جنرال إسرائيلي: خياراتنا في غزة.. حكم عسكري أو قبول المبادرة الأمريكية أو هزيمة سياسية
وأشار الجنرال الإسرائيلي في مقاله إلا أن تلميحات شديدة الوضوح، تطلق إلى الهواء مؤخراً، تشهد على مبادرة أمريكية إقليمية واسعة ستعرض قريباً على إسرائيل.
وأوضح هايمن أن المبادرة تتضمن أغلب الظن العناصر التالية: صفقة تحرير مخطوفين مقابل وقف نار وتحرير سجناء فلسطينيين، وموافقة سعودية على تسوية علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل في إطار اتفاق سلام (أو تطبيع).
إضافة لموافقة إسرائيلية على إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة – بهذه الصيغة أو تلك، وكبديل عن حكم حماس – وموافقة أمريكية على حلف دفاع أمريكي سعودي يتضمن أيضاً موافقة على مشروع لتخصيب اليورانيوم لأغراض مدنية على الأراضي السعودية، وصفقة سلاح كبرى.
وقال الجنرال أن هذه الخطوة المحتملة تهدد إيران، لأن تشكيل حلف دفاع سعودي – أمريكي وسلاح سعودي متطور، وبرنامج نووي سعودي، تعد تهديداً خطيراً على إيران.
وتابع أن هذه الخطوة الشاملة تقلل نفوذ الصين في الشرق الأوسط وتستأنف مبادرة محور البنى التحتية الأمريكي من الهند إلى ميناء حيفا.
إسرائيلياً، يدور الحديث عملياً عن نهاية النزاع الإسرائيلي العربي وعن فرصة اقتصادية هائلة الأحجام، فضلاً عن الحقيقة الأهم؛ أن كل أهداف الحرب تتحقق (شرط الصفقة هي عودة المخطوفين، وألا تحكم حماس في غزة، أما تهديد حماس العسكري فعلى الجيش الإسرائيلي أن يتولاه مسبقاً).
*المعضلة: صفقة أم عودة حماس؟*
أحد العناصر الأكثر تفجراً من ناحية إسرائيل في إطار مبادرة أمريكية كهذه، هي عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة وتعهد بحل الدولتين، وإن كان تعهداً غامضاً. ينبغي التشديد على أنها ليست مشكلة حزبية فحسب؛ فالجمهور الإسرائيلي، بغض النظر عن الموقف الحزبي، غاضب ومغتاظ.
وتابع أن هذه مشاعر لم تتبدد رغم كل نجاحات في ميدان المعركة، ورغم ثمن باهظ دفعته غزة حتى الآن وأن هذا الغضب وجد تعبيره في استطلاع القناة العبرية الـ12 الذي نشر مؤخراً، وتبين فيه أن أغلبية ساحقة من الجمهور تعارض استمرار إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة ما بقي مخطوفون لدى حماس. إضافة إلى إحساس قاس لدى كثيرين من صفقة تتضمن تحرير سجناء “ثقيلين”. ويتضمن السطر الأخير عدم رغبة تامة في إعطاء الفلسطينيين أي إنجاز.
وبعد كل هذا، تكمن المعضلة بين البدائل؛ فالفوضى الحالية في غزة (والامتناع عن الحسم بين البدائل أعلاه) معناها واحد: عودة حماس. لما كان الحديث يدور عن واقع غير معقول، ولسنا مستعدين للعيش إلى جانب حكم حماس، فإننا مطالبون بعرض عنوان سلطوي مدني بديل في غزة. فضلاً عن ذلك، فإنه بعد استكمال تفكيك كتائب حماس المتبقية، فسينسحب الجيش على أي حال من قطاع غزة، خصوصاً إذا ما خرجت صفقة مخطوفين إلى حيز التنفيذ.
وأضاف أن أي صفقة مخطوفين بدون إطار إقليمي ستبقي حكم حماس على حاله، بل ستعززه؛ لأن الشارع الفلسطيني ستعتبر حماس أنها أخضعت إسرائيل عسكرياً، وهي التي ستوزع الغذاء على السكان والتي استطاعت تحقيق “استعادة الكرامة العربية” بتبييض السجون الإسرائيلية.
في السطر الأخير، بغياب البدائل سنبقي حماس ونبقى مع إحساس الإحباط على تحرير سجناء ثقيلين، من هنا، فإن المبادرة الأمريكية أفضل عشرات الأضعاف من صفقة ضيقة تفوق نواقصها فضائلها.
*حرب استنزاف مع حماس*
ما العمل، إذن، بتلك السلطة الفلسطينية الإشكالية إياها؟ السلطة الفلسطينية ليست هيئة صهيونية مؤيدة لإسرائيل، لها مشاكل عسرة، وتدير صراعاً سياسياً وقانونياً ضد إسرائيل، لكنها بالمقابل، تسمح بتحقيق مسؤولية أمنية إسرائيلية على المنطقة.
وتابع، "هذه هي السلطة الفلسطينية إياها التي عرفها وزير الجيش مؤخراً كذخر هام للأمن القومي الإسرائيلي، ومع أن الوزير قال هذا في سياق الضفة، لكن نفس السلطة (محسنة، بعد أن تجتاز إصلاحات) هي التي ستكون في غزة، فلئن كانت جيدة بما يكفي للضفة، فهي على ما يبدو أفضل من حماس في غزة.
إذا قررت إسرائيل رفض المبادرة الأمريكية ومواصلة الخطوة العسكرية، فيجب أن يكون خيارها فرض حكم عسكري على غزة، وهو وضع أفضل من الفوضى التي ستعيد حماس إلى الحكم في القطاع.
وأوضح أن معنى الحكم العسكري في قطاع غزة هو وجود دائم لألوية الجيش الإسرائيلي، ويدور الحديث عن حجم هائل من القوات على مدى زمن طويل، له نواقص في الساحة الدولية ومعان حول التأييد الأمريكي للحرب، وسيؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي كون تجنيد الاحتياط سيتسع، والاحتكاك الدائم مع السكان الفلسطينيين سيعطي مؤشراته. وهو واقع غير موصى به، ويتناقض مع سياسة حكومة إسرائيل حتى الآن. لكن إذا كان هذا البديل موضع تفكير، فإن النقاش في “اليوم التالي” يكون ملحاً أكثر من أي وقت مضى، إذ إن انتشاراً كهذا يستوجب توافقات مع الواقع الجديد.
إذا لم يكن الحكم العسكري وارداً ولا نوافق على المبادرة الأمريكية، فإننا عملياً سنجلب على أنفسنا هزيمة سياسية، قد نواصل الانتصار في المعارك التكتيكية، لكننا سنغرق في حرب استنزاف لا تنتهي مع حماس.
وتابع، المبادرة الأمريكية ستذوي ابتداء من الصيف، مع دخول حملة الانتخابات في الولايات المتحدة في حالة تسارع عال، وحتى في وضع انتخاب رئيس آخر وبداية ولاية رئاسية جديدة، لا ضمان أو احتمال حقيقي لإعادة الدولاب إلى الوراء.
نحن في وقت حرج لاتخاذ قرارات سياسية ذات تداعيات تاريخية، التلبث والتأخر سيؤديان إلى ضياع الفرصة، ومن المجدي أن نشخص تلك النقطة المتملصة في الزمن التي تصل فيها الاستراتيجية العسكرية وحدها إلى الاستنفاد واستمرار تمديدها دون غلاف إضافي يؤدي إلى الفشل.
وختم هايمن مقاله قائلا: " نأمل أن يعقل زعماؤنا في تشخيص هذه النقطة، لأنها تقترب مسرعة، وتنقضي بالسرعة ذاتها".
أضف تعليق