24 تشرين الثاني 2024 الساعة 16:55

سلاح السياسة

2024-05-26 عدد القراءات : 634
حمزة حماد / مسؤول التجمع الإعلامي الديمقراطي وعضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين

يحاول الاحتلال الإسرائيلي الضغط على المقاومة الفلسطينية من خلال فرض وقائع ميدانية لجعلها الأسلوب الأنسب "من وجهة نظره" في تحقيق أهدافه العسكرية التي لم يحقق منها شيء أمام جمهوره، وبشكل خاص أهالي الأسرى الإسرائيليين الذين يواصلون الاحتجاجات منذ بدء العدوان على القطاع.

دور عسكري مميز تخطه المقاومة في صد العدوان، واستراتيجية يمكن أن يبنى عليها في إجبار الاحتلال للجوء إلى الشروط السياسية المعلنة والتي على أساسها يمكن وقف الحرب الدموية والتوصل إلى وقف إطلاق النار وإجراء صفقة تبادل.

أعتقد أن العملية النوعية التي أعلن عنها الناطق باسم كتائب القسام خلال التصدي لاجتياح جباليا بوضع كمين أوقع قوة إسرائيلية بين قتيل وأسير وجريح، ستجعل الاحتلال يعيد حساباته جيدا، خاصة وأننا نتحدث عن مكسب إضافي للاختراق الأول وهو اختطاف عدد كبير من الأسرى في السابع من أكتوبر للعام 2023م، وهذا بحد ذاته تعرية للخطاب الإسرائيلي المسؤول في بثه للأكاذيب وكسب عاطفة أهالي الأسرى الرهائن من أجل مواصلة حرب الإبادة التي يستهدف بها المدنيين والحياة الفلسطينية.

يعتقد الاحتلال باستهداف المنازل والعمارات السكنية ومراكز الإيواء وارتكاب المجازر أنه سيحقق مراده في كسر إرادة المقاومة ويجعل عملية التفاوض مرهونة بالميدان كما فعل مؤخرا حين أعلنت المقاومة موافقتها للوسطاء.

اليوم حققت هذه العملية وغيرها من الإنجازات لدى المقاومة مكاسب جديدة، ليست فقط على صعيد الميدان، إنما على مستوى الخلافات الداخلية للاحتلال، والتأثير في مدى مصداقية الخطاب الإسرائيلي، وصورة الجيش الذي بث صورا من داخل جباليا بتعديه على المدنيين وكأنه صنع نصرا مؤزرا أمام شعبه !

لا بد أن تشكل هذه الضربات الموجعة ورقة رابحة بيد المقاومة في هذا التوقيت الحساس، خاصة وأنها تحرص على توثيق المشاهد من قلب الميدان رغم شدته وقساوته، غير أن الحالة التكتيكية لدى الفصائل الفاعلة في الميدان باتت ملحوظة ارتباطا بالاستراتيجية المؤقتة التي تحرص على تحقيق أهدافها وصولا للهدف الأكبر وهو الاستجابة للشروط السياسية بانهاء العدوان بشكل شامل والعودة لمربع التفاوض، ليس كما يريد الاحتلال.

ربما يعود هذا الفعل المقاوم ليذكر بنظرية "سلاح السياسة وسياسة السلاح" التي تبنتها الجبهة الديمقراطية خلال مسيرتها النضالية وتميزت بعملياتها النوعية التي كانت تسخر الفعل الميداني لصالح العمل السياسي وتقدمه، أي أن الفعل النضالي بشتى أشكاله يخدم التفاوض لا أن يتم التخلي عنه.

أضف تعليق