مجلس الأمن يوافق بالإجماع على تجديد مهمة قوات اليونيفيل في لبنان لعام آخر
ومن جانبها، قالت ممثلة فرنسا، أنها تقترح تمديد عمل قوات اليونيفيل لمدة 12 شهرا، داعية كل الأطراف لوقف كل الأعمال العدائية وعدم التصعيد في المنطقة.
ومن جهتها، قالت ممثلة الولايات المتحدة ليندا توماس أن الاستقرار جنوب لبنان انهار عندما قصف حزب الله شمال إسرائيل بـ 8 أكتوبر، مضيفاً أنه لا يجب أن يكون لبنان منطلقاً لهجمات على إسرائيل.
وأكدت توماس أن الاستقرار والهدوء يعودان عند وجود آليات تنفيذ للقرار عند الخط الأزرق، مشيرة إلى ضرورة إنشاء منطقة جنوبي الليطاني خالية من الأسلحة إلا أسلحة الجيش اللبناني واليونيفيل.
وتسيّر اليونيفيل دوريات على الحدود الجنوبية للبنان المشتركة مع إسرائيل.
وكانت قد أُنشئت اليونيفيل في 1978.
ويجري تجديد مهمة اليونيفيل سنويا وكان من المقرر أن تنتهي مهمتها الحالية السبت المقبل.
ويأتي التصويت بعد أيام فقط من اشتباك حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي في واحدة من أعنف عمليات تبادل إطلاق النار بينهما على مدى الأشهر العشرة الماضية، وذلك وسط مخاوف من اتساع نطاق الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلى صراع إقليمي.
التمديد لـ"يونيفيل" بالجنوب يبقى "ورقياً".. وتنفيذه يرتبط بغزة
يبقى التمديد لـ«قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)» لعام جديد قائماً على الورق، ولن تكون له من مفاعيل ميدانية على الأرض ما دامت التهدئة في الجنوب مرتبطة بوقف النار في غزة الذي لا يزال متعثراً، هذا في حال أن الولايات المتحدة الأميركية استجابت لرغبة حكومة تصريف الأعمال اللبنانية بصرف النظر عن التعديلات التي تقترح إدخالها عليه ووافقت على الصيغة التي أحالتها فرنسا إلى مجلس الأمن الدولي لإقرارها دون تعديل، وهي بمثابة نسخة طبق الأصل عن الصيغة المعمول بها حالياً، لتحييدها عن التجاذبات الدولية والإقليمية المستجدة والمترتبة على مساندة «حزب الله» لـ«حماس».
فالتمديد لـ«يونيفيل» سيبقى عالقاً دون تنفيذ في انتظار ما ستؤول إليه المباحثات المتنقلة بين القاهرة والدوحة للتوصل لوقف النار في غزة، التي تتأرجح بين هبّة ساخنة وأخرى باردة، من دون أن تبادر الأطراف المشاركة فيها إلى نعيها، كما تقول مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، رغبة منها في إعطاء فرصة لعلها تؤدي إلى تنعيم الموقف الإسرائيلي على نحو يخرجها من التأزم ويضعها على سكة التطبيق؛ لإنهاء الحرب في القطاع، إفساحاً في المجال أمام الالتفات إلى الوضع المشتعل في جنوب لبنان والتفرغ لتهدئته بتطبيق القرار «1701».
ومع أن تطبيقه، وفق المصادر الدبلوماسية الغربية، لا يعني أن الطريق سالكة سياسياً، ما دامت إسرائيل لا توافق، دون شروط، على وقف النار في الجنوب امتداداً للتوصل إليه على الجبهة الغزاوية، وتشترط التوافق مع الحكومة اللبنانية على تسوية تقود حتماً إلى تحقيق الاستقرار المستدام على امتداد الحدود الشمالية بينها وبين لبنان على قاعدة تحويل جنوب الليطاني إلى منطقة منزوع منها سلاح «حزب الله»، أساساً لإخضاعها دون أي شريك إلى سيادة الجيش اللبناني بمؤازرة «يونيفيل».
وفي هذا السياق، تلفت المصادر نفسها إلى أنه لا خيار أمام مجلس الأمن، في اجتماعه الخميس للنظر في التمديد للقوات الدولية، سوى موافقته عليه؛ لأنه لن يرى النور في حال أن إحدى الدول ذات العضوية الدائمة فيه قررت استخدام حقها في نقضه، في إشارة إلى ضرورة إقناع واشنطن بأن تسحب رغبتها في إدخال تعديلات عليه من التداول، وهذا ما يراهن عليه الجانب اللبناني ممثلاً في رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب، اللذين يتفرغان حالياً لاتصالاتهما بالدول الأعضاء في مجلس الأمن، وعلى رأسها الولايات المتحدة، لتمرير التمديد دون أي عوائق.
وتؤكد أنه من غير الجائز تأجيل التصويت على التمديد للقوات الدولية، التي لا بد من تفعيل حضورها في منطقة العمليات المشتركة التي تجمعها ووحدات من الجيش اللبناني لتطبيق القرار، وهذا يتطلب من «حزب الله» أن يعيد النظر في سلوكه وتعاطيه مع «يونيفيل»، وذلك بامتناعه عن التحريض عليها بتعبئته جمهوره على نحو يمنعها من مؤازرتها الجيش اللبناني لبسط سيادة السلطة اللبنانية على جميع الأراضي.
وتحذر من التداعيات السلبية المترتبة على ترحيل مجلس الأمن التصويت على قرار التمديد لها مع انتهاء فترة انتدابها الحالية، الذي يتزامن مع انعقاد مجلس الأمن، وتقول إن عدم التصويت له يعني حكماً أن تطبيق «1701» وُضع على الرف، وهذا ما يشرع الأبواب أمام إقحام الجنوب في وضع يُخشى أن يؤدي إلى تفلته نحو المجهول بغياب المرجعية الدولية المتمثلة في الـ«يونيفيل» التي ينظر إليها الجميع على أنها الشاهد الدولي والشريك للبنان لتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي، ومن دونه لا يمكن للجنوب أن يستعيد استقراره لتأمين عودة النازحين إلى بلداتهم على جانبي الحدود بين البلدين، الذين اضطروا إلى النزوح منها تحت ضغط اشتعال المواجهة جنوباً بين «حزب الله» وإسرائيل، التي حوّلت مناطقهم إلى مناطق غير صالحة للسكن.
ومع أنها تعترف بوجود صعوبة، في المدى المنظور، في تطبيق الـ«1701»، فإنها تسأل: «ما البديل في حال تعذّر على مجلس الأمن التمديد للـ(يونيفيل)؟»، وتؤكد أن «الضرورة تقتضي التمسك بدورها الذي لا غنى عنه، ليكون في وسع المجتمع الدولي الاستعانة بها لتطبيقه عندما تسمح الظروف السياسية المحيطة بلبنان؛ بدءاً بالحرب الدائرة في غزة وضرورة إنهائها لما له من انعكاس إيجابي على الوضع المتفجر في الجنوب، رغم أن إمكانية توسع الحرب أخذت تتراجع».
وتسأل المصادر الدبلوماسية: «أي وضع سيكون عليه الجنوب مع غياب المرجعية الدولية؟ ومن سيتولى ضبطه؟ وكيف يمكن لحكومة تصريف الأعمال التعايش في هذه الحال مع وضع قابل للاشتعال في أي لحظة، ومن شأنه أن يهدد الاستقرار؟». وتقول إن هناك ضرورة للتمديد للـ«يونيفيل» ليكون في وسعها تقطيع الوقت بأقل الأضرار والانتظار ريثما تنجح المباحثات في التوصل إلى وقف النار في غزة، على إيقاع استعداد إيران في أي لحظة تراها مواتية للرد على اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، رغم أنها توافقت مع الحزب على استبعاد التلازم في الردين.
لذلك؛ فإن وقف النار في غزة سيُدخل الجنوب في مرحلة جديدة تستدعي من الحكومة، كما تقول المصادر الدبلوماسية، التحضير لها؛ بدءاً بالبحث عن مخارج لتطبيق «1701» على مراحل، من دون أن تسقط من حسابها رد فعل «حزب الله» ومدى استعداده للتعاون لتسهيل تفويضه لحليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري التفاوض مع الوسيط الأميركي أموس هوكستين لتنفيذه.
أضف تعليق