22 تشرين الثاني 2024 الساعة 04:12

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 5/11/2024 العدد 1148

2024-11-06 عدد القراءات : 609
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

هآرتس 5/11/2024

 

 

مسؤولة كبيرة في الاونروا: آلية المساعدات الإنسانية في القطاع ستنهار بدوننا

 

 

بقلم: نير حسون

 

“لا يوجد لدى اسرائيل أي بديل لنشاطات الاونروا في القطاع، ووقف عملها يمكن أن يؤدي الى الانهيار الكامل لآلية نقل المساعدات الانسانية الى مليوني شخص من سكان القطاع”، هذا ما حذرت منه مديرة الاعلام في الاونروا جولييت توما في مقابلة مع “هآرتس”. وزارة الخارجية اعلنت أمس عن نية الغاء الاتفاق بين دولة اسرائيل والامم المتحدة من العام 1967، الذي يعتبر الاساس القانون لعمل الاونروا في قطاع غزة وفي القدس وفي الضفة الغربية. في البيان كتب أنه فقط 13 في المئة من المساعدات التي يتم ادخالها الى القطاع تنقل عبر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للامم المتحدة، لكنهم في الوكالة قالوا إن وزارة الخارجية لا تعرف آلية كيفية نقل المساعدات، وأن الاونروا فقط هي التي تستطيع توزيع المساعدات في ارجاء القطاع.

الاونروا تشغل العدد الاكبر من العاملين في قطاع غزة، الذي وصل الى 13 ألف موظف قبل الحرب، معظمهم معلمون، والآن يبلغ عددهم 5 آلاف – بعضهم حسب الوكالة عملهم ضروري لمنع كارثة انسانية في القطاع. منظمات مساعدات اخرى تعتمد على قدرة الوكالة على نقل المساعدات التي تشتريها، وعلى التنسيق بين الاجسام المختلفة التي تعمل في القطاع. “يوجد لدينا اطباء وممرضات وممرضين وسائقين وطواقم تقنية وما شابه، هذه تشبه الحكومة المصغرة. فكيف سيتم استبدال ذلك، بالذات اثناء حرب وحشية؟”، تساءلت توما.

منذ بداية الحرب وفرت الاونروا الغذاء لـ 1.9 مليون مواطن في القطاع، وفي عياداتها سجل حوالي 6 ملايين زيارة. في منشآت الاونروا يعيش منذ بداية الحرب مئات آلاف اللاجئين – هي توفر مأوى لعدد اكبر من الغزيين اكثر من أي منظمة اخرى في القطاع. ولأنها وكالة تابعة للأمم المتحدة فان منشآت اللاجئين التابعة للاونروا تحظى بحماية الامم المتحدة، التي بفضلها يجب على اسرائيل الامتناع عن المس بها – هذه الحماية مثل ادارة هذه المنشآت سيتم فقدانها عند اغلاق الوكالة. الموظفون في الوكالة هم الذين قاموا بتطعيم بالفعل 600 ألف طفل في القطاع ضد شلل الاطفال، والوكالة هي المنظمة الوحيدة التي تنقل الوقود للنشاطات الانسانية في القطاع.

قبل الحرب شغلت الاونروا منظومة التعليم الاكبر في القطاع، التي تعلم فيها حوالي نصف اطفال القطاع. ولكن هذه هي السنة الدراسية الثانية على التوالي التي لا يتم فيها التعليم في القطاع، وتقريبا فقط 50 ألف طالب يأتون الى مراكز التعليم التي تشغلها اليونسيف. “اذا حدث وقف لاطلاق النار فماذا سيكون مصير هؤلاء الاطفال؟ من سيوفر التعليم لهم؟ هل السلطة الفلسطينية التي لا تنجح في دفع روتب المعلمين لديها؟ ببساطة لا يمكن استبدال الاونروا”، قالت توما. الاونروا ايضا تشغل بعض المدارس في شرقي القدس والضفة الغربية التي يتعلم فيها حوالي 50 ألف طالب.

في الوقت الذي يقولون فيه في اسرائيل بأن مدارس الاونروا تقوم بالتحريض أوضحت توما بأن الكتب التعليمية في مدارس الوكالة تشبه الكتب التي يتم تعليمها في مدارس السلطة الفلسطينية. “فقط نحن لدينا يجب تطبيق مباديء الامم المتحدة، لذلك فان مدارسنا هي الوحيدة التي تعلم حقوق الانسان وقرارات الامم المتحدة فيما يتعلق بالسلام في منطقة الشرق الاوسط. وهناك اسطورة اخرى يجب تفنيدها وهي أننا نعمل بصورة وثيقة مع حماس. منظومتنا هوجمت من قبل حماس بسبب المواد التي نعلمها”، قالت توما.

حسب اقوال توما فان الجمهور الاسرائيلي سقط ضحية حملة نشر معلومات كاذبة عن هذه المنظمة كجزء من محاولة متعمدة لتصويرها بأنها غير شرعية. في الاونروا يقولون إن اسرائيل نقلت في الاشهر الاولى للحرب ادلة على أن 18 موظف في هذه المنظمة كانت لهم علاقة بالمذبحة في 7 اكتوبر أو بحماس أو بتنظيمات مسلحة اخرى. ولكن نحن نذكر بأنه يعمل في هذه الوكالة آلاف العاملين. في اشهر الصيف ارسلت اسرائيل قائمة تشمل 100 اسم آخر للعاملين في الوكالة والمرتبطين بحماس، ولكنهم في الاونروا يقولون بأنه لم يتم عرض أي ادلة عليهم بخصوص هذه العلاقات.

“أنا اريد القول للجمهور في اسرائيل بأنه في نهاية المطاف يعيش في غزة بشر”، قالت توما. “على رأس سلم الاولويات يجب أن تكون ثلاثة امور – وقف اطلاق النار وتحرير جميع المخطوفين واعادة التموين للقطاع كما كان الامر قبل الحرب. هذه هي الامور المهمة وليس مقاطعة الاونروا. هناك افتراض بأنه اذا تم اغلاق الاونروا فعندها سنلغي اللجوء الفلسطيني. ولكن هذه رؤية ساذجة لا يوجد للاونروا أي تفويض لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، مهمتها فقط هي توفير الخدمات لهم. اذا قمنا بوقف الخدمات الصحية والتعليمية لهم فلن تحل أي مشكلة. الحل يجب أن يكون من خلال المفاوضات السياسية”.

بعد ثلاثة اشهر يتوقع أن يدخل الى حيز التنفيذ قوانين تمت المصادقة عليها في الاسبوع الماضي. الاول هو وقف عمل الاونروا في غزة وفي الضفة الغربية وفي القدس. 92 عضو في الكنيست أيدوا القانون الذي يحظر عمل الاونروا في اسرائيل و10 اعضاء عارضوا ذلك. وحسب هذا القانون “الاونروا لن تشغل أي ممثلية ولن توفر أي خدمة ولن تقوم بأي نشاط، بشكل مباشر أو غير مباشر، في المناطق السيادية لدولة اسرائيل. المعنى هو أنه سيتم وقف عمل الوكالة في شرقي القدس، الذي تعمل فيه في مخيم شعفاط وتوفر للسكان هناك خدمة النظافة والتعليم والصحة وغيرها.

القانون الذي تمت المصادقة عليه يمكن أن يصعب ايضا على البنوك الاسرائيلية العمل مع الاونروا. موظفون كبار في الوكالة قالوا إنهم يخشون من أن القانون الذي تمت المصادقة عليه سيؤدي الى انهيار المنظومة الادارية للوكالة في الضفة وفي القطاع، بسبب الصعوبة في دفع الرواتب والدفع للمزودين الذي يتم من خلال بنك لئومي.

الكنيست صادقت في حينه على قانون آخر ضد الاونروا، الذي بحسبه يجب على أي سلطة في الدولة، بما في ذلك جهات واشخاص آخرين يشغلون وظائف عامة حسب القانون، عدم اجراء أي اتصال مع الاونروا أو أي جهة من قبلها. لذلك، قسم منسق اعمال الحكومة في المناطق سيضطر الى وقف عمله مع الاونروا. ايضا القانون ينص على أنه سيتم الغاء التسهيلات الضريبية والحصانة الدبلوماسية التي تتمتع بها الوكالة. 87 عضو كنيست صوتوا مع القانون و9 ضده.

في المجتمع الدولي يعتقدون أنه بعد الانتخابات في الولايات المتحدة سيستخدم ضغط سياسي على اسرائيل من اجل الامتناع عن اغلاق الوكالة. الحكومة البريطانية اعلنت في السابق بأن هذا القانون سيؤدي الى تشديد العقوبات ضد اسرائيل. رغم أن اغلبية ساحقة من اعضاء الكنيست صوتوا مع هذه القوانين إلا أن وزير الحكومة ووزير الخارجية لم يشاركا في التصويت في الكنيست. مصادر دبلوماسية في القدس تعتقد أنهما فعلا ذلك كي يستطيعان الادعاء أمام دول اخرى بأن القرار تم اتخاذه بضغط من اعضاء الكنيست وليس بدفع من الحكومة.

 

---------------------------------------------------------

 

 

هآرتس 5/11/2024

 

 

للشرق الأوسط توجد خريطة طريق خاصة به غير متعلقة بهوية الرئيس الأمريكي

 

بقلم: تسفي برئيل

“في فترة ولايتي كان هناك سلام في الشرق الاوسط، وفي القريب سيكون لدينا سلام مرة اخرى. أنا سأحل المشكلات التي اوجدتها كمالا هاريس وجو بايدن، وسأوقف المعاناة والدمار في لبنان. سنعود الى سلام حقيقي ودائم وسنفعل ذلك كما يجدر بحيث لا يكرر نفسه كل خمس أو عشر سنوات”، هذا ما بشر به دونالد ترامب في 30 تشرين الاول أكثر من 30 مليون متابع له. اقواله وجهت في الواقع الى الجالية اللبنانية الكبيرة في ميتشيغان (الذين وعدهم بأنه “سيحافظ على الشراكة المتساوية بين جميع الجاليات اللبنانية”). ولكن ترامب يعرض رؤيته وكأنها بشرى لكل الشرق الاوسط.

رغم أن ابنته تيفاني متزوجة من ابن رجل اعمال لبناني، إلا أن هناك شك كبير اذا كان ترامب يعرف ويفهم التعقيد الكبير لبنية التجمعات الدينية والطائفية في لبنان ومنظومة القوى السياسية فيه بصورة ستساعده في الدفع قدما بـ “صفقة جيدة” تهديء الدولة وربما كل المنطقة. حتى في لبنان نفسه تصعب ملاحظة الانفعال من احتمالية أن يكون ترامب هو الرئيس الامريكي القادم للولايات المتحدة.

كمالا هاريس ايضا لا تثير الكثير من الآمال في المنطقة. بشكل عام دول الشرق الاوسط (بما في ذلك الدول غير العربية مثل تركيا وايران) لا تنقسم بين مؤيدة لترامب ومتحمسة لهاريس، بل هي منقسمة بشكل تخطيطي الى كتلتين اساسيتين، التي ليست سنة وشيعة، أو مع أو ضد امريكا كما هو دارج الاعتقاد، في كتلة منهما توجد “دول قائدة” التي بدأت بتخطيط الاستراتيجية استعدادا لتبديل النظام في واشنطن. وفي الكتلة الاخرى دول تنتظر المخلص الذي سيخلصها من الحروب التي تغرق فيها منذ سنوات كثيرة. في العالم الاول في الشرق الاوسط توجد دول النفط الغنية مثل السعودية والامارات وقطر، الى جانب دول مثل تركيا ومصر. في المقابل، “العالم الثالث” في الشرق الاوسط يشمل دول مثل اليمن، لبنان، العراق، وفي الضواحي توجد افغانستان وتونس ايضا. في رزمة منفصلة توجد ايران وفلسطين، بؤر المواجهة والتهديد التي تؤثر ليس فقط على الشرق الاوسط بل على استراتيجية العالم التي تشمل ايضا دول عظمى مثل روسيا والصين.

هذه “الرزمة” تنتقل بالوراثة من ادارة امريكية الى اخرى، ولم يتم حتى الآن العثور، ويبدو أنه لن يتم، على الساحر الامريكي الذي سينجح في تحرير المنطقة من شرنقة النزاعات التي تمتد منذ سنوات التي تطورت فيها. في ميزان نجاحات واخفاقات الادارات الامريكية (بشكل ملموس – مقارنة بين ادارة بايدن وادارة ترامب) تصعب الاشارة حتى الى انتصار بالنقاط. ايضا الانجاز السياسي الكبير لترامب، “صفقة القرن”، التي اوجدت اتفاقات ابراهيم لم تجلب أي تغيير حقيقي في نسيج التهديدات الاقليمية. خلافا لاتفاق كامب ديفيد فان اتفاقات ابراهيم لم تنه أي حرب ولم تقض على أي مواجهة عنيفة. اضافة الى ذلك هي لم تبعد العبوة الناسفة الرئيسية الكامنة في النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين، الحرب في غزة تهدد اركان اتفاقات السلام بين اسرائيل ومصر والاردن، الخطة الايرانية تستمر في التقدم بكامل الزخم، ومواجهات محلية تواصل الغليان دون صلة بهوية من جلس ومن سيجلس في البيت الابيض.

الأمل في أن الرئيس الامريكي الجديد سيحدث ثورة استراتيجية تُحل “السلام العالمي”، أو على الاقل الاقليمي، يتجاهل التقديرات القاسية التي تم تعلمها في الدورات الاخيرة لرؤساء الولايات المتحدة، ناهيك عن كل تاريخ العلاقات بين الولايات المتحدة والشرق الاوسط.

هذه الامور يتم قولها ايضا، ضمن امور اخرى، في نفس هذا الحلم حول حلف الدفاع الاقليمي الذي يشمل التطبيع بين اسرائيل والسعودية، والذي يهدف فقط الى اقامة جدار دفاع ضد ايران. ترامب في ولايته السابقة لم يدنسها، وادارة بايدن قفزت بلطف خلال الاربع سنوات عن نفس “الخطوة” التي فصلت بين القدس والرياض ولم تنجح في اجتيازها. وقد تبين أنه بالذات نزاع محلي تم اهماله، نفس هذا الاسفين الفلسطيني، يستمر بالانغراز بين اجزاء نفس السياسة متعددة القوميات ويزعج اللعبة الرئيسية.

الضغط الكبير لترامب الذي شمل سلة جزر وعصي للفلسطينيين لن يرضيهم، لا سيما بعد أن قام بنقل السفارة الامريكية الى القدس واعترف بضم هضبة الجولان. وهو بالتأكيد لم يتمكن من تقريب نتنياهو من الاعتراف بحق الفلسطينيين بدولة. بايدن (الذي في بداية ولايته تجاهل القضية الفلسطينية غير الاتجاه وحاول استغلال الحرب في غزة للدفع قدما بحل الدولتين) – تحطم على صخرة وجود نظام نتنياهو. سواء ترامب أو نتنياهو، بالضبط مثل اوباما وكلينتون وبوش، تعلما الدرس الصعب الذي يثبت بأنه لا توجد علاقة حقيقية بين حجم المساعدات التي تحصل عليها اسرائيل وبين قدرة الولايات المتحدة على الحصول في المقابل على انجاز سياسي حقيقي. هذا ليس درس متميز الذي يميز فقط علاقات الولايات المتحدة – اسرائيل. الاموال الطائلة التي صبها دافع الضرائب الامريكي في العراق وفي افغانستان لم تضمن تحالف بعيد المدى بين هذه الدول والولايات المتحدة. فالعراق، الشيعي في معظمه، اصبح دولة حماية ايرانية، وافغانستان، السنية، تسيطر عليها طالبان.

دول “العالم الاول” العربية، التي تمتلك قوة سياسية واقتصادية كبيرة اعترفت بأن البنية التكتونية التي فيها الولايات المتحدة هي حزام الامان الثابت لها، تعاني من شروخ تجبرها على اجراء فحص داخلي لرؤيتها الاستراتيجية. ترامب، الصديق المقرب والشريك الاقتصادي للسعودية، عزز مخاوف الرياض عندما ادار ظهره لها بعد أن هاجم الحوثيون منشآت النفط فيها في 2019. بايدن بدأ حملته الانتخابية بتعهد وهو تحويل السعودية الى دولة منبوذة في اعقاب قتل الصحافي جمال الخاشقجي، وحول ولي العهد محمد بن سلمان الى شخص غير مرغوب فيه في واشنطن.

ايضا دولة الامارات، العروس في اتفاقات ابراهيم، بقيت بدون تحقيق طموحاتها بعد عدم حصولها على طائرات اف 35 التي وعدت بها. هاتان الدولتان فتحتا لانفسهما آفاق جديدة عندما قامتا بتحسين العلاقات مع الصين وروسيا واستأنفتا العلاقات الدبلوماسية مع ايران. وهما استخفتا بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا (اصبح الاوليغاركيون الروس من أهل البيت في دول الخليج). هذه الدول الى جانب الاردن ومصر لا تعتبر شريكة في الحلف العسكري الذي اقامته الولايات المتحدة في البحر الاحمر لصد تهديد الحوثيين. وكلها أكدت على أنها لن تسمح باستخدام سمائها أو اراضيها كقاعدة انطلاق للهجمات ضد ايران. خلافا لدول “العالم الثالث” العربية فان دول الخليج التي قامت بتحديث استراتيجيتها، رسمت فقط خارطة مصالح جديدة، فيها الدول العظمى التي تم ابعادها في السابق الى خلف الجدار اصبحت صديقة للاغراض الاقتصادية أو التكتيكية. وهي اشارت الى الولايات المتحدة بأنه في حقل النفوذ الاقليمي توجد منافسة فيها الولايات المتحدة هي الشريكة المفضلة، لكنها لم تعد تمتلك الامتياز الحصري.

أي رئيس سيدخل الى البيت الابيض يجب عليه الحذر في معالجة العبوات الناسفة السياسية والعسكرية التي تنتظره في الشرق الاوسط. في الوقت الحالي الحديث يدور عن مرشحين لم يقوما بعد بعرض خطة تقنية منظمة للطريقة التي ينويان تحسين وجه الشرق الاوسط من خلالها وحل النزاعات فيه. التقديرات التي تقول بأن كمالا هاريس “اكثر خطورة” على حكومة اسرائيل الحالية، وأن دونالد ترامب اكثر خطورة على العرب هي تقديرات فقط. هذه التقديرات تفترض أن هاريس جاءت مع ملف اعمال مرتب تمت صياغته على يد بايدن (الذي في مركزه يوجد حل الدولتين وانهاء الحرب في غزة واتفاق في لبنان وعملية معينة مع ايران). ترامب يمكنه عرض اعمال شعوذة هستيرية، سيعطي فيه يد حرة لاسرائيل من اجل تسوية قطاع غزة واقامة فيه نفيه ترامب، واحتلال منطقة امنية في لبنان وقصف المنشآت النووية الايرانية.

لكن هذه النظرية تفترض، رغم الدلائل المتناقضة بأنه في هذه المرة التجربة المخبرية ستنجح؛ وأن واشنطن ستقوم بلي ذراع اللاعبين الرئيسيين وصهرهم في تحالف أخوي سعيد. ولكن هذه النظرية مرة اخرى لا تأخذ في الحسبان حركة البندول الاقليمي التي فيها أي نزاع محلي يمكن أن يشعل الحرب الشاملة، وحقيقة أنه يوجد لدول المنطقة وزن ومكانة تمكنها من التقرير على الاقل الكثير من قواعد اللعب دون صلة بهوية الرئيس الامريكي الجديد.

 

---------------------------------------------------------

 

 

معاريف 5/11/2024

 

 

للنظام في ايران توجد مصلحة لابقائنا في حالة توتر وخوف

 

 

بقلم: موشيه نستلباوم

 

الحرب النفسية، الانباء الملفقة، او كلاهما معا. الواضح هو اننا نعيش في فترة غير بسيطة، ولا يمكن أن نعرف اذا كان كل ما ينشر صحيحا. واضح أيضا ان هناك من يستغلون الوضع ويخدعوننا.

في الأسبوع الأخير كانت حالة التأهب في ذروتها خوفا من هجوم مرتقب في ايران. إسرائيل لم تهاجم منشآت النووي، لكن الدمار الذي زرعته طائرات سلاح الجو لدى زيارتها الى ايران من شأنه ان يؤدي، برأي محافل أمنية، الى رد من ايران في الأيام القريبة القادمة. حين لا يعرف احد اذا كان الإيرانيون سيهاجمون قبل الانتخابات في الولايات المتحدة أو بعد أن ينشر رسميا من سيكون الرئيس/ة التالي. محللون يكررون حتى التعب ادعاءاتهم ادعوا بان هجوما قبل الانتخابات يخدم ترامب الذي لا يريده الإيرانيون كرئيس للولايات المتحدة. تقدير آخر يقول ان الجيش الإسرائيلي صفى كل منظومة الدفاع الإيرانية، بحيث أنه اذا ما اختارت ايران مهاجمة إسرائيل سيكون اسهل بكثير على الجيش الإسرائيلي ان يرد والرد سيكون اقسى. وثمة محللون يدعون بانه اذا ما هوجمت إسرائيل، فسيكون هذا من العراق او من اليمن لاجل خلق عرض عابث وكأن ايران ليست مشاركة في الهجوم. في كل حال الكل جاهزون للهجوم، الذي ليس واضحا اذا ما كان سيكون.

في نهاية الأسبوع الماضي ارتفعت حالة التأهب الى مرحلة أخرى. لا في جهاز الامن، الذي يعرف ما يحصل في ايران، بل في الشبكات الاجتماعية. في الشبكات قدروا بان يوم السبت هو موعد الهجوم، وأثاروا تخوفا أدى لان تكون المقاهي والمطاعم شبه فارغة، ولم تكن أزمات سير في الطرقات. في زمن تملي فيه شبكات اجتماعية أحيانا جدول اعمالنا، فان الحرب النفسية الحقيقية تحظى بنجاح كبير وتنتصر حتى على الواقع. الانباء عن تحريك قوات وصواريخ التي لم تكن صحيحة في نهاية الأسبوع الماضي أدت بالمحلل العسكري الممتاز للقناة 12، نير دبوري لان ينشر ايضاحا صريحا جاء فيه بان ليس لجهاز الامن أي معلومات عن ذلك، الامر الذي لم يؤدِ الى توقف موجة الشائعات.

لإيران توجد مصلحة لان تبقينا في حالة توتر وتزرع الخوف فينا. هذا هو السبب الذي جعل الزعيم الأعلى لإيران خامينئي يغرد بالعبرية: “الولايات المتحدة والنظام الصهيوني سيتلقيان ردا ساحقا على ما يفعلانه ضد جبهة المقاومة”. فتح خامينئي مؤخرا حسابا على التوير يطلق فيه تهديدات على إسرائيل. وهو لا يكتفي بذلك، وآلة الدعاية الإيرانية اطلقت شريطا يستند الى صور إسرائيلية تنشر في الشبكات الاجتماعية ويظهر فيها مواطنون إسرائيليون في حالة فزع وهم يصورون مُسيرات في بلدات الشمال. تنشغل اذرع الاستخبارات الإيرانية ليس فقط في تجنيد الجواسيس في اثناء الحرب بل وتفحص أيضا المزاج والمعنويات الوطنية واستنادا الى انطباعاتها تخلق صورة وضع بعيدة عن الواقع وتؤمن بان هذا هو الوضع الحقيقي الذي تواجهه إسرائيل.

ولزيادة الخوف من الهجوم، الذي ليس واضحا اذا كان سيقع، تمنح مصادر إيرانية مجهولة مقابلات صحفية مع شبكة سي.ان.ان وشبكات تلفزيونية دولية تحذر فيها من هجوم مرتقب، وكل ذلك من اجل الإبقاء على الخوف وزرع الفزع. في الأيام الأخيرة أعلنت ايران عن الغاء التعليم في مؤسساتها التعليمية وعادت وهددت بانها تخطط لهجوم لم تشهده إسرائيل من قبل. إسرائيل تستخدم الطريق ذاتها، وبمشاركة جهات أمريكية تحذر بانها كفيلة بان ترد على الهجوم الإيراني، حتى لو خرج هذا من أراضي العراق. إدارة بايدت حذرت ايران في الأيام الأخيرة من هجوم اضافي ضد إسرائيل وشددت بانها لن تتمكن من لجم الرد الإسرائيلي.

واضح لإيران انها تخاطر برد اقسى بكثير من شأنه ان يضرب منشآتها النووية. لقد اثبتت إسرائيل لإيران اكثر من مرة بان ذراعها الطويلة تصل الى كل مكان. في ايران يعرفون هذا ويكتفون في هذه المرحلة بالتهديد. الفيلسوف، السياسي والمسرحي الروماني، سانكا، درج على القول: “الأسوأ من الحرب والخوف منها”. هذا هو السبب الذي يجعل جهاز الدعاية الإيراني يحاول زرع الخوف والقلق. لإسرائيل توجد القوة العسكرية اللازمة، مطلوب لها جبهة داخلية قوية.

 

---------------------------------------------------------

 

 

 

 

 

يديعوت احرونوت 5/11/2024،

 

 

انقسام بين معسكرين في الولايات المتحدة

 

 

بقلم: ناحوم برنياع

 

بما يتعلق بإسرائيل، السطر الأخير من الانتخابات في أمريكا بعيد عن أن يكون منعشا. المرشحان اشكاليان لنا، هي لاسبابها، هو لاسبابه. اذا فازت كمالا هاريس فانها ستحتاج حاجة ماسة لدعم الكتلة الديمقراطية في مجلسي النواب. الديمقراطيون منقسمون في قضيتنا: الجناح اليساري نقدي وفي أقصاه معادٍ تماما. العداء من شأنه أن يتدهور الى ضرر ذي مغزى اذا ما واصلت في إسرائيل تتولى حكومة يمين برئاسة نتنياهو. للخير وللشر، نتنياهو هو أيقونة في السياسة الامريكية. في اليسار يذكر على نفس واحد، في ضغينة واحدة، مع ترامب.

اذا انتخب دونالد ترامب سنعود لنلتقي غرائزه الانعزالية. مشكوك أن نرى مرة أخرى طائرات أمريكية في السماء، منظومات مضادة للصواريخ على الأرض وحاملات طائرات في البحر، وكلها كي تحمينا، في اثناء ولايته. مشكوك ان يقر اتفاقات المساعدات التي اقرها بايدن. إسرائيل تواقة لمحور عالمي بقيادة أمريكية يكون قويا، مستقرا، ملتزمان ومصمما في اعتراضه على محور الشر. مشكوك أن تتلقى هذا تحت ترامب.

رغم هذا، يعمل نتنياهو كمن هو واثق من ان بوسعه ان يكسب تأييد ترامب بالمال وبالتزلف. يحتمل أن يكون محقا، لكن اذا ما انتخب ترامب فان رئيس وزراء إسرائيل والمليارات التي سيجندها لن يكونوا الوحيدين الذين يقفون في الطابور. ترامب قصير النفس، منشغل بذاته، عبد لنزواته. في افضل الأحوال هو نكتة.

اقترح الا نولي أهمية كبيرة لما قاله الاثنان عن إسرائيل، غزة، لبنان وايران في اثناء الحملة. فخطوات الرئيس/ة في الشرق الأوسط سيوليها الوضع في الميدان، الاضطرارات السياسية والحزبية، اقتراحات المستشارين واحساسه او احساسها الداخلي. خير سيكون اذا ما وصل رئيس وزراء إسرائيل الى البيت الأبيض الجديد مع رؤيا واضحة، سياسة يمكن تنفيذها وصورة مصداقة. ترامب حساس جدا للمصداقية لدى الاخرين، وكذا هاريس.

لكن الانتخابات التي تجري اليوم لا تنشغل بنا. انخرطنا هناك فقط لان مجموعات اصلية معينة صغيرة جدا في وزنها بين عموم السكان، تتجمع بالصدفة في ثلاث ولايات متأرجحة: بنسلفانيا، ميشيغان و وسكونسن. يهود، فلسطينيين، لبنانيين – لكل واحدة من مجموعات المهاجرين هذه في الولايات الثلاثة كان مجد في اثناء الحملة. المجد سينتهي هذه الليلة، مع اغلاق صناديق الاقتراع.

ومع ذلك يوجد قاسم مشترك مشوق للانتخابات في أمريكا وفي إسرائيل. فهي تجرى في دولة مستقطبة، بين معسكرية متبلورين فيما ان المتوقع هو قليل جدا من الفرار من كتلة ناخبين الى أخرى، اذا ما كان مثل هذا الفرار. عيزرا كلاين، احد كُتّاب المقالات البارزين في الاعلام الأمريكي اقترح في مقال نشره أمس أن نضع جانبا الخلاف بين اليمين واليسار، البيض والسود، الرجال والنساء، الأغنياء، الفقراء والطبقة الوسطى. الانقسام الأهم، كما كتب هو بين أولئك الذين يسعون للدفاع عن المؤسسات القائمة وأولئك الذين يسعون لاستبدالها. الديمقراطيون يريدون اصلاحا؛ الجمهوريون يريدون انقلابا نظاميا.

الشبه يشوش. التهجمات في الشبكات وفي قنوات الدعاية هناك تشبه على نحو عجيب التهجمات في الشبكات وقنوات الدعاية هنا. البيبيون من جهة؛ الكبلانيون من جهة أخرى.

الجمهوريون مقتنعون بان مؤامرة يسارية سرية، مناهضة لامريكا، سيطرت على حياتهم. وهي تتضمن الحكومة، جهاز القضاء، جهاز الصحة، الاكاديميا، الاعلام، الاعمال التجارية الكبرى، بل وحتى الـ اف.بي.اي والجيش. شيطنة المؤسسات تسيطر بسهولة على خطابات ترامب، التي تصف كل مؤسسات وكل شخص لا يؤيده كعدو أمريكا وعدو الإنسانية. وهي تسيطر بسهولة أيضا على المفاعلات في الشبكات.

الديمقراطيون يعترفون بان المعركة المؤسساتية ليست ناجعة، تميز في صالح الأغنياء والاقوياء وفاسدة في هوامشها، لكنهم مقتنعون بان نواياها الأساسية طيبة. حسب الاستطلاعات، هام لهم الدفاع عن المؤسسات وعن القيم التي تمثلها اكثر من إحلال تغيير فيها.

الخطابات التي القاها المرشحان في المهرجانات الانتخابية وشعارات صناعة الرسائل لديهما استعدت بما يتناسب مع ذلك. هاريس كانت متفائلة ومتصالحة؛ ترامب كان متكدرا، متشائما وعدوانيا، على شفا العنف. في أحد خطاباته الانتخابية الأخيرة قال انه لن يهتم اذا ما بدأ احد ما باطلاق النار على الصحافيين. الجمهور الذي سمعه رد بابتسامة عاطفة. وحسب احد الاستطلاعات فان 54 في المئة من مصوتي الديمقراطيين يكنون ثقة بوسائل الاعلام؛ 12 في المئة فقط من مصوتي الجمهوريين يكنون له الثقة.

في مجتمع مستقطب ما يحسم في الانتخابات هو معدل المصوتين في كل كتلة. هذا سمح لترامب بان يتصرف مثل ترامب: ان يخرج عن الصيغة المكتوبة وان يتباهى بذلك، بل ان يكرس خطابا من 12 دقيقة لحجم العضو الجنسي للاعب غولف متوفى. القاعدة تحبه عميقا. المشكلة هي ان ما يسلي ويسحر ناخب ما ينفر ناخب آخر او ناخبة أخرى.

قبل بضعة أسابيع، في اثناء زيارة في واشنطن التقيت صديقا ترأس حتى وقت أخير مضى مؤسسة هامة من الحزبين. شرح لماذا برأيه هاريس ستفوز فقال: “قبل ثماني سنوات كانت لترامب حركة. ومنذئذ هزلت جدا. اما هاريس فتوجد لها حركة داعمة. حركة تجلب الناخبين الى صناديق الاقتراع”.

الحركة التي قامت بعد ان تخلى بايدن عن الترشيح تقوم على أساس طيف واسع من الأفكار، من ديك تشيني وابنته ليز، في اقصى اليمين الجمهوري، حتى بيرني ساندرس في اقصى اليسار الديمقراطي. القاعدة في الميدان هي النساء اللواتي أوضح قرار المحكمة العليا ضد الإجهاض لهن الى اين تهب الريح في الحزب الجمهوري.

لكن استيقاظ الروح النسوية اقامت حركة مضادة لرجال بيض وسود يشعرون بان انتخاب امرأة للرئاسة بل وامرأة سوداء وتقدمية يهدد رجوليتهم. يتبين أن السؤال هو ليس فقط مع وضد ماذا انت بل أيضا الى اين من الجنسين تنتمي.

عندي جدال طويل السنين مع زميل امريكي. هو يدعي ان أمريكا هي برودواي وإسرائيل هي خارج برودواي: ما يحصل عندنا ينتقل بعد ذلك الى المنصة المركزية، الى أمريكا. انا ادعي ان المسيرة معاكسة. نحن نتفق على امر واحد: كل طرف يميل لان يعدى بامراض الطرف الاخر. هاكم سبب آخر لمتابعة الانتخابات في أمريكا.

 

---------------------------------------------------------

 

 

هآرتس 5/11/2024

 

 

هجوم استباقي ضد ايران، الآن!

 

 

بقلم: يوسي بن آري

 

في الفترة الاخيرة تسمع من طهران تهديدات “ساخنة”، أنها سترد بشكل دراماتيكي على هجوم اسرائيل الاخير. على سبيل المثال، قائد حرس الثورة، الجنرال حسين سلامي، قال إن “ردنا سيكون أمر لا يمكن تخيله”؛ وفي “طهران تايمز” نشرت بأن “رد ايران سيكون اصعب مما كان في السابق”. عملية “الوعد الصادق 2” ستكون متواضعة مقابل القادم.

بالاجمال، في لعبة تبادل اللكمات بين اسرائيل وايران، الآن هو دورهم، وهكذا، بعد فترة راحة قصيرة حصلنا عليها في الايام العشرة الاخيرة يجب علينا الاعداد واعادة تزويد من جديد الملاجيء والغرف الآمنة. ولكن السؤال هو هل هذا يجب أن يستمر؟. في الرد على هذه المعضلة يجب توضيح عدة مسائل. الاولى هي أن هجوم اسرائيل ضد حزب الله في الشهر الماضي غير بشكل اساسي علاقات القوة بين القدس وطهران: المنظمة الارهابية الشيعية في لبنان التي قامت ايران برعايتها، و”الوكيل” الاكثر اهمية لها امامنا، تضررت بشكل كبير، ويبدو أنها توقفت عن أن تكون الورقة الاكثر اهمية في يد خامنئي لردع اسرائيل.

اذا كان يمكن لطهران في السابق أن تفترض بأن التهديد باستخدام حزب الله سيمنع هجوم اسرائيل على منشآتها النووية فان الوضع الآن ليس هكذا. حتى لو استمر حزب الله، للاسف، في قصف منطقة الشمال كل يوم فانه لا يمكنه شل دولة اسرائيل، ناهيك عن أن يشكل تهديد على وجودها. في الخلفية يجب الذكر بأن هناك ورقة اخرى سقطت، من رزمة حلقة الخنق التي قامت طهران ببنائها حول اسرائيل، أي حماس.

المسألة الثانية هي أنه من جميع التقارير في البلاد والخارج حول هجوم اسرائيل، والتحليلات حولها، من الواضح أن سلاح الجو الاسرائيلي اصاب بشكل كبير قدرات الدفاع الجوية لاجهزة الامن الايرانية، ووضع أمام السلطات واقع مؤلم: دولتهم مخترقة جدا (اذا لم يكن تماما) امام نشاطات هجومية في حالة قرر الجيش الاسرائيلي اتخاذها عندما سيقرر ذلك. هذا الواقع الصعب بالنسبة لطهران بالتأكيد يفسر خيبة أملهم وغضبهم، لكن من اجل التغيير فانه يوجد فيه الكثير من التفاؤل بالنسبة للطرف الاسرائيلي: تعزيز الردع، المزيد من المرونة في اتخاذ القرارات في القدس فيما يتعلق بالقيام بعمليات هجومية اخرى، وبالطبع تحديد طابع هذه العمليات.

المسألة الثالثة تتعلق فيما تعنيه نتائج الهجوم الصاروخي الايراني في 1 تشرين الاول الماضي. في المقال الذي نشره المحلل العسكري ديكر افيلت في مدونته في 27/10 تحت عنوان “نفاتيم سترايك” (دقة الهضم)، كتب: هجوم الصواريخ الاخير لايران في قاعدة سلاح الجو في نفاتيم أدت الى اضرار محدودة فقط، لأن مستوى الدقة هو 800 – 900 متر (مع امكانية كامنة في التحسين تصل في الحد الاقصى الى 500 متر فقط). وحسب قوله فان هذا الرقم، البعيد جدا عن مستوى دقة هجوم الجيش الاسرائيلي الاخير، يمكنه في الواقع أن يلحق دمار وقتل كثير، لكنه لا يمكن من المس بصورة تعرض قوة الجيش الاسرائيلي للخطر الوجودي (التقليدية وغير التقليدية)، إلا في حالة ازدياد بشكل جوهري كمية الصواريخ التي سيتم اطلاقها على كل هدف. وهكذا، حسب اقوال افيلت فانه بسبب أن طهران ستكون حذرة في استخدام ما لديها في الهجوم الذي سيؤدي الى قتل واسع في اسرائيل، التي لا تريد أن ترتفع في سلم التصعيد الى مستوى استخدام السلاح النووي، فان المعنى هو أن الاستنزاف المتبادل سيستمر لفترة طويلة في الاطار الحالي.

هل في رقصة الاستنزاف الثنائية البطيئة هذه نحن نريد أن نكون عالقية لفترة طويلة؟ الجواب واضح، لا. هذا ما قاله ايضا العميد يوفال غاز، من قسم التخطيط في هيئة الاركان (عاموس هرئيل، “هآرتس”، 1/11)، “محظور علينا الوصول الى حرب متواصلة من التآكل امام ايران… الاستنزاف سيكون اشكالي ايضا بالنسبة للاقتصاد والامن”.

عندما “نربط” هذه الامور معا فان هناك مكان لاختراقة فكرية بخصوص طريقة العمل المطلوبة بالنسبة لاسرائيل: في اعقاب الهجوم الصاروخي في 1 تشرين الاول في الواقع اوصيت بالامتناع عن أي رد، والحفاظ على مبدأ “ضبط النفس قوة”، (“هآرتس”، 5/10). ولكن كما هو متوقع فان هذا ليس ما حدث. في الوقت الحالي الواقع تغير كليا وهو يقدم لنا حسب رأيي مبادرة لهجوم اسرائيلي استباقي ضد ايران، الآن، وقبل هجوم ايران “المؤكد” في القريب. هذا لا يجب أن يكون “فقط هجوم وقائي استباقي” لاحباط استعدادات ايران للعملية القريبة المخطط لها من قبلها، بل هجوم يشمل كل الاهداف التي يجب مهاجمتها والقضاء عليها، اذا لم يكن منع بشكل كامل تهديد ايران، في معظمه، لوجود اسرائيل في السنوات القادمة، وايضا من اجل اثارة تفكير في طهران، هل لا يوجد مكان لاجراء تغيير جوهري في استراتيجية النظر الى اسرائيل. إن لم يكن احتضانها فعلى الاقل احترامها؟.

الهجوم الاستباقي هو بالطبع رهان غير بسيط. الى جانب الامكانية الكامنة في الحصول على مكافأة كبيرة ومتعددة المجالات، توجد ايضا مخاطرة، مثل تأخير آخر في القدرة على ترتيب اعادة المخطوفين من غزة. واذا نجحت فان المكسب سيحاول رئيس الحكومة جنيه لنفسه. ولكنه يفعل ذلك دائما في كل الاحوال. وهو ايضا لا يحتاج الى مواجهة استباقية مع الايرانيين كذريعة لرفض التسوية مع حماس، لأنه يوجد لديه عدد كبير من الاسباب الاخرى.

 

---------------------------------------------------------

 

 

عن "N12" 5/11/2024

 

 

الحـرب فــي غــزة تلحــق بإسرائيــل أضــراراً لا يمكــن إصلاحهــا

 

بقلم: عوفر شيلح*

ينصبّ الاهتمام العام والإعلامي حالياً، وبشكل طبيعي، على ما يحدث على الحدود الشمالية، وما قد يحدث في الجبهة الشرقية، فهذا الاشتباك مع "حزب الله"، الذي يستمر بكل قوته على الرغم من الضربات التي تلقاها التنظيم، أوقع خسائر فادحة في الأرواح؛ وإلى جانب ذلك، فإن تهديدات إيران بالردّ على هجوم سلاح الجو الإسرائيلي قد تتحقق في الأيام القليلة المقبلة. ومع هذا، تدور حالياً أهم أحداث الحرب، وتحديداً في قطاع غزة.

تنبع هذه الأهمية النسبية لِما يحدث في القطاع من وجود هدف سياسي واضح، ومن الممكن أن يرسي الإنجازات العسكرية فيه، بعكس ما يحدث على الجبهة الإيرانية، أو اللبنانية.

في غزة، تُفرض الوقائع على الأرض كل يوم، والتي من شأنها أن تؤدي إلى الإضرار بإسرائيل إضراراً لا رجعة عنها خلال وقت قصير.

فهذا الخليط المكون من نشاط عسكري لا يجري الكشف عن كامل تفاصيله للجمهور، والممزوج بدفع جزء من دوائر صُنع القرار السياسي الإسرائيلي في اتجاه تبنّي رؤية لم تعرّفها الحكومة قط على أنها هدف من أهداف الحرب [ضمّ القطاع]، إلى جانب غياب أيّ مبادرة سياسية إلى حل لِما يجري هناك، كل هذا يدفع بإسرائيل لتصبح المحتل في قطاع غزة، بصورة عملية، وهو ما سيكبّدها أثماناً لا يمكن تصوُّرها، سواء من ناحية مكانتها الدولية، أو الخسائر التي ستلحق بالجيش.

وبعكس الكلام اللامتناهي المكرس لتحليل خياراتنا في مواجهة إيران، فإن كل ما يحدث في غزة يجري تقريباً دون أيّ مناقشات عامة.

تعود قيادة الجيش الإسرائيلي لتكرر وتتعهد بأنها لا تنوي تنفيذ "خطة الجنرالات".

لكن الجيش يقوم، عملياً، بتطبيق هذا المخطط الخطِر: فهو يمارس ضغطاً هائلاً وعنيفاً على سكان بعض مناطق شمال القطاع من أجل دفعهم إلى الهجرة جنوباً (وهو أمر لم يستجب له سوى جزء من السكان المدنيين)، والجيش يستخدم قوة نارية تؤدي إلى مقتل عدد كبير من الغزيين، وتبدو انعكاساتها عبر وسائل الإعلام العالمي، كأنها وصلت إلى عتبة جرائم الحرب.

صحيح أن إسرائيل لا تنوي تنفيذ الجزء الذي أثار الضجة في هذه الخطة، وهو تجويع مَن يبقى في شمال غزة، بادّعاء أن مَن لم يهجرها سيُعتبر من عناصر "حماس". لكن في ظل ما يمارسه الجيش حقاً على الأرض، قد لا تكون النتيجة أقل خطراً من ذلك.

أمّا بديل الحصار والتجويع، إذا اختارته إسرائيل، فهو يتمثل في تحمُّل إسرائيل مسؤولية مصير مئات الآلاف من الأشخاص، بما في ذلك ضرورة توفير حاجاتهم الأساسية.

حتى لو نفّذ ذلك متعاقدون أجانب. وبصرف النظر عن الجهة التي ستتحمل التكاليف، فإن إسرائيل هي التي ستكون مسؤولة عن الوضع الإنساني لهؤلاء، وعن الأحداث الحتمية التي تتمثل في الاضطرابات ومقتل المدنيين، نتيجة الصراع على الغذاء والماء، والحوادث التي ستقع، دون شك، عندما تُجابَه تلك الشركات الخاصة بعمليات حرب العصابات و"إرهاب" خلايا "حماس".

قد ينجح، على المستوى الداخلي، التظاهر بأن هذه المسؤولية لن تكون على عاتق إسرائيل، في ظل لا مبالاة الإسرائيليين تجاه مصير سكان غزة. لكن خارجياً، سيمثل الأمر خطوة كبيرة، وربما غير قابلة للتغيير، لتثبيت صورة إسرائيل كدولة مارقة وخارجة على القانون. دولة من النوع الذي يجب عدم التعامل معه تجارياً، ولا يجري إمداده بالأسلحة (وتصريحات بعض أصدقائنا المقربين بشأن حظر توريد السلاح ليست سوى بداية المشوار)، سنصبح بلداً يُحرم من المظلة الدبلوماسية، وبذا، فإن إسرائيل، التي سيُنظر إليها على أنها دولة محتلة لغزة، ستكون دولة منبوذة، ومَن يستخف بذلك، أو يعتقد أننا قادرون على تحمّل هذه العواقب، فهو إمّا واهم، وإمّا يعتنق رؤية مسيانية.

هذه العمليات التي يقوم بها الجيش منذ اليوم، وتلك العمليات التي سيضطر إلى القيام بها في إطار ممارسة الضغط على المدنيين، بدافع من مسؤوليته الإنسانية، بات لها أثمان باهظة، وأساساً في داخل الجيش نفسه. في هذا الشأن، أيضاً، تعاني التغطية الإعلامية [الإسرائيلية الموجهة إلى الجمهور الإسرائيلي] نقصاً؛ لكن مَن يصغي إلى ما يجري في الميدان سيتمكن، بوضوح، من رؤية هذه الظواهر المسيحانية التي عانى جرّاءها الجيش في حالات مماثلة، لكنها أقل خطورة، على غرار ما جرى خلال فترة بقاء الجيش في لبنان في الفترة 1982 - 1985.

وهذه المرة، تترافق هذه الظواهر أيضاً مع مظاهر خرق الجنود القانون بحماسة، بذريعة الانتقام لـ"فظائع" 7 تشرين الأول، والتي يتم تبريرها بلغة مشبعة بالكراهية. فمن يقول إن "ما يُرتكب في غزة هو نتاج مشاعر الجنود"، يتجاهل أن هذا لا يتّسق مع روح الجيش الإسرائيلي.

بيْد أن هذه الظواهر، حتى لو نظرنا إلى الجانب العملاني الصرف منها، ستتسبب بتآكل قوة السلاحَين النظامي والاحتياطي، أكثر فأكثر، وهما الآن، ينوءان أصلاً تحت ضغط عبء القتال المتواصل على مدار سنة في ثلاث جبهات برية (غزة، ولبنان، والضفة الغربية).

لم يكن الجيل الحالي من كبار قادة الجيش التحق بالخدمة العسكرية خلال سنوات حرب لبنان الأولى، في ذلك الحين الذي سجّل الجيش الإسرائيلي فيه تراجعاً حاداً في إقبال الجنود على التطوع للمناصب من رتبة ضابط، وارتفاعاً ملحوظاً فيما يسمى "الرفض المحايد" للخدمة في سلاح الاحتياط.

ربما لهذا السبب، وربما بسبب عدم قدرة الضباط الكبار على مواجهة القيادة السياسية، أو عدم سماح القيادة السياسية لهم بقول الأمور كما هي، وتحمُّل مسؤولياتهم كقادة عسكريين، بات هؤلاء القادة شركاء كاملين في المسار المدمر الذي يقودونه، ويبررون هذا المسار بحجج عملياتية تبدو فارغة من محتواها عند مواجهة الواقع في الميدان.

نحن جميعاً نتشارك الأمل بأن تفضي صفقة ما بشأن الأسرى إلى عودة مواطنينا الذين يعانون معاناة لا حد لها، ونحن شركاء في المسؤولية الأخلاقية بسبب ترك هؤلاء لمصيرهم المأساوي، وفي الوقت نفسه، فقد توفر هذه الصفقة سلّماً لنزولنا عن هذه الشجرة العالية والسامة التي تسلّقناها.

لطالما تحدثت المنظومة الأمنية، على مدار شهور، عن ضرورة التوصل إلى مثل هذه الصفقة، لكن ما دامت هذه الصفقة لم تتحقق، إمّا بسبب العقبات التي يضعها رئيس الوزراء، وإمّا بسبب رفض "حماس"، فإن المؤسسة لم تضع أيّ بديل سوى الاستمرار بكل طاقتها في هذا المسار الكارثي.

وعندما يحدث ذلك، فإن التساؤل عمّا إذا كان المذنبان نتنياهو وسموتريتش، أم غالانت وهاليفي، سيظل موضوعاً مطروحاً للنقاش السياسي، أو التاريخي، لكن الضرر الذي سيلحق بإسرائيل وجيشها واقتصادها وروحها، سيكون من الصعب تغييره.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*عضو كنيست سابق، ورئيس سابق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، وباحث كبير في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب.

 

---------------------------------------------------------

 

 

هآرتس 5/11/2024

 

 

كاتبة إسرائيلية لآيلاند “مخترع” فكرة تجويع سكان غزة: خطتك ألحقت بدولتنا العار

 

بقلم: تاليا ساسون

نشر غيورا آيلاند، الجمعة الماضي، مقالاً في “هآرتس” بعنوان “محاصرة العدو لا تعتبر جريمة حرب”. وتفاخرَ في المقال بالرد على مقال هيئة تحرير “هآرتس”، الذي نشر قبل أسبوع (“هآرتس”، 23/10). مقال هيئة التحرير انتقد خطّته، “خطة الجنرالات”، واعتبرها مشروع خطة إجرامياً لإنهاء الحرب.

يعتبر آيلاند الشخص الرئيسي في خطة الجنرالات، سواء كمبعوث لآخرين، أو كمبعوث من قبل نفسه. تستهدف خطته إبعاد سكان مدنيين من شمال القطاع إلى الجنوب، وفرض الحصار على سكانه الذين سيبقون هناك وتجويعهم، من أجل إخضاع “حماس”. عملياً، هذه هي خطة آيلاند للنصر المطلق. وهو يعرف أن وراء هذه الخطة سياسيين يريدون بالفعل ترسيخ احتلال شمال القطاع وإقامة المستوطنات هناك خلافاً للقانون الدولي. قال آيلاند إنه ليس شريكاً في خطة إقامة المستوطنات، لكنه يعرف أنها موجودة. ولذلك، فإنه -حسب رأيي- منذ الوقت الذي طرح فيه خطته أصبحت له مسؤولية عن الخطة بكاملها.

خطته المقترحة ترمي لتجويع سكان على أرض محتلة وتخرق قواعد القانون الدولي، وفقاً لميثاق جنيف الرابع وتعليمات “لاهاي” من العام 1907. قال آيلاند إنه يمكن الفصل بين سكان مدنيين “أبرياء” وبين حماس، والسماح للسكان بالخروج من المنطقة المحتلة في شمال القطاع. ولكن سواء خرجوا أم لم يخرجوا، فإنه مسموح تجويع الذين سيبقون هناك. يرسخ آيلاند ذلك بالادعاء أن قطاع غزة كان قبل 7 أكتوبر دولة، وأنه يحق لنا التعامل معه مثلما نتعامل مع أي دولة، وأن جميع سكانه نفس الشيء.

حسناً، أيها الجنرال آيلاند، غزة ليست دولة ولم تكن هكذا في يوم؛ هي مرتبطة بإسرائيل بشكل مطلق من حيث تزويد المياه والكهرباء، وهرب معظم سكانها من إسرائيل في 1948، ومنذ ذلك الحين عاشوا في مخيمات كبيرة للاجئين في القطاع. حاصرته إسرائيل من الجهات الثلاث، وهي تسيطر على المعابر التي من خلالها يمكن تزويد السكان بالغذاء والدواء. وإذا كان الأمر هكذا، رجاء لا تتظاهر بالغباء وتسميه دولة. القطاع منطقة معزولة، فيها مدنيون وتسيطر عليه منظمة إرهابية وعصابات، والبنى التحتية فيه والاقتصاد مرتبطة بإسرائيل. إضافة إلى ذلك، ما دام السكان المدنيون يعيشون على أرض محتلة فإنه محظور تجويعهم، حتى لو رفضوا إخلاء أماكنهم والذهاب نحو الجنوب.

بخصوص الادعاء بأنه مسموح للجيش المحتل نقل سكان مدنيين من مكان إلى آخر داخل المنطقة المحتلة، بسبب حاجة عسكرية للدولة المحتلة، يبدو أن آيلاند يتجاهل في ادعاءاته حقيقة أن إسرائيل عادت واحتلت شمال القطاع للمرة الثانية أو الثالثة في هذه الحرب. وقد كان معروفاً لإسرائيل قبل الدخول الأول، بأنه إذا ما تم احتلال أي منطقة ثم خرجت منها من دون تحديد جهة مسيطرة، فسيعود رجال حماس إليها. لذلك، مشكوك فيه الادعاء بأنه مسموح للدولة المحتلة الدخول والخروج كما تشاء، وخلال ذلك نقل السكان المدنيين من بيوتهم مرة تلو الأخرى، وأيضاً تجويعهم بالحصار، رغم أن آيلاند يقول بأنه نسخ فكرة الحصار من قواعد الجيش الإسرائيلي. أي قانوني يعرف أنه لا يكفي نسخ القوانين، بل المطلوب هو فحص درجة ملاءمتها للحالة.

لا خلاف على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها من معتد إرهابي ومتوحش مثل حماس، لكن يجب التعامل بشكل معقول مع المدنيين الموجودين على الأرض المحتلة، مهما كانت حاجات الحرب. إسرائيل تجاوزت منذ فترة مجال المعقولية في تعاملها مع سكان القطاع، هذا ما يتضح من الانتقادات الشديدة التي وجهتها محكمة العدل الدولية في لاهاي لإسرائيل: تجاوزنا منذ فترة طويلة تعليمات القانون الدولي الإنساني. خطة الجنرالات هي النقيض لهذه التعليمات.

حتى الآن نجحت إسرائيل في الهرب بريشها بصعوبة من مخالب الذين يطالبون بالقول إنها تنفذ إبادة جماعية في قطاع غزة. الآن جاء آيلاند، بحماية ألقابه المبجلة مثل جنرال احتياط ورئيس هيئة الأمن القومي السابق، ليدفع قدماً بخطة معيبة أخلاقياً وتستحق كل إدانة. وربما تشكل أداة في يد أعداء إسرائيل وكل الذين يريدون تكسير عظامها إلى درجة إلغاء حقها في الوجود..

 

---------------------------------------------------------

 

 

هآرتس 5/11/2024

 

 

الإسرائيليون يعلقون طموحاتهم على “أوهام خطيرة” بعودة ترامب للبيت الأبيض

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

نحو 160 مليون أمريكي سيقررون اليوم أي المرشحين للرئاسة، كمالا هاريس ودونالد ترامب، سيكون الرئيس الأمريكي التالي. انتخابهما سيقرر المسار الذي تسير فيه الولايات المتحدة في السنوات الأربع التالية، وستكون له تداعيات هائلة أيضاً على الشرق الأوسط الذي يعيش الحرب.

هزيمة ترامب حرجة من ناحية إسرائيل. ترامب يؤيد الانعزالية والمرجعية والقومجية. إذا فاز سيضعف أنماط السلوك والمؤسسات الدولية، الحيوية لحماية إسرائيل. كما أن اعتراضه على أنماط السلوك الديمقراطية وسلطة القانون سيوفر ريح إسناد لجهود حكومة نتنياهو المتواصلة للمضي بالانقلاب القضائي وضم الضفة الغربية، وفرض احتلال طويل في غزة وربما في لبنان أيضاً.

استخدام تعبير “فلسطيني” كتشهير في حملته، والإعلانات الغريبة القائلة إن المذبحة في 7 أكتوبر ما كانت لتقع في ورديته، والملاحظات المتضاربة التي أطلقها على مسمع من جماهير مختلفة، كلها ليست سوى جزء من سياسة ترامب الحقيقية إزاء إسرائيل والفلسطينيين والحرب في غزة ولبنان، التي هي متقلبة وغامضة تماماً.

كيف يحتمل أن ثلثين من الإسرائيليين يفضلون ترامب مقابل ثلثين من اليهود الأمريكيين الذين يؤيدون هاريس؟ يكمن سبب هذه الفجوة في أن اليهود الأمريكيين رأوا اللاسامية عن كثب والتزمت المناهض للمسلمين اللتين ميزتا ولايته. هم يسمعون من مصدر أول عن التعابير الظلامية، والتحريض العنصري، والتهديدات والقومجية المسيحية التي تميز خطاباته.

يهود أمريكا يعرفون أن ترامب يهدد إمكانيتهم للعيش بازدهار؛ وأن وجوده يشجع اللاسامية والتزمت؛ إنه يتصدر هجمة على حقوق النساء، وله التزام صريح لتخريب الديمقراطية الليبرالية. بالنسبة لإسرائيل أيضاً، لا يشتري يهود الولايات المتحدة الادعاءات الديماغوجية وغير المفهومة التي سيضع بموجبها حداً لكل النزاعات في الشرق الأوسط. هم يعرفون بأن انعزاليته والسحر الذي يفرضه عليه فلاديمير بوتين، سيمنعان التدخل الأمريكي في المنطقة وسيزيدان هشاشة إسرائيل استراتيجياً. فما بالك في ضوء التهديد الإيراني! هم يعرفون السوابق، وطابعه غير المستقر، وانفجارات غضبه، ويعرفون بأنها وصفة مؤكدة لترك حلفاء الولايات المتحدة بمن فيهم إسرائيل، لمصيرهم.

على الإسرائيليين أن يستمعوا للأغلبية الساحقة من يهود الولايات المتحدة، إن لم يكن انطلاقاً من التضامن فعلى الأقل من المصلحة. الادعاء القائل بأن عودة ترامب ستشكل مصدراً لإنجازات جغرافية سياسية لإسرائيل وليست تهديداً على أمنها وعلى أساساتها الديمقراطية، التي باتت محدودة على أي حال، هي فكرة لا أساس لها من الصحة، إن لم تكن وهماً خطيراً.

 

---------------------------انتهت النشرة-------------------

أضف تعليق