08 أيلول 2024 الساعة 07:33

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 26/7/2024 العدد 1064

2024-07-27 عدد القراءات : 58

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

 

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

هآرتس 26/7/2024

 

هكذا فشل مشروع اطلانطس لاغراق انفاق حماس في قطاع غزة

 

بقلم: ينيف كوفوفيتش وايتان افريئيل

 

هذا المشروع كان يمكن أن يشكل انعطافة، رد جديد، سريع نسبيا ومدمر، على احدى الجبهات المعقدة في القطاع. أو كما اعتبروا ذلك في الجيش “اختراق هندسي وتكنولوجي مهم للتعامل مع التحدي تحت الارض”. وراء هذه الاوصاف اختفت “اطلانطس”، وهي المنظومة التي كان يمكنها اخراج انفاق حماس عن العمل وقتل قادتها الكبار، بواسطة ضخ مياه البحر بقوة كبيرة.

 

لكن بعد نصف سنة على اكتشاف المنظومة من قبل الجمهور، تبين أن هذا المشروع فشل، ولم يعد قيد الاستخدام، ايضا لا أحد في الجيش يعرف الفائدة التي حققها هذا المشروع الباهظ. تحقيق “هآرتس” الذي يستند الى محادثات مع مصادر مطلعة جيدا على تطوير المنظومة ونشاطاتها، وعلى وثائق ومحاضر من النقاشات المغلقة بمشاركة ضباط كبار ومهنيين، يكشف الاخفاقات في السلوك فيما يتعلق بهذه المنظومة، ويقدم نبذة عن المشروع الذي كان فشلا عسكريا معروف مسبقا.

 

تبين مثلا أن المنظومة بدأت في العمل حتى قبل تقديم الآراء الضرورية التي طلبها الجيش من المهنيين؛ لأنه خلف تسريع العمل كانت توجد ضغوط كثيرة تم استخدامها من الاعلى، قائد قيادة المنطقة الجنوبية، الجنرال يارون فنكلمان؛ استخدامها تم مع المخاطرة المحتملة بالاسرائيليين الذين تم اختطافهم الى القطاع على قيد الحياة. “المنظومة تم استخدامها على الاقل في نفق رئيسي واحد، الذي من الواضح أن الشخصيات الاكثر اهمية في حماس استخدمته في مراحل مختلفة في الحرب”، قال مصدر أمني مطلع على مشروع “اطلانطس”، “وهناك احتمالية كبيرة بأن يكون هناك مخطوفين تم استخدامهم كدروع بشرية”.

 

هناك جواب معقد، وربما اكثر من اجابة، على سؤال كيف أن المشروع الذي اعتبر في الجيش “محطم للتوازن” تحول الى فشل آخذ في الازدياد. العامل الرئيسي للفشل هو المزاج في الايام الاولى للحرب. “الانجازات على الارض امام قادة حماس الكبار كانت غير مهمة”، قال مصدر أمني. “معظم قوة حماس، لا سيما الذراع العسكري، دخلت الى الانفاق، الامر الذي خلق الضغط على القيادة العليا في الجيش الاسرائيلي”. لذلك طلب الجنرال فنكلمان عرض حلول عليه، طريقة للمس بنشطاء حماس في الانفاق. “كانت خيبة أمل لأنه في هذه المرحلة القوات الاسرائيلية لم تفكر بجدية بأننا سنبدأ في الدخول الى جميع الانفاق”، قال نفس المصدر واضاف. “بدأوا ايضا في ادراك حجم الانفاق التي لا تعرف الاستخبارات عنه. في ذلك الوقت كان الجيش في مرحلة فحص الانفاق التي وجدت في القطاع وحجمها الذي يبلغ مئات الكيلومترات. الجيش وجد نفسه على الارض وهو يدرك أن نشطاء حماس يوجدون تحت الارض ولا يوجد لديه أي حل لكيفية اخراجهم من هناك”.

 

اضافة الى ذلك في قيادة المنطقة الجنوبية هناك من قالوا بأنه في تلك الفترة لم يكن للذراع البري أي رد على مشكلة الانفاق. لذلك، الجيش كان يستمع لأي فكرة. ومثل هذه الفكرة قدمها ضابط في سلاح البر: اغراق الانفاق بمياه البحر بواسطة المضخات وانابيب المياه التي سيمدها الجيش في القطاع. عمليا، تم استلال خطة كانت محفوظة، التي تمت بلورتها في سلاح البر قبل سنوات من تسلم فنكلمان للمنصب؛ في حينه استهدفت الخطة انفاق من نوع مختلف، واحتمالية نجاحها في الانفاق التي تم ايجادها في القطاع منذ 7 تشرين الاول كانت ضعيفة. ولكن حسب مصادر امنية تحدثت مع “هآرتس” فان فنكلمان اعطى الضوء الاخضر لاستخدام الخطة القديمة في الواقع الجديد.

 

بعد حصول الخطة على المصادقة المطلوبة – عملية كهذه تحتاج، ضمن امور اخرى، الى مصادقة رئيس هيئة الاركان والنيابة العسكرية – توجه الجيش الى سلطة المياه، التي سارعت الى التجند من اجل هذه المهمة وشكلت مجموعتين من الخبراء المدنيين في عدة مجالات. الاولى تولت المسؤولية عن ضخ المياه في الانفاق. الثانية طلب منها فحص موضوع تسرب المياه من جوانب النفق. المجموعتان انطلقتا.

 

لكنهم في الجيش الاسرائيلي لم ينتظروا النتائج وانتقلوا الى المرحلة التالية. الفرقة 162 تم اختيارها لتنفيذ العملية، والاعمال تم القاءها على الفرقة البحرية 13، التي خلال بضعة اسابيع اصبحت وحدة لمد الانابيب. الهدف كان مد الانابيب في منطقة القتال. “خلال شهر ونصف قام الجيش الاسرائيلي بتحييد فرقة كاملة”، قال احد القادة المشاركين في اقامة البنية التحتية. “قام بتشغيل الجنود في اعمال الانابيب وحمايتها على طول القطاع من اجل مشروع لا يوجد لدى الجيش أي فكرة اذا كانت توجد له أي فرصة عملية للنجاح”. وحسب قول هذا القائد “لم يكن للجيش الاسرائيلي أي امكانية لمعرفة هل المنظومة تعمل وما الذي حدث في الانفاق وكيف هو وضع المخربين في الداخل واذا كان هناك مخطوفين تضرروا نتيجة ضخ المياه. حتى الآن من غير الواضح ما هو الضرر الذي حدث في الانفاق، هذا اذا كان. ببساطة، هم لا يعرفون أي شيء”.

 

المهنيون قالوا بأنه لم تكن لدى الجيش في حينه المعلومات والبيانات المطلوبة عن الانفاق. وبالتأكيد لم يعرفوا كيفية اغراقها والمس بالمتواجدين فيها أو جعلهم يهربون الى فوق الارض. لذلك، في عملية الفحص اطلع الباحثون في سلطة المياه على تحقيق تم مع ناشط في حماس، خدم في السنوات العشرة الاخيرة في شبكة الانفاق. الى جانب قوله بأن الانفاق هي المنظومة الاساسية التي قامت حماس باعدادها من اجل المواجهة العسكرية مع اسرائيل، (“عرفنا أن الجيش الاسرائيلي سيدخل الى القطاع”)، وصف كيف تم بناءها والمنطق الذي وقف وراءها.

 

هذا الناشط كشف للمحققين بأن فتحات الانفاق جرت عليها تعديلات. اذا كانت في السابق بنيت للاعلى، والدخول اليها كان يتم بواسطة سلم ارتجالي، فانه الآن البنية كلها تغيرت. “فتحات الانفاق مبنية على شكل درج أو سلم صغير طوله متر أو مترين. ومن هناك يوجد درج أو منحدر يؤدي الى النفق. هذا كان يهدف الى التسهيل على الحفارين، وحتى خلق فتحة ضيقة في فتحة النفق. حسب قوله اذا دخل الجنود سيكون من الصعب عليهم المرور مع المعدات الكثيرة التي يحملونها.

 

لكن تم اكتشاف تفاصيل اخرى. مثلا، المسافة بين فتحة النفق، التي يمكن مشاهدتها من الاعلى هي مضللة، لأن الدخول منها بني بمنحدر يمكن أن يصل الى عشرات الامتار. عمليا، النفق نفسه قصير جدا، والمس بالفتحة الضيقة سيؤدي الى تحقيق انجازات محدودة فقط. وهناك شيء لا تتم مشاهدته من الاعلى وهو الممرات بين الانفاق التي لا توجد لها فتحة خروج.

 

المخطوفون ليسوا في الصورة

 

في الوقت الذي كان فيه الباحثون يقومون بالعمل وعرفوا عن التغييرات في القطاع وفكروا باحتمالية الاغراق، في الجيش لم ينتظروا اكثر. الجيش بدأ في انشاء البنية التحتية الجديدة وتشغيلها حتى قبل أن يتم التوصل الى الافكار والقرارات لفرق البحث. تم انشاء خمس مضخات على الشاطيء بدأت في ضخ المياه في شبكة الانابيب، ومن هناك الى بضعة انفاق. الهيدرولوجيون في سلطة المياه غضبوا من ذلك وقالوا “التشغيل لم يتم حسب توصية الجهات المهنية”، كتب في الوثيقة التي قدمها الخبراء بعد ثلاثة اسابيع على بداية مشروع اطلانطس في العمل. “الضخ لم يتم تنفيذه حسب نظرية القتال التي تم تطويرها، ولم يتم جمع المعلومات أو اجراء القياسات التي تم تحديدها”. الخبراء غضبوا من أنه في الوقت الذي كانوا يعملون فيه “كان هناك انقطاع بين الجهات التي توجد في الميدان وبين الوحدة المرافقة والخبراء الذين قاموا برسم طريقة العمل”. الخبراء قالوا إن الجيش الاسرائيلي بدأ في اغراق الانفاق دون أن يكون لديه جهاز لتقدير الانجازات من ذلك. عمليا، لخصوا “نحن لا نعرف بأي درجة نجاح تمت العملية”.

 

“هآرتس” علمت أنه منذ بداية العمل على الخطة طرح المهنيون الشكوك حول القدرة على اغراق الانفاق بصورة تصعب على نشطاء حماس التواجد فيها وتؤدي الى موتهم. “فنكلمان أراد الدخول والعمل في الانفاق في اسرع وقت”، قال مصدر امني مطلع على الخطة. “كل قدرة تدربوا عليها في الجيش الاسرائيلي حتى اندلاع الحرب لم تكن متعلقة بالواقع الذي واجهته القوات على الارض. في الجيش اعتقدوا أنه يمكن اختراع العجلة من جديد خلال ايام أو اسابيع بدون فحص الموضوع ونتائجه بشكل معمق”.

 

“الامر الذي لم يتم التطرق اليه ابدا هو موضوع المخطوفين. هذا لم يتم أخذه في الحسبان ومن يقول غير ذلك فهذا غير دقيق”، قال مصدر مهني مطلع على الموضوع. “عندما رغبنا في الحصول على معلومات حول امكانية وجود مخطوفين في الانفاق، طريقة احتجازهم، وهل يوجدون في غرف لا يمكن الهرب منها، أو اسئلة اخرى متعلقة بالموضوع، بسرعة عرفنا أن هذا خارج حدودنا، وأن هذه معلومات فقط قلائل يعرفونها”. المصدر اضاف بأنه في الجيش قالوا بأنه في اماكن معينة توجد احتمالية لوجود مخطوفين، “لكن كما فهمنا، هذا كان متعلق أقل بالانفاق”.

 

في تلك الفترة، كما قالت مصادر امنية للصحيفة، كل شيء حدث في مناخ فيه الجيش الاسرائيلي والمستوى السياسي ارادوا عرض منظومة عمل ورد ابداعي على انفاق حماس. لذلك، كل مشكلة طرحتها الجهات المشاركة اعتبرت محاولة لوضع العصي في دولاب الجيش الاسرائيلي. “في احدى الجلسات كان هناك من تساءل كيف تتغلب حماس على مياه الامطار في الانفاق طوال هذه السنوات. كيف يعقل أن هذه الانفاق لم تغرق”، قال مصدر مطلع.

 

الاجابة على ذلك تم الحصول عليها فقط في عمل الخبراء وبمساعدة التحقيق مع نشطاء حماس. “تبين أنهم قاموا ببناء الانفاق على مستويات، وبمنحدرات، مع فتحات لتجميع مياه الامطار وبوابات قلابة”، قال المصدر. “قيل بأنه توجد لديهم حلول لتحويل المياه الى نقاط امتصاص”. لذلك فانه سيكون من الصعب جدا، بل من المستحيل، اغراق الانفاق والتسبب بضغط وارتفاع للمياه يجعل من الصعب البقاء فيها. كان هناك ايضا اشخاص تم التحقيق معهم كرروا القصة التالية: “بعد انتخاب عبد الفتاح السيسي كرئيس قام المصريون باغراق انفاق حماس بمياه المجاري، ومنذ ذلك الحين قامت حماس بمعالجة هذا الامر”. و”لكن هذا لم يهم أي أحد”، قال المصدر. “الوضع لم يكن يسمح بالحديث بشكل منطقي”.

 

الضابط الكبير اضاف بأنه في مرحلة مبكرة فهمنا في القيادة بأن هذه المنظومة لن تعيش طويلا، وأنها ستتحول بسرعة الى فيل ابيض. عندها جرت محاولة لاستغلالها مرة اخرى للمرة الاخيرة. “بدأنا في النشر، وجاءت وسائل الاعلام لتصوير المنظومة”، قال الضابط. “ما افهمه من بين السطور كانت النية هي جعل المخربين يخافون ويخرجون. على الاقل في المنطقة التي عملت فيها هذا لم يؤد الى النتيجة التي رغبوا فيها”.

 

--------------------------------------------

 

معاريف 26/7/2024

 

الصفقة تحتاج القرار فقط

 

بقلم: جاكي خوجي

 

“الشروط لاعادتهم تنضج”، قال رئيس الوزراء عشية سفره لزيارة واشنطن يوم الاثنين. تنضج، أي لم تنضج بعد. هذا الأسبوع اكتملت خمسة اشهر من المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، واقوال رئيس الوزراء تحتاج الى إيضاح. لماذا النضج بطيء بهذا القدر، وعلى ماذا يتحدثون هذا القدر الكثير.

 

الجواب ليس متفقا عليه. لا حاجة لانضاج آخر ولا يوجد الكثير مما يمكن عمله. المقترح يتضمن عشرات البنود الواضحة جدا، والتي بحثتها الأطراف في عدد لا يحصى من الجولات، تأكدت، اختلف فيها، وفحصت صبح مساء من كل الأطراف. إسرائيل وحماس تعرفان جيدا ما الذي تريده كل واحدة من الأخرى. عندما لم تعرفا طلبتا ايضاحا وتلقتاه. كان لهما الوقت.

 

قبل بضع ساعات من خطابه في الكونغرس أول أمس اعلن بنيامين نتنياهو بانه سيلتقي الرئيس جو بايدن وأضاف بان احد أسباب اللقاء هو الدفع قدما بمنحى الاتفاق لتحرير المخطوفين. هذه الاقوال أيضا تثير السؤال. ما الذي يحتاجه الزعيمان كي يحققا اختراقا في الطريق؟ لو كان لدى أي من الطرفين أسئلة، لكان ممكنا حلها منذ زمن بعيد.

 

خمسة اشهر هو زمن كثير لمحادثات بهذا القدر من الكثافة. وهي ليست مكثفة فقط، بل وتجرى أيضا على المستوى الأعلى. لا يوجد مستوى اعلى من هذا: من الجانب القطري – رئيس وزرائهم محمد بن جاسم، ابن عائلة الأمير. مصر بعثت الى المهمة برئيس المخابرات العامة عباس كامل، من المقربين للغاية من الرئيس عبد الفتاح السيسي. الولايات المتحدة يمثلها واحد ليس غير رئيس الـ سي.اي.ايه وليم بيرنز. من الجانب الإسرائيلي يدير الوساطة رئيس الموساد دادي برنياع، والى جانبه مندوبون من الجيش الإسرائيلي ورئيس الشباك روني بار.

 

يمكن بالطبع مواصلة هذه الاتصالات لخمسة اشهر أخرى والقول للجمهور انها تنضج. كما يمكن اتهام الطرف الاخر بانه لا يريد صفقة. هكذا فعلت حكومات إسرائيل في محادثات السلام على مدى السنين. القت على العرب بالمسؤولية، وهكذا امتنعت عن اجتياز الروبيكون. يمكن وصف مطالب الطرف الاخر بانها غير منطقية، وبذلك تبرير عدم القفز الى الماء. هذا أيضا فعلناه في اثناء المفاوضات الحالية. لكن الحقيقة هي ان في هذه الاتصالات، التي لا تجرى لاجل اتفاق سلام بل لاجل الإنقاذ السريع لاسرى إسرائيليين حياتهم في خطر، لا توجد أي حاجة أخرى للتباحث او لعملية انضاج. الامر الوحيد الذي نحتاجه كي يكون اختراق للطريق هو قرار. وهذا القرار يوجد في يد إسرائيل وفي يد حماس. حماس ليست مطالبة بان تقرر في شيء، اذ انها ليست في مكانة من يقرر. إسرائيل هي التي ينبغي لها أن تقرر، وهي تجد صعوبة في عمل ذلك.

 

القرار الذي ينبغي اتخاذه هو هل نوقف الحرب. ببساطة ان ننهيها. جهاز الامن يقول انه يمكن انهاؤها وانه اذا كانت حاجة فسنعرف كيف نتصدى للتحديات التي تأتي بعد ذلك. والان يوجد القرار في يد رئيس الوزراء. وقف الحرب معناه أيضا الانسحاب من محور فيلادلفيا المحاذي لرفح، الانسحاب من محور نتساريم، الذي بتر القطاع الى قسمين في وسطه وكذا الى اخراج القوات من القواعد والمواقع في ارجاء القطاع. كما أنه ينطوي أيضا على تحرير سجناء قتلة. بالمقابل، تتلقى إسرائيل عشرات الرهائن الاحياء وجثث المقتولين.

 

“نحن نوجد في ذروة جهود حثيثة لاعادتهم الى الديار”، قال اول امس نتنياهو في خطابه امام مجلس الكونغرس في واشنطن. “اؤمن انها ستنجح”. هو لم يذكر موعدا، ولا حتى بالتقدير. هكذا قال في شباط، في اذار وبعد ذلك أيضا.

 

هذه صفقة عسيرة على الهضم، وربما لهذا السبب يتردد رئيس الوزراء من السعي اليها. فهي تعيد ليحيى السنوار حياته. مؤقتا بالطبع. وهكذا أيضا لالاف المسلحين من حماس الذين لم تصل اليهم الذراع الطويلة للجيش الإسرائيلي بعد. وهي تمنح الحرية لمئات السجناء الأمنيين الذين حكموا بالمؤبدات او بسنوات حبس طويلة. بسبب كل هذا فانها ستثير فينا حفيظتنا، لكن كيف قالت تاليا، حفيدة اليكس تنتسيك عضو كيبوتس نير عوز الذي قتل في اسره في غزة – حان الوقت لاعادة القلب الى المكان.

 

في اثناء هذه الأشهر استعرضت كصحفي المفاوضات عبر الطرف العربي. جئت بالمعلومات من مصادر بشرية ليست إسرائيلية، وكذا من وسائل اعلام عربية. على عادة الاتصالات العصبية وعديمة الثقة، ترافقت المفاوضات في مناورات التأثر، التسريب لأغراض التنويم (للجمهور او للطرف الاخر) وخطوات استهدفت تخريب المحادثات او اخضاع الطرف الاخر.

 

مرات عديدة انهارت المحادثات، وكان مشوقا ان نرى كيف لا ييأس الوسطاء ويعملون على احيائها. من زاوية نظري يمكن أن أقول بأسف، بعد خمسة اشهر من الحشر والتلوي، ان التسريبات التلاعبية للغاية لم تأتي بالذات من الطرف العربي.

 

بطانية عسكرية قصيرة

 

أسم العقيد “أ” ممنوع من النشر من الصحافيين في إسرائيل. “أ” هو قائد قاعدة سلاح الجو في رمات دافيد. هو ابن 44 ونصف وتسلم مهام منصبه قبل سنتين. موعد ولادته، للمعنيين، هو 1 كانون الأول 1979.

 

بزعم حزب الله، كشفت المنظمة اسمه وصورته في الفيلم الذي نشرته في بيروت. الفيلم كرس كله لقاعدة رمات دافيد. فقد صورت، على حد قول حزب الله هذا الأسبوع في سماء القاعدة من مُسيرة اطلقوها الى هنا من مسافة 46 كيلو متر من الحدود اللبنانية.

 

واضح في الفيلم ان المُسيرة أخذت وقتها على مهل. في الصور مرتاحة، بجودة عالية ومفصلة. طول الفيلم ثماني دقائق ونصف، لكن المادة الخام على أي حال ابكر بكثير.

 

في الفيلم يكشف لنا رجال الاستخبارات من حزب الله قائمة الاسراب التي تعمل في القائمة. بزعمهم، هم يعرفون اين توجد قيادة كل سرب، ويبرزنها من خلال التقرير. كما يشيرون الى موقف المركبات التحت ارضي الذي تخبأ فيه (هكذا على الأقل يقولون) الطائرات القتالية، ويصورون بارتياح المسارات. في القاعدة توجد ثلاث بطاريات للقبة الحديدية وهي أيضا مصورة من مسافة طيران العصفور. بل ان مخزن الذخيرة مصور، ومبان أخرى هامة وهامة اكثر.

 

بشكل مفاجيء بادر الى الفيلم خبراء حزب الله لأغراض دفاعية. فهو يستهدف ردع إسرائيل من التدهور الى حرب أوسع، او بدء معركة شاملة في لبنان. رجال حزب الله يريدون التلميح الى أنه في حالة الحرب، فان الأماكن الأكثر حساسية لدينا توجد على كف يدهم. فاذا كانوا وصلوا اليها للتصوير فانه يمكنهم أيضا ان يصلوا اليها للقصف. لديهم صواريخ دقيقة لهذا الغرض.

 

إضافة الى ذلك سعوا لان يظهروا بان في وسعهم ان يبقوا في إسرائيل اسرائريل لزمن طويل دون ان ينكشفوا. كما سعوا لان يظهروا قدرة على الوصول الى معلومات موضعية حساسة. بنشر صورة العقيد “أ” سعى حزب الله لان يري بانهم هم أيضا، مثلنا، يعرفون قادتنا مثلما يعرف الجيش الإسرائيلي قادتهم بل ويصل اليهم ويقتلهم.

 

الهدف العام لحزب الله من هذا الفيلم، ومن الفيلمين السابقين هو اظهار التماثل. ميزان قوى. صحيح ان هذا تماثل غير متوازن، لان الاستخبارات الإسرائيلية في تفوق ساحق لكن الارتياح الذي يظهر من الفيلم مقلق حقا. فهو يذكر كل من يدعو هنا الى الحرب او يشجعها بان الجيش الإسرائيلي لا يمكنه أن يكون في كل مكان كل الوقت ولا يمكنه أن يحمل كل قاعدة وكل بلدة.

 

الجيش الإسرائيلي هو جيش صغير، مع قوة نار مقنونة ورأس ما بشري محدود. من لم يفهم هذا في 7 أكتوبر تلقى هذا الأسبوع تجسيدا باللون وبالصورة.

 

--------------------------------------------

 

هآرتس 26/7/2024

 

رغم التصريحات، في الحكومة وفي الجيش يفضلون الامتناع عن حرب في الشمال

 

بقلم: عاموس هرئيلِ

 

52 دقيقة كانت مدة خطاب رئيس الحكومة في الكونغرس الامريكي، و52 مرة قام الجمهور، على الاقل الجمهوريين، على أرجله وصفق له. حتى الآن واشنطن ستبقى بدون تغيير ايضا في الاسبوع القادم وكذلك القدس. نتنياهو في الحقيقة رتب الامور وتلاعب بها بحيث يحظى بنهاية اسبوع في الولايات المتحدة، حيث مدد غيابه عن البلاد لاسبوع كامل تقريبا في ذروة الحرب. ولكن عندما سيعود الى البلاد في يوم الاحد ستنتظره المشاكل التي يجد صعوبة أو لا يريد حلها: استمرار الحرب في القطاع، صفقة المخطوفين العالقة، خطر اشتعال حرب شاملة مع حزب الله في الشمال.

 

في الوقت الذي يتعثر فيه الائتلاف بسب التوتر مع احزاب اليمين المتطرف فان نتنياهو يقوم بتأخير بشكل متعمد المفاوضات حول الصفقة. ورغم التفاؤل الذي نثره على ابناء عائلاتهم الذين رافقوه في رحلته. التقدم في المفاوضات يمكن أن يتأثر الآن ايضا بنقص الاهتمام من الجانب الامريكي. طاقم الرئيس جو بايدن كان في حالة ذعر في الاسابيع الاخيرة ازاء ما ظهر كرفض منه للانسحاب من المنافسة على الرئاسة. جهات رفيعة في الادارة خشيت من أن تصميم بايدن العجوز سيمهد الطريق لفترة ولاية ثانية لترامب الذي لا يخفي حلمه بأن يصبح الديكتاتور الاول في تاريخ الولايات المتحدة.

 

اعلان انسحاب بايدن ونقل الشعلة لنائبته كمالا هاريس، بث روح الحياة في الحزب الديمقراطي. في هذه الاثناء يبدو أن معظم الديمقراطيين متوحدين حول ترشحها غير المثير للحماس. السؤال هو كم هي الجهود والموارد التي يمكن لبايدن في آخر ايام رئاسته تكريسها لضمان ارثه في مجال السياسة الخارجية في الشرق الاوسط – وقف اطلاق النار، اعادة المخطوفين وربما ايضا تطبيع بين اسرائيل والسعودية.

 

في موقع اكسيوس وفي صحيفة “واشنطن بوست” تم النشر عن لقاء ثلاثي في دولة الامارات بين ممثلي الدولة المستضيفة وجهات رفيعة امريكية واسرائيلية. وقد كانت على الاجندة افكار لترتيبات اليوم التالي للحرب في القطاع. وحسب التفاصيل التي وصلت للصحيفة فقد كان على الاجندة تعيين نوع من لجنة ادارة دولية، وتحتها مدير فلسطيني يكون المسؤول عن اعادة اعمار القطاع. المرشح الرئيسي لهذا المنصب هو رئيس الحكومة الفلسطيني السابق سلام فياض. هذه الخطوة يمكن أن تكون مدعومة بقوة امنية متعددة الجنسيات، بعضها من دول عربية واسلامية الى جانب شركات حماية خاصة امريكية. دولة الامارات غير متحمسة للتعاون مع القيادة الحالية للسلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس. في المقابل، هي تعمل على الدفع قدما بالشريك المخضرم من القطاع، محمد دحلان (طرحت ايضا فكرة اطلاق حليف دحلان من السجن، مروان البرغوثي، وطرده الى الخليج).

 

اضافة الى ذلك يجري نقاش حول حلول تكنولوجية لمراقبة ما يحدث في محور فيلادلفيا على الحدود المصرية في رفح. حسب تقديرات الشباك فان الامر سيحتاج بضعة اشهر من اجل تركيب وسائل المراقبة على الحدود. في المقابل، هناك وثيقة تمت بلورتها في قيادة المنطقة الجنوبية، أعجبت نتنياهو الذي يؤيد البقاء الاسرائيلي الدائم في المحور. بخصوص معبر رفح فقد تم التحدث عن تواجد رمزي لجسم يرتبط بالسلطة الفلسطينية الى جانب استئناف التفويض لقوة مراقبين اوروبية، التي فشلت في مهمتها هناك بعد الانفصال في العام 2005.

 

حقيقة أن حماس تتعرض لضغط شديد هي حقيقة غير قابلة للنقاش. هذا يحدث ازاء استمرار الحرب ومعاناة السكان والمس بقدرات حماس. في هذا الاسبوع نشرت حماس منشور فيه نوع من الاعتذار للجمهور الفلسطيني. “نحن نعرف حجم ألمكم نتيجة الدمار المنهجي وحرب الابادة”، كتب في المنشور. الجيش الاسرائيلي يستمر في استخدام الضغط. فاضافة الى استمرار عمليات الفرقة 162 في رفح عادت هذا الاسبوع الفرقة 98 الى خانيونس، في عملية تم فيها انقاذ خمس جثث لمخطوفين. بالنسبة لسكان المدينة هذا كان يعني المزيد من الاخلاء القسري والسريع الى اماكن بديلة لا يوجد فيها شعور بالأمان الحقيقي.

 

من غير اللطيف قول ذلك، لكن اعادة المخطوفين بهذا الشكل مريحة للحكومة، بدون مفاوضات وبدون تقديم تنازلات يصعب تحملها وبدون شهادات عن الفظائع التي مروا بها في أسر حماس. ولكن ما زال هناك حتى الآن 115 اسرائيلي في القطاع، الذين اكثر من نصفهم يبدو أنهم ليسوا أحياء.

 

لا يمكن اعادتهم جميعا بالقوة. فللمرة الاولى منذ تشرين الثاني يوجد اجماع نادر في المستوى الامني لصالح الصفقة بذريعة أن حماس قامت بتليين موقفها وأن أي تأخير آخر سيكلف حياة المخطوفين. هذه هي الصورة التي سيواجهها نتنياهو في بداية الاسبوع القادم. ولا يوجد أي يقين بأنه هو نفسه سيقرر تليين مواقفه. كبار الشخصيات، على رأسها وزير الدفاع يوآف غالنت، سيتعين عليها التقرير الى أي درجة تريد كشف اختلاف المواقف بينها. حتى الآن رد الجمهور لامبالي بشكل كبير. وبدون استيقاظ القيادة الامنية والجمهور الواسع فانه مشكوك فيه أن يتم الدفع قدما بالمفاوضات.

 

خوف مزدوج

 

التأخير في التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار في غزة يؤثر بصورة مباشرة على استمرار الحرب في الشمال. رئيس حزب الله، حسن نصر الله، تعهد بمواصلة اطلاق الصواريخ على اسرائيل طالما استمر القتال في القطاع. وعدم قدرة اسرائيل على وقف اطلاق الصواريخ والقذائف المضادة للدروع والمسيرات، وحقيقة أن البلدات قرب الحدود فارغة منذ تشرين الاول الماضي، كل ذلك يزيد خيبة الامل في الحكومة وفي الجيش. النتيجة هي مناوشات يومية يصعد فيها الجيش الاسرائيلي قليلا هجماته، لكنه يحذر من القيام بخطوات يمكن أن تؤدي الى الحرب الشاملة، وحزب الله يرد وفقا لذلك. لكن الاضرار المتراكمة للهجمات في لبنان، كما نشر هنا منذ بداية المواجهة، لا تترجم الى انجازات استراتيجية. القيادة في اسرائيل لا تعثر على طريقة اخرى لاعادة السكان الى بيوتهم، باستثناء الحرب الشاملة أو وقف كامل لاطلاق النار، وهي الخيارات التي تمتنع عن القيام بها.

 

خوف الضباط مزدوج وهو يتعلق بفترتين منفصلتين، الفترة القريبة والوضع الاقليمي خلال بضع سنوات. في الواقع الحالي، رغم الابعاد المؤقت لرجال قوة النخبة “الرضوان” عن الجدار فانه لا توجد لدى اسرائيل قدرة على ضمان ابعادهم عن المنطقة الى الأبد. وحتى لو تم التوصل الى اتفاق سياسي بوساطة امريكية إلا أنه لا توجد طريقة للتأكد من أن حزب الله سيبقى في شمال الليطاني. في 2006، بعد حرب لبنان الثانية، تم اتخاذ القرار 1701 في مجلس الامن الذي نص على شرط مشابه، لكن هذا الشرط لم يتم تنفيذه على الاطلاق وتم خرقه من قبل حزب الله خلال بضعة ايام. الخطأ في هذه المرة سيكون أكبر ازاء البنية التحتية التي اقامها حزب الله قرب الحدود. البنى التحتية فوق الارض تعرضت للضرر الشديد، لكن اسرائيل حتى الآن لا تعرف حجم ما يختفي تحتها. اطلاق النار من قبل حزب الله رغم المس الشديد بمعنويات اسرائيل، ما زال محسوبا وحتى محدودا. حزب الله لم يجند كل قوات الاحتياط لديه ولم يستخدم سلاح استراتيجي مثل الصواريخ الدقيقة للمدى البعيد. استخدامه للموارد هو استخدام حذر.

 

مثلما في قطاع غزة، رغم التغطية الاستخبارية المتطورة في الشمال، يصعب استبعاد الشك الذي يخلق فجوة مقلقة بين ما عرفته اسرائيل وبين الواقع الذي يوجد تحت الارض. حزب الله استعد خلال 18 سنة بصورة ستمكن قوة الرضوان من “القفز” الى الانقضاض على الحدود عند الحاجة. في 2018 كشفت اسرائيل ودمرت في عملية “درع الشمال” ستة انفاق هجومية تم حفرها تحت اراضيها. هناك شك اذا كانت تعرف بالضبط أين تمر كل الانفاق الدفاعية في جنوب لبنان، وكيف سيتم بشكل مؤكد صد أي هجوم فوق سطح الارض، مثل الذي نفذته حماس في 7 تشرين الاول. طالما أن البنية التحتية قائمة فقد بقي فقط خطر الهجوم المفاجيء. مع اتفاق وبدون حرب، هل القيادة يمكنها أن تقول للسكان بثقة أنه لا يوجد أي خطر يهدد حياتهم اذا عادوا الى المستوطنات على الحدود؟.

 

من يؤيدون الحرب يعتقدون أن مستوى استعداد وحدات الجيش البري في الخدمة النظامية وفي الاحتياط هي الاعلى منذ عقود، في اعقاب التجربة التي تراكمت في غزة وزيادة التدريبات على سيناريو لبنان. ايضا غياب المدنيين على جانبي الحدود سيسهل القتال وسيقلص عدد المصابين غير المشاركين في القتال. بدون هجوم لاسرائيل فان حزب الله يمكن أن يستمر في التسلح بوتيرة ونوعية تسبق ما يحدث في الجيش الاسرائيلي. اذا تسلحت ايران بالسلاح النووي فان المحور الشيعي سيستكمل عملية من نوع حركة الشطرنج ضد اسرائيل.

 

ادعاءات من يعارضون الحرب في الوقت الحالي معروفة. يوجد للجيش الاسرائيلي حاجة الى ادارة اقتصاد الذخيرة (الارسالية المشهورة التي قامت بتأخيرها الادارة الامريكية)، الجيش النظامي والاحتياط يجب أن يستيقظوا من التآكل والعبء الذي ارتبط بالحرب في الاشهر التسعة والنصف الاخيرة. هناك ايضا الخطر الواضح على الجبهة الداخلية الاسرائيلية التي لم تجرب في أي يوم المواجهة مع ترسانة صواريخ وقذائف كثيفة مثل التي يمتلكها حزب الله.

 

ما تتم رؤيته من هناك

 

المراسل العسكري المخضرم ديكستر بلكنس نشر في هذا الاسبوع في مجلة “نيو يوركر” انطباعه من رحلة اجراها على جانبي الحدود بين اسرائيل ولبنان. في الرحلة من بيروت نحو الجنوب كتب بلكنس، “المنطقة آخذة في الفروغ من السكان كلما اقتربنا باتجاه اسرائيل، وعلامات الدمار تصبح اكبر. في القرى الشيعية في جنوب لبنان شاهد اخلاء لانقاض البيوت التي تضررت من الهجمات الاسرائيلية. لافتات كبيرة تخلد قتلى حزب الله، ومقبرة تم تخصيصها لتمكين حزب الله من دفن القتلى الجدد. في قرية ارميش، المسيحية المارونية، القريبة من الحدود (مقابل مستوطنة متات)، السكان ابلغوا بلكنس كيف أنهم طلبوا من رجال حزب الله الابتعاد بعد أن هاجم سلاح الجو مبنى استخدمه الحزب لاطلاق الصواريخ على اسرائيل. القرية الشيعية القريبة، عيتا الشعب، المسيحيون لا يتجرأون على الاقتراب منها بسبب خطر القصف الاسرائيلي، البعض منهم يخشون من أن يجر حزب الله لبنان الى حرب شاملة.

 

الدكتور شمعون شبيرا، الخبير الاسرائيلي في شؤون حزب الله، قال إنه يجب الانتباه للعلاقة بين ما يحدث في لبنان وباقي اجزاء المحور الراديكالي. اطلاق المسيرات من اليمن نحو تل ابيب، وبعد ذلك الهجوم الجوي الكثيف الذي قامت به اسرائيل في ميناء الحديدة، كل ذلك يعكس حسب قوله مرحلة جديدة في تطورات الحرب في المنطقة. “ايران اجتازت العقبة الكأداء في نيسان، في هجوم الصواريخ والمسيرات على اسرائيل، والآن انضم الحوثيون في هجومهم القاتل الاول، ايضا المليشيات الشيعية تطلق المسيرات في كل اسبوع، لكن في هذه الاثناء جميعها تم اعتراضها.

 

--------------------------------------------

 

معاريف 26/7/2024

 

سياسة هاريس كرئيسة ستتعلق بطبيعة وسلوك الحكومة الاسرائيلية

 

بقلم: شلومو شمير

 

مفهوم، طبيعي وعادل أن تنتج التقارير عن الفرص شبه المؤكدة لكمالا هاريس ان تكون المرشحة الديمقراطية للرئاسة بدلا من جو بايدن موجة تحليلات وتقديرات في وسائل الاعلام في إسرائيل. السؤال المركزي الذي يشغل البال، وللدقة يقلق ويزعج هو ما الذي يرتقب لإسرائيل من هاريس كرئيسة الولايات المتحدة؟ سؤال موضوعي جدير بالبحث.

 

ومع ذلك، مدهشة حقيقة أن في المقالات التي تبحث فيها هذه المسألة، لم يطرأ على بال أي كاتب ان يذكر ان سياسة هاريس كرئيسة، وفي واقع الامر كل رئيس ينتخب في تشرين الثاني لا يكون يتعلق فقط بما يتقرر في البيت الأبيض بل بقدر لا يقل – وربما يكثر – بتركيبة، طبيعة وسلوك الحكومة في القدس.

 

ماذا يرتقب لإسرائيل من دونالد ترامب، وما يرتقب من هاريس او من ديمقراطي آخر. هذا منوط بقدر كبير باستمرار ولاية ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش كوزيرين مركزيين يمثلان الصورة اليمينية – المتطرفة في الحكومة؛ واذا كان وزير العدل يريف لفين ورئيس لجنة الدستور، القانون والقضاء سمحا روتمان سيواصلان العمل بلا كلل على الدفع قدما بانقلاب في جهاز القضاء؛ واذا كان وزير الشتات ومكافحة اللاسامية عميحاي شيكلي سيواصل معانقة واحترام نماذج دولية معروفين كعنصريين متطرفين مع ماض من الاعمال اللاسامية. مدهش ان المحللين والخبراء في إسرائيل ليسوا قلقين من حقيقة أن لسياسة الحكم، لهوية وسلوك الوزراء، لمبادرات نواب مركزيين، لتصريحات سياسيين كبار يوجد تأثير في واشنطن وفي عواصم دول مركزية على صورة إسرائيل في الساحة الدولية.

 

للمحللين وللكثيرين في إسرائيل ينقص الوعي والاعتراف بان العالم ليس ضد إسرائيل. العالم هو ضد حكومة إسرائيل، بتركيبتها، بطبيعتها وبسلوكها الحالي. ليست إسرائيل متهمة، ليست إسرائيل مشهر بها وليست إسرائيل منبوذة. من هم متهمون، مشهر بهم ومنبوذون هم الوزراء والوزيرات، نواب في مواقع أساسية، مسؤولون في قيادة الليكود، رؤساء وزعماء الأحزاب الحريدية المتطرفة. هم الذين دهوروا واهانوا مكانة إسرائيل في عواصم القوى العظمى الغربية وفي الساحة الدولية.

 

الحل: انتخابات

 

في إسرائيل لا يوجد ما يكفي من الوعي بالضرر – وللدقة بالدمار – الذي الحقته وتلحقه شخصيات مثل بن غفير، سموتريتش، لفين، روتمان ونظرائهم باسم، شرف وتقدير الدولة. ينبغي التشديد على أن هذه الكلمات لا تكتب كتقديرات وكتخمينات. ينبغي الاستماع للسفراء، لدبلوماسيين قدامى ولمسؤولين كبار في المقر الرئيس للأمم المتحدة في نيويورك، ممن تولى بعضهم مناصب في إسرائيل.

 

ينبغي سماع محللين قدامى في واشنطن مقربين من البيت الأبيض، زار معظمهم إسرائيل ويحافظون على علاقات مع سياسيين في البلاد. وبالطبع الانصات بعناية لما يقوله يهود كبار نشطاء ومشاركون في حياة الجالية ممن يزورون إسرائيل بشكل دائم ويفتخرون بالعلاقات التي يطورونها مع رؤساء أحزاب وسياسيين.  في كل حديث ولقاء نلمس جهدا خاصا من جانب المتحدثين لان يشددوا موقف الاحترام والتقدير الذين يكنوه للدولة. المتحدثون لا يضنون في الثناء لكن عندما يصلون الى الحكومة الحالية في القدس، فان سيماء وجوههم تتحول لتصبح فجأة جدية، وصوتهم يتلقى نبرة توبيخية، ويتحول الحديث الى بطيء حيث يحاولون البحث عن كلمات تعرب عن رأيهم لكنها لا تهين إسرائيل. كل هذا يمكنه ان يتغير. مكانة إسرائيل في الساحة الدولية وفي عواصم القوى العظمى يمكنها أن تترمم وبسرعة اكبر مما يعتقد البعض. إسرائيل بحاجة الى انتخابات جديدة، بشكل عاجل ويائس. الحكومة الحالية، الوزراء والوزيرات الذين دمروا ويدمرون مكانة إسرائيل في العالم ليسوا فقط هدفا للاقصاء. هم ملزمون بان يختفوا تماما من المشهد الجماهيري وان يتبخروا من السياسة. ان يعودوا الى المجهولية التي عاش الكثيرون منهم في ظلها سنوات طويلة.

 

إسرائيل هي قوة عظمى إقليمية. دولة مقدرة كذات إنجازات هائلة في مجالات عديدة، كقصة نجاح لا مثيل لها، كمعقل للديمقراطية والاستقرار. تغيير الحكم، وزراء ووزيرات جدد وكنيست برلمانية حقيقية – ستعيدها بسهولة لما هي عليه حقا.

 

--------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم 26/7/2024

 

من الكنيست الى الكونغرس: نهاية فكرة الدولتين

 

بقلم: شيريت افيتان كوهن

 

في الوقت الذي خطب فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الكونغرس عن الصراع المشترك لإسرائيل والولايات المتحدة في هذه الحرب، وفي البلاد كانت من شكك بشراكة المصير – من خارج الكونغرس تلقى الشعب الأمريكي تذكيرا مفزعا من أن هذا بات عندهم في داخل البيت. هذا ليس اذا كان هذا الصراع ضد مؤيدي المغتصبين وقتلة الأطفال الذين ضربوا إسرائيل هو الذي يحتاج الى شراكة أمريكية فاعلة اكثر، فقد باتوا يوجدون في صراع نشط ضد قوى محلية تشجع ثقافة قتل مناهضة لإسرائيل ومناهضة لامريكا. الصور التي تراكضت في المواقع الامريكية عن نصب افسدت على ايدي مؤيدين للفلسطينيين وتقدميين واحراق اعلام الولايات المتحدة – أوضحت بان ليس الدعم لإسرائيل هو ما يوجد على المحك بل الديمقراطية بعامة.

 

من الصراع الى الواقع هنا – نتنياهو أوضح بان إسرائيل ستنهي المهام في غزة وهذه ستجرد من السلاح. الرسالة بين السطور واضحة، وليس لأول مرة – دولة إسرائيل ستقاتل في سبيل حقها في الوجود ودولة فلسطينية لن تقوم على خلفية مشاهد المذبحة في الغلاف. حماس ارادت ان تعيد القضية الفلسطينية الى الطاولة حين خرج رجالها للتنكيل باليهود – لكنها حققت نتيجة معاكس: لأول مرة، الأغلبية الإسرائيلية تقول لا واضحة للدولة الفلسطينية. لا في اتفاق احادي الجانب ولا في مسيرة سياسية مرتبة. في 7 أكتوبر اعد مخربو حماس حبل المشنقة لفكرة الدولتين بنجاح عظيم.

 

قبل أسبوع قدمت كنيست إسرائيل تصريح نوايا تأسيسي: 68 نائبا من منتخبي الجمهور، بلا معارضين من القوائم الصهيونية، مع غانتس (خليفة رابين؟) الذي صوت مع ومع 9 معارضين من الأحزاب العربية قالوا لا للدولة الفلسطينية. المقترح لجدول الاعمال الذي تقدم به النائب زئيف الكين حدد تغيير الاتجاه في الراي العام الإسرائيلي، وهو بعيد الأثر اكثر بكثير من ذاك الذين نقله نتنياهو قبل بضعة اشهر فقط.

 

ثلاث مرات قبل ذلك صوتت كنيست إسرائيل على “دولة فلسطينية” – أوسلو أ، أوسلو ب وخطة فك الارتباط. في كل واحدة من هذه المرات تحققت اغلبية لتأييد مسار الدولة الفلسطينية. هذه المرة في التصويت على مشروع القرار الذي صاغه النائب الكين، أعضاء يوجد مستقبل بقوا في الخارج وحتى أعضاء حزب العمل (الذي احتله ميرتس) لم يدخلوا الى القاعة كي يعارضوا. الرسالة التي خرجت من هنا الى الولايات المتحدة صدحت كل الطريق الى الكونغرس: دولة فلسطينية تكون محتملة فقط عندما يكون احمد الطيبي هنا رئيس وزراء.

 

عشرين سنة على إقرار خطة فك الارتباط ويبدو ان في إسرائيل استوعب الدرس حتى وان كان في الطريق الصعب، على الأقل في أوساط الجمهور. لدى قادة جهاز الامن (كاسم سري لمجموعة تصنيفية ومتغيرة) يتبين ان ليس جدا. هناك يوجد دوما “توافق في الرأي” بالنسبة للخطوات الصحيحة. فك الارتباط جيد للامن، صفقة شاليط لن تمس بالامن وبالصيغة الجديدة: كل رؤساء جهاز الامن يؤيدون الصفقة الان. غير أنه يتبين انهم لا يكتفون بالمشورة بل معنيون بتوجيه السياسة. من خلف الكواليس

 

 يوجد من هم يؤمنون من بين أولئك الكبار بانه اذا لم يحقق نتنياهو صفقة فورا وللتو – فانهم سيقفون ضده علنا. من رأى هذا يحصل.

 

--------------------------------------------

 

هآرتس 26/7/2024

 

“بأم عيني رأيت إرهاب المستوطنين بحماية الجيش”.. أين “لاهاي”؟

 

بقلم: إيلانا هيمرمان

 

“كتبت الرسالة بصعوبة وألم كبيرين، لكننا كبشر نشعر بأن واجبنا هو فعل شيء”، هكذا بدأ الطلب باللغة الإنجليزية الذي وجه للمدعي العام في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، الذي تسلمته في هذه الأثناء، من أجل التوقيع عليه. المبادرون يصفون أنفسهم بكلمات بسيطة ومباشرة: “نحن نشطاء نعمل من أجل حقوق الإنسان. أعضاء مجموعة باسم “نرى الاحتلال كما هو”. منذ العام 2016 ندافع عن تجمعات الرعاة الفلسطينيين في غور الأردن، دفاعاً غير عنيف، يستند إلى الحضور والتوثيق”. بعد ذلك، يعرضون تنكيل المستوطنين في تلك المنطقة بالتجمعات الفلسطينية برعاية الاحتلال العسكري، بدءاً بمنع الوصول إلى مصادر المياه ومناطق الرعي والأراضي الزراعية وانتهاء بالسرقة ومصادرة الممتلكات والإرهاب.

 

يركز الكتاب على تجمع واحد هو رأس عين العوجا، الذي يعاني في هذه الفترة من تنمر قاس بشكل خاص، ويرفقون شهادات خطية وموثقة لاقتحام المستوطنين لحظائر سكان القرية، الذي يحدث أمام عيون كثير من الجنود الذين يرافقونهم ومستعدون للدفاع عنهم بالسلاح.

 

وقعت فوراً على الطلب، وأملت بالتوفيق للمبادرين على أمل ألا أكون سوى واحد من جمهور كبير من الإسرائيليين الذين انضموا وسينضمون إليه. مع ذلك، تساءلت وما زلت وأريد أن أعرف ما هو الأمر الذي تسبب للمبادرين بصعوبة وألم كبيرين جداً. لست شريكة الآن في ذلك على الإطلاق، سواء الصعوبة أو الألم. الغضب واليأس احتلا مكانها منذ فترة طويلة. اليأس من الأمل في أن الدفاع عن سكان المناطق المحتلة سيأتي من داخل دولة إسرائيل التي، حسب ميثاق جنيف، هي المسؤولة عن سلامتهم.

 

ما دامت قوتي الجسدية تساعدني، فسأذهب إلى الغور مع هؤلاء النشطاء الرائعين الذين بادروا الآن إلى تقديم هذا الطلب لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي. أنا وهم حاولنا حماية الرعاة مراراً، لكن بدون جدوى؛ لأننا قلائل. وقد وثقت معهم صور جرائم التطهير العرقي الذي يرتكبه الزعران اليهود الذين يزداد عددهم بسرعة، هم والبؤر الاستيطانية و”المزارع” والمناطق التي يسيطرون عليها.

 

وثقت ذلك في المقالات التي نشرتها في “هآرتس”. وتوجهت للقراء كي يأتوا وينضموا للنشطاء هناك لتعزيز الاحتجاج، وربما تعزيز نجاعته. “لو كنا قبل شهر 12 شخصاً وليس 4 أشخاص”، كتبت قبل ست سنوات، “لكان يمكننا وقف الشباب الثلاثة الذين جاءوا من مستوطنة “مفئوت يريحو” من أجل طرد القطعان من المرعى الطبيعي الكبير الذي بقي فيه القليل من النباتات. الأغنام خافت وهربت، والراعيات وأولادهن هربن وراء الأغنام. نحن أيضاً غادرنا بخيبة أمل. لو كنا أول أمس 20 – 30 شخصاً وليس 5 أشخاص في المرعى الموجود قرب “مزرعة عومر” لكانت معنوياتنا قوية لنتمسك بسريان أوامر العدالة والمنطق، ورفض الخضوع لتعليمات الجنود الذين جاءوا لطردنا نحن والرعاة، استناداً لأمر عسكري تافه. في البداية كانوا ثلاثة، الجنود، وبعد ذلك جاءت سيارة ومزيد من الجنود. أمامنا، ثلاث نساء كبيرات في السن وشابان لم يعودا شباباً، وقف حوالي 15 جندياً مسلحاً. وهكذا غادرنا”.

 

“لو انضم المئات إليها لكان الجهاز العسكري والبيروقراطي الذي يقوم بمهمته العنيفة بالأوامر والجرافات والسلاح قد بدأ بالصرير أخيراً، ولسمع الصراخ من مسافة بعيدة، في إسرائيل وخارجها. صحيح أنه ما زال يمكن وضع العصي في هذا الدولاب حتى لو كان المعارضون أقلية في الشعب. لو كانت هذه الأقلية التي تتكون من آلاف الأشخاص الحكماء وذوي القدرة، قد تركت لامبالاتها ولم تكتف بقراءة المقالات في “هآرتس” وكتابتها” (“بعيني رأيت تطهيراً عرقياً”،

 

لامبالاة المجتمع المدني في إسرائيل الذي شاهدته في حالة بؤس طوال هذه السنوات ما زالت تؤلمني. في حينه، وأيضاً الآن، لأنه سواء رغبت أم لا، ما زلت جزءاً لا يتجزأ منه. ولكن في هذه المرحلة، فإن ألمي والصعوبة التي أجدها في هذه الساحة من النزاع العنيف تعود كلها إلى ضحايا المذابح في كثير من المناطق في الضفة الغربية، الذين شاهدت وما زلت أشاهد كيف تم تدمير حياتهم.

 

هذا العمل الذي يتمثل بالتوجه إلى الخارج، إلى مؤسسات دولية، كان يجدر القيام به منذ فترة طويلة، بتصميم وبدون تردد على الإطلاق. في الواقع، من المريح تعزية أنفسنا والقول إنه من الأفضل أن تأتي متأخراً بدلاً من أن لا تأتي. ولكن بخصوص عائلات وتجمعات كاملة من ضحايا زعران المستوطنين برعاية ومساعدة الجيش والشرطة، فإنه طلب جاء متأخراً. في الأشهر الأخيرة، غادرت عشرات التجمعات أماكنها، ولم تعد هناك أي حياة للتجمعات.

 

هكذا هو الأمر أيضاً في جنوب جبل الخليل. وهاكم شذرات من توثيق لما حدث مؤخراً في تجمعين هناك: أم الخير وخلة الضبع. أم الخير تجمع يقع قرب جدار مستوطنة كرمل، خيام هذا التجمع ومبانيه السكنية هزيلة وتلتصق بالأرض القفراء والجافة، والمستوطنة بيوتها غارقة في الحدائق الخضراء التي يتم ريها بالتنقيط في قلب الصحراء. توثيق ما حدث هناك في 26/6 قامت به اريئيلا دونيفسكي، وهي من المؤسسين لـ “مجموعة القرى”، التي مثل مجموعة نشطاء الغور، ترافق منذ سنوات بشجاعة ونبل وسخاء التجمعات المضطهدة في جنوب جبل الخليل.

 

الأشخاص الذي يعيشون في هذه المناطق، الذين ليس هناك أي دولة في العالم اعترفت بسيادة إسرائيل عليهم، لا توجد لهم أي حماية في ظل الحكم العسكري الأجنبي الذي يسيطر عليهم. لذلك، فإن مصيرهم هو من شأن المجتمع الدولي والمواثيق الإنسانية فيه، التي استهدفت بالضبط مثل هذه الأوضاع: أن يقرر ما هو المسموح وما هو الممنوع في التعامل مع المواطنين الذين يعيشون في المناطق التي تم احتلالها في زمن الحرب، بغض النظر عمن بدأ الحرب ومن المحق فيها، أو من كان صاحب السيادة فيها من قبل.

 

حتى لو قد تأخرنا بخصوص الكثير من العائلات والأفراد والتجمعات، فلم يبق إلا خيار آخر: الانضمام لقضية مجمع رأس عين العوجا وبسرعة المزيد من الطلبات، وحتى أن تكون أكثر حدة من هذا الطلب.

 

--------------------------------------------

 

معاريف 26/7/2024

 

سارت كـ”عصفور آمن” وصورت بجودة عالية.. “حزب الله” لإسرائيل: هل وصلت الرسالة؟

 

اسم العقيد “أ” ممنوع من أن ينشر عنه الصحافيون في إسرائيل. “أ” قائد قاعدة سلاح الجو في “رمات دافيد”. هو ابن 44 ونصف، وتسلم مهام منصبه قبل سنتين. موعد ولادته، للمعنيين، هو 1 كانون الأول 1979.

 

بزعم حزب الله، كشفت المنظمة اسمه وصورته في الفيلم الذي نشرته في بيروت. كُرس الفيلم كله لقاعدة “رمات دافيد”. فقد صورت، على حد قول حزب الله هذا الأسبوع، سماء القاعدة من مُسيرة أطلقوها فاجتازت 46 كيلومتراً من الحدود اللبنانية.

 

أوضح الفيلم أن المُسيرة أخذت وقتها على مهل. الصور بجودة عالية ومفصلة. طول الفيلم ثماني دقائق ونصف، لكن المادة الخام على أي حال أكبر بكثير.

 

يكشف لنا رجال استخبارات حزب الله قائمة الأسراب التي تعمل في القائمة. بزعمهم، هم يعرفون مكان قيادة كل سرب، ويبرزنها من خلال التقرير. كما يشيرون إلى موقف المركبات التحت أرضي الذي تخبأ فيه (هكذا على الأقل يقولون) الطائرات القتالية، ويصورون المسارات بارتياح. في القاعدة ثلاث بطاريات للقبة الحديدية، وهي أيضاً مصورة من مسافة طيران العصفور. بل إن مخزن الذخيرة مصور، ومبان أخرى مهمة  أكثر وأكثر.

 

بشكل مفاجئ، بادر خبراء حزب الله إلى الفيلم لأغراض دفاعية. فهو يستهدف ردع إسرائيل من التدهور إلى حرب أوسع، أو بدء معركة شاملة في لبنان. رجال حزب الله يريدون التلميح إلى أن الأماكن الأكثر حساسية في مرماهم حال نشوب حرب شاملة. فإذا وصلوا إليها بهدف التصوير، فيمكنهم الوصول إليها للقصف. لديهم صواريخ دقيقة لهذا الغرض.

 

إضافة إلى ذلك، يظهرون أن بإمكانهم البقاء في إسرائيل لزمن طويل دون كشفهم، ولإظهار القدرة على الوصول إلى معلومات موضعية حساسة. بنشره صورة العقيد “أ”، سعى حزب الله لأن يري بأنهم هم أيضاً، مثلنا، يعرفون قادتنا مثلما يعرف الجيش الإسرائيلي قادتهم، بل ويصل إليهم ويقتلهم.

 

الهدف العام لحزب الله من هذا الفيلم، ومن الفيلمين السابقين، هو إظهار التماثل. ميزان قوى. صحيح أنه تماثل غير متوازن، لأن الاستخبارات الإسرائيلية في تفوق ساحق، لكن الارتياح الذي يظهر من الفيلم مقلق حقاً. فهو يذكر كل من يدعو هنا إلى الحرب أو يشجعها بأن الجيش الإسرائيلي لن يكون في كل مكان كل الوقت، ولا يمكنه حماية كل قاعدة وبلدة.

 

الجيش الإسرائيلي جيش صغير، مع قوة نار مقنونة ورأس بشري محدود. من لم يفهم هذا في 7 أكتوبر، تلقى هذا الأسبوع تجسيداً باللون وبالصورة.

 

--------------------------------------------

 

نتنياهو سيُسجّل بأنه أسوأ رئيس حكومة في تاريخ "إسرائيل"

 

بقلم: المؤرخ إسرائيلي بيني موريس

 

تنياهو سيوصف في كتب التاريخ التي ستكتب في العقود المقبلة بأنّه أسوأ رئيس وزراء في "إسرائيل".

 

صحيفة "هآرتس" تنشر مقالاً للبروفيسور والمؤرخ الإسرائيلي بيني موريس، يتحدث فيه عن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ويصفه بأنّه أسوأ قادة "إسرائيل".

 

في مقابلة على القناة 12 الإسرائيلية يوم 14 تموز/يوليو، صرّح رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي الذي تم تصويره في الماضي على أنّه شخص ذكي، بما يلي: "نتنياهو سيدخل التاريخ كرجل نجح في تعزيز إسرائيل"، على خلفية ما مرت به "إسرائيل" في 7 أكتوبر. ومنذ ذلك الحين، تبدو كلمات هنغبي بشعة.. تملّق من دون أساس ومنطق.

 

أعتقد أنني أفهم قليلاً في كتابة التاريخ، وليس لدي شك في أنّ نتنياهو سيوصف في كتب التاريخ التي ستكتب في العقود المقبلة بأنّه أسوأ رئيس وزراء في "إسرائيل". إنّه يسعى منذ أشهر لتحقيق هذا "النصر المطلق" على حماس، كوسيلة "للفوز" بموقع جيد في تاريخ "إسرائيل"، لكن حتى لو تحقق نصر "مطلق"، فأنا لا أعتقد أنّه سيغير حكم التاريخ بشكل جذري.

 

عزَّزَ "إسرائيل"؟!

 

"إسرائيل" اليوم ضعيفة، وينظر إليها أعداؤها على أنّها كذلك، على الرغم من مخزونات القنابل في أقبيتها، وعلى الرغم من فرقها المدرعة ووحداتها الخاصة. والمسؤول الرئيسي عن ذلك هو رئيس وزرائها منذ 15 عاماً.

 

منذ تسعة أشهر، لم تنجح "إسرائيل"، بجيش قوامه نصف مليون جندي، في القضاء على حركة قوامها نحو 30 ألف مقاتل مجهزين بشكل أساسي ببنادق هجومية وقاذفات "آر بي جي" وصواريخ مضادة للدروع في منطقة جغرافية صغيرة، وفي متاهة الأنفاق التي لم تجد "إسرائيل" حلاً فعالاً لها.

 

و"إسرائيل" لا تجرؤ على ضرب حزب الله بجدية، وهو الذي يمطر المستوطنات الشمالية بالصواريخ والقذائف الصاروخية والطائرات المسيّرة كل يوم، ولا تجرؤ على ضرب إيران، التي أطلقت عليها في نيسان/أبريل مئات الصواريخ والقذائف الصاروخية والطائرات المسيّرة، والتي توجّه الهجوم المتعدد الساحات عليها منذ تسعة أشهر.

 

إسرائيل قوية؟!

 

فشل نتنياهو، على الرغم من التحذيرات المستمرة من رؤساء المؤسسة الأمنية والعسكرية، في تحديد التهديد الأمني، لكنه نجح في العامين الماضيين في تفكيك "إسرائيل" بسبب التعديل القضائي، وبسبب مختلف المناورات المتعلّقة بالحرب، ومحاولات حل مسألة الأسرى.

 

وبمهارة كبيرة، سوّق نتنياهو نفسه لمؤيديه الجهلة على أنه جديّ وحكيم.

 

وبرع نتنياهو لسنوات في التردد والجبن؛ ففي بداية حرب غزة أجّل مراراً وتكراراً مرحلة الاجتياح البري، وفعل الشيء نفسه في الجولات السابقة ضد حماس. والآن يفر منذ تسعة أشهر من حسم قراره بشأن شنّ حرب ضد حزب الله. وطوال السنوات التي قضاها كرئيس للوزراء، تجنب مراراً وتكراراً اتخاذ قرار حاسم ضد المشروع النووي الإيراني. وإجمالًا، خلال السنوات التي قضاها في منصبه، كان نتنياهو متردداً في اتخاذ قرار حاسم بشأن مستقبل الضفة الغربية: فهو لم يذهب إلى الضم، ولا إلى الانفصال في إطار سلام قائم على حل الدولتين.

 

في المقابل، نجح نتنياهو طوال مسيرته الطويلة في التحريض والتقسيم. لقد حرض ضد الليبراليين وضد إسحاق رابين، ضد العلمانيين وضد اليسار، وحرض السفارديم ضد الأشكناز. وقد وصف رئيس الوزراء السابق من حزب الليكود، إسحاق شامير، نتنياهو بأنه "ملاك التخريب".

 

واليوم، نتنياهو وأتباعه منهمكون بالتحريض ضد رؤساء المؤسسة الأمنية والعسكرية وعائلات الأسرى. وقبل عام، حرض ضد النظام القضائي، وكل ذلك في خدمة احتياجاته الشخصية، أي استمرار حكمه وهروبه من السجن.

 

أيضاً، نجح نتنياهو في العقود الأخيرة، من خلال رفضه أي إمكانية للسلام مع الفلسطينيين.

 

وبشخصيته الفاسدة وسياسته المتهتكة، زرع بذور العداء لـ"إسرائيل" بين قطاعات واسعة في الغرب، وهو عداء انفجر في وجوهنا بعد 7 أكتوبر. واليوم، يبدو أنّ الصدع بين "إسرائيل" والشعب الأميركي يتعمّق، وخصوصاً بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و45 عاماً، بمن فيهم الكثير من اليهود، بسبب تصرفات نتنياهو وشخصيته.

 

وفي السنوات الكثيرة التي شغل فيها منصب رئيس الوزراء، هل أصدر نتنياهو أي تصريح أو تعبير سيتم تذكره في تاريخ الشعب والأمم؟

 

مكانته في التاريخ وعلم التأريخ تشغل نتنياهو كثيراً، وهو يدرك أهمية الإرث الذي سيخلّفه. في السنوات الأخيرة، شوهد نتنياهو وأعوانه منخرطين في إخفاء وسحق الوثائق التي اعتبرها نتنياهو كما يبدو إشكالية بالنسبة إلى صورته. على سبيل المثال، في الأيام الأولى من الحرب، أمر "الجيش" الإسرائيلي بالتوقف عن تسجيل المناقشات في مقر القيادة. وخلال نقل السلطة منه إلى نفتالي بينيت في نهاية عام 2021، أمر بتمزيق وثائق لمكتبه.

 

في الأشهر الأخيرة، رفض نتنياهو أي محاولة لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر. الدافع الرئيسي واضح للجميع: الهروب من المسؤولية والمحاسبة عن أفعاله وإخفاقاته، ولكن الأمر يتعلق أيضاً بمسألة المرجع. ليس هناك شك في أنّ تعليمات نتنياهو بشأن التسجيلات في مقر القيادة، وربما في أماكن أخرى أيضاً، من المفترض أن تلحق الضرر بالمرجع الذي سيصل في النهاية إلى لجنة التحقيق عندما يتم تشكيلها، وسيكون التقرير الذي تصدره اللجنة أساساً لتقدير المؤرخين في المستقبل لأداء نتنياهو.

 

لكن في هذه الأثناء، لدى بعض الصحف وقنوات الإعلام الإلكترونية سيل من المعلومات حول ما حدث قبل 7 أكتوبر، وما حدث في ذلك اليوم والأيام التي تلته. يقال إنّ الصحافة هي المسوّدة الأولى للتاريخ، وفقط بعدها تأتي الدراسات العلمية. إذا حكمنا من خلال الكم الهائل من المعلومات التي تم نشرها بالفعل، سيتم صلب نتنياهو في كتب التاريخ باعتباره الرجل الذي أضعف "إسرائيل" وزاد من قوة أعدائها.

 

ووفقاً لما تم نشره، نتنياهو قاد خفض القوات البرية للجيش الإسرائيلي. والأهم من ذلك، ضلل الجيش وأجهزة الاستخبارات بشأن نيات "حماس"، فيما فرض التصور بأنّ "حماس مرتدعة".

 

وفي الوقت نفسه، عمل على إضعاف السلطة الفلسطينية في محاولة لمنع أي تقدم نحو حل الدولتين؛ الحل الوحيد الذي يمكن أن يجلب السلام إلى المنطقة، والاعتراف بأنّ الحكم طويل الأمد على شعب آخر غير واقعي في القرن الواحد والعشرين.

 

ليس لدي شك في أنّه في التأريخ المستقبلي للحرب الحالية، سيتم إيجاد نتنياهو مذنباً أساسياً عن كل من الفشل الاستخباري والسلوك الفاشل لـ"الجيش" الإسرائيلي في 7 أكتوبر وبعده.

 

ليس هناك شك في أنّ نتنياهو هو الأكثر فساداً وإفساداً وافتقاراً إلى الكفاءة بين رؤساء "إسرائيل" على مر السنوات، وهكذا سيحكم عليه التاريخ.

------------------انتهت النشرة----------------

أضف تعليق