قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية في تقرير أعده جوليان بورغر إن فوز الرئيس دونالد ترامب هو انتصار لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وربما لم تمض الأمور كما يحب. وقال إن الرئيس الأمريكي المنتخب يريد وقف الحرب في غزة كما أن موقفه من البرنامج النووي الإيراني غير واضح. وأضاف أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض لها أثار مهمة على الشرق الأوسط وتعتبر أولا وأخيرا فوزا لنتياهو الذي لم يخف تفضيله فوز ترامب.
ومع أن إدارة جو بايدن أجلت فرض الضغوط على نتنياهو إلى ما بعد الإنتخابات ورغم الإحباط المتزايد منه بشأن عدة أمور، مثل مع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وحملته ضد الأمم المتحدة وعرقلته صفقة لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى ودعم حكومته لمستوطني الضفة الغربية.
وقد ناشد التقدميون في الحزب الديمقراطيون بايدن استخدام أوراق نفوذه ضد إسرائيل خلال الأشهرالـ13 الماضية. وقد أدى الغضب بسبب استخدام القنابل الأمريكية لتدمير غزة إلى ردة فعل في ولاية ميشيغان التي يعيش فيها أكبر تجمع عربي أمريكي في الولايات المتحدة، وهو عامل أسهم في هزيمة كامالا هاريس.
وحتى لو أرادت الولايات المتحدة إطلاق العنان لنفوذها في الشرق الأوسط فلن يكون مؤثرا. وفي الشهر الماضي كتب وزير الدفاع لويد أوستن ووزير الخارجية أنطوني بلينكن رسالة للحكومة الإسرائيلية قدموا فيها تفاصيل عن عرقلة الحكومة الإسرائيلية جهود إرسال المواد الإنسانية وتحديا جهودها لوقف عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا). ووضعت الرسالة 30 يوما لكي تراجع إسرائيل سياستها وإلا لواجهت مراجعة أمريكية لتصدير الأسلحة إليها. وجاء هذا الإختيار لما بعد الانتخابات حتى لا تتأثر حظوظ الديمقراطيين.
وفي ظل نتائج الانتخابات الأمريكية، فلن تترك تهديدات الإدارة إلا تأثيرا قليلا على حكومة نتنياهو. وكل ما سيقوم به هو انتظار تنصيب ترامب في 20 كانون الثاني/يناير. ومن المؤكد عدم دفاع الإدارة المقبلة عن “أونروا”، فقد قطعت إدارة الدعم عنها في عام 2018، ولم يتم إلغاء القرار إلا بعد 3 سنوات في ظل إدارة بايدن. وستواجه الأمم المتحدة وكل جهود الإغاثة مشاكل تمويل في المنطقة. كما أن عودة ترامب تزيل عقبة كبيرة أمام إسرائيل لضم أجزاء محتملة من غزة والضفة الغربية. فقد أظهر الرئيس المقبل أنه لا يهتم بالقانون الدولي أو بقرارات مجلس الأمن الدولي عندما يتعلق بإسرائيل. فقد اعترفت إدارته بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان رغم اعتبار القانون الدولي أنها أرض سورية محتلة. ومن غير الواضح من سيقود سياسة الشرق الأوسط في إدارة ترامب الجديدة، ولكن في المجموعة المحيطة بالرئيس المنتخب هناك مؤيدون بارزون لحركة الاستيطان، مثل صهره جاريد كوشنر (الذي تحدث عن الإمكانيات العقارية في بناء الشقق على بحر غزة. وهناك السفير السابق في إسرائيل ديفيد فريدمان، الذي قدم طلبا للحصول على وظيفة جديدة في الإدارة القادمة في شكل كتاب تحدث فيه عن الحق الإلهي لإسرائيل للإستيلاء علىى الضفة الغربية.
وقالت الصحيفة إن الدعم والزخم الذي حصل عليه الجناح المتطرف في الحكومة الإسرائيلية الداعي لضم الضفة الغربية هو من أكثر التداعيات أثرا على الشرق الأوسط وبسبب فوز ترامب ولإمكانية إعادة رسمه للخريطة. ويرى .بورغر أن عودة ترامب ستقوي من وضع نتنياهو في الداخل ومن المحتمل أن تزيد من تحركاته نحو تحويل إسرائيل لدولة غير ليبرالية، ولن يستمع نتنياهو لأي صوت في واشنطن يدعوه للتخفيف من حملته لحرمان المؤسسة القضائية من استقلاليتها.
إلا أن عودة حليف موثوق لنتنياهو إلى البيت الأبيض لا تعني أنه سيحصل على يد طليقة. فعلى خلاف بايدن، لا يخشى ترامب من أن يؤذيه رئيس الوزراء الإسرائيلي سياسيا في الداخل. مع أن العلاقة الجديدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل ستكون منحازة، وسيكون نفوذ الرئيس الجديد أعظم كثيرا من نفوذ أسلافه.
وقد أوضح بالفعل في رسالة إلى نتنياهو في ذروة الحملة أنه يريد نهاية حملة غزة بحلول الوقت الذي يتولى فيه منصبه، على الرغم من أن ترامب من المرجح أن يقبل نتيجة تميل بشكل كبير لصالح إسرائيل، بما في ذلك السيطرة العسكرية على القطاع.
كما وأكد الرئيس العائد إلى أنه يريد صفقة لوقف إطلاق النار في لبنان، هذا إن لم تتوصل إدارة بايدن العرجاء لصفقة. والأهم في هذا هو أن نتنياهو ليس متأكدا من دعم ترامب لأولويته المتعلقة بالملف النووي الإيراني وتدميره.
فأي صراع مع إيران قد يورط الولايات المتحدة فيها، ومن المعروف أن النفور من الحروب الخارجية هو عنصر أساسي في سياسة الرئيس المنتخب الخارجية. وفي المقابل قد لا يعجز نتنياهو عن إقناع ترامب بدعم ضرب دولة يزعم أنها خططت لإغتياله.
وبحسب “الغارديان” أشار بورغر إلى أن السعودية هي الرابح الثاني من فوز ترامب، فقد استثمرت بشكل كبير في عائلة ترامب. ولديها الآن حليف قوي في البيت الأبيض، على الأرجح أنه سيضغط من أجل التوصل إلى اتفاق تطبيع سعودي إسرائيلي، ليضاف إلى “اتفاقيات إبراهيم” مع دول الخليج الأخرى. وقد استثمر مسؤولو بايدن قدرا كبيرا من الوقت والطاقة في محاولة التوصل إلى اتفاق سعودي إسرائيلي وكانوا يشكون طوال الوقت في أن ولي العهد محمد بن سلمان كان ينتظر ترامب كرئيس. ولكن حتى بالنسبة لولي العهد، فلن يكون من السهل إبرام صفقة مع نتنياهو في وقت يتم فيه تدمير غزة وقتل أكثر من 43,000 فلسطينيا. ووفق الصحيفة البريطامية فعلى الأرجح أن يكون التردد مؤقتا، وربما أثبتت قوى التقارب المتزايدة بين بعض دول الخليج والولايات المتحدة وإسرائيل غير الليبرالية أقوى في السنوات الأربع القادمة من القلق بشأن محنة الفلسطينيين.
أضف تعليق