الصحفيون الفلسطينيون في دائرة الاستهداف الإسرائيلي الممنهج
وسام زغبر
تشير الوقائع الميدانية إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ماض في عدوانه على الصحفيين الفلسطينيين وبشكل ممنهج والتعرض لهم بشكل مباشر رغم امتثالهم لإجراءات السلامة المهنية وارتداءهم الخوذات والدروع الخاصة بهم التي تدلل على هويتهم.
إن استهداف الصحفيين في قطاع غزة فاق كل التوقعات ولم يسبق له مثيل، حيث وصل عدد الشهداء الصحفيين نحو تسعين صحفياً ومئات الجرحى إلى جانب تدمير وتضرر عشرات المؤسسات الصحفية والإعلامية منذ بدء العدوان الإسرائيلي في السابع من أكتوبر الماضي.
دولة الاحتلال لم تحترم القانون الدولي، والدولي الإنساني ولا أية من قرارات الشرعية الدولية أو الاتفاقيات الدولية، وتحظى بغطاء ودعم غربي على رأسه الولايات المتحدة الأميركية التي تضع نفسها في مواجهة العدالة الدولية.
عشرات القرارات الدولية ولا سيما الصادرة من مجلس الأمن الدولي التي تطالب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة كانت الولايات المتحدة تعترض إقرارها باستخدام حق النقض «الفيتو» حتى أنها طالت قراراً يستند إلى المادة ٩٩ من ميثاق الأمم المتحدة الذي اعتبر الحرب في غزة تهدد السلم والأمن الدوليين، لذلك لا غرابة أن دولة الاحتلال لا تحترم القرارات المقرة ولا سيما القرار رقم (2222) الذي يدعو لتوفير الحماية الدولية للصحفيين.
إن تشكيك بعض المؤسسات الدولية في الإحصائيات الفلسطينية للشهداء ولا سيما الصحفيين كما هو الحال في التقرير السنوي الصادر عن منظمة «مراسلون بلا حدود» الذي يسعى لتبييض صورة الاحتلال من جريمة اغتيال الصحفيين الفلسطينيين، وحماية مجرمي الاحتلال جنوداً وضباطًا وقادة سياسيين من المسائلة والمحاسبة في القضاء الدولي، يضع تلك المؤسسات والمنظمات في خانة التواطؤ والانحياز الأعمى في تصديق الرواية الإسرائيلية والاصطفاف لجانب الاحتلال الإسرائيلي في ارتكابه جرائم حرب ضد الصحفيين.
إن الاستهداف الممنهج للصحفيين وتدمير مقرات عملهم وملاحقتهم وقتل العشرات منهم وتهديدهم واغتيال عوائلهم كما جرى مع الزميل الصحفي وائل الدحدوح مراسل قناة الجزيرة في قطاع غزة وآخرين، لم يسعف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان لزيارة قطاع غزة والإطلاع على حجم وشكل الجرائم المنظمة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحفيين بقرار رسمي من الحكومة الإسرائيلية، ولم يسعف النائب العام كريم خان من فتح تحقيق في الشكاوى المقدمة له بشكل مهني وقانوني من قبل نقابة الصحفيين الفلسطينيين والاتحاد الدولي للصحفيين ومراكز قانونية، والتي تؤكد أن إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال ترتكب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي بحق الصحفيين.
تخطئ دولة الاحتلال إن ظنت أن استهدافها الممنهج للصحفيين وترهيبهم بإمكانه أن يوقف عمل الصحفيين عن القيام بدورهم المهني في تغطية الجرائم الإسرائيلية وكشف زيف ادعاءات الاحتلال وروايته حول استهداف المدنيين العزل وارتكابه جرائم التطهير العرقي بارغامه المدنيين على النزوح من بيوتهم وأماكن سكناهم قسراً واقتيادهم وهم «شبه عراة» إلى مراكز التوقيف والاعتقال تحت نار القصف والتهديد والوعيد.
إن القانون الدولي والدولي الإنساني أصبح على المحك، في ظل غياب العدالة والمسائلة الدولية، وأمام الامعان الإسرائيلي في محاصرة المشافي ومنعها من تقديم خدماتها ومواصلة القتل وهدر الدماء وارتكاب مزيد من الجرائم دون توقف، ورغم تلك المعاناة وانعدام الحياة الآدمية في قطاع غزة إلا أن الصحفيين يصرون على الكتابة بالدم لأجل فلسطين وتضحيات شعبها ومستقبل أبنائها، وما زالوا يعمدون على تجسيد مقولة زميلتهم الشهيدة الصحفية شيرين أبو عاقلة «ليس سهلاً أن أغير الواقع، لكنني على الأقل كنت قادرة على إيصال ذلك الصوت إلى العالم».
وأمام تلك الجرائم وفظاعتها، ورغم الدور الكبير للصحفيين في الميدان والتحديات الجسام التي يواجهونها، إلا أن ذلك يتطلب تبني خطاب إعلامي فلسطيني موحد وانسنته، وإحداث تطوير في صورته النمطية، والابتعاد عن استخدام المفاهيم والمصطلحات الإسرائيلية التي توقع أصحابها في وحل التطبيع الإعلامي.
أضف تعليق