01 كانون الثاني 2025 الساعة 16:46

مظاهر الفشل الأمريكي الإسرائيلي الغربي في اليمن

2024-12-29 عدد القراءات : 338

أسامة خليفة

 

 

كاتب فلسطيني

 

 

فشل على فشل، فشل في اعتراض الصواريخ الباليستي والمسيرات اليمنية، وفشل في فك الحصار على مرور السفن المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، وسط تهديد ووعيد إسرائيلي بتوجيه ضربة قوية لأنصار الله، لكن يعود اليمن إلى إطلاق الصواريخ البالستية بعد كل غارة أميركية أو إسرائيلية، مما جعل حكومة نتنياهو تشعر بتحدي كبير وعسير، وتبدو الولايات المتحدة وحلفاؤها عاجزون عن الردع، وقد تناولت صحف عالمية ما يتردد حول الإخفاق الأمريكي في ردع أنصار الله، ووضع حد للعمليات العسكرية اليمنية الداعمة لغزة، ومنع ما يلحقونه من أضرار جسيمة بالاقتصاد الإسرائيلي، نتيجة نجاح أنصار الله في شل الحركة في ميناء أم الرشراش «إيلات»، وتوقف حركة البضائع واردات وصادرات إسرائيلية من خليج العقبة إلى الشرق الأقصى، ودول أفريقيا. بل ومنع مرور جميع السفن من جميع الجنسيات المتوجهة من وإلى الموانئ الإسرائيلية إذا لم تدخل احتياجات قطاع غزة من الدواء والغذاء، حسب ما أعلنه أنصار الله لإسناد غزة.

الحصار الذي فرضه اليمنيون أدّى إلى تحويل ممرات السفن والناقلات من البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح، فتضاعفت مسافة الإبحار بين موانئ الصين والموانئ الإسرائيلية بنسبة أكثر من مئة بالمئة، وزيادة تكاليف الشحن بعد تحويل طرق السفن لتبحر حول أفريقيا.

ترصد وسائل الإعلام العالمية ملامح الإخفاق الأمريكي الغربي في وقف جبهة الإسناد اليمنية، رغم سلسلة الغارات العدوانية على اليمن، التي لم تنجح طوال الفترة الماضية في وقف الهجمات اليمنية ضد السفن. وبعد مرور نحو عام على إعلان أنصار الله منع مرور السفن الإسرائيلية والتابعة لإسرائيليين من العبور من مضيق باب المندب والبحر الأحمر والبحر العربي، واستمرار الهجمات على السفن الإسرائيلية باستخدام المسيرات البحرية والصواريخ البحرية، وقصف جنوب فلسطين المحتلة باستخدام الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة، لم تتوقف العمليات اليمنية حتى الآن، ولا توجد أي إشارات على توقفها إلا بالشروط اليمنية. وحسب معهد دراسات الأمن القومي في «تل أبيب»، إن «الحوثيين ليس لديهم الكثير ليخسروه ولا يمكن ردعهم، وأنهم لن يتوقفوا حتى تنهي إسرائيل حربها في غزة»، ويوضح تقرير لصحيفة معاريف أن القيادة اليمنية قرّرت مواصلة القتال ضد العدوان الإسرائيلي بأي ثمن، ويقر الجميع أن العدوان الإسرائيلي الأميركي البريطاني على اليمن لم يوهن عزم اليمنيين، بل عزز من عزيمتهم.

تحدّثت مجلّة « فورين بوليسي» الأميركية عن فشل العمليات البحرية الغربية المكثفة التي استمرت عدة أشهر في وقف هجمات اليمن في البحر الأحمر. في هذا السياق برزت عدد من مظاهر الانهزام الأمريكي الغربي في اليمن، الأول: فرار حاملات الطائرات الأمريكية والقطع البحرية الأخرى من ميدان المعركة البحرية مع اليمنيين.

ثانياً: حادثة سقوط طائرة أميركية مقاتلة من طراز F/A-18 فوق البحر والتي اعتبرت بأنها واحدة من أخطر ما تعرضت له القوات الأميركية في الشرق الأوسط، وتكشف مدى التحدي الكبير الذي يشكله أنصار الله في اليمن، للإسرائيليين وللولايات المتحدة، وفي حين سارعت القوات اليمنية المسلحة إلى إعلان المسؤولية عن إسقاط الطائرة، قالت واشنطن إنها بفعل نيران صديقة، وإن سفينة حربية أميركية أسقطتها عن طريق الخطأ.

ثالثاً: من مظاهر الفشل أيضاً تمكن الصاروخ الباليستي اليمني من اختراق الطبقات الدفاعية المتعددة والمتطورة وإصابة هدفه.

رابعاً الفشل الاستخباراتي: القبض على شبكة تجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل. أعلنت جماعة الحوثي اليمنية في وقت سابق، الكشف عن شبكة جواسيس في اليمن، تعمل لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، وبثت وكالة أنباء «سبأ نت»، التابعة للحوثيين، تسجيلاً مصوراً للموقوفين، وقالت إن هؤلاء الجواسيس تم تجنيدهم للعمل على جمع معلومات، ورصد مواقع تابعة للقوات المسلحة اليمنية في الساحل الغربي للجمهورية اليمنية لصالح العدو الأميركي والإسرائيلي.

خامساً: اقتصار تشكيل تحالف دولي «حارس الازدهار» لمواجهة تهديدات الحوثيين - على الولايات المتحدة وبريطانيا، الذي أعلنت عنه واشنطن في 18 كانون الأول/ ديسمبر 2023. رغم الإلحاح الأمريكي تراجعت دول عن المشاركة، ورفضت الدول العربية المطلة على البحر الأحمر المشاركة في هذا التحالف، وفي مقدمتها مصر والسعودية.

أدركت هذه الدول أن الهدف الأول والأخير هو حماية مصالح الاحتلال الإسرائيلي واستمرار عدوانه الوحشي على الشعب الفلسطيني، وإنقاذ حكومة نتنياهو من التبعات الاقتصادية لعمليات الحوثيين في البحر الأحمر، دون الاهتمام بمخاطر عسكرة البحر الأحمر على التجارة العالمية والاقتصادي العالمي.

وكان واضحاً مساعي الولايات المتحدة لإنقاذ سمعة تحالفها العسكري، ولتقديم صنعاء كطرف مهدد للملاحة في البحر الأحمر، حين دفعت كل السفن إلى تغيير مسارها لتبحر حول أفريقيا رغم أنها لم تكن مهددة، ولن تستهدفها صواريخ اليمنية إذا لم تتعامل مع الموانئ الإسرائيلية، ثم عادت لتشجع الإبحار عبر البحر الأحمر.

نشر موقع «أكسيوس» الأميركي خريطة لتوزّع القطع البحرية الأميركية في غرب آسيا، تظهر أنّه لا توجد أيّ سفن أو غواصات أو مدمرات أميركية في الوقت الحالي في البحر الأحمر. لقد استبدلت واشنطن خلال عام أربع حاملات طائرات، بدءاً بإيزنهاور مروراً بروزفلت، ولنكولن، وانتهاء اليوم بحاملة الطائرات ترومان، وكلها لم تتمكن من فرض الهدف الأمريكي المتمثل بتأمين الملاحة الاسرائيلية في البحر الأحمر، أو وقف الإسناد اليمني لغزة، ولا حماية الكيان من الضربات الصاروخية والمسيرات اليمنية.

 أدت الضربات اليمنية إلى ابتعاد حاملات الطائرات وخلو الأسطول الأمريكي الخامس منها، مما اعتبره الخبراء العسكريون متغير كبير في تاريخ الحروب، لأن ذلك يفقد الأسطول الخامس القدرة على المناورة والحركة وبالتالي التأثير، ويجعل من التأثير اليمني على حاملات الطائرات تحولاً كبيراً في المعركة البحرية. ويؤكد موقع «جوان- شا الصيني» المهتم بالتحليل العسكري أن معظم قوة الردع التي كانت تتمتع بها حاملة الطائرات الأمريكية انهارت على وقع العمليات اليمنية التي استهدفتها، ويقول الموقع في تقرير له إن القوات المسلحة اليمنية تمكّنت من مواجهة حاملات الطائرات الأمريكية وقد بات من السهل تصور المستوى الحقيقي لقدراتها القتالية.

كما ويوضح الموقع أن الانسحاب السريع لحاملة الطائرات الأمريكية الأخيرة أبرهام لينكولن وكسابقاتها يُعزى إلى عدم قدرة الجانب الأمريكي على تحمل الهجمات الصاروخية والمسيرات اليمنية. وقد استبدلت وزارة الدفاع الأميركية حاملة الطائرات ترومان بحاملة الطائرات لينكولن التي تم سحبها من البحر العربي قبل أشهر بعد هجوم يمني، وتعد ترومان رابع حاملة طائرات تنسحب من الحرب مع اليمن بعد روزفلت وايزنهاور إضافة إلى لينكولن، مبتعدة إلى البحر المتوسط. وكانت « ترومان » تراجعت  25/ 12/2024 من مسافة نحو 600 ميل بحري قرب اليمن حتى  نحو ألف ميل بحري، إلى شمال البحر الأحمر قبل أن تواصل رحلة مغادرته، إثر تعرض حاملة الطائرات ترومان لهجوم يمني مكثف بنحو 17 طائرة مسيرة و8 صواريخ كروز وفق ما أعلنه المتحدث الرسمي للقوات اليمنية العميد يحيى سريع.

حتى الصحف الإسرائيلية باتت تعتقد أن قدرة التحالف بقيادة الولايات المتحدة على ردع الجيش اليمني باتت موضع شك بعد أن أظهرت اليمن صموداً أمام الضربات الجوية، وتبحث إسرائيل عن وسيلة لردع أنصار الله، وقد اقترح ميخائيل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية بجامعة « تل أبيب» التركيز «على استهداف قيادات الجماعة، كما تم التعامل مع حزب الله، رغم اعترافه بصعوبة تحقيق ذلك بسبب غياب المعلومات الاستخبارية الكافية»، ويبدو أن تل أبيب تعمل على ذلك وتهدد باغتيال قادة أنصار الله، وتعمل على زيادة جمع المعلومات بالتعاون مع الولايات المتحدة، والذي يقابله نجاح وإنجاز أمني يمني يؤكد الدرجة العالية من اليقظة والجهوزية والاستعداد والكشف عن خلايا التجسس مما يعد نصراً كبيراً للشعب اليمني في إطار المعركة التي يخوضها في مواجهة العدوان.

أضف تعليق