20 تشرين الثاني 2024 الساعة 03:40

الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاربعاء 14/2/2024 العدد 935

2024-02-15 عدد القراءات : 98
 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

هآرتس 14/2/2024

 

 

الحرب في غزة: سقوط صورة الإنسان

 

 

بقلم: نوعا ليمونا

 

شن الحرب على غزة تم دعمه بإجماع وطني واسع. إزاء الهجوم الأكثر وحشية الذي عرفته إسرائيل، وإزاء ما ظهر وكأنه تهديد وجودي حقيقي فإن أحداً لم يحتج على ضرورة هذه الحرب. لكن كلما تضعضع الإيمان بعدالة الحرب على ضوء شعارات بنيامين نتنياهو ("الانتصار المطلق"، "القضاء على حماس")، وأنه تحركها مصالح غريبة، بالأساس حقيقة أن المخطوفين الإسرائيليين ما زالوا في غزة وبعضهم يموتون هناك، (رغم عملية التحرير أمس)، فإنه يتعزز الاهتمام بالضحايا الذين تقتضيهم الحرب.

العملية شملت عرضاً منطقياً متأرجحاً فيه يتغير التسلسل السببي: الافتراض الذي بحسبه الهدف النبيل يبرر التضحية، ينعكس، والضحايا يصبحون السبب لتبرير الحرب، لأنه إذا لم نستمر فيها فإن تضحيتهم ستذهب هباء، بالضبط كما قال نتنياهو رداً على طلب حماس وقف إطلاق النار ضمن صفقة إطلاق سراح المخطوفين. ("إذا وافقنا على ذلك سيكون جنودنا سقطوا هباء").

بعد قتل 21 جندياً في انهيار مبنى في غزة قال وزير الدفاع يوآف غالانت إن "سقوط المقاتلين هو أمر محتم لتحقيق أهداف الحرب". وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، قال "التزامنا هو أن سقوط الأبناء لن يذهب هباء".

الجمهور الإسرائيلي يقدم ضحايا كثيرين منذ شن الحرب: هناك جنود دفعوا وجنود يدفعون حياتهم وسلامة أجسادهم وأنفسهم ورفاه عائلاتهم، المخطوفون يدفعون حياتهم وعائلاتهم تعيش في جهنم فظيعة، الحكومة تقوم بإجازة ميزانية فضائحية وموديس تعلن عن تخفيض التصنيف الائتماني. هكذا، الجمهور يدفع من جيوبه ومن جودة حياته.

يوجد ثمن آخر، يغيب عن عيون الكثير من الإسرائيليين، وهو ضحية إنسانيتنا. اللامبالاة الجارفة في إسرائيل إزاء إبعاد الموت والدمار في غزة، والعدد الكبير من الأطفال القتلى والجرحى، والعائلات المهجرة التي لم يبقَ لديها أي مكان تهرب إليه، كل ذلك هو خطر واضح على فقدان الطابع الإنساني الجماعي.

كل هؤلاء الضحايا بدلاً من أن يثيروا نقاشاً مهماً حول وقف الحرب من ـجل تقليص الأضرار، فإنهم يصبحون أسباباً تبرر استمرار الحرب: الجنود القتلى يوصوننا بمواصلة القتال، المخطوفون، الذين في البداية إطلاق سراحهم تم عرضه كهدف من أهداف القتال، أصبحوا مؤخراً هدفاً لحملة تشهير وكأن نضال العائلات ليس فقط غير مبرر، بل هو تهديد وجودي حقيقي.

حسب آلة السم فإن هذه العائلات من كثرة الوقاحة هي ببساطة ترفض الاستيعاب بأن أعزاءها هم ضحايا ضروريون من أجل بقاء الدولة.

في نهاية المطاف الفشل الأخلاقي تجاه سكان غزة هو أيضاً مبرر بشكل معاكس: تمترس إسرائيل في موقف الضحية يحول العدوان إلى سبب مبرر.

وقد عبر عن هذا المزاج بشكل جيد رئيس الكنيست أمير أوحانا في الخطاب الذي ألقاه في الأمم المتحدة، حيث ربط فيه بين مذبحة كشنيف وأحداث 1929 والكارثة و7 أكتوبر من أجل تبرير حقنا في ضرب أعدائنا.

هاكم طريقة جيدة لمعرفة إذا كان استمرار الحرب مبرراً أم لا: كلما أكثروا في الحكومة من التأكيد على ضحايا الحرب وضرورتهم المستقبلية وكلما زاد استخدام التلاعب بمفهوم الضحية، عرفنا أن مبررات الحرب الحقيقية ضعيفة.

---------------------------------------------

 

هآرتس 14/2/2024

 

 

قضية المخطوفين تكشف: إسرائيل دولة مريضة جداً

 

 

بقلم: ب. ميخائيل

 

المرضى بحاجة أحياناً الى زيارة داخل نفق جهاز الـ ام.آر.آي. فبمساعدته هم سيحصلون على تشخيص صحيح لوضعهم، وسيعرفون عن مرضهم ويسمعون عما يمكن فعله كي يتعافوا. الدول المريضة لا يمكن دفعها الى داخل هذا الانبوب من اجل الحصول على تشخيص دقيق. هي على الاغلب واثقة جدا بنفسها وراضية جداً عن نفسها وتعرف كل شيء بصورة افضل.

أحياناً يحدث، بالأساس في الدول الاشكالية، أن مؤامرة سياسية مثل الانكشاف غير المعروف أو التورط المحرج في مشكلة، تقوم بدور الـ ام.آر.آي وتوفر صورة شاملة ودقيقة لكل الداء. في روسيا كانت هذه حرب اوكرانيا. في أميركا، تعزز قوة ترامب. في الصين، مصير الايغور.

في إسرائيل هذه كانت قضية المخطوفين. ليس الاطراف الصقورية أو مبرراتها التي تمتد على كل الطيف بين شهوة الانتقام وحب الانسان، وحتى ليس التلوث السياسي الذي يرافق القضية. إن مجرد وجود هذا النقاش المقيت هو الذي يكشف وجه الدولة وأمراضها.

الدولة السليمة، التي بعض مواطنيها تم اختطافهم، كان يجب أن تعرف جيدا بأن واجبها تجاه مواطنيها هو أمر مسلم به، أمر سامٍ ومطلق وليس موضوعاً للنقاش العام. هذه الدولة كانت قبل كل شيء ستقوم بتحريرهم، بكل ثمن وفي أسرع وقت ممكن. للنقاش كانت ستتفرغ فقط بعد اعادتهم. الدولة السليمة ايضا لم تكن لتسارع الى الاعلان بتفاخر وصوت مرتفع أنه على الفور عند تحرير المخطوفين ستسارع الى قتل رئيس الخاطفين. فقط الاغبياء هم الذين يفعلون ذلك.

لكن إسرائيل منذ زمن لم تعد عقلانية. فمجرد وجود هذا النقاش عاد وكشف ذلك، وايضا كل عورتها: الكراهية العميقة لنتنياهو، الفشل المطلق في الوفاء بواجبها كدولة، العجز المتواصل لقادتها، غطرستها المثيرة للسخرية في أن تحكم كامبراطورية، ازدادت. في الوقت الذي هي حتى غير قادرة فيه على خلق سلطة معقولة للبريد. نظام تمريض انساني، مواصلات عامة نصف مناسبة أو نظام تعليم لا ينشغل بازدياد الغباء والجهل، وترويض الناس على العنصرية.خ

اضافة الى كل ذلك فان دولة إسرائيل قررت، بدون أي سبب منظور للعيان، اعطاء جيشها وشرطتها واجزاء كبيرة من مواردها وصلاحياتها لثلة اشخاص وثنيين منفلتي العقال. جزء منها هو فاشي وقاتل، وجزء أناني ومتعطل. مجموعة تعلن من عشرات السنين بالفم المليان أنها تنوي التمرد على المملكة المستخذية التي اقيمت هنا في العام 1948، وأن تقيم بدلاً منها فرعاً آخر لـ "مملكة السماء": شريكة لايران وافغانستان وحماس وداعش. ضم الاخوة اليهود للاخوة المسلمين.

منذ ذلك الحين هذا هو كل دور الدولة، تدليل من جاؤوا لتدميرها. شراء اصواتهم، ملء محفظاتهم، الرقص معهم على الدماء والمحاربة معهم في حربهم ("حرب سلامة الاحتلال"، كما تمت تسميتها، وهي مستمرة منذ 60 سنة تقريبا).

هكذا وصلنا الى هنا، الى نقاش مثير للغثيان حول ثمن حياة بني البشر. حتى الى حرب لا نهاية لقسوتها وشرها. حتى الى حكم الشخص الذي يعتبر مكان اردافه أهم من رعاياه. مع صورة الرنين المغناطيسي هذه ينصح بالاسراع الى العناية المكثفة، أو البقاء باسترخاء في المنزل بانتظار جمعية زاكا (جمعية دفن الموتى).

---------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 14/2/2024

 

للإسرائيليين: إن لم تنفتحوا على أفق سياسي فانتظروا ما بعد “موديس”

 

 

 

بقلم: البروفيسور يعقوب فرنكل

تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل في 9 شباط 2024 من جانب وكالة التصنيف الهامة “موديس” هو حدث اقتصادي دراماتيكي وعظيم المعنى ينبغي تناوله بجدية عظيمة. كل سكان إسرائيل، من اليمين واليسار، سيتضررون من تداعياته: “فتخفيض التصنيف سيرفع الفائدة التي ستضطر دولة إسرائيل لدفعها على قروضها، وهكذا ترتفع كلفة تمويل الدولة وتثقل من عبء الدين الذي يواصل الارتفاع عقب العجوزات الكبيرة في الميزانية؛ سيعتبر الاقتصاد الإسرائيلي في الأسواق ولدى المستثمرين مكاناً هو الأخطر للاستثمارات، وهكذا يتضرر القطاع التجاري ومعه معدل النمو الاقتصادي؛ وسيتدحرج غلاء مصادر الائتمان لمنظومة البنوك إلى عملاء البنوك، وهكذا ترتفع كلفة قروض السكن؛ فضلاً عن ذلك، من شأن تخفيض التصنيف أن يتسبب بتخفيض قيمة العملة وارتفاع الأسعار وتسريع التضخم المالي الذي سيمس بكل الاقتصادات المنزلية. معظم الاقتصاديين ووكالات التصنيف الدولية أطلقوا مؤخراً تحذيرات في الموضوع، ومن الصعب الامتناع عن خيبة أمل شديدة ومن إحساس التفويت في أنها لم تنفذ بكاملها – وذلك لأن العنوان كان مكتوباً على الحائط”.

دولة إسرائيل في صراع متعدد المعارك: عسكرية، اجتماعية، اقتصادية، قانونية، إعلامية وغيرها. هذه المعارك ترتبط فيما بينها بعلاقات متبادلة: بعضها يؤثر في الآخر ويتأثر به. وعليه، دون أن نوهم أنفسنا بأن تخفيض التصنيف سيكون حدثاً قصير المدى ينتهي تلقائياً مع نهاية المعركة العسكرية، فليس الحال هو الحال.

فليست الحرب وحدها السبب. فالمخاطر والعبء المالي ستتواصل أيضاً في المرحلة التي ما بعد انتهاء الحرب (والتي هي أيضاً صعبة على التعرف). يعكس تخفيض التصنيف تقديراً عاماً وانتقادياً من وكالات التصنيف حول شكل سلوك صانعي السياسة في المجالات المختلفة. من الصعب قطع الأسباب للكارثة العسكرية في 7 أكتوبر 2023 عن أسباب الكارثة الاقتصادية 9 شباط 2024. فكلتاهما عكستا بقدر كبير إخفاقات عامة، وكلتاهما نبعتا من الغرور، الاعتداد وتجاهل توصيات مهنية من الخبراء.

  لن ننسى أن دولة إسرائيل واجهت بنجاح حروباً وتحديات أخرى – كأزمة كورونا – وذلك دون أي تخفيض للتصنيف. لذا، ارتفع التصنيف بشكل دائم على مدى سنوات طويلة.

إن سياسة اقتصادية صحيحة تستوجب نظرة بعيدة المدى، وهذه تستوجب وجود أفق اقتصادي. من الصعب خلق أفق اقتصادي دون وجود أفق سياسي – هذا التعلق ينبع من العلاقات المتبادلة القائمة بين المعارك المختلفة. وعليه، فلا عجب أنه عندما تقرر وكالة التصنيف الائتماني درجة الخطر على الدولة، فإنها تحسب أيضاً التداعيات الاقتصادية للجوانب الأمنية، والسياسية، والاجتماعية وحتى الحزبية.

وماذا الآن؟ على صانعي السياسة أن يستخلصوا استنتاجات فورية ويمنعوا تدهوراً إضافياً. للبدء بمسيرة ترميم الصورة والعلامة التجارية لاقتصاد إسرائيل التي تضررت جراء تخفيض التصنيف، فالمطلوب عمل دراماتيكي، وذلك قبل نشر تصنيف وكالات أخرى (فيتش وS&P). ميزانية الدولة لعام 2024 أجازتها الكنيست بالقراءة الأولى، وهي في هذه الأيام قيد إجازتها بالقراءة الثانية والثالثة. هذه فرصة لإعادة تعريف سلم الأولويات والتعبير عنه في ميزانية الدولة. محظور مواصلة التصرف وكأن الأمور كالمعتاد. لا يزال هناك وقت للقرار بإغلاق وزارات حكومية زائدة لا تساهم في الأهداف المركزية وتقليص الأموال المخصصة لحل مشاكل ائتلافية ضيقة. “التقليصات العرضية” لا تعكس التفضيل اللازم. إضافة إلى ذلك، وفي ضوء الأهمية الكبيرة التي توليها كل وكالات التصنيف لاستقلالية ومناعة جهاز القضاء، على الحكومة والكنيست أن تزيح عن جدول أعمالها مشاريع قوانين التي تهدد استقلالية السلطة القضائية ومناعة المؤسسات الديمقراطية. هذه الخطوات ستوضح بشكل لا لبس فيه بأن الدروس من أحداث 7 أكتوبر 2024 و9 شباط 2024 استوعبت.

--------------------------------------------

هآرتس 14/2/2024

 

بين غزة ولبنان: مفهوم “وحدة الساحات”.. من العسكري إلى الدبلوماسي

 

 

 

بقلم: تسفي برئيل

مر أسبوع تقريباً على تقديم فرنسا اقتراحاً لوقف إطلاق النار على الحدود الإسرائيلية – اللبنانية. منح هذا الاقتراح حسن نصر الله فرصة لنشر رده “الرسمي” في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة “يوم الجريح”، الذي يعقده كل سنة. “وقف إطلاق النار على حدود فلسطين المحتلة يرتبط بوقف النار في غزة”، قال.

الحكومة الإسرائيلية والحكومة اللبنانية التي قدم لها اقتراح فرنسا، لم تنشرا ردهما الرسمي عليه حتى الآن. ولكن الواضح من أقوال حسن نصر الله بأن أي خطة سياسية لإنهاء المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، التي ستستند إلى توق فرنسا وأمريكا للفصل بين الجبهتين وتحريك عملية منفصلة في لبنان، تتعلق بنتائج المحادثات في القاهرة بين رؤساء أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية والمصرية، وبمشاركة رئيس حكومة قطر.

في الوقت نفسه، بعد ثلاثة أيام على اللقاء بين حسن نصر الله ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الذي جاء بشكل خاص إلى بيروت والتقى ممثلي الفصائل الفلسطينية، يظهر أن توجه إيران، دون قول ذلك بشكل صريح، هو تجنب توسيع المواجهة؛ أي أن “معادلة الردع المتبادل” هي التي سترسم حدود المواجهة ونطاقها على الأقل من الجانب اللبناني.

“إذا نفذ العدو أي عملية، فسنعود للعمل حسب القواعد والمعادلات التي كانت قائمة قبل ذلك. المقاومة هدفها ردع العدو. وسيكون ردها وفقاً لذلك”، أوضح حسن نصر الله قواعد المواجهة. “الردع يساعد، ودليل ذلك أننا نعيش في أمان وهدوء منذ العام 2006 وحتى اندلاع الأحداث الأخيرة، فالدفاع يستند إلى ميزان الردع”. هذا هو الوضع القائم الذي يطمح حسن نصر الله في التوصل إليه دون أن يضطر لسحب قواته إلى خلف نهر الليطاني كما تطلب إسرائيل.

“العدو ليس في وضع يمكّنه من إملاء الشروط على لبنان”. وقد طلب أيضاً من الحكومة في لبنان “وضع شروط جديدة على قرار 1701 وعدم تطبيقه كما هو”.

هذه صياغة جديدة لموقف قديم لحزب الله، الذي يعارض بنداً يتضمنه قرار يطالب بنزع سلاح حزب الله، لكن يبدو أن هذا بات طلباً زائداً. ليست حكومة لبنان وحدها، بل ومعها مجموعة الخمس التي تعمل على الأزمة في لبنان (السعودية وقطر ومصر وفرنسا والولايات المتحدة) هي أيضاً لا تتحدث الآن عن نزع سلاح حزب الله، بل عن انسحاب قواته ونشر الجيش اللبناني على طول الحدود.

هذه أيضاً أسس اقتراح فرنسا الذي يشمل ضمن أمور أخرى، ثلاث مراحل؛ ستجري خلالها مفاوضات سريعة لعشرة أيام من أجل صياغة اتفاق مبدئي حول انسحاب القوات وتفكيك المواقع التي أقامها حزب الله قرب الحدود، ونشر نحو 15 ألف جندي لبناني على طول الحدود. بعد ذلك، ستبدأ المفاوضات حول ترسيم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان. ولكن هذا اقتراح رد عليه حسن نصر الله بالرفض في هذه الأثناء، وقرر بأن “جميع الوفود (الأجنبية) التي وصلت إلى لبنان وجميع الأفكار والاقتراحات لها هدف واحد: الحفاظ على أمن العدو… لا تظهر غزة في كل الأوراق”.

من غير الواضح إلى أي درجة يمثل اقتراح فرنسا مواقف جميع أعضاء “مجموعة الخمس”، التي لم ترد عليه حتى الآن. ثمة توتر داخلي بين فرنسا التي تعتبر نفسها راعية للبنان، لكن ينقصها محرك التأثير على إسرائيل، وبين الولايات المتحدة التي يمكنها ضمان سلوك إسرائيل؛ هناك توتر أيضاً بين السعودية التي تملك مفتاح إعادة إعمار لبنان والتي تعمل بالتنسيق مع إيران، وبين واشنطن التي تدفع قدماً بطلبات إسرائيل، لكن أيضاً منع توسع المواجهة. هذه التوترات تصعب على بلورة موقف متفق عليه في هذه الأثناء.

يضاف إلى ذلك المعركة السياسية الداخلية في لبنان حول مسألة تعيين الرئيس وتشكيل حكومة ثابتة. يتطلع حسن نصر الله إلى استغلال الحرب والمحادثات حول اتفاق لوقف إطلاق النار كأداة ضغط من أجل تعيين سليمان فرنجية، مرشحه لهذا المنصب، الذي حسب الدستور اللبناني، لديه صلاحية تعيين رئيس الحكومة.

الصلة بين التطورات في قطاع غزة والجبهة اللبنانية، كما يقول حسن نصر الله، تنقل الآن “وحدة الساحات”، التي تهدف إلى خلق جبهة عنيفة متعددة الساحات تدعم معركة حماس، من الساحة العسكرية إلى الساحة الدبلوماسية. نظرياً، يضع حسن نصر الله في يد حماس وإسرائيل صلاحية اتخاذ قرار عنه، حول ما إذا كانت النار ستتوقف ومتى. ولكن الطلب من لبنان يذهب إلى ما هو أبعد من الوقف المتبادل لإطلاق النار. ولا ضمانة بأن حزب الله سيوافق على تبني طلب انسحاب كل قواته (التي انسحب قسم منها بالفعل) عن منطقة الحدود بين لبنان وإسرائيل، إذا تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة في إطار صفقة.

الافتراض الأمريكي، كما عرضه المبعوث الخاص عاموس هوكشتاين في الزيارة السابقة، أن أي اتفاق على ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان واعتراف نهائي بخط الحدود الذي سيتم ترسيمه كخط دولي، سيحرم حزب الله من تبرير استمرار حربه ضد إسرائيل لتحرير مناطق لبنانية “محتلة”. في الوقت نفسه، هذا الافتراض سيمكن الحكومة اللبنانية من إعطاء أوامر للجيش لنشر القوات على الحدود لفرض سيادة لبنان على كل أراضيه والمطالبة بإخلاء قوات حزب الله.

وينطوي هذا الافتراض على عبوة ناسفة غير مفككة، أشار إليها هوكشتاين في كانون الثاني عندما أوضح بأن خطة عمله لا تشمل الاتفاق حول مزارع شبعا، بل قضية “الخط الأزرق” فقط (خط الحدود الذي تم الاتفاق عليه عندما انسحبت إسرائيل من لبنان في العام 2000، لكنه خط غير معترف به من قبل لبنان كحدود دولية). تعتبر مزارع شبعا من الأراضي السورية رغم ادعاء لبنان ملكيته لها، وأي اتفاق حول مستقبلها يرتبط بناء على ذلك بالمفاوضات مع سوريا، التي لا تنوي التنازل عن ملكيتها. ما لم تُحل مسألة مزارع شبعا يمكن لحزب الله مواصلة الاحتفاظ بها كذريعة من أجل إدارة حرب ضد إسرائيل، وحتى إفشال اتفاق ترسيم الحدود.

حتى إذا تحول الاقتراح الأمريكي إلى خطة عمل توافق عليها الحكومة اللبنانية وحزب الله، واتفاق وقف إطلاق نار طويل المدى الذي سيتم التوصل إليه مع حماس ويتبناه حزب الله، فمن غير الواضح كيف ستكون سياسة إسرائيل تجاه لبنان. وحتى إبعاد المستوطنات الإسرائيلية عن مدى صواريخ حزب الله المضادة للدروع، لا يُحيد تهديد عشرات آلاف الصواريخ ذات المدى المتوسط والبعيد الموجودة لدى حزب الله. معادلة الردع بين إسرائيل وحزب الله التي تم انتهاكها، وفعلياً أصبحت غير موجودة في فترة الحرب، هي التي ستبقى مسيطرة على الواقع على طول الحدود.

---------------------------------------------

معاريف 14/2/2024

 

“كذب لاسامي”.. كيف قرأت إسرائيل قرار بايدن فرض عقوبات على المستوطنين الأربعة؟

 

 

بقلم: د. افنر برنيع

 

قبل بضعة أيام، نشر الرئيس بايدن مرسوماً رئاسياً يفرض عقوبات على مستوطنين كانوا ضالعين في عنف خطير ضد الفلسطينيين، وتتضمن العقوبات تجميد ممتلكات في الولايات المتحدة ومنع الدخول إليها. هذه هي المرة الأولى التي يوقع فيه الرئيس على مثل هذا المرسوم. يتناول المرسوم ترحيل الفلسطينيين قسرياً وتدمير الممتلكات والاعتداء عليهم، ما يشكل تهديداً جسيماً على الأمن في الضفة وفي إسرائيل، وقد يسبب ضعضعة في الاستقرار الإقليمي والأمن القومي والسياسة الخارجية الأمريكية. ونشرت الإدارة أسماءهم: دافيد حاي حسداي، وعينان تنجيل، وشالوم زيكرمان، ويانون ليفي – نشطاء التلال المعروفين في جهاز الأمن.

كان تعقيب نتنياهو أن “إسرائيل تعمل ضد خارقي القانون في كل مكان، وعليه فلا مجال لإجراءات شاذة في هذا المجال”. وقال سموتريتش إن “حملة عنف المستوطنين كذب لاسامي ينشره أعداء إسرائيل”، وثمة تعقيب مشابه أطلقه بن غفير أيضاً.

سارت الإدارة خطوة إضافية إلى الأمام وفصّلت أفعال الأربعة: حسداي “بادر وقاد اضطرابات تضمنت إحراق مركبات ومبان، واعتداء على مدنيين فلسطينيين وإلحاق ضرر بالممتلكات في حوارة، مما أدى إلى موت مواطن فلسطيني”؛ وتنجيل “كان ضالعاً في الاعتداء على مزارعين فلسطينيين ونشطاء إسرائيليين بالحجارة والعصي”؛ وزيكرمان “هاجم وأصاب نشطاء إسرائيليين ومركبات في الضفة الغربية، وأغلق أمامهم الطريق وحاول تحطيم نوافذ مركبات مارة تقل نشطاء”؛ وليفي “قاد مجموعة مستوطنين هاجمت مواطنين فلسطينيين وبدواً، هددتهم بالعنف، وأحرقت حقولهم ودمرت ممتلكاتهم”. وأشارت الإدارة إلى أن “رزمة البينات اجتازت فحصاً قانونياً بما في ذلك الاستناد إلى بينات من عدد كبير من المصادر المصداقة. يمكن للبينات أن تتضمن تقارير في الصحافة، ووثائق قانونية، وتوثيق الأفعال، وإدانات ومعلومات استخبارية”.

يُفهم أن الإدارة تقدر بأن للمستوطنين تأثيراً كبيراً على الاضطراب في الضفة ولا تثق بأن إسرائيل ستوقف هذا. قبل نحو ثلاثة أسابيع، رفع “الشاباك” إخطاراً استراتيجياً عن الوضع في “المناطق” [الضفة الغربية] وإمكانية انتفاضة مدنية. يبدو أن شيئاً لم يتم فعله، وإلا ما كانت الإدارة لتصدر تحذيراً بهذه الخطورة.

منذ عدة أشهر وهناك توتر بين الجيش و”الشاباك” وبين شرطة لواء شاي إزاء معالجة الجريمة القومية. وحسب جهاز الأمن، لا تجتهد الشرطة لاعتقال والتحقيق مع مشبوهين وتقديمهم للمحاكمة. وعليه، فقد تغيرت مؤخراً وجهة عمل قوة من حرس الحدود في الضفة الذي يتبع الجيش الإسرائيلي، بحيث تعالج هذه القوة عنف المستوطنين.

الإسرائيليون لا يعرفون ما يحصل في الضفة، ويكاد هذا الموضوع لا يغطى في الإعلام المكتوب والمرئي. بالمقابل، تنقل الشبكات الاجتماعية بشكل جار الأنباء عن عنف المستوطنين في الضفة بأشرطة الفيديو والصور والشهادات. يتبين أن لدى الأمريكيين معلومات نوعية عما يجري في “المناطق”، وليس واضحاً كيف لم يحصل أن أياً من المستوطنين لم يقدم إلى المحاكمة منذ 7 أكتوبر.

وختاماً سؤال مقلق: أين جهاز الأمن، وأساساً “الشاباك”، في منع عنف المستوطنين؟

---------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

معاريف 14/2/2024

 

لنتنياهو: في غزة أكثر من مليوني سنوار.. انتظر “الهزيمة المطلقة”

 

 

بقلم: ران أدليست

 

إذن ما الذي يحصل في غزة؟ هذا منوط بمن تسأل. مبدئياً، محظور أن نسأل سياسيين وجنرالات؛ ففي جانب الحرب الكبرى، هم مكبلون بمنظومات ذات صلة لا يعنيها سوى حياتها، وهي الجيش والحكومة. إذن من يتبقى؟ نحن. وحدنا. كل يفترض أن يجيب بنفسه ولنفسه على سؤال ما الذي يحصل في غزة. حسب ما تراه عيناه، وتسمعه أذناه وضميره.

فكل الحقائق والأرقام تحت أنفنا: ضحايا منا ومنهم، وجرحى كثيرون منا ومنهم. ليس الجواب في مجال نتائج المعارك والخطوات السياسية، بل في المجال الشخصي، الخاص: ما الذي يريده كل منا من هذه الحكومة وما الذي هو مستعد للتضحية به من أجلها. الأغلبية، كما أفهم، ليسوا مستعدين أو راغبين في أن يكبدوا أنفسهم عناء أن يسألوا أنفسهم ماذا يفكرون أو ماذا يرغبون. أغلبية الناس يقررون تصديق هذا الجانب أو ذاك أو هذا الشخص أو ذاك، وهنا نكون قد علقنا مع نصف الشعب أمام النصف الآخر؛ لأنه رغم الـ “معاً” لا يرى نصف الشعب ما يراه النصف الآخر بانسجام. الـ “معا” العامة التي كانت سارية المفعول بعد الصدمة الأولى انقسمت مرة أخرى إلى الخلافات الأساسية.

الجولة الأولى من القصف الجوي خلفت وراءها مدناً دماراً، ولبّت مؤقتاً مطلب الثأر الذي اشتعل فينا جميعاً. غير أنه لم يكن من يرسم خط توقف، ويسير إلى مفاوضات “الكل مقابل الكل”. اتخذ توسيعها صورة تهديد وجودي، وكان الجواب مناورة برية وخطوة أدت إلى مكان كان واضحاً منذ بدايته بأن النصر المطلق سيصبح هزيمة مطلقة من اللحظة التي تتدحرج فيها المناورة البرية إلى الأمام دون معلومات استخبارية مهمة عن حجم قدرات حماس في إدارة معارك حرب عصابات من فوهة إلى أخرى. ودرءاً للشك: حماس تنتصر في المعركة رغم الفجوة الاستخبارية التي ندفع عليها بالضحايا والجرحى، والمطالبة بالمواصلة تنبع من حكومة غير مستعدة للوقوف أمام حساب الدم العام. النصر مسألة إحساس، وكل منا يعرفه. فهل حصل أن احتللتم موقفاً لسيارتكم قبل أن يحاول ذاك اللعين استباقكم؟ انتصرتم؟ فاز فريقكم بالبطولة؟ هذا يصبح تسامياً للروح. أما في حالتنا، حتى لو قتلنا السنوار وعثرنا على مقر قيادة وكلاشينكوف آخرين، فلن نحس باللذة ولا بتسامي الروح. المرارة والغضب سيكونان الأحاسيس التي ستوجه خطى معظم مواطني إسرائيل.

يلعب نتنياهو في هذه الأثناء دور تشرتشل الذي يقود الجيوش إلى نصر مطلق آملاً في إلقاء القبض/أو قتل السنوار الذي هو أملنا أيضاً. وهكذا تتسارع مسيرة العودة إلى الحياة الطبيعية وإلى فهم أفضل مع من نتعامل. غير أن نتنياهو هو الآخر يفهم بأن السنوار خلل تكتيكي، وأن تصفيته لن تمنع الخلل الاستراتيجي الذي هو 2.5 مليون غزي الباقين في القطاع وباتوا اليوم بمثابة قنبلة موقوتة، تستوعب نوعاً من “الحرب” (سيطرة عسكرية في الميدان) وباقي الترهات التي تستهدف تمديد الحرب ليس لأجل النصر، بل للفوز الذي هو الانتخابات التالية.

إن إخضاع حكومة إسرائيل هو المهمة العملياتية والأخلاقية للولايات المتحدة وباقي دول العالم الحر. وهي ليست وحدها؛ أكثر من نصف مواطني دولة إسرائيل يشاركونها الرأي والكفاح بوجوب تفكيك وجه الحكومة قبل تفكيك الدولة.

---------------------------------------------

هآرتس 14/2/2024

 

بايدن: قد تصوم “رفح” شهرها تحت القصف.. بـ “أمان”!

 

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

حصلت البعثة الإسرائيلية برئاسة رئيس الموساد دافيد برنياع، على مصادقة للمشاركة في القمة الرباعية بالقاهرة في اللحظة الأخيرة. الاتصالات التي بدأت أمس واستهدفت إنقاذ المحادثات من الجمود حول صفقة تبادل أخرى يترأسها من الجانب الأمريكي رئيس الـ سي.آي.ايه وليام بيرنز، مبعوث الرئيس بايدن، وإلى جانبه رئيس حكومة قطر ورجال مخابرات مصرية وإسرائيلية. ولكن تفويض البعثة الإسرائيلية محدود جداً.

إسرائيل تعتبر طلبات حماس، التي لا تشارك في المحادثات، غير مقبولة. والآن يبدو أن رئيس الحكومة نتنياهو، لم يبق للبعثة حبلاً طويلاً، ويبدو أنها غير مفوضة بإجراء مفاوضات حقيقية في هذه الأثناء. رئيس مركز الأسرى والمفقودين في الجيش الإسرائيلي، الجنرال احتياط نيتسان ألون، لم يسافر إلى مصر.

في المقابل، من المتوقع أن تعود بعثة حماس إلى القاهرة للاطلاع على ما يحدث في لقاء الرباعية. محاولة أمريكا الدفع قدماً بالصفقة احتلت مكاناً رئيسياً في المحادثة الهاتفية بين بايدن ونتنياهو في نهاية الأسبوع. بعد هذه المحادثة، عملت قوة إسرائيلية خاصة في رفح وأنقذت اثنين من المخطوفين: لويس هار وفرناندو هيرمان.

في غضون ذلك، عرض نتنياهو عدة مواقف متشددة؛ فهو لا ينوي الخضوع لطلبات حماس، وستواصل إسرائيل عملها بقوة في محاولة لإنقاذ المخطوفين. الضغط العسكري على حماس في خان يونس سيستمر، والجيش مستعد لاحتلال رفح أيضاً. هذا هو مزيج الإيماءات، التي كان بعضها لأغراض داخلية، والآخر موجهاً لحماس وللساحة الداخلية. هدفها الأساسي واضح: مواصلة نتنياهو للحرب حتى “النصر المطلق”.

إن الدفع قدماً بصفقة أخرى لتحرير المخطوفين الإسرائيليين مقابل وقف طويل المدى لإطلاق النار وإطلاق سراح كثير من السجناء الفلسطينيين لم يكن أمراً ملحاً له رغم الاحتجاج وتصريحات عائلات المخطوفين. يواصل رئيس الحكومة ووزير الدفاع الادعاء بأن الضغط العسكري هو الذي سيؤدي إلى تغيير مواقف حماس، وسيؤدي في نهاية المطاف إلى صفقة مع شروط أفضل بالنسبة لإسرائيل. لكن صعوبة هذا الادعاء تتعلق بوضع المخطوفين، لأن موت 31 من بين الـ 134 الذين لدى حماس، أعلن عنه الجيش الإسرائيلي. حماس، التي وجدت نفسها تحت ضغط عسكري كبير، تحاول استخدام الضغط النفسي على الجمهور الإسرائيلي وتكثر من نشر ادعاءات حول موت مخطوفين في عمليات الجيش الإسرائيلي. خلافاً لما كان في السابق، لم تعد تقدم تفاصيل عنهم. لذا، لا يمكن التحقق من الادعاءات في هذه الأثناء.

الاتصالات في القاهرة تجري على خلفية تقدم عمليات الجيش الإسرائيلي في خان يونس التي ما زال فيها حتى الآن، حسب تقدير إسرائيل، عدد من قادة حماس، ويبدو أن فيها بعض المخطوفين أيضاً. جهود كبيرة تستثمر في ملاحقة يحيى السنوار، الذي يبدو أنه ما زال يختبئ في مملكة التحصينات والأنفاق التي حفرتها حماس تحت المدينة من أجله. ليس وثائق السنوار وحدها هي التي ضبطت مؤخراً أثناء البحث عنه، بل معها مبلغ يقدر بـ 20 مليون شيكل، الذي كان يستخدمه هو ورجاله كما يبدو. وجد جنود الجيش و”الشاباك” أغراضاً أخرى كان يستخدمها السنوار في أحد أماكن اختبائه.

أمس، تبين أن إسرائيل حصلت على صور التقطتها كاميرا لحماس أثناء مرور السنوار في أنفاق خان يونس في 10 تشرين الأول، الأسبوع الأول للحرب، مع اثنين من أولاده. “هذه هي الفترة الأكثر قسوة على حماس منذ بداية الحرب”، قال مصدر في جهاز الأمن الإسرائيلي. “وبدأ وضع سكان القطاع بعد أربعة أشهر من الحرب، يثقل على قيادة حماس”.

في الأسبوع الماضي، هاجم الجيش الإسرائيلي وقتل رجال شرطة من حماس، حاولوا السيطرة على شاحنات للمساعدات الإنسانية في رفح. والآن، ظهرت مشكلة جديدة، وهي أن موظفي الأمم المتحدة يخشون من الدخول بالشاحنات، لأنه عائلات الجريمة المحلية تقوم، في ظل غياب حماس، بسلب البضائع التي لا تصل إلى السكان المحتاجين. إزاء تهديدات إسرائيل، بدأ آلاف سكان رفح بالهرب إلى دير البلح خوفاً من غزو وشيك للجيش الإسرائيلي للمدينة.

استمرار الجهود العسكرية تتعلق بثمن كبير من الخسائر. في بداية الأسبوع، قتل خمسة جنود، قائد كتيبة احتياط وضابط وجندي وجنديان من وحدة النخبة “مغلان”. جنود الاحتياط قتلوا في انفجار بيت مفخخ. قتل مقاتلا “مغلان” بصاروخ مضاد للدروع. في المقابل، تتكبد حماس في هذه المنطقة بضع عشرات من القتلى يومياً. وبقيت حتى الآن عشرات الكيلومترات من الأنفاق في المنطقة التي لم يدمرها الجيش بعد. ولكن ما يسمى المنطقة الاستراتيجية، أي غرف القيادة والوجود التحت أرضي، يبدو أن معظمها باتت على الخارطة، والجيش يستعد لمواصلة تدميرها بشكل منهجي.

يبدو أن تركيز الجهود هناك سيستمر لبضعة أسابيع أخرى. وفي الوقت نفسه، تستعد إسرائيل لعملية في رفح وتنثر تهديدات وتصريحات حول ذلك. الولايات المتحدة لا تحاول فرض الفيتو على العملية، بل التأكد، كما أعلن بايدن بشكل علني، من أن إسرائيل ستعنى بإجلاء معظم السكان من هناك لحمايتهم، كما تعهدت. ربما يستمر الإعداد لعملية بهذا الحجم لفترة غير قليلة، وسيبدأ شهر رمضان بعد شهر تقريباً، وسيكون من الصعب العمل بشكل كثيف في رفح في حساسة جداً في ظل العالم العربي والإسلامي.

إضافة إلى ذلك، تحتاج إسرائيل إلى تنسيق أمني وثيق مع مصر كي لا تعرض اتفاق السلام بين الدولتين للخطر. تتعلق إحدى المشكلات بالملحق الأمني في الاتفاق الذي يفرض الحظر على إدخال الدبابات إلى مناطق قرب الحدود. خرقت مصر ذلك مؤخراً، كما يبدو بمعرفة إسرائيل، خشية من تدفق اللاجئين الفلسطينيين اليائسين من القطاع نحو الأراضي المصرية. وإذا عمل الجيش الإسرائيلي في رفح، فسيضطر إلى إدخال الدبابات قرب الحدود. في هذه الأثناء، يبدو أن خطة احتلال رفح تستهدف فترة أطول (كان الجيش يفضل أولاً التركيز على مخيمات اللاجئين وسط القطاع)، وهذا استهدف بالأساس الضغط على الدول العربية كي تقنع حماس في البحث عن مخرج للحرب.

---------------------------------------------

إسرائيل اليوم 14/2/2024

 

“التعلق بأمريكا أخطر من حماس”.. لقادة إسرائيل: امضوا لرفح ولو عارضكم العالم كله

 

 

بقلم: مايكل أورن

 

الخميس الماضي، وقعت إحدى نقاط الدرك الأسفل في تاريخ الدبلوماسية الأمريكية؛ فقد التقى نائب مستشار الأمن القومي، جون فاينر، بمندوبين كبار عن الجمهور العربي والإسلامي الأمريكي في ولاية ميشيغان، ممن يدعي بعضهم بأنه يجب حماية حماس ويعارضون وجود إسرائيل.

دون خجل، اعتذر فاينر عن سياسة إدارة بايدن في قطاع غزة، وأعلن أن ليس للبيت الأبيض ثقة بحكومة إسرائيل. سرب محضر الحديث للصحافة في محاولة بائسة لتحسين وضع الحزب الديمقراطي في ميشيغان في انتخابات الرئاسة – بعد أن طرأ تآكل ذو مغزى في التأييد لبايدن بين أوساط المصوتين الديمقراطيين في الولاية.

لقد ادعى هنري كيسنجر ذات مرة بأن إسرائيل لا تملك سياسة خارجية، بل داخلية فقط. وهذا القول صحيح بقدر لا يقل بالنسبة للولايات المتحدة. فمقابل الأصوات في ولاية أساسية، واشنطن مستعدة لتري العالم مدى التعويل عليها كحليف. فضلاً عن الضرر الذي تلحقه الإدارة بصورة الولايات المتحدة في العالم، يكمن بهذه الأمور أن تشكل أيضاً خطراً على أمن إسرائيل. كما أن تصريحات الرئيس بايدن ووزير الخارجية بلينكن وكأن رد إسرائيل على مذبحة 7 أكتوبر كان “مبالغاً فيه”، وأن إسرائيل تتسبب بنزع الإنسانية عن الفلسطينيين – توفر الذخيرة لأولئك الذين يتهمون إسرائيل بجرائم حرب ويتطلعون إلى مقاطعتها. ويطلق البيت الأبيض أيضاً رسالة واضحة للسنوار: واصل استخدام المدنيين الفلسطينيين كدرع بشري، حتى تطلب الولايات المتحدة وقف النار.

إسرائيل ملزمة بأن تفترض أن الزمن ينفد، لأن الرئيس بايدن حذر عشية المعركة المصيرية على رفح من أنه لن يؤيد الحملة، دون خطة إسرائيلية واضحة تمنع مساً بالمدنيين. هذا يعني أن استمرار الإسناد الأمريكي، بما في ذلك التموين الحيوي بالذخيرة، قد يشكل رافعة ضغط على الحكومة.

وعليه، فلأجل إنهاء المهمة في غزة، علينا أن نوفر لبايدن صورة عامة للخطط إزاء رفح ونشير إلى استعدادنا للبحث في سيناريوهات “اليوم التالي” – كي لا نعطي ذرائع لمحافل رفيعة المستوى في إدارة بايدن رغبة في تركنا قريباً.

في نهاية المطاف، مع أو بدون دعم أمريكي، وحتى لو كنا منعزلين في العالم، لا مفر أمامنا غير تحقيق هدفنا في غزة – النصر. مع ذلك، علينا أن نتعهد بالأفعال لتحقيق استقلالية عن مصادر تموين أجنبية غير الأمريكية. فتعلقنا الحالي بهم قد لا يكون أقل تهديداً من حماس نفسها، بل أصبح خطراً استراتيجياً.

---------------------------------------------

هآرتس 14/2/2024

 

لـ “حساسيته السياسية”: شركات دولية تنسحب من “القطار المعلق”.. وجمعية: مشروع استيطاني لتهويد القدس

 

 

بقلم: نير حسون

 

مرت سنة ونيف على مصادقة المحكمة العليا على مشروع القطار المعلق إلى حائط المبكى في البلدة القديمة في القدس. ومنذ ذلك الحين والدولة تجد صعوبة في إيجاد شركة دولية تتبنى المشروع. ولكن في هذه الأثناء، تم استثمار 30 مليون شيكل في المشروع، واقتلاع أشجار زيتون قديمة، وبدأت عملية مصادرة للأراضي من سكان سلوان. حسب الخطة التي صادقت عليها الحكومة في 2019، ستقام ثلاث محطات للقطار المعلق: الأولى في نهاية شارع “عيمق رفائيم”، والثانية في “جبل صهيون”، والثالثة في الحديقة الوطنية “مدينة داود” على سطح مبنى جمعية “العاد”. هذه خطة مضت فيها وزارة السياحة وسلطة تطوير القدس في المسار السريع لخطة البنى التحتية الوطنية. من يؤيدون هذا المشروع عرضوا القطار المعلق كوسيلة مواصلات خضراء مستقبلية ستخدم مئات آلاف الأشخاص في الطريق إلى البلدة القديمة وحائط المبكى في كل سنة. أما معارضو المشروع فقالوا إنه لن يحل مشكلة المواصلات في المنطقة، بل سيضر أيضاً بالمشهد الطبيعي في الحوض التاريخي للبلدة القديمة، وبحياة السكان الذين يعيشون تحت مسار هذا القطار المعلق. في أيار 2022 رفضت المحكمة العليا أربعة التماسات قدمت ضد الخطة وصادقت عليها.

منذ ذلك الحين تحاول سلطة تطوير القدس المضي بخطة القطار المعلق، تم استثمار 30 مليون شيكل وحتى الآن في التعاقد مع مستشارين في مجال المواصلات والأمن. باستثناء شركة واحدة، تمت معظم التعاقدات بدون مناقصات. ورغم ذلك، لم تنشر أي مناقصة لإقامة المشروع بعد، لأن سلطة تطوير القدس تجد صعوبة كما يبدو في إيجاد شركة دولية لتنفيذ هذا العطاء. منذ البدء في المشروع، انسحبت أربع شركات أجنبية أظهرت اهتماماً به، ثلاث شركات فرنسية وشركة سويسرية. علمت “هآرتس” أن بعض الشركات انسحبت بسبب الحساسية السياسية للمشروع. في العام 2015 توجهت الحكومة الفرنسية لشركة وطلبت منها عدم المشاركة في المشروع. وقبل سنة انسحبت شركة فرنسية كبيرة أخرى هي شركة سي.ان.ايه. ومؤخراً، انسحبت شركة “استيك” السويسرية.

تم حتى الآن نشر 17 إعلان عن مصادرة 8.7 دونم على طول مسار خط القطار المعلق. صودرت قطع الأراضي لإقامة أعمدة للقطار، وسيكون جزء من المصادرة في الأراضي التابعة لكنيسة بيتر غليكانتو وجزء آخر في سلوان، وجزء آخر لساحات بيوت خاصة. يقدر السكان أنهم سيجدون صعوبة في الحصول على التعويضات بسبب المصادرة، وذلك لصعوبة إثبات الملكية على الأراضي في سلوان في ظل غياب وجود تسجيل منظم للأراضي. المحامي سامي ارشيد، ممثل سكان المنطقة، قال: “هذا هو مشروع زائد في تاريخ المدينة. سكان سلوان والبلدة القديمة، مثل معظم الخبراء في البلاد والعالم، يعتبرونه إضراراً كبيراً للتراث القائم في المدينة. يدور الحديث عن مصادرة عقارات وبيوت وأضرار كبير بحياة السكان لصالح إقامة مشروع ضخم يضر بالتاريخ والتراث المبني والمشهد الطبيعي في البلدة القديمة في القدس وفي محيطها”.

قالت جمعية “عيمق شفيه”، وهي من المعارضين للمشروع: “القطار المعلق مشروع سياسي لا إمكانية له للتحقق أو أي مبرر مهني، الذي هدفه تعزيز الاستيطان في سلوان وجذب السياح إلى مواقع جمعية “العاد”. بعد سنة ونصف على رفض المحكمة العليا للالتماسات، لم يتم نشر أي مناقصة، ويتبين الآن أن الشركات التجارية التي هدفها الوحيد كسب الأموال، باتت تدرك أن الابتعاد عنه هو الأفضل. في الفترة التي تقف فيها دولة إسرائيل أمام حوض محطم، فمن الجدير القول إن هذا مشروع ضار وزائد ويجب حفظه، ويفضل أن يكون ذلك في أسرع وقت”.

وجاء من سلطة تطوير القدس: “منذ رفضت المحكمة العليا التماسات قبل سنة ونصف، يستمر مشروع القطار المعلق في التقدم حسب الخطة وحسب الجدول الزمني الذي تم وضعه. نشاطات تنفيذ المشروع ستكون وفقاً لقانون واجب طرح المناقصات، ويتوقع أن تكون المناقصة جاهزة للنشر في الأشهر القريبة القادمة عند الانتهاء من بلورتها”.

---------------------------------------------

هآرتس 14/2/2024

 

لاستهداف العرب.. “توسيع قانون مكافحة الإرهاب”: ماذا عن محرضي هدم حوارة؟

 

 

 

بقلم: أسرة التحرير

تبحث لجنة الدستور، القانون والقضاء، في مشروع قانون خطير قدمه النائب تسفي سوكوت من كتلة “الصهيونية الدينية”، يسعى لتوسيع تعريف “التحريض على الإرهاب” توسيعاً كبيراً وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب. وحسب القانون، تحظر الدعوة المباشرة لفعل إرهابي أو تعابير تتضمن “مديحاً أو عطفاً أو تشجيعاً” لفعل إرهابي، والتي “حسب المضمون؛ أي نشر وملابسة تتضمن إمكانية حقيقية تؤدي إلى القيام بأفعال إرهابية”.

ولما كان الحديث يدور عن مخالفة تقيد حرية التعبير، فإن التوازن الذي يعبر عنه القانون الأصلي أنه سيحظر فقط تعبيراً يخلق خطراً، تعبيراً فيه احتمال حقيقي بجر فعل إرهابي.

وحسب المعلومات القائمة، فتحت مئات التحقيقات منذ 7 أكتوبر، ورفعت لوائح اتهام كثيرة.

حسب المشروع الجديد، سيصار إلى توسيع القانون في جانبين: بداية، سيضاف عنصر “تضامن/مديح مع من ارتكب مخالفة إماتة في ملابسات إرهابية”. بمعنى أن التضامن مع مخرب ما، حتى وإن لم يكن مع الفعل الذي ارتكبه، سيصبح مخالفة جنائية.

التعديل الثاني الجارف والخطير على نحو خاص، يشطب الأساس الاحتمالي (“الإمكانية الحقيقية”). والحديث يدور عن أساس يميز بين تعقيب طفل ابن 13 على انستغرام عقب نبأ عن فعل إرهابي وبين منشور لشخص ذي رأي أو صفحة لها متابعون كثر – تعابير فيها خطر حقيقي. يدور الحديث عن خرق السد والإدانة الجماعية للتعابير.

يطرح السؤال: لماذا لا يخاف النائب سوكوت من كل اليهود الذين يعقبون بفرح على أفعال إرهابية وبمديحهم وبتشجيعهم، مثل الاضطرابات في حوارة (الوزير تسفي بوغل من كتلة “عظمة يهودية” حقق معه على ذلك أيضاً)، إذ إن هؤلاء يفترض أن يصبحوا تلقائياً مجرمين، دون أن ينظر في أساس الخطر الذي سببته هذه التعابير. الجواب واضح هنا: أوساط اليمين تثق بأن الشرطة، وربما غيرها من السلطات، تعمل في خدمتهم. وعلى أي حال، لا يوجد خطر حقيقي في جر تعديل القانون إنفاذاً جارفاً ضدهم، بل ضد الجمهور العربي فقط.

لا شك أن مثل هذه الإدانة الجماعية ستتيح إنفاذاً تعسفياً، لأنه لا توجد مقدرات، لا للشرطة ولا للنيابة العامة، لمعالجة كل التعابير التي يغطيها القانون.

إن تعديل التحريض موضع الحديث هو ذروة مسيرة خطيرة يصنف فيها استهلاك مواد التحريض كمخالفة جنائية في ظروف معينة، وفي إطار ذلك يجري إعداد قوانين تقيد حرية تعبير المعلمين. الكنيست، وقبل كل شيء أحزاب المعارضة والمعسكر الرسمي، ملزمون أن يصحوا ويفهموا بأن كلمة “إرهاب” ليست شيكاً مفتوحاً لتشريع يمس بحرية التعبير. ينبغي شطب هذا المشروع عن جدول الأعمال وحماية الديمقراطية حتى في ساعة الحرب.

---------------------------------------------

 

تايمز أوف إسرائيل 14/2/2024

 

 

شرط سعودي للسلام لا تستطيع إسرائيل التعايش معه

 

 

بقلم: دان إيلوز

 

التصريحات الأخيرة للمملكة العربية السعودية تجعل التطبيع مع إسرائيل مشروطًا بإقامة دولة فلسطينية، وتهدد بإلغاء المكاسب التي تم تحقيقها بشق الأنفس. إن مثل هذه الشروط لا تؤدي فقط إلى إحياء الافتراض بأن الفلسطينيين، الذين رفضوا تاريخيا فرص السلام، يجب أن يتمتعوا بحق النقض على التقدم في المنطقة، ولكنها تخاطر أيضا بدفع عملية السلام إلى طريق مسدود.

ولا يمكن لإسرائيل، في سعيها المتواصل لتحقيق السلام، أن تذعن لإطار يضع تقدمها الأمني والدبلوماسي تحت رحمة أولئك الذين لم يظهروا التزاما حقيقيا بالسلام. إن الاقتراح بأن الآن هو الوقت المناسب لإقامة دولة فلسطينية ليس فقط سابق لأوانه، ولكنه خطير. إن مكافأة عقود من العنف بإقامة دولة فلسطينية من شأنه أن يبعث برسالة خطيرة إلى العالم أجمع، من حيث التسليم بأن العنف يولد مكاسب إقليمية.

إسرائيل ملتزمة بتوسيع دائرة السلام لا يزال ثابتا. إن تطلعات الأمة للتطبيع مع جيرانها متجذرة في الرغبة في منطقة مستقرة ومزدهرة. ومع ذلك، فإن هذا الطموح لا يتجاهل التكاليف التي قد يترتب عليه. إن عملية السلام والتطبيع التي تؤدي إلى تآكل قضية الاستقرار الإقليمي بدلاً من تعزيزها هي أمر غير مقبول. إن إسرائيل مستعدة لتبني سلام حقيقي، ولكن ليس على حساب أمنها ومبادئها الديمقراطية.

لقد حفزت اتفاقيات إبراهيم موجة من التعاون غير المسبوق في مختلف المجالات، وحفزت تقدمًا كبيرًا في التعاون الاقتصادي، حيث أرست اتفاقيات التجارة الثنائية الأساس لمستقبل اقتصادي مزدهر. كما أنها عززت الاتفاقيات الثقافية، مما أدى إلى إثراء النسيج الاجتماعي للدول الموقعة. علاوة على ذلك، أكدت الخطوات الكبيرة في التعاون البيئي على الالتزام الجماعي بالتنمية المستدامة. ودعونا لا نتأثر بأولئك الذين يسعون إلى عرقلة هذا التقدم من خلال مطالب لا تؤدي إلا إلى إدامة الصراع والانقسام.

إن رفض إسرائيل للتراجع خطوة إلى الوراء لن يكون رفضاً للسلام، بل إعادة تأكيد على التزامها بالتوصل إلى حل مستدام وعادل. إن الطريق إلى السلام يمر عبر المشاركة البناءة والتسويات الواقعية، وليس عبر التنازلات للعنف. وبينما نقف عند هذا المنعطف الحرج، فإن الخيارات التي نتخذها ستحدد إرث عصرنا. دعونا نختار الطريق الذي يؤدي إلى السلام الدائم.

 --------------------------------------------

 

نتنياهو طلب من بايدن «صفقة معقولة» يمكن لحكومته تمريرها

 

 

رئيس الوزراء الإسرائيلي دعا الرئيس الأميركي إلى عدم تصديق الصحافة العبرية

 

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلب من الرئيس الأميركي جو بايدن ألا يصدق الصحافة الإسرائيلية التي تتهمه «كذباً»، وفق قوله، بأنه ليس معنياً بصفقة تبادل أسرى مع «حماس»، وأنه يريد فقط الاستمرار في الحرب لكي يطيل عمر حكومته. وقدم تقرير نشره موقع «والا» العبري، مساء الثلاثاء، معلومات عما دار في مكالمة نتنياهو، ليلة الأحد – الاثنين، مع بايدن، التي لا تزال تثير أصداءً في تل أبيب، وأكد أن نتنياهو قال للرئيس الأميركي إنه «معني جداً بالتوصل إلى اتفاق حول الصفقة، ولكنه يريد (اتفاقاً معقولاً يحظى بتأييد الكابينيت الموسع)»، أي المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في الحكومة، بالإضافة إلى 18 وزيراً، بينهم الوزيران المتطرفان، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريش.

 

عرقلة عملية رفح

 

وقال المراسل السياسي لموقع «والا»، باراك ربيد، إنه يعتمد في مصادره على عدد من المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين، وأكد أن بايدن «بدا متأثراً من الاتهامات ضد نتنياهو لذلك طلب منه ليس فقط أن يرسل وفداً إلى القاهرة بإصرار بل طلب منه أن يكون جاداً في المفاوضات ويسعى لإنجاحها».

ووفق التقرير، أجاب نتنياهو بأنه جاد للغاية ومعني بصفقة على عكس «الأنباء المشوهة»، وللدلالة على ذلك، قال: «في الصفقة السابقة اتفقنا على إطلاق سراح 3 فلسطينيين مقابل كل أسير إسرائيلي يطلق سراحه لدى (حماس) وأنا أطرح الشرط نفسه، وفي الصفقة السابقة أعطيت هدنة لوقف النار لمدة يوم واحد عن كل 10 إسرائيليين يطلق سراحهم، واليوم أقترح يوم هدنة عن كل أسير واحد يطلق سراحه». وأضاف نتنياهو: «أنا مستعد للتقدم نحو صفقة على الرغم من أنني أعرف أن صفقة كهذه ستعرقل إمكانية الاستمرار في الحرب وستؤدي إلى إلغاء عملية اجتياح رفح».

وهنا قال له بايدن: «واضح أن (حماس) تطرح مطالب مبالغاً فيها وموقفها لا يصلح أن يكون بداية ملائمة، ومع ذلك، أنت تدخل في مفاوضات. وقد تحتاج إلى تغيير معادلة الأرقام أكثر»، بحسب ما نقل الموقع.

 

خلاف إسرائيلي

 

أما في موضوع المفاوضات، فقد أفادت التقارير الإسرائيلية، التي عرضتها القنوات التلفزيونية وغيرها من وسائل الإعلام، بأن هناك خلافات حادّة داخل إسرائيل، هي التي تعرقل التوصل إلى الاتفاق وترجح كفة الفشل واستمرار الحرب بما تحتوي عليه من دمار وقتل. وعلى الرغم من تصريحات نتنياهو أمام بايدن، وأمام عائلات المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس»، فإنه رفض مسودة جديدة قُدِّمت إليه قبل ساعات قليلة من توجُّه الوفد الإسرائيلي للعاصمة المصرية القاهرة، للمشاركة في المباحثات هناك. وأفادت هيئة البث الإسرائيلية العامة (كان 11)، بأن جهازي «الموساد» و«الشاباك»، والجيش الإسرائيلي، وضعت مقترحاً جديداً بشأن صفقة تبادل أسرى؛ ولكن نتنياهو وكذلك رئيس أركان الجيش هيرتسي هليفي، ووزير الدفاع يوآف غالانت، رفضوه. ولفتت «كان 11» إلى أن المُقترح الجديد، تمّ إعداده لدى رئيس الموساد، ديفيد برنياع، ورئيس الشاباك، رونين بار، والمسؤول عن الجهود الاستخباراتية في الجيش المتعلقة بملف الأسرى، اللواء في الاحتياط نيتسان ألون. وذكر التقرير أن المقترح طُرح «مرات عدة» في محادثات مع نتنياهو، وآخرها قبل ساعات من توجّه الوفد الإسرائيلي للقاهرة خلال مشاورة بمشاركة نتنياهو وغالانت وبرنياع وبار وألون، لافتاً إلى أن الوزير في «كابينيت الحرب» بيني غانتس، لم يكن حاضراً في الاجتماع. ونقلت «كان 11» عن مصدر قالت إنه مطّلع على تفاصيل المفاوضات، إن المقترح الجديد «يتضمن تغييرات عدّة، تنطوي على قدر من المرونة، التي تفسح المجال أمام أمل انفراج في المحادثات»، لكنه رفض إعطاء تفاصيل.

---------------------------------------------

 

واشنطن بوست 14/2/2024

 

 

ألمانيا: خطر اليمين المتشدّد

 

 

بقلم: آنا سوربري

 

 

محررة وكاتبة في المجلة الأسبوعية الألمانية "دي تسايت"

 

كانت الأرض جليدية عندما كنا أنا وشريكي وابني في طريقنا إلى وسط برلين قبل أسبوع. ومع ذلك، عندما انضممنا إلى حوالى 100 ألف آخرين تجمعوا هناك للاحتجاج على التطرف "اليميني"، كان الجو دافئاً - بالمعنى الحرفي والمجازي.

فقد خلق هذا التجمع مناخاً محلياً جعل من الممكن البقاء بالخارج في ظلام برلين البارد بضع ساعات. وكان من دواعي الدفء أيضاً رؤية هذا العدد الكبير من الناس يتوجهون للدفاع عن ديمقراطيتنا. تم تنظيم هذا التجمع لأنه في العاشر من كانون الثاني، نشرت المنصة الإعلامية "كوريكتيف" تقريراً عن اجتماع لليمين المتشدد في "بوتسدام" في تشرين الثاني الماضي. وفقاً للتقرير، ناقش المشاركون - المنتمون إلى عدة مجموعات يمينية متشددة ومن بينهم العديد من السياسيين من "حزب البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتشدد - خطط الترحيل الجماعي لملايين الأجانب والألمان من عائلات المهاجرين. ومنذ ذلك الحين، خرج أكثر من مليونَي شخص إلى الشوارع وهم يشعرون بالذعر.

وبدأت الاحتجاجات، وهي من أكبر الاحتجاجات التي شهدتها البلاد منذ عقود، في كل مكان: ليس فقط في المدن الليبرالية مثل برلين وهامبورغ وميونيخ، ولكن أيضاً في العديد من المدن في شرق ألمانيا، حيث يتمتع اليمين المتشدد بشكل خاص بالقوة. والأمر الغريب أن تقرير "كوريكتيف" لم يخبرنا بأي شيء لم يكن من الممكن أن نخمنه بالفعل.

ونحن نعلم أن اليمين المتشدد مبني على أوهام عنصرية تتعلق بالتجانس العرقي، وكان "حزب البديل" من أجل ألمانيا لفترة طويلة يعتبر متشدداً. ومع ذلك، لسنوات عديدة، نظر العديد من الألمان إلى صعود اليمين المتشدد بشيء يشبه الانفصال الحذر: فحتى مع ارتفاع التأييد لـ"حزب البديل من أجل ألمانيا" إلى حوالى 20% في استطلاعات الرأي، ظل هناك بعض الرضا عن التهديد الذي يشكله. ولكن، ليس بعد الآن.

وأخيراً استيقظت ألمانيا. الديمقراطية الألمانية تواجه تحديات، ولا تكمن المشكلة في صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا"، والذي أصبح قوياً بالقدر الكافي في بعض المناطق بدرجة تجعله يطمح إلى تولي مناصب السلطة أو على الأقل لعرقلة عملية تشكيل حكومات مستقرة بشكل خطير. بل إنه في أجزاء كثيرة من البلاد، تحول الشعور العام بالاستياء إلى الازدراء. لا يرفض الناس الآن الحكومة الحالية فحسب، بل يرفضون النظام السياسي برمّته.

منذ بداية الوباء، تزايد هذا الشعور في ألمانيا. صحيح أن الألمان اضطروا إلى التعامل مع أمور كثيرة: الحرب في أوكرانيا، وأزمة الطاقة، والتضخم، ومؤخراً، التداعيات المؤلمة الناجمة عن الحرب في غزة. وعلى الرغم من أن الهجرة آخذة في الارتفاع، إلا أننا لا نزال نفتقر إلى العمالة الماهرة - المعلمين، والسباكين، والمتخصصين في تكنولوجيا المعلومات- والبنية التحتية العامة تنهار. وإذا أضفت إلى ذلك أجندة التحول الأخضر الحكومية الطموحة التي يعيقها الاقتتال الداخلي الوحشي، فستحصل على صورة قاتمة.

يبدو أن كل شيء يتغير، ولكن ليس نحو الأفضل. وفي الأشهر الأخيرة، تكثف هذا الشعور بعدم الرضا وتحول إلى ازدراء. وبحسب الملاحظات المتناقلة، يبدو أن الجميع يعرف شخصاً انسحب من التيار الرئيس، وتعهد بالتصويت لصالح "حزب البديل من أجل ألمانيا"، أو تحدث عن الهجرة. إن انهيار الدعم لجميع أحزاب الحكومة الثلاثة، الحزب الأكثر شعبية بينها، الحزب "الديمقراطي الاشتراكي"، الذي يحصل على تأييد بنسبة تبلغ نحو 15% في استطلاعات الرأي، يعبر عن الكراهية واسعة النطاق. وقد بدأ هذا الرفض الأساسي يظهر في العلن.

وفي هذا الشهر، خرج المزارعون إلى الشوارع في عدة مدن. وسرعان ما تحولت الاحتجاجات، التي كانت ظاهرياً ضد خفض الدعم، إلى تظاهرات مناهضة للحكومة: حتى أن بعض المتظاهرين نصبوا المشنقة. ولم يكن التهديد رمزياً فقط. عندما عاد روبرت هابيك، وزير الاقتصاد والمسؤول عن أجندة التحول الأخضر للحكومة، من العطلة في بداية العام، استقبله حشد غاضب.

وأظهرت التقارير لاحقاً أن هذا العمل من الترهيب تم تدبيره من قبل أفراد لهم علاقات باليمين المتشدد. لا توجد وسيلة لمعرفة كل دوافع الملايين الذين خرجوا في الأسابيع القليلة الماضية.

وانطلاقاً مما قاله المتظاهرون للصحافيين، ومن العدد الكبير من المجموعات التي تنظم الاحتجاجات واللافتات المتنوعة المعروضة، أظن أنه سيكون من الصعب على الجميع الاتفاق على بيان مشترك. جاء الكثيرون لأنهم من عائلات مهاجرة أو لديهم أصدقاء وعائلة من المهاجرين، أو ببساطة لأنهم يرفضون العنصرية.

وكان بعضهم يحتج على حزب "البديل من أجل ألمانيا"، وكان هناك آخرون يلقون باللوم على الطبقة السياسية في تعزيز التشدد. من المؤكد أن حركة سياسية جديدة لم تنشأ بعد. ولكنْ هناك قاسم مشترك: شعور جديد بالإلحاح. ما بدأ يتجلى لنا في الأشهر الأخيرة، وما كشف عنه الاجتماع في بوتسدام، هو أن اليمين المتشدد لا يدور حول وجود أفكار مروعة، بل يدور حول تفعيل أفكار مروعة. وأتباع اليمين المتطرف في ألمانيا يعنون ذلك حقاً. وبفضل التمويل والدعم والفرصة الحقيقية للغاية للفوز بولايات فيدرالية هذا العام، أصبحوا أقرب إلى السلطة أكثر من أي وقت مضى خلال تاريخ ألمانيا ما بعد النازية الذي يبلغ نحو 75 عاماً. يرفض "ستيفن ماو"، عالم الاجتماع في جامعة هومبولت في برلين، فكرة مفادها أن المجتمع الألماني منقسم بدقة إلى قسمين. ويجادل بأن الانقسامات في ألمانيا تمر بدلاً من ذلك عبر عدة مجالات مثل المناخ والهجرة والعدالة الاجتماعية. يمكن أن تتأثر ببعض القضايا، ولا تبالي بغيرها. وفي الأشهر الأخيرة، كان أولئك الذين تحركهم معارضتهم لسياسات الهجرة أو المناخ هم الأكثر صخباً ووضوحاً.

والآن وصل أولئك الذين يهتمون بالديمقراطية وحقوق الأقليات وسيادة القانون إلى نقطة الانطلاق أيضاً. ولعل الأمر الأكثر أهمية هو أن المتظاهرين بعثوا برسالة إلى اليمين المتشدد نفسه: نحن على استعداد لحماية مواطنينا وديمقراطيتنا، لذلك لا تشعر بالراحة أكثر من اللازم. قريباً، قد تكون أنت من يتظاهر في البرد.

---------------------------------------------

 

 

 

 

يديعوت أحرنوت 14/2/2024

 

 

بعد دخول الحرب على غزة إلى منعطف حرج.. كيف تُخطط "إسرائيل لإنهائها؟

 

 

بقلم: رون بن يشاي

 

تحدّث المحلل العسكري الإسرائيلي، رون بن يشاي، في مقال له في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عن خطتان مطروحتان في الأرواق السياسية لإنهاء الحرب على قطاع غزة في الربيع المقبل، مشيراً إلى أنّ الخطة الأولى مطروحة من جانب عضوا "كابينت" الحرب الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، وبيني غانتس، في مقابل خطة رئيس "الكابينت" بنيامين نتنياهو.

وصلت الحرب على غزة هذه الأيام، في جميع الساحات، إلى منعطف حرج، يتطلب من صناع القرار في "إسرائيل" صياغة خطة استراتيجية لإنهائها.

بين "الكابينت" المقلّص، يجري صياغة خطتين على الأقل من هذا القبيل، واللتان من المفترض أن تضمنا تحقيق كل - أو الغالبية العظمى - من أهداف الحرب في جدول زمني مقبول، لكل من "إسرائيل" والأميركيين وحلفائهم. الخطة الأولى هي خطة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ومبعوثه الوزير رون درمر، والثانية هي خطة الوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت.

وبحسب الصحيفة، لا يوجد فروق جوهرية بين الخطتين، إلاّ في الجداول الزمنية، وحقيقة أنّ غانتس وآيزنكوت مستعدان للكشف مبدئياً عن موقفهما ومناقشته في "الكابينت" دفعةً واحدة، في حين أنّ نتنياهو قلق من رد فعل شركائه في الائتلاف على بنود مختلفة، وبالتالي فهو غير مستعد لمناقشتها حتى في "الكابينت" المقلص. وفي الوقت نفسه، يتفاوض سراً على خطته مع كبار مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، غالباً عن طريق درمر.

 

خطة غانتس وآيزنكوت

 

يقترح غانتس وآيزنكوت هدنة طويلة في القتال، لغرض تحقيق صفقة لإعادة الأسرى، لكن في الوقت الذي تُعطي فيه الأولوية لتحرير كل الأسرى، فإنّها "لا تتخلى عن هدف تفكيك حماس من قدراتها العسكرية والحكومية وتحقيق الأمن لمستوطني الجليل".

هدف آخر لخطتهم، هو تعزيز الشرعية والمساعدة العسكرية والسياسية من الإدارة الأميركية، بحيث يُمكن لإعلان إسرائيلي عن توقف طويل في القتال، من أجل تنفيذ صفقة الأسرى أن يخفف بشكل كبير الضغط في الداخل والخارج على بايدن، الذي يخوض حملة انتخابية رئاسية، ومهدد سياسياً بسبب دعمه لـ"إسرائيل"، والمطالب من الجناح التقدمي لحزبه، ونسبة كبيرة من ناخبيه، بوقف القتال، أول على الأقل الغارات الجوية.

لذلك، يُمكن لبايدن أن يدّعي أنه أوصل إلى وقف القتال، لكن يجب أن يحدث ذلك بحلول حزيران/يونيو (قبل نحو 5 أشهر من انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر)، وفقاً لتقديرات سياسية أميركية، قُدّمت مؤخراً لنتنياهو وغانتس بشكل منفصل.

ما تطرحه خطة غانتس وآيزنكوت أيضاً هو أنّه خلال فترة الهدنة الطويلة، سوف يستعد "الجيش" الإسرائيلي بشكل مكثف لاستئناف القتال، بحيث سيقوم "بتدريب قواته، وخاصة وحدات الاحتياط، وبتجديد مخزون الذخائر وتحديث أساليب وخطط القتال في غزة أو في الساحة الشمالية، إذا لم يتم التوصل إلى تسوية دبلوماسية في هذه الأثناء تُبعد حزب الله عن الحدود".

 

خطوات يجب أن تتخذها "إسرائيل" لتنفيذ الخطة

 

ومن أجل تنفيذ الخطة الاستراتيجية التي يدفع غانتس وآيزنكوت علناً من أجل تنفيذها، يجب على "إسرائيل" اتخاذ الخطوات التالية:

1. إظهار أقصى قدر من المرونة في المفاوضات المكثفة، بشأن تفاصيل ومراحل صفقة الأسرى، والتي سيجري تنفيذها بشكل أو بآخر وفقاً لمخطط باريس الذي صاغه الوسطاء و"إسرائيل"، "قبل دخول رفح عسكرياً"، إذ بالنسبة إلى غانتس وآيزنكوت، "فإنّ ذلك يمكن أن يحدث بعد الهدنة وإعادة الأسرى".

 

2. نقل المساعدات إلى قطاع غزة مباشرةً من "إسرائيل" عبر المنظمات الدولية غير "الأونروا". 

3. البدء بخطوات لإقامة حكم مدني في قطاع غزة، "حتى لو لم يتم القضاء على يحيى السنوار وحماس بشكل كامل".

4. إنهاء "إسرائيل" المفاوضات مع مصر، بشأن منع دخول اللاجئين من قطاع غزة إلى أراضي سيناء، عندما "يدخل الجيش الإسرائيلي إلى رفح براً"، إذ تجري هذه المفاوضات بالفعل، من جانب وفود من "إسرائيل" (برئاسة رئيس الشاباك رونين بار ورئيس الاستخبارات العسكرية أهارون حاليفا) ومصر (برئاسة رئيس المخابرات عباس كامل).

 

اليوم التالي

 

في موازاة ذلك، يقترح رئيسا الأركان السابقان البدء في تنفيذ المخطط السياسي الأميركي لليوم التالي:

1. تطبيع العلاقات مع السعودية بعد أن تعطي "إسرائيل"، التزاماً بدرجة من الغموض للدخول في حوار سياسي، بحيث إنّ تطبيع العلاقات سيجعل من الممكن إكمال عملية توقيع اتفاقية دفاع بين الولايات المتحدة والمملكة، وسيمنح بايدن إنجازاً تاريخياً يحتاجه بشدة في معركته من أجل ولاية أخرى.

2. التوصل إلى اتفاق لتمويل إعادة إعمار قطاع غزة في إطار تطبيع العلاقات مع السعودية.

3. الاستمرار بإنشاء منطقة أمنية عازلة في قطاع غزة، بعرض 1000-1200 متر، تكون تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية، بما في ذلك وجود دائم أو متحرك.

4. إجراء مفاوضات بشأن تسوية دبلوماسية في الشمال، تُبعد حزب الله مسافة 8-10 كيلومترات عن الحدود وتسمح بعودة الذين تم إخلاؤهم.

5. تحتفظ "إسرائيل" بالحق في العمل للدفاع عن أمنها من خلال أنشطة استخبارية وعملياتية إحباطية لـ"الجيش" الإسرائيلي والشاباك داخل قطاع غزة في جميع الأوقات.

في محصّلة هذه الخطة، يمكن الاستنتاج أنّ غانتس وآيزنكوت يسعيان لاستبعاد حماس من السلطة في قطاع غزة، وإعادة الأسرى، وفرض سيطرة أمنية في القطاع بموافقة الولايات المتحدة، والتوصل إلى اتفاق يُبعد حزب الله عن الحدود الشمالية، ودفع التطبيع مع السعودية ودول عربية أخرى.

 

خطة نتنياهو

 

في المقابل، ينوي نتنياهو أيضاً تحقيق أهداف الحرب وتطبيع العلاقات مع السعودية، لكنّه يفضّل تعريف ذلك على أنه "انتصار مطلق" يعتقد أنه سيتحقق في غضون فترة زمنية قصيرة.

وهو أيضاً معني جداً بالتوصل إلى صفقة لإعادة كل الأسرى، إن أمكن قبل شهر رمضان هذا العام، الذي يصادف في 10 مارس/آذار. لكن في الوقت الحالي لا يبدو ذلك ممكناً بسبب المطالب التي تفرضها حماس، والتي ترفض المساومة عليها.

يأمل نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت في تحقيق هزيمة عسكرية مطلقة لحماس وقيادتها في غزة أو تحييدهما من خلال السيطرة على رفح - قبل أو خلال شهر رمضان. فمن وجهة نظرهما، يمكن لدخول رفح، حتى لو يؤدِّ على الفور إلى القضاء على قيادة حماس، أن يُلين موقف  الحركة، ويمكّن من التوصل إلى اتفاق لإعادة الأسرى، وسيجعل من الممكن اتخاذ القرارات من موقع قوة حيال اليوم التالي، بما في ذلك فيما يخص محور فيلادلفيا والشمال.

بعبارة أخرى، يراهن نتنياهو على "انتصار عسكري" يمنحه كل أهداف الحرب من دون أن يضطر إلى التنازل ومواجهة شركائه في الائتلاف بشأن ثمن إعادة الأسرى. لذلك، يحثّ رئيس أركان "الجيش" الإسرائيلي هرتسي هليفي على استكمال تفكيك حماس في خان يونس والبدء في السيطرة على رفح. لكن هليفي يشدد على أنّه لا يزال بحاجة إلى وقت لإنهاء العمل في خان يونس، وبضعة أسابيع أخرى لتنفيذ خطة إخلاء رفح من نحو مليون نازح من سكان غزة. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة أيضاً إلى اتفاق مع المصريين.

لذلك، يحاول نتنياهو الآن جر الوقت، وقد أخّر نقل رد "إسرائيل" على رد حماس في موضوع الأسرى. وفي موازاة ذلك، تتزايد الخشية من شركائه في الائتلاف بسبب المطالب التي قدمها إليه كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، التي تفضي إلى صفقة إقليمية تحقق فيها "إسرائيل" تطبيع العلاقات مع السعودية.

لكن الطلب السعودي بأن تعلن "إسرائيل" استعدادها للموافقة على مفاوضات بشأن إقامة دولة فلسطينية غير مقبول بالنسبة إلى إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. لذلك، لا يقدم نتنياهو خطته في مجلسي الكابينت (المقلص والموسع)، ولا حتى للجمهور. لكن من المرجح أنه في نهاية المطاف سيأتي وقت لن يكون أمامه فيه خيار سوى اتخاذ قرار.

من المحتمل أن تأتي هذه اللحظة هذا الربيع، قرابة نيسان/أبريل ومايو/أيار، والذي يبدو أنه التاريخ الذي ستكون فيه صفقة الأسرى في ذروتها. بحلول ذلك التاريخ، من المحتمل أن تنتهي المرحلة الثالثة من القتال العنيف في غزة والانتقال إلى المرحلة الرابعة - السيطرة الأمنية على قطاع غزة، التي تنهي عملياً الحرب في الجنوب.

في ذلك الوقت، يأمل نتنياهو في تطبيع العلاقات مع السعودية، التي، وفقاً لمصادر مطلعة، أبلغت الأميركيين أنّها مستعدة للقيام بذلك والمشاركة أيضاً في إعادة إعمار غزة.

ووفقاً لهذه التوقعات، التي تتشاركها واشنطن ونتنياهو، فإنّ الوسيط الأميركي عاموس هوكستين سيكون قد أحرز حينها أيضاً تقدماً مهماً نحو تسوية دبلوماسية تُبعد حزب الله عن الحدود وتمنع نشوب حرب محدودة في لبنان. حتى الساعة، هذه هي في الواقع خطة الإنهاء الإسرائيلية للحرب.

------------------انتهت النشرة------------------

أضف تعليق