25 كانون الأول 2024 الساعة 10:02

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاربعاء 4/12/2024 العدد 1174

2024-12-05 عدد القراءات : 64
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

عن «N12» 4/12/2024

 

 

من الأفضل لإسرائيل أن تتعامل مع «الشيطان الذي لا تعرفه»!

 

 

بقلم: عاموس يادلين وأودي أفينتال

 

تأتي مصائب المحور الإيراني تباعاً؛ فالتقدّم السريع لقوات المتمردين الجهاديين في سورية، الذين احتلوا مدينة حلب المهمة، ويتقدمون نحو حماة، يشكّل ضربة قوية إضافية إلى «محور الشر» في الشرق الأوسط، وقد تلقت منظومة الأذرع بقيادة إيران في المنطقة خلال الأشهر الماضية سلسلة ضربات أسقطتها عليها إسرائيل في غزة ولبنان واليمن وفي الأراضي الإيرانية نفسها، والآن تواجه تهديداً آخر له أهمية مصيرية بالنسبة إلى إيران على الصعيد الجغرافي الاستراتيجي الذي يضمن لها تواصلاً جغرافياً مع البحر المتوسط كجبهة في مقابل إسرائيل، وكمكون أساسي كي تتمكن من إعادة بناء القوة العسكرية لحزب الله في لبنان.

يبدو أن الضربات القوية التي وجهتها إسرائيل إلى المحور الإيراني تقود إلى موجات ارتدادية في المنطقة برمّتها، ومن الواضح أن هناك علاقة لذلك أيضاً بتوقيت هجوم المتمردين.

وبعكس التخوفات من التغييرات المتوقعة في سورية، والتي تنتشر في الإعلام، ويتم تسريبها من «الكابينيت» منذ بدء هجوم المتمردين، فإن الفرص الكامنة على صعيد المصالح الاستراتيجية لإسرائيل تزيد على المخاطر.

وهناك إمكانية لتدفع الأحداث في سورية «حزب الله» وإيران إلى استثمار موارد اقتصادية وعسكرية بهدف المحافظة على النظام في سورية كساحة عبور وحيدة إلى لبنان، ومن المرجح أن يقوم النظام، بالتشارك مع إيران و«حزب الله» وروسيا، بإعادة تنظيم ذاته من أجل كبْح هجوم المتمردين والحرب الأهلية المتجددة في الدولة، ويمكن أن يستمر هذا لوقت طويل.

خلال السنوات التي سيطر «داعش» فيها على مناطق في العراق، تم إغلاق الطريق البرّي الإيراني من هناك إلى سورية، والآن من المتوقع أن نشهد إغلاقاً شبيهاً بذلك للمعابر البرّية من سورية إلى لبنان، في الوقت الذي ستكون فيه لدى إسرائيل حرّية العمل الواسعة ضد الشحنات الجوية عبر سورية.

صحيح أن اعتماد النظام السوري على إيران وحزب الله من أجل نجاته سيتعمق، لكنه سيمتنع عن أي مواجهة مع إسرائيل.

وفي ضوء هذه الأوضاع، تزداد فرص الاتفاق الذي تم التوصل إليه مؤخراً في كبح جماح قوات «حزب الله» على المدى البعيد، وذلك نتيجة تباطؤ مسار إعادة ترميم قوته العسكرية بعد الحرب مع إسرائيل، كما أنه من الممكن أن تتحول بقايا قوته إلى الحرب الأهلية السورية. وفي الوقت نفسه، فإن شهية إيران للاستمرار في جولات التهديد والضرب مع إسرائيل يمكن أن تتراجع أكثر بعد أن أدت الهجمات الفعّالة الإسرائيلية على أراضيها في تشرين الأول إلى تهدئة حماستها.

وعندما يضعف المحور برمّته ويتغير سلّم أولوياته، ويغدو تركيزه على سورية، فإن «حماس» في غزة ستهبط إلى أسفل القائمة، بعد أن تم فصل علاقة غزة بلبنان، وعلى إسرائيل أن تستغل ضعف «حماس» وعزلتها لتحقيق التزامها الأهم الموجود على رأس سلّم أولوياتها القومي، وهو إعادة المخطوفين بصفقة.

وفي مقابل الإيجابيات الواضحة لإسرائيل نتيجة ما يحدث في سورية، هناك من يرى أن النظام في سورية هو «الأقل سوءاً»، ويدّعي أنه من الأفضل لإسرائيل أن تتعامل مع «الشيطان الذي نعرفه»، وبحسبهم، فإن هذا النظام هو عنوان يمكن إجراء حوار ردع فعال معه (يسمح لسلاح الجو بحرّية حركة)، كما أنه يقمع القوات الإسلامية البعيدة عن كونها «محبة لصهيون»، ويحافظ على استقرار معيّن في سورية، وعلى السلاح غير التقليدي، وخصوصاً في أراضيها.

أمّا نحن، فنعتقد العكس؛ فالأسد لا يحافظ فعلاً على الاستقرار في البلد، إنما هو مركّب مركزي في المحور الذي يشكّل التهديد الاستراتيجي الأكبر على إسرائيل، وأغلب سلاح «حزب الله» وصل من مصانع السلاح الخاصة به، أو من إيران عبر المناطق السورية.

إن علاقات النظام السوري بنظام إيران عميقة، وكل جهود إسرائيل والدول العربية المعتدلة والقوى الغربية على مدار عشرات الأعوام لإبعاده عن إيران فشلت.

وفي الجهة الأُخرى، فإنه من المستبعَد أن تقوم مجموعات المتمردين السنية الكثيرة في سورية بتوجيه سلاحها إلى إسرائيل، والمؤكد أنه ليس على المدى المباشر أو المتوسط، فحساب الدم الخاص بهم مع النظام السوري وإيران و«حزب الله» أكبر كثيراً من حسابهم مع الدولة اليهودية، بالإضافة إلى نزاعاتهم الداخلية.

والأهم من هذا، فإنهم، بعكس إيران والنظام السوري، لا يملكون مشروعاً نووياً أو صواريخ باليستية أو مصانع متطوّرة لتصنيع السلاح، ولا توجد وراءهم قوى عظمى عالمية أو إقليمية مستعدة لاستثمار المليارات فيهم.

يخيفون شعب إسرائيل هنا من أن المتمردين سيسيطرون على السلاح الكيماوي الذي تبقّى في سورية، والمهم في هذا السياق هو أن نفهم أن أغلب هذه الأسلحة تم إتلافه، أو أُخرج من سورية سنة 2013، وقدرة المتمردين على السيطرة على مسارات التجهيز والتفعيل لهذه الأسلحة المركّبة محدودة. وفي جميع الأحوال، فقد تمتعت إسرائيل خلال الأعوام الـ10 الماضية بحرّية الحركة، وأظهرت قدرات على إحباط كل تهديد استراتيجي من سورية.

في الخلاصة، ومع توخّي الحذر المطلوب، يبدو أنه من الأفضل لإسرائيل في ضوء الأوضاع الحالية أن تتعامل مع «الشيطان الذي لا تعرفه»، بشرط أن يقود هذا الأمر إلى عملية إضعاف للمحور الشيعي وإيران في سورية بصورة عامة، وهو ما يعني تغييراً دراماتيكياً وإيجابياً لمصلحة إسرائيل في ميزان القوى الإقليمية.

وفي هذا السياق، يجب ذكْر المقولة المشهورة لرئيس الحكومة مناحم بيغن بشأن حرب إيران - العراق التي استمرت 8 أعوام: «تمنيت النجاح للطرفين».

---------------------------------------------

 

يديعوت 4/12/2024

 

 

ترامب يحاول تسريع صفقة تبادل المخطوفين قبل توليه الرئاسة

 

 

بقلم: رون بن يشاي

 

التهديد الحاد الذي أطلقه الرئيس الأميركي المنتخَب، دونالد ترامب، ليلة الإثنين، والذي قال فيه إنه إذا لم يتم إطلاق سراح المختطَفين حتى موعد تنصيبه فإن العواقب ستتمثل في انفتاح باب الجحيم على الشرق الأوسط، يهدف إلى تسريع المفاوضات الجارية لإتمام صفقة تُدار وراء الكواليس.

ويشارك في هذه المفاوضات، التي تتم في معظمها بسرّية، كل من الولايات المتحدة وإسرائيل والوسيط المصري، وربما أيضاً تركيا. أمّا قطر، فهي تجلس الآن في المقعد الخلفي، ولا تقود المفاوضات كما كانت تفعل سابقاً، وذلك بعد أن أغلقت الباب في وجه كبار قادة «حماس». ومع ذلك، فلا تزال قطر جزءاً من مشهد الاتصالات، ويبدو أن تصريح ترامب يعتمد بصورة غير مباشرة على علاقات الرئيس المنتخب بالدوحة.

يمكن الافتراض أن مبادرة ترامب لإطلاق تهديده الجديد لم تأتِ من فريق المفاوضات الخاص بترامب، إنما على الأرجح كانت نتيجة مبادرة مشتركة بين إسرائيل وإدارة بايدن. وهناك حالياً مصلحة مشتركة بين الرئيس بايدن والرئيس المقبل فيما يتعلق بالتوصل إلى صفقة تبادُل؛ فبايدن يريد أن يسجل إنجاز الصفقة لمصلحته قبل أن يتولى رئيس جمهوري البيت الأبيض، بينما ترامب يريد أن يبدأ فترته الرئاسية من دون أن يضطر إلى التدخل أو اتخاذ قرارات بشأن مسألة الحرب في الشرق الأوسط بصورة عامة، وفي غزة بصورة خاصة.

وتقوم أيديولوجية ترامب على التحرر من الحروب في مختلف أنحاء العالم، لكي يتمكن من التركيز على إعادة تشكيل الولايات المتحدة وفقاً لرؤيته ورغبات ناخبيه.

البيان الذي أصدره ترامب، ليلة الاثنين، يهدد حركة «حماس» بـ»ضربة قاسية»، والسؤال هو ما إذا كان هذا التهديد جاداً، وإذا كانت الحركة نفسها ستأخذه على محمل الجد. صحيح أن ترامب لا يملك قدرة عسكرية مباشرة لتهديد «حماس»، لأن إسرائيل فعلاً تقوم بكل ما يمكنها القيام به في هذا المجال، لكنه يملك ثلاث أدوات ضغط قوية يمكنه استخدامها للضغط على الحركة ليدفعها إلى تقديم تنازلات في صفقة التبادل، ومعاقبتها إذا لم تستجب بعد توليه منصب الرئاسة.

تتمثل الأداة الأولى في ضرب مصادر تمويل «حماس»، أي تقويض قدرة الحركة على تمويل نشاطاتها بعد توقف القتال، وهذا لا يشمل غزة فقط، بل أيضاً لبنان وأماكن أُخرى حول العالم تستمد منها «حماس» قوتها. وفي هذا السياق، يمكن لترامب التأثير عبر إغلاق جمعيات خيرية في الولايات المتحدة وأميركا الشمالية عموماً، وكذلك عبر حث الأوروبيين على اتخاذ إجراءات مماثلة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للرئيس المنتخَب التأثير في قطر ودفعها إلى وقف تمويلها وتبرعاتها السخية إلى الحركة.

من الممكن جداً أن هذا ما قصده ترامب عندما تحدث عن «ضربة قاسية»، لكن تصريحه دوّت أصداؤه بلا شك أيضاً في طهران؛ إذ أشار المرشد الأعلى، علي خامنئي، والقيادة الإيرانية مراراً وتكراراً إلى خشيتهم من العقوبات التي ربما يفرضها الرئيس المقبل عليهم فيما يتعلق ببرنامج الأسلحة النووية الإيراني والنشاط «الإرهابي» الإيراني في الشرق الأوسط.

وبناءً عليه، يمكن أن تتمثل أداة الضغط الثانية في تنفيذ ترامب تهديداته السابقة ضد الإيرانيين خلال حملته الانتخابية، واستخدام قضية «حماس» كذريعة لفرض تلك العقوبات، ويمكن أن يدفع هذا الإيرانيين إلى الضغط على «حماس» لتقديم تنازلات.

أمّا أداة الضغط الثالثة، فتتمثل في توجيه تهديد مباشر إلى سكان غزة عموماً، والذين تُعد «حماس» جزءاً منهم، فحواه أن الولايات المتحدة لن تشارك في إعادة إعمار القطاع إذا لم تقدّم الحركة تنازلات، الآن، وإذا لم يتم التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح المختطَفين بسبب موقفها.

لا شك في أن بيان ترامب يشكّل تطوراً إيجابياً، وأنه سيكون دافعاً إلى تسريع العملية التي ستؤدي إلى صفقة لإطلاق سراح المختطَفين. ربما يبدو للوهلة الأولى أن الرئيس المنتخَب لا يملك قدرة فعلية على تهديد «حماس»، لكن عند النظر بعمق إلى التأثير الذي يمارسه وسيستمر في ممارسته على داعمي الحركة ومموليها، فإنه يمكن للمرء إدراك كيف يمكن لهذا البيان أن يكون ذا فائدة.

--------------------------------------------

 

هآرتس 4/12/2024

 

 

الصفقة الجديدة لنتنياهو

 

بقلم: روغل الفر

 

 

دولة إسرائيل تتصرف حسب احتياجات رئيس الحكومة الشخصية. ومنها تشتق السياسة. ولكن رئيس الحكومة يرفض الاعتراف بذلك علنا، ونحن لا نعرف اذا كان يعترف بذلك في داخله على أي حال، هو يكذب بخصوص الدوافع التي تشکل سیاسته. وقد أقسم بأنه فقط مصلحة الدولة هي الموجودة نصب عينيه. وبسبب أن دوافعه خفية فانه يصعب على الجمهور توقع خطواته القادمة. لو أن خطواته القادمة كانت تنبع مما يراه الجمهور كمصلحة للدولة، لكان من الاكثر سهولة توقع خطواته، ولما كنا وجدنا انفسنا مرة تلو الاخرى في حالة ضعف امام التطور المناوب.

 

 

ما يزيد الدهشة هو حقيقة أن نتنياهو ليست له حدود، أو كوابح، وهو لا يرى نفسه مقيدا بالمعايير والقانون من الاسهل توقع شخص يحافظ على القانون ويحترم المعايير. ومن الاسهل توقع خطوات شخص يقول الحقيقة، لأنها عامة ومدعومة بالحقائق. في حين أن الكذب هو دائما خاص، ومن اختراع نتنياهو وحده، وفارغ من الحقائق المعروفة للجميع. هذه امور مفهومة ضمنا كما يبدو، لكن حقيقة أن نتنياهو يعمل بدوافع خفية لا يُشرك الجمهور في تفاصيل مصالحه الشخصية)، ويستند الى الأكاذيب التي تجعله عدوا سياسيا يصعب توقع خطواته. هكذا هو بالطبع يشبه دونالد ترامب.

 

 

على خلفية ذلك فان العجز الذي يشعر به الجمهور الديمقراطي في إسرائيل أمام نتنياهو، يشعر به نتنياهو أمام ترامب. من السهل اذا كان الامر هكذا، تخيل ما الذي يمر عليه في هذه الأثناء هو بالطبع لا يشرك الجمهور في ذلك، لكن يمكن الافتراض بأنه يصعب عليه توقع ترامب. وربما لهذه الحقيقة يمكن عزو التغيير الذي حدث عليه مؤخرا في التوقيت الذي يواكب انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة. نتنياهو زاد بشكل كبير وتيرة الانقلاب النظامي في السياسة الداخلية ترامب لا يتدخل. يواف غالنت تمت اقالته، وحدث انقضاض عنيف على وسائل الاعلام الحرة المستشارة القانونية للحكومة، المحكمة العليا والشباك، أن نتنياهو حول الحرب الاساسية التي يديرها نظامه (نظامه دائما يجب عليه اشعال حرب لأنه فاشي) الى الداخل، والجبهة الرئيسية هي الآن الجمهور الديمقراطي في اسرائيل. الى هناك يتم توجيه كل طاقة واهتمام الوزراء واعضاء الائتلاف، الذين يكثرون من مشاريع القوانين الخاصة التي يقدمونها.

ظل الديمقراطية يشعر بالملل: هل تنشغلون بذلك الآن؟ ، كما قلنا دائما متفاجئين من أين جاء ذلك؟ صحيح، هذا ما ينشغلون به الآن لأنهم قاموا باطفاء الجبهة في لبنان بواسطة اتفاق ، والقتال الشديد في قطاع غزة انتهى، والآن تفرغوا للعدو القادم أنتم.

من أين جاءت المكالمة الهاتفية المتعاطفة لنتنياهو مع والدة عيدن الكسند ، التي قال لها فيها بأنه يمكن الدفع قدما بالصفقة. فجأة نتنياهو "يتعاون" مع "الارهاب النفسي" لحماس، كما تعود على اتهام خصومه. وهو يعبر عن استعداده لعقد الصفقة، بالذات تحت ضغط "الابتزاز العاطفي" لفيلم

عن محتجز وهو يبكي.

هذا دليل آخر مقرف ويثير القشعريرة على أن نتنياهو لا توجد لديه ايديولوجيا. في ظروف اخرى كان سيتجاهل بسهولة هذا المحتجز ووالدته. وهاكم الصفقة الجديدة التي يقترحها نتنياهو على الجمهور الديمقراطي في اسرائيل برعاية ترامب عند دخوله الى البيت الابيض: أنتم ستحصلون على المحتجزين العزيزين على قلوبكم ، وشمال القطاع سيعود الى أهل غزة. في المقابل، أنا سأنتزع ديمقراطيتكم. دانييلا فايس ستخرج حزينة، ولكن نحن سنجد العزاء في موجة الاستيطان والضم والفصل العنصري في الضفة الغربية.

---------------------------------------------

 

هآرتس 4/12/2024

 

 

اقرث وبرعم وأم الحيران، والآن غزة

 

 

كنيسة السيدة مريم العذراء في إقرت

 

 

بقلم: كوبي نيف

 

قبل حوالي أسبوعين، نشرت صحيفة “هآرتس” مقالًا لاذعًا وصادقًا بشكل لا يضاهى ضد الظلم الفادح الذي تعرض له سكان قرية أم الحيران البدوية. أُجبر سكان القرية على هدم منازلهم بأيديهم، لتجنب دفع تكاليف الهدم للدولة، ونُقلوا من قريتهم لتُقام على أراضيهم، بقرار حكومي وموافقة المحكمة العليا، مستوطنة يهودية تحمل اسمًا ساخرًا، “درور”، حيث سيتم تسويق الأراضي فيها “فقط لمن يلتزم بتعاليم التوراة والقيم الأرثوذكسية اليهودية”.

كتب في المقال: “تاريخ هذه القرية يعكس الجانب المظلم من المشروع الصهيوني”. و”أفراد عشيرة أبو القيعان، الذين عاشوا في النقب منذ القرن التاسع عشر، نُقلوا في عام 1956 إلى وادي حيران، إلى قرية غير معترف بها تسمى أم الحيران …”. وشُدد في المقال على أن “الدولة نفسها هي التي أرسلتهم إلى هناك”.

وجاء في المقال أيضًا أن السبب وراء تهجير البدو من أراضيهم الأصلية كان “استيلاء كيبوتس شوفال على أراضيهم”. وهنا أضيف أن هذا الكيبوتس ينتمي إلى حركة “هشومير هتسعير” (الحارس الشاب)، التي أسستها حركة مبام الاشتراكية المزعومة، والتي لم يتبقَّ منها اليوم سوى رماد حزب ميرتس.

قصة أم الحيران تصدرت العناوين بسبب مقتل أحد سكان القرية، يعقوب أبو القيعان، والشرطي إيريز ليفي، في عملية شرطية فاشلة، دون أن يُحاسب أي شخص على وفاتهما المأساوية، وأيضًا بسبب التدمير النهائي للقرية البدوية لإقامة مستوطنة يهودية، وكأن النقب لا يحتوي على مساحة كافية لإقامة مستوطنات جديدة.

ورغم ذلك، مر هذا الظلم الفادح بصمت إعلامي وسياسي مطبق، وكأنه أمر عادي ومعتاد.

 

نظرة إلى الوراء: قريتي إقرث وبرعم

 

في أواخر العام 1948، استسلمت قرية إقرث وقرية برعم، وهما قريتان فلسطينيتان مسيحيتان في الجليل الأعلى، دون مقاومة للجيش الإسرائيلي، الذي أمر سكانهما بمغادرة قراهم لمدة أسبوعين فقط “لأسباب أمنية”. كان هذا التبرير الكاذب يُستخدم باستمرار كمبرر لطرد الفلسطينيين، وتجريدهم من أراضيهم وقراهم. بالطبع، لم يتم الوفاء بالوعد بعودة السكان إلى قراهم أبدًا.

 

تجاهل قرارات المحكمة العليا

 

بعد مرور ثلاث سنوات، ومع إدراك المهجرين أن وعد العودة لم يتحقق، لجأوا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية. أصدرت المحكمة حكمًا يأمر الحكومة بالسماح لهم بالعودة إلى قراهم. لكن بدلاً من تنفيذ الحكم، أصدرت السلطات أوامر جديدة بإبعاد السكان عن قراهم، مستندة إلى “أسباب أمنية” بأثر رجعي من العام 1948. ولتعزيز هذا القرار، دمر الجيش الإسرائيلي جميع منازل قرية إقرث.

 

التصعيد واستمرار التهجير

 

لجأ المهجرون إلى المحكمة العليا مرة أخرى للطعن في أوامر الجيش، لكنها رفضت الطعن. بعد عامين، في العام 1953، قصفت القوات الجوية الإسرائيلية منازل قرية برعم المهجورة.

 

مصادرة الأراضي

 

صودرت أراضي القريتين وقُسمت بين المستوطنات اليهودية في المنطقة، مثل “أفين مناحيم”، “شوميرا”، “دوفاف”، و”جورين”، بالإضافة إلى الكيبوتسات “سعسع” و”برعم”، وبعض هذه الأراضي أعلن عنها كمحميات طبيعية.

 

محاولات غير مجدية لإعادة المهجرين

 

العام 1972: قررت حكومة غولدا مئير عدم السماح للمهجرين بالعودة. ولكن حزب المعارضة (جاحل) (الليكود اليوم) برئاسة مناحيم بيغن اعلن ردا على ذلك انه يؤيد المهجرين. ولكن عندما صعد بيغن الى سدة الحكم بعد 5 سنوات من ذلك شكل لجنة والتي قررت الا تسمح للمهجرين بالعودة الى بيوتهم . في العام 1981 قدم المهجرون التماسًا آخر للمحكمة العليا للطعن في أوامر الإبعاد ومصادرة أراضيهم، لكنها رفضت الالتماس بحجة مرور وقت طويل على إصدار الأوامر. وفي العام 1993: شكلت حكومة إسحق رابين لجنة أوصت بإعادة المهجرين إلى مساحة محدودة من أراضيهم (1.200 دونم)، ولكن التوصية لم تُنفذ.

العام 1997: لجأ المهجرون مجددًا إلى المحكمة العليا، لكنها رفضت الالتماس بحجتين: الأولى عدم وجود أراضٍ كافية، والثانية أن إعادة المهجرين قد تشكل “سابقة خطيرة” فيما يتعلق بحق العودة. وبهذا الشكل انتهت القضية، على ما يبدو، دون تحقيق أي عدالة أو إنصاف.

الآن تنفذ دولة إسرائيل – وليس فقط حكومة إسرائيل ذات التوجهات البيبية – الكهانية، بل دولة إسرائيل نفسها – من خلال جيشها، الذي يخدم فيه كتفًا إلى كتف إخوة في السلاح والدمار، من المعسكرين “كابلان” و”البيبييين”، عملية تدمير واسعة النطاق تكاد تصل إلى حد التطهير العرقي في قطاع غزة، خاصة شماله، لإقامة مستوطنات يهودية مكان المدن ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين.

لست أنا، “الخائن اليساري”، من يقول ذلك، بل وزير الدفاع ورئيس الأركان الأسبق الفريق موشيه (بوغي) يعلون: “يدفعوننا نحو الاحتلال، الضم، والتطهير العرقي. انظروا إلى شمال القطاع، سمّوه ترحيلًا أو أي شيء تريدونه، لكن الفكرة هي الاستيطان، إقامة مستوطنات يهودية. هذا هو الموضوع”.

ليس يعلون وحده من يقول ذلك، بل أيضًا دانييلا فايس، منظّرة الاستيطان اليهودي في غزة، والتي يمكن وصفها بـ”هرتسل” دولة اليهود في غزة. عندما سألها المراسل الصحفي إيلان لوكاش من أخبار القناة 12، مستفزًا: “من سيحميكِ هناك؟” أجابت فايس بكل ثقة وفرح: “ما هذا السؤال؟ إذا لم يكن هناك عرب، فلن يكون هناك حاجة للحماية.” هل فهمتم؟.

يعلون محق: “هذا هو الموضوع.” وهذا لم يكن الموضوع الآن فقط في غزة، بل كان دائمًا جوهر المشروع الصهيوني. دائمًا كان الموضوع هو احتلال الأراضي الفلسطينية، طرد سكانها، تدمير منازلهم، مصادرة أراضيهم، إقامة مستوطنات يهودية عليها، وإنشاء دولة اليهود على أرض إسرائيل، التي هي لنا وحدنا.

“تاريخ هذه القرية هو تاريخ الجانب المظلم من المشروع الصهيوني”، كما جاء في مقال افتتاحي سابق. لكن هذا ليس “الجانب المظلم” من المشروع الصهيوني، بل هو المشروع الصهيوني نفسه. لقد ذكرت هنا ثلاثة أمثلة فقط، لكن هناك المئات بل الآلاف المنتشرة في أرجاء البلاد. لأن هذا هو المشروع الصهيوني، وهذه هي الصهيونية.

---------------------------------------------


 

هآرتس 4/12/2024

 

 

تصميم الرقابة على نسب ما ينشر عن مفاعل ديمونة لـ “منشورات اجنبية”، وصل الى النهاية

 

 

بقلم: يوسي ميلمان

 

الكذبة البيضاء لجهاز الامن في اسرائيل، التي استمرت لفترة طويلة وهي من اختراع الرقابة العسكرية، كما تظهر في وسائل الاعلام، هي جملة “حسب منشورات اجنبية”. بشكل خاص هذا التعبير رافقته منشورات تتناول ما يدعيه كل العالم منذ خمسة عقود ونصف وهو “يوجد لدى إسرائيل سلاح نووي”. في هذا الأسبوع يبدو أن هذه الخدعة، “المنشورات الأجنبية”، تبخرت.

في أخبار “كان” تم بث الجزء الأول من السلسلة الوثائقية الجديدة “الذرة وأنا”، التي تكشف للمرة الأولى القصة التي توجد خلف مشروع إسرائيل النووي. الجزء الأول يتناول قصة ولادة المشروع النووي: كيف اشترت إسرائيل من فرنسا المفاعل النووي الذي تم بناءه في ديمونة، والذي تقوم بتشغيله منذ 1960. في هذه المرة لم ترفق بهذه الاقوال عبارة “حسب منشورات اجنبية”، لأنه في السلسلة يتحدث عدد من الذين أجريت معهم المقابلات مثل عاموس عيران، الذي كان مدير عام مكتب رئيس الحكومة، عن “السلاح النووي” في سياقات مختلفة، وضمن ذلك في سياق تجنيد الأموال للمشروع النووي الإسرائيلي.

في مركز الفصل تم بث مقابلة مع بنيامين بلومبرغ، المتوفى، الذي تم اعتباره الرجل الرئيسي في “المشروع السري جدا لدولة إسرائيل لثلاثة عقود تقريبا”. هذا مبالغ فيه. أنا عرفت بلومبرغ قبل 25 سنة. في حينه التقيت معه في شقته في تل ابيب. واستنادا لمحادثتي معه نشرت في 2004 مقالين مطولين في “هآرتس” بعنوان “سري”. للأسف هو طلب عدم اقتباس أقواله أو نسبها اليه. لذلك، المقالين لم يتم نشرهما كمقابلة، ولكني وصفت فيهما بالتفصيل سيرة حياته – بدءا بنشاطه في الهاغاناة وحتى اصبح في 1949 ضابط الامن الرئيسي في وزارة الدفاع. وبحكم هذا المنصب وبسبب الصراعات الشخصية مع رئيس الموساد ايسر هرئيل، فقد كلفه شمعون بيرس، الذي كان المدير العام في وزارة الدفاع، بتشكيل وحدة تحافظ على سرية إقامة المفاعل النووي في ديمونة، من اجل إخفاء من يقف خلفه في العالم، خاصة الولايات المتحدة. المشروع النووي تم اعتباره مخصص للأغراض السلمية، رغم أنه منذ اقامته فان الولايات المتحدة، بريطانيا، الاتحاد السوفييتي سابقا وبعض الدول العربية، قدرت بأن الهدف منه هو انتاج السلاح النووي.

بعد تغيير اسمها عدة مرات، وحدة بلومبرغ حصلت على اسم مستعار وبريء ومضلل هو “مكتب العلاقات العلمية”. في بداية طريقه كان له ثلاثة أدوار: الاهتمام بالحماية المادية لمنشأة المفاعل في ديمونة، منع تسريب المعلومات عن وجود الـ 100 شخص مهني فرنسي، الذين شاركوا في بنائه، وبعد ذلك منع كشف نوايا إسرائيل الحقيقية. بعد ذلك القى هذا المكتب على نفسه مهمات خاصة مثل شراء المعدات والتكنولوجيا والمواد اللازمة للمفاعل ولصناعات امنية أخرى. بكلمات أخرى، هذا المكتب اصبح وحدة استخبارات علمية – تكنولوجية، وبلغة اكثر وضوحا، مقاول سرقات.

بهذه الطريقة حصلت إسرائيل على اليورانيوم الطبيعي المطلوب لتشغيل المفاعل، بعد أن أوقفت فرنسا في 1961 دعمها للمشروع، وجنوب افريقيا أوقفت بيع اليورانيوم لإسرائيل. البطل الحقيقي لحملات الشراء كان الياهو سخروف، المقدم ورجل الصناعة، الذي اجرى علاقات مع رجال اعمال المان، من بينهم طيار في سلاح الجو في المانيا النازية. في كتاب لي كتبت أن سخروف ابلغ بلومبرغ عن المجموعة الألمانية، التي بواسطتها تم شراء 200 طن يورانيوم طبيعي، بالخداع، والذي تم استخراجه في إقليم كتانغا في الكونغو، وبقي موضوع كحجارة لا يمكن نقلها، في شركة تعدين في بلجيكا كانت تبحث عن مشتريه له. بفضل سخروف هذا اليورانيوم وصل في 1968 الى ميناء اسدود، ومن هناك نقل الى ديمونة.

في 1974، في فترة ولاية اسحق رابين، قرر وزير الدفاع شمعون بيرس ومدير عام مكتبه اسحق عيروني، نقل منصب المسؤول عن الامن في وزارة الدفاع من بلومبرغ الى حاييم كرمون. بلومبرغ استمر في عمله كرئيس مكتب العلاقات العلمية، لكن في حكومة الليكود ازداد الضغط لاستبداله، رغم معارضة رئيس الحكومة في حينه مناحيم بيغن. في العام 1981 استسلم بيغن لطلب وزير الدفاع في حينه اريئيل شارون، وبلومبرغ قدم استقالته وذهب للتقاعد. بدلا منه تم تعيين رافي ايتان كرئيس للمكتب.

لا شك أن بلومبرغ جدير بالاحترام على دوره في مشروع ديمونة، لكنه لم يكن من مشكليه. الحقوق وكل الثناء من حق رئيس الحكومة دافيد بن غوريون ومن خلفه، ليفي اشكول، و”شباب بن غوريون” مثل موشيه ديان وشمعون بيرس، وعلماء الذرة، البروفيسور ارنست دافيد برغمان والبروفيسور يسرائيل دوستروفسكي وغيرهم من نفس جيلهم ومواصلي دربهم.

في بداية الستينيات، بسبب الضغوط الدولية، لا سيما من إدارة جون كنيدي ولندن جونسون، قام قادة إسرائيل ببلورة السياسة التي تحظى منذ ذلك الحين بلقب “الضبابية النووية”. إسرائيل لا تؤكد ولا تنفي أنها تمتلك السلاح النووي. هذا احد القرارات الاستراتيجية الأكثر أهمية خلال سنوات وجودنا، ويجب على إسرائيل الرسمية التمسك به. بالتأكيد، طالما أن ايران لم تصنع بعد السلاح النووي.

مع ذلك، تصميم الرقابة العسكرية على اجبار المراسلين على إضافة عبارة “حسب منشورات اجنبية” لكل نبأ في هذا الشأن، هو مضحك وقديم. وسلسلة “الذرة وأنا” يجب أن تكون المسمار لأخير في هذا التابوت العفن.

---------------------------------------------

 

 

 

هآرتس 4/12/2024

 

 

تسريبات، توزيع سلاح وتحريض على العنصرية: التحقيقات في محيط بن غفير

 

 

بقلم: يهوشع براينر

 

التحقيق الجديد الذي تم الكشف عنه أول أمس الذي في اطاره تم اعتقال قائد الوحدة المركزية في لواء شاي الضفة الغربية، العميد شرطة افيشاي معلم، وتم التحقيق مع مفتش مصلحة السجون الجنرال في الشرطة كوبي يعقوبي، هو المرة الأولى التي يتم فيها التحقيق مع ضباط كبار ومقربين من وزير الامن الوطني بن غفير، بتهمة خطيرة تتعلق بعلاقتهما مع الوزير. هذا التحقيق هو الأخير في سلسلة طويلة من تحقيقات جنائية جرت في محيطه منذ تسلمه منصبه قبل سنتين تقريبا.

 

التحقيق الحالي

 

معلم، الذي تم تمديد اعتقاله أمس لاربعة أيام، متهم بأنه نقل الى مكتب بن غفير معلومات سرية اطلع عليها بحكم وظيفته، مقابل ترقيته. مؤخرا الوزير طلب ترقيته وتعيينه في منصب رئيسي وحساس في الشرطة، يمكنه من الوصول الى معلومات سرية جدا. الوحدة المسؤول عنها معلم منذ سنة تقريبا تعمل بشكل روتيني في التحقيق مع نشطاء في اليمين المتطرف والإرهاب اليهودي.

في هذه المرحلة معلم متهم باعطاء رشوة لموظف عام، خرق الأمانة والاخلال بالواجب – وهي التهمة التي تعني الاشتباه بالتسريبات. هو ينفي هذه الاتهامات الموجهة اليه، وبن غفير يقول بأن الامر يتعلق بمحاولة المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، التسبب باقالته، وطلب من أعضاء الحكومة التصويت مع اقالتها. في منظومة انفاذ القانون قالوا للصحيفة بأنه تمت بلورت ما يكفي من الأدلة التي تشير الى سلوك معلم المعيب.

حتى الآن من غير الواضح اذا كان بن غفير نفسه سيتم استدعاءه الى غرف التحقيق كمتهم في القضية. معلم متهم، كما قلنا، باعطاء رشوة، التي هي المعلومات التي نقلها كما يبدو لمن يعتبر في قسم التحقيقات مع رجال الشرطة، كـ “جهة سياسية”، لكن التهمة الأكبر ضده هي خرق الأمانة والاخلال بالواجب، التي تتعلق بنقل المعلومات، والتي كما يبدو من الاسهل اثباتها. لذلك، يبدو أنه في هذه المرحلة التحقيق لم يصل مباشرة الى الوزير.

في نفس الوقت تم التحقيق في هذه القضية مع مفتش مصلحة السجون، كوبي يعقوبي، بتهمة خرق الأمانة والتشويش على إجراءات التحقيق. يعقوبي اعتبر كمن يفعل ما يريده بن غفير، واعتبر صديق مدجير مكتب الوزير والمقرب منه، حنامئيل دورفمان، وزوجة الوزير ايلا. وفي محادثات مغلقة أشار الى اعجابه بالوزير.

قبل بضع سنوات كان يعقوب نائب مفتش السكرتارية الأمنية لمن تولى منصب وزير الامن الداخلي، جلعاد اردان. في أواخر العام 2022 تولى بن غفير منصبه كوزير للامن الوطني، وفي آذار 2023 اختار يعقوبي لتولي منصب السكرتير الأمني له، بعد تسعة اشهر فقط على تسلمه منصب قائد منطقة تسيون في لواء القدس في الشرطة. في أيار 2023 تمت ترقيته الى رتبة المفتش، وفي كانون الثاني الماضي عينه بن غفير في منصب نائب مفتش مصلحة السجون، بدون أن يخدم في هذه المؤسسة في أي يوم. بعد ذلك اصبح هذا التعيين دائما. ضابط آخر في وحدة معلم، برتبة رائد في الشرطة، تم التحقيق معه في القضية بتهمة خرق الأمانة والتشويش على إجراءات التحقيق.

 

قضية توزيع السلاح

 

في تشرين الثاني 2023 كشف في “هآرتس” أن وزارة الامن الوطني قامت بتعيين اشخاص غير مؤهلين قانونيا للمصادقة على رخص السلاح. من بينهم، وظيفة مؤقتة للترخيص، كان رجال مكتب بن غفير والمقربين منه وأعضاء كنيست وموظفين في وزارة الامن الوطني. وحسب ما نشر فان هؤلاء الموظفين قاموا بتوزيع آلاف رخص السلاح بدون أن يتم تأهيلهم لذلك. في الأسبوع الماضي تم التحقيق مع ثلاثة في مكتب بن غفير بتهمة خرق الأمانة في القضية، وموظفة تم استدعاءها لتقديم شهادة مفتوحة. الثلاثة يتولون وظائف ولاء ومقربون من بن غفير، تم التحقيق معهم بتهمة اصدار عشرات رخص السلاح للمواطنين الذين توجهوا اليهم خلافا للقانون، رغم أنهم لم يكونوا مؤهلين لذلك. من بين من تم التحقيق معهم أيضا المستشار السياسي للوزير، دافيد بابلي. أيضا في هذه الحالة هاجم بن غفير المستشارة القانونية للحكومة وقال إنه “توجد هنا مستشارة قانونية ومدعي عام سياسي، من اعلى الرأس الى اخمص القدم، يحاولان تلفيق قضايا والقيام بانقلاب ضد حكومة اليمين”.

 

التحقيق مع بنتسي غوفشتاين

 

مؤخرا تم التحقيق مع المقرب من بن غفير، المستشار والناشط في اليمين المتطرف ورئيس جمعية لاهفاه، بنتسي غوفشتاين، بتهمة التحريض على العنصرية. في الشهر الماضي كشف في الصحيفة أن غوفشتاين، الذي خلفيته الأمنية تتمثل بأنه هدف رئيسي للقسم اليهودي في الشباك، هو من أعضاء الخلية الضيقة لوزير الامن الوطني، وحتى أنه يقدم له الاستشارة في المواضيع الأمنية. في كانون الثاني الماضي تمت ادانة غوفشتاين بتهمة التحريض على العنصرية، لكن تمت تبرئته من تهمة التحريض على العنف والإرهاب. النيابة العامة استأنفت على تبرئته من تهمة التحريض على العنف والإرهاب، وفي الوقت الحالي تتم مناقشة الالتماس. قبل أسبوعين تم التحقيق معه مرة أخرى بسبب الاشتباه بهذه التهمة، حيث تم الادعاء بأنه قام بالتحريض على العنصرية في الأفلام التي نشرها في تلغرام من قبل منظمة لاهفاه.

غوفشتاين هو صهر رئيس مكتب بن غفير حنامئيل دورفمان، الذي كان في السابق أيضا هدف للقسم اليهودي في الشباك. ومثلما كشف في السابق في “هآرتس” فان سلطة الضرائب قامت بفتح تحقيق بشأن دورفمان بعد أن تم توثيقه وهو يشغل بسطة لبيع “الأربعة أصناف”، بدون إعطاء المشترين وصولات. طلب “هآرتس” الذي قدمته لسلطة الضرائب حول مصير الفحص لم يتم الرد عليه. في نفس الحالة سمح دورفمان لزبون بحمل مسدسه خلافا للقانون.

في شهر أيلول 2023 كشف في “هآرتس” أن بن غفير أمر سائقه بارتكاب مخالفة سير. في اعقاب شكوى من رجال حماية الوزير قاموا بتقديمها للمسؤولين عنهم في الشباك، توجه الشباك لمكتب رئيس الحكومة ووزارة الدفاع. في حينه قال مصدر امني للصحيفة: “هو يتصرف وكأنه رئيس الحكومة، ولا يوجد أي وضع يجعله يقف في ازدحامات سير”.

---------------------------------------------

 

هآرتس 4/12/2024

 

 

فقط ترامب يمكنه أن يجعل نتنياهو يدفع قدما بصفقة

 

 

بقلم: عاموس هرئيلِ

 

الإعلان الرسمي للجيش الإسرائيلي أول أمس عن وفاة ضابط المدرعات النقيب عُمر ناوترا في أسر حماس بقطاع غزة يعيد تسليط الضوء على القضية الأكثر إلحاحًا أمام صناع القرار والجمهور الإسرائيلي – إنقاذ الأسرى.

تم إعلان وفاة ناوترا بعد تأخير استمر لسنة وشهرين. مثل بعض الجنود الأسرى الآخرين، قُتل ناوترا في المعارك التي وقعت في 7 أكتوبر السنة الماضية وتم اختطاف جثته إلى القطاع. ولكن عدد الأسرى الأحياء يتناقص أيضًا بسبب الظروف القاسية التي يعيشون فيها في الأسر.

تقدر أجهزة الأمن الإسرائيلية أن عدد الأسرى الأحياء يصل إلى نحو نصف، أو أقل قليلًا من إجمالي عدد الأسرى. وفي العديد من الحالات، توجد فرضيات منطقية حول وفاة أسير، لكن هذه الفرضيات لم يتم تأكيدها بسبب نقص المعلومات المؤكدة. يُحذر المستوى السياسي صبح مساء من أن عدد الوفيات بين الأسرى قد يزداد خلال الأشهر القادمة، حيث تتزايد المخاطر التي تهدد حياتهم.

فصل الشتاء سيزيد من خطر الجوع والأمراض في الأنفاق، ومع غياب معلومات دقيقة عن أماكن وجود العديد من الأسرى، يزداد أيضًا خطر أن يُصابوا عن طريق الخطأ في القصف الإسرائيلي.

ناوترا، مثل بعض الأسرى والقتلى الآخرين من هجوم حماس، كان مواطنًا أمريكيًا وجنديًا وحيدًا هاجر إلى إسرائيل للخدمة في وحدة قتالية.

في الأسبوع الأخير، ازداد التركيز على الأسرى الذين يحملون الجنسية الأمريكية، وسط توقعات بأن الرئيس المنتخب دونالد ترامب قد يتدخل في الأزمة ويمارس ضغطًا على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لعقد صفقة قبل عودته إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني القادم.

ترامب يلمح بالفعل إلى أنه يفضل رؤية القضية محلولة قبل أن يضطر للتعامل معها شخصيًا. توقعات الرئيس الجديد، ووقف إطلاق النار في لبنان الذي أعاد الانتباه إلى غزة، والدعم الشعبي الواسع في إسرائيل لإبرام الصفقة – كلها تزيد من الضغط على نتنياهو للسعي إلى تحقيق نتائج في المفاوضات.

رأي المؤسسة الأمنية واضح: هناك فرصة جديدة لإعادة المخطوفين ويجب استغلالها قبل أن يموت المزيد منهم أو يختفوا في الأسر. بالإضافة إلى ذلك، هناك خطر من أن يؤدي استمرار الإضرار بحكم حماس المركزي إلى انهيار داخلي كبير للغاية، مما سيؤدي إلى غياب جهة موحدة يمكن التفاوض معها أو الاعتماد عليها لتحديد مكان جميع المخطوفين الأحياء والجثث.

هذا هو السياق للتوقعات المتفائلة التي تصدر عن محيط نتنياهو في الأيام الأخيرة بشأن تقدم محتمل في المحادثات خلال الفترة القريبة. هناك بالفعل بعض النشاط في المفاوضات، وربما يعود ذلك إلى مخاوف قيادة حماس، سواء في غزة أو في الخارج، من أنها تُركت وحيدة في المواجهة.

مع ذلك، لم يُظهر نتنياهو أي مرونة إضافية من جانبه حتى الآن. وفي الوقت نفسه يتعرض رئيس الوزراء لضغوط من الجناح اليميني المتطرف في حكومته لعدم عقد صفقة تشمل الإفراج عن مئات السجناء الفلسطينيين المدانين بارتكاب جرائم قتل.

طالما أن ترامب لا يوجه لنتنياهو طلبًا مباشرًا، فمن المشكوك فيه أن يوقع رئيس الوزراء على الصفقة، نظرًا للضغوط الداخلية. وقد مرت سنة بالفعل مليئة بالوعود الزائفة.

 

تسييس متطرف

 

وافقت لجنة الوزراء للتشريع أمس على “قانون فيلدشتاين”، الذي يمنح الحصانة من الملاحقة القضائية لأفراد الأجهزة الأمنية الذين ينقلون معلومات سرية لرئيس الوزراء دون موافقة قادتهم.

هذا القانون ولد في سياق قضية أُعتقل فيها إيلي فيلدشتاين، أحد المتحدثين باسم نتنياهو، ووجهت إليه لائحة اتهام. كما اعتُقل ضابط احتياط من الاستخبارات العسكرية لنقله معلومات سرية إلى فيلدشتاين.

حجة الدفاع عنهما كانت أنهما أرادا فقط إيصال معلومات استخباراتية حاسمة لنتنياهو تتعلق بمواقف حماس في المفاوضات حول المخطوفين.

في الواقع، كانت الظروف مختلفة. لم تأخذ الاستخبارات العسكرية المعلومات بجدية استثنائية، لأن معلومات أكثر صلة وصلت إليها خلال وقت قصير.

احتفظ فيلدشتاين بالمعلومات لأشهر طويلة، ولم يستخدمها إلا في ايلول الماضي، بعد اكتشاف جثث ستة مخطوفين قُتلوا على يد حماس في رفح.

لصد الغضب الشعبي المتجدد في حينه، الذي زاد الضغط على نتنياهو لإبرام صفقة المخطوفين التي قد تعقد وضعه سياسيًا، قام المقربون منه بتسريب المعلومات إلى صحيفة “بيلد” الألمانية، مع تحريفها وتجاوز الرقابة العسكرية.

التشريع يهدف إلى إرسال إشارة لفيلدشتاين بأن نتنياهو لم ينسَ المتحدث المعتقل ومعاناته. في البداية عندما انكشفت القضية حاول نتنياهو نفي أن فيلدشتاين كان يعمل لديه. لكن خلافا لمزاعم الدفاع، لم تُخفَ المعلومات عن رئيس الوزراء، بل تمت تصفيتها وفقًا للأولويات.

في مجتمع الاستخبارات، خاصة في الاستخبارات العسكرية، يتم التعامل يوميًا مع آلاف التقارير من مصادر مختلفة. شبكة كاملة من الضباط تقوم بفرز هذه التقارير وتقرر أي منها سيصل إلى نسبة 1 في المئة التي تُعرض على رئيس الأركان؛ بينما يطّلع رئيس الوزراء على نسبة أصغر بكثير من هذه التقارير.

ثمة للسكرتير العسكري ومساعد الاستخبارات لرئيس الوزراء صلاحية الوصول إلى جميع أنظمة الحاسوب السرية، ويمكنهما إجراء بحث باستخدام كلمات مفتاحية لعرض أي معلومات ذات صلة لم تصل إلى رئيس الوزراء.

 

تسييس متزايد في تعامل الحكومة مع الجيش

 

هذا ليس المثال الوحيد على التسييس المتزايد في تعامل الحكومة مع الجيش. ففي الأيام الأخيرة خضع وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، لضغوط من وسائل إعلام اليمين وأمر بوقف خدمة الاحتياط لاثنين من مؤسسي حركة “إخوة السلاح” في وحدة تصنيف سرية هيئة الأركان.

تم تعيين كاتس كوزير للدفاع أساسًا لإعادة تفعيل مسار يتجاوز المحكمة العليا كان قد وعد به نتنياهو لصالح الأحزاب الحريدية في قضية التجنيد. لكن حاليًا هو ينشغل بالتصرف ضد جنود احتياط قدامى أعلنوا وقف تطوعهم احتجاجًا على محاولة الحكومة فرض تشريعات التحول القضائي بالقوة.

في غضون ذلك، في القناة 14 المؤيدة لنتنياهو، يناقش المذيعون بجدية إمكانية تفكيك وحدة هيئة الأركان الخاصة (سييرت متكال) وحتى تفكيك جهاز الشباك. ويبدو أن “المذنبين الحقيقيين” في مذبحة 7 أكتوبر قد تم العثور عليهم.

النقاش الهستيري الذي يفتقر إلى الأساس الواقعي لا يقتصر فقط على معسكر نتنياهو. ففي الأسابيع الأخيرة ثارت ضجة كبيرة بعد أن تم الترويج لشائعة، بشكل مكثف من قبل صحفيين وجنرالات. الشائعة زعمت أن نتنياهو يخطط لتعيين اللواء اليعيزر توليدانو، رئيس الشعبة الاستراتيجية في الجيش الإسرائيلي في السابق وسكرتيره العسكري، كرئيس للأركان القادم بدلاً من هرتسي هليفي.

توليدانو شغل عدة مناصب متتالية، منها قائد فرقة غزة ثم قائد القيادة الجنوبية، قبل أن يتم استبداله قبل ثلاثة أشهر من هجوم حماس، مما يجعله أيضًا يتحمل بعض المسؤولية عن الإخفاقات التي أدت إلى المذبحة.

في الأيام الأخيرة، أوضح توليدانو لمرؤوسيه أنه لا ينوي الترشح لمنصب رئيس الأركان، وأنه يخطط للتقاعد من الجيش. هذا القرار يبدو ملائمًا في ظل الظروف الحالية. ومع ذلك، يبقى أن نرى كيف ومتى سيتحمل أعضاء آخرون في هيئة الأركان مسؤوليتهم، بينما يرفض نتنياهو تحمل أدنى قدر من المسؤولية عن الإخفاقات.

من غير المرجح أن تضع تصريحات توليدانو حدًا لهذا الجدل. بينما يستمر نتنياهو ومقربوه في التدخل بنشاط في التعيينات داخل الجيش، يُتوقع أن نشهد مزيدًا من الأخبار الكاذبة في وسائل الإعلام، على الأقل حتى يعلن هليفي نفسه عن استقالته.

---------------------------------------------

 

معاريف 4/12/2024

 

 

أهمية قطع نظام الأسد عن عملية ترميم حزب الله لتصميم الهدوء في الشمال

 

 

بقلم: افي اشكنازي

 

في وضح النهار من يوم امس، بعد الساعة التاسعة صباحا بقليل، أغارت طائرات سلاح الجو في الطريق المؤدي من دمشق الى المطار الدولي على مركبة كان يستقلها مبعوث حزب الله الى الجيش السوري سلمان نمر جمعة.

استجابت التصفية لعدة اهداف: أولا، سلمان نمر جمعة هو شخصية رفيعة للغاية في القيادة العسكرية لحزب الله، رجل اتصال هام للتنسيق بين سوريا وحزب الله وهذه علاقة ضرورية على نحو خاص لحزب الله الان لغرض إعادة بنائه في لبنان مع التشديد على تنسيق التزود بالسلاح والذخيرة.

للنظام السوري أيضا كان الرجل هاما، إذ ان جيش الأسد يعول على قوات حزب الله القتالية بحيث تقف الى جانبه في وجه الثوار. وكانت التصفية امس رسالة علنية واضحة بقيادة النظام السوري، واجاد في صياغة الرسالة العميد دانييل هجاري، الناطق العسكري إذ قال: “النظام السوري يدعم حزب الله ويدع المنظمة تستغله”.

كان جمعة نشيطا قديما لحزب الله وادى على مدى السنين جملة واسعة من الوظائف في الحزب. وفي الغالب عمل في سوريا. وبين الوظائف التي اداها كانت المسؤولية عن الاستخبارات في منطقة الخيام، بعد ذلك كان مسؤول العمليات في قيادة دمشق في حزب الله وفي السنوات الأخيرة كان مبعوث حزب الله في الجيش السوري.

انقسم الجمهور الإسرائيلي أمس الى قسمين. قسم اعتقد بان الرد الإسرائيلي على اطلاق قذيفتي هاون الى هار دوف كان معتدلا. آخرون اعتقدوا بان هجوما على 30 هدف وقتل 10 اشخاص كان خطوة قوية فيها ما ينقل رسالة الى حزب الله بان إسرائيل مصممة على منع استمرار “التنقيط” من لبنان على إسرائيل.

مع ذلك، في الجيش وفي جهاز الامن ينشغلون بقدر اكبر في مسالة كيف نظروا في لبنان، في حزب الله، في سوريا وفي ايران الى الرد الإسرائيلي.

كل اذرع الاستخبارات الإسرائيلية تركز الجهد حول ما يحصل الان في “محور الشر” الإيراني، مع التشديد على محاولات ايران العمل على ترميم وتسليح حزب الله، وبالتوازي – بناء بدائل جديدة. مثلا، إقامة منظومة إرهاب في شمال السامرة وفي الغور.

لقد نزعت إسرائيل القفازات في هذه القصة. وفيما ان عيون الجميع على لبنان، صفى سلاح الجو في غضون اقل من 24 ساعة خليتي مخربين عملتا في منطقة الغور وشمال السامرة. ثمانية المخربين الذين صفوا وبينهم شخصية إرهاب محلية رفيعة المستوى، تم تفعيلهم بتمويل ومساعدة إيرانية.

وحسب منشورات اجنبية، قبل يومين منع سلاح الجو طائرة شحن إيرانية من الدخول الى المجال الجوي لسوريا حين أمرتها طائرات سلاح الجو بالعودة. إضافة الى ذلك، قبل ساعات من اطلاق حزب الله النار الى هار دوف، دمر سلاح الجو جرافة لحزب الله حاولت بناء محور تهريب بين سوريا وشمال لبنان.

إسرائيل تلعب حاليا على كل الملعب. تمارس الضغط على المحور الإيراني انطلاقا من الفهم بان القتال في لبنان وهجوم سلاح الجو في ايران، والذي دمرت فيه منظومة مضادات الطائرات، فتحا نافذة فرص لتفكيك معظم وكلاء ايران.

من ناحية إسرائيل، فان قطع نظام الأسد عن عملية ترميم حزب الله في غاية الأهمية لتصميم الهدوء في الشمال في السنوات القادمة وعلى ما يبدو أيضا بالنسبة لي كيف سيبدو الشرق الأوسط في المستقبل – القريب والبعيد.

---------------------------------------------

 

هآرتس 4/12/2024

 

 

في القضايا ينكشف نهج نتنياهو وبن غفير: تآمر منظم ضد الدولة

 

 

بقلم: غيدي فايس

 

بنيامين نتنياهو وايتمار بن غفير يكثران من التذمر من الدولة العميقة – مجموعات سرية لموظفي الدولة، الذين يعملون كما يبدو من اجل افشال سياسيين لا يروقون لهم، خلافا لارادة الشعب. القضايا الجنائية التي كشفت في الأسابيع الأخيرة تدل على أن الامر يتعلق بتداعيات: تبين أن السياسيين الأكثر قوة في الدولة، الأول متهم والثاني مجرم متسلسل، اقاما خلايا سرية تعمل على تقويض القانون والمصلحة العامة من اجل المصالح السياسية والشخصية لسادتها.

قضية ايلي فيلدشتاين في الواقع تضخمت ووصلت الى ابعاد لم يتضح حتى الآن اذا تم تضخيمها اكثر من اللازم، وعلى رأس ذلك اعتقاله الطويل، الذي أحسن القاضي عندما اختار انهاءه. ولكن هذه القضية برهنت على أنه يوجد لدى رئيس الحكومة اشخاص مؤتمنين يتاجرون لمصلحته بوثائق استخبارية سوداء من داخل أعماق الجيش الإسرائيلي بهدف تخريب النضال من اجل انقاذ المخطوفين من الجحيم. القضية التي تورط فيها مفتش مصلحة السجون كوبي يعقوبي، وقائد وحدة في لواء شاي (يهودا والسامرة) في الشرطة، افيشاي معلم، في الحقيقة ما زالت يلفها الضباب، لكنها تجسد مرحلة أخرى في السيطرة المعادية لوزير الامن الوطني للشرطة، في الطريق لتحويلها الى مليشيا سياسية في خدمة “قوة يهودية” (وفي وقت الفراغ تخدم أيضا الزوجان نتيناهو).

مفتش عام الظل يعقوبي وقائد الوحدة الخاصة في لواء شاي، تميزا بحماسهما في تنفيذ اجندة الوزير التي من مبادئها غض النظر عن الإرهاب اليهودي ومنح تسهيلات لمنفذيه. السرعة والسهولة التي سقطت فيها الشرطة لم تفاجيء من عرفها من الداخل وشاهد كيف ينتشر العفن فيها. حيث أنه لم يمر الكثير من الوقت منذ أن استقال منها عددا من القادة الكبار، واحدا تلو الاخر، الذين استغلوا الزي العسكري ورتبهم كي يفرضوا انفسهم على الشرطيات. القيادة العليا يحركها منذ سنوات ليس الشعور بتأدية المهمة، بل السعي الى التقدم المهني الفظ. وهي الظاهرة التي وصلت الى رقم قياسي جديد في فترة بن غفير وحنامئيل دورفمان، التي فيها شرط الترقية هو الإخلاص للوزير، حتى بثمن تجاوز الخطوط الحمراء. من رأوا قائد اللواء الفاشل داني ليفي وهو يشق الطريق الى منصب المفتش العام للشرطة بواسطة الاستخذاء المخجل للرئيس، والعنف ضد المتظاهرين، ادركوا الرسالة وهم يتصرفون وفقا لذلك.

أيضا قسم التحقيقات سقط في الأسر. فقضية رونال فيشر أوضحت أنه حتى شخصية رفيعة في قسم التحقيقات 433 معروضة للبيع، وعدد من منظمات الجريمة يسيطرون على من كان من شأنهم أن يحققوا معهم. الآن يترأس هذا القسم المفتش بوعز بلاط، وهو تعيين آخر لبن غفير. الأشخاص الذين يعملون منذ سنوات في مكافحة الفساد الحكومي يقولون في محادثات مغلقة بأن الوضع لم يكن سيئا الى هذه الدرجة في أي يوم. “هم يعرفون كما يبدو من أين تؤكل الكتف”. قضية يعقوبي ونائب المفتش العام يحقق فيها قسم التحقيقات مع رجال الشرطة. وفي قضية فيلدشتاين الشباك هو الذي يقوم التحقيق.

بن غفير رد على التحقيق مع مقربيه كما رد نتنياهو عندما تم التحقيق مع رجاله – التطاول على المستشارة القانونية للحكومة والتهديد باقالتها. اذا كانوا حقا ينوون العمل فمن الأفضل أن يفعلوا ذلك بسرعة، لأنه حتى في هذه الساعة المظلمة فان احتمالية أن يبعدوا عن الطريق غالي بهراف ميارا تبدو ضعيفة. يصعب التصديق بأن المحكمة العليا ستسمح لاسياد المشبوهين – الذين يمكن أن يصبحوا مرة أخرى هم انفسهم مشبوهين، اقالة المدعية العامة. واذا كان القضاة يخافون على مصير الديمقراطية في إسرائيل، ويعتبرون وظيفتهم أيضا أداة لانقاذها من التدهور نحو الهاوية، فان لديهم فرصة تاريخية لفعل الامر الأخلاقي، الموافقة على الالتماسات الموضوعة امامهم واجبار نتنياهو على اقالة بن غفير.

---------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 4/12/2024

 

 

مقاتلون في خطر الاعتقال

 

 

بقلم: يوآف زيتون

 

في الجيش الإسرائيلي يقدرون بان قرار محكمة الجنايات الدولية في لاهاي لاصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالنت سيعطي ريح اسناد لاعتقالات في ارجاء العالم ضد ضباط كبار في الجيش بل ومقاتلين في النظامي والاحتياط ممن قاتلوا في قطاع غزة أيضا.

مؤخرا شخصوا في الجيش الإسرائيلي نحو 30 حالة رفعت فيها شكاوى بل وبدأت إجراءات جنائية ضد ضباط ومقاتلين في الجيش ممن شاركوا في الحرب في قطاع غزة وخططوا للسفر الى الخارج. وقد حذروا بالامتناع عن ذلك خوفا من أن يعتقلوا او يتم استدعاؤهم الى التحقيق في الدولة التي أرادوا زيارتها.

لثمانية منهم على الأقل بينهم مقاتلون سبق أن سافروا في رحلة الى الخارج – الى قبرص، سلوفانيا وهولندا – نقل طلب للمغادرة الفورية لتلك الدولة بسبب الخطر.

في الجيش لا يمنعون الجنود والضباط في النظامي والدائم للسفر الى الخارج في هذه الأشهر أيضا لكنهم يبلورون “تقدير خطر” لكل جندي يتقدم بنموذج طلب للسفر من البلاد، مع التشديد على مقاتلين وقادة عملوا في غزة. وقد تأكدت هذه السياسة مؤخرا في ضوء الزخم في العالم ضد إسرائيل الذي وفره قرار المحكمة في لاهاي بحق نتنياهو وغالنت.

المقاتلون والضباط ممن عملوا في غزة طولبوا منذ بداية القتال ومؤخرا بالذات، للامتناع عن نشر صور وافلام لهم وهم يقاتلون في قطاع غزة كي لا تستخدم هذه ضدهم كأدلة في التحقيق الجنائي بدعوى جرائم حرب.

في اعقاب حقيقة أن الكثيرين منهم فعلوا ذلك رغم التحذير، خارقين بذلك أوامر الجيش، اعدت عنهم “قوائم سوداء” في ملفات مرتبة من نشطاء في عشرات المنظمات المؤيدة للفلسطينيين العاملة أساسا في أوروبا لكنها تنتشر في شبكة ممثلين في ارجاء العالم.

هذه المنظمات، الى جانب نشر أسماء وصور مقاتلي الجيش في الشبكة تتابع أيضا ما ينشره هؤلاء في الشبكات الاجتماعية على أمل أن يجدوا اشرطة لهم فيستخدمونها عندما يزور هؤلاء دول أجنبية. في نفس اللحظة سترفع ضدهم شكوى للنيابة العامة المحلية او التماس شخصي ضدهم الى المحكمة في تلك الدولة للتحقيق معهم ولمنع خروجهم من تلك الدولة.

وعليه، فان الجنود الذين يبلغون عن السفر الى الخارج يطالبون بالامتناع عن نشر مكانهم في العالم كي لا يصبحوا فريسة سهلة تعرضهم للخطر بالجانبين القانوني الجنائي والأمني الشخصي أيضا. ورغم هذه التحذيرات والمناشدات، فان العديد من المقاتلين والجنود لم يشطبوا ما نشروه عن قتالهم في قطاع غزة وتباهوا بذلك بشكل علني ومكشوف.

 

يقدرون درجة الخطر

 

المحوران اللذان يهددان مقاتلي وضباط الجيش في ساحة القانون الدولي هما الإجراءات الجنائية المحلية التي قد تفتح ضدهم في اعقاب مطالب المنظمات المؤيدة للفلسطينيين؛ او محور محكمة الجنايات في لاهاي التي أصدرت أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالنت. في النيابة العسكرية يقدرون بان المدعي العام في لاهاي لن ينشغل بجنود او قادة صغار لانهم نفذوا أوامر تلقوها في ميدان المعركة ولا تزال إسرائيل تتمتع حاليا بمكانة “مبدأ الاستكمال”، وبموجبه كديمقراطية غربية فانها تحقق، تعالج وتعاقب قضائيا بقوة، في مدى الحاجة لمقاتلين وقادة ارتكبوا جرائم في الحرب.

التخوف هو ان تعمل محكمة الجنايات بالفعل ضد ضباط كبار قادوا القوات، مثل قادة الفرق، المناطق او قائد سلاح الجو وبالتأكيد رئيس الأركان. حتى الان لم يشخص جهاز الامن والقضاء مؤشرات على اصدار أوامر اعتقال، خفية او علنية ضد هؤلاء المسؤولين.

التخوف في إسرائيل هو ان يحتدم الوضع كلما توقف القتال في الجنوب ويفتح قطاع غزة لجولات تقوم بها منظمات حقوق انسان وصحافيون أجانب بشكل حر، وبناء على ذلك تقرر طاقم موسع من عدة وزارات بقيادة وزارتي العدل والخارجية ودائرة القانون الدولي في النيابة العسكرية. وبالتوازي استأجرت إسرائيل خدمات قانونية من محامين محليين في عشرات الدول في العالم كي يتابعوا التغييرات التشريعية والقرارات القضائية في هذه الدول بالنسبة لإسرائيل ولاحكام القتال المحلية؛ ان يسجلوا نشاطا محليا يتم ضد محافل الجيش والدولة الإسرائيلية؛ وعند الحاجة أيضا سيقومون بالتمثيل والدفاع عن الجنود والضباط في تلك الدولة.

في الطاقم الوزاري يشارك مندوبون من الموساد والشباك أيضا. ويصدر الطاقم تقديرات وضع لتحديد مستوى الخطر اين يمكن لمن خدم في الجيش في غزة أن يعتقل أو يحقق معه. هكذا مثلا في دولة مثل جنوب افريقيا، من الدول المعادية لإسرائيل، صدرت أوامر تحقيق لقادة وجنود في الجيش ممن يحملون أيضا جنسية جنوب افريقية، بينهم ضابط كبير تعود جذوره الى هذه الدولة. وشرحت أوساط الجيش فقالت “اننا متحفزون لان نرى أي دول أعلنت انها ستنفذ أوامر الاعتقال لنتنياهو ولغالنت كي نفهم الى اين تهب الريح”.

وبالنسبة لمن خدم في الاحتياط وقاتل في غزة ويريد السفر الى الخارج يوصي الجيش بالفحص المسبق لمستوى خطر المقصد، مع غرفة الطوارئ في وزارة الخارجية.

---------------------------------------------


 

معاريف 4/12/2024

 

 

الون ماسك واصحاب المليارات يريدون القوة السلطوية لتغيير أنظمة العالم

 

 

بقلم: ران ادليست

 

كلنا نسمع أصوات البكاء والعويل الليبرالي – الديمقراطي على انتخاب رئيس امريكي يهدد الولايات المتحدة والعالم الديمقراطي. لكن ترامب ليس المشكلة، هو مجرد حمار المسيح. استعدوا للرئيس الأمريكي في 2048، مبشر التغيير النظامي العالمي الذي في الطريق الى المريخ سيتوقف في البيت الأبيض كي يغير العالم. الى الأسوأ. الولايات المتحدة لن تصبح دكتاتورية في عهد ترامب. الرجل سيدفع فقط قدما بدكتاتورية البلوتوقراطيا (حكم أصحاب المال) في الولايات المتحدة وفي العالم، تلك التي الون ماسك هو رمزها.

الاختبار الحالي للمجتمع الأمريكي اليوم هو التصدي لتعيينات ترامب. بخلاف نتنياهو، الذي ترشح تعييناته حسب الولاء المطلق لـ “عقيلته”، فان ترامب لا يحتاج الى اختبارات قبول. كل من يعينه ترامب يعرف بان تغريدة تلقائية لا تتناسب وروح القائد ستطيره كورقة في ريح العاصفة.

الاختبار الأكبر والأكثر حسما للشعب الأمريكي هو التصدي لايلون ماسك آند كومباني، عصبة أصحاب المليارات الذين عينوا جي دي فانس ليكون نائبا لترامب. وهم لم يفعلوا هذا كي يخلف ترامب الا في حالة غير متوقعة – لدى ترامب لا يمكن ابدا معرفة ما يخفيه، باستثناء مصادر ماله. ويفترض بفانس ان يعزز الإدارة الجمهورية حتى الانتخابات.

رجلهم هو ايلون ماسك، ومبدأه هو سوق حرة من الأنظمة، والى الجحيم بكل ما يتضرر وكل من يعارض. من ناحيتهم، ترامب هو الغبي الاستخدامي الذي سيشق طريق الرئيس التالي، ولا يوجد ما يبرر الا نشتبه بان ماسك يرى نفسه كخليفته. ماسك استثمر وسيستثمر مئات الملايين او حتى المليارات كي يجن جنونه وجنون العالم كله. سلسلة مشاريع معظمها جنت مالا كبيرا وضجيجا كبيرا ثبتت مكانته كايقونة. قبل بضعة أسابيع فقط جند ماسك حسب تقرير في “وول ستريت جورنال” للمشروع الاستحداثي المتعلق بالذكاء الاصطناعي مليار دولار. منذ بداية السنة جند نحو 11 مليار دولار، ومشروع الذكاء خاصته يساوي اليوم نحو 50 مليار دولار. وماسك ليس الوحيد الذي يدير اقتصادا اكبر من اقتصادات الدول. حوله عصبة أصحاب مليارات لها رافعة تريليونات وتطلعات تتجاوز طمع المال. هي تريد القوة السلطوية التي تغير أنظمة العالم.

في هذه الاثناء لا خلاف على أنه يوجد ارتباط بين ماسك وبين الارتفاع في اللاسامية في التويتر. تقرير معهد البحوث الدولي ISD الذي نشر في آذار بيّن ان العدد الأسبوعي المتوسط للتغريدات اللاسامية في الشبكة الاجتماعية ارتفع بـ 150 في المائة منذ اشترى ماسك المنصة ووعد بتحويلها الى ساحة حرية تعبير”.

تهديد مبطن على اعمال ماسك التجارية وعلى ترشيحه في المستقبل هو حاكم كاليفورنيا غافن نيوسوم. فقد قرر الحاكم بانه اذا ما نفذ ترامب الخطة لالغاء الامتياز الضريبي لمشتري السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة، فان ولايته ستنفذ خطة امتيازات خاصة بها، لا تمنح الامتياز لمشتري “تسلا”. ماسك، الذي كان لا يزال في حينه مواطنا خاصا غرد يقول: “من يتجاوز القانون سيعتقل بمن فيهم رؤساء المدن”. سيكون مشوقا. وبخاصة في مجال التمويل الحكومي لاعمال ماسك التجارية المستقبلية. تضارب مصالح؟ هذا ليس هو. هذا هو البيت الأخضر، لون المال، وهذا هو الذكاء الاصطناعي الذي يدير اعماله التجارية والعالم.

---------------------------------------------

 

صحافي أميركي: 8 أيام قضيتُها في فلسطين المحتلة.. القهر سيُقابل بالمقاومة

 

صحافي أميركي يزور فلسطين المحتلة يقول إنّه رأى وسمع اليأس والقهر في جميع أنحاء فلسطين، وأيضاً الصمود الفلسطيني الجذريّ الذي يصنع بعض الأمل في ساحات انكسار الروح.

بقلم: ماثيو هوه

موقع "Counterpunch" ينشر مقالاً للصحافي الأميركي ماثيو هوه، يتحدّث فيه عن تجربته وعمّا رآه بعد قضاء 8 أيام في فلسطين المحتلة.

 

عدت إلى الأردن بعد 8 أيّام زرت خلالها فلسطين، ضمن وفد للتضامن مع مقاومي الاحتلال الصامدين والتعلّم منهم في طريق التحرير من الاحتلال. زرنا مدن بيت لحم والخليل والقدس ونابلس ورام الله ومستوطنة "سديروت"، وأجرينا لقاءات واستمعنا وتحدّثنا مع مسيحيين ويهود ومسلمين وغير متديّنين، ووصلنا إلى حدود قطاع غزّة. ومع أنّني أتقاضى أجراً مقابل البحث في القضايا السياسية والعسكرية والاقتصادية، إِلّا أنّ الأسئلة التي طرحتها والملاحظات التي دوّنتها، جيوسياسية بطبيعة الحال، لكن لا يمكن فصلها عن الواقع والتجربة الإنسانية مهما كانت، على شاكلة النسيان والتخلّي الذي تمارسه الحكومات ووسائل الإعلام ومراكز الفكر في واشنطن ولندن وبروكسل ومعظم عواصم المنظومة الغربية، وهو يفسّر بوضوح مدى الفشل الذي تتّسم به السياسة الخارجية لهؤلاء.

شعرت بالعجز حين تعرّفت إلى حسن أبو ناصر وصافحته، الذي فقد 130 فرداً من عائلته في غارة جوّية إسرائيلية واحدة على غزّة. لا أعرف حقيقة ما يمكن أن يقال أمام رجل يقف وسط فاجعة كادت أن تبيد سلالته. وأغلب الفلسطينيين الذين تحدّثت معهم عن غزّة ردّوا بلهجة خدرة أمام الواقع القاسي. ويقول ممثّلو منظّمات المجتمع المدني الذين التقيناهم، إنّ حصيلة الضحايا نتيجة للإبادة الجماعية الإسرائيلية في القطاع تتراوح بين 100 و200 ألف فلسطيني. وفي أثناء الحرب على غزّة المستمرّة حتّى الآن، قتلت "إسرائيل" في الضفّة الغربية وفقاً لوكالة الأونروا 780 فلسطينياً، بينهم 174 طفلاً. وقتل المستوطنون 21 فلسطينياً آخرين، وشنّوا أكثر من 3500 اعتداء وهجوم وجريمة، وأحرقوا المحاصيل الزراعية ومنازل الفلسطينيين. كذلك أصيب أكثر من 5000 فلسطيني خلال العام الجاري، بالرصاص والقنابل الأميركية الصنع التي زوّدت بها "إسرائيل". وأغارت الطائرات الإسرائيلية، ونفّذت 100 هجوم في الضفّة الغربية بعد نحو 20 عاماً من توقّفها. وكان 18 من أصل 168 ضحية قد قتلتهم الغارات المذكورة من الأطفال. وقبل 7 تشرين الأوّل/أكتوبر العام الماضي، كان معدّل قتل "الجيش" الإسرائيلي للفلسطينيين ​​أكثر من ضحية واحدة يومياً. وفي الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي، قتل الجنود الإسرائيليون ما يقرب من 50 طفلاً في الضفة الغربية وحدها. ومع ذلك، يعتقد الكثيرون في الولايات المتّحدة أنّ التاريخ بدأ في 7 تشرين الأوّل/أكتوبر 2023. بالطبع لا يمكن مقارنة الوضع مع ما يحصل في غزّة، ولكنّ العنف ضد الفلسطينيين في الضفّة الغربية وصل إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من عشرين عاماً ويزداد سوءاً.

كان من المهمّ زيارة فخري وآمنة في مقطورة إلى جوار منزلهم المهدّم في القدس المحتلة، إلى جانب 15 منزلاً آخر في حي سلوان دمّرتها "إسرائيل" لإفساح المجال لبناء المستوطنات. كان هذا المنزل الذي ولد فيه فخري. الآن يعيش هو وآمنة مع أولادهما ووالديه إلى جوار أنقاض منزلهما والأشجار المدنّسة مشتّتون بين البقاء والمغادرة. أكثر من ذلك تطلب الحكومة الإسرائيلية من فخري تسديد فاتورة بقيمة 10 آلاف دولار لدفع تكاليف تدمير منزله، إذا لم يفعل، فسيتمّ اعتقاله ومصادرة حسابه المصرفي، كما ورد أمر هدم للمقطورة التي يعيشون فيها الآن. وفي الوقت نفسه تتعرّض عائلة فخري وآمنة للهجوم ليلاً دائماً، حيث يُداهم الجنود والمستوطنون المقطورة، ويدمّرون الممتلكات، ويُعتقل فخري على نحو مستمرّ، وفي اليوم الذي انتُخب فيه ترامب جاءوا في الساعة الثالثة صباحاً، واعتدوا على الأطفال بالضرب، وهدموا 7 منازل في الحيّ نَفسه، وهناك أكثر من 100 منزل في سلوان الآن تنتظر أوامر الهدم، ويعيش فيها 1500 فلسطيني.

ومنذ عام 1947، هدمت "إسرائيل" 173 ألف منزل ومبنى في الضفّة الغربية. ومن بداية العام الجاري دمّرت ما يقرب من 1400 مبنى وزادت أوامر الهدم بنسبة 400%، وفي القدس وحدها هذا العام، هُدم 183 مبنى، 33 منها في حيّ فخري وآمنة. ووفقاً للأونروا، فقد نزح 5000 فلسطيني على مدار الـ13 شهراً الماضية، بسبب هدم المنازل والعمليات العسكرية الإسرائيلية وهجمات المستوطنين في الضفّة الغربية. وإلى جانب إرهاب السلطات الإسرائيلية من خلال "جيشها" ومستوطنيها المموّلين من الولايات المتّحدة، مع أنّه يتّضح أمامها أنّ هدم المنازل هو وسيلة التطهير العرقي للضفّة الغربية بهدف الضمّ في نهاية المطاف، و"إسرائيل" ترى أنّها أمام أفضل فرصة لها لتنفيذ التطهير العرقي والإبادة الجماعية وضمّ كامل الأرض الفلسطينية.

أفراد عائلة فخري وآمنة لا يستطيعون النوم، يتوجّسون بخوف من اعتداءات الجنود والمستوطنين كلّ ليلة. وهم متعبون جسديّاً ونفسياً، يقول فخري: "نحن نعيش تحت العقوبات ودفع الغرامات، والمعتقل والسجن. ليس لدينا أمل، ولا مؤازرة من أحد، لا شيء يبقينا على قيد الحياة، سوى محاولتنا إبقاء أطفالنا أحياء".

هذا اليأس والقهر رأيته وسمعته في جميع أنحاء فلسطين، وخاصّة من العائلات التي لديها أطفال. مع ذلك، شهدت على الصمود الفلسطيني الجذريّ الذي يصنع بعض الأمل في ساحات انكسار الروح، المؤثّر بالبعض إلى عجز يحيله إلى غاية وحيدة في إنقاذ أولاده من هذا الجحيم ونقلهم إلى برّ الأمان. وهذا أمر لم أكن أشاهده في السابق بين الفلسطينيين، ويبدو أنّ 80 عاماً من الفصل العنصري والضمّ والإبادة الإسرائيلية تركت أثراً بالغاً فيهم.

لقد زار عدد كبير من ممثلي الحكومات والمنظّمات الدولية وغير الحكومية مكان إقامة فخري وآمنة المؤقّت. وقد جلست على الأريكة التي سبق وجلس فوقها رئيس الشؤون الفلسطينية في السفارة الأميركية، هانز ويكسل، الذي كان يشغل منصبين سابقين قبل تولّيه الشؤون الفلسطينية في القدس، حيث كان يقدّم المشورة لجنرالات الجيش الأميركي، ويدير عمليّات "مكافحة الإرهاب" في الشرق الأوسط. ولا شكّ في أنّ مزاياه العسكرية والإمبريالية هذه، كانت معه في أثناء زيارته آمنة وفخري الذي يصف هؤلاء الزوّار الكبار، بأنهم "كلّهم كاذبون"، وهو وصف صحيح تأكّد لي هذا خلال الأيّام التي قضيتها في فلسطين مؤخّراً.

إنّ استراتيجية "إسرائيل" في كسر المقاومة الفلسطينية من خلال الإرهاب والوحشية قد تنجح مع قلّة من الأفراد والعائلات، ولكنّ احتلالها وإخضاعها لن يواجها في المجمل سوى مقاومة متعمّقة. ولمن يريد مثالاً تاريخيّاً، أنصحه بمشاهدة فيلم "معركة الجزائر".

في الحقيقة إنّ ما شاهدته خلال 8 أيّامٍ في فلسطين يجعلني انهار وأنا أفكّر في ذلك في الفندق في مادبا في الأردن، وللمرّة الأولى بكيت هذا الأسبوع على ما يتعرّض له الفلسطينيون. وتطاردني نظرات الأمّهات في رام الله المشدوهة أمام القيم الإنسانية التي تخون نفسها.

ليان ناصر، 24 عاماً، فلسطينية مسيحية، أقول طائفتها لأنّ العديد في الولايات المتّحدة والغرب لا يدركون أنّ المسيحيين يعانون نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وضمّ الأراضي والإبادة على قدم المساواة مع المسلمين. ليان، طالبة في جامعة بيرزيت، محتجزة من دون تهمة لمدّة 8 أشهر في المعتقل الإسرائيلي، وليس لدى أسرتها أيّ فكرة عن سبب اعتقالها ولم يُقدّم لهم أيّ تفسير إطلاقاً، وهذا الشهر قد يمدّد احتجازها بلا مسوّغ أيضاً. ويطلق على هذا النوع من الاعتقال لأجل غير مسمّى من دون تهمة بالاحتجاز الإداري. وبهذه الطريقة، يحتجز أكثر من 5500 فلسطيني في الضفّة الغربية في السجون العسكرية الإسرائيلية، من ضمنهم أكثر من 350 طفلاً. وهناك ما يقرب من 100 امرأة أخرى في السجن مع ليان. وفي المجموع، يوجد أكثر من 12000 فلسطيني من الضفّة الغربية في السجون الإسرائيلية، وهو عدد أكبر من أيّ وقت مضى منذ الانتفاضة الأولى، التي انتهت قبل 31 عاماً. ومن بين أولئك الذين وجّهت إليهم اتّهامات بالفعل 4 طلّاب جامعيّين مسجونين من نابلس. وكما روى لنا زملاؤهم في جامعة النجاح، اعتقلهم "الجيش" الإسرائيلي لنشرهم صوراً عن غزّة على منصة "إنستغرام"، وهم في السجن منذ 4 أشهر حتّى الآن.

تعتقد والدة ليان، أنّ اِبنتها بخير. أريد أن أصدّقها، لكنّني لا أستطيع، لأنّ الوثائق الصادرة عن الأمم المتّحدة وجماعات حقوق الإنسان، من ضمنها "بتسليم" الإسرائيلية، والصحافيون، وشهادات الفلسطينيين تشي بخلاف ذلك، ولأنّ "إسرائيل" تمارس التعذيب الجماعي المتعمّد والمنهجيّ، والاعتداء على الفلسطينيين. لم يبدأ ذلك بعد الـ7 من تشرين الأوّل/أكتوبر في العام الماضي، لقد كانت هذه سياسة "الدولة" الإسرائيلية منذ نشأتها في العام 1948.

في الليلة التي اختطفت فيها ليان من منزل والديها، وجّهَ جندي سلاحه إلى والدتها وهدّدها بالقتل قائلاً: "اصمتي وإلا سنطلق عليك النار". وعندما حاول والدها حماية ابنته، وُضعت بندقية في وجهه. وكانت تلك آخر مرّة رأوا فيها ليان، ووالدتها تقول إنّها "ابنتي الوحيدة، وأختي وصديقتي وكلّ شيء بالنسبة لي"، وبدوري أطلب من كل واحد منكم أن يتّصل بحكومة بلاده للمساهمة بالإفراج عنها.

في غزّة اختطف آلاف الفلسطينيين، واحتجزوا وعذّبوا وأعدموا في السجون الإسرائيلية، من ضمنهم أكثر من 310 من الطواقم الصحّية، وقتلت "إسرائيل" أيضاً 1000 طبيب وممرض فلسطيني آخر برصاص وقنابل وقذائف وصواريخ من صنع الولايات المتّحدة. فحياة الفلسطينيين في القدس والضفّة الغربية تخضع بالكامل للسيطرة العسكرية الإسرائيلية. والمحاكمات التي تصل نسبة الإدانة فيها إلى 99.7% والسجون كلّها عسكرية. والفلسطينيون يعيشون تحت أكثر من 16 ألف قانون للاحتلال.

 ولا أعرف كم عدد الآلاف من الفلسطينيين المحتجزين والمعذّبِينَ خلف تلك الجدران في المعتقلات. لكن من المهمّ أن يزور الناس فلسطين للتضامن مع الشعب وأقول هذا لسببين، هذا يسمح للجميع عموماً وللأميركيين خصوصاً بالوقوف في تحدٍّ ومعارضة لسياسات حكومة الولايات المتّحدة التي تدعم كلّ ذلك.

أما السبب الثاني والأهمّ، فهو أنّ كلّ فلسطيني التقيته تركني أدرك مدى أهمّية قدوم الناس إلى فلسطين. فالتضامن الذي نظهره لهم يعني لهم كلّ شيء، ويشعرهم أنّهم ليسوا وحدهم في مواجهة وحشيّة الاحتلال.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق