26 كانون الأول 2024 الساعة 22:51

” مش طالعين”.. الرسالة الأقوى في حرب الإبادة المتواصلة

2024-07-11 عدد القراءات : 375
حمزة حماد / مسؤول التجمع الإعلامي الديمقراطي وعضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين

عن أي صمود نتحدث، عن مواجهة الإبادة، أم التوغل والاعتقال، أم التجويع والتعطيش، أم النزوح المتكرر، أم لغة التحدي في الرفض والاستسلام لواقع يحاول فرضه الاحتلال على أهالي مدينة غزة وشمالها الصامد بأن يحققوا أهدافه في التهجير القسري وسط عمليات التطهير العرقي التي يمارسها بحق المدنيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر

 

عاود الاحتلال الكرة في إلقاء مناشير يدعو فيها المواطنين في مدينة غزة بالنزوح تجاه جنوب القطاع بحجة أنها منطقة قتال خطيرة وعليهم الخروج منها إلى مناطق آمنة (وفق ادعاءه)، لكنه فوجئ بحالة الثبات التي اتسمت بها ردود أفعال الغالبية العظمى من المواطنين، متمسكين بأرضهم وديارهم، مُعلنين رسالتهم “مش طالعين”.

هذا الخيار جاء نتيجة ادراك ووعي لدى المواطن بأن جميع مناطق القطاع تتعرض للقصف الهمجي، وبالتالي الاستجابة لمثل هذه النداءات الإسرائيلية تعني أن المأساة سوف تتكرر وتؤثر على حياة النازحين بشكل أكبر دون اكتراث لأية قوانين دولية تحمي المدنيين وقت الحروب والصراعات، وقد ضربتها إسرائيل بعرض الحائط.

حيث تنوعت عمليات القتل لدى جيش الاحتلال الذي يتوغل أحياء مدينة غزة واحد تلو الآخر، مما يجبر السكان على الخروج من منازلهم تحت وطاة القصف المدفعي والحربي، الأمر الذي يوقع أعداد كبيرة من الضحايا كما رأينا في الاجتياح الأخير والمباغت لأهالي حي الشجاعية، ثم التفاح والدرج، إلى أن وصل حي تل الهوى عمق المدينة.

من يشاهد سلوك الاحتلال النازي يدرك أنه يستخدم روايات تضليلية، ويعتمد على إرهاب المدنيين وضغطهم نفسيا وجسديا في محاولة لكسر ارادتهم وارتكاب أكبر قدر من المجازر بحقهم، وهذا ما أكده تقرير موقع “سيحا مكوميت” حول شهادات جنود العدو التي تعكس العقلية الإرهابية لديهم، حيث يقولون: “إننا نطلق النار عشوائيا ونحرق المنازل، ويسمح لنا بإطلاق النار على أي شخص بهدف المُتعة فقط دون هدف، كما ازالوا الجثث بالجرافات كي لا تراها قوافل المساعدات، مؤكدين أنهم يمارسون ذلك بإذن من قادتهم”.

وفق ما شاهدناه خلال حرب الإبادة الجماعية، لا نستغرب من هذه الشهادات الخطيرة للجنود بل نعيش تفاصيل أقسى منها، ما بين النزوح تحت القصف وافتراش الشوارع، والشعور بالخذلان والموت البطيء، إلى استعادة الأمل مُجددا للتمكن من حياة البقاء رغم غياب مقومات الصمود الإنسانية بفعل الحصار المُشدد، ناهيا عن انهيار المنظومة الصحية وخروج بعض المشافي عن الخدمة جراء حصارها ووقف الإمدادات الطبية، ونقص الوقود الذي أدى لتوقف بعض محطات تحلية مياه الشرب، وغيرها.

ما بين سوء نوايا الاحتلال ومحاولة اختبار قرابة 700 ألف إنسان مُحاصر في محافظتي غزة والشمال، تسلح هؤلاء الصامدين بإرادة لا تعرف الاستكانة أو الخنوع، فلا أوراق بيد الاحتلال يمكن أن يحارب بها تلك الجوعى والمكلومين سوى أن يواصل إبادته على مرأى ومسمع العالم المُتفرج على معاناة الغزيين، دون تدخل عربي أو دولي يلزم إسرائيل بوقف عدوانها واخضاعها للمُحاسبة وضمان عدم افلاتها من العقاب، وأن تلتزم بمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، والزامها بالاستجابة لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وأحرار العالم بوقف هذه المقتلة اليومية.

أضف تعليق