم حماس؟ يوجد شك كبير في ذلك. سيطرة حماس المدنية على معظم القطاع تستمر. فهي تسيطر على المساعدات الانسانية وتكسب منها الاموال وتفرض سلطتها على معظم السكان. التعافي العسكري لحماس محدود، في هذه المرحلة هي لا تنجح في تشكيل خطر حقيقي على سكان بلدات غلاف غزة، رغم وجود ارتفاع معين في اطلاق الصواريخ من شمال القطاع. جهود حماس موجهة لجباية ثمن من القوات التي تعمل في جباليا، واحيانا من القوات التي احتلت ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا.
في هذه الظروف يصعب رؤية كيف ستنتهي الحرب في الوقت القريب. اسرائيل يمكن أن تغرق في وحل غزة لسنوات، بدون أي حسم حقيقي. نتنياهو بحاجة الى مواصلة الحرب لتبرير خطواته حتى الآن، وكي يمنع تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الاخفاقات التي سمحت بحدوث مذبحة 7 اكتوبر، ولمواصلة في ظل ضباب المعارك سن قوانين الانقلاب النظامي.
اهتمام الاعلام ينتقل الى مناطق اخرى، بعضها مهمة. رئيس الحكومة اجرى عملية في اعقاب مشكلة صحية، التي يبدو أن بعض تفاصيلها لا يتم ابلاغ الجمهور بها. زوجته توجد بعيدا، حيث ينتظرها تحقيق في الشرطة؛ الاحزاب الحريدية تهدد بحل الائتلاف اذا لم يتم وبسرعة الدفع قدما بالقانون الذي سيشرعن تهرب الشباب الحريديين من الخدمة العسكرية. حتى الآن يفضل عدم نسيان الامر الاساسي. ففي اليومين الاخيرين قتل جنديان في شمال القطاع، اوريئيل بيرتس من بيتار عيليت، وهو جندي في كتيبة نيتسح يهودا الذي قتل أمس باصابة صاروخ مضاد للدروع في بيت حانون. وقبل يوم من ذلك قتل في حادث عملياتي في دبابة مركباه جندي المدرعات الرقيب اول يوفال شوهم من القدس.
اصدقاء شوهم في الوحدة قالوا بأنه اثناء عمليات التمشيط في القطاع تعود على مناداة اسم هيرش غولدبرغ بولين، الذي تعلم معه في المدرسة الثانوية الدينية هيمل بيرف، الذي كان مثله يشجع فريق هبوعيل القدس. غولدبرغ وخمسة من المخطوفين الآخرين قتلوا على يد آسريهم من حماس في رفح في نهاية شهر آب. فوق قبر ابنه دعا الأب أمس، البروفيسور آفي شوهم، نتنياهو: “أنا اطلب منك عقد الصفقة”.
-------------------------------------------
معاريف 31/12/2024
تغيير إيجابي سنة 2024 في الواقع الاستراتيجي والجغرافي السياسي في الشرق الأوسط
بقلم: زلمان شوفال
ربط قوائم سنوية للاحداث الأهم، الأفلام الأفضل، الكتب الأفضل وما شابه أصبح نوعا من الطقوس (مثلما هي قوائم الاحداث المرتقبة للسنة الجديدة). لمعدي القوائم في إسرائيل توجد علاوة خاصة: السنة العبرية أيضا وتلك الميلادية. لكن عندما يأتلون لترتيب الاحداث التاريخية، تثور مشكلة إذ ان التاريخ هو تيار لا يتوقف – مرة يكون ضعيفا ومرة أخرى يتصاعد، لكنه لا يتوقف.
بروفيسور حائم فقط كفرنسيس فوكوياما كان يمكنه أن يكتب في العام 1992 كتابا بعنوان “نهاية التاريخ” – ولا يوجد دليل تقشعر له الابدان على ذلك اكثر من كارثة 7 أكتوبر التي وقعت في 2023 ونتائجها وتداعياتها توجد معنا في كل لحظة في 2024 وستكون أيضا في السنوات القادمة. المسرحي والسياسي الفرنسي جان جيرودو كتب مسرحية “حرب طروادة لن تنشب”، بلغة ساخرة، بالطبع في 1935كي يحذر من أن حربا قاسية ستنشب في أوروبا. للاسرائيليين لا حاجة بالتأكيد لتفسير التداعي على خلفية مفهومنا وتاريخنا.
2024 كانت بالفعل سنة تواصل لمأساة 2023، ولا سيما من ناحية المخطوفين، الذين رغم جهود الحكومة ورئيسها وجهود الجيش الإسرائيلي لم يعودوا بعد. لكنها كانت سنة مختلفة من نواحٍ أخرى. الروح القتالية والتطوعية للمقاتلين ولعائلاتهم والتكافل الذي ميز أجزاء واسعة من الجمهور فور السبت الأسود تعززت، لكن حيال هذا، لم يوضع حد بعد للوضع المثير للحفيظة الذي لا يشارك فيه قسم آخر من الجمهور في المجهود. في 2024 وصلنا الى نقطة غليان تستوجب حلا في موضوع التجنيد، مرغوب فيه باجماع اقصى، لكن بلا ابطاء.
من موضوع الى آخر: في بداية السنة سادت آمال في أن في اعقاب الحرب ستأتي النهاية للشرخ والانشقاق الذي ميزا معظم السنة التي سبقتها وكانا محفزا لحماس بارتكاب المذبحة. لكن حصل العكس: فلم يجرِ هذا الجانب ولا ذاك الجانب الحساب النفسي اللازم لاجل رص الصفوف الداخلي الحيوي لمستقبلنا. واذا ما واصلنا الحديث عن السياسة فانه رغم التوقعات في أن تحدث الحرب وعناصرها تغييرا بعيد الأثر في صورة الوضع السياسي وتخلق قوى جديدة يتبين اننا محافظين اكثر مما اعتقدنا. في 2024 أجريت أيضا لأول مرة في إسرائيل محاكمة ضد رئيس وزراء قائم بخلاف القانون والعرف في كل العالم الديمقراطي، وهذا أيضا موضوع يستوجب حسابا للنفس، وليس فقط من جانب جهاز القضاء.
كما كانت أيضا مفاجآت إيجابية. رغم كل النبوءات السوداء، وبعضها مبرر، تبين أن قوة الاقتصاد الأساسية أثبتت نفسها في معظمها هذه السنة أيضا، بل وسجل حتى ارتفاع في الاستثمارات الأجنبية، وحسب تصنيفات اجنبية توجد إسرائيل في المرتبة السادسة في قائمة الاقتصادات الناجحة، مع معطيات نمو إيجابية على نحو خاص. والتكنولوجيا العليا هي الأخرى واصلت التفتح وان كان بوتيرة أدنى.
في الجانب المظلم من الصورة لا يمكن الا نذكر تصاعد اللاسامية في العالم، بمدايات مقلقة، وبخاصة في الولايات المتحدة، حيث أجريت مظاهرات مناهضة لليهودية ومناهضة للاسرائيلية في الجامعات وفي شوارع المدن. كما كانت ظواهر مقاطعة ثقافية، واساسا من جانب جهات عديمة الثقافة بوضوح. يتبين أنه تحطم الحظر على ملاحقة اليهود، الذي كان قائما ظاهرا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وكانت لهذا تداعيات أيضا على دولة اليهود.
حتى الان انشغلنا أساسا في نظرة الى الداخل، وهذا يميزنا بما يكفي، لكننا لا نعيش في عزلة، فما بالك ان أمورا تحصل في مكان ما في العالم يكون لها تأثير أيضا على أماكن أخرى. النصر العظيم لدونالد ترامب في الولايات المتحدة ودراما تنحية جون بايدن كانا بلا شك الانعطافة الدولية الأهم في 2024 – سياسيا، اقتصاديا وكذا من ناحية التأثير على المواقف الاجتماعية والأيديولوجية السائدة في العالم. الى جانب انتصار ترامب رأينا وهن الأنظمة الديمقراطية – الليبرالية في فرنسا وفي المانيا وصعود ميول شعبوية من اليمين ومن اليسار في أجزاء من الغرب بما في ذلك التعزز المرتقب في الحزب البديل لألمانيا، الحزب القومجي المتطرف ذي المؤشرات النازية الجديدة في بعض من اجنحته. بشكل عام، اتضح اتساع للميول المناهضة للعولمة والميول لاقامة حواجز في وجه التجارة العالمية. أمور من شأنها أن تترك آثارا على وضعنا الاقتصادي.
احداث أخرى تصدرت العناوين كانت الألعاب الأولمبية في باريس التي حققت إنجازات رياضية مبهرة بعد اجراء احتفال عديم الذوق وفي مجال آخر تجديدات طبية في مكافحة السمنة الزائدة. 2024 رأت أيضا الضربة القاضية التي اوقعتها صناعة السيارات الصينية على الصناعات القديمة في الولايات المتحدة وفي أوروبا.
من ناحيتنا، في إسرائيل، وبمفارقة مأساوية كنتيجة لـ 7 أكتوبر، سجلت سنة 2024 بداية تغيير إيجابي في الواقع الاستراتيجي والجغرافي السياسي في الشرق الأوسط. وذلك في ضوء الضربات الشديدة التي وجهتها إسرائيل لحزب الله وحماس والتداعيات التي كانت لذلك على صد الطموحات الإقليمية لإيران. كما أن الثورة السلطوية السريعة في سوريا واسقاط سلالة الأسد لم تكن لتحدث في الوقت الحالي دون النصر الإسرائيلي على حزب الله.
وختاما، يمكن القول انه مع الاحداث الأمنية في 2024، وتبادل الحكم في الولايات المتحدة، ازدادت، استمرارا لاتفاقات إبراهيم، الاحتمالات لانتشار إقليمي جديد ولخلق شرق أوسط جديد حقيقي، بمشاركة إسرائيل. وعليه، فان هذه سنة حساب للنفس على الخسائر مقابل الفرص الجديدة. واضح ان كل هذا هو اجمال جزئي. وفي نهاية 2024 ستأتي 2025 مع مفاجآت وتطورات جيدة وسيئة خاصة بها.
-------------------------------------------
يديعوت احرونوت 31/12/2024
اصلاح المجتمع الإسرائيلي يجب ان يبدأ بمعالجة العنصرية
بقلم: امنون ليفي
هذه لحظة تفجر عنصرية بشعة في المجتمع الإسرائيلي. فالاستقطاب السياسي يرفع الكراهية الطائفية بين الاشكناز والشرقيين الى نقطة عنيفة تنتج سُما طائفيا لا أذكر له مثيل. إسرائيل الأولى مقابل الثانية، بيبيون مقابل ليبراليين، وفي السطر الأخير شرقيون مقابل اشكناز. ثمة من يعمل على نشر هذه العنصرية – دودي إمسلم او افيشاي بن حاييم مثلا. فهم يحاولون تثبيت الصلة بين الرأي والطائفة. على حد نهجهم، الشرقي ملزم بان يكون يمينيا والا فهو خائن مثلما هو الاشكنازي ملزم بان يكون يساريا.
لقد اختبرت العنصرية، أعرف عن كثب كل اشكالها. فهي ترافقني كل حياتي، تارة من اليسار وتارة من اليمين. تعلمت على جلدتي الفرق الدراماتيكي بين عنصرية يسارية ويمينية. عندما نشرت مسلسلي عن الجيني الطائفي، قبل 11 سنة، كنت محل نقد شديد حتى العنصرية الحقيقية من الجانب اليساري. اما الان فاني اعاني من عنصرية فظة وعنيفة من الجانب اليميني. ما الفرق بين نوعي العنصرية؟
تلك من اليسار خفية وذكية. فهي تشبه شخصا لطيفا وبشوشا، مغطى بطبقات عديدة من الملابس، يدخل في يوم بارد الى الغرفة، ينزع اللفحة، المعطف، الجاكيت، وكلما تعرى من ملابسه تتبين طبيعته الحقيقة – والعنصرية التي في داخله تتسرب الى الخارج. عندها أيضا لا تكون واضحة وعلنية، ما يشوش الشرقي، ويدفعه لان يتساءل اذا كانت هنا حقا على الاطلاق عنصرية. انعدام اليقين هذا لا يخفف – بل فقط يمنعه من أن يرد. غضبه امام الظلم الذي احيق به مخصي. أما العنصرية الشرقية من اليمين، بالمقابل فهي فظة وصريحة. الشرقيون المتماثلون مع اليسار يعانون من التهديدات، الشتائم، الاهانات. “المومس الفاحشة لإسرائيل الأولى”، مثلا. واضح لكل مئات المعقبين في الشبكات بان الشرقي ملزم بان يكون بيبي، وان لم يكن هكذا – فهو عبد، خائن، العم توم، شرقي أليف وماذا لا. العنصرية الشرقية اليمينية يصعب عليها التصديق بان الشرقي يمكنه أن ينجح بفضل نفسه. بن حاييم، مثلا، يدعي بان الهيمنة طورت شرقيين منضبطين مثلي، واعطتهم برامج في التلفزيون كي يرووا القصة الشرقي بشكل تقمع الرأس السياسي. في عالم بن حاييم، لا يمكن للشرقي ان يحصل على برنامج تلفزيوني بفضل كفاءاته – بل قدموا له معروفا كي يصبح خادمهم. العنصرية الشرقية فظة وعنيفة لكنها ليست واعية لعنصريتها.
نوعا العنصرية يلعبان دورا مركزا في إسرائيل اليوم. نتنياهو وعصبته يعملون بكد لخلق تماثل مطلق بينه وبين المصلحة الشرقية، ومذكورة اقوال نتان ايشل عن الطريق الذي يستغل به معسكر اليمين الغضب الشرقي.
اما في اليسار بالمقابل، فينفون مجرد وجود المشكلة: هناك يعلنون عن عمى ألوان وبزعمهم هم لا يميزون بين الشرقي والاشكنازي. لكن من يعلن هكذا هو الاعمى: اليسار الاشكنازي يرفض أن يرى كم هي القصة الطائفية حية، قائمة وأليمة في إسرائيل 2024 كم هي تحرك سياقات، كم ينبغي مراعاتها والرد عليها. هكذا نشأ وضع بينما يستخدم فيه اليمين الألم الطائفي كسلاح تهكمي في حربه ضد اليسار، فان المعسكر الليبرالي لا يكافح على الاطلاق، ويبقي الملعب فارغا. خذوا مثلا التأييد للانقلاب النظامي: فهو يستمد القوة من الشرقيين الذين يؤمنون بانهم اقصوهم عن النادي القضائي وانهم في المحكمة ليسوا سوى متهمين، وليسوا قضاة ابدا. بغضبهم يريدون أن يحرقوا النادي الذي لا يقبلهم. اليسار ملزم بان يبلور أجوبة لهذه الادعاءات.
كل محاولة لاحداث اصلاح للمجتمع الإسرائيلي النازف ملزمة بان تبدأ بمعالجة جذرية للعنصرية. دون هذا فان البيبية السامة والعنصرية ستواصل لعب دور النجم.
-------------------------------------------
هآرتس 31/12/2024
تم استكمال مشروع تفكيك الدولة بنجاح
بقلم: ب. ميخائيل
رفائيل لامكا، رجل القانون الذي قام بصك وتعريف مفهوم "إبادة جماعية"، صنع، للمفارقة، معروفا غير بسيط لمن ينفذوها. فقد حول الإبادة الجماعية إلى نوع من الجريمة الخارقة، المعجرفة تقريبا، التي من أجل أن تصبح عضوا في نادي منفذيها الحصري، يجب عليك اجتياز امتحان قبول معقد. رغم أنه في الحقيقة الحديث يدور "إجمالا" عن عدد كبير من جرائم الحرب الموجهة جميعها ‘لى مجموعة عرقية معينة. هذا بسيط وواضح.
هكذا حدث أن عدد الاتهامات والإدانات بالإبادة الجماعية مقلص جدا، رغم أنه لا ينقص مجرمي الحرب الذين بالتأكيد يستحقون هذا اللقب المأمول. ولكنهم يسارعون إلى التمترس خلف المحامين المتملصين الذين ينجحون دائما في العثور على عيب إجرائي في تعريف ما تم ارتكابه، وعلى الفور يهبون مثل الأسود ويقولون إن هذا هو الدليل على أن جميع أفعالهم حلال وطاهرة. هكذا على سبيل المثال تتصرف إسرائيل.
لكن هناك أعمال إبادة جماعية اخرى، وهي أيضا تعتبر جريمة بالضبط، رغم أنها غير مرتبطة بالأضرار الجسدية. هذه فقط "إبادة جماعية" للروح، الثقافة، الحقوق، النفس، الأخلاق والإنسانية. هي في الحقيقة ليست محفورة في أي قانون، لكن التدمير الأخلاقي القيمي لا يقل فظاعة عن التدمير الجسدي والديني، وعلى المدى البعيد، فإن ضررها حتى يكون أكبر، بالتأكيد على الضحية، وربما أكبر على منفذها.
حسب هذا المعيار، فإن إسرائيل ليست غارقة في تنفيذ الإبادة الجماعية، بل هي تعمل منذ سنوات على ارتكاب ثلاثة أعمال إبادة جماعية. الأولى هي بالطبع الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني. وهي لم تبدأ في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، بل في 14 أيار (مايو) 1948، وربما حتى قبل ذلك، بدءا بنفي وجود الشعب الفلسطيني ("شعب من دون أرض لأرض من دون شعب")، وانتهاء بالطرد الجماعي وتدمير قرى الشعب الفلسطيني وبلداته وسرقة أرضه، والاستيطان المجرم وسلب حقوقه وإنسانيته.
يمكن القول، إنه منذ يومها الأول فإن دولة إسرائيل تدير حربا واحدة طويلة، حرب إبادة جماعية بكل معنى الكلمة: حرب سلب حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وسرقة أراضيه.
من أجل الادعاء بجدية أن ما يحدث في غزة وفي الضفة الغربية ليس إبادة جماعية، فإنه يجب على المرء أن يكون جاهلا وغارقا عميقا في غيبوبة أو ناشط دعاية لإسرائيل
الإبادة الجماعية الثانية، هي ليست فقط تدمير قيمة، بل هي في الأساس تدمير قيم. كل القيم التي نسبها يهود إسرائيل لأنفسهم – الحكمة، العدالة، الضحية، الشفقة والإنسانية، منارة للأغيار، شعب الله المختار، طهارة الأخلاق وطهارة السلاح – جميعها ماتت بالاختناق بسبب دخان وغبار الانقاض. كل العالم يعرف الآن أن القومية اليهودية – الإسرائيلية هي قومية معطوبة ومجرمة مثل كل القوميات الأخرى. يمكن القول باطمئنان إن مشروع تدمير الدولة تم استكماله بنجاح.
الإبادة الجماعية، الأكثر عادية، هي الإبادة الجماعية التي تم تنفيذها في منظومة التزام دولة إسرائيل بمواطنيها كدولة، التي لم يبق منها أي شيء، تم تدميرها كلها، بدءا بالتعليم والثقافة ومرورا بالصحة والأمن الشخصي والمواصلات والبنى التحتية وغلاء المعيشة والسكن والخدمات والشرطة وجهاز القضاء، وانتهاء بالكنيست التي لا يوجد فيها ذرة من الموضوعية والفائدة أو العقل السليم. وكأنه تم تركيب الغباء على عقل شرير.
في الختام، لدي نصيحة من أعماق قلبي. في يوم الجمعة 27/12، نشرت "هآرتس" مقالا للبروفيسور شلومو بن عامي تناول فيه الوضع السياسي في إسرائيل، كل شخص ليس أميا أو بيبيا يجب عليه قراءته. كله. وسيعرف بشكل جيد أين هو موجود، وبالتالي ربما سيعرف إلى أين هو ذاهب.
-------------------------------------------
هآرتس 31/12/2024
الهدف السامي.. التخلي عن المخطوفين
بقلم: عوزي برعام
التخلي عن المخطوفين وتركهم لمصيرهم هو الهدف السامي بالنسبة لحكومة نتنياهو. صحيح أنه حتى الوزراء التافهين فيها لن يقولوا ذلك، لكنهم يعرفون أن إعادة المخطوفين تعني "الإهانة الوطنية" بالنسبة للذين يبحثون عن النصر الحاسم على ظهرهم. إعادة المخطوفين تحظى بإجماع وطني واضح. لا يوجد عمل يجسد أهمية التضامن مثل إعادتهم. التخلي عنهم للألم والبرد والجوع والخوف، يبدو للمواطن العادي عملا لا أحد يفعله. نتنياهو يحاول توجيه الاتهام لحماس، لكن الجميع يعرفون أنه لو توقف القتال في غزة، فإن المخطوفين سيعودون.
نتنياهو كان يمكنه الإعلان قبل أسابيع عن إنهاء الحرب في غزة – الحرب التي ستشاهد ضررها أجيال قادمة، من الإسرائيليين والفلسطينيين. الحرب التي وضعت إسرائيل في الصف نفسه مع أسوأ الشعوب وقادتها إلى ازمة عالمية غير مسبوقة. ولكن نتنياهو لم يفعل ذلك، لأنه يرفض التوصل إلى تطبيع يؤدي إلى الاستيقاظ والعودة إلى التركيز على المشكلات اليومية. هذا السيناريو لن يخطر أبدا بباله قبل تحقيق أهداف الحرب الحقيقية بالنسبة إليه، التي تعرف بمفهوم "النصر المطلق".
النصر المطلق بالنسبة لنتنياهو يعني الاعتراف به شخصيا منتصرا في المعركة، ولا سيما في الشمال، وإزالة كل عامل ينافسه مثل رؤساء جهاز الأمن الذين فشلوا معه في 7 تشرين الأول (أكتوبر). النصر الحاسم سيأتي من ناحيته، عندما سيتم عزل رئيس الأركان من منصبه، ورؤساء جهاز الاستخبارات، ولن يتم تشكيل لجنة تحقيق رسمية، ويتم الإعلان أنه يهودا مكابي الجديد. وزير الدفاع ثقيل اللسان إسرائيل كاتس يساعده في ذلك، في محاولة لتنظيف الصفوف من الذين فجروا البيجرات وعثروا على مخبئ حسن نصر الله والذين خططوا وقادوا الهجوم الجوي في إيران.
من أجل تحقيق هذا "النصر الحاسم"، تجب مواصلة الحرب في غزة. الحديث لا يدور فقط عن مناورة عادية لحرف الانتباه، بل عن جريمة قومية، لأن الحرب هناك انتهت منذ فترة. إن رفض وقف الحرب يعتبر تبريرا للامتناع عن إطلاق سراح المخطوفين ومواصلة التخلي عنهم وإهمالهم المتهور. أي يوم آخر من الحرب في جباليا يجلب معه عبثا الضحايا، الذين لم يسقطوا من أجل اجتثاث حماس، بل على مذبح "النصر المطلق" الذي يرفض أي قرار إنساني.
هذا "النصر" هو منتج حيوي لمن يوجد في حالة الإفلاس، لأنه في نهاية المطاف جميع أجهزة الدعاية والسم لن تستطيع إنقاذه هو وحكومته وعائلته من الإفلاس، الذي يدركه كل الشعب في إسرائيل وحتى قاعدته.
-------------------------------------------
هآرتس 31/12/2024
تشريع آخر يستهدف المعلمين العرب
بقلم: أسرة التحرير
أعضاء الائتلاف لا يتوقفون عن التخريب في الديمقراطية وتشريع قوانين تسمح بالمس بالمواطنين العرب، إذ ماذا تساوي الديمقراطية إذا كان العرب أيضا يشاركون فيها؟
اضافة اعلان
في الأسبوع الماضي وبخلاف موقف المستشار القانوني، أقرت الكنيست بقراءة عاجلة قانونا سيمنع خريجي مؤسسات أكاديمية فلسطينية من التعليم في جهاز التعليم في إسرائيل. وحسب مشروع القانون الذي بادر إليه النائب عميت هليفي من الليكود، وأرفق به مشروع مشابه للنائب افيحاي بورون، فإنه سيكون بوسع مدير عام وزارة التعليم إعطاء رخصة تعليم وإذن تشغيل لشخص يحمل لقبا جامعيا من مؤسسة أكاديمية تقع في أراضي السلطة الفلسطينية. كما طرح أيضا أن يكون بوسع وزير التعليم أن يمنح إذن تشغيل لمن يطلب الانخراط في مؤسسة تعليمية، أو يعلم منذ الآن في مؤسسة تعليمية شريطة أن يتعلم دراسات استكمالية في إسرائيل.
إن المبررات التي يستخدمها عنصريو الائتلاف معروفة، عنصرية وشعبوية حتى التعب. "التعليم في هذه المؤسسات يتضمن مضامين لاسامية وبتراث محاكم التفتيش غايتها رفض وجود دولة إسرائيل وتحريض خطير ضدها"، كتب في الشروحات لمشروع القانون. وفي المناقشات لم يخجل بورون من وصف التشريع كمحاولة لنزع النازية من شرق القدس: "غصتُ في الكتب وذهلت: من أصل 6.720 معلم في شرقي القدس يعلمون 110.000 تلاميذ، فان قرابة 4.000 تعلموا في جامعات في السلطة... حيث استمدوا (قيم) الجهاد الإسلامي لكراهية إسرائيل ووصلوا إلى هنا، كي يدرسوه للتلاميذ في شرقي القدس". مستوى النقاش بقي متدنيا كما يليق بالكنيست الأكثر عنصرية في تاريخ إسرائيل. "هؤلاء المعلمون يمكنهم أن يكونوا معلمين في طهران، في أفغانستان، في رام الله – لكن ليس في مدارسنا. شكرا"، قال هليفي. والنواب العرب الذين شاركوا في النقاش طولبوا بين هذا وذاك بشجب حماس.
النائب منصور عباس أجاد في التشخيص، بأن الحدث سياسي وليس مهنيا أو تربويا. وبالفعل، ليس هذا كفاحا ضد معلمين يتجاوزون القانون ويحرضون في الصفوف، بل هو منع جارف لمن تعلموا في الجامعات في السلطة الفلسطينية. من هذه الناحية، ينضم هذا القانون إلى القوانين التي تستهدف المس الجماعي بالتمثيل السياسي للمواطنين العرب وتقليص حرية تعبيرهم.
وأظهر النائب يوسف عطاونة أنه إضافة إلى كل شيء يدور الحديث عن تشريع زائد، إذ على أي حال "كل من يحصل على لقب أكاديمي من مؤسسة في السلطة الفلسطينية ملزم بشهادة معلم في مؤسسة للتعليم العالي في داخل البلاد".
يدور الحديث عن مشروع قانون لا دستوري وعنصري يمس بحرية العمل ويميز بحق مواطني إسرائيل العرب ممن تعلموا في مؤسسات التعليم العالي في السلطة الفلسطينية. على المستشارة القانونية أن توضح هذا للمشرعين العنصريين ورؤساء الجامعات واتحادات المعلمين الإعراب عن معارضتهم للخطوة.
------------------انتهت النشرة----------------
أضف تعليق