"بلومبيرغ": أمريكا لا تستطيع أن "تتولى القيادة" في سوريا لتجنب التورط المباشر
وقال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، "إن سوريا ليست صديقة أمريكا ولا هي التي تقاتلها، ولكنها مع ذلك معركة أصدقاء أمريكا، ولا تقل أهمية عن معركة أعدائها، ما يحدث في سوريا سيؤثر بشكل كبير على مسار الشرق الأوسط ومستقبل المصالح الأمريكية فيه.
السياسة الأمريكية: تجنب التورط المباشر
وبحسب الموقع الإخباري، يبدو أن ترامب محق من حيث المبدأ في عدم الرغبة بالتورط العميق في سوريا، وهو موقف شاركه فيه كل من الرئيسين السابقين جو بايدن وباراك أوباما، اللذين قاما بتقييد التدخل الأمريكي المباشر إلى حد منع سيطرة تنظيم "داعش" على سوريا. وفي المستقبل القريب، من المرجح أن تنسحب القوات الأمريكية المتبقية في سوريا، والتي يبلغ عددها حوالي 900 جندي.
الحاجة إلى استثمار محدود
رغم ذلك، يبقى هذا الوجود المحدود ضروريًا الآن أكثر من أي وقت مضى لتحقيق هدفين رئيسيين:
* منع عودة تنظيم "داعش" في ظل الفوضى.
* الحيلولة دون تحويل إيران ووكلائها للطريق بين بغداد ودمشق إلى ممر لتسليح حزب الله وزعزعة استقرار الأردن وإسرائيل.
مصالح الحلفاء الإقليميين
إسرائيل:
بعد فرار الرئيس بشار الأسد من دمشق، سارعت القوات الإسرائيلية إلى التحرك في منطقة الجولان وضربت أصولًا عسكرية سورية، لضمان عدم وقوعها في أيدي الفصائل المعادية المتعددة في سوريا بعد الأسد.
رغم ذلك، لا يمكن لهذه التحركات الإسرائيلية أن تضمن الأمن على المدى الطويل. كما أن استمرارها قد يثير ردود فعل معادية.
تركيا:
تركيا تستضيف ملايين اللاجئين السوريين، وتسعى لإعادتهم إلى بلادهم. لكن عودة اللاجئين مشروطة باستقرار سوريا، ما يجعل تركيا لاعبًا رئيسيًا في جهود إعادة الإعمار. ومع ذلك، فإنها تحتاج إلى دعم مالي دولي لتحقيق ذلك.
دول الخليج:
للسعودية والإمارات مصلحة استراتيجية في منع إيران من استعادة نفوذها في سوريا. ويمكن أن تكون مساهماتهما المالية أساسية في دعم جهود إعادة الإعمار.
أوروبا:
تسعى أوروبا لتخفيف أزمة اللاجئين السوريين التي أرهقت أنظمتها، ما يدفعها للمشاركة في جهود إعادة الإعمار لتمكين اللاجئين من العودة إلى بلادهم.
الفرصة أمام التعاون الإقليمي
كما أشار عامي أيالون، رئيس البحرية الإسرائيلية السابق، فإن الفرصة تكمن في تسخير الموارد التي يمكن أن تقدمها الدول العربية بالتعاون مع تركيا لإعادة بناء سوريا.
هناك "تعطش هائل" بين السوريين، بعد أكثر من عقد من الحرب و500,000 قتيل ونزوح جماعي، للحصول على دعم يساعدهم في استعادة بلدهم.
يمكن أن يسهم استقرار سوريا في معالجة الأزمات الإقليمية مثل انهيار لبنان وتحديات اللاجئين في تركيا وأوروبا.
ما هو منطقي لا يتحقق دائمًا. وهذا ينطبق بشكل خاص على بلد يعاني انقسامات طائفية وإثنية عميقة مثل سوريا، حيث تمثل القوة المحركة الرئيسية تنظيمًا إسلاميًا مصنفًا كإرهابي، حتى لو حاول تقديم رسائل معتدلة. في الوقت نفسه، لم تعد تركيا الصديق الذي كانت عليه سابقًا لإسرائيل، بل أصبحت ناقدة صريحة لها.
الدور الأمريكي الممكن
لا يمكن للولايات المتحدة، ولا ينبغي لها، أن "تقود" الوضع في سوريا، لكنها تمتلك قوة دبلوماسية يمكن استغلالها، وتشمل هذه القوة التوسط للوصول إلى اتفاق يُرضي رغبة تركيا في تأمين حدودها ضد المقاتلين الأكراد الذين تصنفهم إرهابيين، دون أن يؤدي ذلك إلى عقاب حلفاء واشنطن الأكراد المخلصين أو إفراغ السجون التي تحتجز مقاتلي "داعش". بنفس الطريقة، قد تكون الولايات المتحدة ضرورية للتوسط بين تركيا وإسرائيل.
مؤشرات على الحراك الدبلوماسي
هناك دلائل على حدوث هذا بالفعل. فقد هددت إدارة بايدن هذا الأسبوع أكراد سوريا بسحب الحماية الأمريكية إذا لم يتخلوا عن السيطرة على مدينة منبج، وهي مدينة ذات غالبية عربية في شمال سوريا سيطرت عليها القوات الكردية عام 2016 بعد طرد تنظيم "داعش".
وقامت الولايات المتحدة بالتوسط لتسليم المدينة إلى الحكومة السورية المؤقتة بالتنسيق مع تركيا.
معضلة تركيا وسوريا
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يكن مهندس سقوط الأسد، لكنه الآن يواجه العبء الأكبر للمشكلة السورية، سواء للأفضل أو للأسوأ. وإذا لم يتمكن من تحقيق أهدافه بمساعدة أوروبا والسعودية، فمن المرجح أن يعتمد على الأموال القطرية ويتعامل مع أي قوى خارجية تتدخل، بما في ذلك روسيا وإيران.
طريق ضيق ولكن واعد
الطريق نحو النجاح ضيق، لكنه يستحق المحاولة بلا شك. البديل لمستقبل سوريا ليس حياديًا أو إيجابيًا، بل هو سيناريو لدولة فاشلة تتفكك على أسس إثنية وطائفية، لتصبح ساحة معركة للقوى الخارجية وحاضنة للجهادية العالمية.
الخلاصة
أضف تعليق