25 كانون الأول 2024 الساعة 09:30

الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024

2024-10-29 عدد القراءات : 680

   المركز الفلسطيني للتوثيق

      والمعلومات - «ملف»

 

       

الحوار الوطني الفلسطيني

2020-2024

 

 

     فهد سليمان                         ماجدة المصري

    الأمين العام للجبهة الديمقراطية                نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية

 

 

 

 

■ مقدمة

الكيانية الوطنية الفلسطينية

■ ثبت بمراجع

■ أولاً- الحوار الوطني في مواجهة «صفقة القرن»- 2020/2021

■ ثانياً- الحوار الوطني بين مرحلتين- 2021/2023

■ ثالثاً- الحوار الوطني أمام إستحقاقات الحرب- 2023/2024

 

 

تشرين الثاني/ نوڤمبر 2024

 

مقدمة

المقصود بـ «الحوار الوطني الفلسطيني» هو تلك الإجتماعات التي دارت أعمالها خارج الضفة الغربية وقطاع غزة، بين عامي 2003 وحتى 2024، أي على إمتداد ما يزيد عن عقدين من الزمن، إنعقدت بمعظمها في القاهرة، وتوزعت 8 منها على عدد من العواصم: 4 في موسكو- 2011 + 2017 + 2019 + 2024؛ 2 في بيروت– 2017 + 2020؛ 1 في الجزائر– 2023؛ و 1 في بكين- 2024؛ بمشاركة 14 فصيلاً)[1](، كما رست عليها الأمور (وأحياناً بحضور عدد من المستقلين + رئيس المجلس الوطني).

في هذا الملف، تم إختيار جولات الحوار حصراً، بين عامي 2020 و 2024، لحداثتها إبتداءً، ولأنها جرت بين محطتين مفصليتين: الأولى– 2020، شهدت الإعلان الرسمي بواشنطن– 28/1/2020 عن «صفقة القرن» التي تفرج رسمياً وعملياً عن مشروع «إسرائيل الكبرى»، بموازاة مشروع دمج إسرائيل في الإقليم بمرجعية الولايات المتحدة تحت شعار «التطبيع»، وضمن مخطط «سلام أبراهام»؛ والثانية– 2024، تطورت فيها عملية «طوفان الأقصى»- 7/10/2023، من حرب فلسطينية – إسرائيلية إلى حرب متسعة الدوائر تضعنا على مشارف الحرب الإقليمية في الوقت الذي نكتب فيه هذه السطور.

■ يتناول هذا البحث جولات الحوار الوطني في الفترة المذكورة، إنحكمت فيها لظروف سياسية متباينة، ألقت بظلال ثقيلة عليها، إلى درجة تسمح بتقسيمها إلى ثلاث مراحل:

الأولى- 2020/2021، فرضت على الحالة الفلسطينية المنقسمة على نفسها – بموازاة إندياح تداعيات إتفاقيات «سلام أبراهام»(!) على أوضاعها - مواجهة «صفقة القرن» لتصفية الحقوق الوطنية لشعب فلسطين، كما أعلنتها الإدارة الأميركية، وتبنتها رسمياً الحكومة الإسرائيلية التي تشكلت إثرها.

بناء على هذا الوضع المستجد، بادرت الرسمية الفلسطينية إلى فتح أبواب الحوار الوطني على مصراعيها، الذي بدوره كان لا بد أن يفضي إلى نتيجة منطقية تتمثل باعتماد أمرين متلازمين: إجتراح إستراتيجية مواجهة + إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني بالإنتخابات العامة. غير أن هذه العملية السياسية والبنائية الشاملة بُترت قبل أن تدرك مرماها، بعد إلغاء الإنتخابات العامة لأسباب غير مبررة.

المرحلة الثالثة- 2023/ ...، دارت وقائعها الحوارية – وإن متأخرة – بعد إندلاع الحرب التي أطلقتها عملية «طوفان الأقصى»- 7/10/2023، حيث كان لا مفر من أن تتفاعل مكونات الحركة الوطنية فيما بينها، وفي أوضاع بالغة الصعوبة والتعقيد، لمواجهة إستحقاقات المرحلة، فاقتربت منها بالبيانات الصادرة عنها، دون الإستجابة تماماً لمتطلباتها، إن كان بالرؤية السياسية، أو بالتطبيق العملي.

أما المرحلة الثانية- 2021/2023، فبتوسطها لمرحلة البحث عن المخرج الحقيقي من مأزق النظام السياسي، الذي أدركته نظرياً وبقيت دونه عملياً، ومرحلة الحرب التي تفرض إستحقاقاتها لا محالة، فقد كانت مرحلة البحث – دون نتيجة – عن مرساة تستقر عليها الحالة الفلسطينية. ومن هنا، ضحالة النتائج التي حققتها العملية الحوارية خلالها.

■ وأخيراً، إرتئينا، أن تتقدم البحث، وقفة أمام موضوع «الكيانية الوطنية الفلسطينية» بمرتكزاتها، التي شكلت الخلافات حول تعريفها فيما مضى، ومازالت حتى الآن – وإن بشكل أقل حدة – إحدى العقبات الرئيسية التي يصطدم بها جدول أعمال جولات الحوار الوطني لاعتبارات تنتمي إلى عالمين متعارضين: عالم المناورة من جهة، وعالم الإسقاطات الأيديولوجية من جهة أخرى؛ وهما، إذ يتجاهلان معاً حقيقة أن السياسة الصائبة هي وسيلة لتغيير إيجابي للواقع؛ فإنهما يلتقيان بنهاية المطاف – بشكل مقصود أو غير مقصود - على تعطيل النقاش حول القضايا السياسية والتنظيمية الفعلية، التي يُفترض أن تشكل أولوية وطنية لكل عملية حوارية لجمع الشمل، لا سيما عندما تنعقد على مستوى قيادي أول، تستضيفها – في العادة – دول مركزية ذات باع طويل في التأثير على منحى السياسات في الإقليم، إن لم يكن ما هو أبعد منه■

المركز الفلسطيني

للتوثيق والمعلومات - «ملف»

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الكيانية الوطنية الفلسطينية

والموقف من قرارات الشرعية الدولية

[عديدة هي مساهمات الجبهة الديمقراطية في موضوع «الكيانية الفلسطينية»، نذكر منها ما صدر عنها في السنوات الأخيرة، ونشر في كتب سلسلة «الطريق إلى الإستقلال» الصادرة عن «المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات» - «ملف»:

1– في كتاب «في مواجهة صفقة القرن»، الكتاب الرقم 35 في السلسلة المذكورة، راجع المادة بعنوان: «في راهنية الفكر السياسي للجبهة الديمقراطية»، ص29-43؛ والمادة بعنوان: «حركة حماس والكيانية الفلسطينية المستقلة»، ص 45-59 .

2- في كتاب «..تحت المجهر»، الكتاب الرقم 44 في السلسلة المذكورة، راجع المادة بعنوان «المشروع الوطني الفلسطيني وراهنية البرنامج المرحلي»، ص 9-22]

حق تقرير المصير

يُستمد من الكيانية

بشكل عام، لم ينجح الحوار الوطني بمختلف جولاته في تذليل الصعوبات التي كانت ومازالت تعترض – بهذا القدر أو ذاك - سبيل توحيد الموقف من موضوع «الكيانية الفلسطينية» بمرتكزاتها (وحدانية التمثيل+ البرنامج المرحلي+ قرارات الشرعية الدولية)، بما هي ثمرة لنضال وتضحيات وجهد الشعب الفلسطيني على امتداد عقود من الزمن، فضلاً عن كونها الممر الإجباري الذي يقود إلى إنجاز الحقوق الوطنية: فوحدانية التمثيل، كما تجسدها قانونياً وسياسياً منظمة التحرير الفلسطينية، يقوم عليها إعتراف العالم بحق تقرير المصير لشعبنا؛ وإدراك أهداف البرنامج المرحلي هو مفتاح التقدم نحو تقرير المصير بحرية للشعب الفلسطيني على كامل التراب الوطني؛ وقرارات الشرعية الدولية تخدم صون الحقوق الوطنية، حمايتها وتركيم الشروط على طريق تجسيدها

الإجماع على الكياني

لا يلغي الخلاف السياسي

من هنا نرى أهمية حسم الموقف من مسألة الكيانية الوطنية الفلسطينية، تحقيقاً للإجماع عليها باعتبارها من الثوابت الوطنية، ليس لأنها تلغي الخلافات السياسية، التي هي من طبيعة الأمور، بل لأنها تخلق الشرط اللازم لإدارة هذه الخلافات بطريقة مجدية وطنياً، تفصل ما بين السياسي والكياني، وتركز على القضايا المفصلية، بعيداً عن التوظيف السياسي قصير الأمد والنظر. وفي هذا الإطار، وضمن هذا المسعى يندرج ما سيلي من توضيحات

 

قرارات الشرعية الدولية

تؤخذ بكليتها

لا يُعيب قرارات الشرعية الدولية «إزدواجية المعايير» التي تنطبق على أسلوب التعاطي مع بعضها، ولا ينتقص من قيمتها بالنسبة لقضيتنا الوطنية – حتى لو كنا نُفضل عدم وجوده - قرار الجمعية العامة الرقم 273- 11/5/1949 باعتماد عضوية دولة إسرائيل في الأمم المتحدة، المطعون به أصلاً لعدم وفاء تل أبيب بمتطلبات هذا القرار، باعتباره قد عُلِّق عند إتخاذه على تطبيق القرارين 181 و194، الأمر الذي لم يحصل حتى الآن..؛ فثمة – بالمقابل - مئات القرارات الصادرة عن مؤسسات الأمم المتحدة وهيئاتها، المؤيدة للحقوق الوطنية لشعبنا، بدءاً من: التأكيد على فلسطينية الأراضي المحتلة عام 67 بتماميتها + رفض ضم القدس؛ مروراً بإدانة الإستيطان والمطالبة بتفكيكه + حق العودة إلى الديار والممتلكات + المكانة القانونية والتمثيلية الحصرية لمنظمة التحرير؛... وإنتهاء بالإعتراف بدولة فلسطين على حدودها + عضوية فلسطين المراقبة في الأمم المتحدة وعضويتها الكاملة في الوكالات الدولية، ورفع علم فلسطين أسوة بباقي الأمم أمام مقرها، الخ...

قرارات الشرعية الدولية مستهدفة

من واشنطن وتل أبيب

ثمة من يُعاير قرارات الشرعية الدولية المؤيدة لحقوقنا، بأنها لا تجد طريقها إلى التطبيق، ما يؤكد عدم جدواها، لا بل ضررها لأنها تأخذ من الجانب الفلسطيني تنازلات – أي إعتراف مباشر أو غير مباشر بدولة إسرائيل – ولا تقدم أي شيء بالمقابل. وعلى هذا نقول: إذا كان قرارات الشرعية الدولية غير مجدية، فلماذا تستميت واشنطن ومعها تل أبيب للنيل من هذه القرارات؟

ولماذا تجهدان معاً من أجل شطبها؟ كما حصل مع قرار الجمعية العامة الرقم 3379- 10/11/1975، الذي يعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية، ونجحت الولايات المتحدة بذلك، عندما ألغت الجمعية العامة – بالهندسة العكسية - القرار المذكور، بموجب القرار 86/46- 16/12/1991، وذلك بعد ستة أسابيع من إفتتاح مؤتمر السلام في مدريد – 30/10/1991.

ولماذا تواصلان بدأب محاولات إلغاء قرارات أخرى، على غرار القرار 194 الخاص بحق العودة، أو القرار 302 المؤسس لوكالة الغوث «المتهمة» بتأبيد قضية اللاجئين؛ أو التهديف على قرارات بعينها بدعوى التقادم – obsolete؛ أو بذريعة تغير الشروط التي أنتجتها فباتت ساقطة – caduque؛ أو جعلتها ليست ذات صلة –irrelevant؛ أو أنها – أساساً – ليست مطروحة للتطبيق، كونها ليست أكثر من إطار يسمح للتفاوض بين الطرفين المتنازعين، فتضحى مخرجات العملية التفاوضية هي التي تعكس تطبيق قرارات الشرعية الدولية، وليس تطبيقها هو الذي يُحدد مخرجاتها

 

الدور الحاسم لنسبة القوى

إن من يُنحي باللائمة على قرارات الشرعية الدولية التي تعنينا، باعتبارها لا تجد طريقها إلى التطبيق، إنما يتجاهل أن إتخاذها يفترض توافر نسبة قوى معيَّنة (وإلا لما سقطت بالتصويت مشاريع قرارات في مجلس الأمن، لِتُعتمد فيما بعد، نفس المشاريع، بتصويت الجمعية العامة)؛ غير أن تنفيذها يفترض – بالمقابل – توافر نسبة قوى أرقى، تؤدي إلى إعتمادها في مجلس الأمن، وصولاً إلى وضعها تحت أحكام الفصل السابع، الذي يُبيح إستعمال القوة لفرضها

الغموض في تعريف

حدود الدولة، ليس بناءً

إن إعادة «تكييف» قرارات الشرعية الدولية من خلال إغفال ذكر تحديدات بعينها، لا يرفع سقفها، بل بالعكس تماماً يُهبطه، فالنص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة بدون ذكر لحدودها – 4 حزيران/ يونيو 1967 – كما وردت في قرار الجمعية العامة الرقم 19/67 – 2012، يكشفها على ما هو أقل من المساحة التي ترسمها هذه الحدود، بدعاوى مختلفة: تبادل الأراضي، الإعتبارات الأمنية، التمييز بين حق السيادة وترتيبات السيطرة الإنتقالية، الذي يصادر الأولى على الثانية،...

النقص في التمثيل

يُعالج باستكمال نصابه

ثمة خلط متعمد لدى البعض، بين المكانة القانونية والسياسية لمنظمة التحرير، وبين واقعها الحالي الفاقد لشمولية التمثيل، ما يجعل البعض يعلق الإعتراف بمكانة المنظمة على إستكمال نصابها التمثيلي، أي الفصائلي. وعلى هذا نقول: إذا صح الكلام عن تآكل شرعية المنظمة لنقص التمثيل الفصائلي في مؤسساتها، فلا يجب أن تصل بنا هذه المثلبة إلى حدود طرح مكانة المنظمة القانونية والسياسية على بساط البحث، لما يلحقه ذلك من ضرر بمنظومة حماية متكاملة، شبكة أمان – مازالت فعّالة - للحقوق الوطنية، ولحق تقرير المصير؛ والأصح أن يتم التركيز على تطوير أوضاع المؤسسة، لا بل إعادة بناء هيئاتها بالإنتخاب، أو التوافق، أو بالأمرين معاً

القانون الدولي والشرعية الدولية

وجهان لنفس الموضوع

مرجعية القانون الدولي التي يطرحها البعض بديلاً لقرارات الشرعية الدولية الموظفة – على زعم هذا البعض - لخدمة مصالح وسياسات الغرب الإمبريالي في موضوعنا وفي غيره من القضايا (موضوع أوكرانيا على سبيل المثال)، لا تعدو كونها مناورة فاشلة تقوم على اللعب على المصطلحات؛ فقرارات الشرعية الدولية وأحكام القانون الدولي، هما وجهان لنفس الموضوع، والمؤسسات الدولية الصادرة عنها هذه القرارات كما الأحكام، تنتسب إلى نفس الجسم الدولي، لتتفرع بحسب الإختصاص إلى مؤسسات؛ فمحكمة العدل الدولية – ICJ، التي تمثل المستوى القضائي الأعلى دولياً، هي إحدى مؤسسات الأمم المتحدة، حاضنة قرارات الشرعية الدولية؛ وثمة آلية عمل تجمع بين مخرجات المؤسسات العاملة في إطار الأمم المتحدة؛ فالجمعية العامة – على سبيل المثال – تتوجه إلى محكمة العدل الدولية لدراسة قضية بعينها، أو إصدار فتوى بشأنها، التي تحيلها بعد إجراء اللازم إلى الجمعية العامة، أو مجلس الأمن، الخ.. كما حصل – على سبيل المثال – بالنسبة للفتوى التي صدرت عن محكمة العدل الدولية- 9/7/2004 بشأن «الجدار»، بناء على مساءلة الجمعية العامة، التي – بدورها – صادقت عليها في 20/7/2004.

وفي كل الأحوال، فإن المسألة المطروحة ليست إحلال أحكام القانون الدولي مكان قرارات الشرعية الدولية، أو العكس، بل بالإستناد في نضالنا من أجل تحقيق أهدافنا في التحرر الوطني – وبما يخدمها- إلى المرجعيتين معاً

أعمدة الكيانية الفلسطينية

إذا كان الهدف من الحوار الوطني هو تجاوز الإنقسام من أجل إعادة بناء النظام السياسي الملتزم باستراتيجية عمل وطني واضحة المعالم، فلا مناص من إمتلاك فهم موحد لمحددات الكيانية الفلسطينية، التي بدونها يصعب جداً إدارة الخلاف أو التباين حول القضايا التي تطرح نفسها في سياق العمل، سياسية كانت أم إجتماعية أم غيرها، بأجواء صحية، منتجة، الخ.. ما يجعلنا نعيد التذكير مؤكدين على المرتكزات/ الأعمدة التي تقوم عليها الكيانية الفلسطينية:

1 – منظمة التحرير الفلسطينية، هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ما يعني تمسك جميع القوى الفلسطينية بوحدتها في إطار المنظمة وتحت مظلتها.

2- إن الحل السياسي المتوازن للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي يستهدف – في المرحلة الراهنة – تلبية الحقوق المشروعة لشعبنا المتمثلة بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بحرية من خلال إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بعاصمتها القدس، وعلى ضمان حق العودة للاجئين إلى الديار والممتلكات، التي هجروا منها منذ العام 1948، بموجب القرار الأممي الرقم 194.

3- تستند منظمة التحرير الفلسطينية في نضالها من أجل تحقيق هذه الأهداف إلى أحكام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة

 

 

 

 

ثبت بمراجع «الحوار الوطني الشامل»

 

أولاً – سلسلة «الطريق إلى الاستقلال»

1- «الحوار الوطني الفلسطيني»، القاهرة- 24 إلى 27/1/2003، ص 183-260 من كتاب «مابعد السور الواقي»، الرقم 10 من السلسلة - ط1: أيلول/سبتمبر 2003؛ تضمن عرضاً تحليلياً بعنوان «من إتفاق آب/ أغسطس إلى حوار القاهرة»، بالإضافة إلى مجموعة من الوثائق، من بينها مشاريع «البرنامج الوطني» المقدمة من عدد من أطراف الحوار، ومن الجانب المصري.

2- «الجولة الثانية من حوار القاهرة»- 4 إلى 7/12/2003، ص 85-109 من كتاب «قبل الرحيل»، الرقم 14 من السلسلة - ط1: أيار/ مايو 2005؛ تناول العرض التحليلي البيئة السياسية للحوار وخلفيات الدعوة المصرية وأهدافها بالإضافة إلى وقائع جلسات الحوار؛ وتضمن هذا المحور ورقة العمل التي تقدمت بها الجبهة الديمقراطية إلى الحوار بعنوان «الوحدة الوطنية والمشاركة في القرار الوطني».

3- «مؤتمر الحوار الوطني الثالث»- 15 إلى 17/3/2005 + وثيقة «إعلان القاهرة»، ص 57-71 من كتاب «رئاسية 2005»، الرقم 15 من السلسلة - ط1: آذار/ مارس 2006.   

4- كتاب «وثيقة الوفاق الوطني»، الرقم 22 من السلسلة - ط1: آب/أغسطس 2010؛ تضمن 5 عناوين:
أ) الطريق إلى وثيقة الوفاق الوطني»، ص 9–47؛ ب) «حول مجرى ونتائج الجولة الأولى من مؤتمر الحوار»- 25 إلى 26/5/2006، ص 49-81؛ ج) «أضواء على وثيقة الوفاق الوطني»، ص83–131؛ د) «وثيقة الوفاق الوطني.. تعثر في التطبيق»، ص 133-194؛ ه) «الوثيقة بين التجاذبات الداخلية والعدوان الخارجي، من شهر 11/2006 إلى 8/2/2007»، ص 201-262.

كما تضمن الكتاب 20 ملحقاً إشتملت- إلى جانب نصي الوثيقة واتفاق مكة- 8/2/2007، على نصوص مبادرات وأوراق عمل طُرحت في مسار جلسات الحوار.

5- كتاب «في مجرى الأحداث - 2017»، الرقم 33 من السلسلة - ط1، أيلول/سبتمبر 2018؛ تضمن عنوانين متصلين بالحوار الوطني الشامل: أ) «إجتماع اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني، بيروت، 10–11/1/2017»، ص 135-153؛ ب) «حوارات القاهرة- 2017».

وتوزعت مواده على 3 محاور متكاملة: أ) «قراءة في تفاهمات حماس مع القاهرة ودحلان»، ص 155- 172؛ ب) «مبادرات وصولاً إلى إتفاق 12/10/2017»، ص 173-195؛ ج) «الدعوة للحوار الشامل – 21 إلى 22/11/2017، ص197-222.

6- «الحوار الفلسطيني الثالث في موسكو»- 11 إلى 13/2/2019، ص 61-89 من كتاب «في مواجهة صفقة القرن»، الرقم 35 من السلسلة- ط1: أيلول/سبتمبر2019؛ تضمن العرض التحليلي وقائع جلسات الحوار، ومداخلتي وزير الخارجية الروسي لاڤروڤ، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، بالإضافة إلى نص البيان الختامي- «إعلان موسكو».        

7- «إجتماع الأمناء العامين، رام الله + بيروت- 3/9/2020»، ص 59-102 من كتاب «بين الضم والتطبيع»، الرقم 40 من السلسلة - ط1: أيلول/ سبتمبر 2021.

8- كتاب «الإنتخابات العامة إلى أين؟»، الرقم 41 من السلسلة - ط1: أيلول/ سبتمبر 2021؛ تضمن فصلين حول الحوار الوطني الشامل؛ الأول بعنوان «حوار القاهرة - الجولة الأولى»، 8-9/2/2021»، ص 41-61، وفيه البيان الختامي+ المذكرة المقدمة للحوار من الجبهة الديمقراطية؛ والثاني بعنوان: «حوار القاهرة- الجولة الثانية، 16-17/3/2021»، ص 65-80.

9- «إجتماع الأمناء العامين- 30/7/2023»، ص 91-128، من كتاب «فلسطين والاقليم»، الرقم 46 من السلسلة - ط1: نيسان/إبريل 2024؛ تضمن العرض التحليلي السياق السياسي لانعقاد الإجتماع، وقراءة في كلمتي رئيس السلطة وحركة حماس، كما تضمن نص كلمة الجبهة الديمقراطية وعدداً من الوثائق

ثانياً- مجلة «الحرية» 

1-  «إتفاق إنهاء الإنقسام وإستحقاقات إستعادة الوحدة»، الذي صدرت عنه «وثيقة الوفاق الوطني»، القاهرة– 4/5/2011. العدد 1333 (2407)، 8-14/5/2011، ص 4-5.                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                             

2-  «بين نتائج لقاء موسكو ومحاولات القطع مع سياسات المحاصصة الثنائية»، ص 4-5 - 21 إلى 22/5/2011». العدد 1336(2410)، 29/5-4/6/2011، ص 4-5.

3-  «6 ملفات على جدول أعمال الحوار الفلسطيني، القاهرة- 20/12/2011»، العدد  1364 (2038)- 25-31/12/2011، ص 4-6.

4-  «حوار وطني فلسطيني شامل في موسكو-1/2017»، العدد 1612(2686)، 22- 28/1/2017، ص 4-5

 

 

 

 

 

 

 

 الحوار الوطني في مواجهة «صفقة القرن»

2020-2021

 

 

 

 

 

■ مقدمة

1- إجتماع الأمناء العامين، رام الله + بيروت – 3/9/2020

2- حوار القاهرة في جولته الأولى – 8 و9/2/2021

3- حوار القاهرة في جولته الثانية – 16 و17/3/2021

4- التوافق الوطني .. طريق الإنتخابات

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة

[ بخصوص الموضوع الذي يتناوله هذا المبحث بشكل مكثف، إنما باستفاضة في التحليل والتوثيق، راجع محتويات الكتاب الرقم 40 في سلسلة «الطريق إلى الإستقلال». ط1: نيسان/ إبريل 2021، بعنوان «بين الضم والتطبيع»؛ وكذلك ما تناوله الكتاب الرقم 41 في نفس السلسلة، بعنوان «الإنتخابات العامة .. إلى أين؟». ط1: أيلول/ سبتمبر 2021]

مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض – 20/1/2017، أجرت الإدارة الأميركية إنعطافة حادة على سياستها تجاه القضية الفلسطينية، فلم تدعُ – كما جرت العادة – لاستئناف المفاوضات بجدول أعمال متفق عليه، بل قدمت مشروعها المستوحى – على الكلمة تقريباً -  من أفكار نتنياهو واليمين الإسرائيلي عموماً، والمعروف بمسمى«صفقة القرن»، أو «رؤية ترامب» بركنيها المتكاملين: «الضم» لإقامة «إسرائيل الكبرى»، و«التطبيع» لدمج إسرائيل في الإقليم؛

مسار «التطبيع» + «الضم»

في إطار «صفقة القرن»

إجتاز مسار «التطبيع»- أثناء ولاية ترامب – محطتين هامتين: 1- إنعقاد «الورشة الإقتصادية» في المنامة – 25 و26/6/2019، التي توقفت – فيما خص «صفقة القرن» أمام الجانب الإقتصادي في الإقليم، وفي إمتداده «الحل الإقتصادي» الملحوظ للقضية الفلسطينية؛ 2- «سلام أبراهام» الذي تم التوقيع عليه مع عدد من دول الجامعة العربية في الربع الأخير من العام 2020: الإمارات-13/8؛ البحرين- 11/9؛ ومن ثم التوقيع الإحتفالي في البيت الأبيض للإمارات والبحرين على الإتفاقين مع إسرائيل – 15/9؛ السودان- 24/10 والمغرب- 10/12؛ وبغض نظر - يصل إلى حد التجاهل - من قبل الجامعة العربية التي إجتمعت على مستوى وزراء الخارجية- 9/9، ورفضت الطلب الفلسطيني شجب عملية «التطبيع»، كما رفضت – حتى مع تجهيل الفاعل- شجب الخروج عن «مبادرة السلام العربية»- 2002.

أما «الضم»، الذي يختزل عملية التصفية لقضيتنا الوطنية على قاعدة نسف قرارات الشرعية الدولية للتسوية السياسية، والقبول بفرض الأمر الواقع على الأرض كحقائق يجري التسليم بها، فقد بدأ مساره في نهاية السنة الأولى من ولاية ترامب باعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل – 6/12/2017، ونقل السفارة الأميركية إليها – 14/5/2018 + إغلاق القنصلية العامة الأميركية في القدس الشرقية ونقلها إلى السفارة؛ وإنتهى هذا المسار في مطلع السنة الأخيرة من ولاية ترامب- 28/1/2020، بالإعلان الرسمي في البيت الأبيض – وبحضور إسرائيلي حكومي - عن «صفقة القرن».

بين هذين الحدين تسلسلت المواقف والخطوات العدائية لإدارة ترامب حيال الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، على النحو التالي: 1- إغلاق مفوضية م.ت.ف في واشنطن؛ 2- قطع المساعدات الإقتصادية عن السلطة الفلسطينية؛ 3- إضفاء الصفة الشرعية على الاستيطان من خلال ما بات يعرف بـ «عقيدة بومبيو»/ وزير خارجية الولايات المتحدة، الذي صَرَّحَ- 18/11/2019، باسم إدارته: «... نحن لن نرى بعد اليوم في المستوطنات الإسرائيلية – بحد ذاتها – موضوعاً لا ينسجم مع القانون الدولي»، لا بل أضاف متطاولاً– 13/5/2020: «إن من حق إسرائيل، أن تقرر فرض سيادتها على المستوطنات».

أما في قضية اللاجئين، فقد أقدمت إدارة ترامب على خطوات ذات دلالة تصفوية لملف اللاجئين، تمثلت بـ: 1- الدعوة لإعادة تعريف اللاجيء الفلسطيني ليقتصر على مواليد فلسطين ما قبل 1948، ما يعني نزع المكانة السياسية – القانونية عن سائر اللاجئين، أي ما يزيد عن 90% من عديدهم؛ 2- وقف المساهمة الأميركية في تمويل وكالة الغوث، والضغط على المانحين ليحذوا حذوها بهدف الوصول إلى تجفيف مواردها، ونقل وظائفها وخدماتها إلى الدول المضيفة؛ 3- الضغط على الأمم المتحدة بعدم التجديد لتفويض الوكالة، عملاً بالقرار 302، ما يؤدي إلى حلها رسمياً■

في مواجهة «الصفقة»

.. 19/5-3/9/2020

■ سَعَّرَ الإعلان عن «صفقة القرن» النزعة التوسعية في السياسة الإسرائيلية، عبّرت عن نفسها في برنامج الحكومة الجديدة – الرقم 35، التي تشكلت من الثنائي نتنياهو/ «الليكود» وبيني غانتس/ «قائمة أزرق - أبيض»، حيث أعلنت في أول إجتماع لها – 17/5/2020 عن الشروع بتطبيق مشروع «الضم» الوارد في «صفقة القرن» بدءاً من تموز/ يوليو من نفس العام.

وضع قرار الحكومة الإسرائيلية القيادة الرسمية الفلسطينية أمام تحدٍ حقيقي، فدعت إلى إجتماع قيادي في 19/5 صدر عنه قرار «التحلل» من أوسلو: «إلتزاماً بقرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فإن القيادة الفلسطينية تقرر اليوم ما يلي: أولاً- إن م.ت.ف ودولة فلسطين قد أصبحت اليوم في حِلٍّ من جميع الإتفاقيات والتفاهمات مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية، ومن جميع الإلتزامات المترتبة على تلك التفاهمات والإتفاقات، بما فيها الأمنية..».

نال قرار 19/5 موافقة جميع القوى الفلسطينية، واعتبرته أساساً صالحاً لتوحيد الجهد الوطني بمواجهة مخطط الضم وتجاوز الإنقسام في آن معاً. وفي إطار الإتصالات والمشاورات التي شملت الجميع، تميّز من بينها الجهد المشترك الذي قام على أكتاف جبريل  رجوب – أمين سر حركة فتح، وصالح العاروري – نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، كما تبدّى في المؤتمر الصحفي- 2/7 الذي أعلنا فيه دخول العلاقات بين حركتي فتح وحماس مرحلة جديدة في مواجهة سياسات «صفقة القرن»، ومشروع الضم، ما بات يقتضي إتخاذ الخطوات اللازمة للتقارب وإنهاء الإنقسام؛ وتُوِّجت هذه الجهود بالإعلان لاحقاً عن الدعوة لاجتماع الأمناء العامين بين بيروت ورام الله – 3/9/2020 للمصادقة على مشروع «بيان ختامي» مدروس، جرى الإعداد له بعناية

 (1)

إجتماع الأمناء العامين

رام الله + بيروت، 3/9/2020

أولويات بيان 3/9 ..

أثمر إجتماع الأمناء العامين عن بيان تضمنت فقرته التنفيذية ثلاث أولويات مترابطة: 1- تشكيل لجنة من شخصيات وطنية، تقدم «رؤية إستراتيجية» لتحقيق إنهاء الإنقسام والمصالحة والشراكة في إطار م.ت.ف، خلال مدة لا تتجاوز 5 أسابيع؛ 2- تقدم اللجنة توصياتها للجلسة المرتقبة للمجلس المركزي بمشاركة الأمناء العامين فيها، وبما يضمن مشاركة الجميع تحت مظلة الوحدة الوطنية الفلسطينية؛ 3- تشكيل لجنة وطنية موحدة لقيادة المقاومة الشعبية الشاملة، على أن توفر اللجنة التنفيذية لها جميع الإحتياجات اللازمة لاستمرارها.

أما قضية الإنتخابات فلم يأتِ بيان 3/9 على ذكرها سوى مرة واحدة لا غير، عند الإشارة إلى «ترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال الإنتخابات»، أي في سياق التأكيد المبدئي – وليس التنفيذي لإجراء الإنتخابات في إطار زمني محدد([2])، كما هو الحال بالنسبة للأمور الثلاثة آنفة الذكر، ذات الطابع التنفيذي المباشر. وبالمقابل أكد البيان –لأهميتها- على مسألة «الشراكة الوطنية» في 3 مواقع رئيسية([3])

.. حَلَّت مكانها الإنتخابات

في أعقاب إجتماع الأمناء العامين، وفي لقاء جمعهما في إسطنبول – 23 و24/9، وضعت حركتا فتح وحماس جانباً الأولويات الثلاث لبيان 3/9 (إنجاز الرؤية الاستراتيجية بسقف 5 أسابيع + إجتماع المجلس المركزي بمشاركة الأمناء العامين + تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية)، واعتمدتا آلية أخرى تقوم على الدعوة لانتخابات عامة: رئاسية + تشريعية + مجلس وطني، بالتتالي والترابط خلال 6 أشهر؛ غير أن المكتب السياسي لحركة حماس– 3/10، إقترح آلية أخرى لإجراء الإنتخابات تقوم على التزامن بين محطاتها الثلاث.

أما السبب في نشوء هذا التباين بين آليتي «التتابع» و «التزامن»، فيعود إلى التباين في الأولويات بين الحركتين؛ فبالنسبة لفتح تتحدد الأولوية بتجديد شرعية السلطة، بموقعيها (المجلس التشريعي + رئاسة السلطة)، التي تآكلت بعد مضي 14 عاماً على آخر إنتخابات تشريعية، وخاصة بعد قرار حل التشريعي – 22/12/2018، الذي كَرَّس إدارة شئون السلطة بالمراسيم الرئاسية.

أما المجلس الوطني فلا يحتل ذات الأهمية في حسابات حركة فتح من موقعها كسلطة، بعد أن أعلن المجلس الوطني في دورته الـ 23- 2018، أنها ستكون  دورته الأخيرة بتكوينه القائم، وأحال صلاحياته – إنتقالياً – إلى المجلس المركزي ليمارسها، كلما استدعى الأمر.

بالمقابل، تنظر حماس إلى الأمر نظرة مختلفة، إذا ترى أن «شرعيتها المؤسساتية» يوفرها لها المجلس الوطني، أي منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد، الأمر الذي يساهم بحمايتها من أي تداعيات مؤذية، خاصة بعد طرح «صفقة القرن» بأبعادها التطبيعية في الإقليم، قد تطول مكانتها السياسية، وتؤثر على حرية حركتها؛ من جهة أخرى، تتحسب حماس – وبحق – لاحتمالات مفترضة قد تحول دون استكمال العملية الإنتخابية، ما يعني إقتصارها على محطتي التشريعية ورئاسة السلطة، وحتى إقتصارها على محطة التشريعي وحدها.

وأخيراً، لا تفوتنا الإشارة إلى الأجواء التي كانت تعيشها – في تلك الفترة – حركة فتح، التي باتت تدرك أن «صفقة القرن» تنطوي على رؤية إستراتيجية ومصالح أمنية واقتصادية وإعادة ترتيب لأوضاع الإقليم، سوف يُطرح في سياقها مصير السلطة الفلسطينية بغرض مواءمة أوضاعها مع الحالة المستجدة، إن لجهة صلاحياتها، أو لجهة من يتولاها... ومن هنا الرأي الذي ساد بضرورة تجديد شرعية السلطة، نزولاً عند ضغوط أوروبية أيضاً.

إستغرق هذا التباين بين وجهتي النظر، إلى أن حسمته حركة حماس بتبني آلية «التتالي والترابط» برسالة رسمية- 31/12/2020، وجهها إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة إلى الرئيس أبو مازن والأمناء العامين، فبات الطريق مفتوحاً أمام إصدار المرسوم الرئاسي بإجراء الإنتخابات العامة، الأمر الذي حصل في 15/1/2021، بالمواقيت التالية: التشريعي- 22/5، الرئاسة- 31/7 وإستكمال تشكيل المجلس الوطني - 31/7/2021

الإنتخابات حق

واستحقاق، لكن..

إعتبر الإجتماع الثنائي بين حركتي حماس وفتح في إسطنبول «أن الإنتخابات هي المدخل لإنهاء الإنقسام واستعادة الوحدة وتكريس الشراكة الوطنية»، وهذا أمر مسلم به، ولا يجب أن يكون موضع تباين في الرأي، إلا على خلفية تقدير بأن الشرط ليس متوفراً للوفاء بهذا الإستحقاق، حيث تفيد التجربة أن الإعلانات الخمسة المتخذة لإجراء الإنتخابات منذ إنقلاب 14/6/2007، لم يتم الإلتزام بها، وآخرها ما أعلنه الرئيس أبو مازن – 26/9/2019، أي قبل عام من إجتماع الأمناء العامين، من على منبر، ليس أقل كونية وموقعية ومقاماً من منبر الأمم المتحدة، عن عزمه لإجراء الإنتخابات، منذراً من سيعطل مسارها بالمحاسبة «أمام الله والشعب والتاريخ»(!).

ولعل إحجام السلطة عن الإفراج عن إستحقاق الإنتخابات، يعود بجانب رئيسي منه، إلى ما تختزنه – أو مازالت تختزنه الذاكرة من تجارب سابقة، فالإحتكام إلى صندوق الإقتراع يطرح معه مسألة السلطة السياسية، أي لمن سوف تؤول، وفي هذا مجازفة لمن يُمسك بمقاليدها، خاصة بالنسبة لحركة فتح، التي مازالت تكويها تجربة إنتخابات 2006 ، مع أن هذه الإنتخابات – رغم نقاط الضعف في أوضاع فتح في ذلك الحين – ما كان لها أن تقود إلى هزيمتها، وبالصورة التي شهدناها، لو قبلت بإجرائها بنظام التمثيل النسبي الكامل، الذي رفضته الأكثرية في لجنتها المركزية، لاعتبارات عدة، لم يكن قصر النظر أقلها

التوافق هو الأساس

في «الشراكة الوطنية»

إنتخابات 2006 بمخرجاتها تلقي الضوء على السبب الرئيسي، الذي جعل الإعلانات المتكررة عن إجراء الإنتخابات تتحول إلى قرارات خاوية، نالت من مصداقية الجهة الصادرة عنها. وفي هذا تكمن الحكمة في أولويات بيان 3/9، التي وضعت تحقيق «المشاركة الوطنية» في إطار توافقي – ليس من الصعب إدراكه - يشمل 3 أمور مفصلية: 1- إعتماد «رؤية إستراتيجية» بسقف 5 أسابيع؛ 2- بمصادقة المجلس المركزي المحالة إليه- إنتقالياً - صلاحيات المجلس الوطني، أي المرجعية العليا للشعب  الفلسطيني وحركته الوطنية، التي تجمع بين الشرعية القانونية والشرعية التمثيلية في آن، لاعتبار مشاركة الكل الفلسطيني على مستوى الأمناء العامين؛ 3- إعتماد مرجعية وطنية جامعة لإدارة شئون الميدان، الموحد على خيار المقاومة الشعبية الشاملة، الشكل النضالي الرئيسي المعتمد في هذه المرحلة.

لقد كان بالإمكان من خلال تطبيق ما ورد في بيان 3/9 أن نرسخ تلك الحالة التوافقية، الرضائية، التي توفر شروط الإنتقال الهاديء، السلس – بواسطة صندوق الإقتراع – إلى نظام سياسي بالشراكة الوطنية المزدانة بالتعددية الديمقراطية. وستثبت مجريات الأمور – في غضون شهور قليلة – أن المرسوم بإجراء الإنتخابات، حتى لو جاء بتوقيتات قاطعة، لا يعني حصولها، بل سوف يقود إلى إلغائها في واقع الحال، تحت شعار التأجيل لسبب مُدَّعى، يتعلق بعدم المساس بأحد الثوابت الوطنية(!).

ومرة أخرى يتضح أن الحل بالأسلوب التوافقي، وإن كان على الحد الأدنى، أكثر ضماناً من أسلوب المكاسرة بسقف أعلى مبدئياً، ليست الحالة الفلسطينية مهيئة له، بأقله في وضعها الحالي. ربما لم تكن الأمور مرئية بهذا القدر – في حينها - لمن دفع بخيار الإنتخابات العامة مدخلاً للخلاص الوطني من مأزق الإنقسام؛ غير أن الوقائع أثبتت – ولو بعد حين – فشل خيار تسبيق الإنتخابات العامة على تطبيق إتفاق 3/9 بأولوياته، التي كانت تستحق فعلاً – لنضجها وملموسيتها – أن تُعطى فرصة لكي تُخاض هذه التجربة تحت لوائها

17/11، إنقلاب

على 19/5

في 17/11/2020 إنقلبت السلطة الفلسطينية على القرار القيادي – 19/5 بإعلانها العودة إلى «حظيرة» أوسلو، لأسباب عدة، أهمها فوز جو بايدن عن الحزب الديمقراطي في الإنتخابات الرئاسية للولايات المتحدة- 3/11، الذي رأت في وصوله إلى البيت الأبيض، فرصة للتحرر من أطواق حصار «صفقة القرن»، في ضوء الوعود التي قطعها من خلال وسطائه إبّان المعركة الإنتخابية بأنه سيستعيد المسار السياسي في الموضوع الفلسطيني في إطار رؤية «حل الدولتين».

وفي هذا كانت السلطة تراهن على سياسة أخرى تتبعها الإدارة الأميركية حيال الوضع الفلسطيني تكون في إمتداد سياسة إدارة الرئيس الديمقراطي الأسبق باراك أوباما، إحتل فيها جو بايدن موقع نائب الرئيس على إمتداد ولايتين – 2009/2017، واتسمت بجهد ملحوظ في تفعيل خط المفاوضات([4]).

غير أن سرعان ما تبيّن أن شيئاً في هذه الدعوة لم يتحقق، ولم تُقدِم إدارة بايدن على خطوات إنفتاحية ذات شأن على الوضع الفلسطيني، بل واصلت عملياً نفس السياسة، ولم تجرؤ على مراجعة الوقائع السياسية والميدانية لسياسة ترامب؛ وباختصار: إدارة بايدن لم تخرج عن مسار «رؤية ترامب»، بل واصلته دون ذكر المصدر

الإستحقاق الإنتخابي

بعد تجريده من عناصر القوة

إلى جانب ما تعرض له بيان 3/9 على يد ما إستفضنا بتوضيحه في الفقرات السابقة، واجه البيان – أيضاً – فقدانه للركيزة السياسية التي قام عليها التوافق الوطني الذي أفضى إلى إجتماع الأمناء العامين وما صدر عنه، وذلك مع إعلان 17/11/2020، الذي عنى عودة السلطة الفلسطينية للإلتزام باستحقاقات إتفاق أوسلو، على الضد من القرار القيادي – 19/5 القاضي بالتحلل من الإتفاقيات والتفاهمات الموقعة مع تل أبيب وواشنطن والإلتزامات المترتبة عليها، بما فيها الأمنية.

وهكذا سار قطار الإنتخابات العامة على سكة محفوفة بالمخاطر، بعد التخلي عن توافقات 3/9 القائمة على ثنائية «المقاومة والوحدة»، وعن الأساس السياسي الذي قاد إلى هذه التوافقات؛ ما جعل الوضع الفلسطيني يقف فاقداً للإتجاه أمام إستحقاق يتمثل بالإنتخابات العامة، إستحقاق عُلقت عليه آمال الحل للإستعصاءات الوطنية المستفحلة، وهو غير مُحصَّن بالقدر المطلوب، لانكشافه على 3 أمور، نالت منه شللاً: الخلاف السياسي + التعارض في تكتيكات الميدان + الشغور في المراجع القيادية الجامعة

 

البيان الختامي الصادر عن إجتماع الأمناء العامين

3/9/2020

في هذه اللحظات المصيرية من تاريخ شعبنا، والتي تتعرض فيها قضيتكم المركزية لمخاطر التآمر والتصفية ومحاولات إختزالها في حلول معيشية، وتجريدنا من حقنا في تقرير مصيرنا، وإقامة دولتنا المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو عام 1967، والقدس المحتلة عاصمتها، كما نَصَّت عليه وثيقة الوفاق الوطني، وحل قضية اللاجئين وحقهم في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها على أساس القرار 194، تأتي المؤامرات والمخططات التي تقوم بها حكومة الإحتلال والإدارة الأميركية الحالية، من خلال «صفقة القرن» ومخططات الضم، وتمرير التطبيع الذي رفضه شعبنا بأكمله، وآخرها الإتفاق الثلاثي الأميركي- الإماراتي- الإسرائيلي.

وفي هذا الاجتماع التاريخي المنعقد اليوم، ينطلق الفعل الفلسطيني على قلب رجلٍ واحد تحت مظلة م.ت.ف، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، بمبادرة شجاعة ومسؤولية وطنية عالية من الأخ الرئيس أبو مازن، رئيس دولة فلسطين، ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والأمناء العامين للفصائل، للشروع في جهدٍ وطني مبارك يستجيب للرغبة الوطنية الصادقة، وينسجم مع أهدافنا ومبادئنا ومنطلقاتنا التي تحتم علينا الترجمة الحقيقية لإنهاء الإنقسام، وإنجاز المصالحة، وتجسيد الشراكة الوطنية الفلسطينية.

إن الشعب الفلسطيني بمكوناته كافة، وفي مقدمتها القيادة الفلسطينية المجتمعة اليوم برئاسة الأخ الرئيس أبو مازن، تؤكد رفضها المطلق لجميع المشاريع الهادفة إلى تصفية قضيتنا الوطنية، وتجاوز حقوقنا المشروعة، كما تؤكد رفضها لأي مساسٍ بالقدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية. وتدين كل مظاهر التطبيع مع الإحتلال، وتعتبر ذلك طعنةً في ظهر الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية، وتدعو القيادة الفلسطينية شعوبنا وأحرار العالم للتصدي بكل ما أوتوا من قوة لهذه المخططات.

كما وناقش اجتماع الأمناء العامين قواعد الاشتباك مع الاحتلال، بما في ذلك تفعيل العاملين الإقليمي والدولي لمواجهة تلك المخططات، وتوافق المجتمعون على وسائل وآليات النضال لمواجهة الإحتلال على أرضنا المحتلة، بما في ذلك ما كفلته المواثيق الدولية من حق الشعوب في مقاومة الإحتلال.

ونحن كفلسطينيين نرى أن من حقنا ممارسة الأساليب النضالية المشروعة كافة، وفي هذه المرحلة نتوافق على تطوير وتفعيل المقاومة الشعبية كخيار أنسب للمرحلة، دفاعاً عن حقوقنا المشروعة لمواجهة الإحتلال.

ومن أجل تحقيق أهدافنا الاستراتيجية لإنهاء الإحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، يتوجب علينا الإسراع في إنهاء الإنقسام وتحقيق المصالحة والشراكة الوطنية.

وفي هذا السياق، وكشعب واحد وموحد، نعيش في وطنٍ حرٍ واحد، توافقنا على ضرورة أن نعيش في ظل نظام سياسي ديمقراطي واحد، وسلطة واحدة، وقانون واحد، في إطار من التعددية السياسية والفكرية، وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات الحرة والنزيهة، وفق التمثيل النسبي الكامل في دولةٍ وفق المعايير الدولية.

كما نؤكد على إقامة الدولة الفلسطينية على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس، ونؤكد هنا بأنه لا دولة في غزة، ولا دولة بدون غزة.

ولإدراكنا بوجوب توحيد الموقف على الرغم من وجود التباينات في الرأي حول بعض القضايا، فقد قررنا تشكيل لجنة من شخصيات وطنية وازنة، تحظى بثقتنا جميعا، تقدم رؤية استراتيجية لتحقيق إنهاء الانقسام والمصالحة والشراكة في إطار م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، خلال مدة لا تتجاوز خمسة أسابيع، لتقديم توصياتها للجلسة المرتقبة للمجلس المركزي الفلسطيني وبمشاركة الأمناء العامين فيها كي نضمن مشاركة الجميع تحت مظلة الوحدة الوطنية الفلسطينية.

كما توافقنا على تشكيل لجنة وطنية موحدة لقيادة المقاومة الشعبية الشاملة، على أن توفر اللجنة التنفيذية لها جميع الإحتياجات اللازمة لاستمرارها.

تحية إكبار وإجلال لأهلنا الصامدين الصابرين في القدس المحتلة، وفي مخيمات اللجوء في كل مكان، ونحيي بكل التقدير والإحترام عائلات الشهداء والأسرى والجرحى، ونقول لهم إن الفجر قريب.

وفي الختام نعبر عن تضامننا العميق مع الشعب اللبناني الشقيق في محنته الحالية، ونعرب عن شكرنا وتقديرنا لاستضافة لبنان لهذا الإجتماع التاريخي الوطني الوحدوي الفلسطيني والهام لشعبنا الفلسطيني

 

 

 

 

 

(2)

حوار القاهرة في جولته الأولى

8 و9/2/2021

تضافر عوامل

النجاح لانعقاد الحوار

بعد الإتفاق على إجراء الإنتخابات العامة بتتابع محدد بمواقيته لكل من محطاتها الثلاث، كان لا بد من الدعوة لجولة حوار وطني تضم المكونات المعروفة لوضع اللمسات الأخيرة عليه، الأمر الذي تحقق بين 9 و10/2/2021 في القاهرة، «عاصمة» الحوار الوطني بامتياز منذ العام 2003. وكان من المتوقع أن يحالف النجاح هذا الإجتماع لتضافر عوامله فلسطينياً، حيث لعبت أكثر من عاصمة دوراً مؤثراً في تقريب وجهات النظر بين حركتي فتح وحماس، وفي هذا الإطار:

إضطلعت الدوحة بدور إيجابي في إقناع حماس بالتراجع عن إشتراطاتها الخاصة بتسلسل المحطات الإنتخابية، وقدمت لها الضمانات الضرورية (كما أوضحت ذلك رسالة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي - 31/12) لإنجاح العملية الإنتخابية.

كما لعبت أنقرة دوراً في التقارب بين حركتي فتح وحماس بعد إستضافتهما في إجتماع إسطنبول. وهي التي قدمت النصائح للحركة الإسلامية بضرورة قراءة المتغيرات الدولية (الإنتخابات الأميركية)، والعربية (التطبيع + المصالحات الخليجية وتداعياتها في العلاقات الإقليمية)، مما يستوجب المعاجلة في إمتلاك غطاء الشرعية المؤسساتية عبر الإندماج في النظام السياسي الفلسطيني من بوابة إنتخابات المجلسين التشريعي (السلطة الفلسطينية) والوطني (م.ت.ف).

من جهتها، لعبت القاهرة وعمّان دوراً ملحوظاً في إقناع الرئيس أبو مازن بضرورة ترتيب البيت الفلسطيني بواسطة الإنتخابات، لاستقبال إستحقاقات التطورات الدولية والإقليمية والعربية.

وفي هذا السياق لا ننسى الدور الذي لعبته موسكو في علاقتها مع الفصائل الفلسطينية، إنطلاقاً من إدراك الدبلوماسية الروسية لأهمية إستعادة الوحدة الداخلية في سياق تأهيل الحالة الفلسطينية للدخول في العملية السياسية التي باتت موضع تداول، دون أن يعني ذلك بالضرورة أنها سَتُستأنف في القريب العاجل.

ويبقى أن نشير إلى التطور الأهم الذي يقف وراء التداعيات التي أتينا عليها، وهو وصول الإدارة الديمقراطية إلى البيت الأبيض، حاملة شعار «حل الدولتين»، وهو عنوان فضفاض، تتبناه واشنطن وغيرها من عواصم القرار في الغرب، يُعلق الإعتراف بالدولة الفلسطينية ككيان سياسي محدد المعالم، على ما سوف تتمخض عنه المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطيني(!).

وفي هذا السياق نشير إلى «النصائح» التي أُسديت إلى الجانب الفلسطيني لاستقبال «المتغير الأميركي»(!)، وهي: تجديد شرعية السلطة الفلسطينية عبر إنتخاب مجلس تشريعي جديد + إنهاء الإنقسام + إستيعاب حركة حماس في النظام السياسي الفلسطيني من خلال إعادة توحيد المؤسسة الفلسطينية.

وإلى كل ما سبق نضيف: النصائح الأوروبية – والألمانية بخاصة – بضرورة المعاجلة إلى تجديد شرعية المؤسسة الفلسطينية

إنتخاب التشريعي

موضوع الحوار

بالتقاء الحالة الفلسطينية على إستحقاق الإنتخابات العامة – وهذا هو الأساس – مع ظرف سياسي خارجي مؤاتٍ، إنعقد شرط نجاح جولة الحوار الوطني لمناقشة وإقرار الترتيبات المتعلقة بالإنتخابات العامة بالمحطات والمواقيت التي لحظها المرسوم الرئاسي، حظيت فيها المحطة الأولى، أي إنتخابات التشريعي بالقسط الأوفر من الإهتمام، إن لم يَكن جُلَّهُ، الأمر الذي عكسته بوضوح الفقرة الأولى من البيان الختامي:

«.. إن الشراكة الوطنية مسار كامل يبدأ بانتخابات المجلس التشريعي، وهي المرحلة الأولى من إنتخابات المجلس الوطني، تليه إنتخابات رئاسة السلطة، ومن ثم إستكمال تشكيل المجلس الوطني بالإنتخابات حيثما أمكن والتوافق حيث لا يمكن، وبما يضمن مشاركة الكل الفلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وسيتم عقد إجتماع للفصائل الفلسطينية في القاهرة خلال شهر مارس القادم بحضور رئاسة المجلس الوطني ولجنة الإنتخابات المركزية، للتوافق على الأسس والآليات التي سيتم من خلالها إستكمال المجلس الوطني الجديد، بهدف تفعيل وتطوير م.ت.ف وتعزيز البرنامج الوطني المقاوم إنطلاقاً من كوننا حركة تحرر وطني».

أما الفقرات المتبقية في البيان الختامي فقد توزعت بمعظمها - 11 فقرة، على قضايا إجرائية وعملية متعلقة بالعملية الإنتخابية + فقرة واحدة - الرقم 14، تتوجه بالتحية والتقدير للشهداء والأسرى + فقرة أخرى - الرقم 15، تعبر عن الشكر والتقدير لمصر، البلد المضيف. أما الفقرة 10، فسنأتي على موضوعها بعد قليل

قضايا مهمة

بقيت عالقة

إستهلك نقاش إنتخابات المجلس التشريعي – كما أشرنا - القسم الأكبر من وقت الإجتماع، وبقيت قضايا مهمة عالقة، منها ما إتفق على ترحيله إلى الجولة الثانية للحوار؛ ومنها ما لم يتم التوقف مطولاً أمامها، فجرى تناولها في السياقات التالية:

1- لم تتوغل الحركتان في مناقشة مسألة الإنقسام، وكيفية معالجته وآليات توحيد المؤسسات، وأحالتا الأمر برمته إلى لجنة تكون مهمتها معالجة ما أفرزه الإنقسام من قضايا وملفات، فاكتفيتا بما ورد في الفقرة 10 من البيان الختامي: «معالجة إفرازات الإنقسام بكل جوانبها الإنسانية والإجتماعية والوظيفية والقانونية، على أسس وطنية شاملة وعادلة وخالية من كل مظاهر التمييز الجغرافي والسياسي من خلال لجنة يتم تشكيلها بالتوافق وتقدم تقريرها للرئيس، الذي يحيلها لحكومة ما بعد إنتخابات المجلس التشريعي للتنفيذ».

2- إستخدم مرسوم الإنتخابات تعبيري «دولة فلسطين» و«رئيس دولة فلسطين»، بدلاً من «السلطة الوطنية» و«رئيس السلطة الوطنية»، الأمر الذي من شأنه أن يثير إلتباسات تتعلق بالإطار الدستوري القانوني للعملية الإنتخابية، وكان يستوجب إعتماد خطوات قانونية في الحوار الوطني، لإزالة هذه الإلتباسات، وهي خطوات إقترحتها الجبهة الديمقراطية في مذكرتها إلى الإجتماع (مرفقة). غير أن هذا الموضوع لم يكن محط إهتمام في الحوار، وبالنتيجة إستعاد البيان الختامي الصيغة الإصلية - «السلطة»، دون أي نقاش.

أما الأمور التي لم يتسنَ الوقت اللازم لمناقشتها، أو لم يتم التوصل إلى إتفاق بشأنها، فقد دارت بشكل رئيسي حول قضيتين:

1– الأولى، كانت بخصوص المرجعية السياسية لعموم الحالة الفلسطينية، أي الإستراتيجية الوطنية للمرحلة القادمة، حيث إقتصر البيان الختامي – في ديباجته – على الإشارة إلى «وثيقة الوفاق الوطني» - 2006، التي - على أهميتها – لم تعد مستجيبة لمتطلبات العمل في ضوء التطورات المتلاحقة؛ كما وعلى ذكر مُخرجات إجتماع 3/9، بعد أن رُكنت جانباً إثر إجتماع إسطنبول.

لقد كان بالإمكان تغطية هذا الجانب بإعادة التأكيد على قرارات الدورة 23 للمجلس الوطني – 2018، التي تؤمن الخروج الآمن من إتفاق أوسلو والتحرر من قيوده، بما فيه وقف العمل بالمرحلة الإنتقالية؛ غير أن هذا لم يحصل بتوافق بين الحركتين اللتين أحجمتا عن الخوض فيه أصلاً، ما يؤشر إلى سقف ما تناوله التفاهم بينهما.

2- أما القضية الثانية، فكانت متعلقة بالمجلس الوطني، وإعادة تشكيله – إنتخاباً أو توافقاً، بحسب الحالة العينية القائمة – وإعادة بناء أو تطوير مؤسسات م.ت.ف، لتكون جامعاً للكل الفلسطيني، بعد ما باتت موضع إعتراف بمكانتها من كافة الأطراف، دون أن يعني هذا الإعتراف المصادقة على أوضاعها الحالية، وعلى الواقع المتدهور لمؤسساتها، وعلى حالة تغييب دور لجنتها التنفيذية، أو إفراغ مؤسساتها وإتحاداتها ونقاباتها من مضمونها، الخ ..

هاتان القضيتان، شديدتا الأهمية، لم يكن ممكناً أن يغلق باب الحوار عليها قبل التوصل إلى توافقات بشأنهما. من هنا تقررت الدعوة لجولة ثانية للحوار الوطني في الشهر الذي يلي، تكون «جولة إستكمال» للجولة الأولى، وبمشاركة لجنة الإنتخابات المركزية، وبحضور رئاسة المجلس الوطني، باعتبارها طرفاً رئيسياً في عملية إعادة تشكيل المجلس

 

مذكرة الجبهة الديمقراطية

8/2/2021

 

[(...) وإذا كان من الطبيعي، بعد إصدار المرسوم الرئاسي بالدعوة إلى الانتخابات بمراحلها الثلاث، التشريعي والرئاسة والمجلس الوطني، أن يتركز البحث كأولوية في هذه الجولة على الضمانات التي تكفل نجاح الإستحقاق الانتخابي في أداء وظائفه المتوخاة، فإن مواصلة مسيرة إنهاء الإنقسام تتطلب الإتفاق على ضرورة وآلية استمرار الحوار حتى ينجز كامل المهام التي تضمنها البلاغ الختامي لاجتماع الأمناء العامين بين رام الله و بيروت في 3/9/2020، بما في ذلك سُبل إستنهاض المقاومة الشعبية وتفعيل قيادتها الوطنية الموحدة، وصوغ استراتيجية وطنية كفاحية جديدة موحدة لمواجهة الإحتلال ومخاطر التوسع الاستيطاني والضم والتطبيع، وتشكيل اللجنة المكلفة بذلك من شخصيات وطنية وازنة كما ورد في البلاغ المذكور.

إنطلاقاً من ذلك، تتشرف الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بأن تتقدم من الأخوة والرفاق ممثلي فصائل العمل الوطني المشاركين في جولة الحوار الحالية بالمقترحات التالية، إسهاماً منها في إغناء النقاش، وصولاً إلى التوافق على شروط إجراء الانتخابات الشاملة في أفضل الظروف، وتجاوز العقبات التي يمكن أن تطرأ في هذا السياق:]

أولاً- المرجعية السياسية للعملية الإنتخابية

لا بد من تأكيد التوافق على أن المرجعية السياسية للعملية الإنتخابية تتمثل في بنود الإجماع الوطني المحددة في وثيقة الوفاق الوطني- 2006، ومخرجات إجتماع الأمناء العامين - 3/9/2020، وقرارات المجلس الوطني الفلسطيني - 2018 بشأن إنهاء العمل بالتزامات المرحلة الإنتقالية، والخروج من نفق أوسلو المظلم. إن هذا التأكيد ضروري من أجل تحييد المخاوف من إنحراف الإستحقاق الإنتخابي عن هدفه المتمثل في وضع حد للإنقسام وتوحيد مؤسستنا الوطنية، وتجديد بنيتها على أساس من الشراكة والديمقراطية، وردم الفجوة بينها وبين جماهير الشعب، بما يُمَكِّن من توفير مقومات النهوض باستراتيجية المواجهة الشاملة مع الإحتلال.

ويهمنا أن نشير هنا إلى أن التراجع عن قرار 19/5، الذي شكل بداية لتنفيذ قرارات المجلس الوطني بشأن التحلل من القيود المجحفة لاتفاقيات أوسلو، والعودة إلى المراهنات الخاسرة على مفاوضات لا يتوفر الحد الأدنى من مقومات نجاحها في تأمين حقوقنا الوطنية التي كفلتها قرارات الشرعية الدولية، هو تجاوز لما تم التوافق الوطني عليه لا بد من تصويبه، لما يلقيه من ظلال على مصداقية الإلتزام بأسس مسيرة المصالحة وإنهاء الإنقسام

 

ثانياً- الإطار الدستوري القانوني للعملية الانتخابية

إنسجاماً مع دعوتها المبكرة إلى إعلان بسط سيادة دولة فلسطين على أرضها في الضفة، بما فيها القدس العاصمة، وقطاع غزة حتى حدود الرابع من حزيران/ يونيو 67، باعتبار ذلك أحد الروافع لتجاوز المرحلة الإنتقالية التي نَصَّ عليها إتفاق أوسلو، فإن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ترحب بما جاء في المادة الثانية من القرار بقانون، المتعلق بتعديل قانون الإنتخابات، تلك المادة التي تقضي باستبدال عبارة «السلطة الوطنية» بعبارة «دولة فلسطين» حيثما وردت في القانون الأصلي. ولكن لابد من معالجة الإلتباسات القانونية التي يثيرها التعديل المذكور، كونه يستند في حيثياته من جهة، إلى القانون الأساسي المعدل الذي لا يزال قائماً وما يزال يشكل أساساً دستورياً للسلطة الوطنية ومؤسساتها في المرحلة الإنتقالية؛ ومن جهة أخرى، إلى وثيقة «إعلان الاستقلال» التي تعلن دولة فلسطين «دولة للفلسطينيين أينما كانوا»، مما يؤسس لانتخاب رئيسها من قبل المجلس الوطني الذي فوض صلاحياته بهذا الشأن إلى المجلس المركزي.

إن إزالة هذه الإلتباسات تتطلب التوافق على صيغة دستورية مؤقتة تستلهم إعلان الاستقلال، وتستند – في الوقت نفسه - إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 19/67- 2012 الذي يعترف بدولة فلسطين عضواً مراقبا في المنظمة الدولية، على أن يجري إقرار هذه الصيغة من قبل المجلس المركزي، في إجتماع يعقده بمشاركة الأمناء العامين، على طريق التوصل إلى «إعلان دستوري» يعتمده المجلس التشريعي المنتخب، بصفته المخول بتعديل القانون الأساسي، والمجلس الوطني الجديد، بعد استكمال تشكيله، بصفته الهيئة البرلمانية العليا لدولة فلسطين

ثالثاً- الضمانات لسلامة ونزاهة العملية الانتخابية

تؤكد الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين على أهمية ما تم التوصل إليه من توافقات بشأن العملية الإنتخابية وبخاصة إعتماد نظام التمثيل النسبي الكامل، واعتبار إنتخاب المجلس التشريعي المرحلة الأولى من تشكيل المجلس الوطني الذي سوف يُستكمل بالإنتخاب حيث أمكن، وبالتوافق حيث يتعذر إجراء الإنتخابات. وتدعو الجبهة إلى استكمال التوافق على الضمانات التي تكفل سلامة العملية الإنتخابية ونزاهتها بحيث تؤدي وظيفتها المتوخاة، وأهمها ما يلي:

1- التوافق على تكوين محكمة الإنتخابات، كمقدمة لتنسيبها وتشكيلها وفقاً للقانون، والتأكيد على الإلتزام بالنص القانوني الذي يعطيها وحدها حق البت بكافة القضايا التي تنشأ في سياق العملية الإنتخابية وعدم تدخل أية جهة قضائية أخرى في هذا الشأن، بما في ذلك المحكمة الدستورية.

2- التأكيد على ضمان الحريات العامة بما يصون حق الجميع في الترشيح والإقتراع والدعاية الإنتخابية بحرية تامة، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين سواء في الضفة أو قطاع غزة، وتشكيل لجنة تحكيم من شخصيات وطنية يُتفق عليها لمراقبة إلتزام جميع الأطراف المعنية بحرية ونزاهة وسلامة العملية الإنتخابية.

3- الإتفاق على صيغة الإشراف الأمني على الإنتخابات، بما يأخذ بعين الإعتبار الوضع القائم في كل من الضفة وقطاع غزة، ويكفل إطمئنان الجميع إلى عدم تدخل الأجهزة الأمنية في العملية الإنتخابية باستثناء القوى المكلفة بذلك، والتي يجب أن تلتزم إلتزاماً دقيقاً بالقانون أثناء أدائها لمهمتها.

4- ضمان إلتزام الجميع بنتائج العملية الإنتخابية واحترامها، وتضامن جميع القوى في العمل من أجل حمل الأطراف الإقليمية والدولية على احترام هذه النتائج أياً كانت، وكذلك العمل المشترك على كف يد التدخل من جانب سلطات الإحتلال وتجاوز العقبات المتوقع أن تزرعها لعرقلة مسار العملية الإنتخابية. وفي هذا الصدد نقترح أن تلتزم جميع القوى بالعمل في المجلس التشريعي القادم على اعتماد «القانون النرويجي» الذي يتيح للقوائم الإستبدال المؤقت للنواب الذين يتعرضون للإعتقال على أيدي سلطات الإحتلال.

5- الإتفاق على خطة للعمل الوطني المشترك من أجل انتزاع حق جميع مواطني القدس العاصمة في ممارسة حقهم الإنتخابي ترشيحاً وتصويتاً داخل مدينتهم، في حال تنكر الإحتلال للإتفاقات السابقة بهذا الشأن.

6- دعوة جميع القوى إلى الإلتزام بتمثيل المرأة بنسبة الثلث في القوائم المشكلة لخوض العملية الإنتخابية، وتعزيز تمثيل الشباب في هذه القوائم.

7- صوغ وتوقيع وثيقة شرف تحدد بوضوح الإلتزامات المشار إليها أعلاه والتي يتم التوافق عليها، وتعهد الجميع باحترامها وضمان شروط نجاح العملية الإنتخابية.

وأخيراً، فإن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تجدد التعبير عن رأيها بأن القرارات بقانون التي صدرت مؤخراً لتعديل قانون السلطة القضائية لا مبرر لها، وبخاصة أننا على أبواب إنتخاب مجلس تشريعي جديد خلال بضعة شهور، وأن بعض بنودها تشكل مساساً باستقلال القضاء ومبدأ الفصل بين السلطات. ولأن هذه التعديلات يُمكن أن تلقي ظلالاً على مصداقية العملية الإنتخابية، فإننا ندعو المشاركين في الحوار الوطني إلى توجيه نداء مشترك يدعو الرئيس أبو مازن إلى وقف العمل بهذه التعديلات إلى أن يتاح النظر فيها من قبل المجلس التشريعي المنتخب

[...]

 

 

البيان الختامي الصادر عن حوار القاهرة

8 و9/2/2021

 [برعاية كريمة من الشقيقة الكبرى جمهورية مصر العربية، ومباركة من فخامة الرئيس «عبد الفتاح السيسي»، عقدت الفصائل الفلسطينية يومي 8 ، 9 فبراير 2021 إجتماعاً في القاهرة ناقشت فيه بمسؤولية عالية القضايا الوطنية المُلحة كافة والمخاطر التي تواجه القضية الفلسطينية وإجراء الإنتخابات مستندين إلى التوافقات والإتفاقيات الفلسطينية السابقة لا سيما وثيقة الوفاق الوطني ومخرجات إجتماع الأمناء العامين في 3 سبتمبر 2020، على أن يلتزم كل طرف بهذه التوافقات بمقدار مشاركته في التنفيذ، حيث عَبَّر المجتمعون عن شكرهم وتقديرهم لمصر على رعايتها لهذا الإجتماع الهام ودعمها الدائم للقضية الفلسطينية وجهودها المتواصلة لإنهاء الإنقسام، واستعادة الوحدة الوطنية، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وقد إتفق المجتمعون على الآتي:]

1- إستنادا إلى المرسوم الرئاسي الصادر في 15 يناير 2021، فإن الشراكة الوطنية مسار كامل يبدأ بانتخابات المجلس التشريعي، وهي المرحلة الأولى من إنتخابات المجلس الوطني، تليه إنتخابات رئاسة السلطة، ومن ثم استكمال تشكيل المجلس الوطني بالإنتخاب حيثما أمكن والتوافق حيث لا يمكن، وبما يضمن مشاركة الكل الفلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وسيتم عقد إجتماع للفصائل الفلسطينية في القاهرة خلال شهر مارس القادم بحضور رئاسة المجلس الوطني ولجنة الإنتخابات المركزية، للتوافق على الأسس والآليات التي سيتم من خلالها إستكمال تشكيل المجلس الوطني الجديد، بهدف تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية وتعزيز البرنامج الوطني المقاوم إنطلاقا من كوننا حركة تحرر وطني.

2 - الإلتزام بالجدول الزمني الذي حدده مرسوم الإنتخابات التشريعية والرئاسية، مع التأكيد على إجرائها في مدينة القدس والضفة الغربية وقطاع غزة دون استثناء، والتعهد باحترام وقبول نتائجها.

3- التأكيد على دعم لجنة الإنتخابات المركزية والعمل على تذليل أية معوقات تواجهها كي تتمكن من القيام بمهامها على أكمل وجه.

4- تشكيل محكمة قضايا الإنتخابات بالتوافق من قضاة من القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، وتتولى هذه المحكمة حصراً دون غيرها من الجهات القضائية متابعة كل ما يتعلق بالعملية الإنتخابية ونتائجها والقضايا الناشئة عنها، ويصدر الرئيس الفلسطيني مرسوماً رئاسياً بتشكيلها وتوضيح مهامها إستنادا لهذا التوافق وطبقا للقانون.

5- تتولى الشرطة الفلسطينية (دون غيرها) في الضفة الغربية وقطاع غزة بزيها الرسمي تأمين مقار الإنتخابات، ويكون تواجدها وفقا للقانون.

 6- إطلاق الحريات العامة وإشاعة أجواء الحرية السياسية التي كفلها القانون والإفراج الفوري عن كل المعتقلين على خلفية فصائلية أو لأسباب تتعلق بحرية الرأي، وضمان حق العمل السياسي والوطني للفصائل الفلسطينية كافة في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتوقف عن ملاحقة المواطنين على خلفية الإنتماء السياسي أو الرأي، بما يوفر بيئة ملائمة لإجراء إنتخابات حرة ونزيهة، ويدعو المجتمعون السيد الرئيس «أبو مازن» لإصدار قرار ملزم بذلك وتشكيل لجنة رقابة وطنية لمتابعة التنفيذ.

7- ضمان توفير الحرية الكاملة للدعاية السياسية والنشر والطباعة وعقد الإجتماعات السياسية والإنتخابية وتمويلها وفقا لما ورد بقانون الإنتخابات دون مضايقة.

8- ضمان حيادية الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة وعدم تدخلها في الإنتخابات أو الدعاية الإنتخابية لأي طرف سياسي.

9- التعهد بتوفير فرص متكافئة في أجهزة الإعلام الرسمية دون تمييز لجميع القوائم الإنتخابية.

10- معالجة إفرازات الإنقسام بكل جوانبها الإنسانية والإجتماعية والوظيفية والقانونية على أسس وطنية شاملة وعادلة وخالية من كل مظاهر التمييز الجغرافي والسياسي من خلال لجنة يتم تشكيلها بالتوافق وتقدم تقريرها للرئيس الذي يحيلها لحكومة ما بعد إنتخابات المجلس التشريعي للتنفيذ.

11- رفع توصية للرئيس «أبو مازن» للنظر في تعديل النقاط التالية لقانون الإنتخابات (تخفيض رسوم التسجيل والتأمين - طلبات الإستقالة - عدم المحكوميات - نسبة مشاركة النساء - تخفيض سن الترشح).

12- رفع توصية للمجلس التشريعي الجديد بمعالجة ملف النواب المعتقلين لدى الإحتلال.

13- إتخاذ الآليات اللازمة التي تضمن إجراء الإنتخابات بالقدس من جوانبها كافة بما في ذلك ترشحاً وإنتخاباً.

14- توجه المجتمعون بالتحية والتقدير والفخر والإعتزاز لشهداء الشعب الفلسطيني وللأسرى والأسيرات البواسل، وحث جميع القوائم الإنتخابية على تمثيلهم بها والعمل على تحريرهم، مع تأكيد حرصهم على تعزيز الوحدة الوطنية وبث مشاعر الأمل بين صفوف الشعب الفلسطيني الصامد في الوطن والشتات.

15- تتوجه كافة الفصائل الفلسطينية المشاركة في الإجتماع بالشكر والتقدير لمصر الشقيقة على دعمها الدائم للشعب الفلسطيني ونضاله وعلى الجهود التي بذلتها في رعاية الحوار الوطني الفلسطيني في مراحله كافة، كما تعبر الفصائل المشاركة عن تقديرها لمتابعة الرئيس «عبد الفتاح السيسي» لهذه الجهود المباركة وتتوجه لسيادته للتفضل بتوجيه الجهات المعنية في مصر الشقيقة لمتابعة تنفيذ ما تم الإتفاق عليه والمشاركة الفاعلة في الرقابة على الإنتخابات الفلسطينية في مراحلها كافة

 

 (3)

حوار القاهرة في جولته الثانية

16 و17/3/2021

إغراق الإجتماع

بالقضايا الإجرائية

إنعقد الحوار الوطني في جولته الثانية بنفس المشاركة، وحضور أمين سر المجلس الوطني، ونائب رئيس لجنة الإنتخابات المركزية؛ وتحسباً لاحتمال أن يتم إغراق الحوار بالقضايا الإجرائية والتفصيلية ذات الصلة بانتخابات المجلس التشريعي، من خلال الإستماع إلى تقارير لجنة الإنتخابات المركزية، ومناقشتها بكل ما سوف يَجُر هذا النقاش من أمور يُمكن حلّها دون إثقال الحوار بها، تقدم عدد من المشاركين باقتراح إدراج مسألتي المرجعية السياسية الوطنية ومنظمة التحرير، كبند أول على جدول الأعمال. غير أن توافق حركتي فتح وحماس، وضع أطراف الحوار الأخرى أمام جدول أعمال قُدم من راعي الحوار، وهو: 1- الإستماع لتقرير من لجنة الإنتخابات المركزية حول سير عملية الإعداد للإنتخابات التشريعية؛ 2- إعداد ميثاق شرف؛ 3- تقديم رئاسة المجلس الوطني تقريراً حول وضعية المجلس والمنظمة ومناقشة آليات تشكيل المجلس الوطني الجديد.

إن إعتماد جدول أعمال بهذا التسلسل، أدى إلى الإستغراق في مناقشة القضايا الإجرائية لانتخابات التشريعي، إستهلك معظم الوقت، ما حال دون الدخول في مناقشة القضية الجوهرية، أي أوضاع م.ت.ف وتطويرها، وإعادة بنائها في سياق برنامجي سياسي متجدد

المجلس الوطني..

إستحقاق مؤجل

أنجز الإجتماع ما له علاقة بانتخابات المجلس التشريعي، لكنه في النقاش حول تشكيل المجلس الوطني بقي عند العتبات الأولى، فلم يتعدَ حدود المداولات العامة، التي لم ترسُ على بر، حيث كان من الواضح أن حركة فتح لم تضع بعد موضوع المجلس الوطني على جدول أعمالها، الأمر الذي أكده جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية للحركة، حين أعلن أن البحث الجدي في موضوع المجلس الوطني ومنظمة التحرير سيجري بعد إنتخاب المجلس التشريعي.

وإلى هذا الموقف الصريح نضيف: إن البحث الجدي في إستحقاق المجلس الوطني سيجري في صفوف فتح في ضوء المسار العملي الذي سوف ينحوه إستحقاق التشريعي، سواء حصل في موعده المقرر، أم تأجل، أم...، ما يعني أن موقف حركة فتح في الإسراع بتشكيل المجلس الوطني الجديد، لم يُحسم بعد، وأنه مازال رهن نتائج إنتخابات التشريعي؛ علماً أن فتح، وهي تدعو إلى تجديد شرعية المؤسسات، فإنها تدرك أن المطلوب منها دولياً (أميركياً وأوروبياً) وحتى عربياً، لا يتجاوز حدود تجديد شرعية التشريعي وشرعية الرئاسة، أما المجلس الوطني، وفقاً لما بات واضحاً، فهو لا يمثل الموقع المهم، الذي بإمكانه أن يشغل بال أطراف المجتمع الدولي.

أما بالنسبة لموقف حركة حماس، التي كانت تعبر عن خشيتها لأن يتوقف قطار الإنتخابات قبل إدراك محطة المجلس الوطني، فالواضح أنها تقبلت موقف حركة فتح على خلفية التطمينات التي تلقتها من أكثر من جهة، أن موافقتها على الإنتخابات بأجندة «التتابع»، إنما تشمل جميع محطاتها بدون إستثناء.

الإنتخابات .. التأجيل

يساوي الإلغاء

■ وأخيراً، وعلى الرغم من التحفظات التي يُمكن أن تُبدى على ما توصل إليه الحوار الوطني بجولتيه، ومن عدم الإرتياح إلى الأسلوب الذي تم التعامل فيه مع قضيتي المرجعية السياسية الوطنية المُرحلة منذ بيان 3/9، وإعادة تشكيل المجلس الوطني بالآلية المقرة؛ فقد إنفضت أعمال الحوار الوطني بأجواء مطمئنة إلى إنجاز وطني واعد، يُطلق دينامية ديمقراطية بمحطات متتابعة، تراكمية ومتكاملة فيما بينها، لتجديد مبنى وبرنامج النظام السياسي الفلسطيني من بواباته المختلفة؛ ولم يتبادر إلى الذهن أن مفاجأة غير سارة ستكون بانتظارهم، تقلب الأمور رأساً على عقب، كان يجري التحضير لها وراء الأكمة، مفادها تأجيل الإنتخابات إلى أجل غير مسمى، ما يعني إلغاءها(!)

 

البيان الختامي الصادر عن حوار القاهرة

16 و17/3/2021

 [برعاية مصرية كريمة وبمباركة من فخامة الرئيس «عبد الفتاح السيسي» واستكمالا للجهود المصرية المبذولة لإنهاء الإنقسام، عقدت الفصائل الفلسطينية يومي 16-17/3/2021 إجتماعاً في القاهرة بمشاركة رئاسة المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية، ولجنة الإنتخابات المركزية الفلسطينية:]

1- ناقش المجتمعون بمسئولية عالية القضايا الوطنية كافة والمخاطر التي تواجه القضية الفلسطينية وإجراء الإنتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني إستنادا للمرسوم الرئاسي الصادر في 15 يناير 2021 وسبل تعزيز الشراكة الوطنية، وتم الإتفاق على سُبُل معالجتها بما يعزز المسار الديمقراطي الوطني الفلسطيني، وإحالتها للجهات المختصة

2- إستمع المشاركون إلى تقرير لجنة الإنتخابات المركزية حول سير الإعداد للإنتخابات التشريعية والإتفاق على حلول للموضوعات العالقة، بما يضمن سير العملية الإنتخابية بشفافية ونزاهة عالية تعبر عن تطلعات الشعب الفلسطيني

3- كما قدمت رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني تقريرا تفصيليا حول رؤيتها لوضعية المجلس والمنظمة، حيث ناقش المجتمعون آليات تشكيل المجلس الوطني الجديد وعدد أعضاءه في إطار تعزيز وتفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني

4- إعتبار مؤتمر الأمناء العامين في حالة إنعقاد دائم لمتابعة ما تم التوافق عليه

5- هذا، وأكد المجتمعون على وحدة الأراضي الفلسطينية قانونيا وسياسيا، وعلى ضرورة أن تجرى الإنتخابات القادمة بالقدس والضفة الغريية وقطاع غزة، والتصدي لأية إجراءات قد تعيق إجراءها، خاصة بالقدس

6- كما أكد المشاركون على استكمال تشكيل القيادة الموحدة للمقاومة الشعبية الشاملة وتفعيلها، وفقا لبيان لقاء الأمناء العامين الأخير.

7- كما وقعت الفصائل المشاركة فى الإنتخابات الفلسطينية على ميثاق شرف أكدوا خلاله حرصهم على سير العملية الإنتخابية بكافة مراحلها بشفافية ونزاهة، وأن يسودها التنافس الشريف بين القوائم المتنافسة بما يخدم ويعزز الوحدة الوطنية، والمصلحة العامة، وصون حق المواطن في اختيار من يمثله مع الإلتزام بالقانون الإنتخابي والأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبه لتنظيم سير العملية الإنتخابية

8- توجه المشاركون في الإجتماعات بالتحية والتقدير والإعزاز لشهداء الشعب الفلسطيني والأسرى والأسيرات البواسل، مؤكدين على حرصهم على تعزيز الوحدة الوطنية وبث مشاعر الأمل بين صفوف الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، كما عبر المجتمعون عن تقديرهم لدعم السيد الرئيس «عبد الفتاح السيسىي» للشعب الفلسطيني وعلى الجهود التي تبذلها مصر في رعاية الحوار الوطني الفلسطيني في مراحله كافة ومتابعتها الحثيثة لتنفيذ ما تم الإتفاق عليه

 

(4)

التوافق الوطني .. طريق الإنتخابات

الإنتخابات .. طريق وحدة النظام السياسي

التملص من الإستحقاق

في 29/4 صدر مرسوم بتأجيل إنتخابات المجلس التشريعي المقرة لـ 22/5، إلى أجل غير مسمى، بسبب إجراءات الإحتلال، التي تجعل مشاركة أبناء القدس – إنتخاباً وترشيحاً – تجري في أجواء مقيَّدة، تتسم بوضع المعوقات والعراقيل أمامها، كما حصل في إنتخابات 1996، 2005 و2006.

أما الكلام عن «المعوقات والعراقيل» التي تقيِّد العملية الإنتخابية، تُضيِّق عليها، الخ.. فهو صحيح بلا أدنى شك، لأسباب لا تقتصر على سياسة الإحتلال الساعية بدأب لإلغاء أي مظهر له علاقة بإبراز الهوية الفلسطينية، الطابع الفلسطيني لمدينة القدس؛ بل أيضاً، لأن هذه المعوقات والعراقيل وغيرها الكثير، ملحوظة، موثقة رسمياً في ملحق خاص بالإنتخابات، هو جزء لا يتجزأ من إتفاقية أوسلو الإنتقالية- 28/9/1995.

ملحق الإنتخابات هذا، يُخرج – بالكلمة والحرف – القدس الشرقية من «ولاية»/ Juridiction – لجنة الإنتخابات المركزية، ويحظر إقامة مراكز إنتخابية في المدينة، ويُحيل إلى مراكز البريد – بدون حضور مراقبين دوليين – عملية الإقتراع نفسها بواسطة رسائل بريدية تودع في صندوق تحت الإشراف الإسرائيلي، قبل أن تُرسل إلى مركز الفرز الفلسطيني.

إن كل هذا يدور على خلفية «فلسفة» مفادها الفصل بين الناخب والمكان، لا بل إخراج الناخب من المكان؛ فالناخبون هم سكان في اللامكان، باعتبار المكان تحت السيادة الإسرائيلية، وباعتبارهم غير مقيمين في المكان الذي يعيشون فيه منذ الأزل، وكأنهم يقترعون من خارج هذا المكان؛ مشهد سوريالي بحق، وبكل المقاييس(!).

هذا الوضع كان يضع الحالة الفلسطينية – منطقياً – أمام 3 خيارات: إما القبول بصيغة أوسلو كما حصل في الإنتخابات السابقة؛ أو تسليط الضغوط على الإحتلال لكي تجري الإنتخابات في القدس الشرقية على نسق ما هو قائم في الضفة والقطاع؛ أو الخروج عن شروط أوسلو باجتراح صيغة بجهد وطني مشترك لخوض الإنتخابات في القدس الشرقية بمواجهة الإجراءات الإسرائيلية.

وبما أنه من المستبعد أن يستجيب الإحتلال لتعديل صيغة أوسلو لانتخابات القدس الشرقية، فإن التكيف مع ما سبق، أو كسره ومواجهته، يضحى قراراً وطنياً تتخذه المرجعية الجامعة التي أطلقت العملية الإنتخابية، وليس مركز القرار البيروقراطي في السلطة ومنظمة التحرير، الذي إعتمد – من خارج لائحة الخيارات المتاحة - خياراً رابعاً بتأجيل الإنتخابات إلى أجل غير مسمى، أي بإلغائها.

وإذا وضعنا جانباً ما يعبر عنه الإنفراد باتخاذ القرار من عدم إحترام لقرار المرجعية الوطنية، فإنه لا يمكن أن يفسر سوى أنه محاولة للتملص من الإستحقاق الإنتخابي، بما هو محطة إختبار سوف تترتب على نتائجها إعادة صياغة لأوضاع النظام السياسي تمس بمراكز إتخاذ القرار في بنيته، حيث مازالت نتائج محطة 2006 تقض المضاجع.

وبالنتيجة، فإن هذا التفكير ضيق الأفق، أطاح بفرصة، ليس من السهل أن يُعقد شرطها في كل الأحيان، لإعادة ترتيب أوضاع النظام السياسي، توحيداً للصف ولماً للشمل بمواجهة الصعوبات المقبلة على شعبنا في كل حدبٍ وصوب، فرصة قد لا تسنح أمام الحركة الفلسطينية مرة أخرى في القريب العاجل

 

النظام السياسي أمام

إستحقاق إعادة البناء

النظام السياسي الفلسطيني وعلى رأسه «السلطة الرسمية» لم يَعُدْ يستجيب بنيوياً لمتطلبات النضال الوطني التحرري، فهو مقيَّد منذ ثلاثة عقود باستراتيجية عقيمة لا تفتح على إنجاز الحقوق، ويُحجم – في الوقت ذاته – عن إعتماد إستراتيجية بديلة، توفر عناصرها قرارات الإجماع الوطني الصادرة عن الدورات المتتابعة للمجلسين الوطني والمركزي منذ العام 2015.

والحالة نفسها تنطبق على «سلطة الأمر الواقع»- المعبرة عن حال الإنقسام المؤسسي السائد – وإن بسياق مختلف، كونها تتحرك خارج إطار إستراتيجية أوسلو، ما يؤكد أن الموقف من هذه الإستراتيجية، تقيِّداً بالتزاماتها أو خروجاً عنها، ليس وحده مقياسٌ للحكم على صواب أو خطأ السياسة المتبعة.

وفي الحالتين نقول: إن السياسة الصائبة المعبرة عن المصلحة الوطنية تكون باعتماد إستراتيجية توحد الشعب وقواه السياسية تحت راية البرنامج الوطني المعتمد، بأشكال النضال المناسبة، التي تخدم أهدافه.

إن المطروح حالياً على رأس أجندة العمل الوطني ليس أقل من تطوير، والأصح إعادة بناء النظام السياسي بواسطة الإنتخابات العامة، ما يُعَبِّر أيضاً عن مطلب الشعب بأسره، وهل من دليل على تأصل هذه الحالة، أكثر بلاغة من الإقبال منقطع النظير على الإكتتاب في سجل الناخبين، إثر الدعوة للإنتخابات في الضفة والقطاع – 15/1/2021، والتي بلغت درجة مذهلة في إرتفاع نسبتها- 93,3% من مجموع من يحق لهم حق الإقتراع(!)

رأس الحكمة..

التوافق الوطني

طالما ثمة إجماع شعبي على ضرورة إعادة صياغة أوضاع النظام السياسي بواسطة الإنتخابات العامة، فلماذا تعذر القيام بذلك في العقدين الأخيرين؟ ولماذا لم تتمكن القوى السياسية من الإنسجام فيما بينها تجاوباً مع هذا المطلب الشعبي الذي لا خلاف على مشروعيته، وأحقيته، وملحاحيته؟

في الإجابة على هذا السؤال بشقيه، لن نستعين بتجارب آخرين، ولن نبحث في بواطن الكتب، بل نعود بكل بساطة إلى التجربة المعاشة التي تبقى أصدق إنباءً من الطرق الأخرى، فهي تمتد إلى ثلاثة عقود مضت، وتقطع بجميع المحطات التي إجتازتها والتجارب التي تخللتها، بالإنعكاسات السلبية بأشكال مختلفة على العملية الإنتخابية، وصولاً إلى تعطيلها، عندما تفتقد إلى الحد الأدنى من التوافق الوطني:

فالإنتخابات التشريعية الأولى – 1996، التي قاطعتها قوى سياسية مؤثرة، جمعتها دون أن توحدها معارضة عملية أوسلو، أنتجت مؤسسة منقوصة التمثيل السياسي، ما أدى إلى إنتقال التجاذبات السياسية إلى الشارع، فبتنا أمام مؤسسة اللون السياسي الواحد، التي لا دور لها عملياً سوى إدارة التباينات بين ممثلي الفريق الواحد، على حساب دورها المفترض في مساءلة ومحاسبة المستوى التنفيذي الذي تمثله الحكومة.

بالمقابل، فإن إنتخابات تشريعي العام 2006، وإن عكست التمثيل الشامل، أو ما يقاربه، فإنها فاقمت الخلاف السياسي وحولته إلى إنقلاب عليها، أنتج إنقساماً مازلنا نتخبط في تداعياته.

وأخيراً، فإن عدم توفر الحد الأدنى من التوافق السياسي حال دون وقوع إنتخابات العام 2021، رغم إستكمال كل التحضيرات اللازمة لإجرائها، بما فيه إنعقاد الشرط الخارجي.

التوافق الوطني، الرضائي، المبني على قناعات الحد الأدنى، هو طريق الإنتخابات الضامنة لوحدة النظام، بكل ما يمكن أن يمور بداخليه من خلافات، وما يدور في أرجائه من صراعات. إن الإقدام على الإنتخابات بدون ذلك، لا يتعدى كونه قفزة في الفراغ، تقود إما إلى الإجتزاء – 1996، أو الإنقسام – 2006/2007، أو التعطيل– 2021؛ وجميعها أوجه متعددة لنظام سياسي «فاشل». من هنا: رأس الحكمة يكون بتوافق الحد الأدنى، وإلا، فعلى الإنتخابات السلام

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحوار الوطني بين مرحلتين..

2021-2023

 

 

 

 

■ مقدمة

1- الحوار الوطني في الجزائر – 11 إلى 13/10/2022

2- إجتماع الأمناء العامين، العلمين – 30/7/2023

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة

■ بعد إنقطاع الحوار الوطني إثر لقائي القاهرة – 2 و3/2021، والإرتداد عن قرار إجراء الإنتخابات العامة – 29/4/2021، إجتازت العلاقات الوطنية مرحلة صعبة، تخللتها حملات إعلامية متبادلة بين حركتي فتح وحماس، لم تُفلح «معركة القدس»- 13/4 إلى 21/5/2021، بفصلها الختامي «سيف القدس»، وبالنتائج الإيجابية التي تمخضت عنها، بامتصاص توتراتها.

ضمن هذه الأجواء، دعت الجزائر إلى حوار وطني كشف المعروف من الخلافات، عَبَّر عن بعض جوانبها البيان الختامي- «إعلان الجزائر»، الذي قفز – من بين أمور أخرى - عن تشكيل «حكومة الوحدة الوطنية»؛ أما لقاء الأمناء العامين، الذي إستضافته مصر، فلم يخرج – لاحتدام الخلاف - ببيان ختامي عن أعماله، بل إكتفى بالتأكيد على مواصلة البحث بالقضايا المطروحة على أجندة العمل الوطني – بما فيه موضوع الإنقسام – من خلال «لجنة متابعة» لم تباشر أعمالها، كونها لم تتشكل، لخلاف نشب حول أسس تشكيلها■

 

(1)

الحوار الوطني في الجزائر

11-13/10/2022

في العملية التحضيرية

■ بدأت جهود الجزائر لرأب الصدع الفلسطيني في مطلع عام 2022، حيث إلتقت على أرض الجزائر بوفود من مختلف الفصائل والشخصيات بشكل ثنائي، واستمعت إلى مواقفها وطروحاتها لتجاوز الإنقسام وبناء الوحدة الداخلية، وتسلمت أوراقاً ومشاريع من أكثر من فصيل، بما فيه «المبادرة السياسية الشاملة لتجاوز الإنقسام واستعادة الوحدة»- 16/1/2022، التي تقدمت بها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.

■ وفي إطار العملية التحضيرية ذاتها، دعت الجزائر في أيلول/ سبتمبر 2022 وفدين من حركتي فتح وحماس لاجتماع مشترك، عرضت عليهما ورقة تم إستخلاصها من طروحات اللقاءات الثنائية، ورقة تنص على خطوات محددة، ومنها تشكيل حكومة وحدة وطنية من شخصيات وكفاءات، تكون مهمتها تنفيذ إستراتيجية وطنية شاملة، وتوحيد المؤسسات الفلسطينية للسلطة ومنظمة التحرير، وتحقيق الشراكة الوطنية؛ إلى جانب إجراء إنتخابات عامة – مجلس وطني + مجلس تشريعي + رئاسة السلطة – خلال مدة أقصاها ثلاثة شهور على صدور البيان الختامي/ «إعلان الجزائر».

■ قدَّمت حركة فتح تعديلات على هذه الورقة، أهمها النص الصريح على إلتزام حكومة الوحدة الوطنية بقرارات الشرعية الدولية، الأمر الذي لم يكن لحركة حماس أن توافق عليه؛ كما قدمت فتح تعديلات أخرى جرى إعتمادها، نذكر منها: تمديد سقف إجراء الإنتخابات العامة من ثلاثة شهور إلى سنة + حصر آلية عمل الأمناء العامين للفصائل بمتابعة عملية إنهاء الإنقسام،... فاعْتُمدت صيغة: «تفعيل آلية الأمناء العامين للفصائل لمتابعة إنهاء الإنقسام وتحقيق الوحدة والشراكة السياسية الوطنية»، بدلاً من الصيغة ذات المساحة الأوسع المقدمة من الجزائر: «تفعيل آلية العمل للأمناء العامين للفصائل لتسهيل عمل حكومة الوحدة الوطنية على طريق إنهاء الإنقسام وإنجاز المصالحة والشراكة السياسية الوطنية لمتابعة الشأن الفلسطيني».

■ على ضوء هذه المداولات، جَهَّزَ الطرف الجزائري المضيف مشروعاً لإعلان سياسي يصدر عن أعمال الحوار، قُدِّم إلى الوفود في 9/10، أي عشية إنعقاد الإجتماع، جاءت فيه الفقرة 6 المتعلقة بالتزام الحكومة بالشرعية الدولية، على النحو التالي: «تشكيل حكومة وحدة تلتزم بالشرعية الدولية وتُحظى بدعم مختلف القوى الفلسطينية وتكون مهمتها الأساسية تنفيذ إستراتيجية وطنية موحدة لمواجهة الإحتلال الإسرائيلي أخذاً بالإعتبار التطورات الخطيرة الحاصلة على الساحتين الإقليمية والدولية وتداعياتها على مستقبل القضية الفلسطينية»

«إلتزام الحكومة بالشرعية الدولية»..

خلاف، فإجماع، ومن ثم..

■ ناقش الإجتماع مشروع البيان السياسي بنداً بنداً في أجواء إيجابية ساعدت على إدخال التدقيقات اللازمة على النص المقترح، باستثناء ما يتصل بـبند «إلتزام الحكومة بالشرعية الدولية» الذي تركز الخلاف عليه: فتح تمسكت به ومعها فصائل أخرى؛ حماس – بالمقابل – ومعها أيضاً من يؤيدها، طرحت مجموعة من التساؤلات الإستنكارية على غرار: ما هي الشرعية الدولية المقصودة، شرعية أميركا وحروبها في العالم، أم شروط «الرباعية الدولية»، الخ..

■ أما الجبهة الديمقراطية، فقد إقترحت إيراد موضوع الشرعية الدولية في سياق ينزع عنها أية «شبهة» تنازل عن الحقوق الوطنية: «تشكيل حكومة وحدة وطنية من مختلف القوى السياسية والشخصيات يقوم برنامجها على ما نَصَّت  عليه «وثيقة الوفاق الوطني»، وقرارات المجلسين الوطني والمركزي، بما في ذلك قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية والحقوق الوطنية غير القابلة للتصرف، وبما يمكن الحكومة من القيام بمسئولياتها».

وبنتيجة النقاش توحد الرأي على أن الشرعية المقصود إلتزام الحكومة بها، هي قرارات الأمم المتحدة المؤيدة لحقوقنا الوطنية. وعليه، تم الإجماع على الصيغة التالية للبند الرقم 7، وهو البند المتعلق بالحكومة: «أكدت القوى الفلسطينية المجتمعة في الجزائر إلتزامها بوثيقة الوفاق الوطني والعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم بالقانون الدولي والمواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومنظماتها ذات الصلة المؤيدة لحقوق شعبنا الفلسطيني لممارسة حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وتكون مهمة الحكومة السياسية تنفيذ إستراتيجية وطنية موحدة لمواجهة الإحتلال والإستيطان الإستعماري، آخذين بعين الإعتبار التطورات الخطيرة الحاصلة على الساحتين الإقليمية والدولية وتداعياتها على مستقبل القضية الفلسطينية، وعلى أن يتم تشكيل الحكومة في موعد أقصاه عام من التوقيع على هذا الإعلان»

.. ومن ثم إلغاء(!)

بعد أن تم إبلاغ الجانب الجزائري باتفاق جميع أطراف الحوار على صيغة الإعلان، بما فيه الفقرة 7 السابق ذكرها، رفض رئيس وفد حركة فتح – بناء على قرار تبلغه من مرجعيته التنظيمية في رام الله – التوقيع على الإعلان، مصراً على أن بند تشكيل الحكومة ينبغي أن يتضمن الصيغة التي طرحها وفد فتح، بداية، ذلك أن «وثيقة الوفاق الوطنية» قد مضى عليها 17 عاماً، ومنذ ذلك الحين، فإن الزمن قد تغيَّر، حيث بتنا في قلب الشرعية الدولية، وأصبحنا أعضاء في الأمم المتحدة، الخ..

وبالنتيجة، لم يعد هناك من مخرج لهذا الإستعصاء سوى القبول باقتراح رئيس وفد فتح القاضي بحذف بند تشكيل الحكومة بكامله – أي البند 7 – بحيث لا ينص الإعلان – أي «إعلان الجزائر» على تشكيل حكومة وحدة وطنية.

■ حيث إرتأى المؤتمرون – تحت وطأة تحدي الإرادات وضغط الوقت في آن معاً – أن شطب البند 7 هو الحل المتاح، رغم أنه يطيح بقضية رئيسية ليست أقل من تشكيل الحكومة التي تدير الشان الداخلي الفلسطيني في الضفة والقطاع(!)، فإن هذا لا يعني أن الإبقاء على البند 7 بالصيغة المقترحة هو المخرج المناسب من مأزق مفتعل؛ فهذا المخرج المزعوم يحاول بصياغات ملتوية – مزدحمة بالإستدراكات ومثقلة بالتحوطات – أن يلتف على الموضوع الحقيقي المطروح، فيزيده غموضاً، أو يجعله أكثر إلتباساً. فإذا كان المحذور من ذكر قرارات الشرعية الدولية لدى البعض هو تجنب ما يمكن أن يفهم أنه لصالح العدو، فلقد كان بالإمكان – بكل بساطة – تخطي هذا المحذور بإضافة لازمة «ذات الصلة بالحقوق الوطنية» على نص «قرارات الشرعية الدولية»، كما وردت في الصيغة الواضحة والمتماسكة المقدمة من الجانب الجزائري في ورقة 9/10 السابق ذكرها.

إن عدم التوصل إلى هذا الحل البسيط يؤشر إلى تغليب خيار الشقاق على خيار الوفاق لدى بعض المشاركين في الحوار، لتوظيفه في المناورات الإعلامية، بدلاً من تثميره تقريباً لذات البين■

في تقييم «إعلان الجزائر»

■ يستمد أي إعلان سياسي قوته من تماسك بنوده التنفيذية ووضوحها، ومن عدم التخلي عن أمور بعينها، تكون في العادة ذات طابع مفصلي؛ فقوة الإعلان تكون بما نصَّ عليه من جهة، وبما لم يسقطه أو يتجاهله، من جهة أخرى. ومن هذه الزاوية، فإن مكامن الضعف في «إعلان الجزائر» تتمثل بما يلي:

عدم النص على هدف النضال الوطني التحرري المتمثل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وبالقدس عاصمة على حدود الـ 67 + حق العودة إلى الديار والممتلكات للاجئين الفلسطينيين بموجب القرار 194.

إغفال ذكر قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالحقوق الوطنية لشعبنا.

القفز عن ذكر تشكيل حكومة فلسطينية، بأي صفة كانت: وحدة وطنية، وفاق وطني، الخ..، ما يبقي مسألة من يدير أوضاع الضفة والقطاع في دائرة التجهيل، ويجعلها قابلة للتأويل بعدة إتجاهات، بما فيها إحتمال أن تحل الإدارة المدنية الإسرائيلية مكان الحكومة الفلسطينية.

■ هذه الثغرات في مبنى «الإعلان» لا تقلل – بطبيعة الحال – من أهمية النقاط البناءة التي وردت فيه، نذكر منها:

الإشارة في أكثر من مكان إلى مكانة م.ت.ف، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وتعزيز دورها وتفعيل مؤسساتها بمشاركة الكل الفلسطيني وإنضمامه إليها، وبما ينهي الإنقسام في نهاية المطاف.

تكريس مبدأ الشراكة السياسية بين مختلف القوى السياسية.

النص في أكثر من بند على الإنتخابات العامة: الوطني + التشريعي + الرئاسة.

تفعيل آلية الأمناء العامين.

تولي فريق عمل جزائري عربي الإشراف والمتابعة لتنفيذ بنود الإعلان.

■ وبالمحصلة، يطرح نفسه السؤال التالي: ما هو التقييم الإجمالي لـ «إعلان الجزائر» باعتباره يُلخص مخرجات الحوار؟ وعلى هذا نجيب: بما أن الحوار بين مختلف مكونات الحالة الفلسطينية هو أمر إيجابي بحد ذاته، حيث «البعد جفاء، والقرب صفاء»، فإن ما تم الإتفاق عليه – وإن بقي دون الطموح – فهو من المفترض والمأمول في آن معاً، أن يؤسس لما هو أرقى■

 

«إعلان الجزائر» المنبثق عن

«مؤتمر لم الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية»

11 إلى 13/10/2022

تجسيدا للمبادرة السامية التي أعلن عنها السيد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، بعد التشاور والتنسيق مع السيد محمود عباس، رئيس دولة فلسطين ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، خلال زيارته إلى الجزائر، في الفترة من 5 إلى 7 ديسمبر 2021، وتحت الرعاية الكريمة للسيد الرئيس عبد المجيد تبون، جرت بالجزائر، في الفترة الممتدة من شهر يناير إلى شهر سبتمبر من سنة 2022، محادثات مع ممثلي مختلف القوى والفصائل السياسية للشعب الفلسطيني وعدد من الشخصيات الوطنية الفلسطينية المستقلة.

وتأتي المبادرة الجزائرية إنطلاقا من القناعة الراسخة أن الوضع الراهن الذي تمر به القضية الفلسطينية جراء إستمرار الإحتلال الإسرائيلي الممنهج والإعتداءات المتكررة على الشعب الفلسطيني وعلى المقدسات الإسلامية والمسيحية، خاصة في القدس والمسجد الأقصى، وكذا الإنسداد والفشل الحاصل في مسار السلام بالشرق الأوسط، اللذان يشكلان خطرا جسيماً على القضية الفلسطينية، فضلا عما آلت إليه القضية الفلسطينية على الساحتين العربية والدولية في ظل إستغلال الإنقسام داخل البيت الفلسطيني وما ترتب عنه من آثار سلبية على الجهود الرامية لاستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وانطلاقا من المسؤولية الوطنية والتاريخية التي تقتضي إعلاء المصلحة العليا للشعب الفلسطيني وعلى ضوء التفاعل الإيجابي والإنخراط الجاد للأشقاء الفلسطينيين في جهود الجزائر، لاسيما اللقاء الأخوي الذي جمع بين السيد الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية -حماس- السيد إسماعيل هنية، بالجزائر، يوم 5 يوليو 2022، بمناسبة مشاركتهما في الإحتفالات المخلدة للذكرى الستين لاسترجاع الجزائر إستقلالها الوطني، تركزت المحادثات بالأساس حول سبل تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية عبر إنهاء الإنقسام ولم شمل مختلف القوى الفلسطينية بجميع أطيافها وتوحيد جهودها لدعم قضيتها العادلة وتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني.

وخلال المحادثات، عَبَّرَ المشاركون عن إرتياحهم للمبادرة الجزائرية باعتبارها فرصة ثمينة لتحقيق المصالحة الوطنية داخل البيت الفلسطيني، كما ثمنوا الجهود العربية المتواصلة لاسيما المبادرات العربية وخاصة المصرية والسعودية والقطرية الداعمة للقضية الفلسطينية والجهود المبذولة التي سمحت بالتوقيع على عدة إتفاقيات لإنهاء الإنقسام في صفوف الأشقاء الفلسطينيين.

وقد تكللت أشغال مؤتمر الجزائر بالنجاح، بفضل الله تعالى، ثم بفضل الجهود المخلصة لممثلي الفصائل الفلسطينية، في ظل الرعاية الجزائرية الكريمة، حيث تم الإتفاق على المباديء التالية:

1- التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية كأساس للصمود والتصدي ومقاومة الإحتلال لتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني و اعتماد لغة الحوار والتشاور لحل الخلافات على الساحة الفلسطينية بهدف إنضمام الكل الوطني إلى منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

2- تكريس مبدأ الشراكة السياسية بين مختلف القوى الوطنية الفلسطينية، بما في ذلك عن طريق الإنتخابات وبما يسمح بمشاركة واسعة في الإستحقاقات الوطنية القادمة في الوطن والشتات.

3- إتخاذ الخطوات العملية لتحقيق المصالحة الوطنية عبر إنهاء الانقسام.

4- تعزيز وتطوير دور منظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بجميع مكوناته، ولا بديل عنها.

5- يتم إنتخاب المجلس الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج حيث ما أمكن، بنظام التمثيل النسبي الكامل وفق الصيغة المتفق عليها والقوانين المعتمدة بمشاركة جميع القوى الفلسطينية خلال مدة أقصاها عام واحد من تاريخ التوقيع على هذا الإعلان.

وتعرب الجزائر، بهذه المناسبة، عن إستعدادها لاحتضان إنعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الجديد والذي لقي شكر وتقدير جميع الفصائل المشاركة في هذا المؤتمر.

6- الإسراع بإجراء إنتخابات عامة رئاسية وتشريعية في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، وفق القوانين المعتمدة في مدة أقصاها عام من تاريخ التوقيع على هذا الإعلان.

7- توحيد المؤسسات الوطنية الفلسطينية وتجنيد الطاقات والموارد المتاحة الضرورية، لتنفيذ مشاريع إعادة الإعمار ودعم البنية التحتية والإجتماعية للشعب الفلسطيني، بما يدعم صموده في مواجهة الإحتلال الإسرائيلي.

8- تفعيل آلية الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية لمتابعة إنهاء الإنقسام وتحقيق الوحدة الوطنية والشراكة السياسية الوطنية.

9- يتولى فريق عمل جزائري - عربي الإشراف والمتابعة لتنفيذ بنود هذا الإتفاق بالتعاون مع الجانب الفلسطيني، وتدير الجزائر عمل الفريق.

■ يوجه المجتمعون التحية إلى جماهير الشعب الفلسطيني، في القدس والضفة الغربية وفي غزة الصامدة وفي الداخل الفلسطيني وفي الشتات، المنتفضة ضد الإحتلال ونظام الإضطهاد والتمييز العنصري (الأبارتايد)، ويعاهدونها على تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية والإلتفاف حول برنامج وطني كفاحي جامع لكل مكونات الشعب الفلسطيني، ويحيون التضحيات العظيمة للشهداء البواسل والنضال البطولي للأسرى والأسيرات في سجون الإحتلال الذين تلتزم القوى بالنضال من أجل تحقيق حريتهم.

وتؤكد القوى إلتزامها بتطوير المقاومة الشعبية وتوسيعها وحق الشعب الفلسطيني في المقاومة بأشكالها كافة.

يتقدم المشاركون في «مؤتمر لم الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية» بالشكر والتقدير للسيد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، على مبادرته ورعايته للمؤتمر وصولا للنتائج التي تمخضت عنه بـ«إعلان الجزائر».

ويدعو المشاركون الأشقاء بالجزائر لمواصلة الجهود مع الأشقاء العرب لمتابعة تنفيذ «إعلان الجزائر» الذي توافقت عليه القوى السياسية الفلسطينية■

 

 (2)

إجتماع الأمناء العامين

العلمين، 30/7/2023

[يراجع بها الخصوص الفصل بنفس العنوان، ص 91-128 من كتاب «فلسطين والإقليم» من إصدارات «المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات»- «ملف»، وهو الكتاب الرقم 46 في سلسلة «الطريق إلى الإستقلال»، ط1: نيسان/ إبريل 2024. وفيما يلي أهم ما خرجت به هذه المراجعة:]

بعد تشكيل حكومة الائتلاف اليميني الفاشي لدولة العدوان– 29/12/2022، شهدت الضفة الغربية تصعيداً نوعياً على يد قوات الإحتلال وميليشيات المستوطنين، واجهها شعبنا بمقاومة فاعلة، إستدعت مع إحتدامها – وخاصة بعد إندلاع معركة «بأس جنين» - عقد إجتماع قيادي فلسطيني في رام الله – 3/7/2023، تقرر فيه توجيه دعوة لاجتماع يضم الأمناء العامين، الأمر الذي تحقق بعد أسابيع قليلة في مدينة العلمين- 30/7، باستضافة جمهورية مصر العربية، وبمشاركة جميع الفصائل المعنية، باستثناء 3 فصائل: حركة الجهاد + الجبهة الشعبية – القيادة العامة + منظمة الصاعقة، إعتراضاً على عدم إفراج السلطة الفلسطينية عن المعتقلين على خلفية سياسية، مفادها الإنتماء إلى أجنحة عسكرية

مقدمات تشي بالفشل،

فبل وقوعه

■ على خلاف إجتماع الأمناء العامين بين بيروت ورام الله – 3/9/2020، الذي سبقته تحضيرات جدية وضعت الإجتماع أمام مشروع بيان واقعي ومدروس، لم يجرِ الإعداد لاجتماع العلمين، ما خلا بعض المداولات بين عدد من فصائل العمل الوطني؛ والأهم في هذا السياق، الإجتماع الذي إنعقد في أنقرة قبيل إجتماع العلمين، بدعوة من الرئيس التركي رجب طيِّب أردوغان بين الرئيس محمود عباس، وبين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، لم يأتِ بنتيجة تُذكر، ما أشَّرَ إلى عدم خروج لقاء العلمين بنتائج ملموسة، وهذا ما تأكد بعد إفتتاح أعمال الإجتماع، لا سيّما إثر الإستماع إلى كلمتي محمود عباس وإسماعيل هنية، اللتين ألقيتا أمام الإجتماع، بالنقاط الخلافية التي ظَهَّرَتها:

فالإشارة على لسان الرئيس الفلسطيني إلى مكانة م.ت.ف كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، ووجوب الإلتزام بها وببرنامجها السياسي وبجميع إلتزاماتها الدولية، قابله عدم الإشارة إلى ما تمثله م.ت.ف من قبل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي إكتفى بالدعوة إلى «إعادة بناء وتطوير م.ت.ف».  

وتأكيد الرئيس الفلسطيني على «المقاومة الشعبية السلمية» باعتبارها من متطلبات المرحلة والأسلوب الأمثل لمواصلة نضالنا وتحقيق أهدافنا الوطنية، قابله على لسان رئيس حركة حماس، الكلام عن «المقاومة بكل أشكالها وخاصة المقاومة المسلحة مروراً بالمقاومة الشعبية والإعلامية والسياسية،..».

■ على امتداد فترة إنعقاد الإجتماع، لم تُفلح الجهود التي بُذلت لإيجاد مساحة مشتركة بين «القطبين». وفي هذا السياق لم يشق طريقه إلى القبول مشروع البيان المشترك الذي إقترحته الجبهة الديمقراطية، في الوقت الذي أكدت في كلمتها أمام الإجتماع على عدد من النقاط، ومنها ما يقدم إجابة واقعية على القضايا الخلافية المتضمنة في خطابي عباس وهنية؛ وفي هذا السياق سلطت كلمة الجبهة الديمقراطية على أهمية التمسك بالكيانية الفلسطينية بركنيها: المنظمة بمكانتها التمثيلية الحصرية + البرنامج المرحلي بركيزتيه: الدولة + العودة، وبالجدار الحامي لكل هذا، الذي تشكله قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، لتوجيه وقيادة نضال شعبنا الوطني التحرري في الميدان والسياسة معاً.

وعلى مستوى الفعل في الميدان بالذات، أشارت كلمة الجبهة الديمقراطية إلى إحتلال المقاومة بكل أشكالها موقع الصدارة في الميدان، آخذين بالإعتبار أن المقاومة الشعبية، كونها حركة جماهيرية، هي حركة ديمقراطية بالأصالة، لا يمكن حصرها بأسلوب دون غيره، فهي تتحرك ذاتياً على قوس واسع من الفعاليات لا تستثني العنفي منها كرد فعل شرعي، صحي ومطلوب في مواجهة العنف الإستعماري بوجهيه الإحتلالي والإستيطاني، الذي هو عدوان مستدام على فلسطين، شعباً وأرضاً، بتعريف القانون الدولي

«بيان رئاسي ختامي»

بدلاً من «البيان الختامي»(!)

■ في نهاية المطاف، لم يتم الإتفاق على إصدار بيان مشترك يرسم توجهات إجتماع الأمناء العامين، فتم الإكتفاء بإصدار «بيان رئاسي ختامي» توجه فيه الرئيس أبو مازن إلى المجتمعين بالدعوة التالية: «... أدعوكم لتشكيل لجنة منكم تقوم باستكمال الحوار حول القضايا والملفات المختلفة التي جرى مناقشتها اليوم، بهدف إنهاء الإنقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية. وأطلب من هذه اللجنة الشروع في العمل فوراً لإنجاز مهمتها والعودة إلينا بما تصل إليه من إتفاقات أو توصيات..».

■ وبالنتيجة، لم تتشكل «لجنة المتابعة» لعدم الإتفاق بين فتح وحماس على أسس التشكيل، فانتهى إجتماع الأمناء العامين والبيان الرئاسي الختامي إلى لا شيء، سوى خيبة الأمل من محطة حوار وطني أخرى تُضَم بنتائجها إلى أرشيف ما سبقها من خيبات، إنما هذه المرة بدون «بيان ختامي»■

 

كلمة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

30/7/2023

[ بداية، دعت الكلمة، إلى مراجعة قواعد الإشتباك مع الإحتلال الإسرائيلي، وبما يتناسب والتغييرات الكبرى التي نشهدها على الصعد الوطنية والإقليمية والدولية، سيما ما طرأ على وضع الحكم في إسرائيل بعد مجيء الحكومة الجديدة، وتبني نواتها الصلبة ما أسمته بـ «استراتيجية الحسم» مع الشعب الفلسطيني من خلال العمل الحثيث على توفير شروط ضم الضفة الغربية في إطار إقامة دولة «إسرائيل الكبرى».

وتابعت الكلمة: وبما أن لقاءنا اليوم ينعقد بطموح «الإتفاق على رؤية وطنية شاملة وتوحيد الصف لمواجهة العدوان الإسرائيلي والتصدي له»، فإن خير ما نبدأ به مساهمتنا هو التذكير بالأعمدة الرئيسية التي تقوم عليها وحدتنا الداخلية والتي نفترض أنها تتمثل بامتلاك تعريف موحد، وبأقل ما يمكن من هامش الإجتهاد الخاص، لمفاهيم أساس تعكسها مصطلحات الكيانية، المقاومة الشعبية، الإنفكاك عن أوسلو والحريات الديمقراطية. وفيما يلي أهم ما ورد في كلمة الجبهة الديمقراطية:]

(1)

في المفاهيم الأساس

التي تقوم عليها الوحدة الداخلية

أولاً- الكيانية الفلسطينية المستقلة

المكانة القانونية والسياسية لـ م.ت.ف باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، هي الأساس الذي يقوم عليه إعتراف العالم بحق تقرير المصير لشعبنا؛ المساس بهذه المكانة لا يعني أقل من تشريع الأبواب للمساس بهذا الحق، فلا اعتراف بحق تقرير المصير للشعب، إلا بوحدانية تمثيله القانوني والسياسي. وهذه الأمور هي من مسلمات القانون الدولي والعلاقات الدولية، بل هي جزء لا يتجزأ من الإرث الإنساني والتاريخي، الذي أقام صرح تلك الكيانات السياسية في عالمنا المعاصر، المرتكزة على القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة وشرعة حقوق الإنسان.

في هذا الإطار، فإن الدولة المستقلة كاملة السيادة بعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967 هي التعبير الملموس لهذا الحق. ولولا هذا التعبير المحدد للكيان السياسي المنشود، حدوداً وعاصمة، لما كان الإعتراف عربياً ودولياً بوحدانية التمثيل للمنظمة. ومن هنا الكلام عن الكيانية الفلسطينية المستقلة بركنيها المتلازمين، كتوأمين سياميين: المنظمة بمكانتها، والدولة بحدودها وعاصمتها، وأي محاولة للفصل بين الأمرين، ما هو إلا عبث يقفز عن المسار التاريخي والنضال المكلف الذي أنتج معادلة الكيانية بركنيها، وبعلاقتها المكينة مع منظومة الشرعية الدولية، التي تقيم هذه المعادلة بثبات خلف جدرانها تتغذى على نسغها، محمية من تطاول إسرائيل عليها في سعيها الدائب لفرض الحلول التصفوية للحقوق الوطنية لشعبنا، في المحافل الدولية.

منظومة الشرعية الدولية تقوم على مؤسسات تصدر عنها توصيات وقرارات، ومنها ما يتصل بقضيتنا الوطنية على غرار القرار الأممي الرقم 194-11/12/1948، الذي يكفل حق العودة إلى الديار والممتلكات للاجئين الذين هجروا من أرضهم منذ العام 1948، والذي بدونه لا تكتمل معادلة تحصيل الحقوق الوطنية في المدى التاريخي المرئي.

لقد جاءت هذه القرارات – بغالبيتها الساحقة – منصفة لحقوقنا، أما تلك التي تخرج عن هذا السياق على شاكلة القرار الأممي الرقم 273-11/5/1949 القاضي بقبول عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، إذ يتطلب «تطبيق إسرائيل للقرارين 181 و 194»، الأمر الذي لم يحصل حتى الآن، فهو يفسح في المجال أمامنا لمطاولة إسرائيل بالقانون ومقاضاتها على أساسه، ما يترتب عليه خوض معركة مفتوحة للطعن بشرعية وقانونية الكيان في المؤسسة الدولية.

إن الكيانية الفلسطينية المسوّرة بقرارات الشرعية الدولية، تمثل إنجازاً وطنياً فائق الأهمية والفعالية في آن معاً؛ وهي – أي الكيانية - جزء رئيسي فاعل في تشكيل وإدارة ميزان القوى بيننا وبين العدو المحتل الغاصب، الذي لن يُحسم لصالح شعبنا إلا بتضافر جميع عناصر القوة، وفي مقدمتها بناء القوة الذاتية القادرة على استنزاف الإحتلال ليلاً نهاراً.

إن الكيانية الفلسطينية بركنيها، والجدار الحامي لقرارات الشرعية الدولية، لا تنجز وحدها الحقوق الوطنية، وبالمقابل، فإن هذه الحقوق لن تشق طريقها بمعزل عن هذه الكيانية والسعي الدائم لدعمها بكل عناصر القوة الناجمة عن تقدم عملية تدويل قضيتنا الوطنية، التي تتكامل فيها 3 أبعاد:

1- توسيع دائرة الإعتراف دولياً بالحقوق الوطنية لشعبنا، وبأوسع إعتراف ممكن بدولة فلسطين بحدودها وعاصمتها، بما فيه إنتزاع العضوية العاملة لدولة فلسطين من الأمم المتحدة، واستمرار العمل لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني تحت الإحتلال.

2- التوقيع على مزيد من الإتفاقيات الدولية وتوسيع المشاركة في المؤسسات الدولية والوكالات المتخصصة للأمم المتحدة، ومنها – على سبيل المثال - منظمة حماية الملكية الفكرية، ومنظمة التنمية الصناعية الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، الخ...

3- اللجوء إلى أدوات القانون الدولي من أجل محاسبة إسرائيل على إنتهاكاتها، وجرائم الحرب التي ترتكبها، وإمعانها في سياسة الأبارتهايد، وصولاً إلى توسيع دائرة المقاطعة – B.D.S بمختلف صيغها وأشكالها.

وعليه، علينا الحرص على صون هذه الكيانية، ونرعاها بحدقات الأعين، فهي من ثوابت العمل الوطني، وليست ملكاً لجهة دون غيرها، بل هي ملك للشعب بأسره، بذل في سبيل تحقيقها أغلى التضحيات، ومنها نستمد قوة وعزماً في النضال من أجل النصر المبين.

ومن هذا الموقع، الذي يدرك القيمة الوطنية العليا للكيانية الفلسطينية، علينا إبعاد هذه الكيانية، بكل مكوناتها، عن حقل التجاذب السياسي، بكل التباينات التي ينطوي عليها، فالخلل الفادح – على سبيل المثال - الناجم عن النقص في الحضور الفصائلي – وبالتالي الجماهيري والسياسي – في مؤسسات م.ت.ف، لا يُحل من خلال تعليق التسليم بما تمثله الكيانية بالمكونات الآنف ذكرها على شروط بعينها، حتى لو كانت محقة وعادلة، بل تُحل من خلال عملية سياسية هادفة تُصوب الخلل السياسي البنيوي في المؤسسة، لجهة تمامية التمثيل، إن بالتوافق أو الإنتخابات بالتمثيل النسبي، أو بالآليتين معاً

 

ثانياً- المقاومة الشعبية

هي التعبير الأرقى للحركة الجماهيرية المناهضة للإحتلال بجميع أشكال المواجهة المتاحة، وليس من حق مراكز القرار الفوقية، أكانت سلطوية أم حزبية، لا بل ليس بمقدورها أصلاً أن تقرر سمة ما، أو أسلوباً بعينه لهذه الحركة، سلمية أم عنفية، أم غير ذلك... علماً أن المقاومة الشعبية ليست وحدها صاحبة القرار في تعيين سمتها أو إختيار أسلوبها، فالطرف الآخر الذي تتوجه ضده هو الذي يحسم أيضاً بذلك، تبعاً للطريقة التي يأخذ بها في التعامل مع هذه الظاهرة، ومنسوب القمع الذي يلجأ لاستخدامه.

كونها حركة جماهيرية، فإن المقاومة الشعبية هي ديمقراطية بالأصالة، دون أن يعني ذلك بالطبع، أنها حركة عفوية لا تتأثر بدور القوى المنظمة الناشطة في صفوفها، بل هي تتأثر به في واقع الحال، إنما بقدر ما تستجيب القوى المنظمة لما يمور في عمق الحركة الجماهيرية.

وفي كل الأحوال، فإنه من غير الممكن حصر المقاومة الشعبية بأسلوب دون غيره، فهي تتحرك ذاتياً على قوس واسع يمتد من المظاهرة أمام الـ «محسوم»، أو بؤرة الاستيطان، مروراً بتنظيم فرق الحراسة والحماية الذاتية المسلحة بالعصا والحجارة والمدية وبندقية الصيد..، وصولاً إلى العصيان المدني.

المقاومة الشعبية تبني نفسها بنفسها، وتطور أساليب المواجهة باستخلاص الدروس الواجبة من تجربتها،.. وفي كل هذا، فهي تتقيد بدقة بقواعد الإشتباك التي لا تُصَعِّد سوية المواجهة، إلا بقدر ما تتيحه نسبة القوى.

إن المقاومة الشعبية هي حق ديمقراطي للشعب، وحده يتحكم بآلياتها وأساليبها بالشكل الذي يراه مناسباً إنطلاقاً من إدراكه لخصوصية الوضع في المكان، وطبيعة المرحلة التي يجتازها؛ وأية محاولة أو الدعوة لتحديد مسبق يقرر سمة المقاومة الشعبية وأساليبها، بديلاً عن إرادة الجمهور وخياراته، ما هي إلا إنتهاك لأبسط حقوق الجمهور الديمقراطية، وتسلط بيروقراطي على إرادته، تسلط لا يلتقي البتة مع متطلبات حرية الشعب بممارسة حقه في تقرير مصيره بحرية على أرضه.

وبالنتيجة، فإن المقاومة الشعبية بما يترتب عليها من نتائج تؤثر على مناحي الصراع، هي سلاح بيد الدبلوماسية الفلسطينية تعزز مكانتها، وتقويها، إذا ما أجادت إستثمارها. وهي بكل تأكيد لا تشكل عبئاً على هذه الدبلوماسية، إلا إذا تراءى للأخيرة أنه سيكون بوسعها «إستئناس» المقاومة الشعبية، الأمر الذي لم يعد بالإمكان أن يحصل بعد أن شبّت المقاومة عن طوقها

ثالثاً- الإنفكاك عن أوسلو

على خلفية موقف فلسطيني شعبي ضاغط في كل مكان، لم يعد موضوع الإنفكاك عن أوسلو بحاجة إلى مزيد من النقاش، بعد أن حددت الدورات المتعاقبة للمجلسين الوطني والمركزي بوضوح تام الخطوات التي ينبغي القيام بها تحت أحكام وقف العمل بالمرحلة الإنتقالية، كما نصَّت عليها الإتفاقيات الموقعة في أوسلو والقاهرة وواشنطن، واعتبار أنها لم تعد قائمة. وعليه، بات الموضوع حالياً بيد اللجنة التنفيذية لوضع الجدولة التطبيقية المتدرجة لهذه القرارات باعتماد الآليات الأكثر جدوى وفعالية، ما يتطلب توفر إرادة سياسية لم تعبر عن وجودها حتى الآن

رابعاً- الحريات الديمقراطية

الحريات الديمقراطية (العامة) ليست مكرمة سلطوية، وقبل أن تكون مكسباً للحركة الجماهيرية تنتزعه من الحاكم بنضالاتها، إذا إضطرت لذلك، فهي تعبير عن حق طبيعي للمواطن الذي يقيم علاقة تعاقدية مع الحاكم ترتكز على موافقة المواطن على منح السلطة لهذا الحاكم، إنما بشرط إلتزام الأخير بحماية الحريات العامة، التي إذا لم تُحمَ فمن حق الناس التخلص من الحكم القائم والمجيء بغيره.

هذا ما ينبغي التذكير به، ونحن بصدد معالجة ظاهرة الإعتقال السياسي، التي تفشت على نحو مقلق في الفترة الأخيرة، وغيرها من إجراءات وضع القيود على الحريات العامة، ليس باعتبارها من الحقوق الأساس فحسب للمواطن والمجتمع في آن، بل لأنها أيضاً من شروط المواجهة الناجعة مع الإحتلال، فمن يناضل من أجل حرية الوطن، يجب أن يتمتع بداية بحرية المواطن

 

(2)

في أهمية الحوار الوطني،

ومداواة كبواته بمزيد من الحوار

كنا نتمنى أن يتكامل الحضور، وأن يكون معنا الإخوة والرفاق الذين زادهم الغياب، حضوراً. نحن نحترم رأيهم، ومن باب أولى قرارهم، علماً أن غيابهم لا يُلغي، بل يؤكد حقهم في إبداء رأيهم بالشكل الذي يرونه مناسباً، سواء بما تعيشه قضيتنا الوطنية من أوضاع، أو باختيار الأسلوب الذي يرونه أكثر جدوى لأداء واجبهم الوطني، وبما يكرس التعددية السياسية وحرية الرأي.  

إذ نتمنى أن يكتمل اللقاء القادم باكتمال الحضور، نرى أن هذا الطموح المشروع، إنما يتطلب توفير الشروط وإزالة العقبات التي مازالت تعكر صفو جو العلاقات الوطنية، من خلال وقف الإعتقال السياسي والإعتقال على خلفية العمل المسلح ضد العدو، ما يترتب عليه في المقام الأول إطلاق سراح المعتقلين على خلفية هذا العمل، وضمان الحق في الإنتماء السياسي وحرية إبداء الرأي، مع التأكيد على حق الشعب الفلسطيني المطلق في اختيار أساليب النضال التي يراها مناسبة لدحر الإحتلال، وتفكيك الاستيطان.

إذ نؤكد على ضرورة إعتماد الحوار في دورات منتظمة للوصول إلى توافقات وتفاهمات تؤدي إلى استعادة وحدتنا الداخلية في إطار منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، فعلينا أن نبرز إمتلاكنا من الوسائل التشريعية والأدوات والآليات التنظيمية ما يسمح لنا بمواصلة نضالنا على الصعد المحلية والإقليمية والدولية، وبالأشكال المناسبة لتحقيق أهدافنا، الأمر الذي يدعونا لتشكيل لجنة متابعة عليا، تنبثق عن هذا الإجتماع، تكون ملزمة بقراراتها، وتعمل على اعتماد الخطوات الضرورية من أجل تنفيذ ما يُتفق عليه.

وأخيراً: «لا تسلني عن الإجتماعات التي لم تنجح، بل عن ذلك الإجتماع الذي سَيُحقق المُراد»                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                        

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحوار الوطني أمام إستحقاقات الحرب

2023-2024

 

 

 

 

■ مقدمة

1- الحوار الوطني في موسكو – 29/2 إلى 1/3/2024

2- الحوار الثنائي بين فتح وحماس، بكين – 28 و29/4/2024

3- الحوار الوطني في بكين – 21 إلى 23/7/2024

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة

بعد إندلاع الحرب الفلسطينية – الإسرائيلية، إثر عملية «الطوفان»- 7/10، كانت المصلحة الوطنية تملي معاجلة مركز القرار في السلطة وم.ت.ف للدعوة إلى حوار وطني، الأمر الذي لم يحصل جرّاء نزوع السلطة لانتظار ما سوف تسفر عنه الأحداث في السياسة والميدان معاً، وهي «متخففة» من «قيود» الحوار، لا سيما أنه سيكون بالمشاركة الركنية لحركة حماس، وهي الموصومة بتلك الصفات المزورة، التي يحاول الغرب الإمبريالي دائماً إطلاقها على حركات التحرر الوطني المناضلة في سبيل الحرية والإستقلال.

في إطار المحاولات التي بذلت لانعقاد الحوار الوطني، نخص بالذكر الدعوة التي وجهها الشيخ صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إلى عدد من الفصائل، ومن بينها حركة فتح من خلال جبريل الرجوب أمين سر لجنتها المركزية. ولم يستجب لهذه الدعوة سوى: حركة الجهاد + الجبهة الديمقراطية + الجبهة الشعبية + الجبهة الشعبية – القيادة العامة، فالتقت على مستوى الأمناء العامين ونوابهم، مرتين في بيروت، وبنتائج واعدة، إلى أن توقفت بعد حادثة إغتيال الشيخ صالح – 2/1/2024.

القاهرة، التي إنعقدت فيها معظم جولات الحوار الوطني الشامل في العقدين الأخيرين، ومنذ مطلع العام 2003 بالتحديد، لم تكن متحمسة لاستضافة جولة جديدة من الحوار بعد فشل إجتماع الأمناء العامين في العلمين– 30/7/2023؛ والأهم بسبب تركيزها على مهمة الوساطة التي أخذتها على عاتقها بالتعاون الوثيق مع الدوحة من أجل التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وإلى ما هنالك من أمور متعلقة بإنهاء الحرب على غزة.

وعليه، آلت الأمور إلى موسكو في الدعوة للحوار الوطني، للمرة الرابعة منذ العام 2011، فانعقد في نهاية شباط/ فبراير 2024. سادت الإجتماع أجواء إيجابية، ساهم فيها وفد حركة حماس بشكل ملموس، وكان بالإمكان أن تنعكس مداولاته بشكل أوضح في البيان الختامي، الأمر الذي لم يحصل على خلفية التحسب من إحتمال أن لا يُحظى هذا البيان بالإجماع، في حال رفع سقفه.

وبغض النظر عن الفرصة المفوَّتة في رفع سوية بيان موسكو، فقد شجعت الأجواء الإيجابية للإجتماع المذكور، الخارجية الصينية – الساعية أصلاً إلى تعزيز حضورها السياسي والدبلوماسي في الإقليم – إلى إستئناف الجهد الذي بدأته روسيا، فبادرت إلى دعوة حركتي فتح وحماس إلى لقاء ثنائي، حفَّزَ بنتائجه على إستضافة حوار وطني شامل، أتت مخرجاته واعدة بتسريع الجهود الرامية إلى تأهيل الحالة الفلسطينية – من خلال تجاوز الإنقسام – إلى تعاطٍ أكثر جدوى وطنياً مع إستحقاقات الحرب، ما يُنبيء بجولات حوارية لاحقة، لن تكون القاهرة بمنأى عنها، حيث يجدر التذكير بأن القمة العربية المنعقدة في دمشق – 2009، أحالت رعاية ملف المصالحة الفلسطينية إلى العاصمة المصرية

 (1)

الحوار الوطني الفلسطيني في موسكو

29/2 - 1/3/2024

مقدمة

[ هو الحوار الرابع الذي تستضيفه موسكو، حيث إنعقد الحوار الأول بين 21 و22/5/2011، والثاني في 14/1/2017، والثالث بين 11 و13/2/2019.

راجع بخصوص الحوارين الأول والثاني بالتتابع مجلة «الحرية»- بيروت، العددين 1336(2410) و 1612(2686)، تاريخ 29/5/2011 و 22/1/2017.

راجع أيضاً بهذا الشأن كتاب «في مواجهة صفقة القرن»، ص 61-95 حول الحوار الثالث، وص 75-76 حول الحوار الثاني. الكتاب المذكور يحمل الرقم 35 في سلسلة «الطريق إلى الإستقلال»، من إصدارات «المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات - «ملف»]

■ وردت الإشارة الأولى لتوجه موسكو إلى «لقاء حواري فلسطيني» في تصريح لوزير الخارجية الروسي سيرغي لاڤروڤ، حين أعلن أن موسكو عازمة على وضع حد للإنفراد بقضية الشرق الأوسط، عبر ثلاث خطوات تنوي إتخاذها: الأولى، دعوة الفصائل إلى استئناف حواراتها في موسكو؛ والثانية، دعوة اللجنة الوزارية العربية السداسية (مصر + الأردن + السعودية + الإمارات + قطر + السلطة الفلسطينية) إلى إجتماع يعقد في العاصمة الروسية لبحث الوضع في المنطقة؛ والثالثة، هي العمل على إعادة إحياء اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة + روسيا الإتحادية + الإتحاد الأوروبي)، التي أقامتها واشنطن لتنفرد وحدها بالموضوع الشرق أوسطي. وفي السياق أيضاً، ومن ضمن توجهات موسكو، طرح لاڤروڤ دعوة الرئيس الفلسطيني إلى العاصمة الروسية للتشاور.

■ شكل هذا التصريح إشارة شديدة الوضوح، ورسالة واضحة المعالم، أكدت فيها موسكو أنها بصدد إستعادة إهتمامها بأوضاع المنطقة من بوابة القضية الفلسطينية، بعد أن إطمأنت إلى وضعها السياسي والميداني في أوكرانيا، علماً أن حديث لاڤروڤ جاء في منتصف الشهر الخامس للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة – 2/2024؛ ومن هنا أهمية هذه الدعوة التي ستؤدي إلى جمع «الكل الفلسطيني» إلى مائدة الحوار للمرة الأولى منذ إندلاع الحرب– 7/10، خاصة إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار إصرار الرسمية الفلسطينية على تجاهل كل النداءات والدعوات الفلسطينية للتوجه إلى حوار وطني شامل، وملزم بنتائجه، لوضع حد للإنقسام، وتشكيل الإطار القيادي الموحد للحركة الوطنية، والتوافق على إستراتيجية كفاحية موحدة لمواجهة الحرب على قطاع غزة، واعتماد «الرؤية الوطنية الفلسطينية» لإدارة الشأن العام، في  مرحلتي الحرب، وما بعد وقف إطلاق النار.

■ إن بلورة هذه «الرؤية» تكتسي ضرورتها من زاوية عدم ترك الساحة مستباحة من قبل الجانب الإسرائيلي، والأميركي، والأوروبي وحتى العربي، في طرح مشاريع خطط وبرامج، تستبعد ليس حركة حماس والمقاومة عموماً من مشروع إدارة القطاع فحسب، بل وحتى السلطة الفلسطينية نفسها، كما هو موقف تل أبيب؛ أو الدعوة إلى «سلطة متجددة»(!)، كما هو موقف واشنطن، أي «سلطة أخرى» يجري تأهيلها بالشروط الأميركية والإسرائيلية لتولي المسئوليات في الضفة والقطاع، الخ...

■ كانت موسكو تُلم بكل هذه الأمور بكل تأكيد، وكانت تدرك – في ضوء فشل إجتماع الأمناء العامين في العلمين قبل شهور من إجتماع موسكو – المقدمات التي يُحتمل أن تغلق الطريق أمام أي توافق فلسطيني جديد، لذلك أوضحت موسكو أن المطلوب هو لقاء تشاوري ليس بالضرورة أن يصدر عنه بيان ختامي، أو أن تنوب العاصمة الروسية عن الفصائل المجتمعة بهذه المهمة من خلال إصدار بيان صحفي عن اللقاء، هذا بالطبع، مع تفضيل موسكو صدور بيان عن اللقاء الحواري، يؤكد نجاحه■

اللقاء مع لاڤروڤ

■ قبل إنطلاق الإجتماعات الفلسطينية كان لقاء أطراف الحوار الفلسطيني مع وزير الخارجية الروسي، على الأرجح لوضع المجتمعين أمام مسئولياتهم، ومما قاله الوزير لاڤروڤ:

إنقطعنا عن بعضنا خمس سنوات، فاللقاء الأخير كان في 2019، الإنقطاع سببه جائحة كورونا وأحداث أخرى تعرفونها بلا شك. الآن أصبح الوضع مناسباً لنعود ونلتقي، ونستأنف إجتماعاتنا في موسكو دورياً.

نحن في وضع شديد التوتر في الشرق الأوسط، سببه السياسة الأميركية التي تحاول أن تنفرد بكل شيء في العالم، بما في ذلك تعطيل «الرباعية الدولية»- الـ Quartet، حتى لا يكون لها شركاء في القضية الفلسطينية. نحن ما زلنا على تأييدنا للشعب الفلسطيني وحقوقه وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

ما يجري في قطاع غزة من جرائم حرب، تقف خلفها الولايات المتحدة الأميركية، التي لا تريد أن تعترف لشعبكم بحقوقه المشروعة، خاصة في دولة فلسطينية عاصمتها القدس. ولقد تجاوزت الجرائم في القطاع كل التوقعات والإحتمالات. كما حاولنا في مجلس الأمن أن ندعمكم بكل قوة، حين قدمنا أكثر من إقتراح للوقف الفوري لإطلاق النار، غير أن الڤيتو الأميركي عَطَّل ذلك، وكذلك وقفنا إلى جانبكم حين عَطَّلنا في مجلس الأمن مشاريع القرارات المعادية لشعبكم.

إن ما أضعف الموقف الفلسطيني هو الإنقسام، والسيد المسيح – المواطن الفلسطيني – قال: «إن البيت المنقسم على نفسه سينهار»، وبالتالي عليكم أن تنهوا الإنقسام وأن تتوحدوا في خدمة شعبكم، وفي مواجهة الخطر الذي يتهدد قضيتكم.

هناك مشاريع كثيرة مطروحة لغزة وما بعد غزة، نحن مع م.ت.ف، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ومع الحل الذي تكفله قرارات الأمم المتحدة، والقانون الدولي، بما في ذلك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

موسكو تُشرع أبوابها أمامكم، والرئيس بوتين يدعم قضيتكم، نقول لكم إذهبوا وتحاوروا، واتفقوا، لتربحوا وتحافظوا على البيت الفلسطيني

أهم ما ورد في كلمة فتح في الحوار

■ نحن نعمل الآن لمواجهة الإستحقاقات من خلال تشكيل حكومة جديدة، تكون حكومة كفاءات مرجعيتها م.ت.ف، معنية بإدارة الشأن العام في الضفة والقطاع، مدركين ثقل العبء الذي سيُلقى على عاتقنا لإعادة الحياة إلى القطاع، في ظل ما شهده من نكبات منذ 7 أكتوبر. ونقترح أن لا نناقش الآن مسألة الحكومة، وأن نترك الأمور لجولة لاحقة حتى تنضج الأمور وأن يقتصر الحوار على أسس إنهاء الإنقسام.

■ نحن منفتحون على كل الحلول التي تؤدي إلى إنهاء الإنقسام، واستعادة الوحدة، وأبواب م.ت.ف مفتوحة للجميع، لكننا بالمقابل ندعو إلى وقف «التشكيك»، بحيث لا يُقبل أي تشكيك بمواقف القيادة.

■ الرئيس أبو مازن هو رمز الشرعية الفلسطينية، وم.ت.ف هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا برئاسة الأخ أبو مازن، وأبواب م.ت.ف مفتوحة للجميع، ويحتفظ كل منا ببرنامجه.

■ نحن مع ضرورة إستئناف الحوار، كان الرئيس أبو مازن سيدعو «لجنة المتابعة» المنبثقة عن إجتماع الأمناء العامين في العلمين للإجتماع، لكن أحداث 7 أكتوبر فاجأتنا وعطلت الدعوة إلى هذا الإجتماع■

أهم ما ورد في مساهمتي حماس في الحوار

■ المساهمة الأولى على لسان رئيس الوفد د. موسى أبو مرزوق، أشارت إلى استعداد حماس لإنهاء الإنقسام، ودخول م.ت.ف، لكن دون شروط مسبقة، ودون أي مس لبرنامج حماس، في إشارة واضحة إلى فصائل داخل م.ت.ف ليست مؤيدة لأوسلو، بل تعارضه وتدعو لإلغائه.

■ المساهمة الثانية على لسان نائب رئيس الوفد حسام بدران، كانت أكثر وضوحاً وتحديداً فيما يتعلق بالعلاقة مع م.ت.ف والبرنامج الوطني: نحن على استعداد لدخول م.ت.ف دون شروط مسبقة، ونحن مع برنامجها طبقاً لقرارات الأمم المتحدة في إشارة ضمنية إلى دولة فلسطينية على حدود حزيران/ يونيو 67، وهذا ما ورد في الفقرة 5 من البيان الختامي.

أما فيما يتعلق بالقضايا المطروحة بشكل مباشر، فقد كان لافتاً إشارته إلى أمرين فائقي الأهمية: حماس لا ترغب ولا تريد العودة إلى تولي مسئولية السلطة في غزة + حماس مع حكومة كفاءات وطنية، مرجعيتها م.ت.ف■

 

أهم ما ورد في كلمة الجبهة الديمقراطية

ما نحن بصدده ليس حرباً سوف تنتهي في القريب عند أجل معين، بل نحن أمام حرب بتداعيات إقليمية، ستتسع دوائر عملياتها، وقد تقودنا إلى مشارف الحرب الإقليمية. أما فيما يخصنا فسيسعى العدو لكي تكون حربه ضدنا، هي حرب الحسم التي لا حرب بعدها، ما يفرض علينا إمتلاك عناصر الرؤية السياسية الشاملة، لكي نكون بمستوى الحدث، من خلال:

التمسك بمرتكزات الكيانية الوطنية والدفاع عنها، فبدونها تتأثر سلباً قدرة الحركة الوطنية على تحشيد القوى من أجل توجيه الضربة الرئيسية في ضوء الأولويات التي تفرض نفسها في كل مرحلة من مراحل النضال، وحتى لا تتبدد نتائج التضحيات المبذولة.

توحيد الموقف حيال القضايا المباشرة التي تواجه الحالة الفلسطينية في مختلف المجالات السياسية والدبلوماسية والكفاحية...، في ظل إستمرار العدوان، مع ترجيح إحتمال توسيع دائرته. وفي هذا السياق تندرج مسألة تشكيل حكومة توافق وطني + تعزيز أوجه العمل المشترك في جميع الساحات.

تجاوز الإنقسام من خلال إجراءات سريعة تقود إلى إشتراك جميع القوى الفلسطينية في هيئات منظمة التحرير، من المجلس المركزي واللجنة التنفيذية، إبتداءً

في تقييم نتائج الإجتماع

■ على إيجابيته، إتسم خطاب حركة فتح بدرجة عالية من التحفظ، والإحجام، والتهرب من تحديد موقف مسئول حيال الأمور التالية، التي من المفترض أن تشكل محور البحث في الحوار، حيث جرى: 1- ترحيل موضوع تشكيل الحكومة الجديدة إلى جولة لاحقة من الحوار(!)؛ 2- التهرب من تحمل مسئولية عدم إستئناف الحوار في إطار «لجنة المتابعة» التي أقرها إجتماع الأمناء العامين – العلمين، 30/7/2023، بدعوى أحداث 7/10، بينما هي لم تتشكل أصلاً(!)؛ 3- الإشارة العامة إلى الإنفتاح على الحلول التي تؤدي إلى إنهاء الإنقسام دون التقدم بأي مقترح عملي لاستعادة الوحدة، وهو الأمر المتوقع من حركة تتحمل مسئولية رئاسة النظام السياسي بجناحيه: السلطة والمنظمة.

■ وبالمقابل، إتسم خطاب حركة حماس بدرجة عالية من الوضوح حيال القضايا الرئيسية موضع البحث، إن كان فيما يتعلق بالعلاقة مع منظمة التحرير لجهة الإنضواء تحت راية برنامجها، أو التخلي عن «سلطة الأمر الواقع» في القطاع، أو الموافقة غير المشروطة على حكومة كفاءات وطنية بمرجعية منظمة التحرير.

■ لقد أتى وفد فتح إلى الإجتماع بتوقعات الحد الأدنى. مؤثراً الأداء الهاديء الذي حاذر طرح قضايا خلافية حادة على غرار موضوعة «المقاومة السلمية» الخيالية، التي لم تتمكن حركة فتح نفسها من إلزام منظماتها بها؛ ومن هنا أيضاً، ميل وفد فتح للإكتفاء بصدور بلاغ إعلامي من الطرف المضيف عن أعمال الإجتماع، بديلاً عن بيان سياسي يصدر عن المجتمعين، كان وفد فتح يقدر أن صياغته ستصطدم بصعوبات وتولِّد خلافات. غير أن الأداء الهاديء، العملي والمسئول، لوفد حماس بتركيزه على القضايا الأساسية، وفّرت أجواء، سمحت بصياغة بيان الحد الأدنى، الذي يؤسس لما هو أرقى في المدى المرئي.

لم يعكس البيان الختامي تلك القضايا، التي كان من شأنها أن ترفع سويته، توسيعاً لقاعدة التوافق الوطني على غرار: الإنضمام إلى م.ت.ف تحت راية برنامجها الوطني + حكومة الوفاق الوطني بمرجعية م.ت.ف + إدارة شئون غزة بمرجعية حكومة الوفاق الوطني، الخ.. ولعل السبب الرئيسي في هذا الإحجام هو التحسب لعدم المساس بالأجواء الإيجابية، التي سادت الإجتماع، في حال الإقدام على رفع سقف البيان الختامي، ما قد ينطوي على إحتمال تظهير الخلافات؛ والرهان على أن الحد الأدنى الذي تحرك على سكته نص البيان يسمح بتوسيع مساحة التوافقات الوطنية في محطة لاحقة

بيان صادر عن اجتماع الفصائل الفلسطينية

موسكو، 1/3/2024

تُعبر الفصائل الفلسطينية المجتمعة في مدينة موسكو، عن شكرها وتقديرها للقيادة الروسية على استضافتها لاجتماعاتها، وعلى موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، وتؤكد في ظل ما يتعرض له شعبنا من عدوان صهيوني إجرامي، على الروح الإيجابية البناءة التي سادت الإجتماع، واتفقت على أن إجتماعاتها ستستمر في جولات حوارية قادمة للوصول إلى وحدة وطنية شاملة تضم القوى والفصائل الفلسطينية كافة، في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

وأكدت الفصائل على توافقها على المهمات الملحة أمام الشعب الفلسطيني ووحدة عملها من أجل تحقيقها، وفي مقدمتها:

1- التصدي للعدوان الإسرائيلي الإجرامي وحرب الإبادة الجماعية التي تشنها على شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس، بدعم ومساندة ومشاركة الولايات المتحدة الأميركية.

2- مقاومة ووقف وإفشال محاولات تهجير شعبنا من أرض وطنه فلسطين، خصوصًا في قطاع غزة أو في الضفة الغربية بما فيها القدس، والتأكيد على عدم شرعية الاستيطان والتوسع الاستيطاني وفقا لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

3- العمل على فك الحصار الهمجي على شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية، وإيصال المساعدات الإنسانية والحيوية والطبية دون قيود أو شروط.

4- إجبار جيش الإحتلال على الإنسحاب من قطاع غزة، ومنع محاولات تكريس إحتلاله أو سيطرته على أي جزء من قطاع غزة بحجة مناطق عازلة، وسائر الأراضي المحتلة، والتمسك بوحدة الأراضي الفلسطينية كافة وفق القانون الأساسي.

5- رفض أي محاولات لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية بما فيها القدس، في إطار المساعي لسلب الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير وإقامة دولته الحرة المستقلة كاملة السيادة على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة وعاصمتها القدس، وفقا للقرارات الدولية.

6- دعم وإسناد الصمود البطولي لشعبنا المناضل ومقاومته في فلسطين وحرصها على إسناد شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية وخصوصا في القدس، ومقاومته الباسلة، لتجاوز الجراح والدمار الذي سببه العدوان الإجرامي، وإعمار ما دمره الإحتلال، ودعم عائلات الشهداء والجرحى وكل من فقد بيته وممتلكاته ومصادر رزقه.

7- التصدي لمؤامرات الإحتلال وانتهاكاته المستمرة ضد المسجد الأقصى المبارك، واعتداءاته على حرية العبادة في شهر رمضان الفضيل ومنع المصلين من الوصول إليه، والإصرار على مقاومة أي مس بالمسجد الأقصى ومدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.

8- الإسناد الكامل للأسرى والأسيرات البواسل في السجون الذين يتعرضون لمختلف أشكال التعذيب والقمع، والتصميم على أولوية بذل كل جهد ممكن من أجل تحريرهم من أسر الاحتلال.

9- التأكيد على حماية وكالة الغوث الدولية ودورها الحيوي في رعاية اللاجئين الفلسطينيين حتى تحقيق عودتهم، وتنفيذ قرار الأمم المتحدة الرقم 194 .

10- توجه الفصائل الفلسطينية التحية لدولة جنوب إفريقيا على دعمها للشعب الفلسطيني ودورها الأساس في رفع قضية أمام محكمة العدل الدولية، لمحاسبة الإحتلال الإسرائيلي على جريمة الإبادة الجماعية

 

 (2)

الحوار الثنائي بين حركتي فتح وحماس

بكين، 28-29/4/2024

الحوار الثناني

يفضي إلى تفاهمات

■ في أواخر شهر نيسان/ إبريل 2024 أدارت حركتا فتح وحماس جولة حوار ثنائي في بكين بناء على دعوة من الخارجية الصينية، التي سبق أن أجرت سلسلة من الإتصالات التحضيرية، عبّرت من خلالها عن نِيَّتها لإطلاق تحرك يرمي إلى عقد مؤتمر دولي لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، إنطلاقاً من تقدير مفاده توفر الشرط السياسي لذلك، الأمر الذي يحتاج – إبتداءً – إلى توافق فلسطيني يوحد الموقف، أي ينجز المصالحة الداخلية، ويوفر المرجعية الوطنية الموحدة، لكي يُثمر هذا التحرك دفعاً نحو تبني مقترح المؤتمر الدولي، والحل القائم على قرارات الشرعية الدولية. ومما لا شك فيه أن النتائج الإيجابية لحوار موسكو – 1/3/2024 وفّرَت أرضية مشجعة لمبادرة الصين بالدعوة للحوار.

■ في بداية الحوار إقترحت الخارجية الصينية على الوفدين إعتماد آلية تقوم أولاً، على لقاءات ومشاورات ثنائية بين الخارجية وكل وفد على حدة، يعقبها ثانياً، إجتماعات بين وفدي الحركتين، على أن يعقد – ختاماً – لقاء ثلاثي بحضور الخارجية الصينية، بعد التوصل إلى نتائج وتفاهمات محددة.

■ وبالفعل، فقد توصل الحوار الثنائي إلى تفاهم على 6 نقاط فائقة الأهمية، وهي:

1– التأكيد على المكانة التمثيلية لمنظمة التحرير الفلسطينية، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ومشاركة جميع الفصائل والقوى السياسية في مؤسساتها.

2- إعتماد البرنامج الوطني القائم على تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس على حدود حزيران/ يونيو 67 + حق العودة لللاجئين.

3- وفي كل هذا إعتماد قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

4- تشكيل حكومة توافق وطني أثناء، أو بعد إنتهاء الحرب في غزة.

5- إعتماد خطاب إعلامي وسياسي مشترك في مواجهة العدوان على قطاع غزة والضفة الغربية.

6- وقف التراشق الإعلامي

بيان توافقي

إنما غير رسمي

■ إلى جانب ما ذكر، جرى الإتفاق بين الوفدين والخارجية الصينية على عقد إجتماع آخر بتاريخ 14/6/2024 في بكين بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية لمناقشة الآليات والخطوات التنفيذية للنقاط آنفة الذكر، باعتبارها تشكل جدول إجتماع 14/6. وفي الختام تقدم حسام بدران، عضو المكتب السياسي في حركة حماس، بالورقة التالية تلخيصاً لمخرجات اللقاء، عُرِضت على عزام الأحمد، رئيس وفد حركة فتح وعلى الخارجية الصينية واعتبرتها وسائل الإعلام بمثابة بيان صادر عن لقاء بكين– 29/4/2024، بالنص التالي:

1- التأكيد على ضرورة الوحدة الفلسطينية وإنهاء الإنقسام الفلسطيني، وذلك في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، بانضمام كافة القوى والفصائل الفلسطينية إليها وإلى مؤسساتها، وذلك إعتمادًا على الإتفاقيات السابقة في هذا الشأن.

2- تعزيز الوحدة الفلسطينية بمساعدة الصين التي ستساعد على إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس حسب القرارات الدولية.

3- ضرورة تشكيل حكومة توافق وطني غير فصائلية مؤقتة أثناء حرب الإبادة أو بعدها، حتى تقوم هذه الحكومة بواجباتها الفنية والإدارية في الإغاثة وإزالة آثار العدوان وإعادة إعمار غزة، وسيكون من مهامها الأساسية توحيد المؤسسات الفلسطينية والتحضير لإجراءات الإنتخابات العامة، وبذلك ننزع من يد إسرائيل وأمريكا ذريعة الإنقسام.

4- وحدة الموقف الفلسطيني بشأن الحرب على قطاع غزة والتأكيد على أهمية وقف حرب الإبادة والإنسحاب الكامل لجيش الإحتلال من قطاع غزة، وتنسيق الجهود الوطنية المشتركة في إدخال المساعدات والإغاثة العاجلة إلى قطاع غزة، والترتيب مع الجهات المعنية في غزة (تشكيل لجنة ثنائية مشتركة في القاهرة للتنسيق والمتابعة).

5- الإتفاق على ضرورة إحياء اللجان المشتركة بين فتح وحماس ومعالجة أي إشكاليات تواجهنا ووقف التراشق الإعلامي.

6- تنسيق المواقف والجهود في الضفة الغربية والقدس لمواجهه إعتداءات المستوطنين على القرى والبلدات وكذلك الإعتداءات على المسجد الاقصى.

7- التأكيد على أولوية قضية الأسرى وضرورة الحفاظ على حقوقهم ودعمهم في هذه المرحلة الصعبة التي يتعرضون فيها إلى أبشع أنواع التنكيل والإيذاء داخل السجون.

8- ما سبق يعتبر جدول أعمال للقاء القادم في 14 يونيو 2024 ببكين

تقييم الإجتماع

■ هذه النقاط – كما ذكرنا – لم تصدر كبيان رسمي عن اللقاء، لكنها إعتبرت كما لو أنها هكذا؛ وأهم ما فيها أنها تعبر عن موقف حركة حماس الإيجابي في النقاط التالية:

1- في البند1: عدم تعليق الإعتراف بمكانة م.ت.ف على إنضمام كافة الفصائل والقوى إليها، بل إعتبار عملية الإنضمام هذه تقريراً لإنهاء الإنقسام، أو تعبيراً عنه.

2- في البند 2: النص على «الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع والقدس» - أي على حدود الـ 67 - «حسب القرارات الدولية» - أي بما يشمل قرارات الشرعية الدولية وأحكام القانون الدولي معاً.

3- في البند 3: «تشكيل حكومة توافق وطني غير فصائلية مؤقتة أثناء حرب الإبادة أو بعدها»، أي عدم إشتراط التشكيل الفوري لهذه الحكومة، ما يعني القبول بتعليق الإستحقاق على موعد مفتوح الأجل.

4- «إحياء اللجان المشتركة والتنسيق ووقف التراشق الإعلامي..»، في أكثر من بند.

■ وتأكيداً على التعاون والتنسيق بين موسكو وبكين في الموضوع الفلسطيني، حرص عزام الأحمد على وضع الخارجية الروسية بصورة نتائج إجتماع بكين، حيث نُقلَ على لسانه ما يلي: «أكد المبعوث الخاص للرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط ودول إفريقيا، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوڤ عزم موسكو وبكين على الإسهام في توحيد الصف الفلسطيني»، كما جاء في بيان صدر عن الخارجية الروسية في أعقاب محادثة هاتفية جرت بين بوغدانوڤ وعزام الأحمد.

وأشار البيان إلى أنه «أخذاً بعين الإعتبار نتائج الإجتماعات الفلسطينية في موسكو وبكين، تم الإتفاق على مواصلة الجهود الهادفة إلى توحيد الصف الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة على أساس البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، بما في ذلك بمساعدة منسقة من روسيا والصين».

وقال البيان إنه خلال الإتصال، الذي جاء بمبادرة من الجانب الفلسطيني، أبلغ الأحمد محاوره بنتائج مشاركته في إجتماع وفدي حركتي فتح وحماس الذي تم تنظيمه في بكين.

وحسب البيان، فقد شدد الأحمد على أن هذا اللقاء «جاء تماشياً مع الإتفاقيات التي تم التوصل إليها خلال المشاورات الفلسطينية التي عقدت في موسكو خلال الفترة من 29/2 إلى 1/3، مع التأكيد على ضرورة الإسراع في توحيد كافة القوى السياسية الفلسطينية في إطار م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد لشعب فلسطين»، وإيلاء أهمية خاصة لمهمة إنشاء دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود عام 1967

 

(3)

الحوار الوطني في بكين

21 إلى 23/7/2024

مقدمة

■ تقاطع تزايد إهتمام الدبلوماسية الصينية بشئون المنطقة، خاصة بعد نجاح رعايتها للإتفاق السعودي/ الإيراني – 10/3/2023، مع الحاجة الفلسطينية لمساحة تلاقي وحوار في ضوء إشتداد عدوان إسرائيل، ليوفرا معاً شرط إنعقاد الحوار الوطني في بكين، إختتم بنتائج إيجابية، نحاكمها على يد ما ورد في البيان الختامي - «إعلان بكين» - وما يفتحه من آفاق، نخص منها بالذكر ما ورد في الفقرة 2/ب: «حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الإحتلال وإنهائه وفق القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة وحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها ونضالها من أجل تحقيق ذلك بكل الأشكال المتاحة»؛ وهي الفقرة التي حسمت موضوع الإستراتيجية النضالية الواجب إعتمادها، لجهة إستبعاد حصرها بـ «المقاومة السلمية» لغرابة الفكرة في ظرف العدوان الوحشي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، ولاغترابها الشديد عن الواقع الملموس للصراع القائم، ولأسباب أخرى توقفت أمامها كلمة الجبهة الديمقراطية أمام الإجتماع.

كما نخص بالذكر أيضاً عنوانين مفصليين وردا أيضاً في الفقرة 2 تناولا: حكومة الوفاق  الوطني + الإطار القيادي المؤقت، نوردهما فيما يلي بالنص، قبل الإنتقال إلى ما يستوجب المزيد من التوضيح والإستدراك:

«ج) تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة بتوافق الفصائل الفلسطينية، وبقرار من الرئيس بناء على القانون الأساسي الفلسطيني المعمول به، ولتمارس الحكومة المشكلة سلطاتها وصلاحياتها على الأراضي الفلسطينية كافة، بما يؤكد وحدة الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، على أن تبدأ الحكومة بتوحيد المؤسسات الفلسطينية كافة في أراضي الدولة الفلسطينية، والمباشرة في إعادة إعمار قطاع غزة والتمهيد لإجراء إنتخابات عامة، وبإشراف لجنة الإنتخابات الفلسطينية المركزية بأسرع وقت وفقاً لقانون الإنتخابات المعتمد».

« د- وإلى أن يتم تنفيذ الخطوات العملية لتشكيل المجلس الوطني الجديد وفقاً لقانون الإنتخابات المعتمد ومن أجل تعميق الشراكة السياسية في تحمل المسؤولية الوطنية، ومن أجل تطوير مؤسسات م.ت.ف، تم تأكيد الإتفاق على تفعيل وانتظام الإطار القيادي المؤقت الموحد للشراكة في صنع القرار السياسي وفقاً لما تم الإتفاق عليه في وثيقة الوفاق الوطني الموقعة في 4 أيار/ مايو 2011»■

وحدة النظام السياسي

■ في سياق تظهير وحدة النظام السياسي الفلسطيني بمرجعية م.ت.ف، ولمزيد من التحديد للفقرتين ج+ د سالفتي الذكر، نشير إلى ما يلي:

1– إن التفعيل الفوري للإطار القيادي المؤقت كصيغة جماعية للشراكة في صنع القرار السياسي في إطار م.ت.ف لا تنتقص البتة من صلاحيات اللجنة التنفيذية؛ وفي هذا السياق تتخذ الأخيرة قراراً يجري إصداره بمرسوم رئاسي، تكلف فيه الإطار القيادي المؤقت برئاسة رئيس الدولة، رئيس اللجنة التنفيذية بالإشراف على حكومة الوفاق الوطني باعتبار ذلك أداة ممارسة منظمة التحرير – بمشاركة الكل الفلسطيني- لدورها كمرجعية سياسية للحكومة.

2- تتشكل حكومة الوفاق الوطني من كفاءات مستقلة غير فصائلية تتوفر فيها معايير الإلتزام الوطني والنزاهة والكفاءة المهنية والقدرة على التعامل مع المحيط الإقليمي والدولي■

ثغرتان في الإعلان

1-■ تعميقاً للإنقسام الفلسطيني بين المقاومة (الميدان) والمرجعية الرسمية (العنوان)، بين «سلطة الأمر الواقع» وبين «السلطة الرسمية»، تدفع واشنطن نحو تفريع العملية التفاوضية إلى مسارين: الأول – غير مباشر – مع حركة حماس، وموضوعه وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى؛ والثاني – مباشر – مع السلطة الفلسطينية يتناول ترتيبات «اليوم التالي»؛ أما الحكومة الإسرائيلية، فهي تعمل جاهدة لعرقلة المفاوضات، تأخيراً لوقف إطلاق النار، بهدف تحقيق المزيد من الحسم في الميدان؛ وعلى خلفية تسهيل مسعاها لفصل القطاع عن الضفة عبر مشاريع مختلفة، تلحظ «مرحلة إنتقالية» يجري خلالها «تجديد السلطة»، أي «تأهيلها» لتولي مسئولية القطاع بالمرجعية الإسرائيلية.

إن الرد على هذا المخطط بإعادة بناء الوحدة الداخلية، وفي الحالة العينية التي نواجه من خلال تشكيل وفد موحد تحت راية م.ت.ف لإدارة المفاوضات في جميع مراحلها، على غرار الوفد الذي أدار المفاوضات غير المباشرة بالقاهرة عام 2014، التي أفضت إلى وقف العدوان الإسرائيلي على القطاع – حملة «الجرف الصامد».

إن إغفال «إعلان بكين» الإشارة إلى تشكيل «الوفد الموحد» على الرغم من أهميته، يعتبر ثغرة في «الإعلان»، لكنها ثغرة قابلة للردم بقرار يُقدم عليه الإطار القيادي المؤقت في حال إنعقاده، أو – إذا تعذر الأمر – اللجنة التنفيذية، باعتباره يقع ضمن صلاحياتها.

2-■ أما الثغرة الثانية في «الإعلان»، فتتمثل بخلوه من أي ذكر لحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى الديار والممتلكات عملاً بالقرار 194، ما يلحق الضرر بالمصلحة الوطنية، لأن تجاهل ذكر هذا القرار يفتح الشهية على مواصلة المطالبة بإسقاطه، وفي السياق إسقاط القرار 302- 8/12/1949، المؤسس على القرار 194، القاضي بإنشاء وكالة الغوث – الأونروا، التي تحاول واشنطن وتل أبيب إسقاطه بكل الوسائل المتاحة، على طريق حل الوكالة، وتوزيع مسئولية رعاية أوضاع اللاجئين على الدول المضيفة، ما يصب في مصلحة مخطط تصفية قضية اللاجئين على قاعدة التوطين والتهجير.

وحلاً للإشكال المفتعل حول ذكر قرارات الشرعية الدولية بالتعريف الصريح – رقماً وتاريخاً -، فقد كان بالإمكان إستعادة صيغة «إعلان موسكو» – 1/3/2024 في تناول الموضوع من مدخل الدفاع عن الأونروا 9- التأكيد على حماية وكالة الغوث الدولية ودورها الحيوي في رعاية اللاجئين حتى تحقيق عودتهم، وتنفيذ قرار الأمم المتحدة الرقم 194»)، غير أن هذا لم يقع، وذلك تحت وطأة تلويح أحد الأطراف المشاركة في الحوار بعدم التوقيع على البيان الختامي، ما كان من شأنه – لو حصل - أن يُحرج الطرف المضيف(!)

خلاصة

إن المحصلة الإيجابية لـ «إعلان بكين» المتمثلة بتشكيل حكومة الوفاق الوطني، وتفعيل الإطار القيادي المؤقت، تفتح أوسع الآفاق أمام الحركة الفلسطينية للإدارة المجدية للعملية السياسية إستناداً إلى المقاومة والصمود الأسطوري لشعبنا في مواجهة العدوان.

وبما أن «العبرة بالتنفيذ»، ستبقى الأنظار شاخصة إلى «الرسمية الفلسطينية» لِتُقدم على ما تستوجبه المصلحة الوطنية، الأمر الذي لم نلاحظه على مسلكها حتى الآن، ما يُنذر بضم «إعلان بكين» إلى أرشيف البيانات والإعلانات المتواترة منذ الحوار الوطني الأول – 1/2003، التي لم تجد طريقها إلى التطبيق باستثناء معظم ما ورد في «إعلان القاهرة» - 17/3/2005.

ولعل الضغط من أجل تفعيل ما ورد في الفقرة الأخيرة من الإعلان يساعد على وضع مستوى إتخاذ القرار في الحالة الفلسطينية أمام مسئولياته، حيث أكدت على مايلي: «.. إتفق الحضور على آلية جماعية لتنفيذ بنود الإعلان من كافة جوانبه، وتقرر إعتبار إجتماع الأمناء العامين نقطة إنطلاق لعمل الطواقم الوطنية المشتركة بشكل عاجل، كما تقرر وضع أجندة زمنية لتطبيق هذا الإعلان.»

 

كلمة الجبهة الديمقراطية في لقاء بكين

22/7/2024

نحن اليوم أمام لحظة إنعطاف تاريخية: من جهة، يتأجج لهيب حرب الإبادة الوحشية ضد شعبنا في قطاع غزة، وما تسببه من تضحيات جسام ومعاناة رهيبة، ويتسارع مخطط الضم والتوسع الإستعماري والقمع وإرهاب المستوطنين في الضفة الغربية، بما فيها القدس؛ ومن جهة أخرى، تستمر حرب «طوفان الأقصى»، والصمود الأسطوري للشعب والمقاومة في سياقها، بإحداث تحولات هامة في موازين القوى، وتعميق متفاقم لأزمة العدو، وتعزيز متنام لمكانة فلسطين الدولية، بما يفتح آفاقاً مرئية، للمرة الأولى منذ عقود، للتوصل إلى حل سياسي ينهي الإحتلال، ويجسد السيادة والاستقلال، ويصون حق العودة.

يتوقف نجاحنا في إرتياد هذه الآفاق، وشق طريق الخلاص لشعبنا، على مدى توفر الإرادة السياسية لدينا جميعاً، لطي صفحة الإنقسام، والتوحد على استراتيجية كفاحية وسياسية واقعية وملموسة ومتفق عليها. تلك هي المسؤولية التاريخية التي تقع على عاتقنا في لقائنا اليوم، كي لا تذهب هدراً شلالات الدماء الزكية التي سُفكت بغزارة، وكي لا تضيع فرصة الخلاص التي صنعها الصمود من أيدي شعبنا.

نحن قادرون على النهوض بهذه المسؤولية، إذا غادرنا مربع الحسابات الضيقة والرهانات الخاسرة، وتحررنا من قبضة الڤيتو الذي يفرضه الحلف المعادي على وحدتنا. نحن لا نبدأ حوارنا اليوم، بل نحن في الواقع على وشك أن نختمه، وعلينا أن نختمه بالإتفاق، وإلا حَلَّت علينا لعنة الشعب والتاريخ. وبإمكاننا أن ننجز هذا الاتفاق، فلقد أنتجت حواراتنا السابقة جملة من التوافقات بالغة الأهمية، علينا اليوم أن نُرَسِّمها، وأن نستخلص منها ما يترتب من نتائج سياسية وتنظيمية:

1- نحن متفقون على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، وأن مؤسساتها هي إطار الوحدة الوطنية الذي ينبغي أن ينخرط فيه الكل الفلسطيني لتكون ميداناً للشراكة في صنع القرار.

2- ونحن متفقون على أن الهدف المباشر لنضالنا الوطني، هو إنهاء الإحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية بما فيها القدس، وقطاع غزة، وإنجاز إستقلال دولة فلسطين، وممارستها السيادة الكاملة على أرضها، بما فيها القدس العاصمة، على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 67، وحل قضية اللاجئين عملاً بالقرار الأممي الرقم 194، الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديّار والممتلكات.

3- ونحن متفقون على أن قرارات الشرعية الدولية هي المرجعية التي ينبغي التمسك بها أساساً لحل الصراع بهدف تفعيل الدعم الدولي لحقوقنا الوطنية.

بناء على ما تقدم نقترح أن يسعى حوارنا اليوم، إلى بلورة صيغة توافق بشأن قضية هامة ما تزال موضع أخذ ورد، وهي مسألة أشكال النضال التي ينبغي إعتمادها؛ والصيغة التي هي، برأينا، جديرة بأن ينعقد حولها الاجماع هي: «المقاومة الشعبية الشاملة بكل الأشكال التي يبيحها القانون الدولي لشعب واقع تحت الإحتلال».

ومن نافل القول أن الشكل الرئيسي، من بين هذه الأشكال، تحدده طبيعة المرحلة. ولكن علينا أن نرى أن العدو قد حدد بالفعل طبيعة المرحلة، وهي «حرب الإبادة» التي يشنها بضراوة بهدف الوصول إلى «حسم الصراع». وفي مواجهة حرب الإبادة لا معنى للحديث عن الإكتفاء بالمقاومة السلمية، بل إنها في الواقع خيار غير قابل للتطبيق في ظروف الحرب، إلا إذا كانت تعني إلقاء السلاح ومنح العدو «نصراً مطلقاً» لم يستطع، ولن يستطيع، أن يحققه بالقوة العسكرية. وهذا بالتأكيد ما لا يقبله أي منا.

إنطلاقاً من هذه التوافقات الهامة، وترجمة لها في التطبيق العملي، فإننا ندعو لقاءنا المنعقد اليوم إلى إقرار الخطوات التالية:

أولاً- إستكمال إنضمام سائر الفصائل الفلسطينية، ونعني بهذا حركتي حماس والجهاد الاسلامي، إلى منظمة التحرير الفلسطينية. ويمكن لهذه الخطوة أن تنجز فوراً عبر تشكيل هيئة قيادية موحدة، في إطار م.ت.ف، تضم الكل الفلسطيني وتؤمن الشراكة في صنع القرار السياسي، دون المساس بصلاحيات اللجنة التنفيذية. ومن الطبيعي أن تكون هذه صيغة مؤقتة إلى أن تتوفر الظروف لعقد المجلس المركزي، بصفته مخولاً – وإن بشكل مؤقت - بصلاحيات المجلس الوطني، لاتخاذ قرار رسمي بانضمام حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى المنظمة وتمثيلهما في مؤسساتها القيادية أسوةً بسائر فصائل المنظمة. وينبغي إعادة التذكير، دوماً، بأن هذه الإجراءات، هي ليست سوى خطوات تمهيدية نحو تنفيذ ما نَصَّت عليه إتفاقيات المصالحة بشأن مشاركة الكل الفلسطيني في تشكيل مجلس وطني جديد ينبثق عن إنتخابات تجري بنظام التمثيل النسبي حيث أمكن، أو بالتوافق حيث يتعذر إجراء الإنتخاب.

ثانياً- تشكيل حكومة وفاق وطني من كفاءات مستقلة، بمرجعية منظمة التحرير الفلسطينية ووفق القانون الأساسي، لتمارس صلاحياتها فوراً في الضفة الغربية، وكذلك في قطاع غزة، بهدف تجسيد وصون وحدة أراضي دولة فلسطين، وتوحيد المؤسسات الوطنية الحكومية والإدارية والأمنية والقضائية بين الشطرين، والإشراف على عمليات الإغاثة وإعادة الاعمار، والتمهيد لإجراء إنتخابات رئاسية وتشريعية حرة ونزيهة في سياق عملية الإنتقال من السلطة إلى الدولة.

ثالثاً- إطلاق مبادرة سياسية فلسطينية تعلنها منظمة التحرير باسم الكل الفلسطيني، وبالتشاور مع حلفائنا الدوليين، وفي مقدمتهم الصين الشعبية والإتحاد الروسي، بهدف توظيف التحولات الإيجابية التي ولّدتها معركة طوفان الأقصى، تستند إلى قرار مجلس الأمن الرقم 2735 - 10/6/2024، وتقوم على الربط المحكم بين المفاوضات حول وقف العدوان وتبادل الأسرى، وبين إفتتاح مسار سياسي يفضي إلى إنهاء الإحتلال من خلال مؤتمر دولي كامل الصلاحيات، يُعقد تحت الرعاية الجماعية للأمم المتحدة ممثلة بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية التي تضمن إنسحاب إسرائيل إلى خطوط الرابع من حزيران/ يونيو 67، وإنجاز إستقلال دولة فلسطين ذات السيادة الكاملة بعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين وفق القرار الأممي الرقم 194 الذي يكفل حق العودة إلى الديار والممتلكات. وتجسيدا لهذه المبادرة، يتم تشكيل وفد موحد يضم الكل الفلسطيني تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، وفقاً لصيغة 2014، لإدارة المفاوضات بجميع مراحلها، بدءاً بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وصولاً إلى تمثيل فلسطين في المؤتمر الدولي.

إننا، أيها الأخوة، نستصرخكم باسم معاناة شعبنا الأبي، الذي بات صموده مفخرة لكل أحرار الأرض، أن تضعوا جانباً كل الإعتبارات الذاتية، وأن تأخذوا بهذه الخطوات التي نثق أنكم تدركون أنها لا تستلهم سوى المصلحة الوطنية العليا. وفي جميع الحالات وبالحد الأدنى، فإننا ندعوكم إلى التوافق على قرار ملزم للجميع بالكف عن التراشق الإعلامي الذي بات معيباً ومخزياً ولا طائل من ورائه لأحد. بهذا، وبهذا فقط، نستطيع حقاً أن نهدي شعبنا بُشرى الفرحة الكبرى المتمثلة بإعلان إنهاء الإنقسام

 

إعلان بكين لإنهاء الإنقسام

وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية

23/7/2024

بدعوة كريمة وجهتها جمهورية الصين الشعبية للفصائل الفلسطينية عُقدت في العاصمة بكين جولة حوارات فلسطينية هامة، بهدف توحيد الموقف الفلسطيني لمواجهة حرب الإبادة الجماعية والعدوان الإسرائيلي وإنهاء الإنقسام بما يحقق طموحات الشعب الفلسطيني في الوحدة الوطنية والحرية والإستقلال الوطني.

ويعرب المجتمعون عن تقديرهم العالي للجهود المخلصة التي تبذلها جمهورية الصين الشعبية، إنطلاقاً من دعمها لحقوق الشعب الفلسطيني، وحرصها على إنهاء الإنقسام وتوحيد الموقف الفلسطيني. ويؤكدون على تمكين الأشقاء العرب وأصدقائنا في جمهورية الصين الشعبية وروسيا الإتحادية لمواصلة الجهود الدولية لعقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة والمنصفة لحقوق الشعب الفلسطيني تحت مظلة الأمم المتحدة ورعايتها وبمشاركة دولية وإقليمية واسعة، بديلًا عن الرعاية الأمريكية المنفردة والمنحازة.

وتؤكد الفصائل الفلسطينية في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة وعدوان صهيوني إجرامي على الروح الإيجابية البناءة التي سادت الإجتماع، واتفقت على الوصول إلى وحدة وطنية فلسطينية شاملة تضم القوى والفصائل الفلسطينية كافة، فى إطار منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

وتحيي الفصائل الفلسطينية صمود شعبنا ومقاومته الباسلة وملحمته البطولية التي يخوضها في مواجهة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، والتي عززت مكانة القضية الفلسطينية، وأفشلت محاولة تصفيتها. كما حَيَّت كل القوى والدول وحركات التضامن الطلابية والشعبية والنقابية التي تساند نضال الشعب الفلسطيني ميدانياً، وسياسياً، وقانونياً، ودبلوماسياً.

وتؤكد الفصائل على رفضها الحازم لكل أشكال الوصاية ومحاولات سلب الشعب الفلسطيني حقه فى تمثيل نفسه، أو مصادرة قراره الوطني المستقل.

إتفق المجتمعون على النقاط التالية:

1- توحيد الجهود الوطنية لمواجهة العدوان الصهيوني ووقف حرب الإبادة الجماعية التي تنفذها دولة الإحتلال وقطعان المستوطنين بدعم ومشاركة الولايات المتحدة الأمريكية، ومقاومة محاولات تهجير شعبنا من أرض وطنه فلسطين، ولإجبار الكيان الصهيوني على إنهاء إحتلاله لقطاع غزة وسائر الأراضي المحتلة والتمسك بوحدة الأراضي الفلسطينية، بما يشمل الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.

2- ترحب الفصائل الفلسطينية برأي محكمة العدل الدولية، الذي أكد عدم شرعية الوجود والإحتلال والاستيطان الإسرائيلي على أرض دولة فلسطين، وضرورة إزالته بأسرع وقت ممكن.

3- إنطلاقاً من إتفاقية الوفاق الوطني التي وقعت في القاهرة بتاريخ 4/5/2011 وإعلان الجزائر الذى وقع في 12/10/2022، الإستمرار فى متابعة تنفيذ إتفاقيات إنهاء الانقسام بمساعدة الشقيقتين مصر والجزائر والأصدقاء فى جمهورية الصين الشعبية وروسيا الإتحادية وفق ما يلى:

أ) الإلتزام بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، طبقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

ب) حق الشعب الفلسطيني فى مقاومة الإحتلال وإنهائه وفق القوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة وحق الشعوب فى تقرير مصيرها بنفسها ونضالها من أجل تحقيق ذلك بكل الأشكال المتاحة.

ج) تشكيل حكومة وفاق وطني مؤقتة بتوافق الفصائل الفلسطينية وبقرار من الرئيس بناء على القانون الأساسي الفلسطيني المعمول به، ولتمارس الحكومة المشكلة سلطاتها وصلاحياتها على الأراضي الفلسطينية كافة، بما يؤكد وحدة الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، على أن تبدأ الحكومة بتوحيد المؤسسات الفلسطينية كافة في أراضي الدولة الفلسطينية، والمباشرة في إعادة إعمار قطاع غزة والتمهيد لإجراء إنتخابات عامة، بإشراف لجنة الإنتخابات الفلسطينية المركزية بأسرع وقت وفقا لقانون الإنتخابات المعتمد.

د) وإلى أن يتم تنفيذ الخطوات العملية لتشكيل المجلس الوطني الجديد وفقا لقانون الإنتخابات المعتمد ومن أجل تعميق الشراكة السياسية في تحمل المسؤولية الوطنية، ومن أجل تطوير مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، تم تأكيد الإتفاق على تفعيل وانتظام الإطار القيادي المؤقت الموحد للشراكة في صنع القرار السياسي وفقا لما تم الإتفاق عليه في وثيقة الوفاق الوطني الفلسطيني الموقعة في 4 أيار/ مايو 2011 .

4- مقاومة وإفشال محاولات تهجير شعبنا من أرض وطنه فلسطين، خصوصاً من قطاع غزة، أو في الضفة الغربية والقدس، والتأكيد على عدم شرعية الإستيطان والتوسع الإستيطاني وفقاً لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ورأي محكمة العدل الدولية.

5- العمل على فك الحصار الهمجي عن شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية وإيصال المساعدات الإنسانية والطبية دون قيود أو شروط.

6- دعم وإسناد الصمود البطولي لشعبنا المناضل ومقاومته الباسلة في فلسطين لتجاوز الجراح والدمار الذى سببه العدوان الإجرامي وإعمار ما دمره الإحتلال ودعم عائلات الشهداء والجرحى وكل من فقد بيته وممتلكاته ومصادر رزقه.

7- التصدي لمؤامرات الإحتلال وانتهاكاته المستمرة ضد المسجد الأقصى المبارك ومقاومة أي مس به وبمدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.

8- توجيه تحية إجلال وإكبار لشهداء الشعب الفلسطيني وتأكيد الإسناد الكامل للأسرى والأسيرات البواسل فى السجون ومعسكرات الإحتلال الذين يتعرضون لمختلف أشكال التعذيب والقمع وأولوية بذل كل جهد ممكن من أجل تحريرهم من أسر الإحتلال.

وفى ضوء هذا الإعلان، إتفق الحضور على آلية جماعية لتنفيذ بنود الإعلان من كافة جوانبه، وتقرر إعتبار إجتماع الأمناء العامين نقطة إنطلاق لعمل الطواقم الوطنية المشتركة بشكل عاجل، كما تقرر وضع أجندة زمنية لتطبيق هذا الإعلان.

وفى ختام اللقاء عَبَّرت الفصائل الفلسطينية مجتمعة بتحية التقدير وتثمين لجهود جمهورية الصين الشعبية وقيادتها للوصول إلى هذا الإتفاق الوطني المهم



([1])  1- حركة فتح، 2- حركة حماس، 3- الجبهة الديمقراطية، 4- الجبهة الشعبية، 5- الجبهة الشعبية - القيادة العامة، 6- حركة الجهاد الإسلامي، 7- منظمة الصاعقة، 8- حزب الشعب، 9- المبادرة الوطنية، 10- الإتحاد الديمقراطي الفلسطيني– فدا، 11- جبهة النضال الشعبي، 12- جبهة التحرير الفلسطينية، 13- جبهة التحرير العربية، 14- جبهة التحرير العربية الفلسطينية.

 

[2])) إن العودة إلى نص بيان 3/9 توضح ذلك: «... توافقنا على ضرورة أن نعيش في ظل نظام سياسي ديمقراطي واحد، وسلطة واحدة، وقانون واحد، في إطار من التعددية السياسية والفكرية، وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة من خلال الإنتخابات الحرة والنزيهة، وفق التمثيل النسبي الكامل في دولة وفق المعايير الدولية».

 

[3])) ■ «.. أهدافنا ومبادئنا ومنطلقاتنا التي تحتم علينا الترجمة الحقيقية لإنهاء الإنقسام، وإنجاز المصالحة، وتجسيد الشراكة الوطنية الفلسطينية»؛

■ «.. يتوجب علينا الإسراع في إنهاء الإنقسام وتحقيق المصالحة والشراكة الوطنية»،

■ «.. رؤية إستراتيجية لتحقيق إنهاء الإنقسام والمصالحة والشراكة في إطار م.ت.ف».

([4]) تسلست هذه المفاوضات بصيغها المختلفة كمايلي:

■ «محادثات التقريب» - بين شهري 5 و9/2010،

■ «المباحثات المباشرة» - 9/2010،

■ «المباحثات الإستكشافية» - 12/2011 إلى 1/2012،

■ «المفاوضات الممتدة» التي إستغرقت 9 شهور – 30/7/2013 إلى 29/4/2014.

أضف تعليق