28 تشرين الثاني 2024 الساعة 21:47

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 3/9/2024 العدد 1097

2024-09-05 عدد القراءات : 114

 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

هآرتس 3/9/2024

 

 

حتى لا يستمر «سيد الموت» في قتل أبنائنا

 

 

بقلم: يوسي فيرتر

 

كانت أولى علامات فقدان نتنياهو سيطرته على الأمور، الأحد الماضي، في ساعات الصباح، مع إلغاء اجتماع الحكومة (بعد إعلان فشل عملية إنقاذ الأسرى الستة أحياء). الحكومة ليست فقط فرصة لالتقاط الصور، بل هي مجلس إدارة الدولة، ولا ينبغي لها التوقف عن العمل عندما تقع مأساة وطنية. إن غياب نتنياهو في ذلك الصباح ذكّرنا باختفائه في الساعات التي تلت "هجوم حماس" في صبيحة 7 تشرين الأول، والشهادات التي ظهرت منذ ذلك الحين بشأن عجزه التام عن العمل. وحتى أول من أمس، وبعد تأخير كبير، وبعد أن تحدّث رئيس الولايات المتحدة جو بايدن ونائبته، كامالا هاريس، ورئيس الدولة، ووزراء وسياسيون كبار آخرون، أرسل رئيس الوزراء مقطع فيديو. كان في إمكانه قول ما قاله في بداية الاجتماع، ثم الطلب من الوزراء الوقوف دقيقة صمت حداداً، لكنه كان مختبئاً.

يثير سلوك نتنياهو الشكوك، بصورة كبيرة، في أن الرجل يفقد قدرته على العمل في لحظات التوتر، أمّا عندما يستعيد هدوءه فيعود بماكياجه الثقيل وشعاراته الفارغة وخبثه. يعود الكاذب والمحتال. قال نتنياهو: "مَن يقتل الرهائن لا يريد صفقة." إن كل ما يحتاجه هذا الرجل، كالعادة، لتغيير الخطاب في صفوف مؤيديه، هو تقديم حجة مضادة تبدو منطقية، بعدها يترك العمل لماكينته الإعلامية التي ستتكفل بالبقية.

ظهرت العلامة الثانية على ذعره، في وقت لاحق، أول من أمس، عندما أصدر ديوانه بياناً بشأن مكالمته الهاتفية مع عائلة ألكسندر لوبيونوف، أحد الرهائن الستة الذين قُتلوا. كانت هناك كلمات لم نعتقد أننا سنسمعها منه: "أعتذر"، "أطلب المغفرة" (لأنه لم يتمكن من إعادة ابنهم إلى المنزل حياً). لقد قُتل ما لا يقل عن 20 رهينة (بعضهم قُتل بنيران الجيش الإسرائيلي) منذ تسعة أشهر. ولم يعتبر نتنياهو أنه من الملائم إطلاق أيّ تصريح نستشف منه مسؤوليته عن مصير هؤلاء البشر الذين وجدوا أنفسهم في قبضة "حماس" بسبب إخفاقاته. حتى إنه لم يكلف نفسه عناء الاتصال. قديماً، غنّى إلتون جون "آسف هي أصعب الكلمات". يبدو أن نتنياهو لم يجد كلمات يعبّر بها عن أسفه سوى الآن.

حسناً، دعوا جميع الأبواق والمنتديات "الحربجية" التي تقدم الدعم لنتنياهو تهدأ: إنها ليست معجزة طبية. فهذا الرجل عديم الإحساس، الانتهازي، من دون قلب، لم يصبح أرقّ، ولم يصبح إنساناً بين ليلة وضحاها. لكن قدرته السياسية على اختراع الشعارات لا تزال تعمل بكفاءة. لقد انتبه إلى احتمال وقوع زلزال تحت قدميه، تظاهرات تم تنظيمها في أرجاء البلد، أهمها التظاهرة التي انطلقت أمام المجمّع الحكومي، تظاهرات ذكّرت بـ"ليلة غالانت". قرار رئيس "الهستدروت" إعلان الإضراب العام، والمبادرات العفوية للمصالح التجارية الخاصة التي تنازلت عن أرباحها، وأغلقت أبوابها، أمور كلها شكلت اللحظة التي كان يخشاها نتنياهو، إنها لحظة تحوُّل الألم إلى غضب، والتعب إلى طاقة، لحظة نهاية اللامبالاة، أي اللحظة التي يعود فيها شارع أيالون، المؤدي إلى تل أبيب، إلى التوهج في عمق الليل، وهو يعج بالمتظاهرين، وبدت نهايته أقرب من أيّ وقت مضى. هذا كان آخر ما يحتاج إليه نتنياهو.

من هنا نشأت الحاجة الملحة لنتنياهو إلى تغيير خطابه، والتعبير عن عواطفه، وقول الكلمة الممنوعة، كلمة الاعتذار. لا يوجد شيء صادق في هذا الرجل. كل شيء لديه مخطط له، ومصمم، وواضح، بصورة مقززة. لقد اختفى ضجيج لغته الفارغة في عواصف الصرخات والاحتجاجات والبكاء التي اجتاحت البلد. وعلى الرغم من أن الأسرى الستة قُتلوا، قبيل اجتماع "الكابنت" الذي ستخلّده الذاكرة إلى الأبد (اجتماع الخميس الذي أعلن فيه "الكابنت" تمسُّكه بالبقاء في معبر فيلادلفيا، حتى لو جاء ذلك على حساب صفقة تبادُل)، أو لعلهم قُتلوا خلال انعقاد الاجتماع، بما يثبت أن موتهم لم يكن نتيجة هذا القرار الإجرامي، إلّا إن الغضب العارم لدى الشعب، بما فيه أوساط يمينية، كان بالغاً.

كانت تظاهرة تل أبيب ضخمة. أمّا الإضراب العام الجزئي فسينتهي بحلول المساء، على الأرجح. سيقول نتنياهو لنفسه: "نجوت". لكن لا ينبغي لنا السماح بذلك. لقد آن أوان اتخاذ خطوات جذرية. إن عائلات الرهائن والناشطين العاملين من أجل إطلاق سراحهم، مستعدون لذلك. لقد فقدوا الأمل نهائياً بهذا القائد القاسي، الذي وصفته عيناف تزانغوكر (ناشطة في طاقم عائلات المخطوفين) بـ"سيد الموت"، وأصابت. لكنهم لن يتمكنوا من التأثير بمفردهم. فإذا كانت أحداث الليلة قبل الماضية حدثاً لمرة واحدة، فإن "كابنت" الدماء سيستمر في طريقه.

ومهما يكن من أمر، فمن المفضل ألّا نخدع أنفسنا بآمال واهمة. صحيح أن الغضب الشعبي الذي انفجر في "ليلة غالانت" (إلى جانب الضغط الأميركي الشديد) أدى إلى إلغاء قرار إقالة وزير الدفاع، لكن مصير الحكومة، آنذاك، لم يكن على كف عفريت، مثلما هي الحال، اليوم. أمّا ليلة أول من أمس، فلن تدفع نتنياهو في اتجاه توقيع صفقة، لأن نجاته الشخصية والسياسية تهمه أكثر بألف مرة من حياة المخطوفين.

أمّا وزير الدفاع فقد وصل إلى الحافة. لقد سقطت مناشداته في "الكابنت"، حتى الليلة قبل الماضية، بشأن إعطاء الأولوية لحياة الرهائن الذين يُقتلون كل أسبوع، في آذان وقلوب صماء. بل إن بعض أعضاء الحكومة سخر منه علناً. وقبل أن يتعافى غالانت من مصيبة التصويت على البقاء في معبر فيلادلفيا، تلقى هو، وتلقينا نحن تأكيداً مؤلماً آخر لصحة موقفه. الوضع خطِر جداً، والجيش والوزير المسؤول عن الجيش يتوسلان التوصل إلى صفقة ووقف إطلاق النار. ليس من منطلق ضعف، ولا من منطلق انهزامية، بل من منطلق العقل، من منطلق المسؤولية، من منطلق القيم والإنسانية. والقائد يرفض. وجوقة المطبلين له في "الكابنت"، تلك الجوقة الأكثر افتقاراً إلى العقل والحكمة والمسؤولية، منذ تأسيس الدولة، تقف إلى جانبه. لا يمكن للمرء إذا قلّب صفحات التاريخ، وقلّب أكثر الصفحات ظلاماً في تاريخ الدول المسعورة، أن يعثر على وضع مشابه. وعلى الرغم من أن نتنياهو وزمرته عرفوا أن المعادلة التي سوّقوها للشعب بأن الأسرى لن ينجوا إلّا بتشديد الضغط العسكري سقطت بعد أن ظهر للعيان أن هذا الضغط يؤدي إلى مقتلهم، لكن لا بأس، سيجدون معادلة أُخرى.

الاحتجاج الذي اندلع، أول من أمس، يعزز غالانت بصورة غير مباشرة. فالأغلبية العظمى من الشعب، التي تقف مع الصفقة وتضع حياة الرهائن في رأس أولوياتها، تقف خلف الوزير والمؤسسة الأمنية. لذلك، لا ينبغي لأحد، من غالانت، إلى هرتسي هليفي ونيتسان ألون، التزحزح من منصبه. يوجد في إسرائيل الآن مجلسا "كابنت"؛ الأول هو "الكابنت" العملي، العقلاني، الذي يقوده غالانت وقادة المؤسسة الأمنية، والثاني هو "الكابنت" السياسي، النفعي، الذي يقوده نتنياهو والمدمنون على السلطة. المشكلة هي أن الثاني هو الذي سيتخذ القرارات نيابةً عن العقلاء، وأنه يحتوي على صوت عقلاني واحد فحسب، هو صوت غالانت.

لن توافق الحكومة، بتركيبتها الحالية، على التوصل إلى صفقة أبدا. فإيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وياريف ليفين وميري ريغيف، وبقية مجرمي "الكابنت"، بدؤوا، الليلة قبل الماضية، فعلاً بإطلاق التوصيفات المهينة على متظاهري أول من أمس، واتهام أرنون بار دافيد، أحد ألبق رؤساء "الهستدروت" في تاريخه، بأنه يحمل أجندة يسارية. لقد كان تصرفهم ذاك، الذي يقسم إسرائيل إلى "نحن" و"هم" متوقعاً. هؤلاء الذين سعوا لاغتيال الديمقراطية الإسرائيلية، وفشلوا، يسعون الآن لإزهاق أرواح البشر. وهم يفلحون في ذلك.

--------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 3/9/2024

 

 

إسرائيل تغرق في حروب استنزاف

 

 

بقلم: ميخائيل ميلشتاين

 

(المضمون: الاستنزاف ليس مرحلة في الطريق الى النصر المطلق، الذي مثل الأفق يبتعد عن متناول اليد. البديل للغرق في معارك ساحقة، ضارة وعديمة النهاية المحددة هو صفقة رغم اثمانها الأليمة. - المصدر).

 خط مباشر يربط بين كل الاحداث التي تهز إسرائيل في الأسبوع الأخير: التصعيد المتزايد في الضفة، وفي مركزه حملة "مخيمات صيفية" في السامرة؛ المواجهة المتواصلة في الساحة الشمالية، التي سجلت ذروة في احباط هجمة الثأر لحزب الله؛ والمعركة "الاعتيادية" في غزة، التي تجري على خلفية البحث العاصف حول التمسك الإسرائيلي بمحور فيلادلفيا وفي مركزه – قتل ستة المخطوفين على ايدي حماس في منطقة رفح.

من عموم الاحداث تنعكس صورة دولة عديمة الاستراتيجية تحركها قوة منطق جمع إنجازات عسكرية، لكن بدون شرح كيف تتراكم الى تحسين الوضع العام الاخذ في التدهور. هذه الصيغة معروفة لحروب استنزاف يرفرف فوقها اعلام رئيس الوزراء الذي ينبع في معظمه من اعتبارات سياسية وبموجبه سيتحقق أخيرا "نصر مطلق" لكن الامر يتطلب وقتا، واساسا مزيد من التضحية من جانب الجمهور.

في الضفة دفعت إسرائيل قدمها لاكبر الحملات منذ السور الواقي في 2002. ومن خلف التباهي "المبرر" بالمس بمحافل الإرهاب يوجد واقع بشع: التهديدات المتزايدة عمليا، والضفة الموجودة في "الجنينية" أي تفشل نموذج "معقل إرهاب وفوضى" الى بؤر أخرى، في ظل ضعف السلطة وتعزز حماس التي تسعى لفتح جبهة مواجهة أخرى بالتوازي مع غزة. ان الخروج الى حملة جديدة – بقوة وعلى نطاق أوسع من النطاق الحالي – هو مسألة وقت. استيقاظ منطقة الخليل التي قتل فيها اول أمس ثلاثة من افراد الشرطة ومنها خرجت عملية التفجير في غوش عصيون، والمعروفة كمعقل حماس، من شأنها أن تلمح ببؤرة المواجهة التالية.

التحدي في الضفة ليس فقط الامن الجاري بل استراتيجي بعيد المدى. فبرعاية جز العشب الأمني يجري الدفع قدما بتغيير عميق للواقع في المنطقة، واساسا بدفع من الوزير سموتريتش. فقد وصف قبل 7 أكتوبر السلطة كعدو وحماس كذخر، ويعلن بان تطلعه هو لانهيار الحكم في رام الله. وكما يشهد هو عن نفسه، في ظل الحرب نشأت فرصة لتغيير الـ دي.ان.ايه للضفة (بتأييد من رئيس الوزراء)، الامر الذي يتم ضمن أمور أخرى من خلال السيطرة على مراكز في الإدارة المدنية مما يسمح بتوسيع الاستيطان. على حد قوله، حتى لو سقطت الحكومة، فان الواقع سيكون لا مرد له ولن يكون ممكنا تحقيق أي شيء باستثناء خطة الحسم التي وضعها في 2017 وغايتها – دمج الضفة بإسرائيل.

لغياب استراتيجية في غزة تداعيات مأساوية على نحو خاص. إسرائيل تبرز نجاحات عسكرية واسعة وفي مركزها تصفية كبار رجالات حماس وضرب البنى التحتية للمنظمة، لكن بدون شرح كيف تؤدي كل هذه الى تقويض حكمها لتحرير المخطوفين. ومرة أخرى الحساب يفشل بدلا من ان يساعد في الكشف الدقيق للواقع او في استهداف حل. من خلف الضربات التي تتلقاها حماس توجد الحقيقة البشعة وبموجبها لا تزال هي الجهة السائدة في غزة ومواقفها بالنسبة للصفقة لا تلين. بخلاف الصورة السائدة في إسرائيل حول منظمة أساس قوتها عسكري، الحديث يدور عن كيان ايديولوجي ذي سيطرة جماهيرية عميقة. لاجل تقويضها مطلوب احتلال كل غزة والبقاء فيها، السيناريو الذي على ما يبدو لا تريده اسرئيل او لا يمكنها أن تحققه الان.

الاستنزاف في ساحة لبنان يجبي هو أيضا ثمنا استراتيجيا محملا بالمصيبة. هذه معركة يتمسك فيها الطرفان بمعادلات خطيرة تتمثل بعدم الوصول الى تصعيد، الوضع الذي يوجد في تناقض تام مع اصطلاح الحسم. برعاية تلك المعركة – وتلك في غزة وفي الضفة – فان النفوذ الإقليمي في ايران يتعاظم وهي تقترب من مكانة دولة حافة نووية. ومن خلال اشعال وتغذية ساحات الاستنزاف المختلفة تضمن طهران ان تواصل إسرائيل الانهاك في مواجهات قريبة ولا تركز على التهديد الوجودي الحقيقي عليها.

ان الحرب المتواصلة منذ 11 شهرا أدت منذ الان الى تغييرات جغرافية وديمغرافية بين البحر والنهر. في غزة شطبت معظم الحدود والسكان الفلسطينيين في المنطقة يعدون منذ الان نحو 8 في المئة اقل مما كانوا في 7 أكتوبر (أساسا بسبب هروب السكان)؛ في الغلاف وفي حدود الشمال هجرت بلدات ونزح جموع المواطنين من بيوتهم؛ وفي الضفة، كما اسلفنا، يتسع البناء وحجم السكان اليهود بقوة هدف أيديولوجي لجهة في الائتلاف ليست الحزب الحاكم، والتي مشكوك فيه أن تكون احداثها تحظى بتأييد أغلبية الشعب.

في نهاية الحرب الحالية – التي لا تبدو في الأفق، - من شأن إسرائيل أن توجد في واقع استراتيجي صعب على نحو خاص: في ظل تهديد إيراني متعاظم، وفيما هي قريبة اكثر من أي وقت مضى من وضع دولة واحدة، أي بدون فاصل مادي بين شعبين العداء بينهما بلغ ذروة تاريخية في اعقاب المواجهة الحالية. في مثل هذا الوضع فان استراتيجية مرتبة للمدى البعيد هي ضرورة وجودية. خطوة كهذه تتحقق فقط من خلال تحطيم التكرار الضار لمعارك الاستنزاف في عموم الجبهات، وبخاصة في غزة وفي الشمال.

الاستنزاف ليس مرحلة في الطريق الى النصر المطلق، الذي مثل الأفق يبتعد عن متناول اليد. البديل للغرق في معارك ساحقة، ضارة وعديمة النهاية المحددة هو صفقة رغم اثمانها الأليمة. الصفقة ستسمح بتحرير المخطوفين والتفرغ لترميم وطني متعدد الابعاد بما في ذلك انعاش القيادات في عموم المستويات التي فشلت في 7 أكتوبر ومحظور أن تواصل تصميم الواقع والمستقبل.

 

 

--------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 3/9/2024

 

 

ليست حماس هي التي تنهار بل اسرائيل

 

 

بقلم: اسحق بريك

 

هناك من يقولون بأن الخروج من قطاع غزة بعد التوقيع على الاتفاق مع حماس على اعادة المخطوفين هو هزيمة وخضوع، وهو سيعود الينا كسهم مرتد بهجوم آخر لحماس. عندها ستكون خسائرنا اكبر باضعاف من الخسائر في الهجوم على الغلاف في 7 اكتوبر.

هذا الادعاء يرتكز الى عدم فهم اساسي لما يحدث في غزة. هذا الادعاء يتغذى على الكليشيهات التي ينشرها المستوى السياسي والمستوى الامني، من اجل تبرير افعالهم والحصول على الدعم والشرعية من الجمهور من اجل الاستمرار في الحرب الفاشلة.

عمليا، بالذات الذين يقولون إن وقف القتال يعني الهزيمة والخضوع فانهم يقربون هزيمة الجيش وتدمير الدولة. اهداف الحرب، “هزيمة حماس” و”تحرير جميع المخطوفين بالضغط العسكري” لم يتم تحقيقها. واذا استمر القتال في غزة بواسطة عمليات الاقتحام على نفس الاهداف، فليس فقط أننا لن نهزم حماس، بل سندمر انفسنا. بعد فترة قصيرة لن نستطيع القيام بعمليات الاقتحام هذه لأنه في كل يوم يمر الجيش يضعف وعدد القتلى والمصابين في اوساط قواتنا يزداد. في المقابل، حماس قامت بتعبئة صفوفها من جديد بالشباب ابناء 17 و18.

رجال الاحتياط اصبحوا يصوتون بأرجلهم، وكثيرون منهم غير مستعدين للخدمة بعد الآن؛ جنود الخدمة الالزامية منهكون ويفقدون القدرة المهنية بسبب غياب التدريب والاعداد؛ بعضهم يتركون الدورة قبل انتهائها؛ اقتصاد اسرائيل وعلاقاتها الدولية ومناعتها الاجتماعية تضررت بشكل كبير بسبب حرب الاستنزاف ضد حماس وحزب الله؛ الحرب ستستمر في الجنوب وفي الشمال طالما أن الجيش الاسرائيلي سيبقى في قطاع غزة. ايضا الحاجة الى تجميع القوات في قطاعات اخرى مثل لبنان أو يهودا والسامرة بسبب نشاطات المخربين، ستجبر الجيش الاسرائيلي على اخراج القوات من غزة وارسالها الى مناطق مشتعلة، لأنه ليس لديه ما يكفي من القوات للقتال في نفس الوقت في عدة جبهات.

بكلمات اخرى، سيأتي اليوم الذي لن يتمكن فيه الجيش الاسرائيلي من البقاء في غزة لأن حماس تسيطر الآن هناك بشكل كامل، سواء في مدينة الانفاق المتشعبة التي تمتد مئات الكيلومترات أو فوقها. عدد الانفاق التي دمرها الجيش هو نسبة مئوية صغيرة جدا. وهذا يسري ايضا على الانفاق تحت محور فيلادلفيا وممر نتساريم، التي من خلالها تستمر حماس حتى الآن في ضخ الوسائل القتالية من شبه جزيرة سيناء الى القطاع، في الشمال وفي الجنوب. في وضع كهذا فانه لا توجد للجيش أي قدرة على اجتثاث حماس وتفكيكها.

اذا تم وقف عمليات الاقتحام بسبب ضعف الجيش أو بسبب عدم وجود أي خيار آخر، أو تم تحويل القوات الى مناطق اخرى، فان الاعداء سيعلنون بفرح أن الجيش الاسرائيلي استسلم وخرج من غزة. من الافضل التحلي بالحكمة وتقديم علاج وقائي لهذه الضربة. يجب الآن الموافقة على صفقة تحرير المخطوفين، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستعيدهم الى بيوتهم. يجب انهاء الحرب في غزة، التي باحتمالية عالية يمكن أن تؤدي الى وقف قتال حزب الله وتقليص احتمالية اندلاع حرب اقليمية متعددة الساحات وشاملة، نحن غير مستعدين لها أبدا.

في فترة التهدئة سنعيد بناء الجيش والاقتصاد والعلاقات الدولية ومناعة المجتمع في اسرائيل، واستبدال كل المستوى السياسي والمستوى الامني، اللذان كان لهما دور في الفشل الفظيع والانطلاق الى طريق جديدة. هذه هي الطريقة ولا يوجد غيرها.

--------------------------------------------

 

معاريف 3/9/2024،

 

 

حكومة تهرب من البشرى

 

 

بقلم: ليلاخ سيغان

 

لا تخطئوا في فهم الخطاب الفوضوي حول المظاهرات والاضراب. فمن يريد شرحا للتدفق الجماهيري الى الشوارع، من الأفضل له أن يبتعد عن المحللين السياسيين والدعائيين – فهم فقط سيبيعونه “رواية” لغرض تجنيده. ولعل هذه هي المشكلة الأكبر التي نقف امامها في هذه اللحظة – ليس ايران، ليس حزب الله، ليس حماس وليس محور فيلادلفيا. من كثرة الاحابيل التي تستهدف “السيطرة على الرواية” من كثرة الجدالات فيما اذا كان في الشوارع 500 الف ام فقط 80 واذا كان الاضراب نجح ام فشل، يبدو أن الحكومة ورئيسها فقدوا القدرة على التمييز بين الحقيقة وبين الاحابيل. أولا، واضح ان المظاهرات الجماهيرية تخدم اعداءنا، لكن هذا الفهم وحده لا يمكنه أن يمنعها. ما يمكن أن يمنعها هو سلوك حكيم من الحكومة تفهم الأوراق الحقيقية التي تحوزها في يدها. فعلى مدى 11 شهرا لم تخرج الجماهير من البيت، حتى بعد تفكك حكومة الطوارئ. فقد فهم التيار المركزي شيئا ما في 7 أكتوبر واساسا أهمية التكافل. لكن للحكومة كانت خطط أخرى. طالما كان التكافل يخدمها حافظت على اللجم. لكن لشدة الأسف عاد المتطرفون للتأثير على اتجاه الدولة ولهذا فقد تضرر التكافل ولم يعد الجمهور الهائل بقادر على ان يسير على الخط مع طرق الحكومة.

منذ البداية، انسحاب غانتس وايزنكوت ما كان ينبغي أن يحصل قبل انتهاء الحرب، لكن الفرصة لحكومة وحدة بعيدة المدى لم تستغل. فقد فضل نتنياهو الحفاظ على المتطرفين في الحكومة واقصاء غانتس وآيزنكوت الى أن فهم هذان بانهما عديما المعنى والنفوذ.

عادت الحكومة الى سلوك 6 أكتوبر. بدلا من ان تنمي وحدة الصف تنمي السياسة. في كل مرة يخيل لها أن الجمهور يحتوي هذا، تحاول ان تتطرف أكثر قليلا. تضعضع أجهزة الامن والقضاء، تهدد باستئناف الإصلاح وتصر على احتفال رسمي على نمط ميري ريغف. كل هذا بالتوازي مع تمدد الحرب، تآكل الاحتياط والمخلين وعدم قدرتها على الوصول الى صفقة مخطوفين او الى الحسم.

المظاهرات الهائلة في 2023 أطلقت الإشارة الى اعدائنا عن تفكك إسرائيل من الداخل وايقظت شهيتهم للهجوم. كل حكومة سوية العقل كانت ستفعل كل شيء كي لا تعيدها. لكن هذه الحكومة تتدفق مع متطرفيها بدلا من أن ترأب صدوع التيار المركزي.

من تحت كل الاحابيل توجد حقيقة بسيطة: في إسرائيل تتولى الحكم حكومة بدون دعم جماهيري. هي متعلقة باطراف الخريطة السياسية التي تهزها. هي تبني خطوات تتطلب تجند كامل للجمهور. لكنها تتجاهل مشاعر واضحة لمعظمه كي ترضي المتطرفن الذين من بينها. فكم من الوقت يمكن صيانة مسرحية عرض كرات كهذا دون اسقاط هي كرة؟ أول أمس تلقينا الجواب: الزمن انتهى. التفكير بانه يمكن التنازل عن غانتس وآيزنكون وقيادة إسرائيل مع “كابنت” دمى وحكومة متطرفة لا يدعمها الجمهور، كان خاطئا. كما أن التفكير بان اقالة غالنت سيتيح هذا منقطع عن الواقع تماما مثلما كان قبل سنة ونصف.

أمس، نشر أن درعي يعمل على إقامة حكومة وحدة جديدة، في ظل التخلي عن الأحزاب المتطرفة. نأمل جدا أن ينجح لان البديل هو ان ننتصر فقط على أنفسنا.  في الحرب ينتصر الناس مع الأوراق التي توجد في ايديها وليس مع أوراق خيالية تتمثل بـ “رواية”. من المجدي جدا أن يفهموا في الليكود وفي شاس هذا قبل أن يفهمه خامينئي ونصرالله: النصر يتطلب جمهورا مجندا، والجمهور لن يكون مجندا لنزوات سموتريتش وبن غفير.

--------------------------------------------

 

هآرتس 3/9/2024

 

 

حماس تفرض الرعب على سكان القطاع في محاولة لطمس عدد رجالها المقتولين

 

 

بقلم: شيرين فلاح صعب

 

فيلم الفيديو الذي نشرته حماس دأ ينتشر في الشبكات الاجتماعية في بداية شهر تموز الماضي، الذي ظهر فيه اثنان من مسلحي حماس الملثمين وهما يحذران، ملثمان، “نحن نستعد للالتقاء مع العدو”، بعد فترة قصيرة تم كشف هوية احدهما بعد قتله على يد قوة اسرائيلية في الشجاعية، وهو عبادة صقر أبو هين، وقد قامت والدته بتأبينه في فيديو قصير غريب جدا.

 

خلال سنوات حماس تعمل خلافا لحزب الله الذي يقوم بنشر صور مقاتليه الذين يقتلون ويتم ذكرهم في خطابات الزعيم، على منع نشر اسماء القتلى في الذراع العسكري. هذا الامر برز بشكل خاص منذ 7 اكتوبر، حيث أن القوائم الطويلة التي يتم نشرها تشمل اسماء نساء واطفال وشيوخ قتلوا في الحرب.

حسب معطيات رسمية نشرتها حماس أمس فان عدد الضحايا المحدث هو 40.786 قتيل شهيد، و94.224 مصاب. ولكن هذا العدد لا يميز بين المدنيين والمسلحين. في الجيش الاسرائيلي أشاروا الى اشكالية اخرى في البيانات التي تصدر عن وزارة الصحة التابعة لحماس: التحقق من معظمهم غير ممكن. حسب الجيش فانه في السابق تم عرض في القوائم الرسمية اسماء مسلحين كبار أو اسماء شهداء مع ارقام بطاقات هوية مزيفة. مع ذلك، منظمات حقوق الانسان تعتبر أن هذه الارقام صحيحة، بل هي أقل من الواقع حتى.

بالنسبة لسكان القطاع فان الرقابة على هوية قتلى حماس تخلق وضع معقد – الذي قواعده غير المكتوبة واضحة. في محادثات مع “هآرتس” يتحدث بعضهم عن الخوف الكبير الذي يقف من وراء هذه القوانين – من هنا فانه لا حاجة لتنفيذها. “هناك خوف من التحدث بشكل علني عن نشطاء حماس، والنشطاء الذين قتلوا لعدد من الاسباب”، قال عصام (اسم مستعار مثل كل اسماء من تمت محادثتهم) ابن 38 من خانيونس، الذي غادر غزة الى مصر في تشرين الثاني الماضي. وحسب قوله فان سبب ذلك هو الخوف من اعتبارهم عملاء ومعاقبة حماس لهم. عصام أكد على أن شيفرة الصمت غير الرسمية ازدادت بشكل كبير منذ اندلاع الحرب، وحماس تتوقع عدم توجيه الانتقاد لها من قبل السكان على الاطلاق، لأن هذا يعتبر “خيانة” تخدم القوات الاسرائيلية. “يقومون بالابلاغ عن قتلهم من الفم الى الاذن. وفقط في حالات نادرة جدا حماس تنشر اسماء قتلى في المنظمة. السكان والعائلات ليسوا هم الذين ينشرون”، قال عصام.

“هذا جزء من الدعاية أمام الشعب في غزة”، قال للصحيفة الناشط الاجتماعي غرشون بسكين، الذي توسط بين اسرائيل وحماس في صفقة شليط. وحسب قوله “الآن الشعب ضد حماس، لذلك فانها لا تريد أن تخلق وضع يصدق فيه الجمهور الطرف الاسرائيلي الذي يقول بأنه قتل الآلاف من مخربي حماس. في حماس لا يريدون الاعتراف بأنه تم تفكيكهم عسكريا”.

بسكين شرح ايضا بأن “حماس تنشر في كل يوم بأنها تقوم بقتل جنود وهذا غير صحيح. وهي كل يوم تتبجح بأنها قتلت هنا واطلقت هناك، وتريد أن تبيع للشعب بأنها منتصرة. لذلك هي لا تقوم بنشر عدد القتلى لديها”.

مثل آخرين كثيرين فان عدنان (43 سنة) اضطر الى النزوح من مدينة غزة الى دير البلح. في محادثة معه تحدث عن المعاناة التي تسببها الحرب لسكان غزة. ولكنه ايضا تحدث عن الاعيب حماس السياسية والاعلامية في هذا الواقع. وحسب قوله فان منع نشر اسماء القتلى في الذراع العسكري هو جزء مهم في هذه المناورة. “في الشارع يسود الافتراض بأنه اذا تم نشر اسماء المسلحين القتلى فانهم في ارجاء العالم سيتعاطفون بشكل اقل مع معاناة الغزيين، الامر الذي سيعطي الشرعية للقصف في غزة”، قال. “طالما أنه توجد افلام وقصص للسكان المدنيين فلا أحد يقول أي شيء. ولكن اذا تجرأ أي أحد على انتقاد حماس أو قام بذكر قتيل مسلح فانه ستتم تسميته خائن وسيتعاملون معه وفقا لذلك”.

حسب اقوال عدنان فانه بسبب التحقيق الحقيقي لا يوجد امام السكان أي خيار وهم يضطرون للاستجابة. نادية (34 سنة) من خانيونس نزحت من بيتها، في البداية الى رفح وفي كانون الاول الى مصر. وقد اشارت الى أن هناك بيانات رسمية لحماس عن قتلى في صفوفها، ولكنها اشارت الى أن هذه البيانات تتعلق بالاساس بنشطاء كبار أو من يحتلون مناصب رفيعة، على الاغلب في نشاطات مدنية. مثلا، حماس نشرت في تموز بيان رسمي عن موت نائب وزير وزارة التشغيل والمتحدث بلسان وزارة الداخلية السابق والامن الوطني في القطاع، ايهاب الغصين، الذي قتل في هجوم للجيش الاسرائيلي. نادية عرضت ايضا مثال آخر في آذار الماضي عندما نشرت حماس بيان عن قتيلين، نضال الشيخ عيد وهو رئيس لجنة الطواريء في رفح، ومحمود أبو حسنا وهو نائب المسؤول عن نشاطات الشرطة. “هم ينشرون فقط اسماء النشطاء الذين ليست لهم أي علاقة مباشرة بالقتال، ونشاطاتهم تركز على الشؤون الانسانية”، قالت.

--------------------------------------------

 

هآرتس 3/9/2024

 

 

محور فيلادلفيا سيتم تبليطه بجثث المخطوفين في الطريق الى إعادة احتلال القطاع

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

غالبية الجمهور في اسرائيل لا تحتاج على الاطلاق الى الرد الفظ للرئيس الامريكي جو بايدن الذي رد بكلمة واحدة وهي “لا”، عندما سئل اذا كان نتنياهو حسب رأيه يعمل بما فيه الكفاية من اجل التوصل الى صفقة لتحرير المخطوفين. هذه الحقيقة معروفة في اسرائيل منذ اشهر. نتنياهو لم يطلق النار على المخطوفين الستة، بل مخربي حماس هم الذين فعلوا ذلك، ونتنياهو بصورة منهجية وناجعة اوجد الظروف التي أدت الى هذا القتل.

النتيجة التي تقشعر لها الابدان، النظرية المشوهة التي تعتبر سيطرة اسرائيل على محور فيلادلفيا مسألة استراتيجية وسياسية، ومن اجل تحقيقها قرر الكابنت، باستثناء وزير الدفاع يوآف غالنت، التصويت مع ابقاء الجيش الاسرائيلي في المحور، ظهرت في اليوم التالي في النفق المظلم. هذا القرار الذي يجسد ليس فقط الاستخفاف الانساني للاصدقاء الذين قرروا تفضيل الاستراتيجية الفارغة على حياة الانسان وكأن الامر يتعلق بمكان مقدس أو رمز للعودة الى ارض الميعاد، يتجاهل موقف الجيش والشباك اللذان يعتقدان أنه يمكن التخلي عن السيطرة في المحور، بالتأكيد لفترة محددة.

لكن بالاساس القرار يتجاهل بشكل خبيث تاريخ المحور. بشكل خبيث لأنه لا يمكن القول بأن أي عضو في الكابنت لا يتذكر بأن الجيش الاسرائيلي سيطر على محور فيلادلفيا في السابق، وأن هذه السيطرة لم تساعد في منع العمليات والهجمات واطلاق النار وتسلح حماس. بالضبط مثلما لا يمكن أن يكون أي واحد منهم يتذكر السيطرة الكاملة للجيش الاسرائيلي في قطاع غزة في الاعوام 1967 – 2005، (سنة الانفصال)، لم تمنع اطلاق صواريخ القسام والقذائف من القطاع نحو اسرائيل.

حسب معطيات “بتسيلم” وجمعية “شوفي” (نساء من اجل الخروج من غزة) ومجلس “يشع” وجمعية عائلات القتلى الفلسطينيين، فانه في الاعوام 1967 – 2005 قتل 230 اسرائيلي، و2600 فلسطيني. ومنذ كانون الاول 1987 عندما اندلعت الانتفاضة الاولى وخلال ست سنوات حتى التوقيع على اتفاق اوسلو قتل في غزة 29 جندي ومواطن اسرائيلي. ومنذ العام 1993 الى العام 2000، عند اندلاع الانتفاضة الثانية قتل في القطاع 39 اسرائيلي. في السنة والنصف منذ اعلن اريئيل شارون عن الانفصال وحتى استكماله قتل 52 اسرائيلي في غزة.  وفي الانتفاضة الثانية تم اطلاق من قطاع غزة حوالي 500 صاروخ و6 آلاف قذيفة.

خلال هذه الفترة كانت اسرائيل تسيطر بشكل كامل، ليس فقط على محور فيلادلفيا، بل على كل القطاع. تحت انف الجيش تم حفر الانفاق وتهريب السلاح – نشطاء حماس والجهاد الاسلامي وتنظيمات اخرى اجتازوا الحدود الى شبه جزيرة سيناء وبالعكس وكأنهم يسافرون على شارع سريع لا توجد فيه اشارات ضوئية. وحسب المعطيات التي قام مركز المعلومات للاستخبارات والارهاب بتحليلها فانه في الاعوام 2000 – 2005 تم تنفيذ 15.057 عملية في قطاع غزة، أو عمليات خرجت من القطاع الى اراضي اسرائيل (مقابل 9495 عملية نفذت في الضفة الغربية أو خرجت منها). لا يوجد أي اساس للتقسيم الكاذب الذي يسوقه المتحدثون بلسان اليمين وهو أن “عصر الهدوء” الذي سبق الانفصال الذي منع فيه تواجد الجيش هناك اطلاق الصواريخ وبين “عصر الحرب” الذي حدث بسبب الانفصال. هذه هي رواية مخادعة تحاول الحكومة ورئيسها الآن اعادة انتاجها وبيعها للجمهور على أنها بضاعة جديدة واصلية.

الانسحاب من محور فيلادلفيا هو مسألة رئيسية يتعلق بها الآن مصير المخطوفين، لكن عندما يعتبره نتنياهو “مسألة سياسية أو استراتيجية” وعرض مصطلحات بلاغية تهدف الى تعزيز اهميتها مقابل حياة بضع عشرات من المدنيين، فان القصد هو اهمية هذا المحور كمرساة اساسية لاستمرار احتلال غزة. لأنه لا يمكن السيطرة على محور فيلادلفيا بدون السيطرة على الطرق التي تؤدي اليه، ولا توجد أي طريقة لحماية الجنود الذين سيقومون باعمال الدورية فيه بدون الدفاع عن المناطق القريبة منه، لا سيما في المناطق المكتظة بالسكان مثل جنوب القطاع.

محور فيلادلفيا ليس طريق للاغنام يستخدمها الهواة اثناء الرحلات. الهدف الرسمي من السيطرة عليه هو مكافحة تهريب السلاح من شبه جزيرة سيناء الى القطاع. ولكن عندما يصادق نتنياهو والكابنت على بقاء الجيش الاسرائيلي في المحور فان هذه رزمة كاملة تشمل احتلال قطاع غزة بدون تقييد في الوقت أو كما قال نتنياهو “نحن سنبقى في قطاع غزة طالما كانت هناك حاجة الى ذلك”. هذه ترجمة “الاستراتيجي” للسيطرة على المحور، التي من اجلها مسموح التضحية بحياة المخطوفين، لا سيما أن هذا هدف مقدس لأنه في المكان الذي يوجد فيه الجيش الاسرائيلي يمكن ايضا اقامة المستوطنات واعادة المجد الى ما كان عليه.

حماس تدرك هذا التوق، ومصر تخشى منه والولايات المتحدة تعرف الى أين سيودي بها محور فيلادلفيا في اعقاب اسرائيل وبصورة متناقضة فان صفقة التبادل هي العامل الوحيد الذي يمكن أن ينقذ اسرائيل من الغرق في وحل غزة. ولكن المخطوفين هم العائق امام تحقيق استراتيجية العودة الى غزة، وهم الذين ستتم التضحية بهم على مذبح “المحور” الذي اصبح مثابة رمز للامن المطلق الذي ينتظر اسرائيل بسبب السيطرة عليه.

لكن تواجد الجيش الاسرائيلي لا يضمن الامن، والدليل على ذلك يوجد في ادعاءات المستوطنين في الضفة ضد ما يعتبرونه عجز الجيش في حمايتهم. لا يمكن الادعاء بأن الجيش الاسرائيلي “غير موجود” في المناطق، لكن السلاح يتدفق الى الضفة الغربية من الاردن وتتم سرقته من معسكرات الجيش وينتقل الى عصابات الاجرام في اسرائيل ومنها الى أيدي المخربين. السيارات المفخخة لا تحتاج الى تكنولوجيا ايران المتقدمة أو أي معادن نادرة.

الانتفاضة الاولى والثانية تطورت ووقعت تحت الاحتلال في الوقت الذي سيطر فيه الجيش على محور فيلادلفيا. ووجود الجيش الاسرائيلي لم يمنع اختطاف الفتيان الثلاثة في غوش عصيون في 2014. سحر “التواجد” للجيش الاسرائيلي في لبنان لم يساعد سكان الجليل عندما قام حزب الله في التسعينيات باطلاق مئات قذائف الكاتيوشا والصواريخ نحو اسرائيل. الحرب اليومية في المنطقة الامنية، التي استمرت حتى العام 2000 لم تكن كافية وكانت هناك حاجة الى تنفيذ عمليات كبيرة، عملية “تصفية الحساب” في 1993 وعملية “عناقيد الغضب” في 1996، في محاولة لمنع اطلاق الصواريخ. ايضا هذه العمليات لم تمنع وبحق اطلاق الصواريخ الذي استمر في العام 1999.

اسرائيل ليست الدولة الوحيدة التي اخطأت في الاعتقاد بأن السيطرة واحتلال مناطق وتواجد طويل في المناطق المحتلة تضمن الأمن. في 1 ايار 2003 قام الرئيس جورج بوش بالقاء خطاب على متن حاملة الطائرات “ابراهام لنكولن”، التي تم تعليق يافطة متغطرسة عليها كتب فيها “تم استكمال المهمة”. بوش في حينه بشر العالم بأن “المعركة الكبرى في العراق انتهت”. في الحرب في العراق، الولايات المتحدة وحلفاؤنا انتصروا لأن نظام (نظام صدام حسين) لم يعد موجود. ولكن في 2007 اضطرت الولايات المتحدة الى ارسال 20 ألف جندي امريكي وتمديد تواجد الجنود الذين كانوا في العراق كجزء من الاستراتيجية الجديدة التي سميت “السيل العارم” من اجل محاربة القاعدة، التي جندت القوات السنية ضد قوات التحالف الامريكي.

في العام 2011 تم انسحاب كل القوات الامريكية من العراق وفقا للاتفاق الذي وقع عليه الرئيس جورج بوش مع الحكومة العراقية في 2008، وأعاد القوات الى هناك في 2014 عندما سيطر داعش على مناطق في الدولة. ولكن امريكا كانت لها على الاقل استراتيجية للخروج، استندت الى اقامة جيش وشرطة في العراق مدربين يمكنهما معالجة المشكلات الامنية (العملية التي تبين منذ بداية الحرب ضد داعش أنها فاشلة) وترميم البنى التحتية في الدولة وتقديم مساعدات اقتصادية للحكومة الجديدة. اسرائيل لا توجد لديها أي نية لتشكيل حكومة فلسطينية بديلة لحكم حماس، كي تكون السلطة البديلة. ومحور فيلادلفيا هو الشارع السريع، الذي سيتم تبليطه بجثث المخطوفين، الذي سيؤدي الى هناك.

--------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم 3/9/2024

 

 

محظور نقل السيوف الحديدية الى الضفة

 

بقلم: حنان شاي

في التلفزيون بث حديث رئيس الأركان وقائد المنطقة الوسطى، ولم يفهم ما هو جوهر وهدف الحديث: ما هو امر الحملة، الإحاطة، املاء طريقة القتال التكتيكية، وهل تم تبادل الأفكار.

بسبب سوء الفهم الكبير الذي نشأ حول جوهر حديث مشابه جرى بين رئيس الأركان وقائد المنطقة الجنوبية في 7 أكتوبر 1973 فشل الهجوم المضاد في 8 أكتوبر. وكدرس من الفشل، تثبتت في عقيدة الجيش الإسرائيلي طقوس ثابتة لحديث القادة. الحديث الذي بث وسجل ضابط جلس الى جانبهما مضامينه، لا يتطابق مع أي من هذه الطقوس.

بالمقابل، من مضمون الحديث واضح أنه اذا تحققت اقوال رئيس الأركان كما فهمت من وسائل الاعلام، فستنقل الى الضفة السيوف الحديدية التي حتى النصر المطلق لن يمحو عنها وصمة “حملة فاشلة”. بخلاف مباديء الحرب وقواعدها، لم تخطط السيوف الحديدية كمعركة عملياتية تناورية تستهدف هزيمة العدو في بدايتها وعندها القضاء عليه من خلال تفوق عملياتي، بل لردعه من خلال السيطرة على “رمز” وعندها نيل “صورة نصر”.

أمر واحد من اقوال رئيس الأركان في الحديث بدا بوضوح، وهذا الهدف السياسي للحملة في الضفة، الذي يشبه تماما الهدف السياسي في السيوف الحديدية (2024)، في السور الواقي (2002) وحملة سلامة الجليل 1982): إزالة التهديد لاجل السماح لمواطني إسرائيل (والسلطة الفلسطينية) بالعودة الى روتين حياة ثابت.

بخلاف الهدف السياسي ومباديء الحرب وقواعدها وكدرس من السيوف الحديدية، متوقع أن تخطط الحملة في الضفة وتدار كمعركة عملياتية تناورية لهزيمة العدو وحسم المعركة معه وليس لغرض ردعه مثلما في بداية السيوف الحديدية.

مطلوب وقف الاعمال الأمنية كرد فعل بالقطاعي والانتقال في الضفة الى إبادة مبادر اليها بالجملة للارهاب مثلما في السور الواقي.

يبدو أن هذه يجب أن تكون مهمة قيادة المنطقة الوسطى في السور الواقي 2: تجتاح قيادة المنطقة الوسطى مجال الضفة لاجل تصفية العدد الأقصى من الإرهابيين، وسائل القتال ووسائل انتاج السلاح وضمان منع نمو التهديد من جديد لاطول فترة ممكنة وذلك من خلال قطع وعزل المنطقة عن مصادر تموين خارجية وفور انتهاء الحملة – تفعيل نمط متواصل من الافناء لشرارات الإرهاب.

تحت تصرف قيادة المنطقة الوسطى يوجد، كما افيد في وسائل الاعلام، حجم هائل من القوات يتمثل بـ 23 كتيبة (اكثر من فرقتين). والاستنفاد الناجع لهذا الحجم يستوجب استخدامه في ضوء فكرة عملياتية تناورية يضعها قائد المنطقة ويشرح في المعركة بسيطرة سريعة في آن واحد على كل مجال الضفة.

ان هجوما في آن واحد في ضوء الفكرة العملياتية التنورية، في ظل استخدام الوسائل المناورات الشاملة العادية (التثبيت، المحاصرة، البتر، القطع، وقلب ميدان المعركة) سيحدث صدمة شاملة تمنع الإرهاب من الرد العملياتي والتحرك بين أجزاء المنطقة التي بترت وعزله وقطعه الواحد عن الاخر.

لنجاح المعركة من الحيوي تنسيقها مع قوات السلطة ومع الأردن ولاجل تقليص قدر الإمكان من معاناة المدنيين والامتناع عن ازمة إنسانية وانتقاد دولي حاد، ينبغي ادارتها بسرعة عملياتية عالية.

ان النوعية المهنية العالية لمقاتلي المستوى المهاجم وقادته، والتي ثبتت في السيوف الحديدية تتيح إدارة المعركة بنجاعة عملياتية عالية. ينبغي الامل بان بخلاف السيوف الحديدية، ان تكون القرارات المهنة للقيادة العليا صحيحة وان تترك قيادة المعركة لقيادة المنطقة الوسطى ولقادة الالوية؛ بعضهم جمع تجربة في قيادة فرقة في الحرب لم يسبق أن جمعها قائد فرقة في الماضي.

ان النصر في المعركة والذي يعني تنفيذ مهمة القيادة الوسطى وعقب ذلك تحقيق الهدف السياسي، في الزمن قصير، بسبب الاستنفاد الناجع للحجم الكبير من القوات التي توجد تحت تصرف القيادة – سيقرر بقدر حاسم مدى جاهزية الجيش العملياتية لتنفيذ مهمته بالغة التحدي الثالثة: إزالة التهديد في ساحة لبنان.

*عقيد احتياط خبير في التفكير والتخطيط الاستراتيجي العسكري والسياسي، محاضر في بار ايلان

--------------------------------------------

هآرتس 3/9/2024،

 

توجهوا الى الحكومة بلغتها: القوة

 

 

بقلم: هيئة التحرير

 

الاحتجاج المدني الذي نشب من جديد في اعقاب اعدام ستة مخطوفين على أيدي حماس هو الامل الوحيد للمخطوفين المتبقين للنجاة من مصير مشابه. السبيل الوحيد لاعادة مخطوفين أحياء هو من خلال صفقة. هذا ليس سهلا، لكن لا بديل. المشكلة هي ان المسار السياسي عالق وليس فقط بسبب حماس. التوقيع على الصفقة ليس في رأس اهتمام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. الحكومة ورئيسها لهم حسابات سياسية نتائجها تقول لهم ان الصفقة غير مجدية لهم سياسيا.

هكذا يفكر أيضا رئيس الولايات المتحدة جو بايدن. على حد قوله، “نحو قريبون جدا من اتفاق نهائي لتحرير المخطوفين”، لكن عندما سُئل اذا كان برأيه نتنياهو يفعل ما يكفي كي يحقق مثل هذا الاتفاق أجاب: “لا”. بايدن يعبر عن الإحساس إياه الذي لدى الجمهور في الشوارع. والدرس في الجغرافيا الذي قدمه نتنياهو أمس بالبث الحي والمباشر عزز فقط الفهم بان رئيس الوزراء ليس في الطريق الى الصفقة. فقد أوضح بان محور فيلادلفيا اهم من حياة المخطوفين.

عندما لا يستطيع الجيش إعادة المخطوفين احياء والحكومة ليست مستعدة لان تعيدهم احياء من خلال صفقة، فان الامكانية الوحيدة المتبقية للمواطنين هي العمل على تغيير إرادة نتنياهو. مهمة الجمهور هي الحديث الى عصبة الشكاكين التهكميين التي تتشكل منها لشدة العار حكومة إسرائيل، باللغة الوحيدة التي يفهمونها: القوة. على الجمهور ان يوضح لهم الثمن السياسي الباهظ الذي سيدفعونه اذا واصلوا السماح بإعدام المخطوفين الواحد تلو اخر.

الاحتجاج يجب أن يتواصل ويتعزز، يوما بعد يوم الى أن لا يبقى مفر امام الحكومة من التوقيع على الصفقة. الجموع التي تظاهرت ضد الانقلاب النظامي تخشىى من العودة الى الشوارع. ثمة من يقولون لها ان الاحتجاج “يرفع ثمن المخطوفين”، وعليه فبالذات من يؤيد الصفقة من الأفضل له أن يبقى في البيت ويتظاهر امام التلفزيون. غير أن هذه “النصيحة” تتجاهل ان السبيل الوحيد لتخفيض ثمن حياة الانسان هو تخفيض قيمتها. وهذا بالضبط ما تفعله هذه الحكومة.

لقد تجدد الاحتجاج ردا على بخس حياة الانسان تحت هذه الحكومة. فقد تجدد لان السبيل الوحيد للحفاظ على قيمة حياة الانسان في إسرائيل هي ان نكون مستعدين لان ندفع اثمانا مقابلها.

محظور الوقوع في احابيل نتنياهو وحكومته ومواصلة ترك المخطوفين لمصيرهم بسبب محور فيلادلفيا. وزير الدفاع يوآف غالنت ورئيس الأركان هرتسي هليفي اوضحا بان لا مانع امنيا للتوقيع على صفقة. على الجمهور ان يواصل التظاهر من اجل وقف الحرب وصفقة مخطوفين، وينبغي الامل في أن ينضم القطاع التجاري، رؤساء السلطات وكل من توجد في يده قوة للتأثير الى أن تفهم الحكومة بان لا تفويض جماهيري لها لمواصلة ترك المخطوفين لمصيرهم.

--------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم 3/9/2024

 

 

من الان فصاعدا: الضفة الغربية ساحة قتال ثانية

 

بقلم: حنان غرينوود

أحداث الأيام الأخيرة أدت بجهاز الامن بتغيير هام في السياسة في الضفة الغربية. فمنذ بداية الحرب عرفت المنطقة كـ “ساحة ثانوية”، ساحة ينبغي ابقاءها بشكل مستقل، لكن العمليات الأخيرة اثبتت للمسؤولين بانه لم يعد ممكنا عمل ذلك. الان يعمل الجيش ضمن تعريف الضفة كساحة ثانية – فورا بعد غزة.

وتجدر الإشارة الى أن هذه حاليا هي تعليمات أولية فقط والتغيير الكبير على الأرض يستغرق وقتا. ومع ذلك من المتوقع قريبا سلسلة عمليات في كل ارجاء الضفة. وفي جهاز الامن يوضحون بان “الحملة في جنين ليست نهاية المطاف”.

في الأسبوع الماضي بدأت حملة المخيمات الصيفية في شمال الضفة. وهذه هي الحملة الأطول للجيش منذ السور الواقي مع طاقمين قتاليين لوائيين يعملان في مخيم اللاجئين جنين وفي طولكرم. وهذه الحملة ستتواصل في الفترة القريبة القادمة.

العمليات القاسية الأخيرة، العملية المزدوجة في غوش عصيون، العملية في ترقوميا والعملية التي منعت في عطيرت تثبت بان هناك حاجة لعلاج جذري هام في كل الجبهة. في غضون 48 ساعة فقط تحولت الضفة من قنبلة متكتكة الى قنبلة توجد في مراحل الانفجار.

المعضلة في جهاز الامن تتعلق أساسا بمنطقة الخليل، التي خرجت منها العمليتان الهامتان في الأيام الأخيرة. لا يوجد سؤال فيما اذا كان واجبها تقويض حماس في الضفة، لكن مع ذلك في جهاز الامن لا يريدون القاء الوليد مع الماء.

وليس انطلاقا من محبة إسرائيل بل من مصالحهم تتعاون أجهزة الامن الفلسطينية بشكل جوهري مع قوات الامن، بما في ذلك في العملية يوم الاحد. عملية محطمة للقواعد من شأنها ان تتسبب بالخطأ بتصعيد واسع، وهذا لا يريدونه في إسرائيل. بالمقابل يوجد فهم بانه يجب العمل ضد العنف الذي خرج من المدينة ولهذا يحتمل ان نرى حملات اكبر واكثر تركيزا من ناحية استخبارية، الى جانب اطواق حول المدينة، مثلما يجري منذ الان.

الامتناع عن تصعيد واسع

في هذه الاثناء، في السلطات المحلية في الضفة يطالبون بالحرب، واليهم انضمت وزيرة الاستيطان اوريت ستروك التي دعت الكابنت الى اتخاذ خطوات طارئة بما فيها الإعلان عن حالة حرب في الضفة. وعلى حد قولها “قبل أسبوعين تحرر من المعتقل خمسة من قادة حماس في الخليل اعتقلوا في بداية الحرب كجزء من الجهود لمنع الاشتعال في الضفة. وبعد أسبوعين فقط من يوم التحرر نفذت عملية التفجير المزدوجة في غوش عصيون التي خرج منفذاها من الخليل. وبالمعجزة منعت كارثة رهيبة.

في الجيش مصممون على الوصول الى شهر أكتوبر، شهر الأعياد، بينما تكون ساحة الضفة هادئة اكثر من الانتفاضة الصغيرة التي تجري حاليا في الميدان. اما حرب “على المليء” فعلى ما يبدو لن نرى في مناطق واسعة، لكن حملة “مخيمات صيفية” ستتسع قريبا الى مناطق أخرى في الضفة. في جهاز الامن يوصون أيضا باعتقال جهات تحريضية في كل الضفة الامر الذي تطالب به أيضا وزيرة الاستيطان.

ليس فقط جز العشب

التغيير واضح جيدا في الميدان. فاذا كانوا قبل سنة يتحدثون عن نسيج الحياة فان الخطاب الان هو عن مستوى العدوانية. التوصية في جهاز الامن هي للخروج الى حملات واسعة مع التشديد على مصادرة أموال بكل المنطقة وليس فقط في شمال الضفة، وعن تقويض حماس كهدف. ووصف هذا مصدر أمني بقوله: “لا لجز العشب بل لجز الجذر”.

يحاول السنوار بكل قوته اشعال المنطقة افتراضا بان صفقة المخطوفين في الطريق الى التفجر وان الطريق لمنع الاعمال في القطاع هو احتدام الوضع في الضفة. واليه ينضم أيضا الإيرانيون الذين يضخون ملايين الشواكل الى الضفة. ولان العمال الى الضفة لا يدخلون للعمل في إسرائيل فان المال الوفير الكبير في السلطة هو أموال ، وهذا المال يشعل المنطقة.

مؤخرا نفذت حملة موضعية للاستيلاء على أموال. في جهاز الامن يضغطون لتنفيذ حملات مصممة كهذه في كل المنطقة. التوصية، التي رفعها جهاز الامن عدة مرات هي لوقف التركيز في هذا الموضوع على شمال الضفة فقط.

قسم من محافل الامن يعتقد بان العمليات الأخيرة هي نتيجة الاعمال القوية في شمال الضفة ولهذا فلعلها تهدأ في المستقبل. اخرون يؤمنون بان هذه الاعمال هي ذات الانفجارات التي حاول الجيش منعها بكل قوته واننا في الطريق الى تصعيد إضافي.

 

فرضة العمل هي ان عملية كبيرة توجد خلف الزاوية. في الأسبوع الماضي كانت هذه في غوش عصيون ولكنها قد تقع في القدس، في بئر السبع او في تل أبيب. 

--------------------------------------------

 

 

 

معاريف 3/9/2024

 

 

هل يضطر بوتين إلى “الزر الأحمر” وإعلان الحرب الثالثة؟

 

بقلم: بوعز غولاني ويعقوب نيجل

الغزو الأوكراني لكورسك فاجأ الروس مثلما فاجأ أصدقاء أوكرانيا. المفاجأة الموازية هي الرد الروسي؛ فبدلاً من إرسال قوات غفيرة إلى المكان لطرد الغازي، يسمحون للأوكرانيين بتوسيع سيطرتهم في كورسك ويواصلون تركيز الجهود على تقدم بطيء غرباً في مقاطعة دونيتسك في ظل سعيهم إلى السيطرة على مدينة خيركوف والمنطقة القروية في محيطها، ويشددون وتيرة الهجمات الجوية في كييف ومنشآت الطاقة في أرجاء أوكرانيا. ولئن كان دافع الغزو هو صرف قوات روسية خارج أوكرانيا، فهو هدف لم يتحقق.

لكن بدا أن لهذا الغزو ثلاثة أهداف أخرى على الأقل: أولاً، إجبار الروس على الموافقة على البحث في وقف النار، أو وضع الأوكرانيين في وضعية أفضل وقت المفاوضات، فإن هذا الهدف لم يتحقق؛ لأن الروس أعلنوا بأن الغزو أبعد كل إمكانية للمفاوضات. ثانياً، الإظهار للحلفاء في الغرب بأن استثمارهم الهائل في تأييد أوكرانيا لا يضيع هباء. إذا ما انتصر الديمقراطيون في انتخابات الولايات المتحدة، فربما يجدون أملاً لهذا الهدف أن يتحقق، أما إذا انتصر ترامب، فالأرجح أن يتوقف الدعم دون أي صلة بالتقدم الأوكراني. ثالثاً، رفع المعنويات المنهارة للسكان في أوكرانيا. في المدى القصير، يبدو أنه هدف قد تحقق، لكن الشتاء المقترب ومعه التوقع بانقطاعات واسعة للكهرباء عقب هجمات روسية، سيؤدي إلى انعكاس الميل.

بالمقابل، حقيقة أن الأوكرانيين يسيطرون على أكثر من 1000 كيلومتر مربع من أراضي روسيا الآن وهم على مسافة أقل من 40 كيلومتراً عن محطة توليد الطاقة النووية في كورسك، إنما تخدم موسكو في عدة أهداف: أولاً، تعزيز المشاعر الوطنية من خلال ذكرى المعارك في الحرب العالمية الثانية التي غزت فيها ألمانيا النازية “ماما روسيا” بمساعدة قوات أوكرانية. ثانياً، فرصة للعودة والتهديد لاستخدام السلاح النووي إذا تضرر المفاعل النووي في كورسك. وثالثاً، الغزو يخفف القوات الأوكرانية في دونيتسك وربما يخلق فرصة لتقدم أسرع هناك.

الكثيرون يتمنون أن يؤدي غزو كورسك إلى إنهاء الحرب وانسحاب روسيا من أوكرانيا. وهذا سيناريو غير واقعي. عملياً، اقتراب روسيا من هزيمة مهينة تؤدي إلى الانسحاب من أوكرانيا وفقدان لمقاطع من أراضيها، ينبغي أن يكون مقلقاً أكثر؛ لأن ذلك قد يقرب بوتين بمسافة لمسة من “الزر الأحمر” الذي سيشعل حرباً عالمية ثالثة.

فهل سيغير الغزو مسار الحرب؟ ثمة مكان للأمل دائماً، لكن التاريخ يفيد بأن تغييرات كهذه لا تتحقق إلا من خلال قوى داخلية – روسيا خرجت من الحرب العالمية الأولى بعد ثورة 1917 وانسحبت من أفغانستان عندما بدأ الاتحاد السوفياتي يتفكك من الداخل في 1989. حتى الآن، لا مؤشرات على أن ثورة داخلية روسية ستقع قريباً.

معظم اهتمامنا منصب هذه الأيام على تحديات حربنا، لكن يجب أن نكون يقظين أيضاً لما يجري في حرب روسيا أوكرانيا، لأن التعبير القائل “الشر يأتي من الشمال”، ربما يتحقق في هذا السياق أيضاً.

--------------------------------------------

 

هآرتس 3/9/2024

 

 

ما الثمن الذي سنطلبه من “سيد النماذج الوقحة” بعد إزاحته عن كرسيه؟

 

 

بقلم: ب. ميخائيل

 

ثمة عادتان لحكومة إسرائيل تحبهما: “إرسال الرسائل” و”جباية الثمن”. عناوين هذه الرسائل هم الأعداء على أنواعهم ومحيطهم المدني، ويتم الإرسال غالباً بواسطة الطائرات القتالية. في الواقع، خدمة المبعوثين أرخص بكثير، لكن القاذفات أكثر متعة.

يبدو أن الوقت حان للبدء في مناقشة مسألة “ما هو الثمن” الذي سنطلبه من بيبي و”أي رسالة سنرسلها إليه بعد إزاحته من مكتبه”. في نهاية المطاف، لا يمكن أن يفعل بدولة كاملة ما فعله بها دون أن يدفع ثمناً مناسباً.

لن نرسل له الفاتورة بطائرة قتالية أو مسيرة جراحية، بل سنكتفي بمراسل المحكمة. ولن تكون “الرسالة” مرفقة بعبوة ناسفة، بل تذكير صغير جداً بما فعله وبخطاياه ومنكراته.

سنبدأ بالطبع بظهوره المجرم والمنغلق الذي يظهره وبحق في هذه الأثناء، وتصميمه على إرسال عشرات الأشخاص إلى موتهم، أو مواصلة معاناتهم، شريطة أن تبقى مملكته. واستمرار مملكة الكذب والخداع والنفي التي فرضها على إسرائيل. نذكر أيضاً بأنه، بمؤهلاته الخاصة، نجح في فترة قصيرة بشكل مدهش، بعد هجوم حماس، في تحويل إسرائيل إلى دولة معيبة. 40 ألف جثة (حتى الآن) في معظمها جثث لأبرياء، ساعدت في ذلك بدرجة كبيرة. سنقول له إن الشخص رقم 6 في الذكاء في العالم، اكتشف بأنه غبي جداً وخائف.

وضع وزارة المالية في يد شخص غبي، ووضع الشرطة في يد مجرم، والتعليم في يد طيار حربي ساذج، ووزارة العدل في يد شخص غريب… فهل من الغريب أن أصبح مواطنوه أبطال غلاء المعيشة في دول الـ … وبتوجيه منه، ملأ الحكومة والكنيست بكثير من الأصفار الكسولة والمتوحشة والعنصرية والسخيفة، شريطة أن تبقى مملكته إلى الأبد. وأصبح هو وأبناء عائلته نماذج وقحة للشهوة والملذات والأنانية والجشع وسرقة أموال الخزينة العامة.

في فترة ولايته، أصبحت الدولة أكثر فساداً وتنديداً وقسوة في العالم. الموت يحتفل بدون كابح أو ضمير، والمارد الديني سمي عصفوراً، وأعطي المارد العنصري حكومة. والأفظع أن المقارنة أصبحت مسموحة. في الحقيقة، يجب إجراء المقارنة، تماماً محظور عدم المقارنة، لأننا تسلقنا نفس السلم الذي يؤدي من قوانين نيرنبرغ إلى الإبادة الجماعية.

كل ذلك هو المسؤول عنه (ونضيف كلمة مسؤول بالإنجليزية) على أمل أن يفهم معنى هذه الكلمة.

ما هو الثمن الذي سنطلبه من هذا الشرير؟ عقوبة الإعدام؟ حبس لمدة طويلة في “سديه تيمان” لا سمح الله! نحن متنورون، والقتل الحر غير مسموح في هذه الأثناء إلا للأغيار. يكفي حبسه لفترة قصيرة في سجن ما، لتثبيت العار.

غرامة كبيرة؟ نعم. هذه فكرة. يقولون إن الجيب هو العضو الأكثر حساسية في جسمه. اللاساميون سيقولون إنه الدليل الوحيد على يهوديته. غرامة كبيرة بملايين الدولارات (يمكن باليورو أيضاً) وحظر مطلق على التبرعات والقروض والهدايا وأبناء العم وأصحاب رؤوس الأموال والمليارديرات والمجوهرات، ربما هذا سيستدعي دموع الندم من عيونه المغلقة.

شخصياً، كنت سأضيف أيضاً بضع سنوات من الإقامة الجبرية مع السيدة والابن البكر. المصادقة على الخروج من البيت لن تكون إلا بمرافقة الزوجة التي تمسك يده من جهة، والابن البكر من الجهة الأخرى. يبدو لي أنه خلال نصف سنة، سيطلب الموت، أو أن يتم طرده وهجر البلاد.

إذا شئتم، هذه ليست أسطورة، وإلا فستأكلونها.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق