ليس مشهد من فيلم
“ليس مشهد من فيلم” تكررت هذه العبارة في العديد من صفحات ومنصات التواصل الاجتماعي من خلال إبراز صور حية لمعاناة شعبنا الفلسطيني الذي يعيش حرب الإبادة الجماعية منذ أكثر من 200 يوم على التوالي دون أن يجد حالة تضامن دولية تكون قادة على وقف عدوان الاحتلال الفاشي.
مشاهد ولقطات كثيرة عبرت عن واقع المأساة التي يعيشها سكان قطاع غزة، تلك البقعة الجغرافية الصغيرة، العظيمة بصمود وتضحيات أبنائها الذين رفضوا الاستسلام وأفشلوا مشروع التهجير القسري الذي يمارسه أبشع احتلال عرفه التاريخ، ويشن حربا دموية لم يشهدها هذا العصر.
كثيرة هي الصور التي تحمل آهات وأوجاع الأطفال والنساء والتي يراها العالم معتقدا أنها صورة من فيلم هوليودي، لكنها في الحقيقة أنها الانتهاك الأكبر للمبادئ الإنسانية جمعاء وما تسمى “القوانين الدولية” التي سقطت ورقتها أمام رحيل أكثر من 36 ألف شهيدا أغلبهم من النساء والأطفال، وأكثر من 78 ألف جريح نفتقد بعضهم يوميا أمام انهيار المنظومة الصحية وعدم توفر فرص العلاج بالخارج. رغم حجم الوجع في هذه الصور لكنها لم تحرك ساكنا لمن يدعون الحرية وحقوق الإنسان والسلام، كما لم تهز الضمير العالمي الذي يدرك جيدا أن شعبنا يواجه جيشا إرهابيا، ويصرون أن يبقوا في دائرة الصمت المفرغة سوى بياناتهم الخجولة لتذكرنا بأنهم أحياء لكنهم غير انسانيين بالطبع !
صورة الفيلم يمكن أن تنسى أو تستبدل وتتعدل بلقطة أخرى، لكن الصورة الغزية التي نعيش تفاصيلها فاقت كل الحدود والتخيلات والعقل، لذلك يصعب أن تزين بالكلمات الفضفاضة والشعارات الرنانة، لأنها تعكس واقع حقيقي ومرير. فالترسانة العسكرية والأدوات القتالية المدعومة أمريكيا وعربيا تستخدمها إسرائيل ضد المدنيين، وهذا بات معروفا ومسجلا على الكثير من “حثالة الأمم” الذين ما زالوا ينظرون لكارثة غزة بعين واحدة والتنظير أمام الشاشات بكلمات لا تسمن ولا تغني.
لضمان تحقيق السلام وحق شعبنا في الحرية الاستقلال، ومع مرور العيد الوطني للانتصار على الفاشية بات مطلوبا العمل على لجم هذا العدوان وتعريف العالم الظالم بأن الصورة لن تستمر ويجب أن تتغير، ويتحقق ذلك عبر تشكيل جبهة عالمية للتصدي لفاشية الاحتلال الإسرائيلي الذي يحمل رؤية عدوانية ضد شعبنا والمنطقة بأكملها، حيث يعتمد المجازر الدموية وسيلة لتحقيق أهدافه.
ان المشهد ليس من فيلم، إنما تجسيد حقيقي لفاشية عرفها التاريخ المعاصر على يد الإسرائيليين المجرمين الذين دمروا كل ما هو إنساني لتحل محله أفكار التسلط والإبادة واحتقار الإنسانية.
أضف تعليق