الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 26/11/2024 العدد 1167
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
عن "N12" 26/11/2024
الاتفاق مع لبنان.. مدخل لترسيخ واقـع جديـد فـي الشـرق الأوسـط
بقلم: عاموس يادلين وأودي أفينتال
في هذه الأيام، يتنقّل المبعوث الأميركي، عاموس هوكشتاين، بين لبنان وإسرائيل من أجل وضع اللمسات الأخيرة على صيغة اتفاق لوقف إطلاق النار بين البلدين. والاتفاق المطروح، بالإضافة إلى أنه سيمهّد الطريق لعودة سكان الشمال إلى منازلهم، فإنه يشكل فرصة لعملية أوسع من أجل إعادة بلورة وجه الشرق الأوسط. إن إمكانية تغيير الواقع الإقليمي، بما يتلاءم مع المصالح الإسرائيلية، يتطلب منا النظر إلى الصورة الكبيرة والتركيز على التهديد المركزي الآن، وهو إيران، والامتناع من الإصرار غير المجدي على صيَغ غير ضرورية للاتفاق مع لبنان، والتي لا تتطلب موافقة، وهي مرتبطة في الأساس بقرار إسرائيلي، وبموافقة الجانب الأميركي.
نظام أمني جديد في الشمال
ومن المنتظر أن يخلق الاتفاق الجارية مناقشته بين الأطراف نظاماً أمنياً أفضل ومتعدد الطبقات في الجنوب اللبناني، استناداً إلى قرار مجلس الأمن 1701، والغرض منه منع الوجود العسكري لـ "حزب الله" في جنوبي الليطاني، والذي يشكل تهديداً مباشراً لسكان شمال إسرائيل. هناك الجيش اللبناني في الطبقة الأولى، والذي سيزيد وجوده بصورة كبيرة، وسيعزز انتشاره في الجنوب اللبناني، وفي الطبقة الثانية ستساعده قوات اليونيفيل، التي ستعمل بصورة أكثر تشدداً من الماضي، على الرغم من أننا لا نعقد آمالاً كبيرة عليها، وإلى جانب الجيش اللبناني واليونيفيل، ستنضم آلية مراقبة وتنفيذ دولية، بقيادة الولايات المتحدة ومشاركة فرنسا وبريطانيا وألمانيا التي يعارض لبنان مشاركتها في هذه المرحلة.
تحت هذا الغطاء، تسعى إسرائيل لعملية إقليمية ودولية متكاملة من أجل إغلاق حدود لبنان مع سورية من البحر والجو لمنع نقل السلاح إلى حزب الله، ويشمل هذا أيضاً الضغط على النظام السوري لمنع تهريب العتاد العسكري عبر سورية إلى لبنان، والابتعاد عن دائرة نفوذ المحور الراديكالي، بقيادة إيران. ومن المفيد أيضاً السعي لإيجاد إطار عمل لتنفيذ القرار 1559 الذي يطالب بنزع سلاح الميليشيات في لبنان، كمستند شرعي، وكأفق للمستقبل.
فوق هذا كله، سيكون هناك طبقة الدفاع الأساسية في إطار تغيير الواقع الأمني في الشمال، والتي ستعطي إسرائيل حق فرض نزع السلاح من الجنوب اللبناني بالقوة، ومنع بناء "حزب الله" قواته وعودته إلى الجنوب اللبناني. ومن الواضح أنه انطلاقاً من تجربة الماضي، ومن ميزان القوى في لبنان، أن اليونيفيل والجيش اللبناني لن يتمكنا من مواجهة "حزب الله" بالقوة، ويمكن لآلية المراقبة الدولية تقديم أساس صلب لمنع إعادة تمركُز "حزب الله"، بخلاف القرار 1701، وربما فرض عقوبات على كبار الشخصيات اللبنانية، لكن يجب ألّا نتوقع أن تعالج الألية الدولية بنفسها خروق الاتفاق. كما أن قيام إسرائيل بفرض تطبيق الاتفاق مباشرةً، هو عملياً توسيع "المعركة بين الحروب" إلى لبنان، بالإضافة إلى سورية، وسينطوي هذا على مخاطر تصعيد من نوع أيام قتالية ستخرق الهدوء في الشمال. وحدها الأيام المقبلة، ستُظهر لنا كيف ستتصرف الحكومة الإسرائيلية بعد وقف إطلاق النار، في حال بدأ "حزب الله" ببناء قوته من جديد.
إن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وعن مواطنيها، ليس موضع جدل، ومن المؤكد أنه ليس مرتبطاً بموافقة الحكومة اللبنانية في إطار اتفاق. الإصرار على الصيغ ضمن هذا الإطار لا لزوم له، وليس من الصواب الاستمرار في القتال وتعريض حياة جنودنا للخطر من أجل تحقيق هذه التعديلات، وبدلاً من ذلك، يجب التوصل إلى تفاهمات جانبية مع الولايات المتحدة، تضمن أن تقدم لها الدعم الاستراتيجي وشبكة أمان سياسية في الساحة الدولية، بالإضافة إلى ضمانات أميركية بشأن تقديم مساعدة من أجل التسلح الدفاعي والهجومي عندما تحتاج إسرائيل إلى العمل في لبنان لفرض الاتفاق.
إن تغيير الواقع الأمني، الذي تحقّق في لبنان، يحسّن ظروف التشجيع على عودة السكان إلى منازلهم. لقد أزيلَ التهديد بغزو قوات الرضوان وإطلاق الصواريخ القصيرة المدى، وأيضاً جرى القضاء على آلاف "المخربين" وتدمير البنى التحتية العسكرية لـ "حزب الله" على خط القرى الأول، وإلى حد ما، على الخط الثاني، وتلقّت منظومة النار لدى الحزب ضربة قوية، وهو ما أدى إلى تقلُّصها بصورة كبيرة، وتم القضاء على القيادات العسكرية والسياسية للحزب. في مثل هذه الظروف، إن التغيير الأكثر جوهريةً، بعد الحرب، هو المتعلق بحرية عمل إسرائيل في لبنان والمحافظة على الإنجازات العسكرية وإعادة فرضها عند الضرورة. وإذا كانت القوة النارية القوية لـ "حزب الله" قد ردعت إسرائيل في الماضي عن العمل في لبنان، خوفاً من التدهور إلى حرب شاملة، فإن هذه الحرب أصبحت اليوم وراءنا، وتهديد "حزب الله" أصبح ضعيفاً، حتى لو لم يتم القضاء عليه تماماً. ومثلما هي الحال في غزة، تستطيع إسرائيل أن تستخدم القوة والرد بشدة على أيّ هجوم على أراضيها.
الأضرار التي لحِقت بـ "حزب الله" ووقف إطلاق النار سيسمحان للجمهور اللبناني بمحاسبة الحزب على المستوى السياسي بسبب جرّه لبنان إلى كارثة كانت معروفة مسبقاً، وبسبب الدمار الذي لحِق بأجزاء كبيرة من البلد، وكارثة أكثر من مليون مواطن اضطروا إلى مغادرة منازلهم، بالإضافة إلى الكارثة التي لحِقت بالاقتصاد الهش.
في الطريق إلى إعادة بلورة الشرق الأوسط
منذ اللحظة التي سيدخل فيها وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، سيُفك الارتباط القتالي بين لبنان وغزة، وسيتلاشى حلم "وحدة الساحات" ويتبدد. وستجد "حماس" نفسها معزولة في المحور الراديكالي، لأن إيران أيضاً لا تريد الدخول في مواجهة مع إسرائيل، بعد الضربة الأخيرة التي تلقّتها من سلاح الجو الإسرائيلي، وخوفاً من خطوات الإدارة الأميركية المقبلة؛ وأيضاً في العراق، تزداد الانتقادات للميليشيات، خوفاً من أن تؤدي هجماتها إلى رد إسرائيلي.
المطلوب من إسرائيل استغلال الفرصة من اجل تحقيق واجبها الأسمى، والموضوع في أعلى جدول أولوياتها الوطنية، أي إعادة المخطوفين في أسرع وقت ممكن بوساطة صفقة، ولو بثمن إنجازات مؤقتة لما تبقى من "حماس".
إنهاء الحرب في لبنان، وخصوصاً ما إذا كان هذا سيؤدي إلى تهدئة وإطلاق سراح المخطوفين في غزة، ضروري أيضاً على المستوى الاستراتيجي، ويسمح لإسرائيل بـ"تنظيف الطاولة"، قبل دخول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض من أجل تركيز الحوار معه على معالجة التهديد الأكبر لنا، وهو إيران ومساعيها النووية.
إنها فرصة حقيقية. فإيران والمنظومة الدولية هما على مسار تصادمي بشأن توسّع برنامج إيران النووي، حسبما ظهر في التقرير الأخير للوكالة الدولية للطاقة النووية. يأتي التوجه الصقري للدول الأوروبية حيال طهران على خلفية السلاح الذي تزود به روسيا في حربها ضد أوكرانيا. يصرّح موظفو ترامب بأنه منذ اليوم الأول لتولّيه منصبه، سيفرض "الضغط الأقصى" على إيران من أجل تجفيف موارد "الإرهاب" والصواريخ والنووي، وسيضغط عليها من أجل العودة إلى اتفاق أفضل...
في الخلاصة، وفي ضوء التغييرات العسكرية والمهمة إزاء "حزب الله" والمحور الراديكالي عموماً، وإمكان إعادة بلورة ساحة الحرب والجبهات المتعددة، من مصلحة إسرائيل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق للنار مع لبنان، يخفف العبء الذي لا يُحتمل عن الاحتياطيين والاقتصاد. من جهة ثانية، يجب عدم الإصرار على أهداف غير واقعية، مثل نزع سلاح "حزب الله"، حسبما قال وزير الدفاع كاتس مؤخراً. وكما أثبتت الحرب في غزة، هذا الهدف الأقصى الذي يمكن أن يستنزف منظومة سلاح الاحتياط والاقتصاد في الجنوب اللبناني طوال سنوات. وفي أيّ حال، بعد توقيع الاتفاق، وبغضّ النظر عن الصيغ، ستقف إسرائيل أمام اختبار فرض نزع السلاح من المنطقة الواقعة في جنوب الليطاني ومنع تهريبه من سورية.
--------------------------------------------
هآرتس 26/11/2024
الاتفاق مع لبنان يخدم نتنياهو، الذي لا يظهر أي اشارة على صفقة في القطاع
بقلم: عاموس هرئيلِ
صوت ضجة الابواق بشر كالعادة باتجاه القرارات، منذ اللحظة التي بدأ فيها الكثير من المراسلين في وسائل الاعلام المتماهية مع رئيس الحكومة في هذا الاسبوع في التحدث عن مباركة الاتفاق الذي يلوح في الافق مع لبنان، كان من الواضح أن الحكومة تعمل على وقف اطلاق النار في الساحة الشمالية. حتى الآن بقيت عدة اجراءات بيروقراطية، على رأسها عقد الكابنت في يوم الثلاثاء وتوضيحات اخيرة يجب على اسرائيل أن تنهيها مع الوسطاء الامريكيين، لكن هناك احتمالية عالية في أن التوقيع على الاتفاق سيكون في الايام القريبة القادمة.
اذا لم يحدث أي تغيير في اللحظة الاخيرة فيبدو أن التفاؤل الذي حرصت ادارة بايدن على نثره خلال اشهر أخيرا اصبح قريب من التحقق. بعد تقريبا 14 شهر على القتال تقف اسرائيل امام انهاء المواجهة مع حزب الله. وما لا يقل اهمية عن ذلك هو أن غزة بقيت تقريبا وحدها كجبهة رئيسية اخيرة، وحماس لم تعد تحصل على دعم ناجع من حزب الله.
في هذه النقطة يتوقع أن يتطور خلاف آخر في اسرائيل بين الذين يطالبون بالنصر المطلق على حماس وبين الذين يقولون بأنه يجب بلورة صفقة ايضا في غزة. الاوائل يؤيدون بالفعل حرب بلا نهاية في القطاع، في حين أن الاخيرين يعتقدون بأنه اذا انهت اسرائيل الحرب في الشمال بدون هزيمة العدو الاكثر قوة فهي بالتأكيد يمكن أن تسمح لنفسها بالموافقة على صفقة في القطاع، التي يمكن أن تنقذ حياة نصف المخطوفين، الذين حسب التقديرات ما زالوا على قيد الحياة.
وزير الامن الوطني ايتمار بن غفير حرص على ابعاد نفسه عن أي خوف من الاتهام بالانهزامية، واعلن امس بأنه اوصى نتنياهو بالاستمرار في الحرب في الشمال الى حين هزيمة العدو بشكل مطلق. ولكن عمليا، حتى بن غفير، لا يهدد بالانسحاب من الائتلاف اذا تحقق الاتفاق. مثلما في قضية صفقة المخطوفين الاولى قبل سنة بالضبط فان بن غفير يتملص من المسؤولية عن النتائج – لكن ليس بثمن التنازل عن الكرسي. معظم الوزراء في الكابنت يتوقع أن يؤيدوا الاتفاق، رغم أن الجمهور الصورة لديه معقدة اكثر، بالتأكيد في اوساط سكان الحدود الشمالية. كثيرون منهم من مصوتي اليمين الذين يخشون من أنه لا يكفي ما تم فعله للقضاء على تهديد حزب الله.
تاريخ انتهاء الصلاحية
من بين اقوال الابواق في صفحة الرسائل التي يتم املاءها عليهم، يفضل الاستماع الى العميد احتياط آفي ايتام، وهو من المستشارين غير الرسميين لنتنياهو. فقد وصف الاتفاق الآخذ في التبلور بـ “هدنة مؤقتة لستين يوم”، التي بعدها يجب علينا رؤية ما الذي سيحدث. في مقابلة مع “كان” تطرق ايتام الى المرحلة الاولى في الاتفاق، التي يمكن أن يحدث فيها في نفس الوقت ببالتدريج انسحاب للجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان، ومغادرة حزب الله للمناطق التي تقع في جنوب نهر الليطاني، ودخول الجيش اللبناني بالتدريج الى المنطقة. ايتام برر سعي نتنياهو لعقد الاتفاق بالذات في هذا الموعد بالذات بسبب العلاقة مع الامريكيين. ادارة بايدن، حسب قوله، تستخدم الآن بالفعل حظر جزئي للسلاح لاسرائيل. في نفس الوقت هي تفحص الامتناع عن استخدام الفيتو على قرارات مناهضة لاسرائيل في مجلس الامن.
حسب ايتام فان اسرائيل بحاجة الآن الى تقليص اخطار الحرب والامتناع عن التصادم الزائد مع الرئيس التارك وانتظار دخول الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، الى البيت الابيض عند أداء اليمين في 20 كانون الثاني القادم. من المهم المعرفة بأن ايتام امتنع عن توصية سكان مستوطنات المنطقة الشمالية بالعودة الى بيوتهم بعد التوقيع على الاتفاق. فقد اقترح الانتظار بضعة اشهر الى حين اتضاح الصورة. وهو لم يستبعد استئناف الحرب بعد تتويج ترامب. وحسب قوله فان الحرب ما زال يمكن أن تمتد لسنتين الى حين توجيه الضربة القاضية لحزب الله.
في المقابل، مؤخرا قدرت بعض الجهات الرفيعة في جهاز الامن بأن هناك احتمالية جيدة لعدم استئناف الحرب في الشمال. في محادثة مع الصحيفة قالت هذه الجهات بأنه في السنوات القريبة القادمة سيحاول حزب الله وايران ترميم قدرة الحزب العسكرية التي تضررت بشكل كبير، وسيفضلون الامتناع عن مواجهة مباشرة مع اسرائيل، كما كان واضح منذ اشهر فان الاتفاق النهائي المقترح يشبه بشكل كبير قرار مجلس الامن رقم 1701 الذي انهى حرب لبنان الثانية في 2006.
تطبيق غير انتقائي
اسرائيل تأمل أن تكون في هذه المرة محاولة دولية حقيقية لتنفيذ الاتفاق. الفرق المهم للافضل يتعلق بدور الولايات المتحدة في تنفيذه. ليس فقط أن الولايات المتحدة سترسل لاسرائيل رسالة مرفقة بالاتفاق، تعترف بحقها في مهاجمة لبنان في حالة الخرق من ناحية حزب الله. ايضا الامريكيون سيقومون بدور رائد في اجراءات التنفيذ والرقابة على الاتفاق. هذا يبدو بداية جيدة، وهي ستكون مدعومة بالتزام اعلى من دول اوروبا الغربية.
امتحان اسرائيل سيكون في التصميم على تنفيذ الاتفاق في الاشهر القادمة، وحتى في السنوات القادمة. هذا الامر يتعلق ليس فقط بمنع الاعتداء المباشر من الحدود، بل أي محاولة لحزب الله من اجل التمترس مجددا في جنوب لبنان، أو تهريب السلاح من سوريا الى لبنان.حتى اندلاع الحرب قامت اسرائيل بضبط النفس ازاء معظم العمليات التي نفذها حزب الله، باستثناء نقل قوافل السلاح التي هوجمت في سوريا، لأنها فضلت الحفاظ على الهدوء على الحدود الشمالية تقريبا بأي ثمن.
هذه المعضلة ستزداد مع مرور الوقت بعد وقف اطلاق النار. فاثناء احتلال قرى جنوب لبنان تم الكشف عن المنظومة الضخمة التي قام حزب الله ببنائها استعدادا لهجوم مفاجيء على الحدود. بعد كشفها كل الحكومة الاسرائيلية ستجد صعوبة في ضبط النفس ازاء محاولة اعادة بناء هذه المنظومة من جديد.
في الخلفية يوجد بين نتنياهو والقيادة العسكرية العليا، المنقسمة حول قضايا كثيرة، التقاء مصالح بفضل التوقيع على الاتفاق مع لبنان. في هيئة الاركان يقلقون من تآكل القوات النظامية وقوات الاحتياط بعد حرب طويلة. نتنياهو معني بالدفع قدما بقانون الاعفاء من الخدمة بضغط من الاحزاب الحريدية، الشريكة في الائتلاف. واذا استمرت الحرب في الشمال فانه سيبقى هناك عبء لا يحتمل على المنظومة القتالية، وربما ستكون حاجة الى تجنيد قوات اخرى في الاحتياط. هذه العملية ستظهر الظلم الكامن في ترتيبات اعفاء الحريديين، وحتى يمكن أن يوقظ الاحتجاج ضد الحكومة من سباته. في المقابل، وقف اطلاق النار في الشمال سيقلل بالتدريج العبء، وربما يمكن الجيش من ارسال قوات نظامية الى الجنوب، حيث هناك رئيس الحكومة في هذه الاثناء لا يظهر أي اشارة على أنه يسعى الى وقف اطلاق النار وعقد صفقة التبادل، بل هو معني بمواصلة الحرب لفترة طويلة ضد حماس.
--------------------------------------------
يديعوت احرونوت 26/11/2024
أعداء من الداخل
بقلم: سيفر بلوتسكر
ما الذي دفع رئيس الوزراء نتنياهو لان يلقي خطاب “الجبهة الثامنة” في منتهى السبت، والذي اتهم فيه قادة جهاز الامن بكونهم يخدمون العدو وطابور خامس لحماس ولحزب الله؟ “جبهة ثامنة”، على حد قول نتنياهو، هم المسؤولون المجهولون في قيادة الشباك، الجيش واجسام أمنية أخرى “تمس عن قصد بأمن الدولة”، “تمس بالجهد الحربي الذي اقوده”، الذين ينقلون الى الاعلام، أي الى العدو “معلومات استراتيجية سرية للغاية” وكل هذا بنية “خدمة رواية الاستسلام للعدو”.
اقوال نتنياهو اخطر باضعاف من اقوال التحريض منفلت العقال ضد “عدو من الداخل” – الديمقراطيين الليبراليين في سلطات انفاذ القانون، في الأجهزة السرية وفي قيادة الجيش – التي اطلقها الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في الاجتماعات الانتخابية. استمعت لوابل تهجماته وهو محوط بجمهور المعجبين الاعمى والصارخ، المليء بالإحباط والغضب، فاقشعر بدني. لم أُقدر ان بعد اقل من شهر سيطلق رئيس وزرائي ببث للامة الاتهامات الرهيبة إياها بالخيانة “من الداخل” بطعن ظهر الامة الإسرائيلية المقاتلة.
ترامب أراد أن ينتصر في الانتخابات أساسا كي يخلص نفسه من المحاكمات ضده، والتي كان سيدان فيها بمواد جسيمة مثل التحريض على التمرض وانتهاك الدستور. وهو لم يمتنع عن استخدام أي وسيلة كي يحقق هدفه، بما في ذلك الاستخدام المتواتر للديماغوجيا المتطرفة. نتنياهو أيضا يشعر بحبل المحاكمة يقترب من رقبته ويفهم بان فقط بقوة كونه رئيس وزراء هو كفيل بان يتهرب مؤقتا من قرار محكمة نهائي وتام بعده ينتظره، ربما، حبس غير قصير.
في دائرة ضيقة من مقربيه يسمح لنفسه ان يقدر بان انتخابات للكنيست ستجرى بعد شهرين – ثلاثة اشهر من وقف نار في الشمال وفي الجنوب. وهذه، كما يخشى، سيفسرها الناخبون بعامة وقاعدة مؤيديه بخاصة كانبطاح بل وحتى كاستسلام. فقد وعدنا جميعا بإعادة إسرائيل الى حدود امبراطورية 1983 – 1984 من الليطاني حتى فيلادلفيا.
وهذا لن يحصل. بيبي يعرف هذا، لكن ليس له الشجاعة المدنية والسياسية لان يبشر بذلك عنا. النقد على “الانبطاح”، “العجز” و “الانهزامية” لحكومته في المفاوضات مع حزب الله لم يعد محصورا بسكان الشمال المقصوف، بن غفير وسموتريتش. فهو يتلقى اسنادا قويا من أحزاب المعارضة (المعسكر الرسمي وإسرائيل بيتنا)، ينتشر في الجمهور الغفير ويقلق نتنياهو جدا جدا.
وعليه، كلاعب سياسي مجرب يرى الوليد، شرع بحملة انتخابات. خطاباته خطابات دعاية في الميادين: خليط من التضليل وإلقاء المسؤولية على عاتق الاخرين. هذه المرة هؤلاء هم قادة وكبار رجالات جهاز الامن الذين شاركوا في الدوائر الحربية الأكثر سرية. بسبب معارضتهم السائبة والخيانية، كما يدعي وسيدعي بيبي دفاعا عن نفسه، بسبب منعهم عنه معلومة امنية حرجة لكنهم قدموا المعلومة (من خلال تسريبات مغرضة) لاعدائنا، اضطر رغما عنه لان يوافق على حلول وسط عفنة مع حزب الله قريبا ومع حماس في المستقبل.
توجد له حجة غيبة: لولا “الجبهة الثامنة” التآمرية التي شنها ضده “الخونة” بالبزات وبدون بزات، كانت إسرائيل ستقطف الان ثمار النصر المطلق الموعود. بدلا من هذا اضطر رئيس وزرائنا لان يوافق على تسوية محبطة. كله بذنب العدو من الداخل.
--------------------------------------------
هآرتس 26/11/2024
حكومة وجيش لبنان ليست لديهم قوة ولا يمكنهم فرض شيء على حزب الله
بقلم: تسفي برئيل
“التسوية” هي مفهوم مضلل يحاول ابعاد المعنى الحقيقي للعملية الدبلوماسية التي لم يتم استكمالها بعد بين اسرائيل ولبنان، والتي يمكن أن تستكمل في القريب. اسرائيل وحكومة لبنان سيوقعون على الاتفاق، ليس على “تسوية” أو “تهدئة” أو “هدنة”. رسميا هذا سيكون اتفاق بين دول، يهدف الى تحديد قواعد السلوك المتبادلة، ليس بين لبنان واسرائيل، بل بين اسرائيل وحزب الله، الذي هو التهديد الحقيقي والفعلي. لأنه ليست حكومة لبنان أو الدولة اللبنانية هما التهديد، بل حزب الله. وفي أي اتفاق سيتم التوقيع عليه من شأن حكومة لبنان ضمان تحييد هذا التهديد. وبدون شراكة حزب الله واستعداده للتمسك ببنود الاتفاق فانه لن يكون له أي معنى.
في اطار الاتفاق لن يتم نزع سلاح حزب الله، آلاف الصواريخ بعيدة المدى وقصيرة المدى؛ مخزون المسيرات والتكنولوجيا البالستية المتقدمة وكل البنى العسكرية للحزب ستبقى على حالها. واذا تم تطبيق الاتفاق بالكامل فسيتم ابعاد هذا التهديد الى ما وراء نهر الليطاني، لكنه لن يتلاشى. اضافة الى ذلك فان جنوب لبنان لن يبقى منطقة فارغة من السكان. نوع من “الحزام الامني” حتى بعد قامت اسرائيل بمحو عدة قرى والسيطرة على منطقة بعمق بضعة كيلومترات. بالنسبة للحكومة في لبنان، سواء بدأت اسرائيل في الانسحاب في الايام الاولى للاتفاق، أو بعد “فترة اختبار مدتها ستين يوم”، فان المواطنين النازحين والهاربين من قراهم سيعودون الى بيوتهم.
الحكومة اللبنانية تصمم على أن “التسوية” لا تعتبر اتفاق جديد بين دولتين، بل ستعتبر تسوية قرارات وتفاهمات من اجل ضمان تنفيذ القرار 1701. سبب ذلك هو أنه من ناحية قانونية فان أي اتفاق جديد بين الدول يحتاج الى مصادقة البرلمان. وفي حالة الاتفاقات الاقتصادية، مثل اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين اسرائيل ولبنان الذي مكن من تفعيل حقول الغاز في الدولتين، فانها تحتاج الى مصادقة الرئيس.
مفهوم “التسوية” يمكن أن يتغلب على هذه العقبة لأنه يتم تفسيره في لبنان كاستمرارية أو توسيع لقرار مجلس الامن، الذي صادق عليه في السابق حزب الله في 2006، ولا يحتاج الى اجراء قانوني جديد الذي يمكن أن يضع هذه العملية في حقل الغام سياسي في لبنان. من هنا فان المباديء التي ستكون في اساس الاتفاق لا تختلف في جوهرها عن مباديء القرار 1701، التي تشمل، ضمن امور اخرى، تواجد حزب الله على خط الليطاني ونشر 15 ألف جندي من الجيش اللبناني، اضافة الى قوة اليونفيل في المنطقة بين نهر الليطاني والحدود مع اسرائيل، وانشاء منطقة منزوعة السلاح وخالية من الجنود غير المرخصين من قبل الحكومة اللبنانية، و”عدم بيع أو تزويد السلاح والوسائل القتالية للبنان باستثناء التي تمت المصادقة عليها من قبل الحكومة”. أي منع تهريب أو نقل السلاح لحزب الله من سوريا، ايران ومصادر اخرى.
اضافة الى هذا الشرط، الذي هدف الى منع الاحتكاك المباشر والفوري بين اسرائيل وحزب الله، والذي لم يطبق منذ اتخاذ القرار، سواء من قبل لبنان أو قوة اليونفيل، فان القرار الاصلي شمل شروط اخرى. الاهم هو نزع سلاح جميع المليشيات، أي حزب الله، كما جاء ايضا في القرار 1559 من العام 2004، الذي اضيف كجزء لا يتجزأ الى القرار 1701.
رغم أن بنود الاتفاق الآخذ في التبلور ما زالت غير معروفة بالكامل، ومن غير الواضح اذا كانت حكومة اسرائيل وحكومة لبنان وحزب الله سيوافقون عليها، إلا أنه يمكن ويجب الافتراض بأن نزع سلاح حزب الله في كل ارجاء لبنان، وليس فقط طرده من الجنوب، سيبقى فقط أمنية حتى لو شمله الاتفاق. ليس فقط أن الجيش اللبناني الضعيف – الذي حتى الآن ما زال لا ينجح في تجنيد القوة البشرية المطلوبة لتنفيذ مهماته حسب القرار 1701، ولم يحصل بعد على المعدات والسلاح والسيارات المدرعة، وبالاساس الميزانية لتمويل انتشاره الجديد على طول الحدود – بل هو ايضا غير قادر على مواجهة قوة حزب الله العسكرية؛ وأي محاولة لنزع سلاح حزب الله تعني مواجهة عنيفة، الى درجة الخوف من نشوب حرب اهلية في لبنان.
بهذا يختلف الوضع في لبنان عن الوضع في سوريا، التي فيها النظام يحارب ضد جهات سرية متآمرة، على الاقل في المناطق التي يسيطر عليها، وبسياسة متعمدة هو لا يسمح بنشاطات منظمات مسلحة، باستثناء التي تعمل بالتنسيق الكامل معه. وكل الآخرين يعتبرون أعداء أو ارهابيين. في لبنان ليس فقط لا توجد للدولة قوة لمواجهة حزب الله، بل الحزب يعتبر جزء لا يتجزأ من الحكومة والبرلمان. فهو يمثل معظم الشيعة، وبصورة غير رسمية هو له مكانة “قوة الحماية” المطلوبة للحفاظ على أمن الدولة طالما أن الجيش اللبناني لا يمكنه مواجهة التهديدات الخارجية. من هنا فان طلب بني غانتس الشعبوي “العمل بقوة ضد ممتلكات حكومة لبنان والتي تعطي اليد الحرة لحزب الله”، ليس إلا طلب فارغ يهدف ربما الى التذكير بأن غانتس ما زال يحلق في الفضاء السياسي في اسرائيل.
حكومة لبنان، حتى لو كانت حكومة دائمة وليس حكومة انتقالية مؤقتة مثلما هي الآن منذ ثلاث سنوات، ليست اكثر من وسيط، وتوقيعها على الاتفاق يستهدف توفير الغطاء الرسمي والشرعي له. في هذا السياق من المهم ملاحظة أنه ليس رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، هو الذي كان الشريك الضروري لاجراء المفاوضات حول الاتفاق، بل رئيس البرلمان، نبيه بري، الذي يعمل كمخول من قبل حزب الله. اضافة الى ذلك ايضا نبيه بري ليس هو صاحب الكلمة الاخيرة. ويبدو ايضا أن نعيم قاسم، وريث حسن نصر الله كأمين عام للحزب، ليس هو صاحب القرار الحصري. ايران هي شريكة كاملة في توجيه شروط الاتفاق حتى لو لم تكن مشاركة في كل التفاصيل. بدون القرار الاستراتيجي الذي تم اتخاذه في طهران والذي سمح بالفصل بين ساحة غزة ولبنان، وعمليا فكك وحدة “جبهة الدعم” لحماس، ربما لم تكن المفاوضات حول الاتفاق ستتقدم على الاطلاق. تغيير هذا الموقف هو ثمن باهظ من ناحية ايران، ويمكن أن يؤثر ايضا على علاقاتها مع وكلائها، ولكن الخوف من فقدان الذخر اللبناني هو الذي رجح الكفة كما يبدو.
هكذا، اذا كانت الولايات المتحدة هي الضامنة لأن تنفيذ اسرائيل دورها، فان ايران حتى بدون صفة رسمية أو مشاركة في لجنة الرقابة على تنفيذ الاتفاق، ستكون الضامنة لأن ينفذ حزب الله دوره. وهكذا فهي تستطيع ايضا ضمان مكانة الحزب في النسيج السياسي في لبنان وحجم تأثيرها فيه.
الاتفاق، حتى بعد خروجه الى حيز التنفيذ، هو فقط المرحلة الاولى والرسمية في استقرار منظومة العلاقات العسكرية بين اسرائيل ولبنان. وحتى الآن ستكون حاجة الى بناء “كتالوج” للخروقات، سيستخدم كمحك لتطبيقه، وهو يتوقع أن يثير خلافات كبيرة على الصعيد السياسي الداخلي في اسرائيل أو بين اسرائيل ولبنان، وبينهما وبين اعضاء لجنة الرقابة الدولية. وليس فقط على تفسير الخروقات، بل ايضا على الرد المسموح عليها. من المهم، بناء على ذلك، أن نذكر بأن الحديث لا يدور عن اتفاق سلام بين اسرائيل ولبنان، بل عن وضع بنية تحتية متفق عليها لتثبيت وقف بعيد المدى لاطلاق النار يمكن من العيش بأمان نسبي على جانبي الحدود.
--------------------------------------------
معاريف 26/11/2024
الحكومة مستعدة لاغلاق الجبهة الشمالية، بدون نصر مطلق، بينما تصر على ابقاء الجبهة الجنوبية
بقلم: بن كسبيت
بأي قدرٍ يريد بنيامين نتنياهو هذا الاتفاق كان يمكن أن نفهم هذا الصباح حين اندفعت أبواقه دفعة واحدة بصخب التشجيع، التفسير، التحليل والمقالات المنمقة عن “فضائل الاتفاق”.
بعد الظهر غرد أحد المراسلين السياسيين عن معارضة شديدة في الجناح اليميني من الائتلاف لـ “اتفاق ديرمر”. أتفهمون؟ صحيح حتى الان، الى أن تتضح الصورة، فان هذا “اتفاق ديرمر”. حذار أن يذكر نتنياهو. هذا سيكون اتفاق نتنياهو، في اللحظة التي نكون فيها واثقين من أنه نجح.
واذا لم ينجح الاتفاق لا سمح الله؟ إذن سجلوا: انه ديرمر. رون ديرمر. اذا كان الفشل ذريعا، فترقبوا عنوانا في القناة 14 في الصيغة التالية: “ديرمر اخفى عن نتنياهو بنودا في الاتفاق”.
وثمة بين الابواق ما هو صافٍ، من أولئك غير المستعدين لان يأخذوا المخاطرة اذا كان الاتفاق سينجح ام سيفشل ويبسطون مظلة الدفاع منذ الان. يعقوب بردوغو هو ادناهم. فقد ادعى امس بحماسة بان الاتفاق تحقق بسبب ضغط رئيس الأركان. انه هرتسي. وليس بيبي. فقد اقال بيبي يوآف غالنت بدعوى أنه انهزامي وانبطاحي ويريد أن يوقف الحرب في لبنان. أتذكرون؟ هذا حصل قبل أسبوعين. وها هو، اقال غالنت وعلى الفور يوقع على اتفاق. إذن ها هو، هرتسي هليفي هو الذي يسحب بيبي من الانف.
مسكين بيبي. كيف يصمد امام كل هذا؟ فهو يريد فقط أن يفعل الخير. يريد أن يصل الى بيروت، ان يفكك حزب الله، ان يهود مجلس الشورى وان يرفع علم لا فاميليا في الضاحية. لكن “هم” الذين لا يسمحون له. فعل الشيطان، دوما يوجد من يضغط عليه، يخفي عنه، يقصيه، لا يوقظه، لا يطلعه، لا يشد طرف لباسه او يضلله. دوما. الا اذا كان الحديث يدور عن نجاح.
لا حاجة لكثير من الخيال كي نعرف ماذا سيحصل اذا كان جاء بهذا الاتفاق، لا سمح الله، يئير لبيد أو، والمعاذ بالله، نفتالي بينيت. في “قائمة الفضائل” التي لا تنتهي والتي نشرها امس يانون مغيل كانت ستتغير فقط كلمة واحدة – فضائل – وتستبدل بـنواقص.
من أين اعرف؟ أولا لان هذا بالضبط ما صرخوا به على اتفاق جيد اكثر بكثير، وقعت عليه حكومة بينيت – لبيد، اتفاق الغاز مع لبنان. اتفاق في سطره الأخير لم تسلم إسرائيل شيئا ولم تتنازل عن أي شيء. المساحة البحرية التي تلقاها لبنان تبينت بانها نظيفة تماما من الغاز الطبيعي. مياه بحر ليس الا. المساحة التي اعترف بها لبنان بسيادة إسرائيلية مليئة بحقول الغاز الطبيعي بملكيتنا. ربح صافٍ. وعلى هذا الاتفاق صرخوا، صرخوا وتلفظوا بالهراء لسنتين. عادوا الى الحكم – ولم يلمسوه. لم يلغوه. لم يعيدوا النظر. لم يفعلوا شيا، للسبب البسيط: هم أيضا يعرفون بان الاتفاق جيد.
السبب الثاني الذي يجعلني اؤمن بان نتنياهو كان سيتهجم على هذا الاتفاق بعصف شديد لو كان في المعارضة هو انه يوجد فيه حقا غير قليل من النواقص: لا توجد منطقة فاصلة تضمن سلامة وامن مواطني الشمال؛ كل سكان القرى في جنوب لبنان يعودون الى بيوتهم، بعض منهم أناس حزب الله. هم سيعودون الى بيوتهم مع حزب الله؛ بند الانفاذ من قبل الجيش الإسرائيلي لا يوجد في الاتفاق. هو موجود في نوع من التوافق الجانبي مع الأمريكيين. احد لا يعرف كيف سيحصل هذا على الأرض؛ الاتفاق يقوم على أساس انفاذ الجيش اللبناني. كل من يعرف الجيش اللبناني ويفهم الوضع في لبنان، يعرف ان هذه نكتة. وهكذا دواليك.
وعليه فاني اعرف بان نتنياهو كان سيمزق اربا هذا الاتفاق لو كان في المعارضة. ابواقه كانت ستشعل الشوارع. غير أنه الان هو رئيس الوزراء.
بين الخيارات التي تقف امامها إسرائيل، فان الاتفاق هو الخيار الأقل سوء. انا افهم ألم وقلق سكان الشمال. هم الذين دفعوا الثمن حتى الان وهم الذين سيدفعون الثمن، اذا كان كهذا، في المستقبل أيضا. اليوم أيضا، رغم الاقوال والوعود، فان المساعدة الموعودة لهم لا تأتي. جهاز التعليم لديهم معطل تماما منذ أسبوع، حتى في البلدات التي لم تخلى. لجنة التعليم في الكنيست تعنى هذا الأسبوع بتخليد الحاخام دروكمان وتخليد الحاخام عوفاديا. سكان الشمال تُركوا لمصيرهم.
غير أنه على المستوى الاستراتيجي، الاتفاق حيوي. إسرائيل حققت في هذه الحرب إنجازات هائلة، لا توصف. ما كان احد ليحلم بها قبل بدء الحرب. حزب الله اهين حتى التراب. ضرب بصدمة على الركبة، فقد كل كبار مسؤوليه، كل سلسلة القيادة العليا، سلسلة القيادة العملياتية والقيادة الصغرى. 3 الاف مخرب قتلوا. البنى التحتية لاجتياح إسرائيل دمرت. قسم هام من مخزون الصواريخ دمر. قدرة الاطلاق تضررت بشدة. الضاحية مدمرة. مجلس الشورى ونصرالله اطلقوا الى السماء. القدرات الاستراتيجية سُحبت وهكذا دواليك.
من هنا لاحقا كان يمكن فقط النزول. الشتاء على الأبواب. المراوحة اللبنانية معروفة لنا جيدا. ايران لا تزال جبهة مفتوحة. النووي لا يزال هناك. يوجد 101 مخطوفا في غزة. الجيش تعب ومتآكل. النظاميون تعبون، الاحتياط ممزقون، هناك حاجة للانتظام، للراحة، للتسلح ولاغلاق جبهات مفتوحة لاجل التركيز على الامر الحقيقي.
ما لا يمكن تفسيره هو حقيقة أن حكومة اليمين على المليء مستعدة لان تغلق الجبهة الشمالية، التي يوجد فيها العدو القوي حقا، بدون ترتيبات امنية حقيقية، بدون منطقة فاصلة وبدون نصر مطلق، بينما الجبهة الجنوبية التي توجد في وضع افضل بكثير مع عدو اضعف بكثير – هذه الجبهة تصر الحكومة على ابقائها.
حسنا، هذا ليس سرا: بن غفير وسموتريش لن يسقطا الحكومة على الاتفاق مع حزب الله، لكنهما سيسقطان الحكومة على اتفاق مع حماس. هذه الحقيقة المريرة، غير المفهومة، الرهيبة جدا، الحقيقة التي تفرغ يهوديتنا من المضمون وتتعارض مع كل القيم التي قامت عليها إسرائيل.
--------------------------------------------
يديعوت احرونوت 26/11/2024
هذا ليس نصرا وبالتأكيد ليس نصرا مطلقا
بقلم: يوسي يهوشع
بعد 13 شهرا من تبادل الضربات مع حزب الله، تفكك فيها الشمال كما عهدناه وتفرق عشرات الالاف ليصبحوا لاجئين في بلادهم، يوشك مواطنو إسرائيل على أن يكتشفوا بان حتى النجاح العسكري ذي المغزى لا يترجم الى انجاز سياسي مُرضٍ.
اتفاق وقف النار المتبلور في لبنان يثير عاصفة أولا وقبل كل شيء لان الحقيقة بسيطة: هزمنا العدو الأخطر الذي يقف على حدود البلاد. في الجيش قد تكون خلافات في الرأي حول شروط الاتفاق، لكنكم لن تجدوا ضابطا كبيرا واحدا آمن بان تكون هذه هي موازين القوى بين الطرفين. عمليا، كانت قيادة هيئة الأركان هي التي ارادت التخلي عن تعميق القتال في الشمال دون حتى أن تعالج خط التماس.
لكن حسن نصرالله، الذي قرر منذ البداية الربط بين لبنان وغزة، خسر معظم مشروع حياته وفي مرحلة ما حياته أيضا. باقي القيادة العليا لحزب الله انتقلت هي أيضا الى عالم كله خير، عدد لا يحصى من المخربين أصيبوا في عملية البيجر اللامعة والخطة لاحتلال الجليل كانت ولم تكن، بفضل مناورة مكثفة سقط فيها افضل الأبناء. كما أن ترسانة صواريخ حزب الله وان كانت تواصل اتعاس سكان الشمال، بل واحيانا الوسط، لكن ليس بالحجوم التي جرى الحديث عنها في الماضي، والمخزون نفسه أيضا هزل. وها هي المشكلة الإضافية مع الاتفاق: بدلا من تعميق الإنجاز ودحر حزب الله اكثر فأكثر من شأنه أن يعطي فرصة لحزب الله لمحاولة أخرى. ليس عبثا يصرخ رؤساء البلدات في الشمال، أولئك الذين يفترض بهم ان يقودوا خطوة الاعمار في أن الاتفاق سيقلب ساعة الرمل تمهيدا لحرب لبنان الرابعة: بوليصة تأمين إسرائيل تعتمد على حرية العمل تجاه “التهديد الفوري” الذي هو تعريف قابل لكثير جدا من التفسيرات: فمنذ نهاية حرب لبنان الثانية، في صيف 2006، بنى حزب الله معظم بناه التحتية بشكل يزعم انه لا يخلق “تهديدا فوريا”. كما أن نقل وسائل القتال من ايران، تدريب وحدات الرضوان وحفر الخنادق لم تعتبر “تهديدا فوريا”. وعندها ننهض في الصباح ونكتشف انه على مسافة 300 متر من المطلة تمترست قوة عسكرية خبيرة، مدربة ومسلحة حتى الرقبة، وامر واحد فقط يفصل بينها وبين ذبح الإسرائيليين.
في هذه المرحلة، للمدى القصير، يمكن الحديث عن إعادة السكان من الجانب الإسرائيلي، لان خط البيوت الأول من الجانب اللبناني، وكذا قسم من الخط الثاني انكشف ودمر. قرى كاملة سويت بالأرض. لكن ماذا سيحصل اذا كان احد سكان لبنان يريد أن يعود ويعيد بناء بيته؟ ولنفترض انه جاء بملابس مدنية، فمن يضمن لنا الا يكون شيعيا ينتمي لحزب الله بل وربما مقاتل أيضا؟ جنوب لبنان هو مملكة الشيعة. لا توجد عائلة شيعية لا تنتمي لحزب الله بشكل من الاشكال: هذه هي الحقيقة المريرة التي تعلمناها من انتشار السلاح في كل بيت ثانٍ. ومن المهم الايضاح: حزب الله ليس حماس: هذا الواقع لم يفرض بقوة الذراع على السكان. فما العمل مع ذاك المواطن؟ هل مسموح تعريفه كـ “تهديد فوري”؟
وهكذا سيعطى حزب الله الاذن، عمليا، لاعادة بناء نفسه واحياء الخطط التي صفيت لتوها. في إسرائيل، في هذه الاثناء ستتراكم مشاكل أخرى، ولعل الاكواخ السياحية ستمتلىء مرة أخرى والصبر الجماهيري اللازم للجهد الحربي سيختفي. هذا ليس سيناريو لا أساس له بل تاريخ قريب: هذا ما حصل بالضبط بعد 2006. وعليه توجد أهمية عليا لتوسيع اصطلاح “منع التعاظم العسكري” بشكل يضم سلسلة من الاعمال التي لا تشكل “تهديدا فوريا”. يمكن لهذا ان يكون الرافعة للتهديد على حزب الله، اذا فكر فقط بإعادة البناء، وبالمقابل يضمن شرعية دولية للمس بالمنظمة حتى لو قامت باعمال بالحد الأدنى.
لكن في هذه اللحظة يخيل ان رئيس الوزراء، ذاك الذي اعتبر اتفاق الغاز استسلاما وحرص على القول انه الوحيد الذي يصمد امام الضغوط الدولية، مصمم على اغلاق وقف نار بشروط دون. بل انه يفعل هذا من فوق رأس زعماء الجمهور فيما أن مؤيديه في الاعلام يتذكرون فجأة ان يذكروا ان الجيش “بحاجة الى الإنعاش” وغيرها من الحجج. في هذه الاثناء في قيادة الجبهة الداخلية يشددون التعليمات والجمهور في الشمال يستعد منذ الان لايام صعبة يحاول فيها حزب الله ان يري بانه لم يستسلم. من ينتصر بشكل واضح لا يصل الى مثل هذه الوضعية، بل يملي قواعد وقف النار واذا لم يقبل بها الطرف الاخر فانه يواصل ضربه. والا فان هذا ليس نصرا وبالتأكيد ليس نصرا مطلقا.
--------------------------------------------
إسرائيل اليوم 26/11/2024
اتفاق أوفى بالمهمة
بقلم: أمنون لورد
“مهمتنا هي إعادة السكان الى بيوتهم”، قال الضابط الكبير.
“نحن نعمل وفقا للمهام وليس وفقا للتوقعات. لو كنا تلقينا كمهمة هزيمة حزب الله، لفعلنا هذا”.
انجاز الجيش الإسرائيلي في لبنان لا يقاس بالكيلومترات بل بالقدرة على التحكم بالرقابة وبالنار على كل قاطع قرى التماس. بحكم ظروف الحرب التي نشبت في 7 أكتوبر 2023 تحددت ضمن أمور أخرى مهمة إعادة السكان وليس هزيمة حزب الله. يحتمل لو ان القادة كانوا يتوقعون التحول في المعركة ضد حزب الله لكانوا وضعوا هدفا آخر.
لكن لما كانت المعركة تمت كما هي، في انزال ايدي بين هيئة الأركان وبين الحكومة، يقدم وقف النار أيضا كما هو. في الوضع الحالي ينبغي قبول وقف النار وانهاء الحرب في لبنان لانها استنفدت نفسها.
توجد امكانيتان: القتال حتى هزيمة حزب الله وحتى يتوقف نار القذائف والصواريخ لانعدام قدرة حزب الله، او الوصول الى انهاء الحرب باتفاق وقف النار. الاتفاق الموضوع الان لاقرار الحكومة هو جيد بلا قياس مقارنة بما كانت إسرائيل مستعدة له حتى قبل شهرين ونصف. نتذكر: قبل هجمة إسرائيل التي بدأت قبيل نهاية أيلول، وانتقلت لاحقا الى عملية برية بحث الجيش الإسرائيلي عن سبيل لوقف النار في حدود الشمال من خلال وقف نار مع حماس مع كل مصاعبه، بما في ذلك إعادة المخطوفين.
كان هذا اتفاق تعلق مطلق بحماس، حين تكون كل عملية إسرائيلية في غزة لإنفاذ الاتفاق ستجدد نار صواريخ حزب الله. ناهيك عن الاستعداد الهجومي لقوة الرضوان على مسافة مترين من غرف الرضع ورياض الأطفال التي على حدود لبنان.
إعادة الشمال الى الحياة الطبيعية
في الاتفاق الموضوع الان حزب الله منقطع عن غزة، يستجدي وقف النار، والبنية التحتية العملياتية والديمغرافية الشيعية في جنوب لبنان مدمرة. يقام جهاز دولي معقد للرقابة. يجدر بالذكر مرة أخرى بان هذا لا يشبه الجهاز الدولي، مع الشراكة الفرنسية الامريكية اللبنانية التي وقعت معها إسرائيل اتفاق الابتزاز على حقول الغاز في الحدود البحرية في الأسابيع القليلة ليئير لبيد كرئيس للوزرا. هذا كان الاتفاق الذي اقنع حزب الله وربما أيضا حماس، بان إسرائيل ناضجة او الادق عفنة ويمكن الإيقاع عليها لضربة حربية تسقطها.
كل هذا ليس موجودا الان. كبار مسؤولي الجيش الإسرائيلي يشددون على ان وقف النار سيفحص بتصميم إسرائيل على انفاذه، والجيش تعلم من أخطاء الماضي وجاهز لذلك. وعليه فهذا هو الوقت لوقف النار، لتسريح قوات كبيرة من الاحتياط وإعادة الشمال الى الحياة الطبيعية.
الضابط الكبير الذي تحدثت معه هو ابن كيبوتس على مقربة من الحدود. فهو يرى معاناة السكان الذين يعرفهم عن كثب، الزراعة الفاخرة التي ضاعت هذه السنة، محصول التفاح الذي تعفن هو آخر من يكون مستعدا لان يترك بلدات الحدود لمصيرها. وعليه، فثمة مفعول أخلاقي لاقواله بان حنيتا، المطلة وبلدات الحدود ليست متروكة لمصيرها. الصورة المذكورة لسيارات التندر البيضاء، لحزب الله التي تسير بشكل حر على مسافة متر من الجدار الحدودي – لن تعود. الاتفاق هو نتيجة طبيعة المهمة التي تحددت للجيش الإسرائيلي.
--------------------------------------------
نتنياهو يعلن التوقيع على وقف إطلاق النار في لبنان
القدس العربي: أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الثلاثاء، أن المجلس الوزاري المصغر وافق على وقف إطلاق النار في لبنان.
وأضاف في خطاب بثه التلفزيون أنه سيعرض الاتفاق على مجلس الوزراء بكامل هيئته في وقت لاحق من مساء اليوم.
وبين أن هذا التوجه يعني أن إسرائيل ستركز على التهديد الإيراني الآن، “ونحتفظ بحرية العمل العسكري إذا خرق حزب الله الاتفاق”.
وأوضح نتنياهو في كلمته أن أحد أسباب وقف إطلاق النار في لبنان هو فصل الجبهات وإخراج حماس تماما من الصورة.
فيما يلي نص الاتفاق وفق ما نشرته إذاعة الجيش الإسرائيلي:
• حزب الله وجميع الجماعات المسلحة الأخرى في لبنان لن تنفذ أي عمل هجومي ضد إسرائيل.
• إسرائيل، بالمقابل، لن تنفذ أي عمل عسكري هجومي ضد أهداف في لبنان، سواء على الأرض أو في الجو أو في البحر.
• تعترف إسرائيل ولبنان بأهمية قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701.
• هذه الالتزامات لا تلغي حق إسرائيل أو لبنان في ممارسة حقهما الطبيعي في الدفاع عن النفس.
• ستكون قوات الأمن والجيش الرسمية في لبنان هي الجهات المسلحة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح أو تشغيل القوات في جنوب لبنان.
• سيتم وضع أي بيع أو توريد أو إنتاج للأسلحة أو المواد المرتبطة بالأسلحة في لبنان تحت إشراف وسيطرة الحكومة اللبنانية.
• سيتم تفكيك جميع المنشآت غير المرخصة المتورطة في إنتاج الأسلحة أو المواد المرتبطة بالأسلحة.
• سيتم تفكيك جميع البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة أي أسلحة غير مرخصة تتعارض مع هذه الالتزامات.
• سيتم إنشاء لجنة مقبولة من كلا الطرفين (إسرائيل ولبنان) للإشراف والمساعدة في ضمان تنفيذ هذه الالتزامات.
• سيقوم كل من إسرائيل ولبنان بالإبلاغ عن أي انتهاكات محتملة لهذه الالتزامات إلى اللجنة وإلى قوات اليونيفيل.
• سينشر لبنان قوات الأمن والجيش الرسمية على طول الحدود، ونقاط العبور، والخط الذي يحدد المنطقة الجنوبية الواردة في خطة الانتشار.
• ستنسحب إسرائيل بشكل تدريجي من جنوب الخط الأزرق خلال فترة تصل إلى 60 يومًا.
• ستعمل الولايات المتحدة على تعزيز مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل ولبنان للوصول إلى حدود برية معترف بها.
--------------------------------------------
هآرتس 26/11/2024
“حذرناهم فهزئوا بنا”.. اليسار الإسرائيلي: ستسقط دولتنا سقوط طروادة
بقلم: يوعنا غونين
مثل كاساندرا، النبية الأسطورية التي عوقبت بسبب تحقق تنبؤاتها دون أن يصدقها أحد، ها هو اليسار الإسرائيلي أيضاً – الأقلية المضطهدة والمقموعة التي تتقلص صفوفها– عوقب بسبب قدرته على التنبؤ بشكل دقيق بخصوص المستقبل بدون أن يستجيب أحد لتحذيراته. كلما مر الوقت منذ 7 أكتوبر، يتبين أن جميع تنبؤات اليسار تحققت بالطريقة الأكثر تهديداً. لا أريد القول “قلنا لكم”، لكن إلى الجحيم، كم قلنا لكم. عندما قلنا بأن الطريقة التي تدير فيها إسرائيل الحرب في غزة، يتوقع أن تتدهور إلى حمام دماء، من جرائم حرب وقتل مدنيين، لاحقونا طوال الطريق. بعد سنة، عندما تراكمت الجثث والأعمال الفظيعة، وأصبحت إسرائيل في طريقها إلى العزلة الدولية، أدرك الكثيرون أننا غارقون في هاوية أخلاقية يصعب النجاة منها.
عندما قلنا إن الحرب لن تحقق أهدافنا العلنية، بل هي ثأر منفلت العقال وترميم لحكم نتنياهو، حاولوا إسكاتنا. منذ سنة وأكثر، والأهداف العلنية ما زالت بعيدة، ولكن الانتقام يصرخ ويصل إلى “لاهاي”، وعاد نتنياهو من بين الأموات بمساعدة بضع خطوات فاسدة قام بها مقربوه، المستعدون لحرق الدولة من أجل سعادة الرئيس.
عندما حذرنا من أن الضغط العسكري لن يؤدي إلى تحرير المخطوفين، وسيعرض حياتهم للخطر، فإن كل الأنواع من “المستيقظين” فضلوا السعي وراء الاستراتيجية الصبيانية لأشخاص مثل عضو الكنيست ألموغ كوهين، الذي عارض الصفقة بذريعة أنه “في اللحظة التي يجثو فيها العدو على ركبتيه، سيطلق سراح المخطوفين”. عشرات المخطوفين نجوا بفضل هذه الصفقة، وآخرون قتلوا منذ ذلك الحين لأن إسرائيل فضلت الثأر على المفاوضات.
عندما صرخنا بأن الحكومة تفشل صفقة أخرى للتبادل، أطلقوا علينا “كارهي إسرائيل”، وقالوا إن حماس هي المذنبة. للدهشة، نشرت القناة 12 أول أمس، مقالاً، يفيد بتفويت صفقة بسبب التوتر السياسي في الحكومة، وفي موازاة ذلك عرضت القناة 11 تقريراً وصف كيف اقتربت إسرائيل وحماس في تموز من عقد الصفقة، لكن سموتريتش وبن غفير هددا بإسقاط الحكومة، فقرر نتنياهو التصلب في مواقفه وتخلى عن المخطوفين. يتبين مرة تلو الأخرى أن ما يقوله اليسار الآن، ويتم عرضه كخيانة، ربما يصبح تحقيقاً إخبارياً مؤثراً، ولكن “بعد فوات الأوان”.
عندما حذرنا من أن اليمين المسيحاني يستغل، بدعم جهات رفيعة في الحكومة والجيش، الحرب للمضي بخطة خيالية تتمثل باستئناف الاستيطان في غزة، هزئوا بنا وقالوا إننا أشخاص مصابون بالهستيريا. الآن، الحمد لله، هناك مستوطنون ينتظرون على حدود القطاع، والجيش يقوم “بتطهير” مناطق وينشئ بنى تحتية، وأمس في برنامج وقت حقيقي” قالت دانييلا فايس بعيون لامعة إنه “تحدث هنا معجزة” وشرحت كيف أصبح الحلم الخيالي واقعاً على الأرض.
في الحقيقة، لماذا نبدأ بـ 7 أكتوبر. فمنذ سنوات واليسار يحذر من أن محاولات “إدارة النزاع” وإخفاء الفلسطينيين والاحتلال، كلها ستنفجر في وجوهنا بصورة مخيفة. وقلنا إن قانونين منفصلين هما أبرتهايد، وإن العنف المستخدم لقمع الاحتجاج في “المناطق” [الضفة الغربية] ستنزلق تدريجياً إلى الخط الأخضر، وإن الجيش أصبح شركة حماية لمبادرات المستوطنين الهستيرية، وإن المستوطنين أصبحوا كتائب مسلحة، وإن حكومة “اليمين المطلقة” ستجلب الموت والدمار، وهذا ما حدث.
كاساندرا تنبأت بسقوط مدينتها طروادة، كما تنبأ اليسار بانهيار إسرائيل، وأن الاحتلال سينتشر فيها كالعفن وسيفسدها من الداخل. وعندما احتفل رجال طروادة باختطاف هيلين، غضبت كاساندرا وحزنت لأنها عرفت أن حماسة الانتقام الأعمى ستؤدي إلى خراب وطنها. على الأقل، لم يتم اتهام كاساندرا أو مطاردتها عندما بانت صحة تنبؤاتها.
--------------------------------------------
هآرتس 26/11/2024
تصفية الإعلام
بقلم: أسرة التحرير
بنيامين نتنياهو معروف بهوسه في السيطرة على الإعلام مما جلبه حتى الآن إلى المحكمة بتهمة الرشوة، الغش وخرق الثقة في ملفات الآلاف. هذا الأسبوع انطلق إلى حملة أخرى لتصفية الإعلام الحر. كمرحلة جديدة وخطيرة في خطته لتحطيم الديمقراطية في إسرائيل واستبدالها بنظام حكم مطلق برئاسته. الى هذه المهمة بعث بوزير الإعلام شلومو كرعي، من الموالين المخلصين للحاكم، الذي أوضح نواياه في مداولات اللجنة الوزارية لشؤون التشريع: "نحن منتخبو الجمهور، نحن يمكننا أن نغير النظام إن شئنا".
في طريق الحكومة لتغيير النظام من الديمقراطية إلى البيبية، قررت أمس المسّ بوسيلتين إعلاميتين يراهما نتنياهو كمستقلتين ونقديتين أكثر مما ينبغي تجاهه – صحيفة "هآرتس" و هيئة البث العامة "كان". نتنياهو ووزراؤه قرروا وقف النشر الحكومي وكل ارتباط بـ "هآرتس"، والدفع قدما بمشروع قانون لخصخصة الهيئة. القرار بالنسبة لـ "هآرتس" سرب خطفا إلى جدول أعمال الحكومة، دون فتوى قانونية، ومشروع القانون لتصفية البث العام أقر للقراءة العاجلة بخلاف موقف المستشارة القانونية للحكومة غالي بهرب ميارا. هكذا يكافح نتنياهو الصحافة وحماة حمى الديمقراطية في آن واحد.
الذريعة التي أعطيت للمقاطعة التجارية على "هآرتس" كانت أقوال ناشر الصحيفة عاموس شوكن في مؤتمر في لندن الشهر الماضي. لكن كرعي كان تقدم بمقترح المقاطعة الى الحكومة منذ قبل سنة، كما اعترف هو نفسه في المداولات. اما الآن فقد جلب سيده نتنياهو القرار لإقراره، بعد بضعة أيام من كشف مراسل "هآرتس" بار بيلغ النقاب عن أن المساعدين المقربين لرئيس الوزراء، المتورطين في قضية أمنية خطيرة، أعدوا حملة لتبييض صورة قطر، الراعية لحماس.
يعرف نتنياهو بأن الإعلام الحر والنقدي هو سند ضروري وحيوي للديمقراطية. ولهذا فانه يرى فيه تهديدا ينبغي تصفيته. "حكومة إسرائيل تتبنى الصحافة الحرة وحرية التعبير الإعلامي، حتى في فترة الحرب"، كما ورد في قرار الحكومة. بتهكم مميز، من ناحية نتنياهو، فإن حرية التعبير والصحافة هي حرية مديح الحاكم ونشر رسائله، ووسائل الإعلام يجب أن تشبه القناة 14 التي يعمل واضع الأنظمة كرعي على تعزيزها وتدليلها.
سهل على نتنياهو أن يهاجم "هآرتس" في زمن الحرب التي تحظى بالتأييد الحماسي لأحزاب المعارضة اليهودية التي تجتهد لأن تستعرض الوطنية في الوقت الذي يفكك فيه الائتلاف الديمقراطية.
--------------------------------------------
هكذا ينظر إسرائيليون لمقترح وقف إطلاق النار
أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت بأن التقارير التي تتحدث عن قرب التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع لبنان تسببت في إحباط شديد بين سكان شمال إسرائيل، الذين يخشون أن اتفاقا محتملا بهذا الشأن قد يسمح لحزب الله بإعادة تنظيم نفسه، ومن ثم تهديد أمنهم وسلامتهم.
وجاءت تلك المخاوف على خلفية تصريح أدلى به مسؤول أميركي أمس الاثنين، أكد فيه أن "وقف إطلاق النار في لبنان بات وشيكا".
وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن رئيس بلدية كريات شمونة أفيخاي شتيرن أبدى معارضة شديدة للصفقة التي كُشف عنها، وحث قادة إسرائيل على إعادة النظر فيها.
وقال شتيرن "قبل التوقيع على ما يبدو أنه اتفاق استسلام، فإنني أدعو قادتنا إلى النظر في عيون أطفال كريات شمونة، والتفكير في مستقبلهم".
وأضاف أن هذا الاتفاق يجعل هجوما مماثلا لطوفان الأقصى "أقرب" للحدوث في شمال إسرائيل. وتساءل "كيف انتقلنا من النصر الشامل إلى الاستسلام الكامل؟ لماذا لا ننهي ما بدأناه؟ لقد سحقنا حزب الله، وبدلا من تفكيكه بالكامل، نمنحه فرصة استعادة عافيته. وما الذي سيعود إليه سكاننا؟ مدينة مدمرة بلا أمن ولا مستقبل؟ هذا جنون".
شتيرن: قبل التوقيع على ما يبدو أنه اتفاق استسلام، فإنني أدعو قادتنا إلى النظر في عيون أطفال كريات شمونة والتفكير في مستقبلهم
وبدوره، شن موشيه دافيدوفيتش، رئيس المجلس الإقليمي لــ"ماتيه آشر" في الجليل الغربي، هجوما عنيفا على اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل. وقال في مقابلة مع الصحيفة "أسأل نفسي ما إذا كنت أعيش في حلم أو وهم، أم أن صناع القرار في الحكومة الإسرائيلية هم الذين يتوهمون"، واصفا طرح الاتفاق بالمهزلة، وبأنه أمر مهين.
وحذّر من أن عواقب الاتفاق ستقع برمتها على كاهل قادة الحكومة. وندد بفشلهم في تعزيز الملاجئ الشمالية أو توفير غرف كافية مضادة للصواريخ، مضيفا أن هذه قرارات متهورة وغير مهنية وغير مأمونة.
وقال إن سكان الشمال هم "السترة الواقية للدولة"، وهم من يدفعون الثمن. وردا على سؤال حول المناقشات مع المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، كشف دافيدوفيتش عن تطورات مقلقة في جنوب لبنان في الأيام الأخيرة. وقال إن ما اكتشفه هؤلاء المسؤولون على بعد 4 أو 5 كيلومترات فقط داخل لبنان "أمر مقلق للغاية، وهو أمر لم يحدث قبل عام أو 6 أشهر أو حتى شهر، بل قد حدث مؤخرا"، دون أن يفصح عن تفاصيل أكثر.
ووصف ديفيد شموئيل، وهو أحد سكان مستوطنة نهاريا في شمال غرب إسرائيل كان منزله قد تعرض للقصف بصواريخ حزب الله يوم الأحد الماض، الوضع في منطقته بأنه صعب ولا يطاق، مضيفا "لا توجد حياة منذ عام حتى الآن.. ولا يمكنك الذهاب إلى أي مكان، أو الخروج بحرية، ولا حتى القيام بشيء بسيط مثل ممارسة الرياضة خارج الدار".
كما انتقد سياسيون من مختلف الأطياف الاتفاق المقترح. ووصفه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بأنه "فرصة تاريخية ضائعة للقضاء على حزب الله" وأنه "خطأ فادح"، رغم زعمه بأنه يتفهم "القيود والذرائع" التي تدفع إلى ذلك.
كما أعرب عضو الكنيست من حزب الليكود عميت هاليفي عن تحفظاته، مستهدفا على وجه التحديد المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، الذي قيل إنه حدد موعدا نهائيا للطرفين لإتمام الاتفاق أو مواجهة انسحابه من المفاوضات.
ويخشى المسؤولون الإسرائيليون أن يؤدي مثل هذا الانسحاب إلى قرار إشكالي من مجلس الأمن يفرض وقف إطلاق النار.
وكانت مصادر إسرائيلية قد أكدت أن المبعوث الأميركي هدد بالانسحاب من الوساطة مع لبنان إذا لم يكن هناك اتفاق في غضون أيام.
ومن جانبه، أعرب عضو الكنيست من حزب الليكود دان إيلوز عن مخاوفه، واصفا التقارير عن قرب التوصل إلى اتفاق مع حزب الله بأنها "مقلقة جدا".
وذكرت يديعوت أحرونوت أن زعيم المعارضة يائير لبيد أعرب هو الآخر عن تحفظاته، مع تأكيده على أهمية الحل السياسي.
أما رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، فقد وصف الاتفاق بـ"غير المعقول" لأنه لم يطالب الحكومة اللبنانية بنزع سلاح حزب الله.
وأردف "لا تزال القيادة الإسرائيلية متمسكة بالعقلية المعيبة نفسها، وما انفكت تعيش كما لو كنا في السادس من أكتوبر/تشرين الأول، ولم يتغير شيء"، في إشارة إلى اليوم الذي سبق طوفان الأقصى.
------------------انتهت النشرة------------------
أضف تعليق