الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاربعاء 17/1/2024 العدد 911
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
هآرتس 17/1/2024
حول موضوع المختطفين: “مجلس حرب” منقسم ورئيس أركان يحذر.. ونتنياهو ينتظر ترامب
بقلم: عاموس هرئيل
الأهداف الرئيسية للحرب في القطاع: تدمير قدرات حماس وخلق ظروف لإعادة المخطوفين، تصطدم ببعضها، بل وغير متزامنة في الجدول الزمني. بعد 7 تشرين الأول، خطط الجيش الإسرائيلي لمعركة من أربع مراحل.
المرحلة الثالثة التي يجري الحديث عنها، والتي يفترض أن يُقلص فيها حجم القوات في القطاع والانتقال إلى عمليات أكثر محدودية، كان يتوقع أن تبدأ خلال ثلاثة أشهر منذ اندلاع الحرب. يحدث الانتقال إليها بالتدريج الآن، ويتحدث الجيش عن أشهر كثيرة أخرى من القتال التي سنحتاج إليها في إطار الصيغة المقلصة، قبل استقرار الوضع في القطاع وإزالة تهديد حماس العسكري عقب تدمير جزء من منظومتها.
لكن هذا الجدول الزمني لا يتساوق مع الخطر الحقيقي المتزايد على حياة المخطوفين في القطاع. أمس، أعلنوا في “كيبوتس بئيري” عن موت المخطوفين ايتاي سيفرسكي ويوسي شرعابي، بعد أن قالت حماس إنهما قتلا مؤخراً في الهجمات الإسرائيلية. قرر الجيش حتى الآن، استناداً إلى معلومات استخبارية وأدلة جزئية للطب الشرعي، بأن أكثر من 20 مخطوفاً ماتوا في الأسر أو قتلوا في 7 تشرين الأول وتم اختطاف جثامينهم. ربما يكون العدد الحقيقي أكبر.
في ظروف الأسر التي يصعب تحملها، التي يتحدث عنها المخطوفون الذين تحرروا قبل شهرين تقريباً، يمكن إبلاغنا بعد ذلك عن موت مخطوفين آخرين. هناك قلق كبير أيضاً على وضعهم النفسي، من هنا تأتي الإلحاحية التي تبثها عائلاتهم من أجل إطلاق سراحهم. عمليات الجيش الإسرائيلي لا تؤدي الآن إلى إطلاق سراح مخطوفين، والعائلات تخشى من أن تؤدي نشاطاته إلى موتهم.
وزير الدفاع، يوآف غالانت، كرر أمس الادعاء بأن استمرار الضغط العسكري على حماس هو وحده ما سيؤدي إلى عقد صفقة تبادل جديدة، وأنه لن يحدث شيء بدون هجمات الجيش الإسرائيلي. بعض قادة الجيش يتفقون معه، لكن بصورة أقل حسماً.
رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يعود إلى الشعارات الفارغة (“سنحارب حتى الانتصار”)، لكن الأمر لديه ينبع من اعتبارات البقاء. فهو يعرف أن الدعم المتزايد للجمهور لإجراء صفقة ستشمل تنازلات مؤلمة، وهي عملية ستفكك حكومته من الداخل لأن شركاءه في اليمين المتطرف يمكن أن ينسحبوا منها.
وزيرا المعسكر الرسمي بني غانتس وغادي آيزنكوت، وإلى جانبهما المراقب من “شاس” آريه درعي، يقفون أمام نتنياهو وغالنت والوزير رون ديرمر، الذين يعارضون صفقة تشمل الوقف الكامل لإطلاق النار وإطلاق سراح آلاف السجناء الفلسطينيين. هم يظهرون وكأنهم يسعون إلى صفقة حتى بثمن محتمل يتمثل في وقف القتال (بدرجة ما اعتراف بانتصار حماس في هذه الجولة). ويتعلق ادعاؤهم في المقام الأول بالواجب الأخلاقي للدولة تجاه المخطوفين الذين هم في معظمهم من المدنيين، والذين تم تركهم لمصيرهم عقب الفشل الأمني والاستراتيجي الذريع.
هناك أيضاً تذمر من سير العمليات العسكرية. قائد الفرقة 98، العميد دان غولدبس، يبدو أنه الرجل الأكثر تصميماً في الشرق الأوسط، لكن الجهود الكبيرة التي يبذلها في خانيونس لتحديد مكان كبار قادة حماس والرهائن، لم تثمر عن نتائج حتى الآن. يدمر جيش الدفاع الإسرائيلي الآن الأنفاق ويقتل الإرهابيين، لكن القتال يجري بحذر وبطء. ورغم القناعة الذاتية الواضحة للمؤسسة الأمنية فمن غير المؤكد أن يحيى السنوار وعصابته والمخطوفين ما زالوا في الأنفاق تحت المدينة، وأنهم لم يغادروا في الأسابيع الأخيرة. هناك، في أوساط 1.5 مليون شخص تقريباً كدروع بشرية فوق الأرض، ربما يشعر رئيس حماس في القطاع بأنه أكثر أمناً.
ثمة إحباط كبير لدى المستويات العليا في الجيش و”الشاباك”. وخوفهم نابع من أن تقضم اعتبارات رئيس الحكومة السياسية الإنجازات التي تراكمت حتى الآن. في “أخبار 13” نشرت المراسلة موريا اسرف فيلبرغ، أن رئيس الأركان هرتسي هليفي حذر المستوى السياسي بأن رفض بلورة استراتيجية لليوم التالي سيؤدي إلى انجرار الجيش الإسرائيلي لتكرار العملية في المناطق التي أنهى القتال فيها من قبل. تحذير هليفي موجه بالأساس إلى شمال القطاع، حيث عادت حماس إلى استعراض معالم الحكم بصورة غير علنية بعد تقليص قوات الجيش الإسرائيلي. مؤخراً، تم إطلاق الصواريخ والقذائف عدة مرات من مناطق في شمال القطاع، التي سيطر عليها الجيش في تشرين الثاني. ستحاول حماس تنظيم استعراض حضور فوق الأرض لتثبت أنها ما زالت تسيطر على شمال القطاع.
الشلل الذي يتحدث عنه رئيس الأركان ينبع من غياب مناقشة اليوم التالي ومن رفض نتنياهو لترديد الكلمات الثلاثة التي تريد الإدارة الأمريكية أن تسمعها: سلطة فلسطينية مجددة. وهي الجسم الذي تريد واشنطن أن يشارك في إدارة القطاع مستقبلاً، هذا إذا كان بالإمكان تقليص قوة حماس. ولكن بالطبع نتنياهو يرفض ذلك، وهو واقع تحت ضغط الوزيرين بن غفير وسموتريتش، ويريد توحيد قاعدة اليمين حول وعده بأنه وحده من يمنع إقامة الدولة الفلسطينية، ويبدو أنه يعتمد أيضاً على احتكاك مستمر مع الإدارة الأمريكية على افتراض أنه بذلك يلقي المسؤولية على الأمريكيين عن عدم تحقيق أهداف الحرب، في الوقت الذي ينتظر فيه فوز دونالد ترامب في الانتخابات في تشرين الثاني المقبل.
--------------------------------------------
يديعوت أحرونوت 17/1/2024
إسرائيل تقامر بـ “المحتجزين” لدى حماس: هم والسنوار بكبسة زر
بقلم: رونين بيرغمان
دولة إسرائيل، وجهازها الأمني، والجيش، والموساد، و”الشاباك”، ووزارة الدفاع، ومحيط رئيس الوزراء، كلهم بثقة ذاتية عالية كمن يدخل إلى ساحة قمار ويبدأ باللعب. هكذا شبه أمس أحد أكثر المطلعين على بواطن الحرب الأخيرة، الوضعية الحالية.
هو مدرك للمعلومات الحساسة والتخطيطات العملياتية لتحقيق واحد على الأقل من أهداف الحملة – قتل السنوار أو تحرير المخطوفين. لكن هذا لم يتحقق حتى الآن، وتقف دولة إسرائيل أمام ماكينة الحرب وتواصل اللعب رغم خسارتها المرة تلو الأخرى، ثم تواصل العمل بالضبط ذاته على أمل مجيء اللحظة فينقلب الحظ ثم يكون الفوز الأكبر. 100 يوم والجيش والاستخبارات لا يتحدثون إلا همساً عن إمكانية تحقيق ما كان الجميع يخافونه: قتل المخطوفين في ظروف ترتبط مباشرة بالمناورة البرية التي يفترض أن تنقذهم.
لا يهم كيف يموت إسرائيلي ما لدى حماس، فمن اللحظة التي اختطف فيها، تكون حماس هي المذنب في موته وليس سواها، وهي التي جلبته إلى هذا الوضع.
إذا ما قتل مخطوف ما في سياق الحملة – سواء سقط عليه البيت، أم اختنق في نفق قصف، أم قتلته حماس في إطار حملة إنقاذ له، أو شخصه الجيش كمخرب فقتله… فإنهم يتحدثون الآن ولأول مرة بهمس عن الإمكانية، وعن الحاجة لإعادة التفكير أنه ربما لا احتمال حقاً للوصول إلى الفوز الأكبر في ماكينة القمار هذه ومواصلة اللعب فيها، فهي أشبه بضرب الرأس في الحائط، غير أن الحديث في هذا الواقع لا يدور فقط عن مال نخسره، بل عن بشر يجتازون عذابات مضنية، بل وربما يدفعون الثمن بحياتهم.
سرعان ما تبين أن احتمال إنقاذ المخطوفين عن طريق القوة طفيف جداً، في ضوء استعدادات متشددة من جانب حماس لأي إمكانية محاولة إنقاذ كهذه، ويبدو أن الأوامر الصادرة لمن يحتجز الرهائن هي قتل المخطوفين خصوصاً إذا شكوا بأي محاولة إنقاذ، وذلك من دون حساب أو تفكير في إمكانية التفاوض.
موضوع المخطوفين لم يكن في البداية في رأس سلم أولويات القادة. كما أنه لم يندرج كهدف من أهداف الحرب. في 16 أكتوبر، بعد ضغط جماهيري شديد وانتظام أهالي المخطوفين، أضاف “كابينت الحرب” سراً موضوع المخطوفين كهدف ثان للحرب. وبعد وقت قصير، بدأ الحديث أيضاً عن أن الخطوة البرية ستساعد في تحريرهم. أما عملياً فربما حصل العكس؛ فاستخدام هذه الذريعة أتاح إطالة مدى المناورة.
لكن لا يمكن القول إن التفكير بممارسة الضغط العسكري عديم المنطق، وخصوصاً إذا لم يأخذ بالحسبان ما يعرفه عن الأنفاق: عددها، وعمقها، وطولها، تطورها، صعوبة تدميرها. 157 تحت خانيونس وحدها، حسب ما نشرته “نيويورك تايمز” أمس.
المناورة البرية أحدثت لحماس أزمة في ثلاثة مجالات: قتال شديد في الشمال، وحاجة السنوار لجمع كميات أكبر من الوقود والغذاء مما اعتقد منذ البداية، وضائقة المدنيين التي تزعجه تمس بمصلحة حماس.
المشكلة أنه حتى لو لم تتوقف المعركة وواصل غالانت خطوة عسكرية تتضمن احتلال جزء من القطاع على الأقل، فلا أحد يضمن انتهاءها في غضون وقت قصير في ظل تحقيق الأهداف. عملياً، يقول الجيش إنه يحتاج لسنتين حتى يكمل الهمة، وذلك دون أن يشرح ما سيحصل للمخطوفين في هذا الوقت. هدفان متعارضان.
لكيلا يكون الهدفان متعارضين، تأمل إسرائيل بوقوع معجزة، فتنجح في الجسر بين الهدفين، وتطور ابتكاراً يسمح بكشف شبكة الأنفاق المعقدة والهائلة فتصل إلى السنوار دون أن يصاب المخطوفون بأذى، فيضطر السنوار تحت الضغط بالتوقيع على صفقة يمكن أن تهضمها إسرائيل وتسمح لها بقتله دون أن يتمكن من الضغط على زر يطير الجميع في السماء.
--------------------------------------------
إسرائيل اليوم 17/1/2024
المعضلة واضحة: إما نحن نحكم المنطقة أو حماس
بقلم: ايال زيسر
أسابيع الأخيرة يتقاتل فيما بينهم وزراء الحكومة في مسألة البحث في مستقبل القطاع " في اليوم التالي" أو تأجيل البحث الى ان ينهي الجيش الإسرائيلي المهمة التي كلف بها، يهزم حماس، يدمر قدراتها العسكرية ويسقط حكمها في غزة.
هذا البحث لا يمكنه أن ينتظر لان الحديث لا يدور عن مسألة نظرية موضوعها المستقبل البعيد وذلك على فرض أن إسرائيل لن تتراجع أولا بل ستواصل القتال ضد حماس حتى تهزمها. "اليوم التالي" حل منذ الان وهو هنا - على الأقل في شمال القطاع، واولا وقبل كل شيء، في مدينة غزة.
قبل نحو اسبوعين افاد الناطق العسكري الإسرائيلي بانه "استكمل تفكيك الاطار العسكري لحماس في شمال القطاع" وان "للجيش الإسرائيلي سيطرة عملياتية شبه كاملة في هذا المجال. هذا الإنجاز هو الذي قبع في أساس الانتقال الى المرحلة الثالثة في الحرب، الذي اعلن عنه وزير الدفاع يواف غالنت في اطار هذه المرحلة سيقلص الجيش الإسرائيلي نطاق وشدة اعمال قواته في شمال القطاع ولاحقا ربما أيضا في وسط القطاع ومنطقة خانيونس، بعد أن تضرب فيها حماس أيضا. وعندها سينتقل الجيش الإسرائيلي من "مرحلة المناورة المكثفة" التي تنطوي على استخدام مكثف للقوات، الى "عمليات خاصة" أساسها اجتياحات ودوريات لقوات صغيرة من الجيش الإسرائيلي، لكن هذا دون مواصلة الاحتفاظ بشكل دائم بمعظم أراضي القطاع.
وبالفعل، يتبين من تقارير الصحافيين العاملين في شمالي القطاع بان الجيش الإسرائيلي انسحب من معظم المنطقة التي احتلها في داخل مدينة غزة وفي مخيمات اللاجئين حولها وان قواته انتشرت في محور الشاطيء في غرب غزة وفي "رواق نتساريم" الذي يفصل بين شمال القطاع وجنوبه.
المعنى هو ان مدينة غزة ومحيطها، حيث لا يزال يوجد نحو 200 الف من السكان، بقيت في فراغ سلطوي تملأه حاليا منظمات دولية ووكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة وعلى رأسها الاونروا. إضافة الى ذلك، بضغط من الولايات المتحدة التي طالبت كما هو معروف السماح للغزيين الذين فروا من شمال القطاع العودة الى بيوتهم، وافقت إسرائيل على السماح بوفد من الأمم المتحدة التجول في المنطقة للتعرف على الواقع وعلى الاحتياجات واعداد خطة لعودة أولئك الغزيين الى بيوتهم.
غير أن في الحياة الحقيقية لا يوجد فراغ، واذا لم يملأ احد الفراغ في شمال القطاع فان حماس هي التي ستعود لتحكم المنطقة - أولا ان تدير حياة السكان وبعد ذلك أيضا ترمم بناها التحتية لحماس، حتى وان كان بشكل جزئي ومحدود.
مخطيء إذن من يعتقد ان الأمم المتحدة وباقي المنظمات الدولية ستمنع مثل هذه "العودة"، إذ ان بعضها أولا وقبل كل شيء الاونروا لیست سوی متعاونين مع حماس، تمنحها حتى وان لم يكن بشكل معلن ومقصود، مساعدة وغطاء، مثابة توزيع أدوار، تحرص فيها المنظمات الدولية على احتياجات السكان بينما تسيطر حماس على المنطقة وعلى السكان. تقسيم عمل مشابه يوجد في جنوب لبنان حيث أصبحت اليونيفيل متعاون مع حزب الله تمنحها الغطاء والشرعية.
لاعتبارات معروفة، وبالطبع مغلوطة، إسرائيل تمتنع إذن عن الحكم المباشر في شمال القطاع او أخذ المسؤولية عن حياة السكان على عاتقها والمفهوم الذي يقع في أساس هذه السياسة يقوم على الافتراض بان الامر سينطوي على كلفة مالية عالية السكان سيؤدي الى احتكاك مع المحليين و لا يتوقف سيجبي اثمانا من الجيش الإسرائيلي وأخيرا أيضا يثير نقدا دوليا على إسرائيل.
غير أن الحديث يدور بالضبط عن ذات المفهوم الذي أدى بنا الى 7 أكتوبر، المصيبة التي كلفتها الاقتصادية وثمنها بحياة الانسان كانتا اعلى عشرات الاضعاف من بديل الحكم المباشر في القطاع.
ما ينبغي لإسرائيل أن تفعله هو ان تحكم بشكل مباشر في كل أجزاء القطاع التي احتلتها، وبالتأكيد في المدى المنظور للعيان الى ان توجد الجهة، اذا ما وجدت، التي يمكنها أن تنقل اليها المسؤولية عن القطاع. من هذه المناطق يجب طرد عموم المتعاونين مع حماس، وعلى رأسهم منظمة الاونروا، وإقامة حكم عسكري فيها هو وحده يمنع الفراغ السلطوي الذي معناه عودة حماس. العضلة واضحة إما نحن نحكم المنطقة أو حماس.
--------------------------------------------
يديعوت أحرونوت 17/1/2024
ما كان لإسرائيل أن تصمد 3 أشهر لولا بايدن: لماذا تغلق النافذة يا نتنياهو؟
بقلم: أورلي ازولاي
سبق أن جربنا كل شيء: قتلناهم، قصفناهم، جوعناهم، فرضنا حصاراً على غزة، وأصبحنا أسياد البلاد في الضفة. أما هم فذبحونا وفجرونا وخطفونا بوحشية لا مثيل لها، وسلبوا أرواحنا. ولم يعد مهماً من بدأ ومن الذكي ومن المحق في وقت غليان الدم واتساع الهوة. والغريزة الأولية هي رفع قبضة أكبر، ونصب فخ أكثر ذكاء، وسفك دم أكثر منهم بعد أن سفكوا دمنا. لنا روح وشرف، ولهم أيضاً قلب وذكريات وتاريخ. تعلمنا حدود القوة عبر مسارات الدمار وجداول الدم في غزة.
لم يبق سوى شيء واحد لم نجربه: السير في الاتجاه المعاكس: رسم خريطة، وندع الشمس تشرق. ومن المهم في هذه الحالة إعادة المخطوفين إلى الديار، ولكن ليس في تابوت أو بعد أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة في نفق. سنتفكك إذا لم نعِدهم. وحتى لو كان هذا سبباً لوقف الحرب التي سارت بنا حتى الآن إلى اللامكان ونحن معذبون.
الحروب لا تحسم النزاعات، إنما تأتي للضغط على الطرف الآخر كي يصل إلى تسوية سياسية تحل الخلاف، وتقدم جواباً للتطلعات والمخاوف، للإرادات والأحلام. كانت محاولات هنا وهناك، مثل اتفاق أوسلو: كان محقاً إسحق رابين حين وصف رجال “فتح” بأنهم “سكان الفيلل في تونس” لكنه فهم أيضاً بأنه لا يمكن العيش على الحراب، وسار شوطاً طويلاً كي يوقع على اتفاق معهم. أخطأ إسحق رابين حين لم يقم في اللحظة ذاتها، في أيلول 1973 بخطوة أخرى نحو دولة فلسطينية إلى جانبنا. لو لم يقتل لأنهى المهمة.
أخطأ نتنياهو عندما ضغط على ترامب لكسر الأواني حيال إيران بالخروج من الاتفاق النووي. الاتفاق إياه لم يكن كامل الأوصاف، لكنه أعطى جواباً: إيران أوفت بكل التعهدات، وبدأت بتسريع البرنامج النووي بعد أن كسر ترامب بتشجيع من نتنياهو، وقدم لها مبرراً لمواصلة تسريع أجهزة الطرد المركزي. الاتفاق إياه، الذي وقع في 2015 كان يفترض أن يفتح مسارات دبلوماسية حيال إيران. كان يمكننا أن نقتل مخزونات الكراهية والشر برقة.
الحقيقة المرة أنه لا يمكن أن تخوض إسرائيل حرباً بلا رعاية: فمن دون إرساليات بايدن العسكرية، ما كان لإسرائيل أن تصمد ثلاثة أشهر من القتال. عرض بايدن على نتنياهو طلباً لطرح أفق سياسي يؤدي إلى حل الدولتين، الحل الوحيد الممكن لوقف رقصة الدم وروائح الموت. أما نتنياهو فرد باحتقار، وكانت طرقة هاتف، ولأسابيع لم يتحدثا.
الآن، بدأت نافذة الفرص تنغلق شيئاً فشيئاً: بايدن يرى في نتنياهو زعيماً منكراً للجميل يقود دولته إلى الكارثة لخدمة نزعة بقائه السياسي. بايدن قلق على إسرائيل ويريد إخراجها من الوحل والمحافظة على المصلحة الأمريكية في عدم الانجرار إلى حرب شاملة. هذا هو وقت قبول التحدي الأمريكي: قد لا يكون بايدن في البيت الأبيض في الولاية التالية، فيصعد ترامب مثل بالون؛ فاز أمس في الانتخابات المبكرة في أيوا، ويبدو أنه في طريقه إلى الانتصار ليكون مرشح الجمهوريين. صرح أنه يكره الخاسرين، وهكذا وهذا ما وصفنا به في ذروة معاركنا في غزة. كما أنه ضد تمويل الحرب.
احتمال انتصاره على بايدن في هذه اللحظة ليس سيئاً، وحينئذ الويل لأمريكا وللعالم ولنا. وعليه، فهذه هي الساعة. الآن.
---------------------------------------------
هآرتس 17/1/2024
وفق رؤية واقعية: لن تحقق إسرائيل أياً من أهدافها.. وسيموت “المحتجزون” قريباً
بقلم: إسحق بريك
أي شخص عاقل يعرف حقيقة الوضع حول الحرب في غزة يدرك ما يعرفه المستوى السياسي والمستوى الأمني: لا يمكن القتال في مخيمات اللاجئين في رفح على طول الحدود مع مصر دون المس بالسكان الأبرياء الذين يعيشون هناك. يدور الحديث عن المخيمات الأكثر اكتظاظاً في منطقة الشرق الأوسط، التي فيها حوالي مليوني لاجئ، هرب معظمهم بتشجيع منا من شمال القطاع إلى الجنوب، ولا يمكن التمييز بين من هو حماس ومن هو الغزي غير المشارك. حماس تسيطر بشكل كامل على السكان في مخيمات اللاجئين في رفح، وعلى التموين (الوقود والغذاء) الذي يتم الحصول عليه من المساعدات الإنسانية ومن الأنفاق المخترقة للحدود وتصل إلى سيناء تحت محور فيلادلفيا، التي بواسطتها يتم تزويد حماس بالسلاح والذخيرة ووسائل الإنتاج منذ سنوات كثيرة.
أي محاولة للسيطرة على مخيمات اللاجئين في رفح ستحتاج إلى قتل جماعي لغير المشاركين. والولايات المتحدة والعالم لن يسمحوا لنا بذلك. وعليه، لن تتحمل إسرائيل المسؤولية عن القيام بمثل هذه العملية.
إضافة إلى ذلك، ليس لدينا حتى الآن أي حل للأنفاق الموجودة تحت محور فيلادلفيا (إغلاقها يحتاج إلى إقامة جدار بطول 13 كم وبعرض 40 متراً). بناء الجدار في قطاع غزة أمر مستحيل، لأن حماس لن تسمح بذلك. وفي الطرف المصري يمكن بناء الجدار تقنياً، لكن المصريين حتى الآن لا يوافقون على ذلك.
نفهم من كل ما قيل آنفاً أن تحقيق الهدف الذي تم وضعه، اجتثاث حماس، لا يلوح في الأفق. وتحقيقه يبتعد مع كل يوم يمر. إذا كانت هذه هي صورة الوضع هناك، حتى بعد أشهر أو بعد سنوات، فما هي جدوى الاستمرار في القتال في خانيونس وتحقيق إنجازات صغيرة لن تؤدي إلى تدمير حماس واجتثاث حكمها؟
هيا نحاول فحص الوضع الذي سنكون فيه بعد نصف سنة من الآن إذا واصلنا القتال في خانيونس ومخيمات وسط القطاع. سيكون هناك بضع مئات من القتلى وآلاف الجرحى، بمتوسط يتراوح بين 2 – 4 قتلى في اليوم، والكثير من المصابين بإصابات خطيرة. معظم الاحتمالات تشير إلى أننا لن نقضي على حماس، بل ستواصل الحكم في مخيمات رفح وستبقى لها طريق حرة من أجل الوصول إلى شمال القطاع ووسط القطاع من خلال مئات كيلومترات الأنفاق التي سنحتاج إلى سنوات لتدميرها، هذا إذا نجحنا في ذلك. الآن يتجول رجال حماس الذين خرجوا من فتحات الأنفاق في مدينة غزة وجباليا التي سبق أن احتللناها، وهم الآن يحاربوننا ويوزعون الغذاء على غير المشاركين كما يشاؤون. أما المخطوفون فلم يعد باستطاعتنا إعادتهم إلى بيوتهم على قيد الحياة بافتراض أن معظمهم لن يبقوا على قيد الحياة في نصف السنة القادم ضمن الظروف القاسية التي يعيشونها.
المعنى القاسي هو أن الجيش لن يحقق الهدفين الأساسيين اللذين وضعا للحرب: الأول القضاء على قدرة حماس العسكرية والحكومية، والآخر إعادة المخطوفين إلى بيوتهم على قيد الحياة. وعدم تحقيقهما ثمنه باهظ جداً: مئات القتلى وآلاف الجرحى، من بينهم بإصابات خطيرة. لكيلا نصل إلى هذا الوضع العبثي، يجب تغيير النموذج، ويجب الخروج من خانيونس ومخيمات وسط القطاع في المرحلة الثالثة للحرب الآن، ومحاصرة خانيونس من الخارج كما تقرر فعله في مدينة غزة. عند الحاجة، نقوم بالقصف من الجو والانقضاض على قوات حماس بصورة جراحية، بمساعدة الاستخبارات الدقيقة، حتى لا تتمكن من رفع رأسها. الآن يجب اعتبار تحرير جميع المخطوفين الهدف الأسمى – الذي ما زلت أعتقد أن تحقيقه ممكن، والذهاب بعيداً من أجل التوصل إلى تفاهمات مع حماس حول إطلاق سراحهم على الفور حتى بثمن وقف القتال. وإلا فلن نحقق أي هدف من هذه الأهداف.
---------------------------------------------
هآرتس 17/1/2024
في “دولة غزة”… هل جربنا حل الدولتين وفشل؟
بقلم: ديمتري شومسكي
منذ الكارثة في 7 تشرين الأول يدور في أوساط بقايا اليسار الإسرائيلي نقاش حاد حول “مسألة السياق”: لا علاقة سببية ملموسة لهجوم الإبادة الجماعية الذي شنته حماس ضد مواطني إسرائيل، وأي محاولة لتقديم مثل هذا التفسير ستصل في الحقيقة إلى مستوى تبرير المذبحة.
من يؤيدون فرضية السياق يقولون إنه لا يمكن فصل عنف حماس الجماعي ضد الإسرائيليين الأبرياء عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي، خاصة عن التجربة الفريدة التي أجريت على مليوني إنسان – الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة. في المقابل، من يرفضون فرضية السياق يقولون إن الأمر يتعلق بمحاولة ظالمة ومرفوضة أخلاقياً لاتهام الضحية، ولا صلة بين اغتصاب النساء وقتل الأطفال وبين النضال من أجل العدالة والحرية للشعب الفلسطيني. من الممتع رؤية إلى أي درجة بات هذا النقاش اليساري الداخلي مقطوعاً عن الروح السائدة عقب 7 تشرين الأول في أوساط الإسرائيليين العاديين. ففي حين تتجادل حفنة من اليساريين حول مسألة علاقة الاحتلال في فهم أسباب المذبحة، فإن معظم الإسرائيليين على قناعة بأن الاحتلال الإسرائيلي لم يكن موجوداً أبداً في يوم السبت اللعين. وكل ذلك ليس بالضرورة لأن “شعب إسرائيل لا يمكن أن يكون محتلاً في أرض إسرائيل” – المفهوم الذي يميز اليمين المتدين – بل لأن إسرائيل كما يرى أغلبية الإسرائيليين، لم تسيطر منذ فترة طويلة على مصير ومستقبل الفلسطينيين، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين في قطاع غزة.
هذه الرواية التي يمكن سماع صداها في كل محادثة في الشارع الإسرائيلي بعد 7 تشرين الأول، توضح الفرق الجوهري بين تجربة خيبة الأمل بعد الصدمة في أوساط حفنة اليساريين من جهة، وأغلبية الإسرائيليين من جهة أخرى. جزء من اليساريين الذين يعتبرون أنفسهم الآن “خائبي الأمل ومستيقظين” استنتجوا أن التفكير في إمكانية بلورة اتفاق حول دولتين ليس سوى وهم. في المقابل، يعتقد الإسرائيليون العاديون أن حل الدولتين تمت تجربته في السابق على الأرض، في إسرائيل وفي غزة، بل إن إسرائيل وافقت على تخصيص جزء من مواردها للدولة في غزة، وظهرت نتائج هذه التجربة مخيفة: غزو القوات العسكرية لدولة غزة لحدود إسرائيل.
مع وجود يساريين “استيقظوا” من حلم الدولتين، فإن أغلبية الإسرائيليين في المقابل “استيقظوا” مما يعتبرونه تجسيداً لنموذج الدولتين في الواقع. ولأن مرحلة الدولتين بالنسبة لهم تجربة غير ناجحة، يجب تبني البديل الواقعي الوحيد الذي يخطر ببالهم، وهو احتلال كل قطاع غزة وفرض حكم عسكري مباشر عليه. من الوضع الذي فيه معظم الإسرائيليين على قناعة بأننا نعيش في عهد ما بعد الدولتين بعد 7 تشرين الأول، تظهر نتائج حاسمة، من الأفضل لبقايا اليسار الإسرائيلي أن تعترف بوجودها. الأولى، أن تؤيد أغلبية الشعب الإسرائيلي لفترة طويلة استمرار قتال إسرائيل في القطاع بهدف تدمير “الدولة الفلسطينية” المعادية ومنع العودة إلى نموذج حل الدولتين الفاشل والمدمر. الثانية، الإمكانية الوحيدة لدفع جزء من الإسرائيليين العاديين إلى الاعتراف بصلاحية حل الدولتين هي إقناع بعضهم بأن النموذج الوحيد بين إسرائيل وقطاع غزة، الذي كان قائماً منذ الانفصال وحتى 7 تشرين الأول، كان بعيداً جداً عن الاتفاق بين دولتين. صحيح أن محاولة الإقناع هذه بمثابة عمل “سيزيفي” في الواقع الحالي، ولكن رغم ذلك، لم ولن تكون هناك أي طريقة أخرى تجعل الإسرائيليين يؤمنون بوجود أفق سياسي.
---------------------------------------------
هآرتس 17/1/2024
هذا ما يجب أن تفعله إسرائيل قبل انفجار الضفة
بقلم: أسرة التحرير
يفضل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعريض إسرائيل للخطر أكثر من تعريض حكومته له، التي تستند إلى اليمين المتطرف المتشوق للضم والتفوق اليهودي والحرب. هذا هو الاستنتاج المحتم لتجاهله الإجرامي لتحذيرات متكررة من الجيش و”الشاباك”.
رسالة جهاز الأمن لا تقبل التأويل: إسرائيل ملزمة بالتخفيف عن الوضع الاقتصادي المحتدم في الضفة. كما أن الأمريكيين أيضاً يرفعون لإسرائيل رسالة مشابهة. فلأجل التخفيف من الأزمة الاقتصادية في الضفة، على إسرائيل أن تسمح بدخول، محدود ومراقب جداً، للعمال، حتى في ذروة الحرب، بالضبط مثلما تسمح الآن بدخول محدود ومراقب للعمال الفلسطينيين إلى المستوطنات. كما أن على الحكومة أن تحول كل أموال الضرائب التي تعود للسلطة الفلسطينية دون اقتطاع القسم الذي يحول منه إلى غزة.
عملية الطعن والدهس في التي جرت في “رعنانا” وقتلت فيها امرأة ابنة 79 وأصيب 17 مواطناً، هي إشارة خطيرة لموجة إرهاب. لا ينبغي أن يستخلص منها أنه محظور إدخال العمال، لأن الحديث يدور عن ماكثين غير قانونيين كانوا عملياً ممنوعي الدخول إلى إسرائيل لاعتبارات أمنية.
إن الاشتعال الأمني في الضفة وفتح جبهة إضافية في الحرب هما خطر يجب منعه. لكن الحكومة تشعل أوار هذه الحرب من خلال خنق اقتصادي، وتصريحات استفزازية تجاه السلطة الفلسطينية، وتشبيهات عديمة المسؤولية بينها وبين حماس، وإعطاء ضوء أخضر للمستوطنين للتسلح ودحر مزيد من الفلسطينيين إلى خارج أراضيهم في الضفة.
كل هذا في الوقت الذي يتواصل فيه التنسيق الأمني من السلطة مع إسرائيل، بما في ذلك اعتقال نشطاء حركتي حماس و”الجهاد الإسلامي”. يدرك نتنياهو وحكومته جيداً معنى وقف التنسيق الأمني، ومع ذلك يفضلان المخاطرة في الوقت الذي تقاتل فيه قوات الجيش في غزة وتحمي حدود الشمال. علينا ألا نسمح لمتطرفي المستوطنين في الحكومة إملاء السياسة ودهورة إسرائيل إلى انتفاضة ثالثة. على الحكومة أن تحرر الضفة من الخناق الاقتصادي عليها، وأن تلجم المستوطنين وتحمي التعاون مع السلطة.
يدور الحديث عن خطوات ضرورية لكن لا تكفي وحدها. فقد قال وزير الدفاع يوآف غالنت هذا الأسبوع إن “نهاية المعركة العسكرية يجب أن تكون جزءاً من فعل سياسي. التفكير السياسي هو الذي يقود الفعل العسكري، وانعدام القرار السياسي سيمس بتقدم العملية العسكرية”. أقوال صحيحة أيضاً بالنسبة للضفة الغربية. تحتاج إسرائيل لتقرير ما الذي تعتزم فعله في المناطق المحتلة. في المدى البعيد، لن يكفي تحسين الاقتصاد وتحرير أموال السلطة لمنع العمليات. على إسرائيل الاعتراف بالواقع: الحل السياسي وحده هو ما يحل المشكلة القومية. ولتحقيق ذلك على إسرائيل التخلص من نتنياهو، الذي فشل في هذه الساحة أيضاً.
---------------------------------------------
إسرائيل هيوم 17/1/2024
مشتريات عسكرية بمليارات الدولارات
بقلم: يوآف ليمور
كدرس من الحرب، وفي أعقاب التهديدات الحالية والمستقبلية على إسرائيل، سينمو سلاح الجو بشكل دراماتيكي، وفي هذه الأيام يعمل منذ الآن على خطة جديدة هدفها التسلح بطائرات ومروحيات متطورة وبمخزون من الذخيرة الجوية أيضا.
حسب الخطة المقترحة، ستشتري إسرائيل في سلسلة صفقات بقيمة تقدر بعشرات مليارات الدولارات أربعة أسراب أخرى من طائرات قتالية متطورة وسربين من مروحيات قتالية. كما تفحص أيضا إمكانية التزود بطائرات شحن وقود أخرى. وإلى جانب ذلك، ستزداد دراماتيكيا كمية الذخيرة التي ستوضع تحت تصرف الجيش وستسرع سياقات إنتاج الذخيرة في إسرائيل، وذلك لزيادة الاستقلالية الإسرائيلية في المجال.
اثنان من الأسراب الجديدة سيكونان من طائرات F35 ("أدير") سينضمان الى سربي أدير اللذين سبق لسلاح الجو أن اشتراهما. سربان آخران سيكونان من طائرات F15 الحديثة (F15IA) التي ستنتج خصيصا لسلاح الجو الإسرائيلي. أما التزود بأسراب أخرى (كل واحد منها يضم 25 طائرة) فهو نتيجة مباشرة للحرب، لكن أيضا للفهم بأن لإسرائيل حاجة لقوة جوية أكبر وأكثر فتكا يمكنها أن تتصدى بنجاح للتهديدات في ساحة قريبة وبعيدة.
في سلاح الجو قرروا مشتريات موازية لنوعين من الطائرات بسبب قدراتها المختلفة من ناحية المدى، وزن الحمل ومزايا التملص. وتتمثل الرغبة أيضا في الامتناع عن الاعتماد على مورد وحيد، ومحاولة تقليص أزمنة الإنتاج والتسلح أيضا.
سياقات شراء السربين القتاليين (واحد من كل نوع) بدأت قبل الحرب، وهي توجد في مراحل تنفيذ مختلفة ومن المتوقع لها قريبا أن تصل الى إقرار نهائي في اللجنة الوزارية للتسلح. كما أن هذه السياق يتطلب إقرارات مختلفة في الولايات المتحدة وكذا اتفاقات مع شركات الإنتاج (لوكهايد مارتن وبوينغ).
التقدير هو أن صفقة F35 الأولى ستقر في الأيام القريبة المقبلة، بينما صفقة F15 الأولى ستقر أثناء ربع السنة الحالية.
سيستغرق التسلح ذاته وقتا أطول. طائرات F35 ستصل في السنوات الخمس المقبلة، بينما طائرات F15 الأولى ستصل مع نهاية العقد. هاتان الصفقتان ستمولان في إطار اتفاق المساعدات الأمنية الأميركية القائم.
بالتوازي بدأت دراسة للتزود بسربين قتالين آخرين سيتم تمويلهما من اتفاق المساعدات الأمنية الأميركية التالي (الاتفاق الحالي ينتهي في 2028).
في إسرائيل يفترضون لهذا الغرض فرضيات عمل عدة؛ أولاها أن مثل هذا الاتفاق سيوقع بالفعل وسيكون مداه مشابها، على الأقل، للاتفاق الحالي، الذي يبلغ 3.8 مليار دولار في السنة. ومع أنه تبقت أربع سنوات أخرى حتى نهاية الاتفاق الحالي، ستحاول إسرائيل العمل منذ الآن على اتفاق مستقبلي، بل وربما توسيع مداه لأجل الاستعانة بالإدارة الودية الحالية في واشنطن وبتأييدها الظاهر لاحتياجات إسرائيل الحربية.
وعلى فرض أن كل صفقات المشتريات هذه ستقر، ستقوم المنظومة القتالية لسلاح الجو ابتداء من العقد المقبل على أساس ثلاثة أنواع من الطائرات: 100 طائرة F16I ("سوفا") التي تطير منذ الآن في سلاح الجو؛ 100 طائرة F35 ("أدير") من ضمنها سربان تم شراؤهما منذ الآن وسربان آخران سيتم شراؤهما؛ وثلاثة أسراب F15 (اثنان من النوع الجديد وكذا سرب راعم F15I الذي يخدم في سلاح الجو منذ 25 سنة). استكمال التسلح سيتيح إخراج طائرات F15 وF16 القديمة عن الخدمة.
وإلى ذلك، بالتوازي مع مشتريات الطائرات القتالية، يتم التخطيط أيضا للتسلح بسربين من مروحيات قتالية من نوع أباتشي متطورة. حتى قبل الحرب خطط سلاح الجو لإغلاق سرب الأباتشي القديم ("باتان") والبقاء مع سرب واحد فقط من نوع أباتشي متطور ("شراف").
التأخير في إعطاء جواب لهجمة حماس في الساعات الأولى من الحرب والاستخدام المتواتر لمساعدة برية قريبة من القوات في أثنائها، أوضح بأنه مطلوب منظومة مروحيات قتالية أكبر. ولهذا فقد تقرر الشروع في إجراءات فورية لشراء سرب أباتشي ولاحقا سرب آخر أيضا.
هذه الصفقات لم يتم بعد إجمالها أو إقرارها، لكن في إسرائيل يأملون بأنه سيكون ممكنا عمل هذا في جدول زمني قصير وتسريع إجراءات التسلح، وذلك ضمن أمور أخرى استنادا الى حقيقة أن هذه المروحيات تنتج بشكل منتظم للجيش الأميركي.
كما أن المسؤولين في البلاد يعملون أيضا على تقصير سياقات التوريد لسنتين على الأقل لاثنتين من طائرات شحن الوقود التي تم شراؤها. كما يفحص سلاح الجو إمكانية شراء أربع طائرات شحن وقود أخرى يتم استيعابها في سرب جديد يقام في قاعدة سلاح الجو في نبطيم.
الى جانب التسلح بالطائرات والمروحيات الجديدة، تقرر أيضا الزيادة الكبيرة لمخزون الذخيرة الجوية لدى سلاح الجو. ولأجل تحقيق هذا يجري سياقان متوازيان: تسريع المشتريات في الولايات المتحدة وتسريع المشتريات في إسرائيل -بما في ذلك فتح خطوط إنتاج جديدة للذخيرة الثقيلة في مصانع شركات البيت الذي ستزيد جدا إنتاج الذخيرة للجيش البري مع التشديد على قوات المدرعات والمدفعية.
القرارات الجديدة التي اتخذت أثناء الحرب جاءت لزيادة الاستقلالية الإسرائيلية في مجال الذخيرة، لكنها لن تقلص التعلق الإسرائيلي في منصات السلاح الأميركية. وللجهات السياسية المختلفة التي تكثر من المناكفة للإدارة الأميركية نوصي أن تأخذ بالحسبان أنه في العقد والنصف القريبين ستكون إسرائيل ما تزال مكبلة بالمساعدة الأميركية دون أن يكون لها بديل.
---------------------------------------------
NYT : صواريخ الثلاثاء على نتيفوت تثير الجدل في "إسرائيل" حول اتجاه الحرب
سلط الهجوم الضوء على قدرة حماس المستمرة على تهديد الاحتلال الإسرائيلي نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحفيين آرون بوكسرمان وآدم راسغون قالا فيه إن مقاتلي حماس في شمال قطاع غزة أطلقوا ما لا يقل عن 25 صاروخا على مستوطنة نتيفوت في غلاف غزة يوم الثلاثاء، مما جدد انتقادات اليمين في "إسرائيل" لقرار الحكومة تقليص بعض العمليات العسكرية في الحرب.
وقالت حماس في بيان إنها استهدفت مستوطنة نتيفوت، على بعد حوالي ستة أميال من حدود غزة. وقالت الشرطة الإسرائيلية إن مبنى واحدا على الأقل تعرض لأضرار.
وسلط الهجوم الضوء على قدرة حماس المستمرة على تهديد الاحتلال الإسرائيلي بإطلاق الصواريخ على الرغم من أكثر من 100 يوم من الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي المدمر الذي يهدف إلى تدمير القدرات العسكرية للجماعة.
كما سلط وابل الصواريخ الضوء على الضغوط المتنافسة التي يواجهها القادة الإسرائيليون: المطلب الشعبي واسع النطاق بسحق حماس، والدعوات من السياسيين اليمينيين إلى أن يكونوا أكثر عدوانية في تلك الحملة، ومناشدات عائلات الأسرى لدى حماس لتقديم تنازلات لتأمين عودتهم والغضب في جميع أنحاء العالم بسبب المذبحة والدمار في غزة.
ويقول محللون عسكريون إسرائيليون إن الجيش أضعف بشكل كبير قدرات إطلاق الصواريخ لدى حماس وغيرها من الجماعات المسلحة الأصغر في غزة منذ بداية الحرب، لكنه لم يقض عليها - وهي عملية قالوا إنها قد تستغرق أشهرا، إن لم يكن أطول، لإتمامها.
وقال ياكوف أميدرور، الجنرال المتقاعد الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مقابلة: "إن استمرار إطلاق الصواريخ يخبرنا بأننا لم ننه مهمتنا. لا تزال هناك مناطق نحتاج إلى تنظيفها".
استشهد أكثر من 24 ألف فلسطيني في غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ونزح أكثر من 85 بالمئة من سكان غزة، والعديد منهم مهددون بالمجاعة والمرض، وفقا للأمم المتحدة. وقالت وكالة الأمم المتحدة التي تساعد اللاجئين الفلسطينيين، الثلاثاء، إن الحرب تسببت في أكبر نزوح للشعب الفلسطيني منذ طرد مئات الآلاف منهم في أواخر الأربعينيات، في الحروب التي أعقبت قيام "إسرائيل".
وقالت سيندي ماكين، مديرة برنامج الأغذية العالمي، يوم الاثنين: "الناس في غزة يواجهون خطر الموت من الجوع على بعد أميال قليلة من الشاحنات المملوءة بالأغذية. كل ساعة ضائعة تعرض حياة عدد لا يحصى من الناس للخطر".
يوم الثلاثاء، أكدت "إسرائيل" وحماس أن قطر توسطت في اتفاق يسمح بوصول المزيد من الأدوية والمساعدات الإنسانية الأخرى إلى سكان غزة مقابل توصيل الأدوية للأسرى الإسرائيليين المحتجزين هناك.
قبل الحرب، قدر الجيش الإسرائيلي أن حماس والجماعات الأخرى في غزة لديها ترسانة تزيد عن 10,000 صاروخ، لكن المسؤولين قالوا مؤخرا إن أكثر من 12,000 صاروخ تم إطلاقها على "إسرائيل" خلال الحرب.
ومن غير الواضح كم عدد الأشخاص الذين ما زالوا في أيدي حماس وحلفائها. وقال يسرائيل زيف، وهو جنرال متقاعد كان يقود القوات الإسرائيلية في غزة سابقا، لوكالة رويترز للأنباء إنه يُعتقد أن ما بين 10 بالمئة إلى 15 بالمئة من مجموعة مطلقي الصواريخ التابعة لحماس قبل الحرب والتي تضم حوالي 1000 مسلح لا تزال على قيد الحياة، وأن الحركة لا يزال لديها حوالي 2000 صاروخ.
وقال مسؤولون إسرائيليون في الأسابيع الأخيرة إن حملتهم ضد حماس تتحول إلى مرحلة أكثر استهدافا وسط انتقادات دولية متزايدة بشأن عدد القتلى المدنيين والأزمة الإنسانية في القطاع الفلسطيني.
يوم الاثنين، سحب الجيش الإسرائيلي فرقة من شمال غزة، كجزء من انسحاب أوسع للقوات يهدف جزئيا إلى تخفيف ضغوط الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي. وبعد القصف الصاروخي صباح يوم الثلاثاء، دعا الأعضاء اليمينيون في حكومة نتنياهو في زمن الحرب إلى إعادة النظر بشكل عاجل في هذا القرار.
وقال إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف، إن قرار سحب بعض الجنود كان "خطأ فادحا وخطيرا سيكلف أرواحا". وقد دعا بن غفير، أحد حلفاء نتنياهو الأكثر تشددا، إلى إعادة احتلال غزة إلى أجل غير مسمى.
وقال بن غفير في بيان إن وابل الصواريخ "يثبت أن غزو غزة ضروري لتحقيق أهداف الحرب".
وضغطت إدارة بايدن على "إسرائيل" لكبح هجومها، من أجل تقليل الخسائر في صفوف المدنيين والسماح للنازحين من شمال غزة بالعودة إلى ديارهم – على الرغم من إصرار الحكومة الإسرائيلية على أنهم لن يتمكنوا من العودة قريبا. وفي مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء، قال جون كيربي، المتحدث باسم البيت الأبيض: "نأمل أن يسمح سحب هذه القوات وهذا التحول المعلن عنه للناس بالعودة إلى شمال غزة".
وفي الأسابيع الأولى من الحرب، أطلق المسلحون الذين تقودهم حماس عشرات الصواريخ بشكل شبه مستمر، مما دفع عشرات الإسرائيليين إلى الهروب إلى الملاجئ المحصنة. لكن إطلاق الصواريخ تباطأ مع استمرار القصف الجوي الإسرائيلي والهجوم البري، ومع سيطرة القوات الإسرائيلية على مساحات واسعة من غزة.
وقال مسؤول في حماس إن التباطؤ كان قرارا استراتيجيا وليس علامة على استنفاد ترسانة الأسلحة بشدة، مضيفا أن الحركة لديها أسلحة كافية لمواصلة القتال لعدة أشهر.
وأوضح المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتصريح لوسائل الإعلام: "من الواضح تماما أن هذه الحرب ستستمر لفترة طويلة. من المنطقي أنهم لن يطلقوا كل ما لديهم الآن".
وقال إن "أهداف إسرائيل ثبت أنها مجرد خيالات"، مضيفا أن "الهجوم على نتيفوت اليوم هو دليل على أن استراتيجية إسرائيل لا تنجح".
وقال وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، الاثنين، إن "إسرائيل" أنهت عملياتها البرية "المكثفة" في شمال غزة وستنهي قريبا تلك المرحلة من القتال في الجنوب. وأوضح في مؤتمر صحفي أن القوات الإسرائيلية نجحت في تفكيك كتائب حماس المسلحة في الشمال و"تعمل الآن على القضاء على جيوب المقاومة"، واصفا إنجازات الجيش الإسرائيلي بأنها "مثيرة للإعجاب للغاية".
لكن المنتقدين في "إسرائيل" يتساءلون عن مدى قرب الجيش من هدفه المعلن المتمثل في القضاء على القدرة العسكرية لحماس، وما إذا كان القضاء عليها أمرا ممكنا. وقد قلل المسؤولون الإسرائيليون مرارا من قوة حماس، بدءا من قدرتها على تنفيذ هجوم مثل ذلك الذي حدث في 7 تشرين الأول/ أكتوبر إلى بناء شبكة أنفاقها، والتي وجدت القوات الإسرائيلية أنها أكبر بكثير وأكثر تطورا مما توقعت.
واستمر القادة الإسرائيليون في إخبار الجمهور بأن يتوقعوا استمرار القتال لعدة أشهر، حتى مع إعلان الجيش عن مقتل ما لا يقل عن 185 جنديا إسرائيليا منذ بدء الغزو البري في أواخر تشرين الأول/ أكتوبر.
وقال جدعون ساعر، النائب المعارض عن تحالف الوحدة الوطنية الذي انضم إلى حكومة الطوارئ التي تشكلت بعد بدء الحرب، في بيان له، الثلاثاء: "من الخطأ تقليص قوة الأنشطة العسكرية الإسرائيلية في غزة والقوات المنتشرة هناك في الوضع الحالي".
وقد سعى نتنياهو إلى إظهار الثقة في أن الهجوم الإسرائيلي على غزة سيسمح لعشرات الآلاف من الإسرائيليين الذين فروا من منازلهم بالقرب من حدود غزة بالعودة إلى ديارهم، لكن الهجمات الصاروخية المستمرة أضعفت تلك الآمال.
وقال نتنياهو لقادة المستوطنين في غلاف غزة، الثلاثاء: "نحن مصممون على إعادة بناء البلدات والكيبوتسات في ما يسمى بمحيط غزة، لإعادة السكان إلى منازلهم وتحقيق المزيد من الرخاء عما كان عليه قبل الحرب. ولكن لتحقيق ذلك، علينا أولا هزيمة حماس".
وقال سيرغي دافيدوف، الذي يدير مغسلة سيارات في نتيفوت، المدينة التي استهدفتها الصواريخ الفلسطينية يوم الثلاثاء، إن عدد زبائنه قد تضاءل منذ بداية الحرب. وقال إن بعضهم كانوا من جنود الاحتياط الإسرائيليين الذين تم استدعاؤهم للقتال، في حين كان آخرون غير مرتاحين بشأن القيام بالرحلة إلى المنطقة الحدودية.
وتابع دافيدوف، الذي يدعم مثل معظم الإسرائيليين الحرب ضد حماس: "أشعر أن الحكومة تدعمنا اقتصاديا، بما في ذلك من خلال تقديم المساعدة للشركات المتضررة من الحرب. ولكن من حيث الأمن ليس تماما".
---------------------------------------------
اضطراب بحري لم يحدث منذ عقود.. "الاقتصاد العالمي في قبضة الحوثيين"
نشرت صحيفة "التايمز" مقالا لروجر بويز، أشار فيه إلى أن أزمة البحر الأحمر بسبب عمليات جماعة أنصار الله "الحوثي" اليمنية، تذكر بأزمة السويس في منتصف القرن الماضي، معتبرا أن "الحوثيين يمسكون بالاقتصاد العالمي في قبضتهم".
وقال إن الأمن كان مشددا أكثر من اللازم في "دافوس" بسويسرا، وربما "لأن فلسا وقع" (أي فهموا ما كان عليهم فمهمه من قبل) بالنسبة للنخبة الاقتصادية: أصبحت العولمة عقيدة المؤتمر في مرمى الهدف. وحقيقة أن الحرب في كل مكان وتنتشر في معظم المنطقة ومحولة كل نقطة اختناق بحرية إلى محور خطر محتمل، إغلاق نقل الحبوب الأوكرانية إلى الدول النامية. ثم هناك الخطر الدائم من الحشود البحرية الصينية في آسيا.
وأضاف أن هذا لا يعني أن المشاركين في دافوس يعيشون منذ نصف قرن في فقاعة ثلجية، فهم يلوكون الحديث عن أثر الحرب في الشرق الأوسط على أسعار النفط والإرهاب، واستثمروا في الطائرات الخاصة، بحيث إنهم يستطيعوا الطيران بأمان إلى جبال الألب بدون خوف من الاختطاف، وعبروا عن قلق من الأنظمة المراوغة التي تسيطر على المصادر المعدنية العالمية.
إلا أن هذا العام مختلف، فعالم "دافوس" المقام بعناية بدأ يفهم أن الحوثيين في اليمن يحتفظون باقتصاد العالم في أيديهم مقابل فدية من خلال ضرب القوارب العابرة لمضيق باب المندب. وزادت كلفة نقل سفن الحاويات والسفن التجارية من آسيا إلى أوروبا وحولت طرقها إلى رأس الرجاء الصالح. وزادت أسعار التأمين للمرور عبر البحر الأحمر، بحسب المقال.
وأشار الكاتب إلى أن "تجار الجملة تحدثوا عن نقص في المواد، ولا تزال هناك قدرة فائضة، وأنها قليلة في أسواق النفط والحاويات، لكن الإشارات عن تفاقم الأزمات التي قد تقود إلى أزمة سياسية وتحولها إلى ركود اقتصادي، فالاقتصاد الألماني ينكمش وقد يتبعه الآخرون. وتتخمر أزمة البحر الأحمر منذ وقت طويل، وهناك نقص في الماء والنفط في اليمن، وهو بلد فاشل منذ سنين. وكان نقطة انطلاق لعائلة ابن لادن، أرضا طبيعية للتجنيد لابنها الضال أسامة. ولوقت معين فقد بدا الفرع اليمني مستقبل "القاعدة". وقد كان مدفوعا بالغضب والمهندسين الذي تعلموا كيفية تفجير الطائرات. وبعد ذلك ضرب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان اليمن بالطائرات، لكنه فشل في تحويله إلى بلد جار موال. ولم تهزمهم القنابل التي أمطرت على الحوثيين الذين دعمتهم إيران. ولم تكن أثرى دولة في العالم العربي قادرة على تدجين أفقرها".
ولفت إلى أن "الحوثيين طوروا قدراتهم العسكرية التي دعمها الحرس الثوري الإيراني وهم مدربون من حزب الله، وشنوا أسرابا من الطائرات ضد المنشآت النفطية السعودية. وهذا يفسر سبب عدم انضمام الرياض إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الحوثيين في البحر الأحمر وتأمين التجارة فيه وقناة السويس".
لقد عاد الحوثيون ولكن حكماء "دافوس" والجميع قرروا تجاهلهم، فدماغ دافوس له مدى تذكر تاريخي قصير. فهل يتذكرون السويس 1956؟ معظمهم لم يكونوا ولدوا حين ذلك. وكانت تلك الأزمة مهمة في تغيير خطوط الصدع لعالم كان في مرحلة انتقالية، بحسب كاتب المقال.
ولفت الكاتب إلى أن "الأزمة بدأت عندما أمم جمال عبد الناصر قناة السويس لتشديد الحصار على إسرائيل، وأصدرت بريطانيا وفرنسا تحذيرا نهائيا له، وبخاصة أن القناة هي أقصر طريق من البحر المتوسط إلى المحيط الهندي، وجزء من سلاسل الإمداد الاستعمارية، لكنه رفض وأغرق سفنا. وتم الضغط على فرنسا وبريطانيا من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي حيث تراجعتا".
وأشار إلى أن "أزمة الخمسينيات كانت هي أزمة متقاطعة؛ وإعادة لتشكيل الحرب الباردة بين أمريكا والإتحاد السوفييتي، ولم يتدخل أحد عندما سحقت الانتفاضة الهنغارية في عام 1956، إلى جانب حرب باردة بين الدول العربية وتصاعد في القومية العربية والتوتر الدائم بين الدول العربية وإسرائيل".
وقال إن "الموازاة بين العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين وتلك الأزمة ليست تامة وتعتمد على من سينتخب للرئاسة الأمريكية. وإذا حدثت حرب باردة، فستكون في ظل دونالد ترامب، وقد تكون بين واشنطن وبكين. ولو حدث، فستكون نقطة الاختناق البحري هي مضيق ملقة. ولكن أزمة البحر الأحمر، تترك أثرها على التجارة الصينية مع أوروبا. وظهر الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي يوم الثلاثاء في دافوس، حيث ناشد الغرب باتخاذ خطوات قوية ضد النفط الروسي".
وأضاف أن "معضلة زيلينسكي هي أنه يطالب الغرب بإلحاق آلام اقتصادية ضد روسيا وتقديمها في الوقت نفسه كقوة منكمشة يمكن التغلب عليها. ولا يزال المشاركون في دافوس قلقين حول ما سيحدث في حال فتح المجال فلاديمير بوتين لشيء أسوأ من هذا. ومثل هنغاريا 1956، فإنه يمكن للغرب أن يحرف نظره ويقبل أن أوكرانيا تنتمي بطريقة أو بأخرى لعالم التأثير الروسي".
وعلى صعيد التوتر بين الدول العربية والاحتلال، فقد أشار الكاتب إلى أنه "ليس سهلا ولا يمكن مقارنته بعام 1956، والكثير يعتمد على الطريقة التي ستستخدم فيها إيران أخطبوطها، وجماعاتها الوكيلة التي استخدمتها طهران للمواجهة وممارسة الضغط على إسرائيل والداعمين لها. وقال غرانت شابس، وزير الدفاع البريطاني في خطاب له هذا الأسبوع إن العالم يتحول من عالم ما بعد الحرب إلى عالم ما قبل الحرب العالمية الثانية. وهو أمر يستحق المناقشة على قمة جبال سويسرا".
------------------انتهت النشرة-----------------
أضف تعليق