استمرار الحرب يُدخِل الاقتصاد "الإسرائيلي" في دورة تأكّل
من انخفاض معدلات نمو الاقتصاد، وارتفاع العجز الحكومي والدين العام وتكاليف الحرب ذاتها، إلى شلل الشمال و"إيلات" اقتصادياً، إلى إفلاس آلاف الشركات "الإسرائيلية"، إلى تخفيض التصنيف الائتماني لـ"إسرائيل" من طرف الوكالات الدولية، وانخفاض أسعار السندات الحكومية "الإسرائيلية"، تتكدس المؤشرات على حجم المشاكل التي يواجهها اقتصاد الكيان الصهيوني نتيجة استمرار الحرب، في الجبهتين الغزية واللبنانية، ناهيك بجبهة البحر الأحمر.
لكنّ ما يجري فعلياً أعمق أثراً مما تعكسه تلك المؤشرات، إذ إن الاقتصاد "الإسرائيلي" يتعرض حالياً لعملية نحت وتعرية لبعض أهم عناصر قوته ومحركات نموه، في المدى الطويل من جراء استمرار الحرب بالذات، وأيضاً من جراء أثر الجبهات المسانِدة لغزة اقتصادياً من جهة، وأثر حملات المقاطعة لـ "إسرائيل" عالمياً، من جهةٍ أخرى، في تضييق شرايينه الممتدة عالمياً أو سدّها أحياناً.
تبقى العلامة الفارقة هنا طبعاً، والمعيبة بشدة، تطور علاقات بعض الدول العربية والمسلمة بالعدو الصهيوني في ظل عدوانه على غزة، تحت عنوان "الجسر البري" أو البحري أو الجوي، بعد أن كشفت بيانات مكتب الإحصاء المركزي "الإسرائيلي" تجاوز صادرات 5 دول عربية، هي الإمارات ومصر والأردن والمغرب والبحرين، إلى الكيان الصهيوني، منذ الـ7 من أكتوبر حتى نهاية أيار/مايو الفائت، حاجز ملياري دولار!
يُذكَر أيضاً أن معدل التبادل التجاري بين تركيا والكيان الصهيوني نما باطّراد بعد الـ7 من أكتوبر، وبلغت قيمته مع نهاية عام 2023 نحو 7 مليارات، منها 5.4 مليارات دولار صادرات تركية إلى "إسرائيل"، و1.64 واردات إلى تركيا. وتُعَدّ تركيا، في ظل حزب العدالة والتنمية، المطبع الأكبر مع الكيان الصهيوني في كل العالم الإسلامي.
وفي الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024، بحسب المعهد الإحصائي التركي (تورك ستات)، وهو الوكالة الحكومية التركية المتخصصة بإصدار الأرقام الرسمية، بلغ التبادل التجاري بين تركيا والعدو الصهيوني 1.82 مليار دولار، وراحت الصادرات التركية إلى "إسرائيل" تزيد شهراً بعد شهر، من نحو 319 مليون دولار في كانون الثاني/يناير إلى 395 مليون دولار في شباط/فبراير، إلى نحو 410 ملايين دولار في آذار/مارس.
لمّا حلت صاعقة نتائج الانتخابات البلدية التركية، التي جرت في 31/3 الفائت، والتي خسر فيها حزب العدالة والتنمية مواقع كثيرة نتيجة الصوت الاحتجاجي على الحالة المعيشية، لكن أيضاً نتيجة افتراق "حزب الرفاه من جديد" عن التكتل الحاكم تحت عنوان غزة ومقاطعة الكيان الصهيوني اقتصادياً، ونيل ذلك الحزب 6.8% من مجمل الأصوات، الأمر الذي فتت كتلة أصوات حزب العدالة والتنمية لمصلحة حزب الشعب الجمهوري المعارض، الذي حل أولاً، صدر القرار الأول بعد نتائج الانتخابات بأيام، والذي قيّد تصدير 54 سلعة تركية إلى الكيان الصهيوني.
على الرغم من ذلك التقييد، فإنه جرى تصدير نحو 299 مليون دولار من المنتوجات التركية إلى "إسرائيل" في نيسان/أبريل الفائت، واستيراد ما قيمته نحو 89 مليون دولار منها، بحسب "تورك ستات" مجدداً.
أعلنت أنقرة بعد ذلك، في 3 أيار/مايو، حظر كل تبادل تجاري بين تركيا و"إسرائيل"، تحت وطأة الاحتجاج الشعبي أساساً. لكن ثمة تقارير، نُشر أحدها مثلاً في صحيفة "غلوبس" الاقتصادية في 6/5/2024، تفيد بأن المنتوجات التركية ما زالت تصدَّر إلى الكيان الصهيوني عبر سلوفينيا، أو عبر بلغاريا واليونان ومصر، أي عبر أطراف ثالثة، وإن بتكلفة شحن أعلى، منذ التقييد الجزئي للتجارة في نيسان/أبريل.
كذلك، ما زالت الاحتجاجات الشعبية مستمرة في تركيا ضد شركة النفط الأذربيجانية "سوكار"، والتي تورّد النفط الأذربيجاني إلى العدو الصهيوني عبر تركيا، كما ذكر تقرير لصحيفة "جيروزاليم بوست" في 3/7/2024، زعم أيضاً أن إيران هي التي تحرك تلك الاحتجاجات.
في جميع الأحوال، حقق الضغط الشعبي نتائج ملموسة، تركياً، ونجح على الأقل في إرباك العلاقات الاقتصادية بـ"إسرائيل" ورفع تكلفتها، على الرغم من اللف والدوران والألاعيب الرسمية ونفوذ اليهود الأتراك الذين يؤدون دوراً رئيساً في تنظيم التبادل التجاري بين تركيا والكيان الصهيوني، بحسب تقرير لـ "تايمز أوف إسرائيل"، في 16/5/2024، حاول "إثارة الشفقة" عليهم في مواجهة حملة مقاطعة "إسرائيل" في تركيا اليوم. لا شك في أن أثر تلك الحملة أصاب الاقتصاد "الإسرائيلي" كله، وخصوصاً بعد أن أصبحت تركيا طريقاً بديلةً وقريبة للاستيراد بدلاً من شرقي آسيا عبر البحر الأحمر، الذي بات يسده المارد اليمني.
هذا مهم لأن صلات "الاقتصاد الإسرائيلي" خارجياً تمثل شرايين حياة له، وأخطرها تلك الممتدة في اتجاه المحيطين العربي والإسلامي، لأنها تتيح له، إن تشعبت وتوسعت، أن ينمو ويتعملق إقليمياً، أو أن يقوي موقفه في المعركة الراهنة على الأقل في مواجهة تفاعل استمرار الحرب وفتح الجبهات المساندة وحركة مقاطعته عالمياً.
لذلك، تمثل مناهضة التطبيع في ظل معركة "طوفان الأقصى" مكوناً جوهرياً في استراتيجية المقاومة، وليس موقفاً مبدئياً فحسب، ويمثل تطويرها ضرورة ماسة لفرض قطع العلاقات بين الأنظمة العربية والعدو الصهيوني تحت عنوان "الجسر البري" أو غيره، وتبقى تلك مهمة ملحة لكل المعنيين بدعم غزة.
بعض ما تكشفه التقارير بشأن حالة الاقتصاد "الإسرائيلي" اليوم
تقول مؤسسة CofaceBDI، التي تملك أكبر قاعدة بيانات عن قطاع الأعمال في الكيان الصهيوني، إن 46 ألف منشأة اقتصادية أغلقت أبوابها منذ الـ7 من أكتوبر، وإن القطاعات الأكثر تضرراً كانت البناء والزراعة والخدمات.
تضيف المؤسسة أن عدد المشاريع الاقتصادية المفلسة يتوقع أن يبلغ 60 ألفاً مع نهاية العام الجاري، مقارنةً بـ 40 ألف حالة إفلاس سنوياً في المتوسط، ومقارنةً بسقفٍ بلغ علوه 76 ألف إفلاس في عام كوفيد-19.
وتمثل المشاريع الصغيرة، التي توظف 5 عمال أو أقل، 77% من حالات الإفلاس حتى الآن، والباقي مشاريع متوسطة وكبيرة. وما مهد من أجل تعثر تلك المشاريع هو الاختلالات الناتجة من معركة "التعديل القضائي" في الكيان الصهيوني، والتي أثارت جزع المستثمرين، ورفع معدلات الفائدة لكبح جماح التضخم، الأمر الذي صعّب شروط الحصول على قروض.
أما الـ7 من أكتوبر فمثل اقتصادياً ضربة لجسمٍ يترنّح، من جراء العوامل الآتية:
أ – سحب مئات آلاف الشبان من سوق العمل، ولاسيما المهنيون والمتخصصون، إلى التجنيد في الجيش.
ب – منع دخول أكثر من 100 ألف عامل فلسطيني من الضفة وغزة للأرض المحتلة عام 48، وهروب عشرات آلاف العمال الأجانب.
جـ - نزوح نحو 250 ألف مستعمر مستوطن عن غلاف غزة وعن الشمال، وأثر ذلك في المنشآت التجارية في تلك المناطق.
د – موت "إيلات" اقتصادياً، نتيجة الحصار اليمني عليها، وارتفاع تكلفة الشحن البحري من آسيا ورسوم تأمينه نتيجة الاضطرار لسلوك طرق أطول، وتأثر قطاعات اقتصادية، مثل السيارات وقطعها، كانت تعتمد على "إيلات".
هـ - انخفاض طلب المستهلكين، والاستثمار، وخصوصاً في الربع الأخير من عام 2023، نتيجة عدم اليقين بشأن المستقبل، الأمر الذي قلص النمو الاقتصادي في ذلك الفصل وحده إلى سالب 5.5%.
و – ازدياد الحاجات التمويلية للمشاريع في ظروفٍ من هذا النوع، مع اضطراب سلاسل الإمداد، والتي كان آخرها سلاسل الإمداد من تركيا التي كانت تزود الكيان الصهيوني بالحديد والصلب والألمنيوم والإسمنت، ناهيك بالمنتوجات الزراعية.
انعكس ذلك كله بالضرورة على مؤشرات الاقتصاد الكلي، فانخفض الاستهلاك، والاستثمار، والتصدير، وازداد الاستيراد بتكاليف أعلى، وحاولت الحكومة تعويض ذلك عبر زيادة إنفاقها، لكنّ ذلك لا يمثل حلاً طويل المدى، لأن زيادة الإنفاق الحكومي من دون زيادة الإيرادات تعني زيادة العجز، والدين العام، أو أن على الحكومة رفع الضرائب، ومنها ضريبة القيمة المضافة VAT، التي يمثل رفعها عبئاً كبيراً على المنشآت الاقتصادية التي تصارع من أجل البقاء في قيد الحياة (على عكس ما يظن البعض، لا يتحمل المستهلك كامل قيمة الضرائب على السلع، إلا في حالات خاصة جداً، كما هو معروف في أبجديات علم الاقتصاد الجزئي).
وكان الكنيست أقر رفع ضريبة القيمة المضافة في 11/3/2024 من 17% إلى 18%، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ مع بداية عام 2025.
يُذكر أن أمير يارون، حاكم المصرف المركزي في الكيان الصهيوني، حذر، نهاية أيار/مايو الفائت، من أن الحرب، وفق مستوياتها الحالية، سوف تكلف 67 مليار دولار، مع افتراض عدم اتساع نطاقها وامتدادها أعواماً. وكان التقدير السابق لتكلفة الحرب هو 56 مليار دولار.
التوازنات الداخلية الهشة تدفع إلى زيادة العجوزات والديون
فتح ذلك صراعاً بين وزير المالية سموتريتش ووزير الحرب غالانت، من جراء محاولة الأول وضع ضوابط على الإنفاق العسكري، وكان مما فعله سموتريتش تعطيل صفقة بقيمة 9.5 مليارات دولار لشراء طائرات أف - 15 وأف - 35 من الولايات المتحدة، الأمر الذي أخرج الخلاف إلى العلن.
وقع نتنياهو في مأزق كبير هنا، إذ إن تكاليف الحرب، وشبه الإجماع في الكيان الصهيوني على ضرورة رفع نسبة الإنفاق العسكري من الناتج المحلي الإجمالي في المدى الطويل، يدفعانه في اتجاه خيارات صعبة: إما رفع الضرائب، الأمر الذي يسربل قدمي اقتصاد متأزم بالقيود في خضم حالة حرب، وإما تخفيض الإنفاق، ومنه الموازنات السخية والإعفاءات المفرطة لشركائه في الائتلاف الحاكم من اليهود المتدينين، الأمر الذي يهدّد بانفراط عقد حكومته، وإمّا ترك العجوزات والديون العامة تتراكم، الأمر الذي يعني ترحيل المشكلة إلى المستقبل مع تهديد استقرار الاقتصاد الكلي.
اختار نتنياهو الخيار الأخير، وهو يعرف جيداً أنه يناقض قناعاته ذاتها، من أجل غايات انتهازية، إذ إنه شن حملة ضارية على العجز الحكومي عندما شغل منصب وزير المالية بين عامي 2003 و2005، فقلص نظام الفوائد الاجتماعية المتضخم، ورفع سن التقاعد، وخصخص عدداً من الشركات الحكومية، وخفض الضرائب في المقابل لتحفيز الاستثمار والادخار.
أما عام 2022، فإنه شكل حكومة من 34 وزارة ليُرضي حلفاءه في الائتلاف الحاكم وفي الليكود ذاته.
وتشير التوقعات إلى أن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي يتوقع أن ترتفع إلى 67%، بعد أن كانت 60% عام 2022 عند تشكيل حكومة نتنياهو، وهو السبب الرئيس في تخفيض التصنيف الائتماني لـ"إسرائيل"، بحسب وكالة "موديز"، مع نظرة سلبية للمستقبل مرتبطة بمخاطر توسع الحرب إلى جبهات أخرى.
من نعم الله علينا أن سموتريتش، حرصاً على عدم المساس بموازنات حزبه وحلفائه، قرر "تشذيب" الموازنة العسكرية، وأن نتنياهو يسعى لمسايرة ذلك التيار من أجل المحافظة على ائتلافه الحكومي. وفي 28/5/2024، قالت "يسرائيل هيوم" إن سموتريتش عطل تحويل 1.7 مليار دولار مخصصة للمجهود الحربي في غزة. لكن سموتريتش نفى ذلك قائلاً إنها "أخبار كاذبة"، في حين رفض مكتب غالانت وأركان جيش الاحتلال الإدلاء بتعليق على الخبر.
في المقلب الآخر، يجدر الانتباه إلى أن تغليب الأجندات الخاصة، والتفكير، وفق أفق ضيق، هما أيضاً ما قد يدفع حكومة نتنياهو إلى ارتكاب حماقات في لبنان أو غيره. فالحسابات المنطقية وحدها لا تقوى دوماً على تفسير سلوك الدول والجماعات والأفراد، والمنطق يتطلب أيضاً أخذ لاعقلانية الخصم في الحسبان، ولاسيما أن الصهاينة الآن يعيشون جرحاً نرجسياً يتطلب، من وجهة نظرهم، استعادة اليد العليا من أجل المحافظة على وجودهم الاحتلالي الاستيطاني في فلسطين.
في جميع الأحوال، تحسنت مؤشرات الاقتصاد "الإسرائيلي" قليلاً في الربع الأول من عام 2024، إذا عَدَدْنا أن معدل نمو سالب 0.5% أفضل من سالب 5.5% في الفصل الذي سبقه، من دون أن تعود مستويات الاستثمار والاستهلاك إلى ما كانت عليه قبل الـ7 من أكتوبر، وتوقع المصرف المركزي في الكيان الصهيوني في نيسان/أبريل أن ينمو الاقتصاد "الإسرائيلي" بمعدل 2% خلال عام 2024.
وما هي سوى أشهر، حتى راجع قسم الأبحاث في المصرف المركزي تلك التوقعات، مخفضاً معدل النمو المتوقع في العام الجاري إلى 1.5% فقط، ومتوقعاً وصول نسبة العجز الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي هذا العام إلى 6.6%، مع أنها 7.6% حالياً، بناءً على توقعات متفائلة بأن تلك النسبة سوف تبدأ الانخفاض في أيلول/سبتمبر، مع افتراض بقاء الإنفاق العسكري عند مستوياته الحالية.
فكيف ستنخفض نسبة العجز إلى الناتج المحلي الإجمالي إذا كان الإنفاق (عسكرياً ومدنياً) سيبقى عند مستوياته الحالية، وعائدات الضرائب لن ترتفع هذا العام، في حين أن المقام، أو الناتج المحلي الإجمالي، لن ينمو بالسرعة التي توقعها المصرف المركزي سابقاً؟!
المؤشرات الأكثر خطورةً بالنسبة إلى الاقتصاد "الإسرائيلي"
على الرغم من أهمية المؤشرات السابقة، فإنها تعبر عن تقلبات يمكن تجاوزها في الدورة الاقتصادية إذا توقفت الحرب وتغيرت حكومة نتنياهو مثلاً. والأخطر يبقى المؤشرات الآتية:
أ – أعلان شركة "إنتل" الأميركية، الشهر الفائت، وهي إحدى أهم الشركات العالمية في مجال تصنيع الرقائق الحاسوبية والمعالجات، وقف توسعة مصنعها في مستوطنة "كريات غات"، المقامة على أنقاض قريتي عراق المنشية والفالوجة شمالي غزة، بقيمة 25 مليار دولار. وهذا مهم جداً لأنه يمثل أثراً مباشراً لعملية "طوفان الأقصى" بشأن صناعة التكنولوجيا المتقدمة في الكيان الصهيوني، وسعيه لأن يكون متفوقاً عالمياً فيها، وهذا ذو انعكاس مباشر على ميزان القوى الإقليمي.
ب – قرار كولومبيا الرائع قطع صادرات الفحم إلى الكيان الصهيوني، ما دامت الإبادة الجماعية في غزة مستمرة. وهذا مهم جداً لأن إنتاج الكهرباء في "إسرائيل"، يعتمد نحو 22% منه، على إحراق الفحم، ويعتمد، بنسبة 61%، على الغاز الفلسطيني المسروق. ومن دون تيار كهربائي مستقر ودائم، فإن كل اقتصاد الكيان الصهيوني يصبح على كف عفريت. والرجاء الانتباه هنا إلى أن روسيا وجنوب إفريقيا تأتيان بعد كولومبيا في توريد الفحم إلى الكيان الصهيوني. فيا حليفتينا الكريمتين في "البريكس"، هذه دعوة مفتوحة من مواطن عربي عادي كي تحذوا حذو كولومبيا، وهذا أضعف الإيمان، مع التقدير لكل قضايا المحاكم والتصريحات التضامنية.
جـ - هجرة الخبراء والأكاديميين والمتخصصين من الكيان الصهيوني، في ظاهرة تتحدث عنها وسائل الإعلام "الإسرائيلية" بكثرة، ولم أستطع الوصول إلى إحصاءات توثقها كمياً. يشار هنا إلى أن حملة مقاطعة "إسرائيل" أكاديمياً أدت إلى انخفاض الأبحاث المشتركة مع الأكاديميين "الإسرائيليين" بحدة، بحسب "هآرتس" في 11/4/2024. وهذا مهم جداً في زمن اقتصاد المعرفة، لأن مقاطعة الكيان الصهيوني أكاديمياً، بمقدار ما تنجح، تحوله إلى كيان متخلف فعلياً، وهذا أيضاً مهم لميزان القوى الإقليمي.
د - قرار شركة "سامسونغ" الكورية في بداية شهر أيار/مايو الفائت إغلاق عملياتها في الكيان الصهيوني. يذكر أن الشركة ساهمت، منذ عام 2013، في تمويل 70 شركة تكنولوجيا "إسرائيلية" ناشئة في قطاع الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، والتكنولوجيا المالية والصحية، وأن انسحابها جاء على خلفية العدوان على غزة واهتزاز الثقة بالاقتصاد "الإسرائيلي".
هـ - ما زعمته شركات التكنولوجيا المتقدمة "الإسرائيلية"، بحسب "يديعوت" في 25/12/2023، ومفاده أن الصين "اصطنعت" عقبات بيروقراطية لتأخير توريد مكونات إلكترونية إليها، الأمر الذي تسبب باضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع التكاليف. ويزعم تقرير "يديعوت" ذاته أن الصين رفضت توريد عمال بناء وزراعة إلى الكيان الصهيوني بعد "طوفان الأقصى"، وأن مصادر في الكيان وصفت ذلك بأنه أشبه بعقوبات صينية على "إسرائيل".
في المقابل، ثمة مفاوضات جارية الآن بين شركة "غوغل" وشركة "ويز" المتخصصة بالأمن السيبراني، من أجل الاستحواذ على الأخيرة في مقابل 23 مليار دولار. وعلى الرغم من أن ذلك قد يبدو تدفقاً استثمارياً خارجياً في "إسرائيل" وقطاعها التكنولوجي المتقدم، فإن عملية الاستحواذ على "ويز" الموجهة من "غوغل" لمنافسة شركة "مايكروسوفت"، في ظل عمليات الإغلاق بالجملة للشركات الناشئة "الإسرائيلية" في قطاع التكنولوجيا، هي أقرب إلى عملية تصفية لذلك القطاع في الكيان الصهيوني.
أضف تعليق