25 كانون الأول 2024 الساعة 09:46

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 29/11/2024 العدد 1170

2024-11-30 عدد القراءات : 71
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

هآرتس 29/11/2024

 

 

تفكيك وحدة الساحات لا يضمن تسوية في غزة حيث العبء الأيديولوجي ثقيل

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

قدوم بعثة مصرية الى إسرائيل من اجل الدفع قدما بصفقة التبادل، يعتبر في إسرائيل فرصة جديدة جاءت في اعقاب وقف اطلاق النار في لبنان، وكأن الحرب مع حزب الله هي التي منعت عقد الصفقة. هذا يمكن أن يتبين أنه خطأ بصري. فوقف اطلاق النار مع لبنان كان يمكن التوصل اليه طوال فترة الحرب، وفي نفس الوقت أيضا الدفع قدما بصفقة مع حماس، لو أن الحكومة كانت تريد ذلك. لقد كان هذا هو جوهر الصلة التي خلقتها حماس وحزب الله (وفروع ايران الأخرى)، والتي كانت إسرائيل تطمح الى تفكيكها. وقف الحرب في غزة كان الشرط لوقف الحرب في لبنان وليس العكس.

ها هو الآن، عندما تم فصل الساحات، فانه لا يوجد لإسرائيل حتى الآن أي حل لقضية المخطوفين. إضافة الى ذلك حماس ليست هي التي أملت على حزب الله كيفية التصرف. المنظمة اللبنانية هي التي حددت لنفسها طبيعة عملها، وهي التي خلقت “معادلة الردود” وحجمها حسب حجم الضربات الإسرائيلية في لبنان، بدون صلة بتطورات الحرب في غزة.

في خطاباته وفي تصريحاته اقام حسن نصر الله ذريعة المشاركة في الحرب على اساسين – الدفاع عن لبنان، أي منع إسرائيل من غزوه وأن تفعل فيه ما تفعله في غزة، ودعم الحرب التي تشنها حماس ضد إسرائيل. حسن نصر الله أوضح أن اشغال وازعاج الجيش الإسرائيلي في الشمال أدى الى أن عدد اقل من جنود الجيش الإسرائيلي يمكنهم المشاركة في الحرب في غزة. وبالتالي، هذا خدم حماس. ولكنه أوضح بأن حزب الله لا يريد المحاربة بدلا من حماس. حتى أن حسن نصر الله تعهد بأنه في اللحظة التي تتوقف فيها الحرب في غزة فان حزب الله سيتبنى أيضا وقف اطلاق النار ويقوم بوقف اطلاق نيرانه. هذا رغم أنه لم يحصل من إسرائيل على أي تعهد علني بأنها ستوقف الحرب مع لبنان اذا أوقف حزب الله الحرب بشكل احادي الجانب.

من ناحية حزب الله فان حماس هي التي احتفظت بـ “التفويض” لتحديد متى ستوقف النار، حتى لو لم تحدد أي موعد لانضمام جميع الجبهات أو طبيعة مشاركتها. حماس شنت الحرب في 7 أكتوبر، وحزب الله انضم اليها في 8 أكتوبر، والحوثيون في 19 أكتوبر، وفي 2 تشرين الثاني انضمت المليشيات الشيعية المؤيدة لإيران، التي هاجمت من العراق. حزب الله نسق في الواقع نشاطات الوكلاء في العراق وفي اليمن، لكن كان لهؤلاء الوكلاء أيضا اعتبارات داخلية ومحلية هي التي أملت طبيعة النشاطات وحجمها. المليشيات في العراق طلب منها مثلا أن لا تهاجم الأهداف الامريكية خشية رد كثيف ضدها وضد ايران. الحوثيون قاموا بشل حركة الملاحة في البحر الأحمر، لكنهم امتنعوا عن مهاجمة أهداف في دولة الامارات والسعودية، رغم أنها حليفة لإسرائيل والولايات المتحدة. ايران مقابل فروعها امتنعت كليا عن التدخل العسكري المباشر حتى تصفية رضا زاهدي، قائد قوة القدس في لبنان وسوريا على يد إسرائيل.

حسب تقارير “رويترز” فان طهران رفضت في تشرين الثاني طلب إسماعيل هنية التدخل عسكريا. وحسب التقرير فان علي خامنئي أوضح لهنية بأن ايران “لم تشارك ولن تشارك في الحرب لأن حماس لم تتشاور معها”. بعد ذلك في حماس عبروا عن خيبة امل كبيرة، ليس فقط من امتناع ايران، بل أيضا من حجم مشاركة حزب الله المحدودة في الحرب، حسب رأيهم. على هذه الخلفية يصعب الاستنتاج هل “وحدة الساحات” والتدخل الناجع لجميع امتدادات ايران في الحرب كانت شرط ضروري بالنسبة ليحيى السنوار من اجل شن الحرب في 7 أكتوبر. من هنا فانه لا يوجد أيضا أي سبيل للقول بأن انفصال جبهة واحدة، جبهة حزب الله، يمكنه بحد ذاته أن يحدث الآن انعطافة في موقف حماس فيما يتعلق بصفقة تبادل المخطوفين.

أيضا بالنسبة للتهديد الإقليمي والدولي فان ساحة لبنان مختلفة عن الساحة الفلسطينية. الحرب في غزة في جميع المراحل لم تستدع الخوف من حرب إقليمية شاملة، تصبح فيها ايران طرف فعال. ولكن عندما قامت إسرائيل بتغيير التوجه ووسعت جبهة العمل في أراضي لبنان بصورة هددت بتدمير نفوذ ايران في لبنان، تطور لبنان ليصبح ساحة دولية، غيرت أيضا طبيعة تدخل الولايات المتحدة في المنطقة. غزة شغلت العالم بسبب الدمار والمس الإنساني الفظيع الذي نتج عنه تنديدات وحركات احتجاج جماهيرية في الغرب، التي نجحت ضمن أمور أخرى، في تقييد كمية ونوع السلاح التي تحصل عليها إسرائيل من أمريكا، وحولت رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالنت الى مجرمين اخترقا القانون الدولي. ولكن في لبنان كان يكمن التهديد الملموس باشتعال حرب إقليمية.

هذه موجودة في خارطة ارض إسرائيل الكاملة، أما تلك فلا

اكثر من أي شيء، الفرق بين لبنان وغزة، بين حزب الله وحماس، فان وقف اطلاق النار في لبنان لا يحل قضية غزة، لا سيما بسبب الاختلاف في الرؤية الأيديولوجية والسياسية والاستراتيجية التي تبنتها إسرائيل تجاه هاتين الساحتين. لبنان غير مشمول (حتى الآن) في خارطة ارض إسرائيل الكاملة. قبل ظهورها في لجنة السلام التي انهت الحرب العالمية الأولى، طرحت الحركة الصهيونية على وزارة الخارجية البريطانية موقف طموح طلبت فيه الاعتراف بحدود الدولة المستقبلية التي ستشمل “في الشمال الضفة الشمالية والجنوبية لنهر الليطاني… من هناك نحو جنوب شرق حتى النقطة الموجودة جنوب منطقة دمشق”. ولكن هذا الحلم بقي على حاله.

مقابل لبنان، حول غزة تجري مفاوضات تاريخية وايديولوجية كبيرة، يجب عليها أن تشطب من صفحات تاريخ إسرائيل كارثتين، الانفصال و7 أكتوبر. هكذا، غزة هي هدف للاستيطان، وجزء حيوي لاستكمال ارض الميعاد. في هذا يكمن أيضا الفرق في التهديد السياسي الذي تفرضه كل ساحة. وقف اطلاق النار في لبنان وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من هناك، لا يهدد باسقاط حكومة إسرائيل. الموافقة على طلبات حماس، وقف الحرب في غزة وانسحاب الجيش الإسرائيلي من هناك، تعني تحطم الحكومة. بالنسبة للحكومة، لا سيما رئيس الحكومة، هذا تهديد استراتيجي يجب عدم التراجع امامه، حتى لو كان االمقابل هو تحرير المخطوفين. هذه الرؤية تملي أيضا تحديد العدو. إسرائيل يمكنها العيش “بسلام” مع حقيقة مواصلة حزب الله التواجد كمنظمة وحركة، وحتى امتلاكه ترسانة سلاح ثقيل، صواريخ ومسيرات. هي توافق على الاعتماد على ضمانات دولية واذن ضبابي للعمل ضد كل خرق يتم تنفيذه، من داخل أراضي إسرائيل.

الافتراض الذي وضع الأساس لوقف اطلاق النار يقول بأن الضربات الشديدة التي اوقعتها إسرائيل بحزب الله وقيادته حيدت، على الأقل على المدى القريب، قدراته ودافعيته على مواصلة القتال. وهناك افتراض رئيسي لا يقل عن ذلك يقول بأنه يوجد لحزب الله مصلحة أيديولوجية واستراتيجية في الحفاظ على لبنان ومنع تدميره في حرب مع إسرائيل. حيث أنه بدون الدولة، مهما كانت فاسدة ومتعفنة، فانه لا يوجد أي معنى لوجوده كتنظيم “وطني”، ولرسالته كذراع لإيران. في هذا يكمن الفرق بين منظمات أقل من دولة مثل حزب الله وحماس، أو المليشيات الشيعية، التي تحتاج الى اطار “دولة” من اجل وجودها وبين منظمات إرهابية انفصالية مثل الجهاد الإسلامي والقاعدة، أو منظمات سلفية جهادية هدفها تدمير الدول القومية، التي تقسم حسب رأيها الوحدة العربية والإسلامية وتعيق تحقيق حلم العالم الإسلامي الموحد.

من هنا تأتي أهمية تاطير اتفاق وقف اطلاق النار مع حكومة لبنان، وليس مع حزب الله، رغم أنه بدون موافقته (بمصادقة ايران) على فصل ساحة لبنان عن غزة، فانه لم يكن بالإمكان التوقيع على أي اتفاق. إضافة الى ذلك قوة حكومة لبنان والجيش اللبناني على تنفيذ بنود الاتفاق مرهونة باستعداد حزب الله لاعطاء رعايته للاتفاق، حيث ما زال يوجد لديه ما يكفي من السلاح والذخيرة للحفاظ على “معادلة الردع” – ربما ليس امام إسرائيل، بل بالتأكيد من اجل تحقيق لنفسه مكاسب سياسية في داخل لبنان امام أي حكومة.

لكن ما إسرائيل مستعدة للتعايش معه في لبنان، هي لا يمكنها أن تسمح لنفسها فيه في غزة. لأنه من اجل تحقيق حلمها الأيديولوجي في القطاع هناك حاجة الى الحفاظ والاحتفاظ بـ “عدو ثابت”، محاربته تحتاج الى تواجد عسكري دائم في ساحة القتال. هذه الرؤية تستبعد إقامة كيان دولة فلسطينية، أو نقل الصلاحيات للسلطة الفلسطينية، بحيث تكون المسؤولة ليس فقط عن احباط نشاطات حماس العسكرية، حتى لو كان إدارة البنى التحتية المدنية في القطاع، لأنه سيكون في ذلك اعتراف بـ “مسؤولية” السلطة عن غزة ووحدة فلسطين. من هنا فان أي ضمانة دولية تعطي إسرائيل تفويض كامل للعمل ضد حماس في حالة خرق الاتفاق مثل الذي اعطي لها في لبنان، لن تساعد لأنها لا تلبي الضرورة الأيديولوجية لمواصلة تواجد الجيش الإسرائيلي في القطاع.

لكن تحقيق الطموحات الأيديولوجية مهدد بنقاط ضعف، الـ 101 مخطوف وأبناء عائلاتهم الذين ينتظرون اطلاق سراحهم، ومليون وربع مليون فلسطيني يحتاجون الى المساعدات الإنسانية الفورية. أي حل لهذه القضايا المرتبطة ببعضها، حتى لو بشكل جزئي، يقتضي وقف اطلاق النار في غزة، والتنازل بشأن إدارة المساعدات الإنسانية. حول ذلك ستحاول البعثة المصرية طرح حلول. اقترح عدم حبس الانفاس بانتظارها. لن يكون لوقف اطلاق النار في لبنان كما يبدو امتداد في غزة.

--------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 29/11/2024

 

 

نموذج وقف نار في لبنان وغزة أيضا، خطة على ثلاث مراحل

 

 

بقلم: رون بن يشاي

 

أحد الإنجازات الهامة لإسرائيل في اتفاق وقف النار في لبنان هو فك الارتباط الذي عقده حزب الله بين الشمال وغزة. مجرد موافقة الحزب (وايران) على قبول وقف نار منفصل في لبنان يبقي حماس في عزلة وينزع عنها اسنادا عسكريا حيويا. مباديء الاتفاق في لبنان كفيلة بان تشكل أساسا لتسوية في غزة أيضا، تسوية تعطي جوابا للمطالب الأمنية الإسرائيلية، وعلى رأسها الحق في منع تعاظم القوة والعمل على احباط الإرهاب.

مع ذلك، واضح أنه لا يمكن ان ينسخ الى غزة بكامله الاتفاق في لبنان. أربعة عوامل تمنع ذلك:

حاجة إسرائيل الحيوية لاعادة المخطوفين، الاحياء والاموات. هذا عنصر مركزي يميز بين الساحتين ويشكل ورقة المساومة الوحيدة التي تبقت لدى حماس.

المطلب المطلق لحماس في أن توقف إسرائيل القتال وتخرج من كل أراضي القطاع.

غياب جهة ذات قدرة انفاذ، بديل للحكم المدني لحماس.

مطالب إسرائيل بالنسبة (لليوم التالي): الأول، الا يسمح لحماس بان توجد في غزة كجسم منظم وبالتأكيد ليس كجهة عسكرية؛ والثاني الا تشارك السلطة الفلسطينية في الإدارة والحكم المدني الجديد، الامر الذي ينبع أساسا من رغبة نتنياهو في أن يمنع قيام دولة فلسطينية تضم الى جانب الضفة غزة أيضا، وبسبب تخوفه من تهديدات سموتريتش وبن غفير اللذين يعرفان السلطة كعدو يجب تقويضه.

في الواقع الحالي في القطاع يمكن الدفع قدما بتسوية تضمن المصالح الحيوية لإسرائيل، تؤكد الا يعاد بناء قدرات حماس وشركائها على تهديد إسرائيل، تسمح بعودة سكان الغلاف الى بيوتهم واساسا يؤدي الى تحرير المخطوفين. يستدعي الامر من القيادة في إسرائيل ان تهجر معارضتها القاطعة للتواجد حتى وان كان رمزيا للسلطة في غزة والتمسك بـ “الإبادة المطلقة” لحماس في القطاع.

يستند هذا التقدير أولا وقبل كل شيء الى الوضع العسكري في القطاع. فقد نجح الجيش الإسرائيلي عمليا في تفكيك جيش حماس، باستثناء كتيبة ونصف في دير البلح وفي مخيم اللاجئين النصيرات. في شمال القطاع يضرب الجيش الإسرائيلي جهود حماس لاعادة تنظيم نفسها عسكريا ومدنيا. ومع ذلك معقول ان تعود جهود مشابهة في أماكن لا يتواجد فيها الجيش الإسرائيلي جسديا. وكما تجسد الحملة في شمال القطاع، فان حماس وباقي المنظمات تعود للعمل كمنظمات حرب عصابات: خلايا صغيرة تخوض قتالا صغيرا واساسا بواسطة العبوات ومضادات الدروع وتنجح بين الحين والآخر في اطلاق الصواريخ.  كل هذا انطلاقا من التطلع لاستنزاف إسرائيل والاستعراض امام الغزيين والعالم للصمود.

عمليا، للجيش الإسرائيلي توجد حرية عمل كاملة في كل القطاع، حتى لو لم يكن يسيطر في معظم أراضيه بشكل كامل. فهو يمكنه أن يتحرك بسرعة نحو كل جيوب المقاومة الموجودة او التي ستنشأ في المستقبل ويصفيها. وحتى حين تخلي القوات شمال غزة سيكون ممكنا في المستقبل الاجتياح بسرعة بقوات كبيرة الى كل منطقة في القطاع. لكن بعد أن تنتهي الحملة في شمال القطاع، بعد بضعة أسابيع على ما يبدو، فيكاد لا يكون للجيش الإسرائيلي ما يناور فيه، والاهم من ذلك – لن يكون ممكنا ممارسة ضغط عسكري يساعد على تحرير المخطوفين. الجيش الإسرائيلي لن يسارع الى المناورة في النصيرات ودير البلح خوفا على حياة المخطوفين، وكذا في منطقة “المأوى الامن” في المواصي، لن يعمل بريا خوفا من رد امريكي ودولي.

الى هذا ينبغي ان تضاف حقيقة أن ترامب سيدخل بعد نحو شهرين الى البيت الأبيض. اذا ما حاكمنا الأمور وفقا لتصريحاته الأخيرة، فان حماس لن تحظى منه بريح اسناد إنسانية كما فعلت إدارة بايدن. لكن نتنياهو وشركاؤه في الائتلاف أيضا لن يحصلوا من ترامب على تأييد لتطلعهم للبقاء في القطاع لزمن طويل، فما بالك للاستيطان فيه من جديد. ترامب سيرغب على ما يبدو في ان ينهي الحرب في غزة أيضا بالسرعة الممكنة وحلفاؤه في العالم العربي سيحثونه على أن يدفع قدما بخطوة سياسية تتضمن حلا للازمة في القطاع.

 

غزة أصبحت “منكوبة”

 

حماس من جهتها توجد في درك اسفل غير مسبوق: الضربة لقيادتها وبناها التحتية البشرية، غزة أصبحت “منكوبة”، نحو 80 في المئة من السكان يكتظون في مدينة لاجئين كبرى في الجنوب، الاقتصاد والبنى التحتية المدنية (التعليم، الصحة، الطاقة، الماء) خربت تماما، والسكان خائفون من مصائب الشتاء.

الى جانب ذلك ينبغي التشديد على أن حماس لا تزال الجهة السائدة في غزة: تتحكم بالمجال المدني في المنطقة وتقاتل في كل مكان يناور فيه الجيش. رغم تصفية السنوار، توجد قيادة وسلسلة قيادة تمنع نشوء بدائل ولا يوجد أي احتجاج جماهيري ضد المنظمة، الامر الذي تعتبره إنجازا مركزيا.

يبدو أنه في اعقاب الاتفاق في لبنان، باتت حماس اكثر انصاتا لافكار التسوية. لكن كونها منظمة دينية متزمتة تواصل التمسك “بخطوط حمراء” وعلى رأسها وقف القتال وانسحاب كامل لقوات الجيش من القطاع، وستفضل مواصلة القتال في ظل تعميق التدمير والتقتيل في غزة على تقديم التنازلات. ان العقيدة الإسرائيلية التي تعتقد بان مزيدا من القوة سيلين حماس تثبت منذ اشهر جديدة كفشل. كما أن الاقتراحات لاخلاء واسع لحماس من غزة والجهد لاغراء الفلسطينيين بتحرير مخطوفين مقابل منح مالية تبدو كمحاولة فاشلة حين يؤدي التمسك الإسرائيلي بها الى إطالة بقاء المخطوفين في الاسر.

في هذا الوضع مفتوحة امام إسرائيل ثلاثة خيارات:

الأول – استمرار الوضع القائم على امل ان تحرر حماس أخيرا المخطوفين ونشطاؤها يغادرون غزة مثلما كان في حرب لبنان الأولى في 1982، السيناريو الذي تبدو احتمالاته في هذه اللحظة صفرية. وضع كهذا من شأنه أن يتحول الى حرب استنزاف طويلة فيما ليس واضحا انها ستؤدي الى تقويض حماس لكن واضح انها لن تسمح بتحرير مخطوفين.

الخيار الثاني – احتلال كامل للقطاع، بقاء غير محدود وفرض حكم عسكري. هذا سيتطلب في المرحلة الأولى ادخال ثلاث حتى خمس فرق لمرحلة الاحتلال والقاء، وفي مرحلة الحكم العسكري – توريد جار لاحتياجات السكان في غزة الامر الذي معناه عبء اقتصادي جسيم.  في البعد الأمني قد ينشأ “عراق” وضع مشابه لذاك الذي علقت فيه الولايات المتحدة قبل عقدين، حين حاولت ان تزرع بالقوة التحول الديمقراطي والازدهار الاقتصادي في العراق (وفي أفغانستان)، ووجدت نفسها تنزف بالعبوات وبالقناصة الى أن اضطرت الى الانسحاب. في مثل هذا السيناريو سيتصاعد أيضا الجهد لاستئناف الاستيطان في القطاع ما سيثقل عبء الامن ويفاقم عجز شرعية إسرائيل في الساحة الدولية.

الخيار الثالث – هو تسوية بالهام لبناني. في مركزها – إقامة حكم محلي فلسطيني ذي صلة بالسلطة الفلسطينية وبدون مشاركة حماس. في اقامته، تثبيته وتشغيله ستشارك جهات دولية وعلى رأسها الولايات المتحدة، الى جانب دول عربية وبخاصة مصر، اتحاد الامارات والسعودية. الجيش يمكنه أن يجري ملاحقة استخبارية وثيقة ويحصل على حرية عمل في كل القطاع، لكن لن يكون متواجدا فيه بشكل دائم. على طول حدود القطاع في داخل أراضيه ستكون منطقة حراسة بعرض نحو كيلو متر لن يسمح للفلسطينيين بالدخول اليها وهي موجودة اليوم عمليا.

الاتفاق في لبنان خلق سابقة ومناخ كفيل هذا الخيار الثالث ان يربط فيه بين اتفاق وقف نار امني معقول وبين إعادة المخطوفين وإقامة أساس لبديل حماس في الحكم. هذا في واقع الامر الخيار المعقول الوحيد الذي يسمح بتحقيق معظم اهداف الحرب التي وضعتها إسرائيل لنفسها والتفرغ للاعداد للمواجهة الكبرى حقا مع ايران.

الاتفاق قابل للتنفيذ في ثلاثة مراحل:

المرحلة الأولى – صفقة لاعادة المخطوفين الاحياء والاموات لإسرائيل مقابل تحرير مخربين فلسطينيين. الامر يتم في اطار وقف نار مؤقت يستمر لنحو شهرين، في اثنائه تجرى مفاوضات على تسوية امنية تتضمن إقامة قوة حفظ نظام وحكم مدني بديل في القطاع – كلاهما على أساس دولي وعربي لا تكون حماس فيه جزءا منه أو مشاركة فيه. بالتوازي تبدأ عودة المدنيين الغزيين غير المشاركين الى بيوتهم في شمال القطاع عبر مرشحات يراقب فيها الجيش والشباك الا يتسلل نشطاء حماس عبرها. هذا كفيل بان يتحقق اذا مورس على حماس ضغط شديد من جانب قطر واعطي لها ضمانات لانسحاب الجيش في المراحل التالية.

 المرحلة الثانية (بعد ستين يوما) – جسم الإدارة المدنية الجديد، الإدارة الأمنية وقوة حفظ النظام التابعة تدخل الى العمل. بداية تأخذ هذه المسؤولية عن توزيع المساعدات الإنسانية وتقديم الخدمات الحيوية للسكان. بالتوازي، إسرائيل، مصر والولايات المتحدة تقيم في محور فيلادلفيا ومعبر رفح عائق ومنشأة عبور حدودي جديدة تمنع تهريب السلاح ووسائل انتاجه، من فوق ومن تحت الأرض. وتكون لإسرائيل القدرة على المراقبة بشكل مباشر وبلا قيد زمني ما يجري في محور فيلادلفيا ومعبر رفح الجديد.

 المرحلة الثالثة (بعد بضعة اشهر) – وقف نار دائم يدخل حيز التنفيذ. الجيش الإسرائيلي ينسحب من أراضي القطاع، بما في ذلك محوري فيلادلفيا ونتساريم. معبر رفح يفتح من جديد وتشغله الإدارة المحلية الغزية مع رقابة أمريكية ومصرية دون موطيء قدم لحماس. وبالتوازي، يكمل الجيش الإسرائيلي إقامة منظومة دفاع جديدة على حدود القطاع في مقدمتها “منطقة حراسة” فارغة من الناس ومن المباني في داخل أراضي القطاع.

--------------------------------------------

 

هآرتس 29/11/2024

 

 

الفشل الكبير لليمين المسيحاني

 

 

بقلم: شاؤول ارئيلي، سيون هيرش هافلر، جلعاد هيرش بيرغر

 

دخان الحرب وغبار الانقاض في غزة وفي لبنان، في النقب الغربي والشمالي، نضال الجمهور من اجل إعادة المخطوفين، الاحتجاج في كابلان – كل ذلك يوفر للحكومة الإسرائيلية بقيادة بتسلئيل سموتريتش الغطاء المطلوب للدفع قدما بشكل سريع وواسع لطموحاتهم المسيحانية في الضفة الغربية. واذا نظرنا الى ما بعد هذا الغطاء فيمكننا تشخيص “الخطة الرئيسية” التي يدفع بها اليمين المسيحاني – القومي قدما بكامل القوة، التي استهدفت منع حل الدولتين والتوصل الى الضم المستقبلي.

لكن امام هذه الطموحات المسيحانية يوجد واقع ديمغرافي معاكس. معطيات المكتب المركزي للإحصاء حول السكان الإسرائيليين في الضفة الغربية حتى نهاية آب 2024 تكشف الفشل الكبير لليمين المسيحاني. ورغم الجهود لزيادة عدد المستوطنين في الضفة إلا أن عددهم يراوح في المكان والواقع لا يتلاءم مع الحلم.

المؤمنون بالحلم المسيحاني القومي المتطرف، سموتريتش وبن غفير وستروك وغيرهم، قاموا باستخدام الفيتو على انهاء الحرب في غزة واطلاق سراح المخطوفين وقطعوا الصلة بين السياسة والاعتبارات للامن الوطني من اجل كسب الوقت المطلوب لتحقيق “الخطة الرئيسية” – الغاء إمكانية التوصل الى حل الدولتين.

خلافا لعجز اليمين المسيحاني واهماله لكل ما يتعلق بإدارة الدولة والحرب – التحديات الاقتصادية والتشغيل والتعليم والمواصلات – فانه في نهاية المطاف لصالح تطبيق الخطة الرئيسية فان اعضاءه يظهرون رؤية استراتيجية.

تحقيق متعدد السنوات أجرته مجموعة “تمرور” شخص ثمانية اهداف في الخطة الرئيسية الاستراتيجية.

الهدف الأول: خلق تواصل بين المستوطنات اليهودية على طول “طريق الون” (الشارع 578، الشارع 508 والشارع 458)، شارع القدس – اريحا حتى المحولة في شمال الغور، من خلال اقامة ما لا يقل عن 30 بؤرة استيطانية غير قانونية (3 منها أقيمت اثناء الحرب). هذا الشارع الذي تم شقه في بداية السبعينيات في اطار “خطة الون” يسيطر على المنحدرات الشرقية في السامرة وفي غور الأردن، وعلى مفترقات الطرق التي تربط غور الأردن مع “ظهر الجبل” – هناك توجد المدن الفلسطينية الرئيسية، نابلس ورام الله، وعلى رأسها مفترق طرق الحمراء ومفترق تفوح (زعترة) ومفترق ريمونيم.

الهدف الثاني: خلق تواصل استيطاني يهودي على طول الشارع 60، الذي يربط جميع المدن الفلسطينية الرئيسية، من جنين في الشمال وحتى الخليل في الجنوب. وهذا سيكون من خلال إقامة 30 بؤرة استيطانية (أقيمت خمس بؤر منها اثناء الحرب) – هذا يعني أن السيطرة على هذا الشارع تسمح بالسيطرة على ظهر الجبل والقدرة على قطع التواصل الجغرافي والمواصلاتي الفلسطيني في الضفة الغربية المطلوب لوجود دولة قابلة للحياة.

الهدف الثالث: ربط المستوطنات المعزولة في ظهر الجبل مع غور الأردن، التي كان سيتم اخلاءها وفقا لكل اقتراح إسرائيلي طرح في السابق في المفاوضات، حسب خطة “الانفصال” الاصلية، التي دفعها قدما اريئيل شارون، وحسب خطة “التراجع” التي دفعها قدما اهود أولمرت. من اجل منع اخلاء هذه البؤر فان اليمين المسيحاني قام بإقامة خمس بؤر استيطانية شرق الون موريه، وست بؤر شرق ايتمار، ولا يقل أهمية عن ذلك، قام بالدفع قدما بشق طرق التفافية الى هذه البؤر والمستوطنات، مثل الشارع الالتفافي الذي يتجاوز حوارة والذي تم استكماله قبل سنة بتكلفة 800 مليون شيكل، في اطار “الخطة الرئيسية للمواصلات في يهودا والسامرة”، التي تم تخصيص لها 7 مليارات شيكل في السنوات الخمس القادمة (20 في المئة من ميزانية تطوير الشوارع في إسرائيل).

الهدف الرابع: خلق تواصل استيطاني بين اريئيل ومستوطنات عيلي وشيلو ومن هناك الى غور الأردن. ومن اجل ذلك فقد أقيمت 21 بؤرة استيطانية غير قانونية، 2 منها اثناء الحرب و8 تمت شرعنتها كاحياء في مستوطنات قائمة أو كمستوطنات مستقلة. أيضا هنا “الشرعنة” تمكن من تطوير مسرع للبنى التحتية والاحياء السكنية، والحصول على تسهيلات مبالغ فيها في الميزانيات.

الهدف الخامس: في موازاة تعزيز “الكتل الاستيطانية” القائمة فقد بذلت جهود كبيرة لخلق اربع كتل جديدة: جنوب شرق جبل الخليل بين مستوطنات معون وسوسيا، تمت إقامة 16 بؤرة استيطانية، واحدة منها اثناء الحرب. شرق غوش عصيون في منطقة تقوع ونوكديم تمت إقامة 16 بؤرة استيطانية، 3 منها اثناء الحرب، وكما هو معروف فان 5 منها تمت شرعنتها في السابق. في شمال غور الأردن تمت إقامة 8 بؤر استيطانية، 3 منها تمت شرعنتها. وفي غرب السامرة بين بودئيل وكرني شومرون تمت إقامة 12 بؤر استيطانية، تمت شرعنة 5 بؤر منها.

الهدف السادس: خلق تواصل جغرافي بين غوش عصيون والقدس، وفصل خمس قرى فلسطينية وهي بتير، حوسان، الولجة، نحالين ووادي فوكين عن المدينة الرئيسية بيت لحم في منتصف آب اثناء الحرب. وقد غرد في “اكس” الوزير في وزارة الدفاع سموتريتش وقال: “ربط غوش عصيون بالقدس هو مهمة وطنية. إعادة الاستيطان في غوش عصيون؛ وقد تم نشر خط ازرق لـ 602 دونم من اجل إقامة مستوطنة ناحل حيلتس.

الهدف السابع: استكمال المناطق العازلة، الحضرية اليهودية (أحياء “الحلقة” التي تم بدء البناء فيها في 1971 شمال القدس من اجل عزل رام الله عن شرقي القدس، وفي جنوب القدس من اجل عزل بيت لحم عن القدس. في شمال المدينة نحن نشاهد اغلاق الفجوة الجغرافية بين حي راموت الون ورمات شيفت، ومن رمات شيفت الى مفترق التلة الفرنسية – جفعات همفتار. على الاجندة يوجد بناء حي عطروت (بدلا من المطار الذي تم وقف العمل فيه في العام 2000)، الذي سيضم 11 الف وحدة سكنية للحريديين. وسيتم ربط هذا الحي بالشارع الجديد، من مستوطنات شرق بنيامين ومرورا بمفترق آدم الذي استثمر فيه 400 مليون شيكل، مرورا بالشارع الذي يقع تحت معبر قلندية (الذي استمثر فيه نفس المبلغ) وحتى شارع 45 باتجاه غرب موديعين. أيضا سيتم ربط المستوطنات الحريدية تل تسيون وكوخاف يعقوف مع حي عطروت.

في جنوب المدينة يتم الآن استكمال بناء حي جفعات همتوس الذي يفصل بيت صفافا عن بيت لحم، ويتم التخطيط لاقامة حيين آخرين.

الهدف الثامن: خلق تواصل استيطاني بين القدس وغور الأردن مرورا بمعاليه ادوميم. في مركز الخطة إقامة حي مفسيرت ادوميم (إي 1)، التي يمكن أن تضيف لمستوطنة معاليه ادوميم 4 آلاف وحدة سكنية. إضافة الى ذلك فانه بين القدس ومفترق الموغ تمت إقامة 14 بؤرة استيطانية غير قانونية.

من المهم الإشارة الى أنه تم ارفاق هدف ثالث بالهدفين الأخيرين وهو الحفاظ على الأكثرية اليهودية في القدس، التي اخذت تتضاءل منذ ثلاثة عقود بسبب الهجرة السلبية. يجب التذكير بأنه في 1967 بعد حرب الأيام الستة فان نسبة الفلسطينيين في سكان المدينة كانت 26 في المئة، والآن نسبتهم هي 40 في المئة وجميعهم تقريبا يعيشون في شرقي المدينة.

اكثر من نصف اليهود الذي تركوا العاصمة هم من الحريديين، وذلك بسبب عجزهم عن إيجاد مكان سكن في المدينة. الاحياء الجديدة التي تم بناءها في القدس مخصصة في معظمها لهذه المجموعة السكانية من اجل عدم المغادرة. هذه الخطوة اذا نجحت فهي ستجمع خلال اقل من عقد ربع المجتمع الحريدي في منطقة القدس، وستدهور وضع المدينة، التي هبطت في السابق من العنقود 6 في المقياس الاقتصادي – الاجتماعي الى العنقود 2، والى حضيض عميق، وعاصمة إسرائيل ستبقى مدينة فقيرة جدا مع اغلبية غير صهيونية.

تكتيك اليمين المسيحاني يشمل خطة عمل متنوعة، لكنها خطة تكرر نفسها في العشرين سنة الأخيرة من خلال سحق القانون الدولي والقانون الإسرائيلي بقدم فظة: إقامة بؤر استيطانية غير قانونية، شرعنة بؤر قائمة غير قانونية، شق الشوارع وإقامة البنى التحتية، هدم بيوت الفلسطينيين، عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، بدءا بالازعاج اليومي وحتى المس بالممتلكات وطرد التجمعات والاصابة وحتى القتل.

مكانة سموتريتش كوزير مالية يسيطر على الإدارة المدنية في اطار منصبه كوزير في وزارة الدفاع، هي دمج ناجح من ناحيته، الذي يبعد وزير الدفاع عن السيطرة عما يحدث في المناطق. في موازاة ذلك سموتريتش يحصل على الدعم من التعاون الوثيق مع الوزير بن غفير والشرطة، ويستغل غض نظر الجيش الإسرائيلي.

الخطة الرئيسية لليمين المسيحاني غير قابلة للتطبيق بدون التعاون الوثيق بين الوزارات الحكومية والمجالس الإقليمية الخمسة، التي الأهداف الثمانية موجودة في مجال ولايتها القانونية (باستثناء احياء القدس). هذه المجالس الإقليمية تتمتع بمشاركة الحكومة في ميزانياتها العادية وغير العادية بنسبة 60 – 80 في المئة (أكثر 50 – 90 في المئة من المتوسط في إسرائيل)، بالأساس في مجال التعليم والرفاه. بشكل غير منطقي فان هذا يضع الانفاق البلدي للفرد في أوساط سكان المستوطنات، الذين هم فقراء نسبيا مقارنة بالمتوسط في إسرائيل، في مستوى اعلى بكثير من المتوسط في إسرائيل. لن يكون من المفاجيء اذا تم الاكتشاف بأن نصف الناخبين في هذه المجالس الإقليمية صوتوا لبن غفير وسموتريتش، والربع تقريبا صوتوا لليكود.

إن منحى تقديم الدعم الحكومي الاستثنائي وجد تعبيره الواضح في ثلاثة استطلاعات أجريت في الأعوام 2016 – 2023، في عينات كبيرة من السكان اليهود في الضفة الغربية، من اجل فحص المواقف بخصوص الحلول السياسية. هذه الاستطلاعات اظهرت أنه مع مرور الوقت فان المستوطنين الايديولوجيين يكتشفون جودة الحياة، ومستوطني جودة الحياة يبدأون في تبني الأيديولوجيا. مثلا، في العام 2016 فقط 19 في المئة من المستوطنين الايديولوجيين أشاروا الى جودة الحياة كدافع رئيسي للاستيطان في الضفة الغربية، وفي العام 2023 فان 38 في المئة أشاروا الى ذلك كدافع رئيسي. في موازاة ذلك نحن نلاحظ توجه للتطرف وعدم الاستعداد للاخلاء مقابل تعويضات في أوساط مستوطني جودة الحياة. في العام 2016، 66 في المئة من هؤلاء المستوطنين اظهروا الاستعداد للاخلاء مقابل التعويض، فانه في 2023 ك نسبة المستعدين للاخلاء انخفضت الى 55 في المئة.

المجلس الإقليمي متيه بنيامين برئاسة يسرائيل غانتس، الذي منذ أيار الماضي هو أيضا رئيس مجلس “يشع”، يحمل الرقم القياسي، ويضم في حدوده 59 بؤرة غير قانونية، 10  منها أقيمت اثناء الحرب. في موازاة ذلك تم تنفيذ في حدود هذا المجلس 168 عملية هدم لبيوت فلسطينيين على يد الإدارة المدنية، وتم طرد منها 8 تجمعات فلسطينية في السنة الماضية. بعده يأتي المجلس الإقليمي شومرون برئاس يوسي دغان الذي توجد داخل حدوده 40 بؤرة استيطانية غير قانونية، اثنتان اقيمتا اثناء الحرب، وفي السنة الماضية تم هدم اربع بيوت للفلسطينيين داخل حدوده.

في المجلس الإقليمي جبل الخليل توجد 28 بؤرة استيطانية (4 منها أقيمت اثناء الحرب) وتم تنفيذ داخل حدوده 50 عملية هدم لبيوت فلسطينيين، وتم طرد 8 تجمعات للفلسطينيين. المجلس الإقليمي غوش عصيون توجد فيه 25 بؤرة استيطانية (4 منها أقيمت اثناء الحرب)، وتم تنفيذ فيه 22 عملية هدم لبيوت، وتم طرد 3 تجمعات للفلسطينيين. المجلس الإقليمي عرفوت هيردين، الذي يضم 21 بؤرة استيطانية (4 منها أقيمت اثناء الحرب) تم تنفيذ فيه 41 عملية هدم لبيوت، وتم طرد 4 تجمعات.

في احداث العنف ضد الفلسطينيين التي حدثت منذ بداية الحرب وتم نشرها من قبل مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، تم الحفاظ على تدرج العنف في هذه المجالس: في متيه بنيامين 502 حالة عنف، في شومرون 389 حالة عنف، في جبل الخليل 202 حالة عنف، في غوش عصيون 63 حالة، وفي عرفوت هيردين 40 حالة عنف. يجب الإشارة الى أنه في المدن اليهودية الأربعة في الضفة الغربية، وفي الـ 14 مجلس إقليمي فيها (وفي المجلس الإقليمي مغيلوت البحر الميت) لا توجد بؤر غير قانونية، والسكان فيها بشكل عام لا يشاركون في اعمال العنف ضد الفلسطينيين.

من معطيات المكتب المركزي للإحصاء فانه في آب 2024 يبدو أن جميع هذه الخطوات تدل على محاولة يائسة لمنع إمكانية تحقيق حل الدولتين، وشرعنة ضم الضفة الغربية أو معظمها (مناطق ج). هذه محاولة يائسة لأن جميع الخطوات التي يقوم بها المستوطنون فشلت إزاء التوجهات الديمغرافية السلبية التي توجد في أوساط السكان الإسرائيليين في الضفة الغربية. وللمفارقة، الاحتكاك الذي يبادر اليه المستوطنين من اجل اشعال الضفة واستغلال ذلك لطرد الفلسطينيين، يؤدي الى نتيجة عكسية. فحسب الأرقام منذ بداية السنة غادر الضفة الغربية 791 إسرائيلي، اكثر ممن انتقلوا اليها (ميزان هجرة اجمالية سلبي)، و623 غادروا الى إسرائيل (ميزان هجرة داخلية سلبي)، وللمرة الأولى في العقد السابق غادر الى الخارج 168، اكثر ممن جاءوا (ميزان هجرة دولية سلبي).

هذا المنحى يظهر في أوساط المدن الأربعة التي فيها نصيب الأسد من سكان المستوطنات (43 في المئة): في موديعين عيليت، المدينة الأكبر، غادر 286 شخص، اكثر من الذين انتقلوا اليها. هذه هي السنة الرابعة على التوالي التي تعاني فيها هذه المدينة الحريدية من ميزان هجرة سلبي. في بيتار عيليت، الثانية من حيث حجمها، الحريدية أيضا، غادر منها 261 شخص، اكثر ممن انتقلوا اليها، وذلك بعد أن تحسن في السنة الماضية قليلا ميزان الهجرة السلبي – في 2022 غادرها 1858 شخص، اكثر ممن انتقلوا اليها.

في معاليه ادوميم غادر 440 شخص، اكثر ممن انتقلوا اليها. وهذه هي السنة التاسعة مع ميزان سلبي في الـ 12 سنة الأخيرة. وفي اريئيل، المدينة الأصغر بينها، اضيف منذ بداية السنة مواطنين فقط، في حين أنه في العشر سنوات من بين العشرين سنة الأخيرة كان في المدينة بين حين وآخر ميزان هجرة سلبي. أيضا الـ 14 مجلس إقليمي في الضفة الغربية تعاني من ميزان هجرة سلبي – غادرها 339 شخص، اكثر ممن انتقلوا اليها. البارز منها افرات مع ميزان هجرة سلبي هو 195، وكريات اربع مع 124.

في المجالس الإقليمية الصورة متنوعة: غوش عصيون تحظى بإضافة 172 شخص، مغيلوت البحر الميت تحظى بإضافة 236 شخص، جبل الخليل 61 شخص وشومرون 383 شخص. في المقابل، في متيه بنيامين كان هناك ميزان هجرة سلبي بلغ 239، وفي عرفوت هيردين ميزان سلبي بلغ 73.

عمليا، الزيادة الطبيعية (الولادات ناقص الوفيات) في المستوطنات أصبحت العامل الوحيد للزيادة الاسمية السنوية. حتى نهاية شهر آب بلغت الزيادة 8385 نسمة، في حين أن نسبة عالية منها جاءت من المستوطنات الحريدية (في موديعين عيليت 2131، في بيتار عيليت 1740، في جفعات زئيف 409، وفي عمانويل 128).

نسبة الحريديين في أوساط الإسرائيليين في الضفة هي 35 في المئة (ثلاثة اضعاف نسبتهم في إسرائيل)، ويوجد لذلك ثلاثة تداعيات مهمة: نسبة الأطفال حتى جيل 19 سنة هي 50 في المئة من اجمالي السكان هناك، الامر الذي يستتبع ارتفاع مستمر في مدفوعات التأمين الوطني والرفاه. نسبة الإسرائيليين في الضفة الغربية الذين يوجدون في العنقود الاقتصادي – الاجتماعي المتدني (العنقود 1) تواصل الارتفاع (42 في المئة)، الآن تقريبا نصف السكان بحاجة الى الدعم الحكومي. بسبب هذه التوجهات فان نسبة المستوطنين في اجمالي السكان بقيت 5 في المئة. ونسبتهم في اجمالي سكان الضفة الغربية هي 14 في المئة. الأكثر دراماتيكية هو الانخفاض الكبير في نسبة اليهود في مناطق ج (من 82 في المئة في 2010 الى 55 في المئة فقط في 2024).

الفشل الديمغرافي والجغرافي (اجمالي المساحة الإسرائيلية المبنية هي 1.5 في المئة فقط من أراضي الضفة الغربية)، نتجت عنه في السنوات الأخيرة ظاهرة المزارع (التي هي جزء من البؤر الاستيطانية غير القانونية). حسب معطيات حركة “السلام الآن” و”كيرم نبوت” فانه يوجد الآن ليس اقل من 108 “مزرعة”، التي يعيش فيها عدد قليل من الأشخاص، معظمهم من الشباب الذين سيطروا على حوالي 650 ألف دونم (12 في المئة من مساحة الضفة) عن طريق ابعاد الفلسطينيين بوسائل قانونية وغير قانونية.

وزارة الاستيطان ولواء الاستيطان خصصا لها ميزانية بمبلغ 54 مليون شيكل، يضاف اليها ملايين من وزارة الزراعة ووزارة النقب والجليل وحركة “أمانة” وغيرها. مؤخرا تم وضع تحت تصرف هذه المزارع وحدات دفاع قطرية. هذه الوحدات يخدم فيها سكان المستوطنات والبؤر الاستيطانية، الذين يرتدون الزي العسكري ويتم تزويدهم بالسلاح. والى جانب حماية المستوطنات هم يمارسون العنف ضد الفلسطينيين.

في خطتهم الرئيسية، فان سموتريتش واصدقاءه، يزيدون عدد الإسرائيليين الذين سيضطرون الى الاخلاء في حالة عقد اتفاق، لكنهم بالتأكيد يدركون أن العمليات التي يدفعون بها قدما لا تؤدي الى تغيير دراماتيكي في الواقع الديمغرافي، الذي سيسمح بضم الضفة أو حتى فقط ضم المناطق ج، بدون المس بالأغلبية اليهودية في إسرائيل. ولكن من برجهم العاجي السياسي هم يحاولون، بعمليات عنيفة تقتضي موارد ضخمة ومروج لها إعلاميا، ترسيخ في وعي الكثير من الإسرائيليين بأنهم ليسوا ضليعين في الحقائق التي توجد على الأرض، وترسيخ الانطباع الكاذب بأن الواقع هو أمر لا يمكن تغييره، وذلك من اجل القضاء على كل دعم جماهيري لاتفاق دائم.

يجب عدم الاستخفاف بالصدع الكبير في الثقة الذي يمكن أن ينشأ في أوساط المسيحانيين القوميين المتطرفين إزاء الفجوة بين الواقع وحلمهم، على شاكلة الصدع الذي حدث في اعقاب اخلاء شبه جزيرة سيناء، والانفصال واتفاق أوسلو. هذا يفسر استعدادهم “للذهاب حتى النهاية” والتضحية بالديمقراطية وسلطة القانون وجهاز القضاء والجنود في غزة وفي لبنان، واتفاقات السلام والعلاقات مع يهود العالم والعلاقات مع الولايات المتحدة، والتضامن الاجتماعي.

إن تعصبهم الشديد وصل الى الذروة في التضحية بالمخطوفين والادعاء أن هذا هو الثمن الذي يجب على سكان النقب الغربي دفعه بسبب التمسك بالدفع قدما بالسلام. طالما أنهم يؤمنون بأنه بهذه الاثمان يمكننا ضم كل البلاد، فانه لا شيء سيوقفهم، باستثناء اتفاقات سلام مقرونة بإعادة أراضي.

اذا كانت الأغلبية العقلانية في إسرائيل تطمح الى مستقبل مختلف فان عليها أن تعرف الحقائق الموجودة على الأرض وتبديد الضباب. الطريقة الوحيدة لذلك هي الاستيقاظ ومحاربتهم حرب لا هوادة فيها. بعد ذلك سيأتي الوقت للعزاء.

--------------------------------------------

 

معاريف 29/11/2024

 

 

نتنياهو وصل الى اتفاق وقف نار في لبنان بعد رسالة واضحة من ترامب

 

 

بقلم: ألون بن دافيد

 

الحروب والمواجهات العسكرية توصف دوما بتعابير جانب أزرق (قواتنا) وجانب أحمر (العدو). لكن من جلب وقف النار هذا الأسبوع حقا هو الجانب البرتقالي. الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب هو الشخصية السائدة من خلف الاتفاق وهو الرجل الذي يمكنه أن يجلب نهاية للحرب الطويلة وتصميم مستقبلنا ووجه المنطقة في الأشهر القريبة القادمة.

مشكوك جدا أن يكون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي على مدى أكثر من سنة يثرثر لمؤيديه الشعار العليل “النصر المطلق” كان سيصل بنفسه الى اتفاق وقف نار في لبنان لو لم يتلقَ رسالة واضحة من ترامب بان هذا ما هو متوقع منه. لقد تعثر حظ نتنياهو وكثيرين في إسرائيل بدأوا يصدقون بانه يوجد شيء ما كهذا مثل “النصر المطلق” وقد غصب على التوقيع على اتفاق حتى فنان تسويق مثله لا يمكنه أن يغلفه ويبيعه كـ “نصر” فما بالك “مطلق”.

لكن مثلما في الماضي، اتفاق الخليل، في صفقة شاليط وفي حقائب المال التي نقلها الى حماس، اثبت نتنياهو بان ايديولوجيته يمكنه أن تكون مرنة مثل لاعبة جمباز فني ابنة عشرة. فهيم اكثر بكثير من وزير دفاعه، وان كان نتنياهو اتخذ جانب الحذر من أن يتفوه بكلمة “نصر” لدى عرضه الاتفاق على الامة، لكن ابواقه فاقوه واظهروا مرونة وليونة حين سوقوا الاتفاق كلحظة أخرى من الانكشاف الرباني (لربهم).

في شيء واحد كان الابواق محقين: اتفاق وقف النار الذي تضارب مع كل ما روجوا له في السنة الأخيرة، هو انجاز ذو مغزى لإسرائيل، يختلف عن كل الاتفاقات السابقة مع لبنان، هو يشكل مقابلا مناسبا للانجازات المعتبرة التي حققها الجيش الإسرائيلي في ميدان المعركة. لقد وقعت إسرائيل على اتفاق مع دولة لبنان، يتنازل فيه لبنان عن سيادته ويوافق بحكم الامر الواقع على نشاط عسكري إسرائيلي في أراضيه، اذا ما خرق الاتفاق. هذا بحد ذاته انجاز معتبر.

لقد سبق أن قيل الكثير عن أن وقف النار سيفحص ليس في صياغاته بل في التصميم الإسرائيلي على انفاذه، حتى بثمن دخول متجدد للقتال. صحيح أن الاتفاق يبقي حزب الله كقوة عسكرية لا بأس بها في لبنان، لكن لحزب الله أيضا، المتضرر بشدة والضعيف اكثر من أي وقت مضى، سيكن صعبا تسويق هذا الاتفاق كنصر.

 

توجد لنا إشارة من غزة

 

فضلا عن ترهات “النصر المطلق”، لم تدعي إسرائيل ابدا ولم تضع لنفسها هدف إبادة القوة العسكرية لحزب الله او احتلال شريط فاصل داخل لبنان. فالبقاء على ارض لبنان كان فقط يضمن ان تبقى بلدات الشمال تحت النار لسنوات أخرى. اما الشروط التي حققها الجيش الإسرائيلي فقد ازالت عن بلدات الشمال تهديد الاجتياح وخلقت فرصة لابعاد تهديد نار حزب الله عنه. اذا كانت مهمة إسرائيل ان تفرضه بتشدد وبقوة، فان الشمال يمكنه أن يعود ليزدهر منذ السنة القادمة.

توجد هنا أيضا فرصة لتغيير ذي مغزى في مكانة حزب الله في موازين القوى الداخلية في لبنان. فعلى مدى اشهر يهيىء البريطانيون قوات من الجيش اللبناني لانفاذ الاتفاق، سواء على طول معابر الحدود مع سوريا ام في جنوب لبنان. حزب الله، الذي قُتل أو أُصيب عشرة الاف من رجاله، لم يعد القوة الأقوى في الدولة.

معقول الافتراض بان ايران ستحاول منذ الأيام القريبة القادمة البدء بضخ المال لاعادة بناء حزب الله. اذا نجحت إسرائيل في تشجيع دول الغرب والخليج لتعزيز القوات الأخرى في لبنان، الجيش اللبناني والمسيحيين، برزمة مساعدات توازن المال الإيراني، فانها ستتمكن من أن تكون القوات المؤثرة في الدولة.

وتوجد نقطة أخرى في صالح طرف الرئيس المنتخب: ترامب الذي يعرف بان الاتفاق تحقق فقط بفضل مباركته، ولم يحاول قطف المجد وسمح للرئيس الراحل جو بايدن الاستمتاع بكل الحظوة. هذا فعل يعكس نضجا من جانبه وهذا النضج يمكنه أن يفتح فرصة أخرى حتى قبل ان يدخل الى البيت الأبيض.

قطاع غزة، الذي عاد ابتداء من هذا الأسبوع لان يكون ساحة قتالنا الأساس، يؤشر الى أن هناك أيضا توجد فرصة. فالاصوات التي صدرت عن حماس، بعد الإعلان عن وقف النار في لبنان على استعدادها لان تبحث في وقف نار في غزة أيضا، تدل على أن حماس أيضا في ضائقة: الجيش الإسرائيلي يكمل تفكيك المعقل الذي حاولوا اقامته في جباليا، شمال القطاع فرغ تماما من سكانه، وقيادة حماس أيضا تخلى من دخول ترامب الى منصبه.

الرئيس بايدن اعلن بانه يحاول الدفع قدما بمنحى لوقف نار في غزة وإنقاذ المخطوفين بمعونة مصر، تركيا وقطر. يمكن لمثل هذا المنحى أن يتحقق فقط اذا ما حظي بمباركة ترامب. لنتنياهو، الذي قلق من انهاء القتال في غزة والمطالبات بالتحقيق التي ستأتي بعده، سيكون أصعب عليه ان يبتلع وقف نار في غزة. ما يمكنه أن يحلي له القرص المرير سيكون منحى يتضمن أيضا رزمة مساعدات أمريكية من السلاح، رفعها نتنياهو مرة أخرى على رأس فرحته. لكن هنا أيضا سيكون كل شيء متعلقا بحركة رأس زعيمه الجديد، ترامب.

 

صفقات، لا حروب

 

ايران هي الأخرى تبدي بوادر عصبنة قبيل دخول الجانب البرتقالي الى منصبه. هذا الأسبوع واصلت تهديد إسرائيل لكنها تبدو صحيح حتى هذه اللحظة، كمن اختارت تأخير ردها الموعود على الهجوم الإسرائيلي.

فقدت ايران ذراعيها الهامين حيال إسرائيل – حزب الله وحماس – لكن في الجيش الإسرائيلي يواصلون التعامل مع ذراعيها الاخرين – العراق واليمن – كساحتين نشطتين. الميليشيات في العراق تخضع للسيطرة الكاملة من طهران، التي يمكنها أن تدفعهما للتوقف عن نشاطهما في كل وقت. وقد المحتا هذا الأسبوع بانهما تفكران بالانضمام الى وقف النار. اليمن هو لاعب مارق، لا يقبل أي إمرة وتحكم.

يعرف الإيرانيون بانهم مستهدفون كشركاء كاملين في المحور المناهض لامريكا. روسيا تقاتل في أوكرانيا الى جانب كوريا الشمالية فيما أن ايران هي موردة السلاح. في داخل هذا المحور الثلاثي – ايران هي الحلقة الضعيفة. وترامب كفيل بان يختارها كمن ينبغي تركيز الضغط عليها.

يؤمن البيبيون المسيحيون بان ترامب سيرتبط بإسرائيل في معالجة النووي الإيراني. هذا سيناريو يتضارب وطبيعة الرئيس المنتخب، رجل يتبنى الصفقات وليس الحروب. لكن ترامب يعرف كيف يشخص الضعف وايران توجد في نقطة دركها الأسفل منذ سنين. اذا ما فرض عليها عقوبات شالة، مسنودة بتهديد عسكري مصداق، فانه يمكنه أن يفرض على ايران نظام رقابة جديد، قاسٍ ومتشدد اكثر من كل الأنظمة التي سبقته، يبعد آيات الله عن النووي على مدى سنوات ولايته.

في السطر الأخير: بعد سنة من حرب رهيبة وانجازات رائعة للجيش الإسرائيلي، تقف إسرائيل امام بطانة فرص لاعادة تثبيت مكانتها في المنطقة. بعد اقل من شهرين سيدخل الى البيت الأبيض رئيس هو صديق حقيقي يريد طالح إسرائيل حتى قبل ان يرى صالح نتنياهو. بعد سنة كلها سواد، لعل البرتقالي ينجح في أن يكون الأسود الجديد.

--------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إسرائيل اليوم 29/11/2024

 

 

إنطلق يا غالنت

 

 

بقلم: يوسي بيلين

 

المكانة السياسية لإسرائيل وصلت دركا لم يسبق له مثيل ابدا. هذا يؤثر على النوايا لترك البلاد، على اقتصاد إسرائيل وعلى يهود العالم: لا يمكن اقناعهم بان إسرائيل هي المكان الا كثر امنا لليهود في العالم، ومستوى المخاطرة التي يتعرضون لها في الشتات، فيما لا يخفون هويتهم اليهودية، عال جدا.

المشاهد التي تعرض في وسائل الاعلام العالمية هي لرضع فلسطينيين يحرقون في غزة، ومستشفيات نقصفها نحن، فيما أن التفسيرات التي تُسمعها الجهات الإسرائيلية، الرسمية وغير الرسمية، هي بشكل عام مثيرة للشفقة. الى هذا تضاف تبجحات وزراء إسرائيليين يطرحون اقتراحات عنصرية، وحشية تتضارب ظاهرا والقانون الدولي، تلوننا جميعا بالوان الابرتهايد. رئيس الوزراء لم يعد منذ زمن بعيد يحاول التصدي للتدهور السريع. ويوجد في ذروة جهوده لرد النذر، في مجال محاكمته.

على هذه الخلفية، يا غالنت، انت تجد نفسك الى جانب نتنياهو، كريه روحك، ممنوع من التحرك في معظم دول العالم طالما كانت أوامر المحكمة الجنائية الدولية سارية المفعول. لكن لا يدور الحديث عنك فقط. دولة رئيس وزرائها ووزير دفاعها يتلقيان أوامر اعتقال تقيد حركتهما، تفقد غير قليل من مكانتها في النادي الدولي الذي ننتمي اليه، والذي نريد نحن أن نكون أعضاء فيه. في السنة الأخيرة فقط هبطنا بسبع مراتب في المؤشر السنوي للدول الديمقراطية، وقرار الجنائية دهورنا الى الأسفل، دون أن تكون في أيدينا الأدوات لان نشرح، نوضح او حتى نعتذر عن أمور زائدة او مدينة لنا (لاسفي محرجة أيضا واساسا تحت الصدمة الفورية لاحداث 7 أكتوبر).

وعليه، فاني اقترح عليك التفكير بجدية في إمكانية ان تقف طوعا وبمبادرتك امام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. اعرف انه يوجد في هذا مخاطرة، لكنك سبق أن اثبت قدرتك على اخذ المخاطر في اثناء حياتك. وقوفك، بحد ذاته يعطيك نقاط تفوق. وذلك شريطة أن تضع الدولة تحت تصرفك المساعدة اللازمة للدفاع عنك قضائيا والدفاع عنا جميعنا. هذه ستكون فرصة نادرة لان نعرض امام العالم الحجة الإسرائيلية بكاملها، ان نصف اليوم الرهيب إياه في بلدات غلاف غزة، والإجراءات التي اخذتها إسرائيل وتتخذها كي تقلص عدد المصابين الفلسطينيين. ما كانت أي دولة في العالم لتتصور الا تعمل في اعقاب السبت الأسود، ولا يدور الحديث عن ثأر بل عن ردع وابعاد الاحتمال في أن تتكرر مثل هذه الخطوة. عندما تصطدم منظمة إرهاب بإسرائيل فانها ملزمة بان تأخذ بالحسبان بان الطريق التي سيعمل بها الجيش الإسرائيلي ستتسبب باصابات عديدة. لقد تركت حماس سكان غزة لمصيرهم وضحت بهم على مذبح هدف مجنون لشطب إسرائيل من الخريطة. الرئيس الفلسطيني محمود عباس قال هذا فورا حين اعلن بان الضرر الذي الحقته حماس بالفلسطينيين يفوق ضرر النكبة في 1948، وهذا حتى قبل أن تقرر حماس سلب المساعدات الإنسانية من سكان غزة وتبيعها بأسعار شاهقة في ظل ردعهم.

الحكومة التي كنتَ عضوا فيها، هي بلا شك أسوأ حكومات إسرائيل. لم تقترب أي حكومة منها في قصوراتها، في عجزها وفي المستوى الإنساني الهابط للكثيرين من أعضائها. كان يتوجب عليها ان تقيم لجنة تحقيق رسمية في التحقيق في ما حصل عشية 7 أكتوبر، في اليوم نفسه وبعده. ارتكبت أخطاء جسيمة في تعاطيها مع منظمات دولية وعرضت حيات يهود العالم للخطأ. لكن الان بالذات بعد أن تحررت منها يمكن لهذه ان تكون لحظتكَ. انت ملزم بهذا لنفسك وبالقدر ذاته، ان تلزم بهذا لإسرائيل وللشعب اليهودي.

ولعلمك فقط، هذه المحكمة أقيمت كنتيجة صراع يعود لعشرات السنين خاضه اليهود ومنهم أيضا إسرائيليون مثل البروفيسور شبتاي روزين في اعقاب الحرب العالمية الثانية. بدلا من التملص منها هام الوقوف امامها بقامة منتصبه واستغلال هذه المنصة لرواية القصة الحقيقية بما فيها حججنا.  يحتمل ألا تكون لنا منصة اكثر نجاعة من هذه، فرجاء لا ترفض هذا الاقتراح رفضا باتا.

--------------------------------------------

 

هآرتس 29/11/2024

 

 

عندما يكون ترامب موجود، سيكون من الأصعب إطالة الحرب

 

 

بقلم: رفيت هيخت

 

الاغلاق السريع لجبهة الشمال من قبل نتنياهو، وفرض الاتفاق مع حزب الله على الحكومة ومصوتي اليمين، أوجد آلية مثمرة لانتاج أسباب مفترضة لهذه الخطوة المتسرعة، التي تخالف الرسائل العسكرية التي خرجت من رئيس الحكومة في الأشهر الأخيرة حول استمرار الحرب وقوتها ونطاقها.

الأسباب السياسية المحتملة معروف، على رأسها حقيقة أن اغلاق جبهة الشمال امام حزب الله القوي والأكثر خطورة، لا تعرض الائتلاف للخطر، خلافا للتنازل عن الفرصة العقارية في غزة في النضال ضد حماس الأكثر ضعفا بكثير، وكذلك أيضا الحاجة الى خلق مناخ ملائم اكثر للدفع قدما بتهرب الحريديين من الخدمة في الجيش. إضافة الى ذلك تم التلميح أيضا الى أسباب تتعلق بالطابع الشخصي، منها قضية الزيارة في فرنسا على خلفية أوامر الاعتقال من لاهاي.

لكن العامل الأكثر أهمية في طيف هذه التقديرات هو حجم تدخل دونالد ترامب في هذه العملية –

حيث أنه لم يتسلم بعد منصبه واصبح يظهر كمن يحرك نسيج استراتيجي جديد في المنطقة. من غير الواضح الى أي درجة كان مشاركا في عملية التسوية السريعة نسبيا في لبنان، ولكن لا أحد يستبعد مجرد تأثيره. خلافا للاحاطات التي وصلت من الحكومة الاسرائيلية، التي سعت الى تبرير العملية غير الشعبوية في اليمين بضغط معادي من الإدارة الديمقراطية، الذي تمت ممارسته بكامل القوة الآن في أواخر أيام حكمها، ومن غير المستبعد التشكك في أنه بالذات رغبة الرئيس المنتخب هي التي كانت مؤثرة اكثر.

الى جانب التصريحات مؤيدة لإسرائيل، التي صدرت بالأساس كتحد للرسائل الأكثر تعقيدا والتي صدرت من الإدارة الديمقراطية، تحدث ترامب في عدة مناسبات اثناء حملته الانتخابية لصالح انهاء الحرب، لا سيما في غزة، بصورة تتماشى مع سياسته المعلنة، أهمها رفض المشاركة في حروب الآخرين وتمويلها. هناك مجال للتخمين بأن الخطوة القادمة للرئيس الجديد هي فرض على نتنياهو انهاء الحرب في غزة، مع أو بدون هدية معينة يمكن لنتنياهو تقديمها للمستوطنين. مجرد وجود هذه الهدية، الضم في الضفة أو اذن بالاستيطان في غزة، مرهون بالأساس برغبة ترامب ومصالحه ورغبته في تقوية نتنياهو أو الإساءة اليه.

الرئيس الأمريكي الجديد تم انتخابه بسبب قدرته ووعوده الديكتاتورية، الامر الذي يزيد احتمالية وجود حلول “ديمقراطية”، التي تأتي الآن بتغليف من ترامب. للمفارقة فان اليمين في إسرائيل الذي بارك انتخابه سيجد نفسه يخضع لاملاءاته في الجبهات المختلفة، أو للدقة، رغبته في انهاء الحرب في اسرع وقت ممكن. وخلافا للديمقراطيين، الجسم العاجز يسهل عليه امتصاص أي طعن أو تاثير. أيضا هو يمكنه تحقيق هذه الرغبة.

بالنسبة للبيبيين غير المرتبطين باليمين، مثلما باليسار، ولكنهم حتى الآن يشكلون أساس انتخاب اليمين، فان هذه خطوة مطلوبة. ها هو اكبر الزعران، اكبر حتى من ازعرهم، يعلن بأنه قد تحقق ذلك النصر المامول، وأنه يمكن التوقف عن الحرب الكابوسية هذه. اليمين الأيديولوجي الذي يعتبر استمرار الحرب والاستيطان في غزة ضرورية وجودية يمكن أن يكتشف بأنه بقي لوحده، وأنه لا يمكنه مواصلة املاء ما يحدث.

الدخول القريب لترامب الى البيت الأبيض يخلق هرمية جديدة للقوى، التي فيها اشخاص مثل ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش هم حلقة ضعيفة ولم يعد يحسب لهم أي حساب بشكل خاص. حتى لو كان ترامب سيفرض على إسرائيل انهاء الحرب، وحتى سيطرة السلطة الفلسطينية في غزة، فانه مشكوك فيه أن تشكل هذه أي تهديد على حل للحكومة في ظل غياب بدائل سياسية (الأول لن يحصل في أي يوم على القوة الحكومية التي توجد له الآن، والثاني لن يتجاوز نسبة الحسم)، ما حدث هو أنه جاء ازعر جديد الى الحي وهو اكبر من كل سابقيه.

 --------------------------------------------

 

 

 

هآرتس 29/11/2024

 

أهالي المخطوفين لنتنياهو: من أنت لتحدد مصير أبنائنا وعن أي “قيمة يهودية” تتحدث؟

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

عيناب تسنغاوكر، أم متان المخطوف في غزة، لخصت حقيقة أساسية. “إذا كان ابني على قيد الحياة، فمن أنت كي تحسم مصيره مثلما حسم فرعون مصير شعب إسرائيل؟”، قالت لوزير الأمن القومي بن غفير، في بحث داخل الكنيست، “أن ترغب في شق طرق، وإقامة بؤر، واستيطان غزة على دماء المخطوفين دون إعادتهم إلى الديار – فهذه ليست قيمة يهودية”.

 بعد اتفاق وقف النار في لبنان والإنجازات حيال حزب الله، باتت المعادلة أوضح: استئناف الاستيطان والحرب الأبدية في غزة مقابل صفقة مخطوفين وإنهاء الحرب في القطاع؛ الموت مقابل الحياة. الدولة الملتزمة بصورتها الأخلاقية والإنسانية ملزمة باختيار الإمكانية الثانية.

 الوفد المصري الذي وصل أمس إلى إسرائيل للبحث في وقف الحرب في غزة، مؤشر مشجع. فحسب تقرير في صحيفة لبنانية، تتضمن الخطة المصرية وقف نار لشهر حتى شهرين، يتحرر في أثنائه مخطوفون بالتدريج، مع أولوية لكبار السن الذين يعانون من أمراض عضال. وقدرت مصادر أمنية بأنه يمكن التقدم بصفقة تتضمن تحرير مخطوفين، على خلفية تخوف لدى حماس من أن تهدئة الجبهة في الشمال ستسمح لإسرائيل بنقل قوات كبيرة نسبياً للقتال في القطاع. موقف جهاز الأمن لم يتغير: يجب التقدم في المفاوضات لتحرير المخطوفين. الجيش الإسرائيلي، كما أوضح للمستوى السياسي، قد يعود للقتال عندما يتطلب الأمر ذلك.

 رئيس الوزراء، نتنياهو، أخذ الموقف بأنه بالإمكان استئناف القتال في لبنان عند الحاجة. شدة الضربات التي تلقتها حماس في غزة أكبر بكثير، لكن نتنياهو يعارض أي انسحاب، حتى ولو كان مؤقتاً، في صالح تحرير 101 مخطوف، لم يعد نصفهم على ما يبدو على قيد الحياة. حكومة إسرائيل تبدي عدم اكتراث لمصيرهم.

 وصفقة المخطوفين كما يراها قادة الطائفة المسيحانية، سموتريتش وبن غفير، تهدد الخطة الكبرى لاحتلال غزة، واستئناف الاستيطان و”تخفيف السكان” الفلسطينيين في القطاع بـ 50 في المئة في غضون سنتين، مثلما قال رئيس “الصهيونية الدينية” هذا الأسبوع. في مثل هذه الخطة، ليس للمخطوفين أهمية خاصة. نتنياهو، لأسباب سياسية أيضاً، يفضل وضعاً من الحرب الدائمة. من ناحيته، ضعضعة الائتلاف أخطر من إمكانية بقاء المخطوفين في غزة وتركهم لمصيرهم.

 إن إعادة المخطوفين مهمة قومية يجب أن تهز أركان كل مواطن ومواطنة في الدولة. وحسب طاقم أطباء إسرائيلي، بعض منهم في “حالة طوارئ طبية”، لدرجة خطر الموت. قلة فقط سينجون في الشتاء القادم. يجب إنقاذهم الآن.

--------------------------------------------

 

 

في جلسة شهدت جدالاً.. “اتحاد جامعة أكسفورد” يصوت: إسرائيل دولة فصل عنصري

 

 “القدس العربي”: أقر “اتحاد أكسفورد” اعتبار إسرائيل “دولة فصل عنصري مسؤولة عن الإبادة الجماعية”.

والاتحاد هو جميعة طلابية تأسست في القرن التاسع عشر في الجامعة البريطانية المرموقة.

وذكر موقع “شيروول” الإخباري الطلابي أن التصويت، الذي جرى وسط إجراءات أمنية مشددة، خلص إلى 278 صوتاً مؤيداً مقابل 59 صوتاً معارضاً.

وتحدث خلال النقاش دعما للقرار كل من الشاعر الفلسطيني محمد الكرد، ورئيس الاتحاد إبراهيم عثمان موافي، والناشط الإسرائيلي- الأمريكي ميكو بيليد، والكاتبة الفلسطينية- الأمريكية سوزان أبو الهوى.

وعارض الاقتراح الإعلامي البريطاني جوناثان ساكيردوتي، والمحامية البريطانية ناتاشا هاوسدورف، والصحافي العربي الإسرائيلي يوسف حداد، ومصعب حسن يوسف، نجل مؤسس حركة “حماس” والذي انشق ليعمل جاسوساً لصالح الاستخبارات الإسرائيلية.

وذكر موقع “شيروول” أن ناشطين مؤيدين لفلسطين تجمعوا خارج القاعة ورددوا شعارات مؤيدة لفلسطين. وأعلن “حراك أكسفورد من أجل فلسطين” أن الغرض من الاحتجاج هو إظهار التضامن مع المتحدثين الفلسطينيين ومعارضة استضافة الاتحاد لمتحدثين معينين.

وكان محمد الكرد افتتح النقاش لصالح الاقتراح قائلاً: “إذا تم تمرير هذا الاقتراح اليوم، فهذا يعني أن هذا المجلس يلحق بركب الوضوح الأخلاقي للأغلبية العالمية.” وذكر أن الصهيونية “لا يمكن إصلاحها ولا يمكن الدفاع عنها”، ثم انسحب من الجلسة رافضا، التواجد والمشاركة بفعالية بوجود مصعب حسن يوسف.

وفي المقابل، وصف مصعب حسن يوسف الفلسطينيين بأنهم “أكثر الشعوب بؤساً على وجه الأرض”، مما أثار اعتراضات كبيرة ودعوات لإخراجه. وأظهرت مقاطع فيديو إخراج يوسف حداد من القاعة بعد أن وصف الجمهور بـ”مؤيدي الإرهاب” عندما أطلقوا في وجهه صيحات الاستهجان أثناء مناقشته. وعندما تم اصطحابه إلى الخارج، ارتدى حداد قميصاً يحمل صورة زعيم “حزب الله” الراحل حسن نصر الله مع تعليق “إرهابيكم مات”.

من جهته، قال بيليد خلال المناقشة: “ما حدث في السابع من أكتوبر لم يكن إرهاباً – كانت هذه أعمالا بطولية لشعب مضطهد”، ودعا إلى إقامة دولة فلسطينية “من النهر إلى البحر”. حسب ما جاء في موقع “شيروول”.

من جهتها وصفت المتحدثة المؤيدة لإسرائيل هاوسدورف المناظرة بأنها “لحظة مظلمة في تاريخ اتحاد أكسفورد”. وقالت إن اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية هو “إهانة موجهة إلى الضحايا الحقيقيين للإبادة الجماعية في هذه الحالة”.

ومن بين المشاركين أيضاً العالِم السياسي الأمريكي والناشط المناهض لإسرائيل نورمان فينكلستين.

وختمت سوزان أبو الهوى النقاش بسرد قصص من غزة، وهاجمت الصهيونية قائلة: “فتحنا لكم منازلنا عندما رفضتكم بلدانكم، فقتلتونا ونهبتونا”.

--------------------------------------------

 

حزب الله لم يخسر الحرب على الرغم من كل الخسائر والدمار

 

بحسب الخبراء، فإنّ النصر لا يمكن قياسه بعدد الشهداء أو حجم الدمار، بل بالأهداف الأولية للحرب.

بقلم: بول خليفة

موقع "ميدل إيست آي" ينشر تقريراً، يتحدّث فيه عن الحرب على لبنان، وكيف أن حزب الله انتصر في المعركة على الرغم من الخسائر والدمار، و"إسرائيل" لم تحقّق أهدافها من الحرب.

مع بزوغ فجر الأربعاء، أي بعد ساعتين فقط من دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان و"إسرائيل" حيّز التنفيذ، بدأت آلاف العائلات النازحة، التي توزّعت في السيارات والباصات، رحلة العودة إلى قراها المدمّرة في جنوب لبنان وسهل البقاع وضاحية بيروت الجنوبية.

وتشكّلت ازدحامات مرورية على الطريق الساحلي المؤدي إلى جنوب لبنان وعلى طريق البقاع وفي الشوارع التي تربط العاصمة بيروت بضواحيها الجنوبية. ورفع العائدون شارة النصر ولوّحوا بأعلام حزب الله وصور أمينه العام الشهيد السيد حسن نصر الله، الذي اغتالته "إسرائيل" في 27 أيلول/سبتمبر 2024.

وعلى الرغم من الدمار الحاصل والدموع المنهمرة وفقدان الأحبة، ارتسمت علامات الفرح على وجوه العائدين. ولم ينتظروا انسحاب القوات الإسرائيلية ليعودوا إلى قراهم، ولم يستجيبوا لنصيحة الجيش اللبناني الذي أصدر بياناً صباحياً حثّ فيه المواطنين على عدم العودة إلى منازلهم حتى مغادرة قوات الاحتلال.

وبدلاً من ذلك، اتّبعوا مشاعرهم، كما عبّر عنها ببلاغة رئيس مجلس النواب نبيه بري في خطاب متلفز: "عودوا إلى قراكم، ابحثوا عن أشجار التين والزيتون، عودوا بفخر إلى قراكم لأنكم هزمتم العدو".

لقد قتلت "إسرائيل" كبار القادة السياسيين والعسكريين لحزب الله، ودمّرت مؤسساته الاجتماعية والمالية والطبية، وقصفت بنيته التحتية العسكرية، وقتلت وجرحت الآلاف من مقاتليه. كما تمّ محو عشرات القرى من الخريطة، وتحوّلت آلاف المنازل إلى أنقاض، ودُمّرت أعداد كثيرة من المؤسسات. لكنّ "الانتصار لا يمكن أن يقاس بعدد الشهداء أو حجم الدمار، بل يجب أن يستند إلى الأهداف الأولية للحرب"، بحسب أحمد نور الدين، أستاذ التاريخ في جنوب لبنان، موضحاً: "لقد تمّ تدمير ستالينغراد ولندن خلال الحرب العالمية الثانية، ومات أكثر من 20 مليون سوفياتي. ومع ذلك، فازت كلّ من روسيا وإنكلترا بالحرب".

وأشار إلياس فرحات، العميد المتقاعد في الجيش اللبناني، إلى أنّ "إسرائيل" فشلت في تحقيق أيّ من أهدافها. وبعد اغتيال السيد نصر الله وغيره من القادة رفيعي المستوى، صرّح نتنياهو بأنّه يريد إعادة تشكيل الشرق الأوسط. وخلال جولة له على الحدود اللبنانية، قال: "مع أو من دون اتفاق، فإنّ المفتاح لإعادة شعبنا إلى الشمال هو دفع حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني ومنعه من إعادة التسلّح". لكن، بحسب فرحات؛ "إسرائيل" فشلت في تحقيق أيّ من هذه الأهداف".

وقد شكّلت عودة المستوطنين إلى "الجليل الشمالي" هدف الحرب المُعلن. إلا أنّه وفقاً لعدد من الخبراء والمحللين، فقد كان هدف "إسرائيل" الحقيقي هو تفكيك ترسانة حزب الله من الصواريخ الباليستية، التي تشكّل تهديداً استراتيجياً لها. وفي هذا الصدد، قال المحلّل وليد شرارة: "لم يقتصر الأمر على عدم تحقيق هذا الهدف فحسب، بل واجهت إسرائيل أيضاً تحدّياً جديداً تمثّل في الطائرات المسيّرة التي لم تتمكّن القبّة الحديدية من تحييدها".

 

الفشل في تحقيق الأهداف

 

يقول الدكتور عبد الحليم فضل الله، مدير المركز الاستشاري للأبحاث والتوثيق، وهو مركز أبحاث تابع لحزب الله، إنّ "هذه الحرب الإسرائيلية لم تكن لها أهداف عسكرية لم تتحقّق فحسب، بل أهداف سياسية أيضاً. وقد أعلن نتنياهو بوضوح عن أهدافه عندما قال لحلفائه الغربيين إنّ هذه الحرب ستكون مقدّمة لتغييرات سياسية جوهرية في لبنان؛ وقد فشل في تحقيق هذا الهدف. فحزب الله كان ولا يزال الحزب الأكبر في لبنان من حيث التمثيل الشعبي، كما أظهرت الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وسيظل الحزب الأكبر من حيث المؤسسات، كما أثبت من خلال ملئه السريع للشواغر في المناصب العسكرية والسياسية التي خلّفتها الاغتيالات. وحزب الله سيبقى لاعباً رئيساً في السياسة الداخلية اللبنانية، وستفشل كل محاولات تهميشه سياسياً".

وقال الباحث فضل الله: "يحتفظ حزب الله، إلى جانب حركة أمل، بجميع المقاعد النيابية المخصصة للطائفة الشيعية في البرلمان اللبناني. وله حلفاء في الطوائف الأخرى، المسيحية والمسلمة، بسبب رؤيته الإصلاحية والتزامه بالمقاومة ضد إسرائيل. ونظراً للبنية السياسية الطائفية في لبنان، سيحتفظ كل من حزب الله وحركة أمل بدور مهم في عملية صنع القرار الوطني".

وتظهر البنود الـ13 لاتفاق وقف إطلاق النار بوضوح أنّه يستند إلى حد كبير إلى القرار الأممي 1701 الذي وافق لبنان على تنفيذه منذ الأيام الأولى للحرب من دون "أي تعديل"، كما أكّد بري. وخلافاً لادعاءات نتنياهو، فإنّ الاتفاق لا يمنح "الجيش" الإسرائيلي حرية التحرّك في الأراضي اللبنانية. ويضمن أحد بنوده "الحق الطبيعي لإسرائيل ولبنان في الدفاع عن النفس".

كما حذّر عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله خلال مقابلة تلفزيونية من أنّ "للمقاومة الحقّ في الدفاع عن نفسها" في حال تعرّضها لأيّ هجوم إسرائيلي. ولا يذكر الاتفاق صراحة نزع سلاح حزب الله، وينصّ على أنّه "سيتمّ تفكيك جميع المنشآت غير المرخّصة المتعلقة بإنتاج الأسلحة والمواد ذات الصلة، وسيتم تفكيك جميع البنى التحتية والمواقع العسكرية غير المتوافقة، وستتمّ مصادرة جميع الأسلحة غير المرخّصة".

وحزب الله وحركة أمل ممثَّلان داخل السلطة التنفيذية، كما أنّ مبدأ "المقاومة" شرّعته جميع الحكومات اللبنانية منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990. ومن خلال هذا الانتهاك الذي يدعو إلى تفكيك البنى التحتية العسكرية ومصادرة الأسلحة، قد يغتنم خصوم حزب الله في الداخل اللبناني، المرتبطين في كثير من الأحيان بأجندات سياسية خارجية، الفرصة. وعلى الرغم من أنهم يشعرون بخيبة أمل إزاء النتيجة التي آلت إليها هذه الحرب، فهم لم يخفوا رغبتهم في أن تقضي "إسرائيل" على حزب الله، فإنهم لا يعتبرون أنفسهم مهزومين. وهم يستعدون بالفعل للتصادم مع حزب الله وحلفائه في القضايا الداخلية، ولا سيّما في ما يتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية.

ويرى معارضو حزب الله أنه الآن، بعد أن ضعف وانشغل بتضميد جراحه وجراح قاعدته الشعبية، سيسحب الحزب دعمه لترشيح الوزير والنائب السابق سليمان فرنجيه. في حين أن مرشحهم المفضّل، هو قائد الجيش العماد جوزيف عون المدعوم من الولايات المتحدة.

أما التحدّي الرئيس الآخر الذي ينتظر حزب الله، فيتمثّل في إعادة إعمار المناطق ذات الأغلبية الشيعية، التي تعرّضت لأضرار جسيمة. وفي هذا الصدد يقول الباحث فضل الله: "سيركّز حزب الله جهوده على إعادة الإعمار، ولا سيّما أنه يتمتع بخبرة كبيرة في هذا المجال مع مشروع (وعد) الذي أعاد إعمار المناطق التي دُمّرت بعد حرب تموز 2006. ويمكنه الاعتماد على مؤسساته المدنية والإدارية الكفوءة والمنتشرة في المناطق اللبنانية كافة. وسيقوم الحزب بكلّ ما هو ضروري لضمان عودة السكان، كما وعد أمينه العام الشيخ نعيم قاسم. ويجب ألا ننسى أن هذه أيضاً مسؤولية الدولة اللبنانية، التي ينبغي أن تقدّم المساهمة الأساسية في هذا المجال".

وبالنسبة إلى العميد إلياس فرحات، فإنّ الوضع ليس واضحاً تماماً، متسائلاً: "في ظل وجود دولة عاجزة وغياب المانحين وهيئات التمويل الرئيسة، فإنّ التحدّي الأكبر الذي يواجهه حزب الله يتمثّل في قدرته على تأمين الاحتياجات المالية لقاعدته الشعبية، التي فقدت منازلها.  وقال مصدر في حزب الله إن "المال لا يُعدّ مشكلة" وإن خطط إعادة الإعمار سبق أن تمّ وضعها". والأشهر المقبلة كفيلة بالإجابة عن كل هذه التساؤلات.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق