25 كانون الأول 2024 الساعة 10:13

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 23/12/2024 العدد 1190

2024-12-24 عدد القراءات : 401

 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

هآرتس 23/12/2024

 

 

إسرائيل تقوم بنشاطات تخرب جهود استقرار سوريا

 

 

بقلم: ايتي ماك

 

شبيها بناشطة اليمين المتطرف دانييلا فايس، التي وصلت الى حدود قطاع غزة وتوزع الوعود حول استئناف الاستيطان هناك، فان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قام بزيارة في قمة جبل الشيخ السوري ووعد: “نحن سنبقى في هذا المكان المهم الى حين العثور على ترتيب آخر يضمن أمن إسرائيل. نحن سنحدد الترتيب الأفضل الذي سيضمن أمننا”. هذه الزيارة الاستفزازية لنتنياهو جرت بالضبط في الأسبوع الذي قال فيه زعيم المتمردين في سوريا، أبو محمد الجولاني، “قواتنا لا توجد في مواجهة مع إسرائيل، أو في موقف شن المعركة ضدها”. وأن سوريا ستواصل الالتزام باتفاق فصل القوات من العام 1974، وطلب من المجتمع الدولي الاهتمام بأن تنفذه إسرائيل.

من السابق لأوانه معرفة الى أين تذهب سوريا. ولكن لا يوجد أي منطق في أن تقوم دولة إسرائيل بنشاطات تخرب جهود استقرار سوريا، الوطنية والدولية، والسير بها نحو نظام ديمقراطي، أو على الأقل نظام براغماتي، يفضل الاعتماد على الدول الغربية بدلا من روسيا وايران. عمليات القصف والعمليات العسكرية ودخول الجيش الإسرائيلي الى المنطقة العازلة وتصريحات رئيس الحكومة ووزير الدفاع حول نية إسرائيل البقاء هناك، كل ذلك يمكن أن يستخدم لاستفزاز الجولاني بذريعة أنه “يبيع سوريا بثمن زهيد”، وتوسيع الدعم للانقلاب الذي سيجلب الى السلطة عناصر اكثر تطرفا منه.

اذا تم استئناف الحرب الاهلية في سوريا بكامل القوة فلن يكون لإسرائيل نظام الأسد، الذي عمل خلال السنين على منع التدهور الى حرب معها. هذا الامر سيحتاج من إسرائيل موارد وقوات كبيرة لا توجد لديها.

السوريون فقط هم الذين يمكنهم تقرير مصيرهم. ولكن من اجل أن يستطيع المتمردون والفصائل المختلفة مناقشة هذا الامر وقيادة عملية جدية للانتقال من نظام الأسد، فان سوريا تحتاج الى “ضخ الاوكسجين” الاقتصادي، الذي سيمكن من توفير الحد الأدنى من استقرار الوضع. في أماكن أخرى التي لم يتم تقديم فيها مساعدات اقتصادية دولية مهمة وبسرعة فان جهود إزاحة الديكتاتور ذهبت هباء، وهذه الدول دخلت الى دوامة انقلابات وديكتاتوريات وحروب أخرى.

الجولاني دعا الدول الغربية لرفع جميع العقوبات التي فرضت في عهد نظام الأسد، لا سيما عليه هو نفسه وعلى التنظيم الجهادي الذي يترأسه (هيئة تحرير الشام). الدول الغربية معنية بالتخلص من اللاجئين السوريين، وهي تتلمس الطريق الى الجولاني، لكن المجتمع الدولي تعود على التقدم ببطء في مثل هذه الحالات، لا سيما عندما لا تكون هناك قيادة واضحة من جانب الولايات المتحدة. في 7 كانون الأول، في الوقت الذي تقدم فيه المتمردون بنجاح نحو دمشق العاصمة، قال دونالد ترامب، الذي سيؤدي اليمين في 20 كانون الثاني، “سوريا في حالة فوضى، لكنها ليست صديقة لنا. محظور أن تكون اللولايات المتحدة صلة بذلك، هذا ليس نضالنا”. وحتى بعد أدائه لليمين لا يبدو أن سوريا ستكون على رأس سلم أولوياته.

بدلا من القيام باستفزازات خطيرة يمكن لإسرائيل أن يكون لها دور إيجابي في هذا المفترق الحاسم الذي توجد فيه سوريا، من خلال قدرتها على اقناع إدارة بايدن التاركة وإدارة ترامب القادمة على العمل على ارسال المساعدات الاقتصادية الفورية الى سوريا. هذه المساعدات يمكن أن تتم في المرحلة الأولى بقرار فوري، وبعد ذلك من خلال عملية تدريجية لرفع العقوبات، التي ستكون مرهونة بالتحسن في الدولة، لا سيما وضع حقوق الانسان فيها. الولايات المتحدة غير ملزمة بتقديم المساعدات هي نفسها، لكن من المهم إعطاء “الضوء الأخضر” لدول أخرى أو مؤسسات دولية كي لا تخشى من أن تعتبر من قبل الأمريكيين خارقة للعقوبات.

السوريون فقط هم الذين سيقررون مصيرهم، وأي محاولة أخرى ستضر بشرعية النظام الجديد وستعرضه كأنه “نظام دمى”. مع ذلك، من الشرعي وضع طلبات بالحد الأدنى مقابل المساعدات الاقتصادية: اجراء عملية انتقال وإعادة اعمار بمشاركة جهاز دولية، عدم تخريب مؤسسات الدولة التي ما زالت قائمة، عدم القيام بعمليات انتقام جماعية ضد رجال النظام السابق ومجموعات عرقية ودينية، عدم السماح بنقل السلاح الى حزب الله أو استئناف النشاطات العسكرية الإيرانية.

هذه المركبات الثلاثة حيوية من اجل استقرار الدولة ومنع استمرار الفظائع فيها، ومن اجل أن تستطيع الدول الغربية ارسال المساعدات المالية والاقتصادية طبقا لقوانينها. الآن مثلا هذه القواعد تمنع ارسال المساعدات لطالبان في أفغانستان. بشأن الطلب الرابع فان المتمردين أصلا لم ينسوا حتى الآن بأن ايران وحزب الله كانوا الداعمين الأساسيين لنظام الأسد.

الجولاني هو قاتل جهادي مطلوب للولايات المتحدة، وهو أيضا لا يحب صهيون. ولكنه هو الذي قاد المتمردين الى النصر، وفي هذه المرحلة يبدو أنه يفضل إقامة تحالف مع الدول الغربية. بدلا من التحدث من فوق قمة جبل الشيخ مع “قاعدته” يجب على رئيس الحكومة التحدث وبدون تأخير مع إدارة بايدن وترامب وأعضاء الكونغرس الأمريكي، والشرح لهم بأن استقرار سوريا له أولوية عليا بالنسبة لدولة إسرائيل.

---------------------------------------------

هآرتس 23/12/2024

 

نظام جديد يوقف البناء والتخطيط في شرقي القدس

 

 

بقلم: نير حسون

 

قبل سنتين، بضغط من اليمين، غيرت وزارة العدل الإجراءات المتعلقة باثبات الملكية لغرض المصادقة على إجراءات البناء في شرقي القدس. في اعقاب هذا التغيير انخفض عدد المخططات التي فتحت في شرقي القدس في هذه الفترة من 100 الى صفر بالمتوسط سنويا. منذ العام 1967 تضاعف عدد السكان العرب في القدس خمسة اضعاف. دولة إسرائيل في المقابل، لم تقم ببناء احياء جديدة للسكان، وتقريبا لم تقم باعداد خطط بناء عامة تشبه المخططات التي تم اعدادها للاحياء اليهودية في المدينة.

لذلك فان سكان شرقي القدس، الذين أرادوا البناء حسب القانون، كان يجب عليهم تقديم مخططات بناء خاصة، لكن هنا أيضا واجهتهم عقبة: هم وجدوا صعوبة في اثبات أن الأرض التي يمتلكونها تحت حيازتهم. لأنه بعد توحيد المدينة توقفت الدولة عن تسجيل الأراضي في شرقي القدس. وهكذا فان معظم الأراضي في الاحياء الفلسطينية غير مسجلة في الطابو. خلال السنين وجدت السلطات حل لهذه المشكلة، سمي باجراء المختار، الذي بحسبه في كل حي تم تعيين مختار يصادق بتوقيعه على أن الأرض هي حقا بملكية شخص معين. إضافة الى ذلك أصحاب الأراضي تعهدوا بأنه اذا تم اكتشاف أن الأرض ليست لهم فانهم سيضطرون الى دفع سعرها لاصحابها الحقيقيين. واستنادا الى هذا الاجراء تم الدفع قدما بآلاف مخططات البناء الخاصة وبنيت عشرات آلاف الوحدات السكنية.

في السنوات الأخيرة بدأ نشطاء من اليمين في حملة ضد هذا الاجراء بذريعة أنه مدخل للفساد، حيث أنه كان هناك بعض المخاتير الذين وقعوا على وثائق مقابل الرشوة. في كانون الأول 2022 نشر مدير التخطيط الاجراء الجديد الذي يفسر كل الطلبات من اجل فتح ملف تخطيط في شرقي القدس. إضافة الى توقيع المخاتير طلب من أصحاب الأراضي ارفاق وصولات ضريبية من العهد الأردني، التي توجد لدى الإدارة المدنية، ووثيقة تسلسل الملكية للأرض. بعد فتح الملف يتم ارسال الى 6 سلطات إسرائيلية للحصول على المصادقة، بلدية القدس؛ القيم العام على أملاك الغائبين في وزارة العدل الذي يدير أملاك اليهود قبل العام 1948 في شرقي القدس؛ القيم على أملاك الغائبين الذي يدير ممتلكات الغائبين الفلسطينيين؛ سلطة أراضي إسرائيل والمساح اللوائي وضابط تسجيل الأراضي في وزارة العدل. حسب اقوال المخططين في شرقي القدس فان الاجراء الجديد حول مهمة فتح ملف تخطيط في شرقي القدس الى أمر غير ممكن. في السنة الماضية قالت نائبة المستشارة القانونية للحكومة، كرميت يوليس، بأن هناك حاجة الى اجراء جديد.

في كل سنة كنت أقوم بفتح 12 – 13 ملف جديد”، قال نبيل الرجبي، وهو صاحب مكتب هندسة وتخطيط. “منذ الاجراء الجديد فانه ليس لدي أي ملف. في الأقسام التي يجب عليها المصادقة لا يردون، أو أنهم يقولون بأنه ليست لديهم قوى بشرية وأنه ليس من مهمتهم اجراء الفحص”. وحسب قوله حتى لو تم الحصول على المصادقة في نهاية المطاف فان كل الاجراء يستغرق تسعة اشهر، “بعد ذلك بشكل عام، هم يطرحون طلبات متشددة اكثر”. البيانات التي جمعتها جمعيات “بمكوم” و”عير عاميم” تؤكد على شعور الرجبي وغيره من المخططين، وهي تدل على أنه حتى فرض الاجراء الجديد في بداية العام 2023 فقد تم فتح في كل سنة 100 ملف تخطيط وبناء تقريبا لارض لم تتم تسويتها في شرقي القدس. مصادر في شرقي القدس قالت إن السياسة الجديدة مرة أخرى ستدفع السكان الى البناء غير القانوني رغم المخاطرة بهدم المبنى. في السنة الماضية قررت الحكومة أنه حتى العام 2028 يجب المصادقة على عشرة آلاف وحدة سكنية للعرب في شرقي القدس من اجل مواجهة ضائقة السكن. ولكن الاجراء الجديد يقضي على أي إمكانية للوفاء بذلك.

هذا الاجراء يضاف الى عملية استئناف تسجيل الأراضي في شرقي القدس. التسجيل تم في اعقاب قرار للحكومة تناول تقليص الفجوة بين غرب المدينة وشرقها، ولكن في معظم الحالات التي طبق فيها تبين أنه مخصص قبل أي شيء آخر لتسجيل ارض على اسم أصحاب يهود أو على اسم الدولة. هكذا اكتشف 139 شخص من سكان قرية أم طوبا في جنوب القدس بأن الأراضي التي يعيشون عليها تم تسجيلها باسم الكيرن كييمت دون معرفتهم. من مقر هيئة التخطيط الوطني جاء الرد: ” منالفحص الذي تم اجراءه وجد أنه حدثت زيادة كبيرة بخصوص المخططات التي قدمت في 2024. نحن نقوم بفحص الاجراء للعثور على عقبات، وعند الحاجة القيام بتعديلات أو تصحيح للاجراء الجديد.

---------------------------------------------

معاريف 23/12/2024

 

قصة البيجر اكبر بكثير من هجمة تكتيكية، فقد خلقت فزعا في الشرق الأوسط

 

 

بقلم: افي اشكنازي

 

الكل يسأل كيف ستعمل إسرائيل ضد الحوثيين في اليمن. هذه الليلة سينشر في برنامج التحقيقات الصحفية “60 دقيقة” لشبكة “سي.بي.اس” الامريكية وستبث في إسرائيل في شبكة “سلكوم تي.في” قصة عملاء الموساد الذين اعتزلوا مؤخرا، وكانوا جزء من حملة أجهزة البيجر وأجهزة الاتصال ضد حزب الله. فهم يجرون لقاءات صحفية لأول مرة وسيكتشفون تفاصيل جديدة عن الحملة السرية التي امتدت على مدى عشر سنوات. احد العملاء روى بانهم عندما انهوا الاعداد للحملة كانوا انتقلوا لاعداد الحملة التالية.

القرار بتحرير المعلومات ونشرها لملايين المشاهدين في الولايات المتحدة وفي العالم هو لاجل نقل رسالة خاصة لقادة النظام في طهران، للحوثيين ولكل أعضاء المحور الشيعي الذين لا يزالون يعملون بالإرهاب: إسرائيل ستصل الى كل واحد منهم بشكل ابداعي، من المكان الذي لا يتوقعونه، وستقطع أيديهم في افضل  الأحوال وحياتهم في اسوأئها.

هجمة أجهزة البيجر هي احدى الحملات الأكثر ذكاء التي نفذها عالم الاستخبارات في اي مرة. في كل العالم ذهلوا من القدرة، الإبداعية والذكاء لحملة الموساد. يدور الحديث عن حملة استراتيجية، في ضغطة زر واحدة  نجح في تعطيل بين خُمس ورُبع القوة العسكرية لحزب الله. الهجمة كانت مركبة من سلسلة تفجيرات منسقة لالاف الاستدعاءات ومئات أجهزة الاتصال لنشطاء حزب الله في لبنان وفي سوريا.

الهجمات على أجهزة البيجر وأجهزة الاتصال وقعت في 17 – 18 أيلول من هذا العام وكانت خطوة البدء للمناورة البرية. العملية نفذها كما اسلفنا الموساد. في هذا الهجمة، ما لا يقل عن 59 شخصا قتلوا في لبنان وفي سوريا (منهم أربعة مدنيون) وأصيب نحو 4.500 منهم مئات بجراح خطيرة حتى ميؤوس منها. في اثناء الحملة كان عدد جيش حزب الله يبلغ اقل بقليل من 20 الف مخرب.

الحملة بدأت قبل عقد، عندما خططوا في الموساد تفخيخ أجهزة الاتصال لحزب الله. الاف أجهزة اتصال “ووكي توكي” فخخت بمادة متفجرة. لكن في الجيش الإسرائيلي فهموا بان تفعيل العبوات يمكنه أن يتم فقط في اثناء قتال قوي، حين تكون الأجهزة موضوعة في السترات القتالية على أجساد المخربين. رئيس الموساد دادي برنياع بحث عن سبيل للوصول واصابة اكبر كمية من المخربين، وليس فقط في ميدان المعركة بل وأيضا حين يكونوا يتجولون في الجينز وفي القمصان البيتية. عندها جاءت الفكرة لانتاج أجهزة بيجر توضع في حزام البنطال، وعند قراءة بلاغ مشفر تفعل في وقت واحد يقررونه في إسرائيل. هكذا في العام 2022 بدأت الوحدة الفنية في الموساد تنفذ الحملة.

هنا يمكن الإبحار في الخيال وفي الإبداعية لرجال الموساد. فقد اقاموا شركة فرعية للشركة التايوانية التي تنتج أجهزة البيجر ونجحوا في التغطية على من يقف من خلف شركتهم – أي رجال الموساد. انتاج أجهزة البيجر جرى في إسرائيل. البيجر الجديد كان الجهاز الأكبر، الاثقل والابشع الذي انتج في عالم البيجر. داخل الأجهزة أدخلت مادة متفجرة يفترض أن تعمل حين يصل بلاغ مشفر. لاجل قراءته على المستخدم ان يضغط باصبعين من اليدين على زرين. وعندها فقط يفتح مضمون البلاغ لقراءته.

كان هذا هو هدف رجال الموساد، في أن تكون الإصابة اشد وتخرج المستخدم بشكل كامل عن الأداء بعد الانفجار في كلتي اليدين على الأقل. معظم المصابين فقدوا بصرهم أيضا. بعضهم كما اسلفنا أصيبوا بجراح خطيرة وميؤوس منها وبضع عشرات قتلوا.

السؤال كان كيف نقنع منظمة إرهاب عملت كجيش بان تشتري بالذات الأجهزة البشعة، الثقيلة والكبيرة في السوق. الجواب بسيط – رجال الموساد، الذين اختصوا بالتسويق أيضا، عرضوا فضائل الجهاز: فهو الأكثر مصداقية ويمكنه أن يتلقى البلاغات حتى من تحت الماء – في اثناء العرض وضع الجهاز في حوض مليء بالماء. كما رووا بان هذا هو الجهاز الأقوى ولا يمكن تحطيمه حتى بضربات مطرقة.

عندما جاء رئيس الموساد ليعرض الجهاز على رئيس الوزراء قبل أن يحصل على إذنه بالحملة، شكك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بقوة الجهاز. نتنياهو سأل: اذا ما القى بالجهاز الى الحائط في المكتب بقوة، فهل الجهاز سيبقى كاملا ام سيتحطم؟ فاقترح عليه رئيس الموساد دادي برنياع ان يجرب ويرى. فالقى نتنياهو بالجهاز الى الحائط بقوة شديدة والنتيجة ثقب في الحائط في مكتب رئيس الوزراء. بالمناسبة هو موجود حتى اليوم، والبيجر في سلام. فهو حتى لم يتشقق، كما يقول العارفون.

قصة البيجر هي اكبر بكثير من هجمة تكتيكية. فقد خلقت فزعا في طهران، في بيروت، في دمشق وفي أماكن أخرى في الشرق الأوسط. خلق معادلة جديدة – عدو إسرائيل لا يعرف من اين، متى وكيف سيصاب. إسرائيل نقلت رسالة لكل العالم في هجمة البيجر. اليوم إسرائيل تؤكد الرسالة. وجدير جدا جدا سماع رجال الموساد الذين يروون بان حملة البيجر ليست الورقة الأخيرة في كمهم.

---------------------------------------------

هآرتس 23/12/2024

 

حماس توافق على تحرير 11 شاب في المرحلة الأولى من صفقة التبادل

 

 

بقلم: جاكي خوري

 

حماس وافقت على أن تشمل المرحلة الأولى في صفقة التبادل اطلاق سراح 11 رجل شاب شريطة إعطاء مقابلهم مقابل خاص. هذا ما نشر في قناة “الرد” المصرية. حسب التقرير فقد تم الاتفاق على اطلاق سراح في المرحلة الأولى 250 من السجناء الفلسطينيين، الذين حكم عليهم اكثر من عشرين سنة، وسجناء من المحكومين بالمؤبد، مقابل اطلاق سراح المخطوفين الذين ينتمون للفئة “الإنسانية” التي تشمل النساء، المرضى، كبار السن والقاصرين. ولكن حسب التقرير فان إسرائيل تطلب اطلاق سراح أيضا 11 رجل شاب كجزء من قائمة الـ 34 مخطوف، وأن حماس مستعدة لذلك مقابل بديل آخر.

مصدر فلسطيني مطلع على المفاوضات قال لـ “هآرتس” بأن طلب إسرائيل هو أن تطلق حماس سراح 11 مخطوف إضافة الى قائمة الـ 34 التي طلبتها في البداية. وحسب هذا المصدر فانه من بين الـ 11 مخطوف ابرا منغيستو وهشام السيد. في حين أن إسرائيل تعتبرهما مخطوفان يجب اطلاق سراحهما لاسباب إنسانية، ففي حماس يعتبرونهما رجال شباب في سن التجنيد. وأضاف المصدر بأن حماس ردت على طلب إسرائيل بطلب خاص، تغيير معايير اطلاق سراح السجناء الفلسطينيين وزيادة عددهم. في أوساط عائلات السجناء الفلسطينيين يزداد التقدير بأنه سيتم ابعادهم الى الخارج اذا تم اطلاق سراحهم، وأنه لن تكون لهم أي إمكانية لرفض التحرر بهذه الشروط.

سواء كان طلب إسرائيل هو اطلاق سراح 34 مخطوف أو 45 مخطوف، فربما أن العدد المذكور في التقارير المختلفة يشمل الجثث. لا يوجد لدى إسرائيل أي يقين حول عدد المخطوفين الاحياء، الامر الذي يصعب عليها وضع طلبات عالية لاطلاق سراحهم. في الطرف الإسرائيلي توجد تقديرات فيما يتعلق بحالة جزء من المخطوفين، وبخصوص البعض منهم لا يوجد لديها أي فكرة عنهم على الاطلاق. حسب مصادر مطلعة على تفاصيل المفاوضات فان المفاوضات بين الطرفين مستمرة طوال الوقت، حتى لو أن وتيرتها تباطأت في الفترة الأخيرة بسبب عيد الميلاد. مع ذلك، مصادر عبرت عن التفاؤل وقالت إن هناك احتمالية للتوصل الى تفاهمات قبل دخول دونالد ترامب الى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني القادم.

المصادر التي تحدثت مع قناة “الرد” قالت إن المفاوضات بين الطرفين تناولت أيضا قضايا أخرى متعلقة بالصفقة، مثل فتح معبر رفح، انسحاب الجيش الإسرائيلي من ممر نتساريم، الانسحاب بالتدريج من محور فيلادلفيا، وعودة النازحين الى شمال القطاع بدون شروط.

في يوم الخميس نشرت قناة “الرد” بأن المفاوضات دخلت الى المرحلة النهائية، التي تتناول ضمن أمور أخرى، الرقابة الدولية على تنفيذ الاتفاق. وحسب التقرير فقد بدأت مؤخرا تطورات سريعة في قضايا كانت خلافات حولها في السابق مثل تموضع قوات الجيش الإسرائيلي في مراحل الصفقة المختلفة وعودة النازحين.

الوزير دافيد امسالم، الذي يعتبر مراقب في الكابنت السياسي – الأمني قال صباح أمس بأنه “في هذه الفترة يجب إعطاء الأولوية لاعادة المخطوفين”. وفي مقابلة مع شبكة “ب” في “كان” قال امسالم بأن إسرائيل يمكنها الخروج من القطاع ومواصلة محاربة حماس، بما يشبه الطريقة التي يعمل فيها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية. “نحن لن ننهي هذه القصة في السنوات القريبة القادمة”، قال امسالم. “نحن نريد الوصول الى وضع امني بحيث اذا اردنا اعتقال اشخاص في غزة، نستطيع ارسال فصيل، الذي يمكنه اخراجهم ولا يحدث أي شيء للجنود فيه”.

الوزير امسالم تطرق أيضا الى إمكانية إقامة مستوطنات في القطاع. وقد قال إن هذا الموضوع غير مطروح على الاجندة. “الاستيطان اليهودي في غزة لن يعود، هذا غير موجود في الأوراق، ونحن لم نتحدث عن ذلك في أي وقت في الكابنت، ولا حتى في اليوم الأول للحرب”، قال وأضاف. “من يتحدث عن ذلك فهو وكأنه يتحدث في الهواء”.

مصدر فلسطيني قال أمس للصحيفة بأن إسرائيل وافقت على اطلاق سراح في اطار الصفقة 200 سجين محكوم عليهم بالمؤبد، ولكن الطرفين يختلفان حتى الآن حول هوياتهم. السجناء الذين سيتم اطلاق سراحهم سيبعدون من غزة ومن الضفة، ضمن أماكن أخرى الى تركيا وقطر. وحسب المصدر، هذا باستثناء السجناء الذين تم اطلاق سراحهم في صفقة شليط وتم اعتقالهم مرة أخرى، الذين تطالب حماس بعدم طردهم. في موازاة ذلك مصدر سياسي نفى أمس التقارير التي تقول بأن أحد السجناء الذين يتوقع اطلاق سراحهم هو الشخصية الرفيعة في حركة فتح، مروان البرغوثي، قائد المنظمة الارهابية التي تسمى “التنظيم”. البرغوثي يقضي عقوبة خمسة مؤبدات وأربعين سنة سجن بسبب المشاركة في عمليات قتل وتنفيذ عمليات ضد إسرائيل في الانتفاضة الثانية.

في حماس يخشون من أن إسرائيل ستوافق على صفقة تتكون من مراحل، وأنها ستعمل فقط على تنفيذ المرحلة الأولى، لذلك فانهم يطلبون ضمانات من اجل تنفيذ جميع مراحل الصفقة. رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، قال في نهاية الصحيفة لصحيفة “وول ستريت جورنال” بأنه لن يوافق على صفقة تبادل تنهي الحرب مع حماس. “أنا لن أوافق على انهاء الحرب قبل طرد حماس. لن نبقيها في الحكم في غزة”، قال نتنياهو.

رئيس المعسكر الرسمي بني غانتس، قال أمس بأنه “في الوقت الذي يعمل فيه أعضاء طاقم المفاوضات فان نتنياهو مرة أخرى يقوم بتخريبها”. في بيان في وسائل الاعلام قال غانتس “نحن نوجد في فترة حساسة. الحياة والموت حقا مرتبطان باللسان. وحسب اقوال نتنياهو فانه فقط قبل أسبوع، “كلمات تحدثنا اقل كان ذلك افضل”، ومثلما في بث معاد فان نتنياهو ركض الى وسائل الاعلام الأجنبية وتحدث كثيرا، ومرة أخرى “مصدر سياسي” يقوم بتقديم احاطة في نهاية الأسبوع”. غانتس توجه الى نتنياهو وقال: “لا يوجد لك تفويض باحباط مرة أخرى إعادة المخطوفين لاعتبارات سياسية. إعادة المخطوفين هي الامر الصحيح من ناحية إنسانية وأمنية ووطنية”.

عيناف تسانغاوكر، والدة متان الذي اختطف من بيته في نير عوز، قالت أمس إن اقوال نتنياهو هي “محاولة تخريب أخرى. رئيس الحكومة نفسه الذي بشكل متعمد لم يعمل على استبدال سلطة حماس، هو يستخدمها الآن كذريعة لاطالة الحرب والتخلي عن المخطوفين. نتنياهو يريد دفن متان في الانفاق”. تسانغاوكر أكدت على أن “انهاء الحرب في غزة وصفقة شاملة لاعادة جميع المخطوفين، هي مصلحة إسرائيلية. حماس هزمت وقيادتها تمت تصفيتها، ولا يوجد أي مبرر لاستمرار الحرب في غزة”.

---------------------------------------------

هآرتس 23/12/2024

 

المواجهة مع إسرائيل تساعد الحوثيين وتقلق دول الخليج

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

أمر جديد هبط في شهر تشرين الاول على سكان صنعاء، عاصمة اليمن، التي تخضع لسيطرة الحوثيين، ينص على أنه يجب على أصحاب قاعات الافراح التي يتم فيها اجراء احتفالات الزواج انهاء الاحتفالات حتى الثامنة مساء “كجزء من الحفاظ على مباديء الدين والأخلاق”. السلطات منعت أيضا استخدام مكبرات الصوت، ومن اجل منع سماع صوت الافراح في الشوارع تم حظر استئجار خدمات الـ دي.جي أو الفنانين واطلاق النار كتعبير عن الفرح. أيضا حظر تصوير العرائس.

هذه التعليمات لم تخرج الجمهور الى الشارع من اجل التظاهر ضد النظام الحوثي الذي سيطر على صنعاء في 2014. يوجد للازواج الشباب، الذين يخططون للزواج وأبناء عائلاتهم أمور تشغلهم اكثر بكثير. مثلا، تجنيد 3500 دولار من اجل دفع المهر أو دفع نفقات حفل الزواج، التي يمكن أن تصل الى اكثر من 1500 دولار. بعد ذلك تمويل اجرة الشقة أو بناء البيت الجديد. كل ذلك براتب متوسط يتراوح بين 180 – 250 دولار في الشهر، هذا اذا وجد. لأن اكثر من 700 ألف موظف عام، بما في ذلك المعلمين ومعلمات رياض الأطفال والمهندسين وعمال الخدمات والصيانة، يخدمون في كادر الحكومة المعترف بها في اليمن. ولكن من يعملون في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، لم يحصلوا على رواتبهم في السنوات الثمانية الأخيرة.

في هذا الشهر أعلن النظام الحوثي الذي يسيطر على 60 في المئة من سكان اليمن، الذين يبلغ عددهم 38 مليون نسمة، أنه ينوي ترتيب بشكل مؤقت دفع الرواتب. التمويل ستمنحه السعودية للحكومة المعترف بها في اليمن، حسب الاتفاق الثلاثي الذي وقع عليه بين الحوثيين والسعودية والحكومة. هذا الاتفاق أيضا يسمح للحكومة اليمنية بتصدير النفط من ميناء حضرموت، الذي تعرض مدة سنتين لهجمات الحوثيين وأدى الى فقدان مداخيل بمليارات الدولارات. “اتفاق الرواتب” هو انتصار مهم للحوثيين، لأن من شأنه أن يبعد على الأقل عامل واحد غير مرغوب فيه من بين العوامل التي تشكل التهديد بشكل دائم على النظام الحوثي.

إزاء هذه الترتيبات والتفاهمات التي يجريها النظام الحوثي يمكن التشكيك في مستوى تأثير هجمات إسرائيل على ميناء الحديدة وأهداف أخرى، وعلى قدرة النظام على مواصلة إدارة الحرب أو ردعه عن اطلاق الصواريخ والمسيرات على إسرائيل. الأهم من ذلك هو أنه رغم الصور المؤثرة التي تأتي من المواقع التي تضررت وانقطاع الكهرباء الذي يرافقها، فان مجال عمل إسرائيل في اليمن محدود.

هذا ليس بسبب غياب القدرة العسكرية. فعندما أصيب ميناء الحديدة لم يقتصر الضرر على مناطق الحوثيين والنظام الحوثي، بل أثر على كل الدولة، لأنه عبر هذا الميناء يدخل السلاح والمساعدات العسكرية من ايران، وأيضا تدخل المساعدات الإنسانية المخصصة لـ 70 في المئة من سكان الدولة، الذين يوجدون تحت خط الفقر. هذا أيضا كان السبب في أن الولايات المتحدة والأعضاء في التحالف العسكري الذي شكلته في الحرب الأحمر، امتنعوا دائما عن المس بالميناء.

استراتيجية رد أمريكا على تهديد الحوثيين ما زالت تعتمد على مبدأ “ردع وتقليص قدرة” الحوثيين، الامر الذي يعني عمليا المس بالقواعد العسكرية ومنصات اطلاق الصواريخ والمسيرات، لكن ليس بالبنى التحتية المدنية. إدارة بايدن كانت تطمح الى الدفع قدما بالمفاوضات السياسية بين شطري اليمن بيد، وباليد الأخرى اظهار قبضة قوية ضد إرهاب الحوثيين، ولكن بدون نجاح. يبدو أنه لا توجد لإسرائيل معضلة مشابهة، وتدمير البنى التحتية المدنية لا يشكل أي عائق امام اعتباراتها الاستراتيجية. ولكن اكثر مما في غزة وفي لبنان، والآن في سوريا، فانه مطلوب منها الاخذ في الحسبان، ليس فقط مصالح وسياسة أمريكا، بل أيضا مصالح السعودية واتحاد الامارات ومصر.

هذه الدول لم تنضم الى التحالف العسكري المناهض للحوثيين، الذي شكلته الولايات المتحدة رغم شل التجارة في البحر في المنطقة، والاضرار الكبيرة التي تسبب فيها الحوثيون باقتصاداتها. خوف هذه الدول الرئيسي هو استئناف الحوثيين لهجماتهم على اهداف اقتصادية حيوية، بالأساس على منشآت النفط كما فعلوا في العام 2019، التي أصيبت فيها منشآت النفط لشركة “أرامكو”.

هذه الهجمات جعلت أبو ظبي تنسحب من التحالف الذي شكلته السعودية في 2017، وأن تعزز علاقاتها مع ايران مقابل الهدوء من قبل الحوثيين. السعودية ما زالت تعتبر نفسها العراب لعملية السلام الداخلية في اليمن، التي تهدف ضمن أمور أخرى، الى تشكيل حكومة مشتركة في اليمن. مصر حاولت التفاوض مع الحوثيين من اجل تحرير الملاحة البحرية عن طريق قناة السويس ولكنها حتى الآن لم تنجح في ذلك. النتيجة هي أن إسرائيل في الحقيقة شريكة في التحالف العسكري في البحر الأحمر، لكن في اختيار اهداف هجماتها هي مقيدة بـ “خطوط حمراء” يتم املاءها من قبل دول المنطقة. ورغم توسيع نطاق الهجمات إلا أنه يبدو أنها حتى الآن مرتبطة بسياسة الإدارة الامريكية.

إن دخول ترامب الى البيت الأبيض لا يضمن أن القيود على الرد العسكري سيتم توسيعها. ترامب أيد في الواقع حرب السعودية في اليمن، وفي العام 2019 استخدم الفيتو ضد اقتراح قانون هدف الى تقليص بيع السلاح للسعودية بسبب الكارثة الإنسانية الشديدة التي سببتها الحرب في اليمن. ولكن ترامب كان الرئيس الذي قام بلي ذراع الرياض واجبرها على البدء في اجراء المفاوضات مع الحوثيين. وحتى أنه قال بأن “الحرب في اليمن لن تنتهي بقوة الذراع بل على طاولة المفاوضات”.

في هذه الاثناء فان التوق الى تدمير النظام الحوثي بواسطة المس بالبنى التحتية المدنية ومصادر مداخيله ما زال بعيد عن التحقق. ميناء الحديدة هو في الواقع مصدر دخل مهم للنظام، لكنه ليس المصدر الوحيد. فمعظم مداخيله يحصل عليها من سلسلة طويلة من الضرائب والرسوم والغرامات ودفعات المعشار الدينية وجباية الرسوم مقابل أي رخصة في كل مجال تصدرها الحكومة، بما في ذلك عقود الزواج، والسيطرة على العقارات وبيعها، والقروض البنكية مقابل فائدة مرتفعة، وفرض الجمارك على البضائع التي تأتي من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية المعترف بها، والجمارك على البضائع التي تخرج من اليمن الحوثية. أيضا رسوم تخزين النفط في مخازن ميناء الحديدة لصالح التجار الخاصين يعتبر مصدر للدخل.

النظام الحوثي أسس أيضا بنك مركزي منفصل عن بنك حكومة اليمين المعترف بها. وفي شهر نيسان الماضي بدأ في طباعة عملة جديدة استبدلت اوراق الـ 100 دينار القديمة، وهو يحافظ على سعر مستقر نسبيا للدولار مقابل الدينار بوسائل اصطناعية. ولكن سعر الدينار الجديد يبلغ نصف سعر الدينار في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. عندما أمرت حكومة اليمين البنوك التي تعمل في صنعاء بنقل مركز نشاطها الى عدن، هدد زعيم المتمردين، عبد الملك الحوثي، السعودية بالذات، واتهمها بأنها المسؤولة عن “الحرب الاقتصادية” التي تديرها حكومة عدن ضده.

الحوثي قال إن “الأمريكيين يدفعون النظام في السعودية الى أفعال غبية وعدوانية، التي لا نقبل بها. حقيقة أننا ننشغل في “معركة الدعم” لغزة (المفهوم الذي يرمز لوحدة الساحات)، لا تعني أنه لا يمكننا فعل أي شيء ضد افعالهم الهستيرية. نحن سنرد بشكل مشابه. موانيء ضد موانيء، مطارات ضد مطارات وبنوك ضد بنوك”. هذا التهديد أثمر، وحكومة اليمن تراجعت عن هذه التعليمات.

الحرب في البحر الأحمر تخدم بشكل جيد أيضا سياسة التقشف التي يفرضها الحوثي على مواطنيه، مثل التجند في الجيش والنضال الذي لا هوادة فيه ضد الأعداء السياسيين. صنعاء تعتبر في الواقع جزء من “حلقة النار” التي شكلتها ايران، لكن بقاء النظام يعتبر مصلحة عليا للمتمردين، والحرب الدائمة تخدمه. بناء على ذلك فانه لا يوجد أي تأكيد على أن الحرب في غزة ستتوقف. أيضا اذا طلبت ايران من الحوثي التوقف عن اطلاق النار في البحر الأحمر أو ضد إسرائيل فهو سيستجيب لذلك.

---------------------------------------------

يديعوت احرونوت 23/12/2024

 

النووي الإيراني: حرب الوعي ومعضلة الهجوم

 

 

بقلم: رون بن يشاي

 

البحث اليقظ في وسائل الاعلام الإسرائيلية والأمريكية بشأن هجوم على منشآت النووي في ايران وتوجيه ضربة أليمة الى الحوثيين في اليمن، هو مسألة حرب وعي أكثر منها نوايا ومخططات عملياتية ملموسة.

الإصابات المباشرة للصواريخ الباليستية التي اطلقت من اليمن، والتي لم تنجح منظومة الدفاع الجوي في اعتراضها أدت الى احباط شديد في أوساط محافل سياسية وأمنية في إسرائيل وفي واشنطن وأشعلت إوار البحث العلني هذا في مسألة هل يمكن الاكتفاء بضربات أليمة على الحوثيين لاجل ردعهم عن مهاجمة إسرائيل والملاحة الدولية ام في واقع الامر ينبغي ضرب الإيرانيين، اسياد الحوثيين ومن يزودهم بالصواريخ والمسيرات.

 

 بديل في صيغة كوريا الشمالية

 

ترتيبات للامور نعود الى التوقيع على اتفاق وقف النار في لبنان في نهاية تشرين الثاني وانهيار النظام السوري بعده فورا. هذان الحدثان اوقعا ضربة قاضية على “محور المقاومة الشيعية” بقيادة ايران، والتخوف الفوري الذي ثار هو أن تسارع ايران المحبطة الى الاقتحام نحو السلاح النووي.

أثارت هذه الامكانية قلقا شديدا في القدس وفي واشنطن لانه كان واضحا بان النظام الإيراني الذي فقد دفاعاته المتقدمة وطوق النار الذي حاول خلقه حيال إسرائيل سيبحث عن بديل مناسب في صيغة كوريا الشمالية. فقد اندفعت الأخيرة نحو السلاح النووي وهكذا اقتنت لنفسها حصانة من هجوم امريكي وكوري جنوبي.

لردع الإيرانيين عقدت محادثات احاطة أُلمح فيها صراحة بان الهجوم على منشآت النووي الإيرانية هو الان على جدول الاعمال، وذلك بعد أن هاجم سلاح الجو في نهاية أكتوبر وصفى العناصر الأساس لمنظومات مضادات الصواريخ الإيرانية وقدرة الإيرانيين على انتاج الوقود الصلب للصواريخ وتجديد مخزونات الصواريخ الباليستية المتناقصة لديهم.

الان، كما المحت المحافل الأمنية في إسرائيل وفي الولايات المتحدة لا يمكن لإيران عمليا ان تسمح لنفسها بالاندفاع نحو النووي لانها لن تنجح في التقدم كثيرا قبل أن تتعرض للهجوم من إسرائيل وربما أيضا من الولايات المتحدة.

هذا إضافة الى المصاعب الاقتصادية البارزة التي تعيشها ايران الان، ولا تقل أهمية عن ذلك حقيقة أنه وان كان لإيران ما يكفي من اليورانيوم المخصب لدرجة عالية يكفي لـ 4 – 5 قنابل نووية بالقوة التي دمرت هيروشيما ونجازاكي، لكنهم لم ينجحوا بعد في تطوير المتفجر كما لم ينجحوا في تصغير متفجر نووي ينتج من اليورانيوم المخصب برأس متفجر يركب على صاروخ باليستي يصل الى إسرائيل.

صحيح، من ناحية تخصيب اليورانيوم باتت ايران منذ الان دولة حافة نووية. لكن حسب وكالات الاستخبارات في إسرائيل وفي الولايات المتحدة فانها لا تزال على مسافة تتراوح بين عشرة اشهر وسنة ونصف عن القدرة لانتاج قنبلة.

هذا الوضع الذي يكون فيه لإيران منذ الان ما يكفي من اليورانيوم المخصب لاجل أن تنتج في غضون بضعة أسابيع أربعة رؤوس نووية، لكن ليس لديها العلم والتكنولوجيا والوسائل لانتاج رؤوس متفجرة نووية ينبغي تركيبها على صواريخ باليستية هو وضع يكون فيه هجوم على منشآت النووي عديم الجدوى. حتى لو قصفت إسرائيل، مع أمريكا او بدونها المنشآت النووي في نتناز وفي فوردو التي توجد عميقا تحت الأرض، فان اليورانيوم المخصب الذي اصبح بعض منه كرات معدن يورانيوم هي لباب القنبلة لم يعد يمكننا ان ندمرها. فهي مخبأة عميقا تحت الأرض، في مكان ما في ايران، ولاجل تدميرها هناك حاجة لاكثر بكثير.

بمعنى ان قدرة احباط تخصيب اليورانيوم قد فوتت منذ الان، بينما القدرة على تطوير جهاز متفجر نووي وتحويله الى راس متفجر نووي لصاروخ لا تزال ليست لديهم.

الجهاز الأساس الذي عملوا عليه في تطوير الجهاز المتفجر والرأس النووي، هكذا حسب منشورات اجنبية، هاجمته إسرائيل ودمرته في أكتوبر هذا العام. هكذا بحيث ان ما تبقى عمله الان هو محاولة ضرب عنصر آخر للبرنامج النووي الإيراني الا وهو الصواريخ الباليستية، المنصات ووسائل الإنتاج. لكن هذه موزعة على عشرات المواقع في ايران ولاجل مهاجمتها نحتاج الى طائرات وصواريخ كثيرة في الموجة الأولى، وعندها انهاء العمل على مدى أيام طويلة.

من يريد مثالا فليأخذ حملة “سهم البشان” الذي دمر فيه سلاح الجو الإسرائيلي السلاح الاستراتيجي، سلاح الجو والدفاع الجوي السوري. الضربة الأولى وان كانت تواصلت 72 ساعة، لكن بعدها كان سلاح الجو مطالبا بان يهاجم على مدى نحو عشرة أيام أهدافا أخرى وهو يهاجمها حتى اليوم في سوريا. ما سيحصل في ايران هو اننا سنضطر بعد الضربة الأولى بان نخوض حرب استنزاف على مسافات تتراوح بين 1600 و 2000 كيلو متر على مدى أيام طويلة، وفي كل حال سنضطر الى مساعدة الأمريكيين.

هكذا فان هجوما إسرائيليا على منشآت النووي الإيرانية ليس الخطوة التي يوصى بها حاليا أصحاب القرار في القدس ولا رجال جهاز الامن أيضا. لكن من الخير الكثير ان يعتقد الإيرانيون ان من شأننا بالذات أن نفعل هذا، وهذا ما يلجمهم عن بدء سباق سريع نحو القنبلة. التهديد الإسرائيلي المبطن بعملية في ايران يأتي أيضا لمساعدة الرئيس ترامب لتحقيق التسوية الدبلوماسية التي يريدها مع ايران.

لا يريد ترامب حربا في الشرق الأوسط. يريد اتفاقا نوويا جديدا وجيدا يحل محل الاتفاق النووي السيء برأيه الذي وقعه الرئيس أوباما في 2015. التهديد الإسرائيلي الذي يثير فزعا في طهران سيساعد فقط الرئيس المنتخب لتحقيق هدفه عندما سيدخل في 21 كانون الثاني الى البيت الأبيض. لا يريد حربا في الشرق الأوسط، لكنه يريد ايران ملجومة وضعيفة. سوطه هو العقوبات والتهديد الإسرائيلي، والجزرة التي يعرضها على الإيرانيين هي اتفاق نووي.

 

 يسيطرون على الناقلات والسفن

 

وماذا عن الحوثيين؟ أول ما ينبغي معرفته هو أن الحوثيين لا يقادون ولا يدارون من ايران. هم فقط يساعدونها ولهذا فان ضربة في ايران لن تغير شيئا من ناحية النظام الحوثي. الحوثيون يخوضوع حرب استنزاف ضد إسرائيل بالصواريخ والمُسيرات لان تأييدهم للقضية الفلسطينية يخلق لهم تأييدا داخليا في اليمن وفي العالم العربي بعامة ولانهم جد راضون عن المكانة الدولية التي اكتسبوها عندما أظهروا بانهم هم من يقررون اذا كانت ستكون ام لن تكون ملاحة تجارية في البحر الأحمر ومن هناك الى قناة السويس.

هذه المكانة لجهة عالمية قادرة على ان تشوش الاقتصاد العالمي اعجبت الحوثيين، وهم يحاولون الان دون صلة بايران ان يغيروا النظام العالمي أيضا، مثلما أشار رئيس الوزراء وعن حق. الإيرانيون يزودون الحوثيين بالصواريخ والمسيرات بالتهريب عبر البحر.

ان معالجة الحوثيين صعبة، واساسا بسبب المسافة الجغرافية وبسبب كمية المقدرات الاستخبارية التي يمكن لإسرائيل أن تكرسها لاجل الملاحقة وجمع اهداف جدية في اليمن. تحديات الاستخبارات والمسافة الجغرافية تصعب أيضا عملية ناجعة تعطل وسائل انتاج واطلاق الصواريخ والمسيرات.

مشكلة مركزية أخرى هي أن الحوثيين لا يردعون نتيجة ضرب بنى تحتية اقتصادية وسياسة لهم. فقد خاضوا حربا ضد السعودية والتحالف الذي ارتبط بها بين 2015 و 2019 وتركوا عشرات الالاف من مواطني بلادهم يموتون بالقصف والجوع.

لم يسمحوا لهذا ان يمنعهم من مواصلة القتال. هكذا بحيث أن ضرب اهداف وبنى تحتية مدنية لن يردع الحوثيين.

ما سيدفعهم بالفعل الى تغيير موقفهم، وهذا بالضبط ما حصل لحزب الله، أي قطع رأس القيادة الحوثية وتوجيه ضربة قاضية للصواريخ الباليستية، المُسيرات، المنصات ووسائل الإنتاج لديهم. لاجل ردع الحوثيين يتعين على إسرائيل أن تفعل لهم ما فعله الجيش والموساد للقيادة والسلاح الاستراتيجي لدى حزب الله في لبنان والأسد في سوريا.

بسبب المسافة الجغرافية وتحديات الاستخبارات لا يمكن لإسرائيل أن تفعل هذا لوحدها.

الجيش الإسرائيلي بحاجة الى شراكة كاملة من القيادة المركزية للجيش الأمريكي والاسطول الأمريكي الخامس في مثل هذه الحملة كونهم يتواجدون في الساحة في بحر العرب وفي البحر الأحمر، مع حاملات طائرات، بارجات صواريخ وغيرها.

إدارة بايدن امتنعت عن توجيه ضربة قوية لليمنيين خوفا من اشتعال حرب إقليمية. اكثر من هذا حذر البنتاغون البيت الأبيض من أن عدد صواريخ الاعتراض “آيجس” على السفن الحربية الامريكية آخذ في النفاد.

لهذه الأسباب تمتنع إدارة بايدت حتى أول امس عن توجيه ضربة قاضية لمخازن الصواريخ وقيادات الحوثيين. في إسرائيل يأملون في أن يغير دخول ترامب الى البيت الأبيض هذا الوضع، وان يزيل ترامب القيود التي فرضها البيت الأبيض الحالي على قيادة المنطقة الوسطى الامريكية في الهجمات في اليمن وانه بعد أن يدخل ترامب الى البيت الأبيض ستتفق الولايات المتحدة وإسرائيل على عمل مشترك يعيد الحوثيين الى حجومهم السابقة، ويمنعهم من أن يصبحوا جهة تخرق النظام والاقتصاد العالميين.

ترامب سيصبح رئيسا في ظروف باتت فيها الحرب الإقليمية ليست خيارا للايرانيين ولا لليمنيين. وهذا ما قصده رئيس الوزراء على ما يبدو عندما طلب من مواطني إسرائيل الصبر. وكان المقصود هو حتى يدخل ترامب الى البيت الأبيض، وعندها سيعالج الحوثيون كما ينبغي.

---------------------------------------------

 

 

هآرتس 23/12/2024

 

 

الكشف عن 3 تهم موجهة لسارة نتنياهو في فساد سياسي وأخلاقي: لتحاكم الآن

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

تحقيق برنامج “عوفدا” التلفزيوني في القناة 12 الأسبوع الماضي كشف جانباً مفزعاً مما درج على تسميته في إسرائيل “آلة السم”. تلقى سيفي عوفاديا قدرة على الوصول إلى هاتف لحيني بليدس، الرئيسة السابقة لمكتب نتنياهو، التي توفيت قبل نحو سنة ونصف، ورسم بمعونة البلاغات التي أرسلت من هاتف سارة نتنياهو، عمق العفن السياسي والأخلاقي الذي تغرق فيه إسرائيل تحت حكم نتنياهو.

من الصعب التقليل من خطورة المواد التي عنيت بها سارة نتنياهو والتي نفذتها بمعونة بليدس. ذروة السفالة سجلت حين طلبت المبادرة إلى مظاهرة ضد عائلة فركش التي سقط ابنها في حرب لبنان الثانية في 2006. كل هذا لأن “العائلة المقرفة”، على حد تعبير سارة نتنياهو، تجرأت على استضافة متظاهرين في بيتها ضد نتنياهو.

في ثلاث حالات على الأقل كانت أعمال سارة نتنياهو ليس فقط من مجال الأخلاق الفاسدة وانعدام الرحمة الإنسانية، بل عن حالات يثور فيها اشتباه بفعل جنائي بعمل سارة نتنياهو.

الحالة الأولى هي طلبها من بليدس تنغيص حياة الشاهدة المركزية في ملف 1000، الذي يتهم فيه زوجها نتنياهو بالغش وخيانة الأمانة بسبب تلقي خيرات متاع من رجل الأعمال أرنون ميلتشن و(جيمس باكر). فقد طلبت سارة أن يتظاهر نشطاء الليكود أمام بيت هداسا كلاين، المساعدة الشخصية السابقة لميلتشن التي قدمت تفاصيل كثيرة عن حجم الهدايا التي نقلت إلى الزوجين نتنياهو. التحرش بشاهد يعد مخالفة جنائية واضحة. إضافة إلى ذلك، أمرت سارة نتنياهو بليدس بتنظيم مظاهرات أمام بيت المدعية العامة في محاكمة نتنياهو ليئات بن آري، وهذا ما كان بالفعل.

إن شبكة العلاقات التي أقامتها سارة نتنياهو مع المفتش العام للشرطة اليوم، داني ليفي، مفزعة على نحو خاص. يتبين أن سارة كانت ترغب في تحسين مكانته لأنه أبدى موقفاً متشدداً تجاه المحتجين ضد نتنياهو. زوجة رئيس الوزراء طلبت أن ترسل إلى وزير الأمن الداخلي في حينه، أمير أوحنا، رسالة أن “مثل هؤلاء الأشخاص نحتاجهم، فهو لا يرى بعينه”. وليفي بالفعل تسلق إلى أعلى السلم الشرطي، إلى أن وصل إلى منصبه الحالي كمفتش عام.

في دولة سليمة النظام، كان تحقيق “عوفدا” سيشكل أساساً متيناً لتحقيق شرطي سريع وناجع ضد سارة نتنياهو. لكن ما تبين الآن أن شرطة إسرائيل نفسها أفسدت على أيدي سارة نتنياهو إياها.

المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهرب ميارا، تحت كماشة ضغوط هائلة القوة تمارسها آلة السم. رغم هذا، عليها ألا تمر مرور الكرام على الكشف في برنامج عوفدا. على المستشارة أن تأمر بفتح تحقيق جنائي ضد سارة نتنياهو، قبل لحظة من تحول دولة إسرائيل رسمياً إلى جمهورية موز.

---------------------------------------------

هآرتس 23/12/2024

 

“الجيش الأكثر أخلاقية في العالم”: نخفي الجريمة عن اليهود خوفاً على مشاعرهم

 

 

بقلم: موتي بيري وأريئيل روبنشتاين

 

نتفاخر بابتكار شيء جديد لم يكتب بالفعل. ولكن سيأتي اليوم الذي سيسأل فيه أحفادنا ما الذي كنا نفكر فيه في هذه الفترة المظلمة، وأننا بحثنا عن طريقة للتعبير عن أفكارنا في هذه الأيام من الفوضى والحرج وتشويش الأفكار، ليس لأننا كنا هناك وليس استناداً إلى دلائل يمكن عرضها في إجراء قضائي جنائي. نحن نعرف أن أخباراً وشائعات وأدلة تتداول حتى لو كان بعضها غير صحيح أو غير دقيق.

العالم المزيف الذي نعيش فيه صور وأفلام وصور جوية وشهادات جنود في الجيش الإسرائيلي. وثمة نوايا يتم التعبير عنها بتصريحات الانتقام لمتحدثين رسميين في دولة إسرائيل. هناك سياسيون يعلنون بأنه “يمكن احتلال غزة وتخفيف عدد سكانها إلى النصف خلال سنتين”. وهناك أجواء عنف في الشوارع مثلما في قصيدة “من يكرهك، ليمت”. ولا يوجد قانون أو قاض. بعد 14 شهراً على القتال، لم يتم تقديم أي أحد للمحاكمة بسبب مشاركته في أعمال محظور القيام بها. في بداية الحرب، عرض الجيش الإسرائيلي بتفاخر صوراً لرجال حماس الذين تم اعتقالهم بشكل جماعي. مع اشتداد القتال وسقوط زعماء حماس، كان يمكن توقع أن الاستسلام سيزيد، وأن عشرات آلاف رجال حماس، الجنود ومن يعملون في جهاز السلطة في القطاع، سيملأون معسكرات الاعتقال الجماعية. أين هذه المعسكرات؟ كم هو عدد رجال حماس الموجودين في منشآت الاعتقال؟ لا نعرف. في الحرب مصابون أيضاً. أين يتم علاج مصابي حماس – في مستشفيات غزة التي انهارت؟ في مستشفيات إسرائيل؟ في المستشفيات الميدانية التي أقامها “الصليب الأحمر”؟ لا نعرف.

عندما يكون الأمر مريحاً لإسرائيل، تعتاد على إدخال المراسلين الشجعان إلى ساحات القتال، الذين يعرضون حياتهم للخطر من أجل التحدث من الميدان. كم هو عدد المراسلين الأجانب والإسرائيليين الذين حصلوا على تصريح لتوثيق فظائع الحرب ومعاناة السكان في القطاع؟ لماذا لا تتفاخر إسرائيل بالجيش الأكثر أخلاقية في العالم والذي يثبت بأنه يمكن تحطيم حماس والتصرف بإنسانية مع مليوني شخص غير مقاتل؟ لا نعرف. معسكرات الاعتقال لرجال حماس لا تخضع للرقابة. لماذا لا يطلب من قضاة المحكمة العليا وممثلي المنظمات الإنسانية ومحبي الشعوب في العالم، زيارة منشآت الاعتقال والتأكد من أن المعتقلين محتجزون في ظروف إنسانية؟ لا نعرف.

تتفاخر إسرائيل بأنها تسمح -سخاء منها- بتوفير الغذاء والماء لسكان القطاع. عدد شاحنات المواد الغذائية من الأمور الغامضة: إلى أين تصل الشاحنات؟ من الذي يوزع المواد الغذائية؟ ما كمية المياه والمواد الغذائية المتاحة في نهاية المطاف لسكان القطاع – الأطفال، النساء، المرضى وكبار السن والبؤساء الآخرين الذين عملوا ذات يوم في المصانع والحقول لدينا؟ لا نعرف.

هناك من هم على قناعة بأن تسوية غزة وبناتها ستجعل الفلسطينيين يتنازلون عن طموحاتهم الوطنية. هل هذا صحيح؟ نحن نعرف شعباً واحداً، كان فقدان ثلث أبنائه لم يغير شيئاً سوى أنه عزز طموحاته الوطنية. نعرف شعباً جاراً، أقل اختياراً من قبل الله، حصل على ضربة تلو أخرى، وهو ما زال يقسي قلبه. قتل في غزة كما يبدو واحد من بين كل 40 شخصاً. وتم تهجير 90 في المئة من السكان من بيوتهم. وها هم كبار السن في غزة لا يستسلمون ولا يتوسلون لوزيرة الاستيطان في “غوش نتساريم” المتجدد. ألا يولد الثأر ثأراً؟

نخاف من المستقبل. الأمور فظيعة – تظهر في نهاية المطاف. سيقف أمامنا في السنوات القادمة من يحطمون الصمت. واحد سيترك رسالة انتحار، وآخر سينزل القبعة والأهداب، وواحد سيكتب “خربة خزعة”. في نهاية المطاف، فإن ما لا نعرفه سيظهر. وسيضاف إلى الجريمة ذنب الإخفاء.

“نكبة 2” تحدث في قطاع غزة. بدون أن يشتكي أحد أو يتذمر، يتم إخلاء مليوني مواطن من بيوتهم. جزء من الجمهور يتخيل أحلاماً مسيحانية عن إسرائيل يهودية “من البحر إلى النهر” (وبعده). الدولة تضيق مجال العيش أمام الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية بشكل ممنهج. في الأستوديوهات وعلى الشاشات ينظرون إلى الفلسطينيين كأنهم حيوانات تمشي.

“نكبة 3” تقرع الباب. كلانا ولد هنا. نحن موجودون هنا بإرادتنا. لم يخطر ببالنا ذات يوم الهجرة من هنا. ونحن على ثقة بأننا سنموت هنا أيضاً. “نكبة 3” لن تكون كارثة للفلسطينيين فحسب، بل نهاية النهاية لدولة إسرائيل التي نريد أن نرى الأجيال القادمة تعيش فيها.

الأحداث في الشرق الأوسط منذ مذبحة 7 أكتوبر توصف كتأثير الفراشة. نتنبأ بتأثير الغوريلا. الغوريلا تقف أمامنا وتلوح بأيديها وتحاول لفت الانتباه. ورغم كل شيء، فإن حيل العقل وتضليله وملذات الحياة تجعلنا لا نراها. ولكن الغوريلا باقية، وتهدد بتشويه التاريخ اليهودي إلى الأبد.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق