28 كانون الأول 2024 الساعة 06:25

حرب الإبادة تتواصل على قطاع غزة، والمطلوب فلسطينياً وعربياً لمواجهتها؟

2024-05-18 عدد القراءات : 645


بقلم وسام زغبر مدير مكتب مجلة الحرية في قطاع غزة عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين


تتواصل حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، للشهر الثامن على التوالي، دون توقف، حيث تجاوزت حدود النكبة الوطنية الكبرى عام 48 في القتل والترهيب والتدمير والتشريد والنزوح القسري والتجويع والتعطيش والتي تُعد نتاجاً لمشروع استعماري غربي - صهيوني بتواطؤ عربي فاضح.

ومن الملاحظ أن عدد الضحايا الفلسطينيين كبير مقارنة بحروب إسرائيلية سابقة تعرض لها الشعب الفلسطيني، حيث بلغ أكثر من 130 ألفاً منهم أكثر من 35 ألف شهيد، ونحو 12 ألف مفقود وقرابة 80 ألف جريح نحو 12 ألف بحاجة ماسة للعلاج إلى جانب الإخفاء القسري لنحو 5000 فلسطيني مصيرهم أصبح مجهولاً، وتلك الأعداد هي مجمل ما وصل إلى المشافي أو بُلغ عبر ذويهم، فيما يقدّر عدد الضحايا من الأطفال والنساء ما نسبته 72% من مجمل الضحايا، فيما بلغ عدد الأيتام نحو 17 ألف يتيم، وقتلت قوات الاحتلال نحو 137 صحفياً وعاملاً في مؤسسات إعلامية، وإصابة واعتقال العشرات من الصحفيين وفق نقابة الصحفيين الفلسطينيين، واستشهد نحو 492 عاملاً من القطاع الصحي، ونحو 69 من طواقم الدفاع المدني، ونحو 104 من الأكاديميين والباحثين والعلماء، وتدمير نحو 103 جامعة ومدرسة بشكلٍ كلي ونحو 311 جامعة ومدرسة بشكلٍ جزئي، وقرابة 80% من الوحدات السكنية دُمرت سواء بشكلٍ كلي أو جزئي، واكتشاف عدد من المقابر الجماعية التي حاولت قوات الاحتلال الإسرائيلية إخفاءها.

تلك الاحصائيات تؤكد أن إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال هي دولة مارقة وماضية في عدوانها وجرائمها الدموية في الإبادة الجماعية والتطهير العرقي واتباع سياسة الترانسفير على قطاع غزة، وتدير ظهرها لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي، وهذا ما دفع دولة جنوب أفريقيا لتقديم طلباً عاجلاً لمحكمة العدل الدولية لإتخاذ تدابير إضافية لمنع جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة، حيث قتلت إسرائيل منذ الدعوى الأولى والأوامر الصادرة عن المحكمة لمنع الإبادة الجماعية والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية نحو 10000 فلسطيني في قطاع غزة، حيث قال وفد دولة جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية إن اكتشاف مقابر جماعية في مستشفيات غزة يدلل على سلوك الإبادة الجماعية الذي تنتهجه إسرائيل، واصفاً إياها بأنها «نظام فصل عنصري».

أمام تلك الجرائم، لم يعد مفهوماً لشعبنا وللشعوب العربية وأحرار العالم، أن تُقْدم الدول الصديقة والجامعات (غير العربية) على مقاطعة إسرائيل وسحب استثماراتها منها ومن جامعاتها، عقاباً لها على جرائمها ضد شعبنا الفلسطيني، وفي الوقت نفسه، تتواصل العلاقات مع المستويات وفي الميادين المختلفة، بين أشقاء عرب ودولة الاحتلال، دون أي إعتبار لهدر الدم في الأرض المحتلة، وآلام وأوجاع الأطفال والنساء والمسنين.

وإنه لأمر مشين، ومثير للخزي، أن تتواصل في الأرض المحتلة، مجازر الاحتلال وجرائم الإبادة، وفي الوقت نفسه، تواصل بعض العواصم العربية ودولة الاحتلال، عبر الوسيط الأميركي البحث في تطبيع العلاقات، والإعتراف بدولة الاحتلال، ومن المخزي أيضاً استمرار مباحثات عدد من الدول العربية مع الولايات المتحدة الأميركية ودولة الاحتلال حول ما يسمى «اليوم التالي» لغزة بدلاً من استخدام كل أدوات الضغط والقوة لإرغام التحالف الأميركي- الإسرائيلي على وقف الحرب في قطاع غزة والإنسحاب الفوري لقوات العدو، والتأكيد بالمقابل أن مستقبل غزة، هو جزء لا يتجزأ من البرنامج الوطني لشعبنا بقيادة م. ت. ف، ممثله الشرعي والوحيد، والمتمثل بتقرير المصير، وقيام الدولة المستقلة، وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران (يونيو) 67، وعودة اللاجئين إلى ديارهم التي هجروا منها وفق القرار الأممي 194.

ومن المُخجل جداً، أن تواصل القمم العربية اختراق وانتهاك قراراتها حتى قبل أن يجف حبرها الذي كُتبت به والاكتفاء بالبيانات اللفظية بدلاً من ارتقاء جامعة الدول العربية بمستوى مسؤولياتها السياسية والأخلاقية والوطنية، وإتخاذ قرار ملزم بإغلاق سفارات دولة الاحتلال في العواصم العربية ومقاطعتها، وفرض الحصار والعزلة عليها، وفي توفير شبكة أمان عربية لدعم شعبنا في الأراضي المحتلة، وإسناده في مواجهة حرب الإبادة الجماعية.

وختاماً، إن ما يعيشه شعبنا الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة الذي تتورع إسرائيل في ارتكاب جرائم الإبادة بحقه، يتطلب في هذه اللحظات الحاسمة من الجميع فلسطينياً الوقوف أمام استحقاقات سياسية كبرى، لم تعد ثمة حجة تبرر عدم توفير شروط مواجهتها بنجاح، وفي مقدمها التحرر من قيود اتفاق أوسلو والوعود الأميركية على طريق إعادة بناء الاستراتيجية الوطنية الكفاحية عملاً بقرارات وتوجهات المجلسين الوطني والمركزي، والرفض القاطع لكل المشاريع والسيناريوهات التي يتم تداولها في الخفاء وفي العلانية لما يسمى «اليوم التالي» لغزة، والتأكيد مجدداً على رفض أي مشروع يؤدي إلى فصل القطاع عن الضفة الغربية، أياً كان مبرره وتفسيره، والعمل الجاد وبعيداً عن أية مبررات لترجمة ما تم التوصل إليه من توافقات وطنية بما يؤسس للتقدم خطوات نحو إنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة الداخلية، في الإطار الوطني الجامع الذي تمثله م. ت. ف، وبرنامجها الوطني، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا.

أضف تعليق