الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 20/12/2024 العدد 1188
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
هآرتس 20/12/2024
الولايات المتحدة تأمل أن يصعب على نتنياهو التراجع عن الصفقة بعد المرحلة الأولى
بقلم: عاموس هرئيلِ
الفترة الأخيرة تميزت بموجة نشاطات محدثة حول الجهود لبلورة صفقة لاطلاق سراح المخطوفين بين إسرائيل وحماس. الادارتان في أمريكا، التاركة والجديدة، تضع الآن كل ثقلها من اجل فرض على الطرفين اتفاق قبل تبادل السلطة، بعد شهر بالضبط. هذا الفيلم شاهدناه عدة مرات في السنوات الأخيرة، لكن في هذه المرة يعدون بأن النهاية ستكون مختلفة، متفائلة اكثر.
عقب اخيل في الصفقة التي تلوح في الأفق يكمن في نية صائغيها بتقسيمها الى نبضتين. الولايات المتحدة ودول الوساطة، مصر وقطر، تؤمن بأنها ستنجح في دفع إسرائيل الى نوع من الشعب المرجانية. فمنذ اللحظة التي سيبدأ فيها تطبيق المرحلة الأولى، سيصعب على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الانسحاب من الاتفاق. تفجير الصفقة في الفترة الانتقالية بين المرحلتين سيؤدي الى استئناف الحرب وإبقاء المخطوفين المتبقين في الاسر في قطاع غزة. والحكومة لن تتمكن من الصمود امام الضغط الذي سيستخدم عليها، سواء من الخارج أو من داخل المجتمع الإسرائيلي.
لكن الخوف، الذي بدأت عائلات المخطوفين تعبر عنه بشكل علني وبقوة متزايدة، هو أنه في نهاية المطاف لن تتحقق صفقة كاملة. فحسب العائلات المفاوضات بين إسرائيل وحماس ستنفجر في مرحلة الانتقال بين النبضتين بسبب الصعوبة التي ستجدها إسرائيل في تلبية الطلبات المبالغ فيها لحماس. في هذا السيناريو فان المخطوفين الرجال، الجنود والمدنيين الشباب، سيبقون في القطاع، في حين أن الجيش الإسرائيلي سيستأنف القتال وعمليات القصف. عشرات المخطوفين ماتوا منذ انهيار الصفقة الأولى في 1 كانون الأول السنة الماضية. بعضهم بقصف لإسرائيل بالخطأ وبعضهم بسبب المرض وبعضهم بسبب قتلهم بدم بارد على يد آسريهم من حماس. مصير مشابه يمكن أن يكون للمخطوفين الذين لم يتم تحريرهم في النبضة الأولى من بين النبضتين المخطط لهما.
التقدير بأن المفاوضات يتوقع أن تفشل في الجزء الثاني يكمن في ادراك اعتبارات الطرفين. الموضوع الحاسم بالنسبة لحماس هو انهاء الحرب وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي بالكامل من القطاع. من اجل التوصل الى هذا الهدف وإزاء الوضع البائس الحالي الذي أوصلت قيادة حماس نفسها اليه، فان من تبقى منها سيوافقون كما يبدو على التنازل في النبضة الأولى. حماس ستسلم بوجود عسكري إسرائيلي جزئي في القطاع طوال فترة تنفيذ الاتفاق، التي خلالها سيتم اطلاق سراح النساء، المرضى والمسنين، مقابل بضع مئات من السجناء الفلسطينيين. ولكن نتنياهو، وبالتأكيد شركائه في الجناح اليميني المتطرف في الحكومة، لا يريد انهاء الحرب، وهو أيضا سيجد صعوبة في دفع الثمن المرتفع الذي ستطلبه حماس مقابل اطلاق سراح الجنود والمدنيين الباقين (إضافة الى إعادة جثث المخطوفين). في هذه الظروف يتوقع فشل المفاوضات واستئناف الحرب. بالنسبة لعائلات المخطوفين الباقين، بشكل خاص هذه ستكون كارثة.
في الأسابيع الأخيرة حدثت وراء الكواليس تغييرات مهمة في تشكيلة وأسلوب عمل هيئة النضال من اجل تحرير المخطوفين. بعض المستشارين الاستراتيجيين الذين لعبوا دور رئيس في النضال وساروا في خط متشدد تجاه نتنياهو وحكومته، تركوا وظائفهم. العائلات تتصرف الآن في عدد من قنوات العمل الموازية، والى جانب تنظيم المظاهرات وخطوات احتجاج أخرى، تحاول استخدام تاثيرها أيضا على نشطاء يمين، وحتى يمين متطرف، في محاولة لتخفيف المعارضة للصفقة (مع المعرفة بأن الجزء الأصعب هو تطبيق النبضة الثانية).
التفكير هو أن اليسار والوسط، وحتى الأحزاب الحريدية، ستؤيد أصلا تمرير كل صفقة يصادق عليها نتنياهو. الصعوبة تكمن في تخفيف المعارضة من اليمين بهدف ضمان اكبر قدر من التأييد. ليس سرا أن رئيس الحكومة يعتمد بقائه السياسي على شركائه في اليمين، وأن معارضتهم لتقديم التنازلات في السنة الأخيرة كانت اللغم الأساسي في الطريق الى الصفقة. بعض هذه الجهود وجدت التعبير في تطبيق خطوات علنية. هكذا، نشرت رسائل لحاخامات الصهيونية الدينية (المعسكر وليس القائمة) عبرت عن التأييد المبدئي لتحرير المخطوفين بواسطة صفقة، وتم تنظيم زيارات لحاخامات ومراسلين من اليمين في كيبوتسات غلاف غزة. مع ذلك، معظم عائلات المخطوفين تأتي من كيبوتسات الغلاف ومن معسكر أيديولوجي بعيد جدا عن اليمين، وهي تجد صعوبة في اجراء حوار مفتوح مع أعضاء الكنيست وحاخامات الصهيونية الدينية. لذلك فان هذه الخطوات تتركز في عدد قليل نسبيا من النشطاء.
ادعاء هؤلاء النشطاء هو أن اليمين العميق، أحزاب الصهيونية الدينية وقوة يهودية وبعض أعضاء الكنيست في الليكود، مصمم على العودة الى القتال بعد النبضة الأولى، ليس بسبب الرغبة في إعادة الاستيطان الى القطاع، بل بالأساس لأنه حسب رؤيته لم تتحقق حتى الآن كل الإنجازات الجوهرية المطلوبة في الحرب. هذه رؤية “النصر المطلق” التي يوجد خلفها أيضا تفكير واهداف، لكن يتم تسويقها من قبل نتنياهو بدون تفصيل وتفسيرات حقيقية. على الاغلب يتم تكرارها من قبل مؤيديه بدون أي نقاش حقيقي. في الخلفية توجد رغبة في أن يتم اصلاح في القطاع ما يعتبره اليمين ظلم تاريخي – اتفاق أوسلو، الانفصال وصفقة شليط، التي ليس فقط حررت 1027 مخرب، بل اعادت الى القطاع يحيى السنوار الذي فكر في وقاد المذبحة في 7 أكتوبر السنة الماضية.
اليمين يعمل أيضا من خلال الشعور بأن الخطوات الحاسمة التي قامت فيها إسرائيل في غزة ستمنع أي خطر جديد من هناك، وهكذا فهي ستضمن الامن لفترة طويلة. في حين أن اهداف الحرب في القطاع كما تحددت في الجيش الإسرائيلي تتحدث عن “منع التهديد لفترة طويلة” فانهم في اليمين يطالبون بضمان الامن لعقود قادمة. هذا الطلب يترسخ أيضا في شعور التضحية في أوساط الجمهور الديني – الوطني. مئات عائلات قتلى الجيش الإسرائيلي في الحرب الحالية (من بين الـ 800 جندي الذين قتلوا) أعضاء في “منتدى البطولة” الذي يعلن عن اهداف مشابهة، وفي معظمه جاء من التيارات الدينية. في حين أن المستوطنين بالأساس يعتبرون انفسهم مجموعة تتعرض للخطر نتيجة اطلاق سراح مخربين في المستقبل بواسطة صفقة. لأن جزء كبير من نشاطات التنظيمات الإرهابية يحدث في الضفة الغربية.
حسب نفس خط التفكير فان اليمين سيرفض الموافقة على وضع فيه الحرب ستنتهي بدون هزيمة حماس، أو حتى من خلال وعد تلميحي لاستئناف القتال، بعد العثور على ذريعة مناسبة. اليمين أيضا لن يكتفي بالتركيز الوطني على الاستعداد لمهاجمة المنشآت النووية في ايران، بل سيطلب مواصلة القتال في الجبهتين. في المقابل، رغم الضجة التي تثيرها دانييلا فايس وامثالها، إلا أنه سيكون بالإمكان كبح تحقيق هذه التطلعات الاستيطانية، مع الحصول على اغلبية اكبر لتأييد الصفقة.
لذلك، ادعاء عدد من النشطاء في القيادة هو أنه يجب السعي الى عقد الصفقة التي تأخذ في الحسبان الخطوط الحمراء لليمين العميق. وهذه تشمل إعادة جميع المخطوفين كشرط للانسحاب شبه الكامل من القطاع؛ انشاء محيط صارم على حدود القطاع داخل الأراضي الفلسطينية، وأي دخول اليه سيتم الرد عليه باطلاق النار؛ إيجاد فصل كامل بين القطاع ومصر (بواسطة اغلاق تكنولوجي كامل لمحور فيلادلفيا، بدون تواجد إسرائيلي مادي، وإقامة معبر حدودي تحت سيطرة إسرائيل في كرم أبو سالم)؛ منع اشراك حماس والسلطة الفلسطينية أو مبعوثيهم في الإدارة المستقبلية في القطاع؛ التصميم على أن المخربين الذين سيتم اطلاق سراحهم في الصفقة لن يعودوا الى الضفة الغربية أو شرقي القدس، بل سيتم طردهم الى القطاع أو الى الخارج. تطبيق هذه الأهداف مرهون بخطوات أخرى من ناحية إسرائيل، التي ستتأثر أيضا بتسلم ترامب لمنصبه في الولايات المتحدة. هذا يحتاج الى تنسيق كبير مع الأمريكيين، ونشاط إسرائيلي مبادر اليه وحازم اكثر في القطاع وفي الخارج، وبلورة اقتراح آخر في المفاوضات.
هذه الأفكار بعيدة المدى وتحتاج الى نظرة مختلفة كليا على المفاوضات حول الصفقة. بنظرة أولية يمكن إيجاد فيها نقاط ضعف مركزية بدون التعمق في جوهر الخطوط الحمراء التي رسمت. أولا، كل النقاش يتناول الآن الصفقة بالطريقة التي يقترحها الامريكيون، أي نبضتين، الثانية منها كما يبدو لن يتم تنفيذها. وربما أن هذه سيتم الاتفاق عليها قريبا. ثانيا، حتى لو تم تطبيق الخطوط الحمراء فمن غير الواضح من الذي سيوافق في اليمين العميق في نهاية المطاف عليها، وما اذا كان سيقرر في النهاية الجناح الذي يعارض تقديم تنازلات.
رغم التعاطف الإنساني الكبير في أجزاء من الجمهور الديني الوطني، مع انهاء مأساة المخطوفين، إلا أن القيادة تعمل بشكل مختلف. فالوزير سموتريتش انحرف عن ذلك للحظة بصورة تستحق التقدير، عندما وافق على تأييد صفقة المخطوفين الأولى. فهل سيتصرف هكذا في الصفقة القادمة، حيث تهديد نسبة الحسم في الانتخابات القادمة يحلق فوق رأسه؟ أول أمس صرح بشكل متشدد ضد الصفقة الجديدة التي تلوح في الأفق.
---------------------------------------------
إسرائيل اليوم 20/12/2024
مطلوب استعداد عملياتي مختلف
بقلم: العميد تسفيكا حايموفيتش
يحتمل أن نكون نشهد تبادل أدوار تجريه ايران بعد ان فقدت لاعبيها في الساحة القريبة، حزب الله وحماس وتدخل بدلا منهما الى الخط الأول الحوثيين في اليمن والميليشيات الشيعية في العراق.
في الحرب متعددة الساحات التي تخوضها إسرائيل منذ اكثر من 14 شهرا تحطمت الكثير من الحدود، وبينها لأول مرة مواجهة موازية مع 7 ساحات قتال، مواجهة مباشرة مع ايران واطلاق نار من المسافة الابعد نحو إسرائيل (اليمن نحو 2000 كيلو متر). في محاولة لاغلاق قسم من ساحات القتال (لبنان)، لاستغلال واقع محلي في ساحة أخرى (سوريا) ومحاولة العمل على انهاء قتال واعادة 100 من اناسنا المحتجزين لدى حماس (غزة) بقينا مع ساحتين بعيدتين: الحوثيين في اليمن والميليشيات الشيعية في العراق. هاتان الساحتان تتحديان إسرائيل بشكل دائم، ومرة كل بضعة أيام نشهد اطلاق صاروخ ارض بعيد المدى من اليمن، مثلما حصل قبل بضعة أيام وامس أيضا. بشكل متواتر اكثر يتم اطلاق مُسيرات كل بضعة أيام من الشرق ومن الجنوب أيضا.
درء للخطأ غزة والموضوع الفلسطيني لم يكونا ابدا في رأس اهتمام الحوثيين من اليمن. الالتزام والدافع لاعمالهم ضد اسرئيل يأتيان مباشرة من ايران. على خلفية النظام الجديد في الشرق الأوسط فهمت ايران بانها فقدت اثنين من لاعبيها المركزيين حزب الله في لبنان وحماس في غزة، واليهما يمكن أن يضاف فقدان القبضة في سوريا، التي كان عنصرا هاما في المفهوم الاستراتيجي الإيراني. يحتمل أن نكون نشهد في هذه الأيام تبادل للادوار وتبلور مفهوم جديد، بموجبة الساحات الابعد من اليمن ومن العراق هي التي ستحقق رؤيا “الطوق الناري الجديد لإيران ضد إسرائيل.
مفهوم الوكلاء البعيدين سيستوجب من إسرائيل الاستعداد والرد من نوع آخر. سلاح الجو هو ذراع فتاك، بعيد ودقيق قادر على أن يضرب ويهاجم كل نقطة في الشرق الأوسط، والسنة الأخيرة أثبتت هذا اكثر من مرة. صحيح ان هذه لم تكن العملية الأولى لإسرائيل في اليمن ولا لقوات التحالف برئاسة الولايات المتحدة وبريطانيا ضد اهداف الحوثيين في اليمن، لكني اخاطر وأقول بانها هي أيضا لن تردع الحوثيين. في الهجمات المتكررة مع فوارق زمنية كهذه او تلك إسرائيل لن تغير الواقع. فالهجوم على مسافة 2000 كيلو متر عن إسرائيل هو عملية مختلفة جوهريا عن هجوم بمسافة 100 أو 200 كيلو متر عن الحدود.
دولة إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها بتطبيع عادة اطلاق الصواريخ بعيدة المدى بوزن مئات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة الى جانب المسيرات التي تجر ادخال مئات الاف المواطنين الى الملاجيء. هذا واقع لا يطاق لا يمكن لاي دولة سليمة أن تسمح لنفسها به. العنوان والجواب يمران عبر ايران، ولهذه مصالح بحذ ذاتها. طالما يوفر وكلاؤها الجدد البضاعة، معقول الا نرى تغييرا هاما، وحتى عندما يأتي مثل هذا التغيير (في عهد ترامب) فان الواقع سيستوجب من إسرائيل تعديل مفهوم الدفاع عن الحدود والساحات البعيدة ستبقى معنا لزمن طويل، وتستوجب استعدادا وجوابا عملياتيا وامنيا يختلف عن ذاك الذي اعتدنا عليه قبل اكتوبر 2023.
---------------------------------------------
معاريف 20/12/2024
الجولاني عالق بين تركية والجهاديين غير المتحمسين لخطه المعتدل
بقلم: ألون بن دافيد
موجة التفجير التي بدأت بانهيار حزب الله والمحور الشيعي لم تنهي بعد تصميم المنطقة. الالواح التكتونية للشرق الأوسط لا تزال في حركة، وسقوط الأسد الذي اعتبر تطورا مباركا، كفيل بان يتبين كتهديد جديد. وبينما تتصمم المنطقة – يجد الجيش الإسرائيلي نفسه يجتذب الى بقاء طويل في ثلاث مناطق: غزة، لبنان وسوريا.
زعيم سوريا الجديد، احمد الشرع الملقب “أبو محمد الجولاني”، بدل بزة الإرهابي ببدلة ويبث خطا رسميا ومعتدلا اكثر. هو يقول ويفعل كل الأمور الصحيحة: يمنع اعمال ثأر واسعة، يحاول توحيد كل الطوائف والفصائل تحت قيادته وتأسيس نظام وطني وليس متطرفا – دينيا.
من اللحظة التي استولى فيها على الحكم في دمشق يحرص على أن يلتقي مع كل مراكز القوة في سوريا في محاولة لاعادة تأسيس الوطنية السورية التي تتجاوز الأديان. كخريج الحرب في العراق – لا يعتزم تفكيك جيش الأسد بل الإبقاء عليه كاطار وطني وغرس جيشه في داخله، الذي بات يعد منذ الان 100 الف رجل. ومثلما يميل لفعله الأباء المؤسسون للامة، يمتنع عن تعيين وزير خارجية ووزير دفاع تحته ويبقي في يديه هذين المنصبين.
بينما تواصل إسرائيل التدمير المنهاجي للوسائل القتالية الاستراتيجية المتبقية في سوريا، امر الجولاني بفرض حراسة على مخازن السلاح كي لا تقع في ايدي ميليشيات مستقلة. سلاح جونا حقق نتائج طيبة في تدمير سلاح الجو السوري ومنظومات الدفاع الجوي، وتوجد مسألة كم نجح في ضرب صواريخ أرض أرض السورية التي توجد في معظمها في انفاق تحت أرضية. كما توجد علامة استفهام كبيرة على ماذا وكم تبقى من مخزونات السلاح الكيماوي للاسد. لكن بينما هو يبث خطا رسميا، صور رجاله هذا الأسبوع وهم يتجولون في شوارع دمشق ويصفعون كل من شوهد يدخن سجائر (المحظورة حسب اسلام داعش). من كل ارجاء سوريا تأتي أيضا صور محاكمات ميدانية واعدامات يقوم بها رجاله، وسيكون هذا التحدي الأكبر له: معظم مؤيديه هم جهاديون، رجال داعش وهم لا يحبون خطه المعتدل.
الصحيفة الناطقة بلسان داعش توجت الجولاني منذ الان كمن خان طريق الجهاد – التهديد الأكبر عليه في هذه اللحظة هو من رجاله. اذا ما اعتبروه كمعتدل اكثر مما ينبغي – فان ولايته كزعيم سوريا كفيلة بان تقصر.
قطر هنا أيضا
من يقف الى جانب الجولاني هم الاسياد الدائمين لحركة الاخوان المسلمين ومن الان فصاعدا هم أيضا الاسياد الجدد لسوريا: تركيا وقطر. القمة الدولية الأولى التي عقدها كانت مع وزير الخارجية التركي ورئيسي المخابرات التركي والقطري. الجولاني يتخذ صورة من يقبل طواعية إمرة تركيا، التي لم تتخلى ابدا عن حلمها الامبريالي. وبينما النفوذ الإيراني يتقلص، تعتزم تركيا الدخول الى كل مكان يبقي الإيرانيون فيه فراغا. واذا بقي الجولاني يحتمل ان تكون لنا قريبا لأول مرة حدود مشتركة مع الاتراك في شكل دولة مرعية يقيمونها في سوريا. فضلا عن التهديدات الداخلية على النظام الجديد في سوريا، من بين رجاله، فان نقطة الاحتكاك التي ينبغي أن تعني إسرائيل هي الاكراد في شمال شرق سوريا، المدعويين من الولايات المتحدة ممن نجحوا في الإبقاء على حكم ذاتي في معظم سنوات الحرب الاهلية. اذا حقق الرئيس التركي رجب طيب اردوغان تهديداته وشن ضدهم أيضا حرب إبادة – فان هذا سيضعه في مسار صدام مع الولايات المتحدة، وكفيل بان يشعل مواجهات في أجزاء أخرى في سوريا.
الروس، رغم صور اخلاء مواقع عسكرية من سوريا، لن يسارعوا للتنازل عن موطيء قدمهم في المياه الدافئة للبحر المتوسط. فقد أجلوا مقدرات اسطولهم وقسم هام من بطاريات الدفاع الجوي لكن سوريا لن تتنازل بسهولة عن المعقل الشرق الاوسطي لها والذي يشكل خشبة قفز لكل الاعمال الروسية في افريقيا. من الصعب أن نرى كيف ستطردهم تركيا والجولاني. وهم على ما يبدو سيبقون في المجال.
ان الدخول الإسرائيلي الى المنطقة العازلة في الجولان وما ورائها أيضا كان خطوة دفاعية واجبة ووفرت منذ الان أيضا فرصة الصورة الواجبة لرئيس الوزراء. فضلا عن دخول القوات، تسعى إسرائيل لان تخلق حوارا مع أبناء القرى المجاورة، السُنية والدرزية، ممن ليسوا بالضرورة يتماثلون مع طريق هيئة تحرير الشام، الحاكم الجديد في دمشق.
رجال الجولاني لا يسارعون الى النزول للانتشار في الجنوب خوفا من المواجهة مع المحليين ومع إسرائيل. بدلا من هذا، دعا الجولاني الى الحوار زعيم السُنة في حوران، احمد عودة، الجهادي في الأصل الذي انضم الى جيش الأسد كقائد لواء ونزع الان مرة أخرى بزته واصبح ثائرا. امام إسرائيل لا تقف في هذه اللحظة قوات هيئة تحرير الشام في جبهة الجولان.
توجد لنا إشارة من جنين
بغياب احد آخر يأخذ المسؤولية، يبدأ الجيش الإسرائيلي بالاستعداد لبقاء طويل على الأرض، وهذا كفيل بان يؤدي بنا الى مواجهة غير واجبة مع الجيران الجدد. قواتنا الامبريالية بدأت تقع في حب أجزاء البلاد الجديدة، وقبل لحظة من عثورهم هناك على بقايا كنيس عتيق يجدر بنا أن نقرر اذا كان ينبغي لنا ونريد أن نبقى على أرض سورية وندخل في احتكاك مع عدو جديد.
بالتوازي، ينبغي أن نرى الى أين تتقدم موجة التفجير الإسلامية من سوريا. شيء من هذا رأيناه في جنين، في المواجهات مع رجال السلطة الفلسطينية في الأسبوعين الأخيرين. لم يكن هناك حسم، لكن على الأقل رأينا رجال الأجهزة يقاتلون ضد القوات المحلية. سيناء يمكنها أن تكون المكان الذي نرى فيه أيضا اندلاع إسلامي بالهام من سوريا. فالمحافل الجهادية هناك احياء يرزقون وفي مصر قلقون ليس فقط مما يحصل في سيناء بل وأيضا من الاستقرار في مصر نفسها.
المكان الأكثر تهديدا هو الأردن، حيث فاز الحزب المتماثل مع الاخوان المسلمين بخُمس مقاعد البرلمان في الانتخابات الأخيرة. ومع ان الاسرة المالكة الهاشمية عرفت كيف تقف في وجه هزات كبيرة على مدى الـ 80 سنة الأخيرة الا انها تستعد لامكانية هزة هامة كبيرة أخرى والغرب جاهز لمساعداتها بقدر ما يستطيع.
في لبنان، كل كارثي الشيعة يرفعون الرأس ويرون فرصة لدحر حزب الله الى مكانة جديدة ومقلصة في الدولة. ولا يزال حقيقة أن الجيش اللبناني يجر الارجل ولا ينتشر كما هو متفق عليه في جنوب الدولة هي إشارة بان حزب الله رغم ضعفه وزعيمه المتعرق، يعتبر قوة مهددة. هناك أيضا فان الجيش الإسرائيلي الذي استعد لان يخلي المناطق التي احتلها، مطالب بان يستعد الان لبقاء طويل، على ما يبدو الى ما بعد الستين يوما التي تقررت في اتفاق وقف النار.
في زيارة هذا الأسبوع لدى قوات الجيش الإسرائيلي في الجبهة الغربية في لبنان كان واضحا بان ليس لديها الوسائل اللازمة لبقاء طويل. في الجيش يترددون في البدء بتزويد مثل هذه الرسائل انطلاقا من الفهم بان هنا أيضا وضع مؤشرات على بقاء دائم يمكنه أن يخلق آلية تعرض وقف النار للخطر. على مدى كل الزيارة في الناقورة على الشاطيء اللبناني كانت تشاهدنا سفينة صواريخ تركية، مؤشر آخر على القوة الصاعدة في الشرق الاوسط الجديد.
---------------------------------------------
هآرتس 20/12/2024
فقط حكومة وسط ستجلب صفقة سعودية
بقلم: يئير لبيد
الصفقة السعودية هي اللعبة الأكثر أهمية الوحيدة في الملعب السياسي. فقط تحالف إقليمي بإدارة أمريكية – سعودية – إسرائيلية يمكنه أن يقترح حكم بديل في غزة، وبناء جبهة امام ايران ومشروعها النووي، واشتراط اعمار لبنان وسوريا بترتيبات امنية ثابتة ووضع أفق للقضية الفلسطينية، الذي سيوقف انهيار مكانتنا الدولية.
“اتفاق التطبيع” هو حالة نادرة، فيها فكرة منظمة واحدة تحل عدة مشاكل أمنية استراتيجية. في نفس الوقت تخلق افق سياسي وفرص اقتصادية مثيرة في منطقة كاملة. هذه الصفقة هي المرساة الرئيسية للبرنامج السياسي الذي قمت بطرحه مؤخرا، وهو احد الأمور القليلة التي تتفق عليها كل من إدارة بايدن وإدارة ترامب. باستثناء المتطرفين الذين سيطروا على الحكومة، فان الجميع يعرفون أن هذه الصفقة حيوية لأمن واقتصاد إسرائيل.
هذه الصفقة يمكن أن تحققها فقط حكومة وسط في إسرائيل لسببين: من اجل تحقيق الصفقة، التي المركب الأساسي فيها هو حلف الدفاع بين أمريكا والسعودية، فان الإدارة الامريكية تحتاج الى اغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ. أي أنه إضافة الى أصوات السناتورات في الحزب الجمهوري هي تحتاج الى صوت 15 سناتور في الحزب الديمقراطي (اذا لم يعارض الانفصاليون في الحزب الجمهوري).
المشكلة هي أن الديمقراطيين في مزاج سيء تجاه حكومة اليمين المطلقة. القيادة الديمقراطية تكره بشكل علني بنيامين نتنياهو، ولا توجد لها أي مصلحة في مساعدة حكومته والتعرض للادانة بسبب ذلك في قاعدتها. فقط حكومة وسط في إسرائيل يمكن أن تعمل الى جانب إدارة ترامب، الذي معه توجد لنا الآن علاقات جيدة ودافئة، أيضا يمكن جلب أصوات الديمقراطيين المطلوبة من اجل تمرير الصفقة في مجلس الشيوخ ومجلس النواب.
السبب الثاني هو العامل الفلسطيني. الحكومة الحالية غير قادرة على إعطاء السعودية حتى القليل مما تطلبه في المسألة الفلسطينية – تعاون رمزي للسلطة في إدارة قطاع غزة، والاعلان بأن إسرائيل ستقوم بوقف كل الهذيانات الخطيرة حول ضم المناطق، رغم أنها تخلت عن إمكانية الانفصال في المستقبل عن الفلسطينيين على أساس حل الدولتين.
يمكن تقييد هذا القليل بشروط غير بسيطة يجب على الفلسطينيين تحقيقها. ولكن في الحكومة الحالية لا يوجد من يمكن التحدث معه. ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش والفرع المزدهر لحزب قوة يهودية، الذي نما في الليكود، سيستمرون في قول “لا” لأي اقتراح. والحريديون سيواصلون التساوق مع شارعهم.
حكومة وسط في إسرائيل في المقابل يمكن أن تطرح امام الأمريكيين والسعوديين عدة شروط صعبة وواقعية من اجل التقدم. هي ستتأكد من أنه لن يكون للسلطة الفلسطينية أي صلة بالشؤون الأمنية في غزة، وأن أي تقدم سياسي سيكون مشروط بإصلاح شامل في مناهج التعليم الفلسطينية وفي مكافحة الإرهاب.
هذه عملية تستغرق سنوات، فيها عبء الاثبات سيكون على السلطة الفلسطينية. في هذه السنين يمكن العمل مع شركاء اقليميين أقوياء من اجل اسقاط النظام في ايران والقضاء على مشروعها النووي والتأكد من أنه تشكلت في غزة قيادة بديلة لحماس، وترسيخ الحدود في سوريا ولبنان والبدء في بناء اتفاقات سياسية ثابتة معهما.
اتفاق التطبيع مع السعودية هو “الكأس المقدسة” للسياسة الإسرائيلية. والطريقة الوحيدة من اجل التوصل اليه هي حكومة وسط.
---------------------------------------------
هآرتس 20/12/2024
اردوغان لا يضيع وقته ويبني في دمشق وكيلا لتركيا
بقلم: تسفي برئيل
دونالد ترامب بالاجمال أراد مجاملة تركيا. “أعتقد أن تركيا ذكية جدا”، قال. “لقد نفذت سيطرة غير ودية (على سوريا) دون المس باشخاص كثيرين”. هذه الاقوال قالها الرئيس المنتخب في يوم الاثنين الماضي من خلال استخدام مفاهيم معروفة لديه من عالم الاعمال. ولكن وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، لم يتحمس من هذه المقارنة. في مقابلة مع قناة “الجزيرة” قال إنه “سيكون من الخطأ الكبير اعتبار الثورة “سيطرة غير ودية”. اذا كانت هناك سيطرة فهي سيطرة إرادة الشعب السوري”.
إصرار فيدان على الدقة الدلالية في محله. أيضا في هذه المرة ترامب لم يكن دقيق تماما. تركيا حقا تنفذ عملية سيطرة، لكنها ودية بالتأكيد. على سبيل المثال هذا يتضح من المقابلة التي اجراها احمد الشرع، زعيم تنظيم المتمردين “هيئة تحرير الشام” مع الصحيفة التركية المؤيدة للحكومة “يني شفاك”. في هذه المقابلة رسم الشرع شبكة العلاقات التي يتوقع نسجها بين سوريا بقيادته وبين تركيا. “تركيا، التي قدمت الملجأ لملايين اللاجئين السوريين اثناء الحرب الاهلية، ستكون لها الأولوية في إعادة اعمار سوريا”، قال وأضاف. “نحن نؤمن بأن تركيا ستشاركنا التجربة التي راكمتها في تطويرها للاقتصاد… حيث أن هذا النصر ليس فقط من اجل الشعب السوري، بل أيضا من اجل الشعب التركي، لأن هذا هو نصر المضطهدين على مضطهديهم”. ليس هكذا تبدو السيطرة غير الودية.
الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، لا يضيع الوقت في الطريق الى تحويل سوريا الى دولة حماية تركية. في سلوكه هو يذكر بالطريقة التي فرضت فيها ايران حمايتها على العراق بعد فترة قصيرة على اسقاط صدام حسين تحت انف الإدارة الامريكية. استراتيجية اردوغان تعتمد على ساقين. الأولى، إقامة غلاف خارجي يؤيد ويساعد النظام السوري على الصعيد السياسي، الاقتصادي والدولي. والثانية، تعزيز اعتماد مراكز القوة المحلية على انقرة.
في يوم الثلاثاء الماضي استضاف اردوغان حاكم قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وقد تناقشا، ضمن أمور أخرى، في التعاون بين الدولتين، بالأساس تمويل وإعادة اعمار سوريا. قطر وتركيا شريكتان مخضرمتان في كل ما يتعلق بـ “المشاريع” السياسية في الشرق الأوسط. مثلا عندما فرضت السعودية ودولة الامارات والبحرين ومصر في 2017 حصار اقتصادي على قطر، قامت تركيا بمساعدتها على تجاوز العقوبات عن طريق تأسيس قطار جوي (بالتعاون مع ايران). ايضا يوجد لتركيا قاعدة عسكرية كبيرة في قطر، تشمل 3 جندي وسرب طائرات اف16 في اطار اتفاق التعاون الأمني بين الدولتين. واذا لم يكن هذا كاف فقد عملت تركيا وقطر معا أيضا في ليبيا، الى جانب الحكومة المنتخبة هناك ضد طموحات الجنرال الانفصالي المدعوم من مصر ودولة الامارات وروسيا. تركيا قامت بارسال السلاح الى ليبيا والمدربين العسكريين، وحتى جنود عاديين. قطر من ناحيتها مولت عدد من هذه النشاطات وحتى الآن ما زالت تمول الحكومة المعترف بها.
سواء لتركيا أو قطر توجد علاقات وثيقة مع حماس وايران. قطر هي شريكة ايران في حقل الغاز الضخم في الخليج الفارسي؛ في نفس الوقت ايران تبيع الغاز لتركيا عبر أنبوب يمر في هاتين الدولتين. الآن كما يبدو، جاء دور سوريا للاندماج في هذا المشروع التجاري الضخم. في العام 2009 تناقشوا حول خطة لاقامة أنبوب غاز يربط بين قطر وتركيا، لكن هذا المشروع نزل عن الاجندة بسبب معارضة سوريا، التي عبرها كان يجب أن يمر هذا الانبوب، ولأن المشروع لم يكن اقتصادي.
بعد ذلك تغيرت الظروف في العالم. فاوروبا قلصت كمية الغاز الذي تشتريه من روسيا، وحتى أنها تتطلع الى تقليصها اكثر؛ المانيا وقعت على اتفاق لشراء الغاز السائل من قطر؛ أنبوب الغاز من قطر الى تركيا، ومنها الى أوروبا، يمكن أن تكون له جدوى اقتصادية لم تكن موجودة في 2009. المشروع بدأ في التشكل فعليا، على الأقل في أوراق العمل، وفي نفس الوقت اصبح اعتماد “سوريا الجديدة” على تركيا اكبر.
اردوغان لا ينوي التنازل عن هذه الفرصة الاقتصادية التي يمكن أن تجسد حلم تركيا في التحول الى مركز تسويق الغاز الى أوروبا. ولكن المنافسة على قلب الشرع كبيرة. ففرنسا فتحت من جديد سفارتها في دمشق، والاتحاد الأوروبي بدأ في مناقشة رفع العقوبات عن سوريا وإلغاء اعتبار تنظيم الشرع تنظيم إرهابي.
ومن اجل الحفاظ على “الحصرية” وتجسيد تفضيل تركيا من اجل اعمار سوريا، فان اردوغان ربط أيضا اطراف خيوط أخرى من بينها لبنان. في يوم الثلاثاء هبط في انقرة رئيس حكومة لبنان نجيب ميقاتي لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط، حسب البيان الرسمي. في المؤتمر الصحفي الذي قاما بعقده وعد اردوغان بـ “القيام بدوره” من اجل جعل إسرائيل توقف خرق وقف اطلاق النار. توجد للبنان أيضا مصلحة كبيرة في إعادة الى سوريا مليون لاجيء سوري الذين هربوا في الحرب الاهلية. ومثلما في كل موضوع يتعلق بسوريا فان اردوغان يحرص ليس فقط على أن يكون في الصورية، بل التوضيح بأنه العنوان الذي سيتم نقل من خلاله الرسائل الى احمد الشرع.
لبنان يستعد لانتخاب رئيس جديد. واللقاء بين ميقاتي واردوغان كان فرصة ممتازة لرئيس تركيا من اجل فحص التطورات السياسية في بيروت. يصعب التنبؤ اذا كان البرلمان في لبنان سيعقد في الموعد المخطط له في 9 كانون الثاني. ناهيك عن أنه يصعب التقدير اذا كان البرلمان سينجح في تجنيد الأغلبية لتعيين المرشح المتفق عليه. على أي حال، اذا كان لبنان يتطلع الى تسوية اموره مع سوريا ووضع علاقاته مع دمشق على أسس ثابتة فانه من الأفضل له تجنيد اردوغان الى جانبه.
الزعيم الدرزي – اللبناني وليد جنبلاط يتوقع أن يصل الى دمشق غدا أو بعد غد على رأس بعثة كبيرة كي يهنيء شخصيا الزعيم السوري الجديد. والد جنبلاط هو من أسس الحزب الاشتراكي التقدمي في لبنان، وكما يبدو فقد قتل على يد عملاء لحافظ الأسد في 1977 (رغم أن التحقيق لم يعرض أي ادلة قاطعة على ذلك). بالنسبة لجنبلاط فان مصافحة من قام باقصاء عن الكرسي نجل قاتل والده ستكون بمثابة اغلاق دائرة تاريخية. باختصار، جنبلاط له مصلحة أيضا في ضمان سلامة الدروز في سوريا وإقامة شبكة علاقات جديدة بين الدروز في لبنان والقيادة الجديدة في سوريا. وحسب عدة تقارير من لبنان فان جنبلا ط يتوقع أيضا أن “يمر في تركيا بدعوة من اردوغان قبل وصوله الى دمشق”.
انقرة تنتظر المقابل
بدرجة معينة تركيا لا تنوي الاكتفاء بالاحتضان السياسي الذي يقدمه الشرع. ففي بداية الأسبوع قال وزير الدفاع التركي، يشار غولار، بأن “تركيا مستعدة لتقديم لسوريا مساعدات عسكرية اذا طلب منها ذلك”. ورغم أنه لم يفسر نوع المساعدات، إلا أن مصدر سياسي في المعارضة التركية، تحدث مع “هآرتس”، قدر أن انقرة يمكن أن تكون المزودة الرئيسية للمعدات القتالية المختلفة من انتاجها لسوريا. أيضا قدر هذا المصدر بأن تركيا يمكنها ارسال مدربي ومهنيين من اجل تدريب الجيش الجديد، وبناء نظرية قتالية تناسب هذه الدولة، وأن تعطي الاعتماد المالي لتمويل هذه النشاطات.
لكن يجب الإشارة الى أن تركيا ليست جمعية خيرية، وهذه المساعدة ليست تعبيرا عن موجة احسان. مقابل السخاء يتوقع أن تطلب تركيا بإقامة حلف عسكري واستراتيجي مع النظام الجديد في سوريا، حلف يضمن مكانتها ويحوي تأثيرها في كل العمليات العسكرية والسياسية لسوريا، وربما حتى السماح لها بإبقاء قواتها على الأراضي السورية والاحتفاظ بالمناطق التي قامت باحتلالها. من اصبح يدرك المعنى والنتائج للحلف بين تركيا وسوريا هي موسكو. روسيا بدأت في النقاش مع تركيا وليس مع سوريا حول مستقبل ممتلكاتها، وبالاساس قاعدة سلاح الجو حميميم وقاعدة سلاح البحرية في طرطوس. إسرائيل من ناحيتها يمكنها توقع أنه في فترة قصيرة ستبدأ تركيا في خطوات دولية لابعاد قوات الجيش الإسرائيلي من المناطق الجديدة التي قام الجيش الإسرائيلي بغزوها في هضبة الجولان.
بناء جيش، شرطة وجهاز مخابرات، ووضع اهداف عسكرية، لم يتم طرحها حتى الآن على جدول الاعمال العام في سوريا. الشرع ينشغل الآن بالأساس في تهدئة المجتمع الدولي والأقليات في سوريا إزاء الشكوك المكشوفة التي بحسبها الحديث يدور عن نظام يتوقع أن يكون نظام إسلامي متطرف. أحد الذين المحوا لهذه التخوفات هو وزير الخارجية الأمريكي، انطوني بلينكن، الذي ذكر منذ فترة قصيرة بأنه أيضا طالبان كانت تظهر جيدة قبل السيطرة على الحكم. ولكن التصريحات المتساهلة للشرع والمقابلات التي اكد فيها على القلق على حقوق الانسان ومكانة الأقليات لا يمكنها طمس التحدي الأصعب الذي يواجهه وهو التوحيد. يجب على الشرع توحيد المليشيات القطرية والمحلية، العصابات وأبناء القبائل المسلحة، في جسم عسكري واحد يخضع للقيادة السياسية العليا. الشرع سيكون بحاجة الى مساعدة تركيا كي توافق على اخضاع “جيش سوريا الحر”، وهو تجمع المليشيات الأكبر الذي يعمل برعايتها وخضع لاوامر انقرة، لجيش سوريا الجديد. هكذا، يجب على الجيش السوري أن يشمل أيضا مليشيا هيئة تحرير الشام، التي ستضطر الى التنازل عن مكانتها المتميزة والاندماج في الجيش الجديد. الشرع اعلن في الأيام الأولى بأنه بعد الثورة سيكون مستعد لنزع سلاح المليشيا الخاضعة له من اجل تشكيل جيش سوري. ولكن لا يوجد يقين بأن هذه المليشيا التي ليست جميعها تتكون من جسم واحد، ستوافق بإرادة وتفهم تفكيكها، أو التنازل عن مكانتها المميزة.
مسألة بنية واهداف الجيش السوري الجديد هي فقط جزء من التحدي. والسؤال المطروح الآن هو عن مكانة القوات الكردية المسلحة التي تدير تركيا الحرب ضدها منذ فترة طويلة. انقرة تهدد بتوسيع غزوها للأراضي السورية من اجل ابعاد القوات الكردية عن المناطق التي توجد شرق نهر الفرات، وذلك بعد أن استطاعت من طردها من مدن رئيسية في غرب النهر. وقف اطلاق النار بين مليشيا “جيش سوريا الحر” والقوات التركية الذي اعلن عنه في بداية الأسبوع، سينتهي في نهاية الأسبوع، واذا لم يتم تمديده فان تركيا يمكن أن تنفذ تهديدها.
زعيم القوات الكردية، مظلوم عبادي، اقترح في هذا الأسبوع اقامة “مناطق منزوعة السلاح على طول جزء من الحدود بين سوريا وتركيا”. وحسب قوله فانه مستعد لتوحيد القوات الكردية مع الجيش السوري الجديد عند تشكيله. ومشكوك فيه اذا كانت هذه الخطوة ستكون كافية لتركيا، لا سيما عندما الجيش السوري الجديد لم يتم تشكيله حتى الآن، ومستوى سيطرة الشرع على كل ارجاء سوريا وعلى كل المليشيات المسلحة لم يتم اثباته بعد. ولكن تركيا غير مستعجلة في الذهاب الى أي مكان. ومقارنة مع إسرائيل فانه لا يوجد عليها أي ضغط دولي يطلب منها الانسحاب.
---------------------------------------------
يديعوت احرونوت 20/12/2024
إٍسرائيل تتمنى تقسيم سورية الى جيوب طائفية يسهل السيطرة عليها
بقلم: ناحوم برنياع
السيطرة الإسرائيلية على أراضٍ في داخل سوريا حذرة وعاقلة. هكذا في هذه الاثناء. اذا سرنا من الشمال الى الجنوب على طول الخريطة سنجد تواجدا للجيش الإسرائيلي في سلسلة جبل الشيخ السوري والسفوح الشرقية للجبل، حتى أطراف قرية الحضر الدرزية. سيطرة الجيش الإسرائيلي على مفترقين في مدخل القنيطرة لكنه لم يدخل القنيطرة القديمة او الجديدة. قوة أخرى تموضعت في تل كدنه امام البلدتين حسينية وكيشيت في هضبة الجولان. قوة ثالثة تموضعت قرب مثلث الحدود سوريا – الأردن – إسرائيل، فوق حمات غدير (الحمة السورية). في كل المناطق التي تمت الاستيلاء عليها لا يوجد سكان، باستثناء بضع عشرات السوريين الذين تبقوا في قريتين صغيرتين غربي القنيطرة.
توجد رؤيا؛ توجد اماني؛ لا يوجد احتمال عملي. الأمنية هي ان نرى سوريا تنقسم الى بضعة جيوب من الحكم الذاتي، كل جيب وطائفته. الاكراد في الشمال الشرقي، الدروز في الجنوب، العلويون في الشمال الغربي. المرشحون الأوائل للانقسام هم الدروز.
اول من طرح الرؤيا الدرزية كان يغئال الون، قاد البلماخ واحد المبادرين الكبار في علاقات إسرائيل والمنطقة. الون اقترح بعد حرب الأيام الستة ان تشجع إسرائيل الدروز في جبل الدروز على إقامة دولة خاصة بهم، ترتبط بالجيب الدرزي، قرية الحضر ومحيطها، في شمال الهضبة. هذه رؤيا، بالتوافق مع 2024. في جبل الدروز (منطقة السويداء) يعيش نحو 300 الف درزي. حافظوا على ولائهم لنظام الأسد، لاعتبارات البقاء. الحكم السوري الجديد، الجهادي، لم يعين بعد حاكما للمحافظة فهو مشغول بالتثبت وبالشرعية.
لكن توجد احتكاكات أولية. درزي من الحضر نزع قبل بضعة أيام الى كرم الزيتون خاصته. حاجز للنظام الجديد اوقفه على الطريق. الى أن تسافر، سألوه. الى كرم زيتوني، قال. كان لك في النظام السابق، قالوا، لكنه تركوه.
قافلة من 200 سيارة، تندرات وجيبات كلهم من رجال هيئة تحرير الشام، الحكام الجدد للدولة، نزلت يوم السبت الماضي من دمشق جنوبا. وصلت القافلة الى درعا، قرب الحدود الأردنية. في جبل الدروز سجل قلق: فهم من شأنهم أن يتوجهوا يسارا اليهم. في النهاية اكتفوا باظهار السيادة وعادوا الى دمشق.
الدروز، كما هو الحال دوما منقسمون فيما بينهم. يوجد دروز يتطلعون للمساعدة والحماية من إسرائيل ويوجد من يبتعدون عنها كالنار. مصدر في الجيش ذكر لي هذا الأسبوع بان كل اعمال الإرهاب التي خرجت من سوريا الى إسرائيل، بما في ذلك عملية سمير قنطار، بدأت في الحضر. لا يوجد اليوم حضور للنظام السوري الجديد في القرية. كما لا يوجد حضور إسرائيلي.
الاكراد ردوا على انهيار نظام الأسد بتوسيع المنطقة بسيطرتهم، في شمال سوريا. حرب بين فصيليهم وضغط تركي دفعهم لان يعودوا ليتقلصوا. هم يتطلعون الى مساعدة إسرائيلية. المنطقة الأكثر اقلاقا من ناحية إسرائيل، هي جنوب هضبة الجولان. في الماضي كان فيه حضور لمنظمة جهادية مقربة من داعش. رجالها امتنعوا عن الصدام مع إسرائيل. هم لم يختفوا: الان، حين يكون الجهاديون يسيطرون في دمشق. هم كفيلون بان يفاجئوا من جديد. ويوجد أيضا فلسطينيون في الجنوب. نحو الف من الجهاد الإسلامي ومئات الحماسيين. بعضهم مسلحون بالصواريخ. يوجد مخربو حماس بين أولئك الذين حررهم النظام الجديد من السجن. الحدود السورية من شأنها أن تفتح للارهاب. القلق الأكبر، الجدي، هو على مستقبل الأردن. في نهاية 2026 يفترض بالامريكيين ان يغادروا العراق. ترامب سيسره الانسحاب من هناك قبل ذلك. ان الضغط الداخلي على النظام الهاشمي سيضاف الضغط من العراق والضغط من الحكم الجديد في سوريا. سيتعين على إسرائيل أن تخصص فرقة لحماية حدود الأردن. لن يكون مفر من استثمار المليارات في بناء عائق.
في الخلاصة، إسرائيل راضية عن انهيار النظام في سوريا ومن تداعياته على لبنان وعلى المنطقة كلها لكنها قلقة من تثبت النظام الجديد. مغازلات الجولاني، رئيس النظام الجديد، لحكومات غربية، تصريحاته المعتدلة تجاه إسرائيل لا تهديء روع احد. تعلمنا في 7 أكتوبر بان ليست النوايا هامة – هامة هي القدرات. قال لي مصدر عسكري. تصور انه مثلما نزل نحو 60 الف جهادي من ادلب الى حمص ومن هناك الى دمشق سينزل 60 الف جهادي من دمشق ومن هناك الى هضبة الجولان. في رأسه، وفي رأسي أيضا، جاءت الصور من الغلاف.
الحدث المغطى إعلاميا على احدى قمم جبل الشيخ السوري سعى لان يطلق رسالة للنظام الجديد ولانظمة عربية أخرى: إسرائيل هناك. في الوضع الناشيء الرسالة ضرورية، بل وربما حتى حيوية. لكن نتنياهو مثل نتنياهو: لا يمكنه أن يفعل شيئا صحيحا دون أن يرفق به مناورة صغيرة لانزال الايدي للقضاة في محاكمته ودون أن ينظم حوله احتفال احتلال زائد. لا يوجد ما يدعو الى تزوير مداولات لساعات على قمة جبل أجرد: المداولات الجدية تجرى في الغرف المغلقة. امام الشاشات والعروض. لا يوجد ما يدعو الى جر رئيس الشباك ورئيس الأركان الى هناك. الحياة ليست نزهة منظمة.
يوجد شرق أوسط جديد، لكن أحدا لا يعرف ماذا ستكون عليه طبيعته، وماذا سيكون مكان إسرائيل فيه وماذا ستكون احتياجاتها الأمنية. الحكومة اقامت لجنة برئاسة يعقوب نيغل، رجل ثقة نتنياهو، لفحص ميزانية الدفاع في العهد الجديد. تواصل الحرب يثير توقعا لميزانية دفاع موسعة. الماضي يفيد بدرس آخر: تضخيم ميزانية الدفاع الى حجوم وحشية بعد حرب يوم الغفران تبين كخطأ فتاك. فتح عشر سنوات ضائعة في اقتصاد إسرائيل.
يوم الاحد مثل امامها نائب رئيس الأركان امير برعم. وقال للجنة ان الأساس الأفضل هو ميزانية دفاع بمعدل 5.8 في المئة من الناتج القومي الخام، 148 مليار شيكل. الأساس الحالي هو ميزانية بحجم 5.1 في المئة من الناتج، 132 مليار شيكل. لا تتحدثوا فقط عن احتياجات الامن الجاري. تحدثوا عن أمن أساسي، عن الازمة الخطيرة في القوى البشرية، عن التردي في مكانة مقدمي الخدمة الدائمة. عن عالم فقد استقراره، آخذ في التسلح، عن الحاجة لانتاج الكثير جدا من الذخيرة هنا، عن الفرص التي تفتح.
حجم ميزانية الدفاع لن يتقرر في المقالات في الصحف. كل رقم في هذا الحديث يبدو خياليا، كبير على الدولة وعلى مواطنيها. الامن الأساس هو تعليم ورفاه وعمل. في النهاية البطانية قصيرة: جميل أن يعترض صاروخ حيتس 3 صاروخ حوثي، لكن كل صاروخ كهذا يكلف 4.5 مليون دولار.
---------------------------------------------
هآرتس 20/12/2024
عوفر فنتر هو وريث نتنياهو
بقلم: رفيت هيخت
بعد فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الأخيرة في تشرين الثاني 2022، كان يبدو أن نجوم اليمين الجديد بدأت في هز كرسي الزعيم العجوز ووراثته بسرعة. أبرزهم هو ياريف لفين الذي قاد المفاوضات الائتلافية واصبح الشخص الأقوى في الائتلاف، في الوقت الذي كان ينقض فيه على جهاز القضاء. وبتسلئيل سموتريتش الذي طلب وحصل، من الجانب الثاني لمتراس المفاوضات، على صلاحيات مبالغ فيها كوزير مالية وكوزير في وزارة الدفاع لشؤون الاستيطان. وايتمار بن غفير الذي تفجر بشعبية وصلت الى رقم قياسي، حيث حصل على الشرطة ومصلحة السجون.
دماء كثيرة سفكت منذ ذلك الحين، أيضا تصعب المبالغة في الاضرار التي سببها هؤلاء الأشخاص. ولكن هذا الثلاثي لم ينجح في تحقيق الوعد الذي تم تعليقه عليه، ويبدو أيضا أنه لن ينجح. سموتريتش فقد السيطرة على قاعدته، وظهر كأنه في نهاية طريقه السياسية. لفين تحطم مع “إصلاحه” الذي يحاول احياءه وهو ما زال يتمترس في معركة استنزاف مع المحكمة العليا. حزب الكهانيين هو في الواقع الحزب الوحيد من بين أحزاب الائتلاف الذي نجح في الحفاظ على قوته منذ المذبحة، وحتى التعزز. ولكن سلوك بن غفير، الذي كان الأوائل الذي طلبوا العمل ضده هم اصدقاؤه في الائتلاف، بعيد عن أن يدل على النضوج أو الكفاءة المطلوبة للقيادة. مرشح آخر حظي بحب اليمين وحتى انه حصل على وعد من نتنياهو بتتويجه كوريث، هو رئيس الموساد السابق يوسي كوهين، اختفى كليا، وهو حتى الآن يتصرف وكأنه خرج من اللعبة.
الاسم الساخن في اليمين الآن والذي يبدو أنه موجود في الحملة، هو العميد احتياط عوفر فنتر، الذي أسس نواته مناسبة لروح عصر اليمين الحالي. فنتر هو من المبشرين والمروجين لعملية دمج الايمان الديني بالعسكرية، وهو السبب الذي من اجله، حسب رأيه، تعرض للاضطهاد في الجيش (“التاريخ اختارنا لنكون في طليعة القتال ضد العدو الإرهابي الغزي، الذي يشوه ويهين اله إسرائيل ويقوم بشتمه”، هذا جزء من أمر المعركة الذي كتبه فنتر بصفته قائد لواء جفعاتي في عملية “الجرف الصامد”).
لا يقل عن ذلك أهمية، وبالطبع لا ينفصل عنه، هو أن فنتر جندي طلائعي في النضال ضد القيادة العليا الكلاسيكية في الجيش، التي يتهمها بليس أقل من “محاكم التفتيش”، أي اتباع سياسة لم تقض فقط على حياته العسكرية، بل أيضا فرضت على الضباط الأصغر منه قمع واخفاء التدين. فنتر اعتبر “حصان جامح” ليس فقط ضد أعداء إسرائيل من الخارج، بل أيضا ضد الأعداء في الداخل. فهو لا يحترم الهرمية العسكرية ويعمل بطاقة ثورية من اجل تغيير وجه الجيش.
فنتر يعرض على اليمين الاندماج الكامل، بالضبط في الوقت الذي تحدث فيه معركة قوية بين النخب القديمة والصهيونية المتدينة، حول طابع الجيش، الذي الرؤساء الحاليين له يتم تصويرهم في المعسكر الايماني الديني كمسؤولين حصريين عن المذبحة، والذي قادته القدامى يتم جمعهم تحت التعبير الساخر “السابقون”.
فنتر يتماهى مع الجيش، لكنه في نفس الوقت يعيش خارج “التصور”، أي أنه يتمرد على القيادة العليا، التي يعتبر محاولة حفاظها على أي صلة بقوانين الحرب والقانون الدولي أمر مستهجن ومدان، واعتبارها ضارة وغير حيوية.
مشاكسته الاصيلة التي ظهرت في سنواته كقائد، تبين أنها ثابتة وقوية أيضا بعد خروجه من الجيش. أقواله في مقابلة في “كان 11” حول رئيس الأركان هرتسي هليفي، الذي حسب قوله احبط تعيينه في منصب السكرتير العسكري لنتنياهو، تمت صياغتها بأفضل صياغة يمينية. “لو أنني كنت رئيس الحكومة لكنت قمت بازاحة رأسه في ثانية. من أنت أصلا، أيها الوقح؟ أنت شخص مشوش، رئيس اركان مشوش!”. كما قلنا، فنتر غير مشوش تماما.
الآن بقي أن نرى هل نتنياهو سيستخدمه في القريب كاداة ناجعة لسحق نجم الاستطلاعات نفتالي بينيت، أو أنه سيحطمه قبل نضوجه، كما فعل مع كل وريث محتمل.
---------------------------------------------
القناة 12 العبرية 20/12/2024
النظام الإسرائيلي في الشرق الأوسط فرصة لهزيمة الرؤية الإيرانية للمنطقة وتحسين الرؤية الأمريكية
بقلم: عاموس يدلين
يمكن فهم ما يحدث في الشرق الأوسط اليوم على أفضل وجه باعتباره صراعًا على نظام إقليمي جديد. منذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، ظهرت ثلاث رؤى متنافسة لهذا النظام ثم تعثرت: رؤية حماس، ورؤية حزب الله الإيراني، والرؤية الأمريكية. سعت حماس إلى إشعال حرب متعددة الجبهات تهدف إلى تدمير إسرائيل. لقد كانت إيران، إلى جانب وكيلها حزب الله، تهدف إلى حرب استنزاف من شأنها أن تتسبب في انهيار إسرائيل ودفع الولايات المتحدة إلى الخروج من المنطقة. وكانت الولايات المتحدة، التي وقفت بقوة خلف إسرائيل، تأمل في الاستقرار الإقليمي المبني على إمكانيات سياسية جديدة للإسرائيليين والفلسطينيين، والتطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، واتفاقية دفاع بين واشنطن والرياض.
ولكن لم يثبت أي من هذه الرؤى قابلية للتطبيق: فقد أساءت حماس وحزب الله وإيران تقدير قوة قوات الدفاع الإسرائيلية والمجتمع الإسرائيلي والتحالف الأميركي الإسرائيلي. وبالغت الولايات المتحدة في تقدير قدرتها على التأثير على نهج إسرائيل في التعامل مع الحرب في غزة ولم تتعامل بشكل كاف مع التهديد الإقليمي الذي تشكله إيران.
إن فشل هذه الرؤى الثلاث يفتح المجال أمام رؤية رابعة أكثر واقعية: رؤية إسرائيلية. فعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية، بدأت إسرائيل في ممارسة قوتها لإعادة تشكيل الشرق الأوسط. لقد قضت إسرائيل على القدرات العسكرية لحماس، وحطمت نهجها الراسخ في الردع، وقطعت رأس قيادة حزب الله وأجبرت الجماعة التي تتخذ من لبنان مقراً لها على قبول شروط وقف إطلاق النار التي قاومتها منذ فترة طويلة، مما ترك حماس معزولة وإيران بدون وكيلها الأكثر قدرة. كما نفذت إسرائيل ضربات متطورة داخل إيران. يمكن فهم الإطاحة الانتهازية بنظام الأسد في سوريا على أيدي القوات المتمردة، جزئياً، كمحاولة للاستفادة من تقويض إسرائيل للقوة الإقليمية الإيرانية. ونتيجة لذلك، فقدت إيران الممر البري الممتد من حدودها إلى إسرائيل، وهو الممر الذي كرست إيران موارد كبيرة لإنشائه على مدى العقود الأربعة الماضية.
إن هذه التطورات تشكل تحولاً دراماتيكياً: فبعد مرور ما يقرب من عام على هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، كانت رؤية إسرائيل لمستقبل المنطقة غير واضحة. فقد كانت تدافع عن نفسها، وبالتالي تقاتل للحفاظ على الوضع الراهن الذي لن يعود أبداً. ورغم أن عملياتها كانت عدوانية، فقد امتنعت إسرائيل عن تعطيل ديناميكيات الردع القائمة مع حزب الله وإيران. وعلاوة على ذلك، ترددت في فرض نظام جديد في حين كانت تُنظَر إليها باعتبارها محرضة على المستوى الدولي، وفي حين أضعفت الانقسامات المجتمع الإسرائيلي على المستوى المحلي.
إن إسرائيل تعمل الآن على إعادة تشكيل الشرق الأوسط من خلال العمليات العسكرية، ولكنها سوف تستفيد من تأكيد نفسها سياسياً أيضاً. فهي تتمتع بالفرصة والمسؤولية لتوجيه مسار المنطقة نحو واقع جديد أكثر سلمية واستدامة. وفي الوقت الحالي، تتجاوز قدرة إسرائيل على فرض التغييرات الإقليمية عسكرياً استعدادها لصياغة وتنفيذ رؤية استراتيجية متماسكة؛ ولا تمتلك نجاحاتها العملياتية حتى الآن أفكاراً استراتيجية واضحة تتوافق معها. ويتعين على إسرائيل أن تدفع في اتجاه إيجاد إطار سياسي يضاهي نجاحاتها في ساحة المعركة. إن التحالف العربي الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة قادر على صد التهديدات من المتطرفين الشيعة والسُنّة، وتوفير مستقبل سياسي واقعي للفلسطينيين، وحماية المصالح الأمنية الإسرائيلية، وتأمين عودة الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا في غزة، ومنع أي هجوم آخر على الأراضي الإسرائيلية.
لا ينبغي لإسرائيل أن تسعى إلى فرض رؤيتها للنظام الإقليمي الجديد بمفردها. فهي تحتاج إلى دعم من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن ومصر والإمارات العربية المتحدة، فضلاً عن ألمانيا والمملكة المتحدة، حتى في حين تخضع السياسة الخارجية الأميركية لإعادة تنظيم نفسها في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب. إن الموقف حساس. ولكن للمرة الأولى منذ هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أتيحت لإسرائيل الفرصة لاغتنام هذه اللحظة.
أفضل الخطط
عندما أمر يحيى السنوار، زعيم حماس الراحل، بغزو إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فعل ذلك برؤية محسوبة للشرق الأوسط: فبعد هجوم حماس مباشرة، توقع هجومًا منسقًا من جميع الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في المنطقة، الأمر الذي من شأنه بدوره أن يلهم العرب الإسرائيليين والفلسطينيين في الضفة الغربية لإطلاق انتفاضة جديدة. واعتمدت خطة السنوار على مشاركة حزب الله وأعضاء آخرين في “محور المقاومة” المدعوم من إيران وحتى إيران نفسها، مما أدى في النهاية إلى الهزيمة العسكرية الكاملة لإسرائيل.
ولكن السنوار أخطأ في تقدير الديناميكيات الإقليمية بشكل خطير.
ففي الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، ورغم أن حزب الله أعلن دعمه لحماس وبدأ في قصف المدن الإسرائيلية، فإن أفعاله كانت محدودة. وأطلقت الميليشيات الشيعية من العراق وسوريا صواريخ وطائرات بدون طيار لتعطيل أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة في إسرائيل، لكن هذه الجهود لم تشكل تهديدا كبيرا لها. وانضم الحوثيون في اليمن إلى الهجوم باستهداف السفن في البحر الأحمر وإطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية. ويسر الدكتاتور السوري بشار الأسد نقل الأسلحة الإيرانية إلى لبنان، لكنه منع بشكل ملحوظ الميليشيات الإيرانية من مهاجمة إسرائيل من الأراضي السورية ولم يشرك الجيش السوري في الصراع، على الرغم من الضغوط التي واجهتها إيران للقيام بذلك. ولم يغز حزب الله الأراضي الإسرائيلية، وركز بدلا من ذلك على تشتيت انتباه جيش الدفاع الإسرائيلي في الشمال لتحويل انتباهه عن غزة. بالإضافة إلى ذلك، لم تتحقق الانتفاضة الفلسطينية المأمولة التي كان السنوار يأملها، ويرجع ذلك جزئيا إلى الانتشار السريع والفعال لجيش الدفاع الإسرائيلي في مناطق الضفة الغربية التي تتواجد فيها حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني. وفي الوقت نفسه، استخدمت إسرائيل القوة المكثفة في غزة، مما أسفر عن مقتل الآلاف من مقاتلي حماس، وفي نهاية المطاف السنوار نفسه.
في البداية، كان قرار إسرائيل بالانخراط في حرب مطولة سبباً في تشجيع إيران وحزب الله. فقد اعتبرا الصراع فرصة لتأكيد هيمنتهما الإقليمية. وعلى النقيض من حماس، التي كان هدفها تدمير إسرائيل بالكامل، سعت إيران، على نحو أكثر تواضعاً، إلى تحسين مكانتها الإقليمية. ومن خلال مواصلة حرب استنزاف متعددة الجبهات ضد إسرائيل، كانت طهران تهدف إلى زيادة الضغوط على المجتمع الإسرائيلي وتضخيم تكاليف الحرب. ومع تركيز الولايات المتحدة على منافستها الاستراتيجية مع الصين والحرب في أوكرانيا، توقعت إيران أن تواصل واشنطن الانسحاب من المنطقة.
لقد بدا الرد الإسرائيلي الأولي على استراتيجية حزب الله وإيران حذرا. لقد أخلت إسرائيل المجتمعات الشمالية لإنشاء حاجز أمني بدلاً من غزو لبنان لمواجهة هجمات حزب الله الصاروخية بشكل مباشر، مما سمح لحزب الله بمواصلة ضرباته. بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من دعم الولايات المتحدة علنًا لإسرائيل، فشلت الحكومات الغربية إلى حد كبير في فرض تكاليف كبيرة على محور المقاومة المدعوم من إيران. أدى عدم قدرتها على منع الحوثيين المتشددين في اليمن من التدخل في حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر إلى تشجيع المجموعة على تصعيد هجماتها على إسرائيل. لقد قيد الضغط الدولي قدرة إسرائيل على هزيمة حماس بشكل حاسم وغذى أمل السنوار في أن إسرائيل لن تكون قادرة على الاستمرار في القتال لفترة طويلة. تضافرت هذه العوامل لخلق تصور بين إيران وحلفائها بأن إسرائيل قد تجد نفسها في نهاية المطاف معزولة ومستنزفة اقتصاديًا ومستنزفة. تعززت هذه الفكرة عندما أطلقت إيران في أبريل هجومًا غير مسبوق بالصواريخ والطائرات بدون طيار مباشرة من أراضيها ضد إسرائيل. احتفل القادة الإيرانيون برد إسرائيل المدروس – والاضطرابات السياسية المستمرة داخل إسرائيل. لقد اتبعت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سياسات أدت إلى إطالة أمد الحرب، وإجهاد الاقتصاد، وتكثيف الاستقطاب، مما أعطى اليد العليا لأعداء إسرائيل.
وفي الوقت نفسه، واصلت الولايات المتحدة سعيها إلى تحقيق استراتيجية للشرق الأوسط مبنية على اتفاقيات إبراهيم، التي أدت إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والبحرين والمغرب والإمارات العربية المتحدة. بعد 7 أكتوبر، ضغطت واشنطن على المملكة العربية السعودية لإتمام اتفاقية دفاع مرتبطة بالتطبيع مع إسرائيل وأعادت تأكيد إيمانها بحل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. سعت إدارة بايدن إلى الاستفادة من الحرب لإنشاء تحالف أقوى مؤيد لأمريكا في الشرق الأوسط، وتعزيز نفوذ واشنطن وإنشاء مركز اقتصادي إقليمي أكثر تكاملاً يربط أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ في منافستها مع الصين.
لكن الخطة الأمريكية فشلت في معالجة التهديد من إيران الجريئة بشكل مناسب أو تهدئة مخاوف الشركاء الصغار للولايات المتحدة. لقد رفضت المملكة العربية السعودية تطبيع العلاقات مع إسرائيل مع استمرار الحرب في غزة، وخاصة مع رفض إسرائيل الالتزام بحل الدولتين – وهي الخطوة التي قد يفسرها أعداء إسرائيل في المنطقة على أنها انتصار لحماس. من جانبه، اختار نتنياهو تأخير إنهاء المرحلة المكثفة من الحرب، منتظرًا بدلاً من ذلك نتيجة الانتخابات الرئاسية الأمريكية على أمل فوز الجمهوريين. كان يعتقد أن انتخاب ترامب من شأنه أن يقلل من إشراف الولايات المتحدة على حملتها ضد حماس. ومع خسارة الديمقراطيين في نوفمبر، أصبحت استراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط موضع شك. وعلى الرغم من كل قوة واشنطن ونفوذها، فقد أثبتت الرؤية الأمريكية لنظام إقليمي جديد، على الرغم من أنها قد تبدو معقولة، أنها غير قابلة للتطبيق على نحو مماثل لرؤى حماس وحزب الله وإيران.
عرش فارغ؟
في سبتمبر/أيلول، بدأت الرياح السائدة في الشرق الأوسط تتغير. فبعد 11 شهراً لم تحدد فيها الحكومة الإسرائيلية أي أهداف في المسرح الشمالي، أضافت الحكومة الإسرائيلية العودة الآمنة لسكان شمال إسرائيل إلى منازلهم كهدف رسمي للحرب. وكانت الحرب قد بدأت بالفعل في التحول شمالاً، بسبب الهجوم الصاروخي الذي شنه حزب الله في أواخر يوليو/تموز على ملعب لكرة القدم في مرتفعات الجولان، والذي أسفر عن مقتل 12 طفلاً وإصابة أكثر من 40 آخرين. ورداً على ذلك، اغتالت إسرائيل نائب زعيم حزب الله حسن نصر الله، فؤاد شكر، واستهدفت هيكل قيادة حزب الله بعملية مهينة. واشتعلت المتفجرات المزروعة في أجهزة النداء التابعة للمنظمة في وقت واحد، مما أسفر عن مقتل وتشويه العشرات من النشطاء. ثم شنت إسرائيل سلسلة من الغارات الجوية التي دمرت ما يقرب من 3000 صاروخ وصاروخ كروز، وقتلت قيادة حزب الله، بما في ذلك نصر الله. وأعادت هذه الأعمال بعض هيبة جيش الدفاع الإسرائيلي المفقودة.
وللرد، شنت إيران هجوماً مباشراً على إسرائيل في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، فأطلقت 181 صاروخاً باليستياً. ولكن هذا الوابل من الذخائر لم يتسبب إلا في أضرار محدودة بثلاثة مواقع إسرائيلية: مجمع الموساد في جليلوت وقاعدتين جويتين إسرائيليتين في الجنوب. وهذه المرة، نظمت إسرائيل رداً أكبر مما فعلت في أبريل/نيسان، حيث نشرت 150 طائرة لضرب 20 هدفاً مهماً في إيران. وأظهرت الضربات عدم التماثل في القدرات العسكرية للبلدين: أطلقت إيران العديد من الصواريخ بنتائج محدودة، لكن جيش الدفاع الإسرائيلي أصاب بدقة أهدافاً عالية القيمة، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي إس-300 الإيرانية ومنشأة أبحاث الأسلحة النووية في بارشين. وأظهرت الحملة مدى ضعف أهم مواقع الطاقة النووية الإيرانية، إذا اختار النظام الإيراني التصعيد أكثر. ومنذ ذلك الحين، وعلى الرغم من التهديدات المتكررة، لم تشن إيران هجوماً مباشراً آخر على إسرائيل.
في الرابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني، وقعت إسرائيل ولبنان، بموافقة إيران وحزب الله، اتفاق وقف إطلاق النار، الذي صمد إلى حد كبير. في اليوم نفسه، بدأ المتمردون السوريون بدعم من تركيا عملية عسكرية ضد نظام الأسد. وفي أقل من أسبوعين، وصل المتمردون إلى دمشق وأعلنوا حكومة جديدة، مع الحد الأدنى من المقاومة من القوات السورية أو الروسية أو الإيرانية أو من حزب الله. وبدلاً من تعزيز هيمنة إيران، وجهت الحرب ضربة قوية لمكانتها الإقليمية.
لقد أدى وقف إطلاق النار في لبنان والوضع المتكشف في سوريا إلى خلق فراغ قيادي في الشرق الأوسط. وتقدم الإنجازات العسكرية الإسرائيلية فرصة لتشكيل تحالف جديد قادر على إعادة تشكيل مستقبل المنطقة وتقديم واقع بديل للسلام والاستقرار والازدهار.
تحالف الراغبين
يتعين على إسرائيل أن تبني على انتصاراتها العملياتية من خلال توضيح ومتابعة رؤية استراتيجية متماسكة لتحالف إقليمي معتدل بين إسرائيل والدول العربية السُنّية، بقيادة المملكة العربية السعودية. ويتعين عليها أن تعالج التهديدات الأمنية الرئيسية، وأهمها إيران، وأن تقدم جبهة موحدة ضد محاولات تركيا وقطر لتعزيز نفوذ جماعة الإخوان المسلمين في العالم العربي، وهي المهمة التي أصبحت أكثر إلحاحاً في أعقاب انهيار نظام الأسد. وأخيراً، يتعين على التحالف أن يقدم للفلسطينيين مستقبلاً سياسياً مع حماية إسرائيل من الهجمات الإرهابية في المستقبل.
إن إسرائيل الآن في وضع قوي يسمح لها بإحراز تقدم حقيقي في تحقيق هذه النتيجة. ولكنها لا تستطيع أن تفعل ذلك بمفردها. فهي تحتاج إلى الولايات المتحدة لقيادة الجهود المعقدة والشراكة العربية لتوفير الشرعية في الشرق الأوسط وتحويل رؤيتها إلى قوة إقليمية فعّالة. الخطوة الأولى: ينبغي لإسرائيل أن تعقد قمة مع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والبحرين ومصر والأردن والإمارات العربية المتحدة وأي جهات فاعلة تطمح إلى المساعدة في إعادة تشكيل الشرق الأوسط، بما في ذلك الممثلين الفلسطينيين، في عاصمة رائدة في الشرق الأوسط مثل الرياض. وتشمل أهداف هذه القمة إنشاء تحالف أميركي عربي إسرائيلي قائم على رؤية إقليمية مشتركة؛ وتعزيز عملية التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية (ومن الناحية المثالية، دول إضافية مثل عُمان وإندونيسيا)؛ وإنشاء إطار أمني إقليمي جديد؛ ووضع خارطة طريق لغزة خالية من حماس من خلال حملة لإزالة التطرف. وينبغي للخطة أيضاً أن تهدف إلى زيادة بصمة دول الخليج في سوريا للحد من نفوذ إيران والإخوان المسلمين في البلاد.
إن الرؤية الإقليمية لابد وأن تتضمن أيضاً مكوناً فلسطينياً، في أعقاب الاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة، والذي من شأنه أن يسهل عودة جميع الأسرى الإسرائيليين. ولابد وأن تعمل القمة على إرساء مستقبل سياسي للفلسطينيين يختلف عن النهج الذي اتبعته الدول العربية والولايات المتحدة في الماضي، والذي ركز على حل الدولتين. وبدلاً من ذلك، لابد وأن يؤكد التحالف على الانتقال المرن الطويل الأمد الذي يبرهن فيه الفلسطينيون على الحكم الفعّال والعمل بنشاط على القضاء على نفوذ الفصائل الأكثر تطرفاً في المجتمع الفلسطيني.
لقد أعادت إسرائيل تأكيد قدرتها على تشكيل السياسة والأمن في الشرق الأوسط.
وعلاوة على ذلك، لابد وأن يتفق الزعماء العرب على أن إعادة إعمار غزة من قِبَل التحالف لن تمضي قدماً إلا بعد نزع السلاح بالكامل من القطاع، وعند هذه النقطة يتعين على إسرائيل أن تلتزم بانسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي. وقبل ذلك، لابد وأن يحتفظ جيش الدفاع الإسرائيلي بالقدرة على إنشاء منطقة عازلة أمنية داخل غزة على طول الحدود مع إسرائيل لمنع أي حشد عسكري محتمل من قِبَل حماس.
إن الولايات المتحدة لابد وأن تشرف على عملية انتقالية خاضعة لمراقبة جيدة إلى الحكم الفعال في غزة من جانب لجنة فلسطينية بقيادة عربية تعترف بإسرائيل كدولة يهودية، وتقضي على الإرهاب، وتوقف المدفوعات للإرهابيين، وتشجع على نزع التطرف داخل المجتمع الفلسطيني وكذلك في المحافل الدولية. كما ينبغي لها أن تعمل مع مصر لوضع استراتيجية لتأمين الحدود المصرية بين مصر وغزة لمنع إعادة تسليح حماس.
إن هذه الشروط الإسرائيلية من شأنها أن تتوافق مع المصالح الأميركية والعربية، وخاصة مصالح دول الخليج، التي تسعى إلى إنهاء الحرب في غزة وتفهم أن الدولة الفلسطينية القابلة للحياة غير واقعية حالياً، ولكنها تدرك أهمية تزويد الفلسطينيين بأفق سياسي لتعزيز الأهداف الإقليمية، مثل مواجهة إيران، ومكافحة جماعة الإخوان المسلمين، وتعزيز التعاون الاقتصادي والتكنولوجي مع إسرائيل.
وينبغي للقمة أن تهدف إلى تسريع تطوير بنية دفاعية إقليمية دائمة. إن تشكيل فرق عمل متخصصة بقيادة القيادة المركزية الأميركية، وجيش الدفاع الإسرائيلي، وجيوش البحرين ومصر والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من شأنه أن يعالج قضايا الدفاع الجوي والصاروخي، وتأمين الملاحة البحرية، ومكافحة الإرهاب من المتطرفين الشيعة والسنة، وتعزيز تبادل المعلومات الاستخباراتية. ويتعين على إسرائيل والولايات المتحدة أن تعملا بجدية خاصة لمواءمة استراتيجياتهما لمنع إيران من امتلاك الأسلحة النووية. ومن الأهمية بمكان على نحو متزايد إرساء الردع الموثوق، لأن إضعاف شبكة وكلاء إيران يجعل من النووي خياراً أكثر جاذبية.
على نفس الصفحة
إن من مصلحة كل من إسرائيل وشركائها الإقليميين أن تظل إدارة ترامب القادمة ملتزمة بالشرق الأوسط وراغبة في استخدام القوة لضمان أمن حلفائها وردع الخصوم المشتركين. وقد يواجه هذا الالتزام بالدفاع عن المنطقة معارضة من الفصائل داخل الإدارة التي دعت إلى الحد من التدخل الدولي للولايات المتحدة. فقد أشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة لن تتدخل في سوريا وأشار إلى رغبته في استكمال انسحاب القوات الأميركية من سوريا في وقت ضعفت فيه مواقف روسيا وإيران.
لقد بدا أن الهجوم المفاجئ الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول أثبت أن سيطرة إسرائيل على مسار منطقتها أقل كثيرا مما تصورت. وعلى مدى ما يقرب من عام، أشارت حرب إسرائيل التي تلت ذلك في غزة إلى نفس الشيء. وعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية، أعادت إسرائيل تأكيد قدرتها على تشكيل السياسة والأمن في الشرق الأوسط. ولكن بدون قيادة شجاعة، قد تفلت فرصة إسرائيل. إن تطلعات الأعضاء المتطرفين في ائتلاف نتنياهو لضم أجزاء من غزة والضفة الغربية، أو فرض الحكم العسكري في غزة، أو متابعة أجندة محلية استقطابية تعمل على إضعاف المؤسسات الديمقراطية من شأنها أن تعيق هذا التقدم بشدة.
إن الحكومة الإسرائيلية التي تتقدم بالرؤية المقترحة سوف تحظى بدعم غالبية مواطنيها ومن المرجح أن تعزز مكانة إسرائيل الإقليمية. وعلى العكس من ذلك، فإن الحكومة التي لا تكبح جماح خطابها وأفعالها المتطرفة لن تؤدي إلا إلى تمهيد الطريق لصراع إقليمي موسع بلا نهاية واقعية – وتخدم مصالح النظام الإيراني.
لقد أدرك السنوار وقادة إيران إمكانات الحرب في إعادة ترتيب الشرق الأوسط. ولا ينبغي لإسرائيل أن ترضى بأقل من ذلك. ولكن يجب عليها أن تستخدم قوتها بسرعة وحكمة. إن الرؤية للمنطقة فقط والتي تعالج التهديدات التي تشكلها إيران، وتعزز التكامل الإقليمي، وتؤسس لأفق سياسي للفلسطينيين، بدعم من خطة منسقة تدعمها الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يمكن أن تستفيد من نجاح إسرائيل العسكري ضد إيران لتحقيق شرق أوسط أكثر استقرارا وسلاما وازدهارا والاستفادة من الفرص التي ستظهر في أعقاب الحرب.
عاموس يادلين هو مؤسس ورئيس منظمة MIND إسرائيل. وهو لواء متقاعد في سلاح الجو الإسرائيلي وشغل منصب رئيس استخبارات الدفاع الإسرائيلية من عام 2006 إلى عام 2010.
أفنير جولوف هو نائب رئيس منظمة MIND إسرائيل. من عام 2018 إلى عام 2023، كان مديرًا أول في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي.
---------------------------------------------
جنود إسرائيليون يعترفون: قتلنا مدنيين بغزة ثم صنفناهم “إرهابيين”
كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية، الجمعة، عن اعترافات جنود إسرائيليين بشأن قتلهم مدنيين فلسطينيين في قطاع غزة ومن ثم تصنيفهم “إرهابيين”.
ونقلت الصحيفة عن الجنود قولهم إن “المباني في غزة التي صُنفت على أنها منازل لإرهابيين أو مناطق تجمع للعدو لم يتم إزالتها من قائمة أهداف الجيش حتى بعد قصفها، ما يعرض المدنيين الذين يدخلونها للخطر”.
وأضافت نقلا عن الجنود: “يحدث هذا لأن الجيش لا يحدّث قائمة أهدافه في غزة دوريا، ولا يخبر القوات على الأرض بالمباني التي لم يعد يستخدمها مسلحون”.
وتابعت: “نتيجة لذلك، فإن أي شخص بما في ذلك غير المقاتلين، يدخل مثل هذا المبنى يخاطر بالتعرض لهجوم من الجيش الإسرائيلي وتصنيفه بعد وفاته إرهابيا، حتى لو لم يكن هناك أي نشاط إرهابي هناك بعد الآن”، وفق تعبيرها.
وأردفت: “منذ بداية الحرب، زعم الجيش أن عدد المسلحين الذين قُتلوا، والمبلّغ عنه لا يشمل سوى الذين تم تأكيد هوياتهم مسلحين، ومع ذلك، تشير شهادات الجنود الذين خدموا في غزة إلى حقيقة مختلفة”.
وبدعم أمريكي ترتكب قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بقطاع غزة خلّفت أكثر من 152 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
ضرب المدنيين
ونقلت “هآرتس” عن ضابط لم تسمه من قسم الاستهداف في أحد ألوية الجيش الإسرائيلي، وشارك في جولات قتال عدة بغزة، أنه وفقًا للمبادئ التوجيهية فإن “المبنى النشط سيظل دائما مبنى نشطا، حتى لو قُتل المسلح هناك قبل ستة أشهر”.
وقالت: “أكد ضابط كبير هذه التصريحات لصحيفة هآرتس، لكنه زعم أن الجيش تبنى هذا النهج بعدما رأى أن المسلحين يعودون إلى منازلهم ونقاط تجمعهم بعد تعرضهم للهجوم”.
وأضاف الضابط للصحيفة: “كانت هناك أهداف عادت إلى الحياة فجأة، لذا إذا قرر شخص ما الدخول إلى مبنى بحثا عن مكان للاختباء، فسيتم ضرب المبنى”.
وأشار إلى أن تعليمات الجيش في منطقة ممر نتساريم وسط قطاع غزة أفادت بـ”ضرب أي شخص يدخل مبنى بغض النظر عن هويته، حتى لو كان يبحث فقط عن مأوى من الممر”.
التنافس على القتل
وفي شهادة أخرى، نقلت “هآرتس” عن ضابط لم تسمه تم تسريحه مؤخرا من الفرقة 252، قوله: “بالنسبة للفرقة، تمتد منطقة القتل إلى مدى ما يمكن أن يراه القناص”.
وأضاف الضابط للصحيفة: “نحن نقتل المدنيين هناك الذين يتم اعتبارهم إرهابيين”، وفق تعبيره ودون ذكر تفاصيل.
وتابع: “لقد حولت تصريحات متحدث الجيش الإسرائيلي عن أعداد الضحايا هذه المسألة إلى منافسة بين الوحدات، فإذا كانت الفرقة 99 قد قتلت 150 (شخصا)، فإن الوحدة التالية تستهدف 200″.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلنت وزارة الصحة التي تديرها حماس أن عدد الشهداء في غزة منذ بداية الحرب تجاوز 45 ألف شخص.
وتُقدر وزارة الصحة أن الأعداد الحقيقية أعلى من ذلك، حيث لا يزال أكثر من 10 آلاف شخص مدفونين تحت أنقاض المباني، وقد تم التحقق من المعلومات التي نشرتها الوزارة من قبل منظمات دولية وحكومات ووجد أنها ذات مصداقية”.
ولفتت “هآرتس” إلى أن إسرائيل تشكك في الأرقام التي نشرتها وزارة الصحة بغزة، مشيرة إلى أنها “لا تحصي أو تنشر بنفسها عدد القتلى الفلسطينيين المدنيين في الصراع الحالي، على عكس الحروب السابقة”.
استهداف المواصي
وفي تقريرها، تحدثت “هآرتس” عن ضربات جيش الاحتلال الإسرائيلي في منطقة المواصي والتي تمتد من جنوب غرب خان يونس إلى جنوب غرب المنطقة الوسطى، وسبق أن صنفها الجيش “آمنة”.
وقالت عن ذلك: “كثف الجيش مؤخرا ضرباته في المواصي وهي منطقة صنفها الجيش نفسه منطقة إنسانية”.
وأضافت: “لم يتردد الجيش الإسرائيلي قط في ضرب المنطقة التي تحولت إلى مدينة خيام ضخمة مليئة بمئات آلاف النازحين، لكنه زاد مؤخرا وتيرة الضربات، حيث تشير تقديرات إلى أن عشرات من الناس قتلوا هناك بالفعل”.
وفي الأسابيع الأخيرة، كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي هجماته الجوية على منطقة المواصي باستهداف خيام نازحين وتجمعات مدنيين، ما أسفر عن استشهاد وإصابة عشرات الفلسطينيين.
وبحسب الصحيفة فإنه “لم يصدر الجيش الإسرائيلي أي رد على التقرير” حتى ساعة نشر الخبر.
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
---------------------------------------------
هآرتس 20/12/2024
إسرائيل في طريقها لتبدو كالأنظمة الظلامية
بقلم: أسرة التحرير
درج في الماضي التحذير من أنه إذا واصلت الديمقراطية الإسرائيلية التدهور ستصبح الحياة هنا "مثلما في الأنظمة الظلامية". أما الآن فلا معنى للعب بـ"إذا" و"مثلما". فقد أصبحت إسرائيل دولة خطيرة على المرء فيها أن يكون مواطنا معارضا للحكم. هكذا بالضبط تبدو الأنظمة الظلامية.
في الأنظمة الظلامية، تصبح الشرطة ذراع القمع للنظام وكل من يحدد كمنتقد علني له يصبح تلقائيا معارضا للنظام ينبغي "معالجته". يوم الثلاثاء الماضي، أعطي مثال آخر على ذلك. وحدة التحقيق في الجرائم أوقفت للتحقيق نشيطين شاركا في تلوين طريق في القدس في آذار (مارس) 2023 احتجاجا على الانقلاب النظامي. فلماذا تذكرت الشرطة بعد أكثر من سنة ونصف من الفعل، توقيف النشيطين؟
بالتأكيد ليس لأنهما "اشتبه بهما بإفساد وجه الأرض"، على حد تعبير بيان الشرطة عند اعتقالهما. فقد أوقفا مرة أخرى للتحقيق لأنه في وحدة التحقيق بالجرائم أيضا يعرفون أين تهب روح القائد بالنسبة لنشطاء الاحتجاج.
"روح القائد" لا تتعلق بالقائد الرسمي، المفتش العام داني ليفي، الذي عين في منصبه كي يخدم بإخلاص الزعيم، وزير انعدام الأمن القومي، ايتمار بن غفير. في الشرطة يفهمون هذا جيدا، وعليه فيحاولون الإصابة مباشرة لرأي بن غفير نفسه. والدليل، هذا الأسبوع فقط تقرر ترفيع ثلاثة ضباط مقربين من الوزير بينهم العقيد شرطة نيسو غواتا، الذي وثق وهو يعتدي على مصور أمام منزل رئيس الوزراء في القدس في 2020. يعبر ترفيع غواتا عن "روح القائد" المرغوب فيها إياها: كل من يقمع الاحتجاج بيد قاسية، يحظى بالترفيع؛ كل من يبدي تفهما لقيم كحرية التعبير وحرية الاحتجاج، يسقط من الجهاز.
إن توقيف النشيطين ينضم إلى قضية أكثر خطورة بكثير، المحاكمة السياسية الاستعراضية التي يفترض أن تجرى لأربعة، وهم متهمون في قضية إطلاق قنابل الإضاءة من فوق منزل رئيس الوزراء في قيساريا. يحتجز الأربعة في المعتقل منذ أكثر من شهر في ظروف سجناء أمنيين، إذ إن النيابة العامة قررت التعاون مع التحول الفاشي للحكم ونسب دوافع إرهابية لهم.
رغم أن إطلاق قنابل الإضاءة كان زائدا وجديرا بالعقاب، فإن الشكل غير المتوازن الذي تعالج فيه سلطات إنفاذ القانون القضية يأتي ليطلق رسالة: هكذا سيجرى لمن يتجرأ على معارضة الحكم - فهو سيذوي في أقبية المعتقلين وسيمكث سنوات طويلة في السجن. هذا أيضا هو السبب الذي جعل الأربعة يجردون من ملابسهم ويجتازون تفتيشا على أجسادهم بعد أن زارهم النائب جلعاد كريف.
تعمل حكومة إسرائيل كنظام قمعي يسحق مواطنيه. الشرطة هي أداة في يده، والنيابة العامة تتعاون. المعارضة يجب أن تستيقظ قبل أن تسكت تماما، وينبغي للجمهور أن يخرج ويتظاهر ضد النظام غير الشرعي هذا قبل أن يفوت الأوان.
------------------انتهت النشرة------------------
أضف تعليق