جنرالٌ إسرائيليٌّ: وضعنا بالشمال صادم وحزب الله قادر على احتلال مستوطنات حدوديّةٍ..
تتوالى الاعترافات الإسرائيليّة بفشل جيش الاحتلال في تحقيق أيّ إنجازٍ، في حربه المستمرّة على الشعب الفلسطينيّ في قطاع غزة، منذ نحو 100 يوم، وبعجزه عن خوض حربٍ جديدةٍ مع حزب الله، مستندةً فيها إلى حجم الخسائر والأثمان الباهظة التي ستكون من نصيب إسرائيل على المديين القصير والبعيد.
وفي هذا السياق، قال الجنرال احتياط يتسحاق بريك، في مقالٍ نشرته صحيفة (معاريف) الإسرائيليّة، إنّه “قبل خمس سنوات، عندما كنتُ مفوضًا لشكاوى الجنود، مررت على جميع المواقع عند الحدود اللبنانية وهضبة الجولان، على مدار أسبوعين. وزرت كلّ واحدٍ من المواقع لمدة أربع ساعات، ووجدت عدم كفاءة المواقع وغياب جهوزيتها، سواءً للأمن الجاري أوْ للحرب”.
وأضاف: “مرّت خمسة أعوامٍ ولم يحدث أيّ شيء جيِّدٍ. وبحسب تقرير جنود سرية احتياط الذين خدموا في المواقع العسكرية عند الحدود الشمالية، قبل ثلاثة أشهر من نشوب الحرب الحاليّة على غزة، فإنّه ليس فقط لم يتغير أيّ شيءٍ نحو الإيجاب، وإنّما العكس هو الصحيح، حيث استمر التدهور وبكلّ قوة، وهو مستمر حتى يومنا هذا”.
وأضاف بريك: “تخيَّلوا ماذا كان سيحدث لو هاجم حزب الله بواسطة قوات (كوماندوز) من قوة الرضوان مواقعنا ومستوطنات حدود الشمال، بالتزامن مع هجوم حماس في أكتوبر الماضي، ولو هاجم حزب الله بنفس اليوم، لما تواجدت في المواقع العسكرية أيّ قوّةٍ للجيش الإسرائيليّ لتقف في طريقه، وكان حزب الله سيجتاح الجليل، ويدخل إلى المستوطنات ومعسكرات الجيش بحُريَّةٍ، وبمرافقة إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية والطائرات من دون طيار يوميًا على الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة ويتسبّب بدمارٍ وخسائر كبيرة. وكنا سنستيقظ على يوم أسود لا يمكن فيه استدعاء جنود الاحتياط، وكنا سننتظر معجزات”.
وتابع: “لقد اعتدنا جميعًا، في القنوات التلفزيونية الكبرى، أنْ نسمع أقوال المراسلين والمحلّلين العسكريين الإسرائيليين وبينهم جنرالات متقاعدون، قبل هجوم أكتوبر، حول الجيش الأقوى في الشرق الأوسط، وهؤلاء أنفسهم يواصلون ذرّ الرماد في عيون الجمهور بعد الهجوم على غلاف غزة أيضًا، ويجب أنْ يتعاملوا مع أقوالهم كمحدودة الضمان، وليس منهم ستسمعون عن صورة الوضع الحقيقية”.
وكشف بريك عن ملخص وثيقة جنود الاحتياط الصادمة. ووفقًا للوثيقة، فإنّ: “الخطر الأساسي في الجبهة اللبنانية هو محاولة احتلال قوات مشاة تابعة لحزب الله (قوة رضوان) عددًا من المواقع العسكرية والمستوطنات عند خط الحدود على أنّه إنجاز استراتيجي في الحرب. الأنشطة الجارية في القطاع تُسبِّب نسيان الوضع على حقيقته، حيث لا توجد أيّ علاقة بين جهوزية المواقع وبين هذا السيناريو”.
وأوضح أنّ الأمر لا يقتصر على أنَّ: “المواقع العسكرية ليست جاهزة بمستوى يتلاءم مع الخطر، وإنّما هي ليست جاهزة للقتال بمستوى مواقع عسكرية في خطوط بمستوى خطورة أقل بكثير. وإذا فحصنا جهوزية قطاع لبنان لـ “سيناريوهات سهلة”، مثل خطف أوْ تسلُّل خلية (مقاومين)، فإنّ هذا القطاع في جهوزية أقل أوْ أكثر، لكن حتى بالنسبة لهذه السيناريوهات، فإنّ مستوى الجهوزية متدنٍ بشكل مفاجئٍ قياسًا لهذا القطاع الأكثر خطورةً في إسرائيل”، مؤكدًا أنَّ الوثيقة تتحدث عن فجواتٍ كثيرةٍ في هذا المجال.
وأكّد أنَّ “الفجوة الأكبر فعلًا تتعلق بالجهوزية لـ “السيناريو الإستراتيجيّ” ومحاولة حزب الله احتلال مواقع جيش الاحتلال في الحرب، مبيِّنًا أنَّ هذه خطة معروفة ومتداولة في الجيش، لكن الوضع عمليًا في مواقع الخط الأماميّ من ناحية الجهوزية، البنى التحتية والنهج الشامل هو على حدود الفوضى”، مُضيفًا “أنَّه تنقص أمور “تافهة” في كلّ موقع عملياتي عند الحدود، بشكل يسمح لحزب الله بالسيطرة على الموقع مجانًا تقريبًا”.
وأضاف: “الفجوات التي نطرحها هنا الآن هي فجوات أساسية ولا يفترض أنْ تكون موجودة أبدًا. كما أنَّ المخاطر التي تذكرها الوثيقة ليست مخاطر نظرية، وإنّما هي المخاطر المباشرة، مثل هجوم سريَّة لحزب الله على موقع للجيش الإسرائيليّ”.
وتابع بريك: “لا يوجد أي سبب لمنح حزب الله هذا الإنجاز مجانًا، وفي الوضع القائم هذا ما قد يحدث بكل تأكيد. الاعتماد غير التناسبي أبدًا على وسائل تكنولوجية غير موثوقة، وإهمال متطرف للجاهزية العملانية في المواقع العسكرية هو الصورة الحقيقية لخط المواقع الأمامي عند الحدود اللبنانية، مثلما وجدنا في النشاط العملاني للسرية في حزيران (يونيو) 2023”.
ولفت إلى أنَّ مقاتلي حزب الله يعرفون مواقع الجيش عند الحدود اللبنانية “أفضل من كثيرين منّا”، موضحًا أنَّه: “ربّما هم لا يرون كيف تبدو الأمور داخل الغرف السكنيّة، لكن بنية المواقع ومدة التواجد فيها أوْ غياب الأسلحة في الموقع يرونه جيدًا من مسافة أمتار معدودة”.
ورأى أنَّ: “مشكلة استعداد مواقع الحدود الشمالية قي قيادة المنطقة الشمالية هي مشكلة سرية تتعلّق بشكل أساسي بالمجتمع الإسرائيليّ الذي يفترض ويأمل أنْ يكون الجيش الإسرائيليّ مستعدًا جيدًا عند الحدود الشمالية لإحباط أيِّ تهديدٍ، لكن الأمر ليس كذلك. ومن ناحية الجهوزية الحقيقية للبنية التحتية والقطاع للحرب، فإنّ الوضع صادم”.
ولفت إلى أنَّ الجيش الإسرائيليّ يقول لجنوده عند الحدود اللبنانية: “إنّه يوجد خطر حقيقيٍّ لهجومٍ بريٍّ ينفذه آلاف من مقاتلي حزب الله، وغايتهم الإستراتيجيّة السيطرة على مواقع عسكرية ومستوطنات محاذية للحدود”.
واختتم: “مع ذلك، الجيش الإسرائيليّ لم يفعل الحدّ الأدنى الأساسي من أجل إحباط هذه الإمكانية، بأن يُسلِّح ويُجهِّز المواقع العسكريّة والمستوطنات الموجودة عند الحدود لمواجهة هذا السيناريو بالضبط”، طبقًا لأقوال الجنرال بريك.
أضف تعليق