اليوم بعدما زال الثلج وبان المرج، وخففت الرقابة العسكريّة القيود على النشر حول الصاروخ اليمنيّ الذي هزّ مركز دولة الاحتلال في ساعات الصباح الباكرة من يوم أمس الأحد، تبينّ أنّ حوالي مليونيْ إسرائيليّ أجبروا على النزول إلى الملاجئ خشية من إصابتهم بالصاروخ، الذي قطع مسافة أكثر من ألفي كيلومتر، ولكن المعضلة الأساسيّة والمُقلقة، بحسب مُحلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، تكمن في فشل الدفاعات الجويّة الإسرائيليّة فشلاً ذريعًا في اعتراض الصاروخ وإسقاطه، لافتًا إلى أنّ مسيرة الصاروخ من اليمن إلى إسرائيل استمرّت 15 دقيقة، وهو زمن طويل بحسب معايير سلاح الجوّ.
والأخطر ممّا ذُكِر أعلاه، أضاف المُحلِّل الذي اعتمد على محافل أمنيّةٍ وصفها بالمطلعة جدًا، أنّ الصاروخ سقط بالقرب من مطار اللد، أوْ وفق التسميّة الإسرائيليّة (بن غوريون) الدوليّ، الأمر الذي سيؤدّي إلى تفاقم الأزمة السياحيّة من وإلى إسرائيل، علمًا أنّ عشرات الشركات الأجنبيّة أوقفت رحلاتها من وإلى الكيان بسبب الوضع الأمنيّ، أيْ أنّ سقوط الصاروخ سيدفع الشركات الأخرى إلى حذو نظيراتها وإلغاء رحلاتها، وبذلك ستزداد الأزمة حدّةً، على حدّ تعبيره.
وتابع المُحلِّل قائلاً إنّه “إذا كان هناك فشلاً في اعتراض وإسقاط الصاروخ أمس الأحد، فإنّ هذا يعني أنّه للمرّة الثانيّة يتمكن اليمنيون من اختراق الدفاعات الجويّة الإسرائيليّة، إذْ أنّه في تموز (يوليو) الماضي، استطاعت جماعة (أنصار الله) بضرب مدينة تل أبيب بواسطة مسيّرةٍ أسفرت عن نقتل أحد المواطنين”.
علاوة على ذلك، شدّدّ المُحلِّل على أنّ التحقيقات داخل جيش الاحتلال تجري بوتيرةٍ سريعةٍ بهدف إيجاد جوابٍ على السؤال: هل كان هدف (أنصار الله) ضرب مطار بن غوريون، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ ما أسماها بالجماعة اليمنيّة ما زالت تُهدِّد وتؤكِّد أنّها ستقوم بضرب إسرائيل في الذكرى السنويّة الأولى للعدوان على غزّة، أيْ في السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) القادم.
المُحلِّل أضاف أنّ الهجوم اليمنيّ على إسرائيل ينضّم للتوتّر على الجبهات الأخرى، مواصلة الحرب في غزّة، وارتفاع وتيرة القتال في الشمال ضدّ حزب الله، الذي يُواصِل قصف المنطقة الشماليّة بالصواريخ والطائرات دون طيّارٍ، وهذه التوترات تزيد من الضغط الذي يُمارَس على الحكومة الإسرائيليّة للقيام بعمليةٍ عسكريّة في لبنان، بما في ذلك شنّ حربٍ إقليميّةٍ، وأضاف أنّ من تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتبيّن أنّه سيُواصِل العدوان على غزّة، وليس بوارد التوقيع على صفقة تبادل الأسرى مع (حماس) على الرغم من المظاهرات التي تعُم دولة الاحتلال مطالبةً إيّاه بالتوقيع على اتفاق التبادل.
على صلةٍ بما سلف، قالت صحيفة (معاريف) العبريّة إنّه إطلاق استثنائيّ لصاروخ باليستي من اليمن، مشيرةً الى أنّه سقط على بعد 6 كيلومترات من مطار بن غوريون، وأدى إلى اصابة تسعة إسرائيليين.
أمّا موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ، فقد نقل عن قائد تشكيل الدفاع الجوي السابق العميد احتياط تسفيكا حاييموفتيش قوله إنّ “الصاروخ من اليمن هو صاروخ بعيد المدى وهو المدى الاطول الذي عايشناه حتى الآن”.
بدورها، نقلت القناة الـ 14 بالتلفزيون العبريّ عن المحلل العسكري الإسرائيليّ نوعام أمير قوله إنّ تحقيقًا أوليًا في سلاح الجو الاسرائيلي وقيادة الجبهة الداخلية بيّن أنّ الصاروخ الباليستي أُطلق من اليمن، ومدة التحليق من غرب اليمن الى الهدف دامت حوالي ربع ساعة، وقد أطلقت باتجاه الصاروخ عدد من الصواريخ الاعتراضية من طراز (حيتس) وأيضًا من القبة الحديدية وكلّها لم تتمكن من إصابته.
وصرّح رئيس حزب العمل الإسرائيليّ، الجنرال بالاحتياط يائير غولان: “مرّةً أخرى تلقينا هذا الصباح تذكيرًا بحكومة اليمين وفشلها المستمر، فبدلًا من إغلاق جبهات القتال، تجرّنا حكومة الصفر إلى حربٍ بلا نهاية، وإلى صراعٍ داخليٍّ بلا نهاية، وتُدحرجنا نحو الهاوية، يجب علينا أنْ نتظاهر ضدّها كل يوم، وطوال اليوم“، طبقًا لأقواله.
كذلك قال عضو الكنيست عوديد فورير: “هذا الصباح صاروخ واحد أدخل وسط اسرائيل بالكامل إلى المناطق المحمية، والشمال تحت سيطرة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الذي يحدد معدل إطلاق النار، وما زال الجنود يعانون في قطاع غزة“، على حدّ تعبيره.
في الختام وجب التنويه إلى تصريح الجنرال بالاحتياط دورون غبيش، قائد التشكيلات الجويّة في جيش الاحتلال سابقًا في مقابلةٍ مع إذاعة (103 إف.إم) حيث أكّد أنّه “يتحتّم على إسرائيل أنْ ترد في الزمان والمكان المناسبيْن على إطلاق الصاروخ اليمنيّ، بهدف استعادة قوّة الردع الإسرائيليّة، التي تآكلت كثيرًا، إذْ لا يُعقل أنْ نبقى في موقف الدفاع فقط “، على حدّ تعبيره.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل استهداف إسرائيل من عدّة جبهاتٍ لكان سيخرج إلى حيّز التنفيذ لولا السابع من أكتوبر 2023، وهي المرّة الأولى منذ إقامة إسرائيل تتمكّن فيها قوّة عربيّة من احتلال أراضٍ تابعةٍ لإسرائيل واختطاف الرهائن؟.
أضف تعليق