"واشنطن بوست": بخلاف نيسان/أبريل.. شكوك بشأن الدعم العربي للتحالف الأميركي ضد إيران
أكدت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أنّ ثمة شكوكاً في ما إذا كانت دول عربية ستبدي المستوى نفسه من الدعم للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، دعماً لـ"إسرائيل"، كما فعلت في نيسان/أبريل الماضي، عندما تنفّذ إيران هجومها المرتقب، رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الشهيد القائد إسماعيل هنية، في طهران.
وقبل نحو 4 أشهر، شاركت دول عربية في مواجهة الصواريخ والمسيّرات التي أطلقتها إيران ضدّ "إسرائيل" في عملية "الوعد الصادق"، التي نفّذها حرس الثورة الإسلامية في إيران، رداً على العدوان الإسرائيلي الذي استهدف القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، واغتيال الاحتلال قائد قوة القدس في لبنان وسوريا، الشهيد رضا زاهدي.
وإلى جانب تعهّد إيران الرد على اغتيال الشهيد هنية، تعهّدت المقاومة الإسلامية في لبنان الرد على اغتيال القائد الكبير فؤاد شكر، في عدوان إسرائيلي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت، أسفر عن استشهاد المستشار الإيراني، ميلاد بيدي، وعدد من المدنيين اللبنانيين.
لاحقاً، جدّد الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، تأكيده أنّ الرد على الاحتلال الإسرائيلي "آتٍ أياً تكن العواقب"، سواء أنفّذ حزب الله الرد بمفرده، أم نسّقه مع محور المقاومة.
في هذا الإطار، وبعدما أثار الرد الإيراني السابق وقدرات حزب الله مخاوف جديةً بشأن أداء الدفاع الجوي الإسرائيلي، تناولت "واشنطن بوست" احتمال شنّ إيران وحزب الله هجوماً منسّقاً على كيان الاحتلال، مشيرةً إلى أنّ هجوماً كهذا "قد يهدّد بإغراق شبكة الدفاع الجوي الإسرائيلية"، إذ إنّ كلاً منهما "يمتلك ترسانةً صاروخيةً ضخمة".
وفي كيان الاحتلال، تحدّثت منصة إعلامية عن "خشية أميركية من أن تكون إيران قد تعلّمت من الرد السابق، وأن يكون الرد هذه المرة مختلفاً تماماً، وبالتعاون" مع حزب الله والقوات المسلحة اليمنية والمقاومة الإسلامية في العراق.
ورأت أيضاً أنّ "الانتقام الأكبر لإيران على اغتيال هنية هو أنّها دفعت 9 ملايين إسرائيلي إلى العيش في حالة خوف، لمدة تزيد على أسبوع".
"إيران ستنفّذ ما يدور في ذهنها"
وبينما تتزايد الشكوك بشأن التحالف الذي يشمل مشاركةً عربيةً ضدّ الرد الإيراني، قاد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، "حملةً دبلوماسيةً" خلال الأيام الأخيرة، شملت دولاً "لديها علاقات رفيعة المستوى مع إيران، مثل العراق، وأخرى ليس لديها مثل هذه العلاقات".
ونقلت "واشنطن بوست" عن مسؤول عراقي قوله إنّ بلينكن طلب من بغداد "القيام بما هو ممكن، واستخدام العلاقات مع طهران من أجل التواصل بشأن أهمية خفض التصعيد"، وذلك في اتصال هاتفي أجراه الأحد مع رئيس الحكومة العراقية، محمد شياع السوداني.
وأكد المسؤول العراقي أيضاً أنّ "المسؤولين الإيرانيين أبلغوا الشركاء العرب أنّ الانتقام من إسرائيل سيكون دقيقاً للغاية"، بحسب ما أوردته الصحيفة.
في السياق نفسه، أشارت الصحيفة إلى الزيارة التي أجراها وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إلى طهران، وإجراء وزير الخارجية المصري، سامح شكري، اتصالاً هاتفياً "نادراً" مع وزير الخارجية الإيراني بالوكالة، علي باقري كني.
وبحسب ما نقلته الصحيفة عن مسؤول مصري سابق ومطّلع، جاء هذا الاتصال بعدما طلبت إدارة بايدن من الحكومة المصرية التواصل مع إيران.
وقال المسؤول المصري السابق: "لا أعتقد أنّ هناك أي شيء يمكن أن تفعله الدول العربية غير الحذر، فإيران لديها ما يدور في ذهنها، وسوف تنفّذه".
"واشنطن غاضبة من إسرائيل.. وغير مستعدة للضغط عليها"
"واشنطن بوست" لفتت إلى أنّ "إسرائيل لم تتبنَّ مسؤوليةً رسميةً عن اغتيال هنية"، مؤكدةً أنّ "إسرائيل أبلغت الأميركيين أنّ جهاتها الأمنية هي التي تقف وراء العملية بعد نجاحها".
وفي الولايات المتحدة، أكدت 3 مصادر قريبة من البيت الأبيض أنّ المسؤولين فيه "استجابوا بمفاجأة وغضب لاغتيال هنية، بحيث رأوا فيه انتكاسةً لجهودهم لتأمين وقف إطلاق النار في غزة"، بحسب ما أوردته الصحيفة.
وتحدّثت الصحيفة عن "احتكاك متزايد بين الولايات المتحدة وإسرائيل"، مشيرةً إلى أنّ الأميركيين "غضبوا من اغتيال هنية بسبب التوقيت، إذ إنّ هذا الأمر لا يساهم في دفع جهود المفاوضات من أجل إعادة الأسرى".
وفي هذا الإطار، تساءل السفير الأميركي السابق لدى "إسرائيل"، دينيس روس: "إذا كان هدفكم (الإسرائيليين) هو إتمام الصفقة، فلماذا تفعلون هذا الآن مع هنية، وتفعلون ذلك بطريقة تجبر الإيرانيين على الرد؟".
وبحسب ما نقلته "واشنطن بوست" عن العديد من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، أصبح العديد من المسؤولين "يرون أنّ نتنياهو، لا إيران، هو الفاعل الأساسي فيما يتعلّق بتوسّع الصراع إقليمياً".
وذكرت الصحيفة أنّ "إسرائيل شنّت مراراً وتكراراً ضرباتٍ على حزب الله والقادة الإيرانيين من دون إبلاغ الولايات المتحدة أولاً، الأمر الذي أثار غضب مسؤولي إدارة بايدن، وغضب الرئيس نفسه".
في هذا الإطار، رأى فرانك لوينشتاين، الذي عمل مبعوثاً خاصاً "للمفاوضات الإسرائيلية - الفلسطينية" في عهد الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، أنّ نتنياهو "وضع الولايات المتحدة في موقف مستحيل".
وقال لوينشتاين "إنّ نتنياهو يستفزّ رد فعل من شأنه أن يجرّ واشنطن إلى حرب"، مشدداً على أنّ "أحداً لا يشكّك في أنّ الولايات المتحدة ستقف مع إسرائيل ضدّ إيران".
وعلى الرغم من تأكيد مسؤول إسرائيلي أنّ المكالمة التي جرت بين بايدن ونتنياهو الأسبوع الماضي كانت "متوترة"، لا توجد أي دلائل على أنّ إدارة بايدن "على استعداد لممارسة ضغوط كبيرة على إسرائيل بهدف محاولة احتواء أفعالها، مثل وضع شروط أو الحدّ من المساعدات العسكرية"، وفقًا لعدة أشخاص مطّلعين على المناقشات الداخلية.
أضف تعليق