26 كانون الأول 2024 الساعة 22:38

السجون السرية الاسرائيلية… ما خفي أعظم

2024-07-03 عدد القراءات : 550
فؤاد‭ ‬بكر‭ | ‬مسؤول‭ ‬دائرة‭ ‬المقاطعة‭ ‬في‭ ‬الجبهة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬لتحرير‭ ‬فلسطين

 

 

لم‭ ‬تكن‭ ‬السجون‭ ‬السرية‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬فكرة‭ ‬جديدة‭ ‬ولكنها‭ ‬تضاعفت‭ ‬بعد‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬اكتوبر،‭ ‬وقد‭ ‬أنشئت‭ ‬السجون‭ ‬السرية‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬تعذيب‭ ‬الاسرى‭ ‬الفلسطينيين‭  ‬والتنكيل‭ ‬بهم‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬المراقبين‭ ‬الدوليين‭ ‬والراصدين‭ ‬لانتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الانسان‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬الدولية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمناهضة‭ ‬التعذيب،‭ ‬والاختفاء‭ ‬القسري،‭ ‬حيث‭ ‬منحت‭ ‬اسرائيل‭ ‬الاسرى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬صفة‭ ‬المقاتلين‭ ‬غير‭ ‬الشرعيين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ان‭ ‬تتنصل‭ ‬من‭ ‬إلتزامها‭ ‬القانوني‭ ‬المتعلق‭ ‬بحقوق‭ ‬الاسرى‭ ‬والمعتقلين‭ ‬الاداريين‭. ‬

 

 

تعتمد‭ ‬السجون‭ ‬السرية‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬على‭ ‬اخفاء‭ ‬الاسرى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬في‭ ‬المعتقلات‭ ‬الادارية‭ ‬والسجون‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬او‭ ‬اختطافهم‭ ‬من‭ ‬امام‭ ‬منازلهم‭ ‬وبيوتهم‭ ‬دون‭ ‬ابلاغ‭ ‬ذويهم،‭ ‬وتقوم‭ ‬المخابرات‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬وهيئة‭ ‬ادارة‭ ‬السجون‭ ‬السرية‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬بتغيير‭ ‬أسماء‭ ‬الاسرى‭ ‬وتسميتهم‭ ‬بأسماء‭ ‬مستعارة‭ ‬بهدف‭ ‬إخفاء‭ ‬المعلومات‭ ‬قدر‭ ‬الامكان‭ ‬وابتزاز‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بأي‭ ‬عملية‭ ‬تبادل‭ ‬بين‭ ‬الاسرى‭ ‬الاسرائيليين‭ ‬والاسرى‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬

 

 

وتبلغ‭ ‬مساحة‭ ‬الزنانة‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬السرية‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬متر‭ ‬مربع‭ ‬تشرف‭ ‬عليها‭ ‬الوحدة‭ ‬العسكرية‭ ‬الاسرائيلية‭ (‬504‭) ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬فن‭ ‬التعذيب‭ ‬والتنكيل‭.‬

 

 

تعتبر‭ ‬اسرائيل‭ ‬من‭ ‬اكثر‭ ‬الدول‭ ‬وحشية‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الاسرى‭ ‬والمعتقلين‭ ‬الاداريين،‭ ‬فهناك‭ ‬أنواع‭ ‬تعذيب‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬السجون‭ ‬العلنية‭ ‬وبين‭ ‬السجون‭ ‬السرية،‭ ‬وللأسف‭ ‬فإن‭ ‬السجون‭ ‬السرية‭ ‬تكون‭ ‬بشكل‭ ‬أعنف‭ ‬وأكثر‭ ‬تطرفا،‭ ‬منها‭: ‬التعرية،‭ ‬القرفصة،‭ ‬تعتيم‭ ‬العينين،‭ ‬التقييد‭ ‬بالاصفاد‭ ‬لمدة‭ ‬24‭ ‬ساعة،‭ ‬شد‭ ‬الاصفاد‭ ‬على‭ ‬اليدين‭ ‬وربطها‭ ‬بالقدمين،‭ ‬ما‭ ‬ادى‭ ‬الى‭ ‬قطع‭ ‬بعض‭ ‬الايادي‭ ‬للاسرى‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬

 

 

كما‭ ‬تمنع‭ ‬ادارة‭ ‬السجون‭ ‬السرية‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬الاسرى‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬بيت‭ ‬الخلاء،‭ ‬وان‭ ‬سمحوا‭ ‬لهم‭ ‬تكون‭ ‬عيونهم‭ ‬مغطاة،‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬الجلوس‭ ‬على‭ ‬ركبهم‭ ‬طيلة‭ ‬اليوم‭ ‬دون‭ ‬حراك‭. ‬

 

 

وتمارس‭ ‬ادارة‭ ‬السجون‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬الضرب‭ ‬المبرح‭ ‬للأسرى‭ ‬بالايدي‭ ‬والارجل،‭ ‬وفي‭ ‬كعب‭ ‬البنادق،‭ ‬وتستخدم‭ ‬الكلاب‭ ‬البوليسية‭ ‬لنهش‭ ‬الاسرى‭ ‬بأنيابهم،‭ ‬وترش‭ ‬الفلفل‭ ‬الحار‭ ‬والغازات‭ ‬الحارقة‭ ‬والسامة‭ ‬داخل‭ ‬السجون،‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬الصدمات‭ ‬الكهربائية‭ ‬حتى‭ ‬فقدان‭ ‬الوعي،‭ ‬وسياسة‭ ‬التجويع‭ ‬والتعطيش‭. ‬

 

 

كما‭ ‬تقوم‭ ‬ادارة‭ ‬السجون‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬بكسر‭ ‬أيدي‭ ‬وأقدام‭ ‬الاسرى،‭ ‬وبالاعتداءات‭ ‬الجنسية‭ ‬على‭ ‬الاسرى‭ ‬والاسيرات،‭ ‬وتهديدهم‭ ‬بالموت،‭ ‬كذلك‭ ‬اجبارهم‭ ‬على‭ ‬انشاد‭ ‬النشيد‭ ‬الوطني‭ ‬الاسرائيلي،‭ ‬وشتم‭ ‬الذات‭ ‬الالهية‭ ‬وقيادة‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬ومنعهم‭ ‬من‭ ‬التحدث‭ ‬بصوت‭ ‬عال‭ ‬والنوم‭ ‬بشكل‭ ‬متكامل‭ ‬ومتواصل،‭ ‬واقامة‭ ‬الشعائر‭ ‬الدينية‭.‬

 

 

وتحرم‭ ‬ادارة‭ ‬السجون‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬الاسرى‭ ‬من‭ ‬تبديل‭ ‬ملابسهم،‭ ‬ومن‭ ‬الاغتسال،‭ ‬وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الاسرى‭ ‬يتبولون‭ ‬في‭ ‬ثيابهم،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الاهمال‭ ‬الطبي‭ ‬وحرمانهم‭ ‬من‭ ‬الدواء‭ ‬اللازم‭ ‬لاسيما‭ ‬لمرضى‭ ‬السكري‭ ‬والضغط،‭ ‬واجراء‭ ‬عمليات‭ ‬دون‭ ‬تخدير‭. ‬

 

 

كما‭ ‬تمنع‭ ‬ادارة‭ ‬السجون‭ ‬اعطاء‭ ‬اي‭ ‬معلومات‭ ‬حول‭ ‬الاسرى،‭ ‬وترفض‭ ‬اطلاع‭ ‬الصليب‭ ‬الاحمر‭ ‬والجمعيات‭ ‬الحقوقية‭ ‬على‭ ‬اوضاعهم،‭ ‬وتحرمهم‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬العالم‭ ‬الخارجي،‭ ‬فأصبح‭ ‬الاسرى‭ ‬مثل‭ ‬اهل‭ ‬القبور،‭ ‬يتمنون‭ ‬معرفة‭ ‬أوضاع‭ ‬أهاليهم‭ ‬وبيوتهم‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.  ‬

 

 

هناك‭ ‬علاقة‭ ‬وثيقة‭ ‬بين‭ ‬السجون‭ ‬السرية‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬ومقبرة‭ ‬الارقام‭ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬الجثامين‭ ‬المحتجزة‭ ‬للأسرى‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬دون‭ ‬معرفة‭ ‬إسم‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬الاسير‭ ‬الفلسطيني‭ ‬حيث‭ ‬تمنحه‭ ‬ادارة‭ ‬السجن‭ ‬رقما‭ ‬يوضع‭ ‬على‭ ‬قبره،‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬عدم‭ ‬معرفة‭ ‬الاهل‭ ‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬استرجاع‭ ‬الجثة‭ ‬واطلاق‭ ‬اي‭ ‬عملية‭ ‬تبادل‭ ‬بين‭ ‬الاسرى‭ ‬الاسرائيليين‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬صاحب‭ ‬الجثة‭. ‬وكذلك‭ ‬الامر‭ ‬هناك‭ ‬علاقة‭ ‬بين‭ ‬ثلاجات‭ ‬الموتى‭ ‬والسجون‭ ‬السرية،‭ ‬حيث‭ ‬تحتجز‭ ‬اسرائيل‭ ‬عشرات‭ ‬الجثث‭ ‬من‭ ‬الاسرى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬الابتزاز‭ ‬السياسي‭. ‬

 

 

وتقوم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بإجراء‭ ‬عملية‭ ‬التجارب‭ ‬الطبية‭ ‬على‭ ‬الاسرى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬السرية،‭ ‬مما‭ ‬أصبح‭ ‬الاسير‭ ‬الفلسطيني‭ ‬يستخدم‭ ‬كحقل‭ ‬تجارب‭ ‬طبية‭. ‬

 

 

وهناك‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الاسرى‭ ‬المفقودين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬احدا‭ ‬عنهم‭ ‬اي‭ ‬شيء،‭ ‬وتعرضوا‭ ‬لسرقة‭ ‬أعضائهم‭ ‬ودفنوا‭ ‬في‭ ‬مقبرة‭ ‬الارقام‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬بهدف‭ ‬إزالة‭ ‬أثار‭ ‬نزع‭ ‬الاعضاء‭ ‬البشرية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تحللها،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬تغطية‭ ‬الجرائم‭ ‬المرتكبة‭ ‬ضد‭ ‬الاسرى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬السرية‭ ‬الاسرائيلية‭. ‬

 

 

تجري‭ ‬محاكمة‭ ‬الاسرى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬السرية‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬امام‭ ‬المحاكم‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬المختلفة‭ ‬وذات‭ ‬خلفية‭ ‬عسكرية،‭ ‬وتتم‭ ‬هذه‭ ‬المحاكمات‭ ‬بطريقة‭ ‬سرية‭ ‬عالية،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يحضر‭ ‬الاسير‭ ‬الى‭ ‬منزل‭ ‬القاضي،‭ ‬او‭ ‬الى‭ ‬قاعات‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬الساعات‭ ‬المتأخرة‭ ‬في‭ ‬الليل،‭ ‬دون‭ ‬تسجيل‭ ‬المداولات‭ ‬في‭ ‬المحكمة،‭ ‬ويكتب‭ ‬محضر‭ ‬الجلسة‭ ‬على‭ ‬حاسوب‭ ‬متنقل‭ ‬مرتبط‭ ‬بالحاسوب‭ ‬المركزي‭ ‬للمحكمة‭. ‬

 

 

لا‭ ‬يتمتع‭ ‬الاسير‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بحقه‭ ‬في‭ ‬المحاكمة‭ ‬العادلة،‭ ‬ويمنع‭ ‬من‭ ‬تعيين‭ ‬محامي‭ ‬خاص‭ ‬به،‭ ‬ويسجن‭ ‬بدون‭ ‬تهمة‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬تقرير‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الاسرائيلية،‭ ‬وقرار‭ ‬القاضي‭ ‬اسرائيلي‭ ‬مرتبط‭ ‬بقرار‭ ‬أجهزة‭ ‬المخابرات‭ ‬الاسرائيلية‭. ‬

آن‭ ‬الأوان‭ ‬ان‭ ‬يضع‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬حدا‭ ‬لافلات‭ ‬اسرائيل‭ ‬من‭ ‬العقاب،‭ ‬وبعد‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬اوضاع‭ ‬الاسرى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬السجون‭ ‬السرية‭ ‬الاسرائيلية‭ ‬تبين‭ ‬ان‭ ‬الاسرى‭ ‬يعيشون‭ ‬عيشة‭ ‬اهل‭ ‬القبور،‭ ‬وبات‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬اطلاق‭ ‬سراحهم،‭ ‬فهم‭ ‬يستحقون‭ ‬كل‭ ‬انواع‭ ‬التضحيات،‭ ‬ولا‭ ‬ننسى‭ ‬ان‭ ‬الحرية‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬كلفتها‭ ‬غالية‭. ‬

أضف تعليق