28 كانون الأول 2024 الساعة 09:08

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 15/11/2024 العدد 1157

2024-11-16 عدد القراءات : 905
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

إسرائيل اليوم 15/11/2024

حماس تحولت الى حرب عصابات وتجبي ثمنا من الجيش وحزب الله بعيد عن الهزيمة

بقلم: يوآف ليمور

سقوط ستة مقاتلي غولاني أول أمس هو صفعة أليمة. ليس فقط بسبب الوجوه الشابة والجميلة التي تطل من صورهم، والمستقبل الواعد الذي اقتلع. ولا حتى فقط بسبب مدى الثكل الذي منذ زمن بعيد بات يطفو فوق ضفافه، ولا يزال تضاف اليه كل أسبوع عائلات تغيرت حياتها الى الابد.

الصفعة تلقيناها من الواقع. هي الفجوة التي بين التصريحات وبين ما يحصل على الأرض. بين الاقوال عن ان حماس هزمت في غزة وبين خمسة القتلى هناك هذا الأسبوع فقط. بين التصريحات عن النصر في لبنان وبين الثمن الباهظ الذي يدفع بالدم، وباضرار أخرى أيضا – باستمرار القصف لبلدات الشمال القريبة من الحدود، بالحياة غير الحياة في نهاريا وفي عكا وفي خليج حيفا، وبالثمن الاقتصادي والنفسي المتصاعد الذي يدفعه الكثيرون على إطالة الحرب وعلى حلول جزئية او غير كافية تمنحها لهم الدولة.

في هاتين الساحتين، في غزة وفي لبنان، توجد لإسرائيل إنجازات مبهرة. حماس بالفعل فككت عسكريا لكنها تواصل العمل باشكال مختلفة من حرب العصابات التي تحاول ترميم ذاتها وايقاع الأذى. حزب الله تعرض للضربات الاقسى في تاريخه – من قطاع رأس القيادة العسكرية والسياسية لديه وحتى الضربة الشديدة لمنظوماته العملياتية – لكنه بعيد عن ان الهزيمة، التي لا توجد على الاطلاق على جدول الاعمال: فقد أوضحت إسرائيل بان لا نية لها لاحتلال لبنان. وان كل افعالها موجهة الان لاتفاق يسمح بانهاء الحرب في اقرب وقت ممكن قبل أن يرتفع الثمن الدموي وتتآكل الإنجازات.

من يبحث عن النصر عن طريق علم ابيض او اتفاقات استسلام يتحدث بتعابير غير ذات صلة. منظمات الإرهاب لا تتصرف كالدول. فهي  كيانات تتغير بسرعة، ولا يوجد طريق حقيقي لهزيمة الفكرة التي تقبع في أساس وجودها. انظروا الى القاعدة، الى داعش، اللتين تواصلان الوجود رغم الضربات التي تلقتاها. حزب الله وحماس هما أيضا سيواصلان الوجود. السؤال هو كيف. مفهوم النصر يجب فحصه في طرق أخرى. انظروا ما حصل في غزة. الدمار الهائل، يأس السكان، ابتعاد الكثيرين منهم عن حماس التي ترمز الى كارثتهم الخاصة والوطنية. انظروا ما حصل في لبنان. الجسارة المتجددة لجهات ليست حزب الله على الحديث عن واقع آخر، والخطاب الذي يجري مع محافل دولية مختلفة عن لبنان آخر، وربما أيضا عن سوريا أخرى.

في هذه اللحظة يبدو هذا كالهذيان، ولكن للواقع توجد آلية خاصة به. قبل بضعة أسابيع كتبت هنا عن الاحتمال الذي نشأ عن الحرب لاخراج الرئيس الأسد من محور الشر الإيراني ووضعه في مكان سوي اكثر. كي يحصل هذا مطلوب امران. الأول – الجيوب العميقة لدول الخليج. الثاني – إزالة الأسد وسوريا من قائمة المنبوذين لدى الإدارة الامريكية. الموضوع الأول في متناول اليد. الثاني متعلق بإدارة ترامب الجديدة التي لا بد ستكون محاورا اكثر انصاتا لاحتياجات إسرائيل، وينبغي الامل في ان يكون نفورها المعلن من ايران يؤدي بها أيضا الى خطوات استراتيجية تعيد تصميم المنطقة.

لكن للنصر العملي، بخلاف النصر التصريحي، توجد أرجل أخرى. في غزة هذه هي المخطوفون: بدون عودتهم الى الديار لا يوجد ولن يوجد نصر. في الشمال هذا واقع آخر: بدون منطقة حدود جديدة، آمنة اكثر، لا مجال للحديث عن عودة السكان الى الديار، وبدون عودة السكان وإعادة بناء هذا الإقليم – لا يوجد ولن يوجد نصر. كي يحصل هذا في الشمال، مطلوب أيضا تصميم يلزم، ربما، بالعودة بين الحين والآخر الى القتال لاجل اقتلاع محاولات التعاظم او التموضع لحزب الله، حتى بثمن أذى موضعي للحياة الطبيعية. الطريق لتعويض السكان عن ذلك سيكون بالمال وبالمعاملة: بتخفيض الضرائب، بتشجيع الاستثمارات، بإقامة بنى تحتية جديدة – من المواصلات، عبر المستشفيات وحتى أماكن العمل – كي تكون هذه هي النصر الحقيقي.

--------------------------------------------

هآرتس 15/11/2024

قبيل عودة ترامب الى الساحة ايران تستعد مع أوراق مساومة

بقلم: تسفي برئيل

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان احتفل في هذا الأسبوع بمرور مئة يوم على توليه منصبه، والبشرى غير مفرحة. سعر الريال الإيراني انخفض في هذه الفترة 20 في المئة، وأسعار السلع الأساسية، الكهرباء والمياه والمواصلات، ارتفعت بنسبة 25 – 70 في المئة، وتم اعدام اكثر من 440 شخص، تقريبا ضعف العدد في فترة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي. في القريب يتوقع حدوث أمور صعبة، حيث أن مشروع الميزانية للسنة القادمة يتضمن تخفيض عميق في ميزانية الرفاه وخطة لرفع أسعار الوقود 40 في المئة، الامر الذي سيزيد الخوف من حدوث احتجاجات عامة مثل سابقتها في 2019 التي قتل فيها حوالي 1500 شخص في المواجهات مع قوات الامن. أمام هذه، بالذات ميزانية قوات الامن، وبالاساس ميزانية حرس الثورة، سترتفع 200 في المئة مقارنة مع السنة الماضية. في الخلفية لا يوجد لبزشكيان أي خطة اقتصادية واقعية توضح كيفية تخطيط ايران لمواجهة ليس فقط ازمة المداخيل العميقة، بل أيضا وابل العقوبات الاقتصادية الأخرى التي يتوقع أن تأتي مع احتفال تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد – القديم.

امام “التهديد الأمريكي”، الذي جاء التعبير عنه على شاكلة خلية النحل المناهضة لإيران التي يلف ترامب نفسه بها، ايران تحاول بناء لنفسها منظومة دفاع سياسية، إقليمية ودولية، التي تستند فيها وبشدة على الجيران العرب، وعلى رأسهم السعودية، قطر واتحاد الامارات. ربما أيضا أنها ستكون مستعدة لطرح بادرة حسن نية كبيرة في المجال النووي. الرهان على نوايا ايران حظيت في السابق بقدر كبير من العناوين مثل العنوان الذي نشر في “سكاي نيوز” بالعربية، الذي يقول بأن ايران قررت تأجيل هجوم ردها على إسرائيل الى حين دخول ترامب الى البيت الأبيض.

تقرير آخر اظهر أن ايران قامت بعقد صفقة مع الولايات المتحدة، بحسبها لن تهدد من الآن فصاعدا المليشيات الشيعية المؤيدة لإيران والتي تعمل في العراق، الأهداف الامريكية والإسرائيلية. في المقابل، العراق سيقوم بتجريد قوات المتمريدين الإيرانيين الاكراد من السلاح، الذين يعملون في أراضيه ضد ايران. حسب التقرير فان هذه الرسالة نقلها قاسم الاعرجي، مستشار الامن القومي العراقي، لنظيره الإيراني بعد أن تحدث رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني في يوم الجمعة الماضي مع الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب وعبر له عن تخوفه من أن يتحول العراق الى ساحة حرب في سيناريو لمعركة عسكرية واسعة بين ايران وإسرائيل.

يمكن التقدير بأن التنبؤات ستزداد وستملأ وسائل الاعلام كلما اقترب موعد تنصيب ترامب. الامر الذي لا يعتبر في دائرة التقدير هو زيارة سكرتير الوكالة الدولية للطاقة النووية، رفائيل غروسي، الذي هبط في يوم الأربعاء في طهران والتقى أمس مع الرئيس الإيراني ومع وزير الخارجية الإيراني ومع رئيس منظمة الطاقة النووية في ايران محمد إسلامي. هذه هي الزيارة الأولى لغروسي منذ شهر أيار، والتوقعات منها ضئيلة جدا.

في أيلول الماضي، التقى في نيويورك مع عراقجي على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة. في حينه قال غروسي بأنه يلاحظ وجود “نية جدية” من ناحية ايران لاجراء مفاوضات حول قضايا مختلف عليها، وهي غير قليلة. غروسي، الذي هو دبلوماسي مخضرم من اصل يهودي ويعمل منذ عشرات السنين في المجال النووي وتم تعيينه في منصبه، السكرتير العام للطاقة النووية، قبل خمس سنوات، تم اتهامه بميول متفائلة وأن تقاريره حول ايران “لينة جدا”. ولكن لا يوجد لغروسي أوهام بعد أن طردت ايران مجموعة المراقبين الذين عملوا كمفتشين من قبله في المنشآت النووية، وقامت بتخصيب كمية كبيرة من اليورانيوم بمستوى 60 في المئة من خلال خرق فظ للاتفاق النووي الأصلي، وعندما بدأت جهات رفيعة في ايران في الفترة الأخيرة في التحدث عن الحاجة الى “تغيير عقيدة ايران النووية”.

القصد هو العقيدة التي تم وضعها في الفتوى التي نشرها المرشد الأعلى علي خامنئي في 2010 والتي تقول بأن سلاح الدمار الشامل مخالف للاسلام. هذه الفتوى التي اعتبرت من قبل خامنئي فتوى هامة وملزمة اكثر من ميثاق منع انتشار السلاح النووي، يتم تسويقها كنموذج استراتيجي يستهدف الاثبات بأن ايران لا تنوي تطوير السلاح النووي. في أيار الماضي اعلن مستشار شؤون السياسة الخارجية بأن “أي تهديد على وجود ايران سيجبرها على إعادة فحص العقيدة النووية”. أول أمس تصدع هذا الامر مرة أخرى عندما أوضح رئيس المنظمة النووية الإيرانية في مؤتمر صحفي مع غروسي بأن “أي قرار له علاقة بالشؤون النووية الإيرانية سيستقبل بدون شك باجراءات مضادة فورية”. القصد كما يبدو هو نية المانيا وفرنسا وبريطانيا تقديم، في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة النووية في الأسبوع القادم، اقتراح مفصل حول جميع خروقات ايران، وليس فقط تقرير دوري مختصر.

ايران تخشى من هذا التقرير يمكن أن يكون خطوة مهمة قبل التوجه الى مجلس الامن من اجل إعادة فرض العقوبات الدولية بالكامل التي فرضت عليها والتي تم الغاء معظمها في فترة الاتفاق النووي. هذه الخطوة غير خاضعة للفيتو، وكل دولة وقعت على الاتفاق النووي يحق لها فعل ذلك. حتى الآن، رغم الخروقات الأساسية للاتفاق النووي، إلا أن الدول الموقعة امتنعت عن هذا الاجراء الذي يعني الغاء الاتفاق.

في الولاية السابقة لترامب حاول الدفع قدما بإعادة فرض العقوبات، لكن هذه المبادرة تم رفضها بذريعة أنه بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في 2018 هي لم تعد عضوة فيه، ولا يحق لها وليس لها صلاحية العمل وفقا لبنوده. ترامب ردا على ذلك سارع الى فرض عقوبات شديدة على ايران، بشكل خاص كجزء من سياسة “الحد الأقصى من الضغط”، التي مارسها على ايران. بعد سنة سينتهي مفعول بند “سناب باك” (التراجع)، لكن حتى لو سارعت الدول التي وقعت على الاتفاق الى تطبيقه فمشكوك فيه أن يكون ذلك كافيا لمعاقبة ايران، لأن العقوبات الامريكية أشد بكثير، وحتى الآن لم يتم العثور على شركات دولية كبيرة تتجرأ على حرقها، حتى لو أنها غير ملزمة فيها قانونيا.

في نفس الوقت مسموح التساؤل أيضا عن حجم التهديد الذي يشكله “تأثير” ترامب على ايران. في 2019، بعد سنة على الانسحاب من الاتفاق النووي، اعلن ترامب بأن “كل ما يجب فعله هو الاتصال والجلوس معي، وعندها يمكننا عقد صفقة، صفقة نزيهة. نحن بالاجمال لا نريد أن يكون لديهم سلاح نووي. هذا ليس كثير، ما نطلبه. نحن سنساعدهم على العودة الى وضع ممتاز”، وعد ترامب. هذا الحديث المتسامح فاجأ حتى الأعضاء الكبار في الإدارة الذين اعتبروه تغيير استراتيجي بعد عرض وزير الخارجية الصقوري مايك بومبيو على ايران طلب انذاري شمل 12 بند، ستكون جزء من الاتفاق النووي الجديد مع ايران، الذي فقط التوقيع عليه وليس على أي اتفاق آخر، سيلغي العقوبات.

هذه البنود شملت، ضمن أمور أخرى، المطالبة بتوقف تخصيب اليورانيوم بأي مستوى وأي كمية، ووقف انتاج الصواريخ البالستية التي يمكن أن تحمل رأس نووي متفجر، والتوقف عن دعم حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي، وسحب كل قوات ايران والقوات التي تؤيد ايران من سوريا، ووقف مساعدة المتمردين الحوثيين في اليمن. من المهم معرفة أي ترامب ينتظر ايران الآن، هل الذي انسحب من الاتفاق النووي أو الذي يطمح الى عقد “صفقة نزيهة”؟ هل سيعيد الى الحياة وثيقة بومبيو الذي ابعده الآن عن محيطه أو أنه سيكتفي بإنجاز في المجال النووي؟.

الافتراض بأن إسرائيل ستحصل على ضوء اخضر من أمريكا لمهاجمة المنشآت النووية في ايران ما زال يحتاج الى دليل، واذا حكمنا على الأمور حسب سياسته في ولايته الأولى فان حرب شاملة في الشرق الأوسط، التي ستجر الولايات المتحدة الى التدخل المباشر، ليست بالضبط ما يطمح اليه، وأيضا هذا ليس ما تطمح اليه ايران.

إضافة الى الازمة الاقتصادية العميقة فيها والتي تجبرها على فحص جيدا نتائج الحرب الشاملة، فان طهران تبنت في السنتين الأخيرتين استراتيجية تستند الى تحسين علاقاتها مع دول المنطقة، لا سيما دول الخليج. حتى الآن سجلت في تطبيقها نجاح غير قليل. ليس فقط أن طهران استأنفت علاقاتها مع الامارات والسعودية، بل هي أصبحت عضوة كاملة العضوية في المنتدى العربي والإسلامي الذي بادرت اليه السعودية في اعقاب الحرب في غزة، الذي يهدف الى وقف الحرب والدفع قدما بحل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين.

هكذا هي أيضا نجحت في خلق لنفسها غطاء دفاع سياسي وأن تحطم التقسيم الإقليمي التقليدي بين الدول المؤيدة لامريكا والدول المناوئة لامريكا. في المقابل، هذه المكانة الجديدة يوجد لها ثمن، يقتضي من ايران الاهتمام بالمصالح الأمنية لاصدقائها الجدد، من بينها تهدئة التوتر بينها وبين إسرائيل والولايات المتحدة وتحييد خطر الحرب. شبكة العلاقات الجديدة لم تتوقف في الشرق الأوسط، وقد تم اعدادها للاستخدام في الحوار الاستراتيجي الأكثر أهمية بالنسبة لها، الذي تسعى الى اجرائه مع الولايات المتحدة من اجل رفع العقوبات المفروضة عليها.

ايران تحتفظ باوراق مساومة مهمة، تشمل القدرة على انهاء الحرب في لبنان واستئناف حرية الملاحة في البحر الأحمر، وبالاساس الاتجار بمكونات المشروع النووي. يبدو أنه في هذه المرحلة التي فيها الرئيس الأمريكي لم يقل كلمته بعد، أيضا طهران ستواصل الاحتفاظ بهذه الأوراق قرب صدرها، والوقت ما زال مبكرا للتنبؤ الى أين ستسير العلاقات بين خامنئي وترامب. من الجدير التذكر بأن العقبة الكأداء امام استكمال المفاوضات حول استئناف الاتفاق النووي في عهد الرئيس بايدن، كانت مطالبة ايران الحصول على ضمانات بأن أي اتفاق سيتم التوقيع عليه لن يتم خرقه مرة أخرى من قبل الولايات المتحدة. بايدن كان على استعداد للتعهد بذلك، أنه في ولايته لن يتم خرق الاتفاق. ولكنه أوضح لإيران بأنه لا يمكنه اجبار الكونغرس على سن “قانون ضمانات” أو ضمان أي شيء باسم الرئيس القادم. ترامب الآن هو الرئيس القادم، الذي ضده طلبت ايران هذه الضمانات. والسؤال هو من الذي سيتصل أولا.

--------------------------------------------

إسرائيل اليوم 15/11/2024

هل سينبعث إرث كيسنجر في الشرق الأوسط؟

بقلم: أبراهام بن تسفي

قبل سنة توفي عن عمر 100 هنري كيسنجر، الذي تولى منصب مستشار الامن القومي ووزير الخارجية في ادارتي نيكسون وفورد. ومع انه مرت 51 سنة منذ عهده يبدو أن نهجه “خطوة إثر خطوة” لبلورة التوافقات التكتيكية في الشرق الأوسط كفيل بان يعود.

في نظره، من الأفضل التركيز قبل كل شيء على هوامش النزاع وتشخيص بؤر التوافق هناك، وبعد ذلك فقط الوصول الى لُبابه القيمي – الأيديولوجي. ورغم الفوارق في الظروف الإقليمية والعالمية مثلما أيضا في طبيعة ونمط عمل القوى التي تتحدى إسرائيل، فان انتصار ترامب في الانتخابات خلق ظروفا جديدة فيها ما يخرج من غياهب النسيان منطق وجوهر نهج المراحل من مصنع كيسنجر. جعله خشبة قفز لتحقيق تقدم، وان كان جزئيا، في الطريق الى انهاء “القتال الساخن” في جبهة الجنوب والشمال، وللتسوية التي أساسها تحرير المخطوفين.

يدور الحديث عن إمكانية للصفقة، التي بعض من عناصرها على الأقل مقبولة من الأطراف. الرئيس المنتخب ترامب الذي يواكب الساحة الدولية عبر عدسات تجارية، معني بانهاء المعركة في اقرب وقت ممكن. الحروب الطويلة هي عبء اقتصادي على الامة الامريكية والتخوف الى الانجرار الى معمعان العنف من شأنه أن يشوش جدول اعماله الداخلي، وبالتالي هو كفيل بان يطلب من إسرائيل انهاء المعركة بلا ابطاء. لكن بخلاف الرئيس الراحل بايدن، سيكون في يده أن يعرض على إسرائيل تعويضا عظيم القيمة.

مثلا، يمكن للرئيس الـ 47 ان يعد نتنياهو بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية في غور الأردن كخطوة تعرف كجزء من سلسلة خطوات بدأت باتفاقات ابراهيم، وتتضمن في نهايتها التطبيع مع السعودية.

من ناحية نتنياهو، فان بقاء الائتلاف بكل اجنحته كان ولا يزال اعتبارا مركزيا في أهميته وفي خطواته. ومثل هذا الوعد الرئاسي سيقلص احتمال ان ينسحب الوزيران بن غفير وسموتريتش من الحكومة. كما أن الثمن العام الذي سيكون النزل الجديد – القديم في البيت الأبيض مطالبا بان يدفعه مقابل الانسحاب من غزة – الرقابة على مفترقات استراتيجية حيوية والسيطرة على مسار المساعدات الإنسانية في القطاع – لا يفترض أن يمنع تحققه.

هذه المسيرة، بصورة وروح كيسنجر، ستلزم نتنياهو بان يوافق في المستقبل على مبدأ حل الدولتين إذ من الواضح بانه خلاف ذلك لن تسارع السعودية للقفز الى عربة التطبيع. على هذه الخلفية، فان احتمال تحقيق حلم ضم غور الأردن، برعاية واسناد أمريكيين سيغطي في نظر سموتريتش وبن غفير على معارضتهما لهذا الثمن (ناهيك عن ان مثل هذا السيناريو سيتضمن تعويضا أمريكيا للسعودية في شكل مفاعل نووي مدني ستضطر إسرائيل لان تسلم باقامته).

وترامب؟ فضلا عن رغبته في استقرار الساحة، ردع وعزل ايران، وفوق كل شيء – الانتقال الى التنفيذ المتسارع لمخططاته في مناطق أخرى، فان المعارضة المرتقبة من مجلس الامن وقسم كبير من الاسرة الدولية على إحلال السيادة في الغور من غير المتوقع ان تقلقه. فمنذ ولايته الأولى أبدى موقفا مستهترا تجاه المنظمات والمؤسسات الدولية التي يرى في مواصلة تمويلها عبئا مبالغا فيه. والان يمكن أن ننتظر لنرى اذا كان الرمز التشغيلي الذي وجه خطة كيسنجر، في المستوى التكتيكي على الأقل، سينبعث من جديد الان.

--------------------------------------------

هآرتس 15/11/2024

إنجازات الجيش تسمح بانهاء الحرب، اما الحكومة فلا

بقلم: عاموس هرئيلِ

ما يتم الهمس به في أروقة جهاز الامن سيكون في القريب مفهوم لمعظم الجمهور. أساس التهديد العسكري الذي يشكله رجال حماس في قطاع غزة تجاه منطقة الغلاف، تمت ازالته في هذه المرحلة. وحتى التهديد من القطاع على مركز البلاد تقلص الى الحد الأدنى. أيضا القدرات العسكرية لحزب الله تقلصت جدا، حتى لو كان بامكانه مواصلة اطلاق كل يوم مئات الصواريخ نحو شمال البلاد وصليات مركزة نحو المركز. تحسن الإنجازات العملياتية التي حققها الجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات يعتمد على مزيد من الضغط عسكري آخر – من الآن فصاعدا سيعتمد على العمل السياسي.

لكن هذا الأفق السياسي لا تنوي الحكومة توفيره. في غزة لن تكون صفقة طالما أن الامر يتعلق بها. في لبنان الاحتمالية اعلى، لأن الاتفاق الذي تتم مناقشته بسيط اكثر. ولكن استمرار الحرب، بشكل خاص في غزة، يخدم بقاء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو السياسي، لذلك فانه من الصعب التصديق بأنه سيتم انهاءها.

الجنرال احتياط يعقوب عميدرور، وهو من المستشارين المقربين من نتنياهو، قال بشكل علني في مقابلة مع “هيئة كان” في بداية الاسبوع: “صفقة التبادل ستمكن حماس من مواصلة السيطرة في غزة، لذلك لا يمكن تنفيذها”. وحسب قوله فان إسرائيل ستحافظ على تواجدها في القطاع حتى بعد انتهاء الحرب. أول أمس اقتبست القناة 13 اقوال جنرال الاحتياط نيتسان الون، وزير شؤون الاسرى والمفقودين في الجيش الإسرائيلي، وهو رجل مستقيم بطبعه، الذي كل هدفه إعادة المخطوفين، حذر من أن “الوقت يدفع والوضع يتدهور. حماس أصبحت متضررة في كل مكان، الشتاء على الباب وظروف المخطوفين في حالة تدهور. إنجازات الجيش الإسرائيلي تخلق الفرصة لعقد الصفقة”. مكتب نتنياهو رد على ذلك ببيان: “الحديث يدور عن كذبة أخرى في صناعة الأكاذيب”. شخص ما ابقى ماكنة السم على الحالة الاوتوماتيكية ونسي توقيقها.

حرب أبدية استهدفت وبحق خدمة اهداف نتنياهو الشخصية – التملص من الاخطار الثلاثة التي تهدد استمرار حكمه: تبكير موعد الانتخابات، تشكيل لجنة تحقيق رسمية تناقش الإخفاقات التي سمحت بحدوث المذبحة في 7 أكتوبر وبدء تقديم شهادته في محاكمته الجنائية في بداية الشهر القادم (المحكمة المركزية في القدس رفضت أول أمس طلبه لتأجيل تقديم شهادته). بداية ولاية ترامب الثانية يمكن أن تساعد في ذلك، وأن تزيل عن نتنياهو ضغط إدارة بايدن. يبدو أنه يمكن التقدم كما هو مخطط نحو اهداف طموحة اكثر – احتلال دائم لاجزاء من القطاع، إعادة المستوطنات الى هناك وربما ضم الضفة الغربية. هذا هو السبب في أن المستوطنين فرحين جدا في الأيام العشرة الأخيرة.

عمليا، ربما تلوح في الأفق الآن نقطة تصادم بين الاجندات المتناقضة للمعسكرين اللذين يستند اليهما ائتلاف نتنياهو، الأحزاب الحريدية وأحزاب اليمين المتطرف. استمرار القتال في الشمال وفي الجنوب سيفرض عبء ثقيل على رجال الاحتياط خلال العام 2025، وسترافقه تأثيرات قاسية على الاقتصاد. أيضا عائلات كثيرة من عائلات جنود الاحتياط تعلن بأنها تجد صعوبة في تحمل العبء الاقتصادي والنفسي، ناهيك عن عدد المصابين المتزايد (حسب بيانات قسم الموارد البشرية فانه منذ بداية الحرب وحتى مساء أمس قتل 794 جندي، بينهم 269 من جنود الاحتياط).

المزيد من العمليات الهجومية الواسعة في لبنان ستحتاج الى مزيد من القوات، وضمن ذلك تجنيد غير مخطط لوحدات احتياط أخرى. في وقت ما يمكن أن تندلع ازمة بابعاد لا يمكن تقديرها مسبقا، الى درجة حدوث مشاكل في الامتثال لاوامر التجنيد. في الخلفية يوجد احباط متزايد – أيضا في أوساط مؤيدي الصهيونية الدينية – من قوانين التهرب التي يحاول الائتلاف تمريرها، مع تجاهل صارخ للضحايا في أوساط من يخدمون في الجيش. نتنياهو مقيد من قطاعين، وطلباتهما يمكن أن تكون متناقضة. ومن اجل تجسيد حلم المستوطنين فانه مطلوب المزيد من الجنود والمزيد من العبء على رجال الاحتياط. في حين أن الحريديين يريدون ضمان تسوية التهرب وضخ الميزانيات ومواصلة سرقة الخزينة العامة لغاية المصوتين لهم. هذه التوجهات لا تندمج مع بعضها البعض، وبينها يعلق جمهور كبير من المدنيين، الذي هو شريك كامل في دفع الثمن، وليست له أي كلمة في تحديد الأهداف المتغيرة والمتوسعة للحرب.

ما الذي يريده دونالد ترامب؟ في الفترة الأخيرة ظهرت إمكانية أن الرئيس المنتخب سيحاول املاء وقف لاطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله حتى قبل دخوله الى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني القادم. ربما هذه أيضا هي مصلحة للطرفين. حزب الله تم ضربه عسكريا (حتى لو أنه لم يُهزم)، ودولة لبنان تكبدت اضرار شديدة بسبب الهجمات الإسرائيلية، وهناك اعتقاد بأن ايران أيضا معنية بتقليص الخسائر. يوجد لإسرائيل كما يبدو مصلحة في انهاء المعركة اذا استطاعت الحكومة اقناع سكان المنطقة على الحدود الشمالية بأنه يمكنهم العودة بأمان الى بيوتهم (حتى عندها ستبقى مهمة اصلاح كبيرة في المستوطنات المهجورة).

في القطاع، مثلما وصف في هذا الأسبوع ينيف كوفوفيتش وآفي شاريف في “هآرتس” فان الاستعداد على الأرض يشير الى وجود خطط للجيش الإسرائيلي للبقاء هناك لفترة طويلة. الجيش الإسرائيلي يقوم بشق الشوارع الواسعة وبناء مواقع عسكرية ثابتة كبيرة واعداد بنى تحتية للمدى الطويل، شمال القطاع مقسم الى مناطق فرعية والجيش الإسرائيلي يطوقها ويسيطر على كل طرق الخروج منها. هكذا يتصرف جيش يقدر بأن قواته ستنتشر في القطاع، على الأقل خلال العام 2025، وليس كجيش يتوقع في كل لحظة عقد صفقة تبادل ووقف اطلاق النار والانسحاب الكامل. اهتمام الإدارة الامريكية الجديدة في واشنطن مع ذلك محدود. ترامب لم يظهر في أي يوم تعاطف مع الفلسطينيين، وقوانين الحرب للقانون الدولي تهمه مثل قشرة الثوم.

رؤية قصيرة النظر

كل المجتمع الدولي متأهب، وبعضه حتى قلق، في اعقاب الفوز الساحق لترامب في الانتخابات. دولة واحدة، هي ايران كما يبدو، قلقة بشكل خاص. تقريبا مرت ثلاثة أسابيع منذ الهجوم الإسرائيلي الأخير في ايران وحتى الآن الرد الذي وعد به النظام في طهران يتباطأ. في الولايات المتحدة نشر أن الإيرانيين يضغطون على المليشيات الشيعية في العراق لاستخدام عشرات المسيرات في الهجوم على إسرائيل. حتى الآن هذه المليشيات تكتفي باطلاق عدد قليل من المسيرات، تقريبا كل ليلة. في الخلفية يتطور نقاش حذر في القيادة في ايران: هل يجب التنازل ومحاولة بلورة اتفاق نووي جديد مع الإدارة الامريكية الجديدة أو مواصلة السير على الحافة، وحتى الإعلان عن انعطافة في تحقيق قدرة نووية كاملة.

نتنياهو تأثر من عودة صديقه ترامب الى الصورة، وفي المقابل هو مضغوط من التحقيقات ضد رجال مكتبه، ويقوم بالقاء خطابات على الوزراء بشأن واجب منع كارثة ثانية على اليهود وعن الحاجة الى الاستعداد لامكانية مهاجمة المنشآت النووية. عمليا، رغم النجاح الواضح في المس بمنظومات الدفاع الجوية الإيرانية فان خبراء أجانب يشككون بشكل كبير في قدرة إسرائيل على تدمير كل المنشآت النووية الموجودة تحت الأرض بدون أن تكون في اطار هجوم منسق مع الولايات المتحدة. هذه بالتأكيد قضايا طرحت في السابق في المحادثات الهاتفية بين نتنياهو وترامب منذ الانتخابات، وفي بعثة الوزير المقرب جدا منه رون ديرمر للولايات المتحدة.

في محيط نتنياهو وفي قوائم اليمين المتطرف وفي وسائل الاعلام التي تردد اقوالهم، تسود نشوة بعد ما نشر عن التعيينات الأولية التي يخطط ترامب لها. الرئيس يريد الدفع قدما بصقور هجوميين في قضية ايران، ومؤيدين متحمسين لمشروع الاستيطان ومشجعين ظاهرين لرئيس الحكومة. هذه نظرة ضيقة تتجاهل مواقف متطرفة، بعضها هستيري حقا، لبعض المرشحين للمناصب الرئيسية.

لنفترض أن معارضة التطعيمات وتأييد نظرية المؤامرة بشأن أكاذيب وباء الكورونا لا يجب أن تقلق مواطني العالم، لكن بعض المشكلات هي قريبة جدا من البيت، وربما يمكن أن تقلق أيضا الإسرائيليين. تولسي غفارد، الذي يريد الرئيس المنتخب تعيينها كمديرة المخابرات القومية والتي اشتهرت كعضوة كونغرس ديمقراطية، رددت صفحة رسائل الكرملن وأيدت الاعمال الفظيعة لنظام الأسد في الحرب الاهلية في سوريا. وزير العدل المرشح، مات غايتس، متهم في قضايا تحرش جنسي واستهلاك المخدرات والحصول على هدايا ممنوعة. المرشح لوزارة الدفاع، بيت هيغست، في الحقيقة هو حارب برتبة ضابط عادي في العراق وفي أفغانستان، لكن تنقصه التجربة الإدارية والأمنية. يبدو أنه اعجب ترامب بالأساس بسبب ظهوره في وظيفة محلل في شبكة “فوكس نيوز”. في نفس الوقت تنتشر فكرة أخرى يقوم ترامب بفحصها: خفض رتبة جنرالات تم الاشتباه فيهم من ناحيته بعدم الإخلاص. هذا نوع المشاعر التي لا تبقى في الجانب الغربي للمحيط الأطلسي. من كانوا هناك في 2017 يتذكرون كيف تبنى نتنياهو ومحيطه خط هجومي اكثر تجاه من يخدمون في الوظائف العامة، خاصة كبار رجال جهاز الامن والقضاء، فورا بعد فوز ترامب الأول في الانتخابات الامريكية. بعد ذلك ازدادت في إسرائيل قوة ومهارة ماكنة السم التي تعمل في خدمة رئيس الوزراء في محاولة لتخويف المسؤولين وكبار الضباط.

التبرير المناوب لذلك في الفترة الأخيرة يكمن في الاشتباه بقضية سرقة المعلومات السرية من الاستخبارات العسكرية “أمان”، التي تم نقلها الى مكتب رئيس الحكومة ومن هناك الى وسائل اعلام أوروبية. ابواق نتنياهو شبهت في السابق المتحدث بلسانه، المعتقل ايلي فيلدشتاين، بالمخطوفين في انفاق غزة. أيضا بيان مكتب رئيس الحكومة تحدث عن “اقبية الشباك”، في محاولة للمقارنة بينهما، وهذا جزء من التسريبات المتعمدة في قضية المخطوفين.

التحقيق مع فيلدشتاين في الشباك انتهى فعليا. في الأسبوع القادم سيتم استكمال التحقيق في الشرطة، ويبدو أنه سيتم تقديم لوائح اتهام. وفقا لطلب رئيس الأركان هرتسي هليفي فان الشباك ركز على العثور على ومنع تسريب خطير للمعلومات من الجيش. هو لم يتعمق في علاقات فيلدشتاين مع المسؤولين عنه ومع مساعدين ومتحدثين آخرين في المكتب. التحقيقات لم تحاول الوصول ولن تصل الى نتنياهو نفسه. هناك الكثير من طبقات العزل، والمساعدون يعرفون جيدا أهدافه ورغبته من اجل أن يجتاز الزعيم كما يبدو بسلام هذه القضية أيضا.

في هذه الاثناء تتبلور رواية الدفاع. التحقيق، كالعادة، هو تحقيق سياسي، يهدف الى اسقاط رئيس الحكومة المنتخب، زعيم معسكر اليمين. ضباط الاحتياط في الاستخبارات العسكرية كانوا بالاجمال مواطنين قلقين أرادوا جلب معلومات حيوية لرئيس الهرم، بعد أن تم منعهم بالطرق الدارجة.

بيانات المكتب وتغريدات الابواق بدأت على الفور بعد أن عرض محامي المشبوهين رواية تقول إن فيلدشتاين قال لموكله بأن نتنياهو اهتم بالمواد وطلب مواد أخرى. ومثلما تظهر الأمور من الخارج فان الانقضاض المتوحش على رئيس الشباك رونين بار استهدف ردعه هو وكل حراس العتبة الذين ينشغلون في التحقيق والبث لرجال نتنياهو بأن رئيس الحكومة ما زال مخلصا لهم، حتى عندما يتورطون في تحقيق في الشباك بسبب اخلاصهم له.

--------------------------------------------

يديعوت احرونوت 15/11/2024

قتلى الجيش الإسرائيلي في غزة وفي لبنان تزداد يوميا

بقلم: ناحوم برنياع

794 مقاتلا فقد الجيش الإسرائيلي في الحرب، صحيح حتى صباح يوم أمس. في حرب الأيام الستة التي احتل فيها الجيش الإسرائيلي سيناء، الضفة، الجولان، شرق القدس وغزة، قتل 779 مقاتلا، اقل بـ 15 مقاتل. نحو 950 مواطنا قتلوا منذ 7 أكتوبر: معطيات قاسية.

أعرف: حرب واحدة لا تشبه حربا أخرى. واضافة الى ذلك: لا توجد حروب بالمجان. كما اعرف بان التقديرات المسبقة في الجيش توقعت معطيات خسائر اعلى. على الرغم من ذلك فان تنقيط القتلى اليومي مؤلم ومقلق. فهو يرفع الى السطح بكل خطورته السؤال الجوهري: “ما الذي تبقى لنا لنحققه وما الذي سنفقده على الطريق.

في غزة وفي لبنان أيضا، يقاتل الجيش الإسرائيلي في هذه اللحظة حرب إبادة؛ حتى الحماسي الأخير؛ حتى الحزب اللوي الأخير، حتى البيت الأخير. الاضطرارات في الميدان، في مستوى قائد السرية وقائد الكتيبة، تصبح استراتيجية قومية، هدف اعلى للحرب. اذا كانت توجد طريق أخرى لدفع المخربين لوضع سلاحهم، ففي الميدان لم يسمعوا عنها.

توجد في الجيش محافل تفهم باننا ننجر الى حرب استنزاف، بان الأثر الذي تحقق في تصفية قيادة حزب الله وفي عملية أجهزة البيجر آخذ في فقدان مفعوله. القوات البرية تواصل التقدم ليس لان هذا سيغير كثيرا بل لانه لم توجد الصيغة التي تعيدهم الى الديار.

اما في غزة فالوضع اكثر تعقيدا. يصفون ويأسرون مئات الحماسيين لكن النهاية لا تبدو في الأفق، وفي هذه الاثناء اشرطة السيطرة التي خلقها الجيش، رواق نتساريم ورواق فيلادلفيا وسعت الى كتل واسعة يستوطن فيها الجيش، كالجيش. وفتح رواق ثالث، من كيسوفيم الى ما كان من قبل غوش قطيف. في الجيش يشددون على أن كل ما بني في هذه المجالات قابل للتفكيك. كل شيء مؤقت. سوابق تاريخية، من الضفة وكذا من غزة، تستدعي استنتاجا آخر: كل استيطان عسكري في الميدان هو مدخل لاستيطان مدني. ما لا يفعله زمبيش، ستفعله ستروك. قيادة فرقة 252 التي قاتلت في غزة انعقدت قبل بضعة أيام في رمات أفعال. “قتلنا 800 مخرب”، قال للضباط قائد الفرقة، العميد يهودا فاخ. “نحن على مسافة خطوة عن النصر”.

أثر بايدن

يوم الثلاثاء حاصرت قوة عسكرية مدرسة في بيت حانون، في شمال شرق القطاع. كان هذا هو الدخول الرابع او الخامس للجيش الإسرائيلي الى بيت حانون. في المدرسة كان 50 مخربا و 1500 مدني وجدوا فيها ملجأ. في الأيام الأخيرة اطلقت من هناك صواريخ نحو سديروت.

دعا الجيش الإسرائيلي المخربين الى الاستسلام. البعض استسلم. آخرون اختاروا القتال. في هجوم مفاجيء نجحت القوة في السيطرة على المدرسة دون المس بالمدنيين. 1500 مدني اخلوا جنوبا وغربا الى المنطقة الإنسانية. الاخلاء اضطراري من أجل امنهم، كما يشددون في الجيش.

حملة بحجم اكبر تستهدف تطهير الطرف الشمالي من مخيم اللاجئين جباليا – لمزيد من الدقة، المنطقة بين مخيم اللاجئين وبيت لاهيا المجاورة. خمسة مقاتلين من الجيش الإسرائيلي قتلوا هناك. مئات المخربين قتلوا ومئات أُسروا. كم نجوا واختفوا حتى المواجهة التالية؟ مئات عديدة، كما تقول محافل في الجيش.

الدمار في القطاع مطلق. الحاجة العملياتية مفهومة؛ النتائج مقلقة. المهمة هي لتحييد قدرة المخربين على إخفاء العبوات، تفخيخ الشوارع، إيجاد مخبأ من فوق وتحت الأرض. الدمار هو نتيجتها. ما يبدو من جانبنا كاضطرار لا مفر منه، يعتبر في منظمات الإغاثة الدولية إبادة جماعية. يمكن للمرء ان يشعر بالرحمة على نساء فلسطينيات يصرخن ضد حماس حين يرافقهن جنود مسلحون من الجيش الإسرائيلي؛ لا يمكن تجاهل المعاناة الإنسانية، الخراب الشامل، كارثة اللجوء.

منذ 5 أكتوبر من هذه السنة وسعت قيادة المنطقة الجنوبية ثلاث مرات المنطقة الإنسانية. تهديد إدارة بايدن بالحظر على ارساليات السلاح فعل فعله. فقد فتح الجيش الإسرائيلي نقاط عبور أخرى، محور حركة اخر من كيسوفيم، وادخل مزيد من الشاحنات. منظمات دولية توافق إسرائيل على التعاون معها (الاونروا رفضت وحيدت) تشارك في توزيع الغذاء والمؤن. لا يوجد جوع وعطش في المنطقة الإنسانية.

كل شيء صحيح باستثناء حقيقة أن منظمات الإغاثة الدولية تصدر كل يوم بيانات عن جوع وعطش وتنكيل من إسرائيل للسكان؛ باستثناء حقيقة ان إدارة بايدن لا تزال تهدد بالحظر. باستثناء ان حقيقة قسم هام من الغذاء تسلبه حماس وزعران محليون. ضباط في الميدان يدعون بانه لا يوجد ما يكفي من الرقابة: حماس تستغل شاحنات المؤن كي تنقل المال، وربما أيضا السلاح والرجال. هي ترمم حكمها في المنطقة الإنسانية.

--------------------------------------------

إسرائيل اليوم 15/11/2024

السباق للسيادة في الضفة يتسارع

بقلم: حنان غرينوود

التقى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هذا الأسبوع مع رئيس مجلس بنيامين ورئيس مجلس يشع إسرائيل كاتس للبحث في تداعيات تغيير الإدارة الامريكية على مستقبل الضفة الغربية. اللقاء، الذي عقد على خلفية انتصار دونالد ترامب في الانتخابات ركز على الإمكانيات الجديدة التي فتحت امام إسرائيل في كل ما يتعلق باحلال السيادة في المنطقة.

اقترح غانتس في اللقاء عدة مواضيع جوهرية حول التحديات في المناطق والتي برأيه تؤثر على امن الدولة كلها. وصف بتوسع الدراسة الشاملة التي اجراها في السنتين الأخيرتين مع كبار رجالات الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة وادعى بان الان حانت اللحظة المناسبة للدفع قدما بخطوات مصيرية لدولة إسرائيل وتثبيت امنها – عبر التموضع في الضفة الغربية.

خطط جاهزة للتنفيذ

“التحديات والحلول موضوعة على الطاولة”، قال غانتس لنتنياهو، “بلورنا سلسلة معان وتداعيات، والحكومة يمكنها وينبغي لها أن ترتبط بالامور وتعمل بشكل مشترك”. وشدد على أنه توجد خطط عمل قابلة للتنفيذ اعدها في السنوات الأخيرة مع قيادة الاستيطان والخبراء. “في النهاية المسؤولية هي على الحكومة ورئيسها في أن تدفع هذا الى الامام والا تفوت الفرصة التاريخية التي ستحمل الدولة الى عصر آخر”، شدد قائلا.

قسم هام من اللقاء كرس للبحث في الاعمال تجاه العقوبات الدولية ضد محافل في الاستيطان. وبحث الرجلان في سبل الرد المحتملة لصد الموضوع ورفع العقوبات. “سعيت لان اعزز يدي رئيس الوزراء في هذه الأيام المصيرية وأقول له ان على عاتقه مسؤولية تحديد مصير إسرائيل للمئة السنة القادمة”، قال غانتس لـ “إسرائيل اليوم”. على حد قوله قريبا ستكون حاجة لخطوات واسعة تعزز دولة إسرائيل لاجيال الى الامام وتفكك محور الشر.

فرصة تاريخية

التعيين المرتقب لمايك هكابي المؤيد المتحمس للاستيطان، سفيرا للولايات المتحدة في إسرائيل يبعث آمالا كبرى في المناطق. في الولاية السابقة خطط ترامب للإعلان عن السيادة في جزء من المنطقة في إطار خطة القرن. والان في ضوء تركيبة ادارته الجديدة وفي اعقاب احداث 7 أكتوبر، التقدير هو انه لن يعارض إحلال السيادة.

الفهم في الضفة الغربية هو ان هذه ساعة مناسبة قد لا تعود. في بداية الأسبوع نشر في “إسرائيل اليوم” ان محافل رفيعة المستوى في الحكومة تدفع قدما منذ الان بخطط فاعلة للإعلان عن سيادة جزئية في كتل الاستيطان. واتفق غانتس ونتنياهو على الإبقاء على اتصال وثيق حول المواضيع المتعلقة بمستقبل الاستيطان في الضفة وغور الأردن. “سنواصل الحديث والعمل اللازم، سنفعل هذا في الاستيطان وآمل أن تفعل الحكومة ورئيسها هذا في مجالهما. كلنا من أجل هدف واحد”، اجمل غانتس.

--------------------------------------------

معاريف 15/11/2024

مسألة وقت فقط الى ان يتحطم نتنياهو

بقلم: ران ادليست

عندما علم بغالنت 2 كان يخيل ان التنحية كفيلة بان تكون المنطلق لتكرار ليل يوآف غالنت 1. هذا لم يحصل. الانفجار الكوني لانتصار دونالد ترامب تعب المادة البشرية، اليأس، الحرب التي تنطوي على قصص بطولة وثكل وتخلط أسباب التمرد بالحاجة الى الوحدة – على الأقل عند الركض الى حجرة الوقاية.

الشرط الأساس لتفجر الغضب المكبوت لليبراليين – الديمقراطيين بمستوى شل الدولة هو محفز كارثي بحجم تاريخي او ضغط امريكي لوقف القتال. وماذا نعرف؟ لشدة التشوش من يقول انه يؤيد وقف القتال هو ترامب. ومن يريد تسوية في ظل استمرار القتال بما في ذلك التهديد على ايران هو جو بايدن. في الدقيقة التسعين لولايته يحاول أن ينفذ خطوة جغرافية – استراتيجية وبعث الى هنا جيش كامل يساهم في حسم في الميدان يؤدي الى تسوية سياسية تحل لنهاية ولاية مريرة كالعلقم.

يوجد اليوم اجماع عالمي يقول ان أحدا لا يعرف ماذا سيفعل ترامب، بما في ذلك ترامب نفسه. مبدئيا هو مدفع مرن، وفقط عندنا، في اليمين المعربد والمسيطر، من المسيحانيين حتى الفاسدين، تقرر أن ترامب هو رجلهم. بمن فيهم بنيامين نتنياهو الذي سارع الى الابتهاج على أفضل التقاليد.

الصحافي الأمريكي توماس فريدمان يعتقد أن “دونالد ترامب لا يثق بنتنياهو ويحتمل الا يرغب في ان يدخل نفسه الى هذه الفوضى وعليه فسيسمح لإسرائيل بان تفعل ما تريد”. “تخوفي”، يقول فريدمان (لصوت الجيش) “هو ان يترك ترامب المسألة وإسرائيل تواصل احتلال غزة والضفة الغربية. فريدمان يعتقد ان “ترامب لن يدفع قدما بحل الدولتين مع السعودية”. ربما.

المؤكد هو أن ترامب هو قبل كل شيء تاجر، وهو واثق انه في الانتخابات انتصرت تجارته. الحقيقة هي انه بالفعل اشترى نصف دولة فيما هو يبيع الديمقراطية، الحقيقة، النزاهة وآداب مائدة أساسية.

لا حاجة لطبيب عقلي ليشجعه على أن يفهم من هو الرجل. فحتى لو كان التشخيص هو في مستوى علم النفس فهو كفيل بان يكون ساري المفعول. فما بالك أن الرجل يقف على البسطة في السوق ويعلن: هذا أنا، ومن ناحيتي حتى لو غضبتم فلا مشكلة لي في أن أقول كل شيء، افعل كل شيء واخرج وسخا وسعيدا مثل طفل يلعب بالوحل.

برأيي غير المسنود يدور الحديث عن نموذج طمعه هو في مستوى ادمان شبه ديني. في أسرة الاعمال التجارية في نيويورك هو يعتبر كمحتال صغير. والان سيثبت لهم من هو المحتال الاغنى من الجميع. لفهمي القليل فان إرثه التاريخي لا يهمه. دونالد، مثل بيغ ماكدونالد يريد أن يبتلع في قضمة واحدة هنا والان.

وهذا هو المكان الذي تدخل فيه السعودية ودولة إسرائيل الى الصورة. ما يتحدث حين يقف نتنياهو امام ترامب وجها لوجه (واحد يتاجر بالاكاذيب وآخر يبيع الخيال) هو المال. نتنياهو جاء اليه كي يأخذ لا ان يعطي، مقابل محمد بن سلمان السعودي الذي سبق ان اعطى المليارات لعائلة ترامب وانا مقتنع بان ترامب يعول عليه في المستقبل.

نتنياهو يأتي مع أغراض علنية مثل القدس موحدة وأمن في غزة، وخفية مثل ضم زاحف وهنا وهناك ترحيل صغير أيضا. ولا يزال، في نهاية كل صفقة شرق أوسطية، حين يعود نتنياهو الى البلاد ينتظره في مكتبه مستوطن مع مسدس في الرأس، وبتسلئيل سموتريتش اعلن هذا الأسبوع بان “العام 2025 سيكون عام إحلال السيادة في يهودا والسامرة”.

دولتان او متسادا

أمام ترامب الولاية الأخيرة، حتى نتنياهو يفهم بان لبكائيته العادية (اذا لم تسمح لي بحي ما في القدس، فلن تكون لي حكومة) لا امل امام مليارات السعوديين. ناهيك عن ان القطاع الإسلامي في الولايات المتحدة سار مع ترامب مع الانتخابات بخلاف القطاع اليهودي. وهذا هو المكان للايضاح ما الذي يريده السعوديون: دولتان للشعبين إسرائيل وفلسطين. وهم لا يحيدون عن اقتراحهم الأول وهم ليسوا وحيدين.

من يفترض أن يعرف منذ البداية بان السعوديين لن يحيدوا عن اقتراحهم هو المخادع الأكبر من الجميع، الذي كذب على الجميع عندما وقع على اتفاقات إبراهيم ونثر سحابة الوعود لمستقبل لامع للشرق الأوسط واستمرار المفاوضات مع السعودية. بعد أن استنفد أثر “السلام” لاتفاقات إبراهيم مع الدول العربية، تجاوز المشكلة الفلسطينية ونكث الوعد باستمرار المفاوضات مع السعودية بالمعاذير الدائمة. الوضع متوتر، الفلسطينيون يقتلوننا، توجد لنا معلومات تقول انهم (فلسطينيين في الضفة، في القطاع، في لبنان) يخططون للحرب (كان هذا مكتوبا حتى في “بيلد”) وبالتالي، لو سمحتم انسوا الان المفاوضات مع من يريدون قتلنا.

جس النبض الهام الأول للسعوديين لدولة إسرائيل كان قبل نحو 35 سنة. رجل اعمال بريطاني في ماضيه كان وزير الداخلية، وعلى علاقات مع رجال حكم سعوديين، اقام اتصالا مع رئيس الفرع الأوروبي للموساد  ونقل عبره توجها من السعودية لرئيس وزراء إسرائيل اسحق شمير: يوجد استعداد للوصول الى تسوية مع إسرائيل مقابل علم سعودي في الأقصى. رئيس الفرع نقل التوجه الى قيادة الموساد في تل أبيب، من هناك نقل العرض الى مكتب شمير الذي قرر بان العلاقات الهشة مع الأردن على السيطرة في الأقصى والقدس اهم من علم سعودي – ورد العرض.

لاحقا تبنت الجامعة العربية مقترح السعودية لحل الدولتين، وهذه الموافقة تتدحرج في مؤسسات عربية مختلفة منذئذ وحتى اليوم. الفرق هو ان اليوم، عقب جنون حكومة إسرائيل، ابن سلمان تعلم الدرس. في هذه الأيام يبنى تحالف من نحو 90 دولة عربية، إسلامية وأوروبية ومنظمات مختلفة لاجل الدفع قدما بحل الدولتين “في الطريق الى سلام دائم وشامل في الشرق الأوسط”. هذا الأسبوع قال في الرياض ابن سلمان: “نحن نرفض مرة أخرى الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ونشجب الحملات العسكرية ضد أراضي لبنان”، ودعا “الى مواصلة الجهود المشتركة لاقامة دولة فلسطينية”.

من حق نتنياهو أن يصدق بان في المعركة على الدولة الفلسطينية سينتصر على ابن سلمان. ربما. في هذه الاثناء هو يعول على الافنجيليين كرافعة امام ترامب. كان هذا صحيحا وناجعا في الجولة السابقة. في الجولة الحالية هذا لن ينجح. الحكومة والافنجيليون في الولايات المتحدة حاولوا ان يزجوا مايك بومباو الافنجيلي المتزمت، في منصب وزير الخارجية. اما ترامب فقد عين وزير خارجية اكثر تطرفا منه – ماركو روبيو. لاحقا عول المستوطنون على عودة عزيزهم ديفيد فريدمان كسفير للولايات المتحدة في إسرائيل. في هذه الحالة أيضا عين ترامب شخصا اكثر تطرفا منه، مايك هكابي. في هذه الاثناء عُين وزير دفاع بيت هيغسيث، الذي له اجندة واضحة: حرب في ايران ومعارضة لتسوية الدولتين.

في هذه الاثناء، رجلهم هو يحيئيل لايتر الذي عين ليكون سفيرا لإسرائيل في واشنطن. لايتر هو مستوطن وعقاري في المناطق، مؤيد الترحيل والضم وأب ثكل ابنه الذي سقط في حرب الغلاف. حتى لو بلغ لايتر كل يوم عن ابداعات “الاتصالات” والعطف الذي سيغدقه عليه الافنجيليون وإدارة ترامب، فانه لن ينجح في التصدي للمال والتأثير السعوديين اللذين يقف العالم كله خلفهما. ما يبقي لإسرائيل امكانيتين: إما دولتين او متسادا واحدة.

--------------------------------------------

هآرتس 15/11/2024

من يحتاج الى قانون عندما يكون بالإمكان أن تكون ملكا

بقلم: رفيت هيخت

القاسم المشترك بين القضايا الآنية التي تحيق بمكتب رئيس الحكومة، التي تشمل الاشتباه بممارسات إجرامية بهدف “تعديل” محاضر جلسات أو نقل معلومات يمكن أن تخدم رئيس الحكومة، هو محاولة للسيطرة على رواية 7 أكتوبر، بهدف ترسيخ الدعم لرواية نتنياهو، والأكثر أهمية من ذلك هو التأكد من أنه لن يكون أي خوف، ولو صغير، من كشف عورته.

هذا المثال يؤكد على منحى التغيير في محيط رئيس الحكومة، وانتقاله الكامل من ثقافة موظفي الدولة الخاضعين لمنظومة قوانين خارجية الى اشخاص هدفهم الحصري هو حماية الزعيم الأعلى وحكمه، إضافة الى النضال ضد السلطات التي يمكن أن تقف في طريقه.

عمليا، مؤهلات الوظيفة الأكثر أهمية هي الإخلاص لعائلة نتنياهو. كلما كان الموظف مستعد للمخاطرة اكثر في نشاطات تهدف الى حماية صورة الزعيم، هكذا ترتفع مكانته، ويعتبر جندي مقدر ومهم في الحرب لتحطيم سلطات القانون (التي هي الثأر من السلطات بسبب ما فعلته بعائلة نتنياهو، لكن أيضا محاولة تخويفهم). على هذا المنحى الثابت، الذي تصاعد منذ ملفات نتنياهو، تدل سلسلة الأشخاص الذين تركوا: المدراء العامون السابقون ايل غباي وهرئيل لوكر وايلي غرونر أو يوآف هوروفيتس، رئيس طاقم نتنياهو في 2016. التاركون كانوا اشخاص مخلصين لرئيس الحكومة، لكن اكثر من ذلك للإجراءات والقوانين، وحتى أنهم قاموا بالدفاع عن نتنياهو من التورط الزائد. الحاليون يدخلون الى ويخرجون من غرف التحقيق.

الائتلاف يتكون من أعداء مختلفين للديمقراطية: تيار الاستيطان الذي يطمح الى الابرتهايد أو الترانسفير، الحريديون الذين يعارضون فكرة الدولة الديمقراطية وسلطة مؤسساتها. على هؤلاء يتفوق تيار بيبي، الذي هو الحجر الأساس في الحكومة والذي يهدف الى الحفاظ على وزيادة قوة الحاكم، إضافة الى ازالة المعايير الحكومية التي تميز الديمقراطية. هذا تغيير حكومي يحدث في وقت حكم نتنياهو بدون الحاجة الى قانون أو الى الإصلاح.

حسب الصياغة الديمقراطية فان حكم نتنياهو ينزلق منذ سنوات نحو الديكتاتورية، مع عناصر عصابات المافيا، والتسبب بالشلل أو السيطرة على التوازنات والكوابح، وعلى رأسها منظومة انفاذ القانون. في الصياغة البيبية فان النشاطات ضد السلطات ورسلها هي نشاطات مشروعة لسلطة ملكية تدافع عن نفسها امام الذين يعملون على الحاق الأذى بها. هؤلاء المؤيدون لا يرون أن نتنياهو هو ديكتاتور، رغم أنهم لا ينفون قدرته الزائدة، الامر الذي يجعلهم معجبين اكثر به، ويعتبرونه ملك يجسد ويخزن في جسده كل قوتهم وقدراتهم. شخص سيقوم بحمايتهم في البداية ومن ثم تعزيز مصالحهم، لذلك فان النضال ضده يتم تفسيره على أنه نضال ضد الأب، في الواقع ضدهم هم الذين يوجدون تحت رحمته.

عندما يكون هذا الموضوع في خطر حقيقي نتيجة المواجهة الحتمية مع الواقع كما حدث في 7 أكتوبر فانه يمكن ملاحظة صدع فيه، كما حدث في منطقة الليكود في الأسابيع الأولى للمذبحة. ولكن بعد فترة قصيرة تمت تغطيته من خلال استعادة سريعة لتشغيل النظام. اشخاص مثل عيناف تسنغاوكر، التي كانت ذات مرة من انصار البيبية والآن هي عدوة لها، هم حالة شاذة، فيها الواقع لا يسمح باستعادة النظام، وبالتالي، هو ملزم بتأسيس هويتنا من جديد.

ليس فقط في إسرائيل نشاهد التوق الى ملك كبير لا حدود له، بل هذا الامر تتم مشاهدته أيضا في عدة أماكن في ارجاء العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي الأغلبية الساحقة فيها انتخبت بوعي مرشح وعده الرئيسي هو تحطيم منظومة الضوابط والتوازنات الفيدرالية والدفع قدما بحكم مستبد. جمهور كبير في اليمين الإنساني يطمح الى العودة الى بنية حكومية سابقة، ونقل من الفرد القوة التي تم الحصول عليها في الصراعات الدموية الى شخص مستبد ومنفلت العقال، وفي أحيان كثيرة شخص يتميز بخصائص متطاولة والميل لاختراق القوانين والمعايير المتفق عليها. لا يوجد عزاء في أن هذه المشكلة توجد لدى كثيرين.

--------------------------------------------

هآرتس 15/11/2024

أهالي أم الحيران: هل ضاقت مساحة النقب على اليهود؟

بقلم: أسرة التحرير

كان لسكان أم الحيران البدو كرم وقرية وبيوت ومسجد، وإسرائيل رحمتهم. هذا الأسبوع حققت رحمتها مبتغاها. تصدح الآن بين أنقاض القرية في النقب دعوة تاريخية لـ إلياهو الاحاب: أقتلت وورثت أيضاً؟

تاريخ هذه القرية هو تاريخ الجانب المظلم من المشروع الصهيوني: أبناء قبيلة أبو القيعان، الذين عاشوا في النقب منذ القرن التاسع عشر نقلوا في العام 1956 إلى وادي حيران في عهد الحكم العسكري الذي فرض على عرب الدولة. السبب: سيطرة “كيبوتس شوفال” على أراضيهم. بعض من السكان انتقلوا إلى البلدة المجاورة، حورا، وآخرون انتقلوا إلى القرية غير المعترف بها أم الحيران – وينبغي الإشارة في هذا الشأن إلى أن الدولة نفسها هي التي بعثت بهم إلى هناك.

في العام 2002 قررت حكومة إسرائيل إقامة بلدة يهودية على أراضي القرية. بدأت الدولة بإجراءات إخلاء السكان البدو، بدعوى أنهم نزحوا إليها بغير وجه قانوني. في العام 2010 قرر المجلس القطري للتخطيط والبناء الاعتراف بأم الحيران، ولكن في أعقاب تدخل ديوان رئيس الوزراء، قلب المجلس قراره رأساً على عقب بين ليلة وضحاها؛ قررت دولة إسرائيل إقامة بلدة يهودية دينية قومية على أراضي القرية البدوية.

صراع يعود إلى سنوات ضد شر القضاء ولد حادثة خطيرة في العام 2017: أفراد من الشرطة قتلوا المعلم يعقوب أبو القيعان أثناء أعمال هدم القرية دون أن يقترف أي ذنب. فضلاً عن القيعان، قتل في هذه الحادثة أيضاً الشرطي إيرز ليفي. المفتش العام للشرطة في حينه روني ألشيخ ورئيس الوزراء نتنياهو، نزلا على المعلم بلقب مخرب، ووصف الحدث بأنه عملية دهس. مرت ثلاث سنوات أخرى إلى أن طهر رئيس الوزراء اسم أبو القيعان الذي قتل عبثاً.

في ظل الحادثة الخطيرة توجهت سلطة توطين البدو في النقب إلى السكان وطلبت منهم التوقيع على اتفاق انتقال إلى بلدة حورا مع تعويض مناسب. معظمهم وقعوا لانعدام البديل، لكنه اتفاق جمدته الدولة أيضاً. أوامر الإخلاء عادت إلى مفعولها. هذا الأسبوع، انتهت القصة المتواصلة: بدأ السكان بهدم بيوتهم لمنع وضع تطالبهم فيه الدولة بالدفع لقاء أعمال الهدم التي ستقوم بها هي. أمس، هدمت الدولة المسجد.

نصبت في مدخل أم الحيران يافطة “درور” – اسم البلدة اليهودية التي ستقوم هناك. هكذا وصلت إلى نهايتها عشرات السنين من سكان البدو هذا السهل الصحراوي، وذلك فقط وحصرياً بسبب هوية السكان القومية. في دولة اليهود، هم أجبروا على التنازل عن قريتهم في صالح نواة دينية قومية يهودية. ما تبقى من لجوء لأم الحيران انتقل للسكن في حورا، بخلاف نمط حياتهم. ثقافتهم وتقاليدهم. ليس للبلدة اليهودية أي مكان آخر في كل أرجاء النقب غير أرض القرية.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق