الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 3/12/2023 العدد 872
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
معاريف 3/12/2023
في مديح البطء
بقلم: الون بن دافيد
نعم، حماس تستغل أيام الهدنة كي تتسلح وتعزز قوتها. فهي تملأ خزانات الوقود لديها. تشحن من جديد منصات اطلاق الصواريخ، تنثر عبوات ناسفة شديدة الانفجار كي تضرب آلياتنا الثقيلة وتستعد لمواصلة القتال. لكننا نحن أيضا نستغل هذا الوقت كي نستعد لما سيأتي. في ندوة تعليمية أجرتها هذا الأسبوع قيادة المنطقة الجنوبية مع قادة الوحدات المناورة وسلاح الجو، طرحت سلسلة من الدروس بعد شهر من القتال البرية.
ان الاستعدادات الطويلة التي سبقت المناورة ساهمت كثيرا في نجاحها. التدريبات، التعلم، تأهيل العتاد والرجال قبل الدخول الى المعركة أدت الى نتائج افضل واسرع في القتال. الآن أيضا يستغل الجيش الهدنة لاخراج القوات من غزة للانتعاش، للتدريب ولتعلم المهمة التالية. أيام الهدنة تستغل أيضا لمعالجة مناعة المقاتلين، ممن اجتازوا في زمن قصير تجارب قتالية شديدة لم يشهدها الجيش منذ سنين.
السرعة ليست بالضرورة فضلا، كما يدعي القادة. فحقيقة أننا تقدمنا بسرعة الى الأهداف لم تؤد الى إبادة ناجعة للعدو، بل العكس – التقدم البطيء اثبت نفسه كأكثر نجاعة في إبادة العدو. تطهير بطيء وجذري اكثر للمنطقة يؤدي الى نتيجة افضل ويحقق ضربة اكبر للعدو من التقدم السريع. كما أنه يجلب معلومات كثيرة جمعتها القوات، تعمق الضربة للعدو. قادة البر يشعرون بثقة بقدرتهم على حماية أنفسهم ولا يخشون من أن تصبح الحركة البطيئة "مراوحة في المكان".
الآليات المحصنة، الدبابات والمجنزرات اثبتت نفسها بانها توفر حماية جيدة في مواجهة قدرات مضادات الدروع لدى العدو، لكن بقاء القوات في الآليات تقلص الإنجاز. بعد التقدم السريع في الآليات هناك حاجة لإنزال قوات المشاة كي تصل الى المباني العليا والتحت أرضية وتوجيه ضربة أكبر للعدو.
الوحدات الخاصة، التي تقليديا لم تجد مكانها في حروب الماضي لإسرائيل، تندرج هذه المرة في كل رؤوس رماح المناورة البرية وتحقق إنجازات. الوحدة البحرية واولا وقبل كل الآخرين وحدة شلداغ من سلاح الجو، واللتان تعرضتا لضربة أليمة في 7 أكتوبر، هما جزء لا يتجزأ من القتال ويجد هذا تعبيره في النتائج. شلداغ مثلا احتلت مجمع مستشفى الشفاء دون طلقة واحدة.
في الجانب السلبي كان عدد القتلى بنار صديقة عالياً بل وعالياً جداً وبالتأكيد على خلفية تكنولوجيات القيادة والتحكم القائمة في الجيش الإسرائيلي. 9 مقاتلين، اكثر 10 في المئة من عموم الخسائر في المناورة، سقطوا بنار صديقة وبحوادث عملياتية مثل انفلات رصاصة او دهس. هذا عدد غير مقبول يجب أن ينزل مع تجدد القتال. كما ان تفعيل النار، الجوية والمدفعية، على قرب من القوات يجب أن تنفذ في ظل الحرص على مسافات أمان اكثر تحفظاً.
انضباط عملياتي: شعب إسرائيل لم يتميز ابداً بالانضباط، لكن تعبير هذا في القتال مقلق. زيارة اجريتها الى جهاز لوائي في غزة، حيث يتجول الجنود بالملابس الداخلية والمجندات بلباس مدني أعطت إحساساً وكأني ازور تلة حلفون. الجنود بعد المعركة يحتاجون الى التنفيس، لكن مثل هذا التنفيس لا يمكنه أن يكون في ارض العدو، حتى لو خيل انه تم تطهيرها.
الجيش الإسرائيلي جاهز ومستعد لاستئناف القتال في شمال القطاع وفي جنوبه. بانتظاره معارك غير سهلة امام قوات حماس التي ليس لها مكان تنسحب اليه. يمكنه أيضا ان ينتظر اذا ما تبين انه سيكون ممكناً تحرير المزيد من المخطوفين في هذا الوقت. لكن اذا أوقفت القيادة الإسرائيلية الجيش عن إبادة من كان شريكها على مدى تسع سنوات – يحيى السنوار – فإن جيش الاحتياط سينزع البزة ومن شأنه أن يجتاح القدس أيضاً. وعليه، ففي هذه الحرب لا يمكن الخسارة.
---------------------------------------------
هآرتس 3/12/2023
السنوار أراد تدمير الاعتدال
بقلم: رفيت هيخت
على سؤال ما الذي أرادته حماس في الهجوم الوحشي وما الذي ما زالت تريده من تنكيلها المتواصل حتى في هذه الاثناء وبحق، يمكن أن تكون ألف اجابة لخبراء مختلفين في طيف كبير من المواضيع. خبراء الجهاد والنفس، وحتى من يحاولون تأطير ذلك مع نفي يائس للواقع، فإن هذه الاعمال يتم تأطيرها في سياق معين من السبب والنتيجة. أحد الامور التي يمكن فعلها هو فحص النتائج المؤكدة لهذه العملية في هذه الاثناء.
الكثيرون ينسبون الفضل الكبير ليحيى السنوار، الذي قام هنا بطبخ فيلم واقعي دموي وصادم جميعه تنكيل بربري بالمجتمع الاسرائيلي. يصعب التصديق بأن يحيى السنوار قد اعتقد وبحق أن المذبحة في 7 تشرين الاول ستؤدي حقا الى تصفية دولة اسرائيل بواسطة حرب متعددة الساحات، وأنه ساذج كلياً وأن ايران وحزب الله قاما بخيانته بسهولة كبيرة (مع ذلك، القضاء على قوة اقليمية هو أمر ينتهون اليه بطريقة ناجحة اكثر بقليل). اضافة الى ذلك، رغم اتجاه الدعم العالمي الحالي إلا أن المذبحة في 7 تشرين الاول لن تفيد الفلسطينيين في أي دولة – سواء في الضفة الغربية أو في غزة أو داخل اسرائيل – بل فقط ستحكم عليهم بالمزيد من سنوات الموت واللجوء والبؤس وبصورة اكثر صعوبة. اذا ما الذي ارادت حماس تحقيقه في الواقع، أو للدقة ما الذي حدث هنا في 7 تشرين الاول؟.
حماس نجحت في ادخال شعب بأكمله الى حالة احباط وصدمة. وهذا انجاز كبير لمن يحركه في المقام الاول الحسد الكبير للمشروع الصهيوني وانجازاته، الذي يشعر امامه بالتدني الكبير الذي لا يمكن اصلاحه. وفرض جهنم والتقليل الحاد من قيمة حياة الانسان على كل سكان المنطقة، هو مصدر عزاء بالنسبة للاصولي القاتل الذي ينظر الى الرخاء في الغرب بحسد شديد حتى لو كان مقروناً بإساءة الوضع الذاتي كنتيجة مؤكدة للحرب.
كذلك بعد ايام طويلة من الحرب وروتين متعب وعودة جزء فقط من المخطوفين فانه تقريبا لا يوجد جزء من الجمهور الاسرائيلي، باستثناء اشخاص هامشيين وغير مهمين، لا يريد الاستمرار في الحرب وبقوة اكبر من التي كانت في السابق. هذا مع المعرفة الواضحة بأن الحرب ستجبي المزيد من الضحايا الكثيرة، والانجازات بعيدة عن أن تكون مؤكدة.
رئيس الحكومة يظهر بالنسبة لمؤيديه ومعارضيه كجبان، وامتناعه عن الاحتكاك مع حماس وحزب الله هو الذي قاد اسرائيل الى هذا الوضع السيئ، والآن ايضا ردوده المترددة تمنع القيام باعمال حازمة أكثر. صورة الوضع السياسي التي ستظهر في الانتخابات القادمة ستضمن الاغلبية الساحقة لحلول اليمين طالما أن هذا سيغير ممثليه الحاليين، المتماهين وبحق مع الفشل الذريع الذي مكن من حدوث الكارثة.
في الوقت الذي ما زالت فيه تهاجم الحياة بالصورة القاسية جدا التي يمكن تخيلها، القتل والتنكيل بالاطفال، فان حماس لم ترغب في ابادة فقط التجمعات السكانية أو أن تشعل ما أنتجته الكيبوتسات، بل هي ارادت ايضا وبالاساس أن تقضي على الاعتدال الذي يشكل بحد ذاته المكان المشتعل للحسد والمشاعر المتدنية. الاعتدال في نظر الاصولي القاتل هو بمثابة كماليات لاشخاص شبعى يوجد لديهم ما يكفي من الاوكسجين والفراغ لاتخاذ قرارات متزنة، التي على المدى البعيد دائما تضمن جودة حياة افضل. هي تجسد منظومة تشغيل متطورة وناجحة، تتفوق بكل المتغيرات على آلية تقسيمية وبدائية، أدمنت على الوهم الكاذب الموجود في التدمير.
بتدمير الاعتدال فانه لن يوجد أي انجاز عدا عن الموت النهائي المنغلق والمطلق – شاطئ العزاء للاصوليين القتلة. وقد نجحت حماس والسنوار في تطهير كل المنطقة من الاعتدال. أولا، المنطقة الفلسطينية والآن المنطقة اليهودية. هذه جريمة اخرى في قائمة الجرائم التي لا تنتهي ضد الشعبين.
--------------------------------------------
هآرتس 3/12/2023
نتنياهو وخطاب استئصال التطرف في غزة
بقلم: تسفي برئيل
"بعد انتهاء الحرب يجب تجريد غزة من السلاح. بعد ذلك يجب استئصال التطرف في اوساط السكان، بالضبط كما فعلوا مع النازيين في المانيا. وإلا فما هو الهدف من تدمير حماس؟"، هكذا شرح نتنياهو في هذا الاسبوع نظريته في المقابلة التي اجرتها معه قناة "وولت" الالمانية. نتنياهو لم يوضح لماذا يريد فقط تجريد القطاع من السلاح، ولا يضيف اليه الضفة الغربية، بالأساس، كيف سينزع سلاحه في الوقت الذي لا ينجح حتى في داخل دولة اسرائيل في جمع السلاح من ايدي العصابات الاجرامية.
لكن الجزء الممتع في حلمه يكمن بالذات في فقرة استئصال التطرف في السكان. في تطرف السكان نتنياهو بالذات هو شخص واع جدا، خبير وله سمعة عالمية – لكن استئصال التطرف في المقابل يمكن أن يكون بالنسبة له محاولة مهمة. ولكن الى حين أن يدرس المادة يمكنه الاعتماد على زعماء سبق لهم وعملوا في هذه المهنة.
على سبيل المثال، الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الذي برر الحرب في العراق، ضمن امور اخرى، بذريعة أنه يجب اقامة "نظام جديد في العراق يكون نموذجا دراماتيكيا ويثير الإلهام للحرية في دول اخرى في الشرق الاوسط". وحتى أن الادارة الاميركية خصصت حوالى 100 مليون دولار من اجل تسويق قيم الديمقراطية والليبرالية في الدول الاسلامية. في العراق نفسه بدأت حملة تطهير استهدفت إبعاد نشطاء حزب البعث، حزب صدام حسين، عن كل المناصب. موظفون وقضاة وقادة وجنود ومعلمون ومحاضرون في الجامعات وكل من تولى منصب في اجهزة النظام، تم طردهم من عملهم. والادارة الاميركية وجدت صعوبة في أن تجد بدلاء لهم.
العراق اضطر الى البدء من الصفر، ومعه ايضا نما وازدهر التطرف. القاعدة وجدت في الدولة المحتلة الارضية الخصبة لنشاطاتها، حركات شيعية متطرفة، التي احتلت مكان السنيين الذين تم ابعادهم عن السلطة، طرحت جدول اعمال مناهضا لاميركا. الديمقراطية في الواقع ولدت حكومات جديدة في العراق، لكن هذه الحكومات ايضا حولوها الى دولة حماية ايرانية التي تشغل على اراضيها مليشيات مسلحة تعمل ضد الولايات المتحدة.
فقط في شهر آب الماضي، بعد عشرين سنة على اقصاء نظام صدام حسين، قررت الحكومة العراقية أن تضع في الجامعات دورات اكاديمية ملزمة يتعلم فيها الطلاب عن جرائم حزب البعث ونظام صدام حسين. عن التطرف السياسي الذي تطور في العراق لا يوجد في هذه الاثناء أي دورات ملزمة، ضمن امور اخرى، لأن ما اعتبر في الغرب افكارا متطرفة سياسيا مثل الافكار التي يتبناها الزعيم الشيعي الانفصالي مقتدى الصدر، تعتبر في العراق افكارا وطنية صالحة.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لم يكتف بإقصاء الإخوان المسلمين عن الحكم عندما قام في تموز 2013 بعزل محمد مرسي، وهو الرئيس الذي انتخب في انتخابات حرة اولى في مصر منذ عقود. منذ انتخابه كرئيس في 2014 وهو يدفع قدما بفكرة "الخطاب الديني الجديد" الذي هدفه حسب تعريفه هو مكافحة التطرف الديني والافكار المتطرفة للحركات الاسلامية.
في المؤتمر الوطني من اجل الشباب الذي عقد في ايلول 2019 اوضح السيسي بأن تفسير بعض النصوص في القرآن الكريم تشوبه المحافظة، وهي لم تتطور خلال 800 سنة، الامر الذي يؤدي حسب رأيه الى نشر افكار متطرفة تدعو الى العنف الديني. من اجل استئصال التطرف الديني فقد ألزم أئمة المساجد والوعاظ بالحصول على ترخيص خاص من الحكومة كي ينسقوا مضمون الخطب مع الوزارة الحكومية المسؤولة، وأن يسجلوا جميع المساجد "الخاصة" التي اقيمت بالآلاف في الاحياء، والبيوت المشتركة، في وزارة الاوقاف الحكومية.
يبدو أن هذه الوسائل كان يمكن أن تمنحه سيطرة كاملة على ما يحدث في المساجد، اضافة الى سيطرته على جهاز التعليم. ولكن السيسي الذي يدير حربا ضروسا ضد الاخوان المسلمين ادرك بأن استئصال التطرف الديني الممأسس لا يضمن وجود خطاب ديني جديد، ليبرالي وتقدمي، وبالتأكيد لا يضمن الولاء للنظام أو تصفية الارهاب الذي يستند الى الدين. هذا "الخطاب الجديد" نفسه تم تفسيره على الفور كمحاولة للنظام من اجل السيطرة ايضا على الدين واملاء تفسيره لترسيخ الشرعية الجماهيرية للنظام. بشكل عام، عندما يرتدي أي نظام قمعي واستبدادي، يضر بشكل منهجي بحقوق الانسان والمواطن، ونظام يعتبر من يدعون للدمقرطة "جهات متطرفة خطيرة" يجب استئصالها، يرتدي فجأة عباءة الليبرالية فانه حتى من يعارض بشكل حازم الافكار المتطرفة لا يمكنه قبول ادعاءات النظام.
الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يقوم بشن "حرب وجودية وطنية" ضد الحركات والتنظيمات المعارضة له تحت غطاء مكافحة الارهاب والتطرف الديني الذي يهدد وحدة الدولة. صراعه مع حزب العمال الكردي الذي يعتبر منظمة ارهابية يشبه صراع السيسي ضد حركة الاخوان المسلمين، وهي الحرب التي تعتبر حرباً ضد الارهاب. ولكن خلافا للسيسي فان اردوغان قام بتطوير هذا الصراع الى معركة تظهر كمعركة موجهة ضد كل الاقلية الكردية وليس فقط ضد حزب العمال الكردي. ليس فقط سياسيين اكرادا، من بينهم اعضاء في البرلمان، تم زجهم الى السجن، بل أيضا من يؤيدونهم مثل الصحافيين والكتاب والفنانين الذين يؤيدون نضالهم من اجل المساواة في الحقوق وتمثيل سياسي مناسب، يجدون انفسهم في المحاكم وبعضهم يجدون انفسهم في السجن.
هو يتصرف هكذا منذ العام 2010 ايضا ضد حركة الواعظ الديني فتح الله غولن، التي تعتبر ايضا منظمة ارهابية، رغم أنه خلال السنين كانت حليفة لاردوغان. بعد محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في 2016، التي يتهم اردوغان غولن بالتخطيط لها والقيام بها، بدأت حملة صيد كبيرة لم تتوقف حتى الآن. ومثلما في العراق الذي كان يتوق الى تطهير صفوفه من اعضاء حزب البعث ومثل مصر التي تحاول اجتثاث حركة الاخوان المسلمين، فان اردوغان قام بابعاد آلاف "المشبوهين" عن مناصبهم، من بينهم قضاة ومحاضرون في الجامعات وصحافيون وموظفون عامون، وبالطبع جنود وضباط.
نتنياهو يريد الانضمام الى الحملة المحبطة، واحيانا التي تبعث على اليأس، التي يشنها رئيس مصر ورئيس العراق ورئيس تركيا، ضد ما يعتبرونه تطرفا دينيا، قوميا، أو كلاهما معا. ولكن الفجوة كبيرة بين نضال هؤلاء الزعماء وما كان يمثل الحلم الذي لا أساس له لجورج بوش والخيال الخصب لنتنياهو. فسواء بوش أو نتنياهو قاما بتغذية التطرف المحلي ومنحاه الشرعية بمجرد وجودهما كقوة محتلة.
قوى خارجية، بالاحرى قوى تعتبر عدوة قومية، لا يمكنها اقصاء التطرف الذي تتم تغذيته على النضال القومي. هنا ايضا يكمن الفشل في محاولة المقارنة بين داعش وحماس، رغم المقارنة الصحيحة بين الافعال الفظيعة لداعش والافعال التي ارتكبها نفذها رجال حماس، داعش الذي حتى الآن لم يتم اجتثاثه بشكل مطلق، كان يطمح الى اقامة دولة شريعة اسلامية حسب التفسير المتطرف في كل المنطقة العربية، الاسلامية، وخارجها. بذلك هدد ليس فقط انظمة محلية ومدنية في دول المنطقة، بل ايضا هدد دول ليست اسلامية.
حماس في المقابل تتفاخر بنضال وطني محلي موجه ضد الاحتلال. صحيح أنه ظاهريا ايضا حماس، مثل الاخوان المسلمين والقاعدة وداعش، تتبنى حلم آخر الزمان الذي ستقوم فيه دولة اسلامية واحدة بدون حدود وطنية على اكبر فضاء ممكن. لكن خلافا لداعش والقاعدة فان شرعية نضال حماس تأخذها من الاساس الوطني للمعركة ضد الاحتلال. وهي لا تجند مؤيديها بالدعوة الى محاربة كل الغرب ومحاربة الكفار. "وحدة الساحات" لحركة المقاومة من ناحيتها هي الوسيلة لمحاربة الاحتلال الصهيوني، وليس من اجل اقامة تحالف ضد اعداء الاسلام.
نتنياهو في المقابلة مع "وولت" عرض تهديد حماس كـ "تهديد يهدف الى نقل الشرق الاوسط، وفيما بعد كل العالم، الى عهد البربرية والى القرون الوسطى الظلامية. أنتم، المانيا واوروبا، سيأتي الدور عليكم". هذا تضخيم فظيع للتهديد الذي يقتضي حسب نتنياهو التجند الدولي، لأن هذا التهديد هو تهديد عالمي. هذا الوصف للتهديد يطمس الذريعة الفورية للنضال الوطني الفلسطيني ويمنح اعمال حماس الفظيعة سياقا فوق قومي، المنفصل كما يبدو عن الساحة الاسرائيلية – الفلسطينية.
فرضية نتنياهو كان يمكن أن تكون مقنعة لو أنها تعاملت بجدية مع الحركات الفلسطينية الوطنية التي تريد اقامة دولة مستقلة خاصة بها، بالاساس مع السلطة الفلسطينية التي اصبحت على لسانه سلطة ارهابية. الاعتراف بشرعية طموحات الفلسطينيين كما فعل في خطاب بار ايلان كان سيوفر له الركيزة المطلقة، التي بواسطتها كان يمكنه التمييز بين حماس كمنظمة متطرفة افعالها ليس لها سياق محلي وبين حركة ومؤسسة فلسطينية شرعية مثل السلطة الفلسطينية التي تعمل باسم المصلحة الوطنية المحلية وتقتضي اجراء المفاوضات معها.
عندما يتحدث نتنياهو عن "استئصال التطرف في غزة" فانه لا يوضح من الذي سينفذ ذلك، هل هو اسرائيل التي ستحكم القطاع الى حين اجتثاث أي ذكر، ليس فقط للسلاح وجنود يحيى السنوار، بل ايضا كل جذور ايديولوجيا حماس حسب النموذج الفاشل الذي اقترحه بوش على العراق؟ أو ربما هو يتوقع أن يقوم جسم فلسطيني آخر بشن حملة لإعادة تعليم الفلسطينيين في غزة، بتوجيه ورقابة من اسرائيل. على أي حال، هو بالتأكيد لا يمكنه اقناع حتى نظراءه في النضال ضد التطرف في بلادهم، مثل اردوغان أو السيسي، الذين نضاله هو نضالهم أيضاً.
--------------------------------------------
هآرتس 3/12/2023
بتفضيلها الحرب على “المخطوفين”.. إسرائيل للغزيين: اهربوا إلى “اللامكان الآمن”
بقلم: جدعون ليفي
عودة إسرائيل إلى الحرب تعدّ الخطأ الأكبر منذ 7 أكتوبر. هذه الحرب “ثقيلة الأيام وثقيلة الدماء”، وفق كلمات موشيه ديان عن حرب أخرى، تحولت بالأمس إلى حرب أيامها أثقل ودماؤها أثقل، عندما تبتعد أهدافها وتتراكم جرائمها. العودة إلى الصور الفظيعة من غزة – في اليومين الأولين لاستئناف القتال كانت فظيعة، وتعني العودة إلى فقدان صورتنا الإنسانية. مرة أخرى، أطفال احتضروا أمس على الأرضية في مستشفيات غزة، والآباء انحنوا فوقهم وهم يصرخون. أشخاص رؤوسهم مصابة ويغطيهم رماد الدمار يجرون إلى العيادات التي لا يمكن لأحد هناك أن ينقذهم. غزة لم تعد تحتمل. وبعد الهدن، لم تعد المعاناة الإنسانية محتملة. كيف تقول لعائلة هربت للنجاة بنفسها، التي وجدت للتو ربع ملجأ- جزءا من خيمة، أن تنتقل مرة أخرى إلى الجنوب. كيف سنطلب منها الذهاب إلى الجنوب في وقت يقصف فيه الجنوب بدون تمييز مثلما في الشمال. وخارطة الهرب التفاعلية، فخر التكنولوجيا والأخلاق للجيش الإسرائيلي التي نشرها الجيش في نهاية الأسبوع، لم يعد بإمكانها إنقاذ أي أحد في غزة، الأمر الذي نشك في أنها استهدفته.
إسرائيل غير معنية بمعاقبة غزة، بل معنية بتحقيق أهدافها. بردها على غزة، تعترف إسرائيل أنها تفضل أحد الأهداف على الآخر، إنهاء التحدث عن إطلاق سراح المخطوفين بكل ثمن، قبل أي شيء آخر. اُتخذ القرار، ولا طريقة لطمس ذلك. إسرائيل فضلت بشكل واضح تدمير حماس مهما كان معنى التدمير على إنقاذ المخطوفين. لن يفيد أي تلاعب بالكلمات؛ فهذه هي الحقيقة المجردة. إسرائيل باستئنافها الحرب لا تعرض حياة المخطوفين للخطر فحسب، بل تنهي محاولات إطلاق سراحهم، وكل ذلك في الوقت الذي نجحت فيه عملية تبادل المخطوفين والأسرى أكثر مما كان متوقعاً.
بعد أيام طويلة على الاحتفالات بالإفراج، الذي يعتصر المشاعر في الاستوديوهات، وذرفوا الدموع عبر الصحف وأصبحت نشرات الأخبار برامج واقعية يروي فيها كل ابن عم بعيد تم إطلاق سراح قريب له قصته، وفي الوقت الذي تحول فيه الواقع الصادم إلى مسلسل تلفزيوني، وأصبحت النهاية السعيدة مبتذلة… بعد كل ذلك، فشلت المفاوضات وفشلت معها أسطورة الإفراج عن جميع المخطوفين بأي ثمن. حسب بعض التقارير، أرادت حماس الانتقال إلى إطلاق سراح الرجال، الذين ثمنهم أعلى، وأرادت إسرائيل أن تنهي أولاً إطلاق سراح النساء. أن تفشل المفاوضات من أجل ذلك، وتستأنف الحرب بنطاق شامل، فهذا يدل بشكل واضح على سلم أولويات إسرائيل، التي كان شك من البداية بأنها تفضل الحرب على إطلاق سراح المخطوفين.
وصلت لحظة الحقيقة لإسرائيل، واختيارها اختبار مثير للغضب. ليس لإسرائيل هدف مهم أكثر من إطلاق سراح المخطوفين. ولا يوجد أكثر خطورة من إنهاء الحلف غير المكتوب بين المواطن (والجندي) وبين دولته وترك المخطوف لمصيره. من الآن فصاعداً، لا يمكن القول إطلاق سراح بأي ثمن. إسرائيل مع تحرير المخطوفين، هذا واضح، لكن ليس بكل ثمن. ولكنها ترى هناك أموراً أهم. هي لن توافق على صفقة الجميع مقابل الجميع، بما في ذلك الوقف الدائم لإطلاق النار من أجل إنقاذ الـ 136 إسرائيلياً.
في الاستوديوهات المبتذلة وفي استوديوهات الموت، حاولوا طمس هذا الاختيار. وبعض أبناء عائلات المخطوفين، ليس جميعهم، تجرأوا على الوقوف ضد استئناف الحرب، في الوقت الذي استمر فيه جيش المحللين والمراسلين في ترديد الشعارات الجوفاء دفاعاً عنها. هذه حرب لا يوجد سؤال حول مصداقيتها، لكن هناك أسئلة ثقيلة جداً لا يطرحها أحد حول وسائلها المخيفة. إسرائيل بدأت حرباً محقة بوسائل غير محقة تماماً. حتى في الحرب المحقة، ليس كل شيء مسموحاً. بالتأكيد ليس مسموحاً قتل 15 ألف إنسان، وبعد ذلك الاستمرار فيها، حتى بدون نهاية، فقط من أجل تحقيق أهداف مشكوك في تحققها، وحتى إذا تم تحققها فإن شيئاً لن يتم حله.
لنترك أحقية هذه الحرب ووسائلها للحظة. يجب إعادة المخطوفين، قبل أي شيء آخر. وحتى الآن، هذا ممكن شريطة أن تتوقف الحرب.
--------------------------------------------
يديعوت أحرونوت 3/12/2023
إسرائيل: بدأنا من خانيونس وأبعدنا “حزب الله” بـ1701 ووضعنا الحوثي على جدول أعمالنا
بقلم: ناحوم برنياع
أرادت حماس القفز عن الـ 15 امرأة والطفلين المتبقين في الأسر، والتوجه إلى صفقة مسنين ومرضى مقابل مسنين ومرضى. مسنونا ومرضانا هم مواطنون قدامى، معظمهم من كيبوتسات الغلاف؛ أما مسنوهم ومرضاهم فهم قتلة وحكم عليهم بالمؤبد. مسنونا ومرضانا هم الآن في ظروف تعرض حياتهم للخطر؛ أما مسنوهم ومرضاهم فيعالجون في مصلحة السجون. ربما يكون قرار حماس خرق المسيرة المتفق عليها والوصول إلى المسنين قبل الموعد المخطط له نابعاً من الضغط الذي يمارسه السجناء الكبار على المنظمة، فقرر الجانب الإسرائيلي أن يثبت لحماس بأنه غير قابل للابتزاز. آمل أن يكون العقل ما عمل هنا وليس الغرور.
يعرض استئناف النار على المستوى السياسي سلسلة من المعاقل، أصعبها يتعلق بالمخطوفين. فرحة الـ 114 مخطوفاً الذين تحرروا ممزوجة بقلق متزايد على الـ 136 المتبقين، معظمهم على قيد الحياة، بعضهم قتلوا. يختبئ في خانيونس ومحيطها معظم قادة حماس وعلى ما يبدو معظم المخطوفين. حتى لو لم تعلن حماس عن ذلك، فالمخطوفون المتبقون في غزة هم درع بشري. كلما ركزت أعمال القصف من الجو والبر على هذه المنطقة، زاد خطر إصابة المخطوفين. شهادات المخطوفات اللواتي تحررن تعزز القلق، وسيشتد الخطر بالطبع بأضعاف ما إن تبدأ الخطوة البرية. الاكتظاظ قد يكلف إصابات بالمقاتلين أيضاً.
في واقع الحال، هنا إنذار مزدوج: الأول، إنذار إسرائيل لحماس؛ ما دام سلاح الجو يقصف خانيونس، يمكن وقف العملية والعودة إلى المفاوضات ووقف النار، أما في اللحظة التي تدخل فيها الدبابات إلى المنطقة فسيصعب العودة إلى الوراء. الثاني، إنذار الجيش الإسرائيلي لـ “كابينت الحرب”: في اللحظة التي يصدر فيها “الكابينت” ضوءاً أخضر لعملية برية، سيكون من الصعب على الجيش الإسرائيلي أن يتوقف.
يدخل الجيش الإسرائيلي إلى خانيونس دون خطة لليوم التالي. هذا جيد لعملية ثأر، وليس لخطوة تستهدف خدمة استراتيجية. هو يدخل إلى منطقة مليئة بالنازحين من شمالي القطاع، معوزي البيت والمأوى. يضاف إليهم سكان من خانيونس تدعوهم منشورات الجيش الإسرائيلي للانتقال جنوباً، نحو رفح. المعطيات التي تنشرها الأمم المتحدة يومياً تشير إلى خطر متزايد من الأوبئة والكارثة الإنسانية. (فريق مستشاري غالنت يقول إنها تحذيرات مبالغ فيها).
أحد الدروس المستخلصة من الأسابيع الثمانية الأولى من القتال، أنه ليس سهلاً تطهير مناطق غزة من المخربين. 57 يوماً مرت ولا تزال “الشجاعية” تقاتل، وجيوب المقاومة موجودة في أحياء أخرى. الساعة تدق، وذلك بسبب الضغط الأمريكي، وبسبب وضع السكان أيضاً. مشكوك أن يكون لإسرائيل أكثر من أسبوعين؛ مشكوك أن الأسبوعين يمكن فيهما تحقيق الأهداف التي أعلنت عنها القيادة السياسية بداية الحرب.
يجب أن تتلقى حماس ضربة تنزع منها قدراتها، ولا جدال على هذا. لا يمكن أن يقفز الجيش الإسرائيلي عن معقل الإرهاب في خانيونس. لكن لن يتحقق أي نصر: من الأفضل تخفيض مستوى التوقعات والتوجه بأسرع ما يمكن إلى مسيرة الإشفاء والترميم، وقبل كل شيء إعادة المخطوفين.
نشأ في الجبهة الشمالية احتمال ما للاتفاق، بوساطة الأمريكيين والفرنسيين. فالحكومة اللبنانية سترشى بمال دولي وسيوافق “حزب الله” مقابل ما يسميه وزراء في إسرائيل “قرار 1701 خفيف” – صيغة مقلصة لقرار مجلس الأمن الذي أنهى حرب لبنان الثانية. “حزب الله” يوافق ظاهراً على سحب “قوة الرضوان” إلى ما وراء الليطاني. ولن يعيد بناء أبراج الرصد والاستحكامات التي دمرها الجيش الإسرائيلي على الحدود (غالنت يطالب أيضاً باستئناف طلعات سلاح الجو في سماء لبنان). تفيد التجربة بأنها تسوية ستخترق بعد أشهر أو سنين، لكنها ستتيح للسكان العودة إلى بيوتهم.
الجبهة الثالثة التي تتربع الآن على هوامش جدول الأعمال، هي الجبهة الحوثية. الحوثيون يحكمون معظم أجزاء اليمن، هم فرع لإيران. منذ بداية الحرب وهم يطلقون الصواريخ والمسيرات نحو إيلات. كما أنهم صادروا سفينة شحن تعود لشركة بمليكة رامي اونجر الإسرائيلي، ويهددون بمصادرة سفن أخرى.
قبل بضعة أيام سمعت انفجارات شديدة في مخازن الذخيرة لديهم، قرب صنعاء. لا فكرة لدي من يقف وراء هذا الفعل. لكن لو كانت إسرائيل مشاركة به لاعتبر نوعاً من الإشارة. نشر الحوثيون قبل الانفجار أفلاماً تعرض زيارات شخصيات مهمة للسفينة التي زينت بأعلام اليمن وفلسطين. وثمة نموذج كرتوني للسفينة أجرى رحلات استعراضية في شوارع صنعاء. بعد الانفجار، استضافوا في السفينة وفداً من “حزب الله”، وسارعوا إلى نشر هذا الفيلم أيضاً. إذا كانت إشارة، فلم تكن كافية.
اكتشف صديق لي في أرجاء الإنترنت تفاصيل أخيرة عن سفينة شحن إيرانية تدعى “بهشاد” كان يفترض أن تصل إلى قناة السويس في 19 تشرين الثاني، لكنها بقيت لسبب ما في البحر الأحمر قبالة اليمن. يقال إنها بعمر 24 سنة، طولها 174 متراً، تقدر قيمتها بـ 5.1 مليون دولار. المعطيات لا تقول كثيراً. لعلها سفينة عادية ألقت بمحرك، أو لعلها سفينة عسكرية مهمتها تشخيص سفن معنية إيران وفروعها بمهاجمتها ومصادرتها. خبايا أساليب إيران.
--------------------------------------------
هآرتس 3/12/2023
إسرائيل تختلق الأكاذيب حول أحداث 7 أكتوبر.. “اختطفوها حاملاً” و”قطعوا الرؤوس”
بقلم: نير حسون وليزا روزوبسكي
سياسيون وضباط في الجيش الإسرائيلي ومتطوعون من “زاكا” (جمعية تشخيص ضحايا الكوارث)، ونشطاء كثيرون في الشبكات الاجتماعية، يتحدثون عن قصص فظيعة ارتكبها مخربو حماس. يدور الحديث غالباً عن شهادات حقيقية ترتكز إلى أدلة كثيرة. ولكن تنتشر في أوساط الإسرائيليين والعالم أيضاً قصص وروايات غير صحيحة، من بينها ما يوفر ذخيرة لمن ينكرون المذبحة.
إضافة إلى هذه الجرائم، نشرت عدة جهات معلومات عن أحداث لا أساس لها في ذاك اليوم.
إحدى الشهادات الفظيعة التي انتشرت بعد المذبحة شملت وصفاً لعشرات جثث الأطفال الذين تم قطع رؤوسهم. وظهر هذا الوصف في تقرير لشبكة “آي 24 نيوز” مثلاً، وصفت فيه الكاتبة بأن أحد الضباط في الميدان أخبرها بوجود 40 طفلاً تم قتلهم، وأن المخربين قطعوا رؤوس بعضهم. وقد جاءنا من هذه الشبكة بأن “تقارير عن الفظائع والعدد استندت إلى شهادات ضباط أخلوا الجثث في بلدات الغلاف، وقد تم تجميعها في جولة للمراسلين الأجانب التي قام بها المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي بعد أربعة أيام على اندلاع الحرب. أعداد مشابهة تكررت أيضاً في شهادات أعضاء “زاكا”. مراسلونا جلبوا الأصوات من الميدان، وأجروا مقابلات مع الضباط وأرسلوا “التقارير من الميدان في الوقت الذي كانوا فيه محاصرين بفظائع الهجوم الوحشي. نعمل لضمان الدقة في التفاصيل، ونضيف التوضيحات والتعديلات على هذا التقرير”، كتب في تقرير الشبكة.
تم اقتباس هذا الوصف بعد ذلك في الشبكات الاجتماعية، على الأغلب مثل “عشرات الأطفال تم قطع رؤوسهم”. وأحياناً تم تغيير الرواية حيث أصبحت “جثث أطفال تم إحراقها أو جثث أطفال تم تعليقها على حبل”. مثلاً، نشرت القناة الرسمية لوزارة الخارجية شهادات للعقيد غولان باخ من قيادة الجبهة الداخلية التي بحسبها عثر في أحد البيوت على جثث ثمانية أطفال محروقة.
حساب “اكس” (تويتر سابقاً) الخاص بمكتب رئيس الحكومة، تطرق إلى قتل الأطفال عندما نشر صوراً تشبه الرسومات، وكتب: “هذه صور فظيعة لأطفال قتلوا وأحرقوا على يد وحوش حماس”. كتب في التغريدة أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، عرض هذه الصور على وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن. ونشرت أوصاف مشابهة أيضاً من قبل ضابط في الجيش الإسرائيلي. قبل بضعة أيام، التقى المراسل في “ميدان السبت” يشاي كوهين، مع المقدم يارون بوسكيلا من فرقة غزة، الذي تحدث عن أطفال تم تعليقهم على حبل غسيل. وتم اقتباس أمور مشابهة لأقواله من اليميني غوئيل فاكنن في “إكس”. كتب كوهين أنه بعد النشر لفتوا نظره إلى أن القصة غير دقيقة. “لماذا يقوم ضابط في الجيش باختلاق قصة فظيعة جداً؟ أخطأت”، قال.
هذه الأوصاف غير صحيحة في الحقيقة. فخلال المذبحة، قام مخربو حماس بالتنكيل بالجثث، لا سيما جثث الجنود. وكانت هناك حالات لقطع الرؤوس والأعضاء. ولكن بيانات مؤسسة التأمين الوطني عن القتلى والمعلومات التي تم جمعها من ساحة المذبحة ومن القيادات في الكيبوتسات ومن رجال الشرطة، أظهرت أنه تم قتل طفلة واحدة هي ميلا كوهين، ابنة السنة من “كيبوتس بئيري”. قتلت هي ووالدها إيهود. حسب مؤسسة التأمين الوطني، فقد توفي أيضاً في اليوم نفسه خمسة أطفال آخرين، هم: عومر سيمان طوف كيدم (4 سنوات) وشقيقاته التوأم أربيل وشاحر (6 سنوات)، اللتان قتلتا في “نير عوز”، ويوزن بن جماع من عرعرة في النقب، الذي أصيب بسبب إطلاق صاروخ، وإيتان كافشتر (5 سنوات) الذي قتل هو ووالداه وشقيقه قرب كلية سفير.
إضافة إليهم، قتل 14 فتى في أعمار 12 – 15، ثلاثة منهم بسبب صاروخ وليس في ساحة المذبحة في غلاف غزة. بعض الأولاد الآخرين قتلوا في بيوتهم أو قربها، على الأغلب مع أبناء آخرين من العائلة. حتى الآن، لا نعرف عن ساحة تم فيها اكتشاف أطفال من عدة عائلات قتلوا معاً. من هنا يتبين أنه حتى أوصاف نتنياهو التي وردت في محادثة له مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي بحسبها مخربو حماس “أخذوا عشرات الأطفال وكبلوهم وأحرقوهم وأعدموهم”، ليست أوصافاً تتفق بشكل دقيق مع صورة الواقع. مع ذلك، كان هناك الكثير من الجثث التي تم تكبيلها وبحق. حسب شهادات أعضاء “زاكا” والمتطوعين في جمعية “الإغاثة 360″، كانت هناك جثث تم تكبيلها، لكننا لا نعرف العدد. وعلى أي حال، لم يكن الحديث يدور عن عشرات الأطفال.
لم ينف مكتب المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي أن أقوال الضابط بوسكيلا لا تتفق مع الواقع. وقال: “الضابط هو ضابط احتياط في الاستخبارات، وصل إلى عدد كبير من الساحات بعد الهجوم، ورأى مشاهد فظيعة كثيرة في إطار وظيفته. سيتم فحص تفاصيل الحادث مع الضابط، وسيتم التوضيح له بأنه لا يجب وصف أحداث تفاصيلها غامضة وغير رسمية”.
بخصوص أقوال باخ، قال المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي: “لقد وصف المشاهد القاسية التي رآها بأم عينه خلال المهمات المختلفة التي نفذها، منها إخلاء الجثث في بداية الحرب. كانت التغطية باللغة الإنجليزية، واستخدمت الضابطة كلمة أطفال لوصف عدد جثث الأطفال التي تم العثور عليها. كان الخطأ بحسن نية، وهو لا يقلل من شدة الفظائع المرتكبة”.
بعض الأوصاف غير الصحيحة نشرها أعضاء “زاكا”. تحدث أحدهم في شهادات موثقة، المسجلة والمكتوبة، عن سلسلة من الفظائع التي شاهدها في كيبوتسات الغلاف. مثلاً، قدم شهادته في عدة مناسبات عن 20 جثة مكبلة ومحروقة لأطفال تم العثور عليها في أحد الكيبوتسات. في محادثة مع “هآرتس”، قال إن الحديث يدور عن فتيان في أعمار 10 – 15 سنة، ذكوراً وإناثاً، عثر عليهم وراء غرفة المطعم في “كيبوتس كفار عزة”. في شهادة أخرى، قال إنه شاهد 20 طفلاً من “كيبوتس بئيري” تم وضعهم فوق بعض وإحراقهم حتى الموت مع تكبيل أيديهم.
هذه الشهادات لا تتفق مع قائمة القتلى. القاصرون الذين قتلوا في “كفار عزة” هم يفتاح كوتس (14 سنة) وشقيقه يونتان (16 سنة) وشقيقته روتم، وهي مجندة عمرها 18 سنة. قتل في “بئيري” 9 من القاصرين، على الأقل كان بعضهم مع الوالدين وقتلوا في بيوتهم. هكذا، من غير المعقول أن يدور الحديث عن 20 جثة وجدت مكدسة في مكان واحد. معظمهم كانوا على الأقل مع أحد الوالدين في البيت أو قربه. حالة واحدة، التي كانت مشابهة لوصف عضو “زاكا”، كانت خلف غرفة المطعم في “بئيري” وليس في “كفار عزة”. هناك، قام عشرات من مخربي باحتجاز 15 إسرائيلياً داخل بيت باسي كوهين وقربه وفي البيت رقم 424 في حي اشاليم. 13 من الرهائن قتلوا، من بينهم التوأم يناي وليال حتسروني (12 سنة).
نفس العضو من “زاكا” قدم شهادة عن مشهد فظيع آخر. فقد تحدث في عدة مناسبات عن جثة امرأة حامل وجدها في “كيبوتس بئيري”، وكان بطنها مفتوحاً والجنين الذي كان مربوطاً بالحبل السري وجد مطعوناً أيضاً. وقد كرر شهادته هذه في محادثة مع “هآرتس”، وقال إنه رأى هذا المشهد في الكيبوتس. “كان هناك الكثير من الدماء”، وأضاف: “عندما أدرناها رأينا بطنها مفتوحاً وكانت السكين قربها. رأينا الجنين مربوطاً بالحبل السري. وقد أطلق النار عليها من الخلف”. وأضاف بأنه وجد المرأة قرب البيت، ووجد في الغرفة الآمنة طفلاً عمره 6 أو 7 سنوات مقتولاً بالرصاص.
87 شخصاً من “كيبوتس بئيري” قتلوا في 7 أكتوبر، وعثر على جثة أخرى لفتاة هي يهوديت فايس في غزة بعد اختطافها. أول أمس، تم الإعلان عن موت ابنة الكيبوتس عوفرا كيدار التي تم اختطافها من منطقة “بئيري”. ولكن لم يكن أي أطفال في أعمار 6 أو 7 سنوات بين قتلى “بئيري”. البيت 426 موجود في حي “اشاليم”، الذي يعيش فيه القدامى من الكيبوتس، وهم من الشيوخ. وفي البيت 426، الذي هو بيت يتكون من طابقين، تعيش عائلة من كبار السن، رافي موردو قتل في المذبحة، في حين أن جارته سمحه شيني أصيبت. شيني وزوجها لم يتحدثا عن امرأة حامل أو عن عائلة مع أطفال صغار استضافوهم في بيتهم. نشر فيلم في الشبكات الاجتماعية يبدو أنه يوثق قتل المرأة الحامل. ولكن جمعية “فيك ريبورتر” ومصادر أخرى نشرت بأن هذا الفيلم لم يتم تصويره قط في إسرائيل.
وفي الكيبوتس نفسه تنصلوا من الوصف، وقالوا إن قصة المرأة الحامل التي نشرتها “زاكا” لا صلة لها بكيبوتس “بئيري”. وهذه الحادثة غير معروفة للشرطة. ومصدر مطلع على فحص الجثث في قاعدة “شورا” قال للصحيفة إن هذه الحادثة غير معروفة له. في “زاكا” قالوا رداً على ذلك: “المتطوعون ليسوا خبراء في علم الأمراض، وليست لديهم أدوات مهنية للتعرف على القتيل وعمره، أو الإعلان عن طريقة قتله، عدا عن شهادة شهود العيان”. وأوضحت الجمعية أيضاً بأنه “بسبب الحالة الصعبة للجثث، فإن المتطوعين ربما أساءوا تفسير ما شاهدوه”. وجاء أيضاً أنه “يحتمل أنهم في الكيبوتس لم يكونوا يعرفون عن الحالة الصحية للمرأة، التي من غير المعروف إذا كانت من سكان الكيبوتس أو إذا كانت ضيفة فيه”.
ونشرت قصة أخرى قبل بضعة أسابيع، كانت قاسية بشكل خاص. رئيس جمعية اتحاد الإغاثة، ايلي بير، تحدث عن طفل تم إدخاله في الفرن وأحرق حتى الموت. قال بير هذه الأمور في مؤتمر للمانحين في الولايات المتحدة. ومن هناك تدحرجت القصة ونشرت في “ديلي ميل” في بداية الشهر الحالي، حيث أصبح الطفل هناك عدة أطفال. ولكنها قصة تبين أنها غير صحيحة. فميلا كوهين كانت الطفلة الوحيدة التي قتلت في المذبحة. ولا توجد لدى الشرطة أي شهادة عن أي جثة تشبه هذه العلامات. مصدر في اتحاد الإغاثة قال إن مصدر الخطأ هو المتطوع الذي اعتقد بأنه شاهد هذه الحالة في قاعدة “شورا” وأنه أبلغ بير بذلك.
وثمة ادعاء آخر مشكوك في صحته طرحته زوجة رئيس الحكومة سارة نتنياهو، في الرسالة التي أرسلتها لزوجة الرئيس الأمريكي جيل بايدن. كتبت سارة نتنياهو في هذه الرسالة بأن إحدى النساء اللواتي تم اختطافهن إلى القطاع كانت حاملاً في الشهر التاسع، وأنها ولدت في أسر حماس. في الشبكات الاجتماعية تم نشر صورة للمخطوفة نتفاري مولكان، وهي مواطنة من تايلاند. في تقرير “مغازين” نفى زملاؤها ومشغلها وأبناء عائلتها بأنها كانت حاملاً. تم إطلاق سراح مولكان السبت الماضي، وتبين أنها لم تكن حاملاً وأنها لم تلد. لا توجد لدى الجيش حتى الآن أي معلومات عن امرأة حامل مخطوفة. ويتعامل جهاز الأمن مع هذه القصة على أنها شائعة لا أساس لها. ولم يرد أي جواب من مكتب رئيس الحكومة.
من جمعية “زاكا” جاء: “قبل 52 يوماً، خرج متطوعو الجمعية إلى ساحة الجحيم من أجل التعامل مع كرامة الميت بإخلاص تحت الرصاص الحي. في الأيام العادية، يحرص المتطوعون على عدم تصوير أو وصف الفظائع التي تعاملوا معها بسبب كرامة الميت. ولكن كرامة الشخص الحي الآن اقتضت منهم تقديم شهاداتهم كي لا يسمحوا بنفي الفظائع. المتطوعون في “زاكا” تعاملوا مع فظائع غير مسبوقة، وجمعوا أشلاء الناس الذين تم تكبيلهم وإحراقهم واغتصابهم بطريقة لا يمكن للإنسان استيعابها، وتحت ضغط تهديد إطلاق الصواريخ والرصاص من مسافة بضعة أمتار.
“في بئيري تعامل المتطوعون مع 100 جثة لقتلى من بينهم 90 شخصاً من سكان الكيبوتس. بالإجمال، منذ بداية الحرب، تعامل المتطوعون مع 1000 جثة. كانت مهمة المتطوعين دفن أي جزء بشري وكل نقطة دم. في كيبوتسات الغلاف حدثت مذبحة فظيعة لا أحد ينكرها. ومتطوعو “زاكا” هم الذين عالجوا وتعاملوا مع هذه الفظائع من أجل دفن القتلى وإعطاء العائلات التي بقيت معلومات حول أعزائها”.
--------------------------------------------
هآرتس 3/12/2023
إسرائيل: مثل تركيا ومصر.. سنقيم منطقة عازلة باقتطاع أراض من قطاع غزة
بقلم: تسفي برئيل
وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، كان أكثر وضوحاً عندما رسم الحدود المشروعة للحرب في قطاع غزة؛ ففي 10 تشرين الثاني، طرح بلينكن المبادئ التي ستصمم عليها واشنطن: لن يكون هناك تهجير قسري لسكان غزة، ولن تكون غزة قاعدة انطلاق لنشاطات إرهابية ضد إسرائيل، ولن يحدث تقليص لمساحة القطاع. ستلتزم واشنطن بسيطرة فلسطينية موحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
الآن، يلوح في الأفق مسار تصادم ثالث بين إسرائيل والإدارة الأمريكية. فقد نشرت وكالة “رويترز” بأن إسرائيل أبلغت عدداً من الدول العربية عن نيتها اقامة منطقة عازلة بين إسرائيل والقطاع عند انتهاء الحرب. حسب التقرير، فإن إسرائيل أشركت الأردن ومصر والإمارات وتركيا والسعودية في هذا. لم يعط التقرير أي تفاصيل عن الجوانب التقنية عن هذا القاطع الأمني المستقبلي، ولكن يمكن الافتراض بأن الحديث يدور عن منطقة محايدة تمتد على طول الحدود بين إسرائيل والقطاع، بعمق متغير، تستهدف منع التسلل سيراً على الأقدام أو عبر آليات للمخربين.
أساس هذه الخطة العملياتي هو أن القطاع سيبقى مصدراً للتهديد البري حتى بعد انتهاء الحرب، حتى لو تم القضاء على التهديد البالستي. هذا القاطع الأمني يجب أن يمنع الخطر أو على الأقل يعطي قوات الأمن الزمن الكافي للاستعداد له.
“القاطع الأمني” لا يعتبر اختراعاً جديداً، سواء في العالم أو الشرق الأوسط. مثلاً، تركيا أقامت قاطعاً أمنياً بينها وبين سوريا، الذي أصبح جداراً بني بين الدولتين قبل سنوات. وقامت مصر “بتنظيف” منطقة بعمق 3 كم على طول الحدود بين القطاع وشبه جزيرة سيناء.
لتنفيذ القاطع الأمني، احتلت تركيا مناطق داخل سوريا على طول الحدود بين الدولتين، وأقامت فيها قواعد عسكرية وضعت فيها قوات تركية تعمل مع مليشيات للمتمردين السوريين بتمويل تركي. تسيطر تركيا أيضاً مباشرة على عدة قرى وبلدات في سوريا، وتدير معظم البنى التحتية المدنية وقوات الشرطة. طموحات تركيا أبعد من ذلك؛ تسعى أنقرة إلى تعميق هذا القاطع الأمني، 30 كم داخل أراضي سوريا، بهدف دفع الأكراد إلى سوريا. هكذا تقيم منطقة أمنية بشكل ثابت تحميها من هجمات الصواريخ، وليس فقط من الاقتحام سيراً على الأقدام.
المنطقة الأمنية التركية لها هدف ديمغرافي أيضاً. فتركيا تخطط لنقل نحو مليون لاجئ سوري إلى هذه المنطقة؛ ربع اللاجئين الموجودين في تركيا منذ اندلاع الحرب الأهلية في 2011. وبذلك، هي تحدث ثورة ديمغرافية يتم فيها تخفيف عدد الأكراد الذين هم في معظمهم أعداء في نظر تركيا من خلال نقل السوريين العرب. حسب حلم تركيا، فإن طرد الأكراد أو تقليصهم الواضح سينهي حلم الأكراد بإقامة دولة مستقلة توحد تحت سيطرتها أكراد تركيا والعراق وسوريا وإيران.
هناك عدة تشابهات بين استراتيجية إسرائيل واستراتيجية تركيا بخصوص الجماعات القومية التي تهددها. التوزيع الجغرافي والتقسيم الأيديولوجي يثقلان على طموحات هذه الجماعات. ليس لأن التواصل الجغرافي – السياسي للأكراد غير موجود منذ الحرب العالمية الأولى، بل لأن الانقسام الأيديولوجي العميق بين الأكراد وطموحات الأكراد في سوريا والعراق وبين طموحات الأكراد في تركيا، والانقسامات الداخلية في كل واحدة من هذه الجماعات، ستضمن تأجيل تحقيق فكرة الحكم الذاتي إلى آخر الزمان.
بصورة مصغرة، هذه الخلافات تتجسد في العلاقات بين حركة فتح وحماس، وبينهما وبين تنظيمات فلسطينية أخرى، التي إضافة إلى غياب التواصل الجغرافي شكلت عائقاً رئيسياً أمام اتفاق وطني فلسطيني على حل سياسي، وخدمت مصلحة إسرائيل التي رعت الانقسام الفلسطيني الداخلي والفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية.
لكن القاطع الأمني الذي أقامته تركيا في الأراضي السورية ضد تهديد الأكراد لا ينهي طموحات الأكراد القومية أو واقع الاحتلال الذي تتعرض له جزء من المحافظات الكردية في سوريا. رغم الوجود العسكري التركي في القاطع الأمني، فإن هذه ساحة مواجهة عنيفة بين القوات الكردية والقوات التركية، التي تخفق في إحباط عمليات الأكراد داخل تركيا بشكل كامل. حظيت تركيا بالهدوء الأمني النسبي فقط عندما بدأت تجري مفاوضات مع رئيس حزب العمال الكردستاني في العام 2009 كجزء مما اعتبره اردوغان سياسة الانفتاح تجاه الأكراد، التي في إطارها تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في 2013، قبل انهياره بعد سنتين تقريباً.
القاطع الأمني التركي داخل سوريا يذكر بشكل كبير بالقاطع الأمني الذي أقامته إسرائيل في جنوب لبنان، والذي تحول إلى ساحة قتال دائمة بين إسرائيل و”حزب الله” بعد طرد م.ت.ف من لبنان. القرار 1701 الذي أنهى حرب لبنان الثانية كان يمكن أن يرسخ قاطعاً أمنياً جديداً بين جنوب لبنان وإسرائيل، لكن فشل لبنان والمجتمع الدولي الذي كان يتوقع أن يطبقه بواسطة الأمم المتحدة، حوله إلى مفهوم نظري.
خلافاً للقاطع الأمني التركي، الذي كله في الأراضي السورية، أو القاطع الأمني الإسرائيلي الذي أقيم في الأراضي اللبنانية، فإن القاطع الأمني المصري الذي تم البدء بإقامته في 2015 لم يقتطع من أراضي القطاع. في المقابل، هو أكثر وحشية من القاطع التركي؛ لأنه فرض على آلاف المواطنين المصريين مغادرة أماكن سكنهم على طول القاطع والانتقال إلى شبه جزيرة سيناء، بالأساس إلى مدينة العريش ومحيطها. آلاف الأشجار اقتلعت، وتم تدمير بيوت وبنى تحتية من أجل تسوية “المنطقة النظيفة”. إضافة إلى ذلك، دمرت مصر آلاف الأنفاق الرابطة بين القطاع وسيناء، واستخدمت كمسارات لنقل السلاح لحماس وانتقال كبير للسلع والأشخاص على جانبي الحدود.
اعتبر القاطع الأمني المصري ناجعاً، لكن أهدافه تختلف عن الأهداف التركية أو الإسرائيلية؛ فمصر لم تهاجم بالصواريخ أو إطلاق النار من داخل القطاع، وكان هدف القاطع الأمني منع انتقال المخربين من التنظيمات الإسلامية الإرهابية من سيناء، مثل رجال “داعش”، إلى القطاع، وعودتهم مرة أخرى إلى سيناء. الأهم من ذلك أن الهدوء الذي حققته مصر على الحدود بينها وبين القطاع دعمته بمنظومة علاقات وثيقة، ضاغطة ومهددة، مع حماس التي تعهدت وحتى عملت على منع انتقال المخربين من سيناء إلى القطاع وبالعكس.
حتى السيناريو الذي سيتم فيه اجتثاث حماس، فهذا القاطع الأمني لن يعطي السكان في إسرائيل الأمن الذي سلب منهم بدون ترتيبات أمنية مع السلطة الفلسطينية التي ستقوم في القطاع. وربما يقضي على إعادة نمو تنظيمات تطمح إلى المواجهات المسلحة. خلافاً لشبه جزيرة سيناء وسوريا اللتين يسمح عمقهما الجغرافي بانتقال المدنيين إلى داخل الدولة، فإن قطاع غزة يعدّ قفصاً مغلقاً، وأي قطعة من الأرض تؤخذ منه للقاطع الأمني سيرافقها تهجير لآلاف السكان الذين سيزجون في منطقة هي في الأصل من أكثر الأماكن اكتظاظاً في العالم. النتيجة المتوقعة لا تحتاج إلى تخمين: بدون ترتيبات سياسية، ربما تكون بلدات الغلاف أكثر أمناً، لكن الجيش الإسرائيلي سيصبح هدفاً مباشراً في المنطقة “منزوعة السلاح”.
--------------------------------------------
إسرائيل اليوم 3/12/2023
بين الواقع وأكاذيب حكومتها.. هل تبتلع إسرائيل الطعم الذي أعدته حماس؟
بقلم: أيال زيسر
التصريحات العالية في جهة والواقع على الأرض في جهة أخرى. وثمة شك يتسلل إلى القلب، وفي واقع الأمر ليس هذا مجرد شك، بل انطباع آخذ يتعاظم في أن جولة المواجهة الحالية بين إسرائيل وحماس، التي بدأت عقب حملة القتل التي قام بها مخربو المنظمة في 7 أكتوبر، تقترب من نهايتها، ورغم استئناف النار في نهاية الهدنة، يدور الحديث عن لحظة نهاية رمزية ومحدودة وليس خطوة تستهدف الوصول إلى الحسم.
المفاوضات الجارية حول الهدن ووقف النار تدل على حل تطرحه علينا حماس وفقا لخطة مرتبة مسبقاً، أساسها – بعد جر إسرائيل لإنهاء القتال ووقف نار دائم وطويل يجلب لها النصر – استمرار حكمها في القطاع بينما يتمتع قادتها بالحصانة من ضربة إسرائيلية. هذا ما حصل في ختام كل جولة خضناها مع منظمة القتلة هذه. كما أن التقارير تفيد، رغم النفي الجارف، بأن إسرائيل تفكر بابتلاع الطعم.
وبينما تعانقنا الولايات المتحدة عناقاً حاراً ومحباً، تلعب وتقيد أيضاً كتلك المطالب التي تأتي من الرئيس بايدن لإسرائيل بأن “تمتنع عن اقتلاع السكان من بيوتهم في المعركة التي تخطط لها في القطاع”. معنى الطلب هو الامتناع عن عملية برية ذات مغزى في جنوب القطاع، حيث لا تزال حماس مسيطرة. كما أن الأمريكيين يريدون أن نخرج من شمال القطاع ونكتفي بعمليات خاصة موضعية ومحدودة ضد أهداف حماس. يدور الحديث عن “مشورات” وفق ثمرة “نجاحات” الأمريكيين في المعارك مع طالبان والعراق، البعيدتين عن واشنطن آلاف الكيلومترات. لكن الأمريكيين يعرفون أيضاً، ولسبب ما يفضلون أن يَنسوا ويُنسوا الآخرين بأن القتال البري وفقط احتلال أهداف العدو، أدت إلى تصفية “داعش”.
الرسائل القادمة من الولايات المتحدة تقع على آذان مصغية عندنا، خصوصاً لدى أولئك الذين يعتقدون بأن من الأفضل التوقف قبل الغرق في الوحل الغزي، مع حلول الأمطار وفي ضوء قتال متوقع في الأزقة وفي مخيمات اللاجئين ضد مخربي حماس. وفضلاً عن ذلك، الحرب موضوع باهظ الثمن، ويتعين تحرير رجال الاحتياط وإعادة المرافق الاجتماعية والاقتصاد إلى مسارها. لا غرو أن ثمة من يمهد التربة الآن من خلال “قصص” عن الضربة التي وجهناها لحماس (وهي بالفعل ضربت ضربة قاسية، وإن لم تكن كافية) بل وحتى عن الضربة التي تعرض لها “حزب الله”. هذه، كما يزعم الآن، كفيلة بحمل المنظمة على إبداء مرونة والموافقة على تغيير في الواقع الأمني على طول الحدود الشمالية في اليوم التالي.
السياسيون منصتون لدقات قلب الجمهور، وهذا تواق للعودة إلى الحياة الطبيعية وروتين الحياة ويدمن على الهدن الآخذة في الاستطالة في الحرب. إن إعادة المخطوفين تملأ القلب بالدفء والرضى، بمثابة انتصار للروح الإسرائيلية على العدو. بالفعل، جدير وضروري أن نبذل كل جهد لنعيد المخطوفين إلى الديار ولو بثمن أليم. غير أنه يجب أن نتذكر ونُذكر المخطوفين الذين عادوا إلى بيوتهم وأولئك الذين نتطلع ونصلي لعودتهم وأولئك الذين ستختطفهم حماس في جولات المواجهة التالية، إذا ما تركناها تواصل السيطرة في غزة. فكل نهاية لا تؤدي إلى هزيمة حماس هي بداية العد التنازلي للحرب التالية.
إذا ما وصلت الأمور إلى هذا، فبانتظارنا حالة أليمة. لماذا غرست القيادة الإسرائيلية في الجمهور أوهاماً عابثة عن أهداف المعركة، والآن تهدئه وتنيّمه قبل النهاية. من الأفضل أن تقول الحقيقة للجمهور، ما هو الممكن وما هو غير الممكن برأيها أن تحققه في عملية عسكرية، نظراً للظروف الدولية والاضطرارات الاقتصادية والأمنية. وعلى هذا يجدر إجراء نقاش جماهيري ثاقب. وفي كل الأحوال، الحقيقة والثقة هما الأساس الذي لن نتمكن بدونه من ترميم نسيج حياتنا ونعيد سكان الجنوب والشمال إلى بيوتهم.
--------------------------------------------
إسرائيل هيوم 3/12/2023
مع الوجهة نحو جنوب القطاع
بقلم: يوآف ليمور
في إسرائيل يأملون بان استئناف الضغط العسكري على حماس في غزة سيدفع قدما بالاحتمال لتحرير مزيد من المخطوفين. ومع أن فريق الموساد اعيد من قطر لكن الاتصالات في هذا الشأن تتواصل كل الوقت بوساطة محافل دولية مختلفة.
ان القرار بإعادة رجال الموساد من قطر اتخذ إثر عدم التزام حماس بالمرحلة الأخيرة من الصيغة الاصلية وامتناعها عن تحرير عشر نساء اخريات يوم الجمعة. واقترحت المنظمة بتحرير عدد اقل من المخطوفات، في إسرائيل رفضوا، وفي اعقاب ذلك أوقفت المفاوضات رسميا واستؤنف القتال صباح. ومع ذلك جرت اتصالات غير مباشرة في نهاية الأسبوع أيضا ويحتمل أن في الأيام القريبة القادمة ستطرح اقتراحات لمخطط جديد. في إسرائيل اوضحوا بانهم سيصرون على استكمال الصيغة الاصلية - أي تحرير كل النساء والأطفال – قبل أن تبدأ مفاوضات على تحرير أصناف أخرى من المخطوفين.
أعربت عائلات المخطوفين عن تخوفها من ان وقف المفاوضات واستئناف القتال سيزيد الخطر على حياة اعزائها. اما في القيادة السياسية – الأمنية فقالوا امس ان الضغط العسكري على حماس يفترض أن يخلق "ظروفا افضل لتحرير المخطوفين". هذا صحيح بشرط أن يبقى كل الوقت اتصال بصري بين الهدفين الاعلوين للمعركة: تحرير المخطوفين واسقاط حماس. وقدر مصدر رفيع المستوى امس بانه اذا ما طرح على الحكومة مخطط جدي جديد فانها ستقره كما اقرت المخطط السابق حتى وان كان سيوقف القتال مرة أخرى لزمن ما.
حتى الان اعيد من غزة 115 مخطوفا. 84 امرأة وطفلا حررتهم حماس كجزء من المخطط و 5 تحرروا قبل ذلك (4 من حماس والمجندة اوري مجيدش التي حررت في عملية قام بها الشاباك). إضافة لذلك تحرر 26 عاملا اجنبيا من تايلند والفلبين. في المرحلة التالية ستطلب إسرائيل تحرير المخطوفين المسنين وكذا الآباء الذين تبقوا في الاسر بعد ان تحرر ابناؤهم.
من استجواب المخطوفين المحررين تراكمت في إسرائيل معلومات كثيرة عن وضع ومكان تواجد بعض المخطوفين، بمن فيهم أولئك الذين لم تكن معلومات عنهم. وهكذا أتيح ان يتقرر بشكل مؤكد موت ستة مخطوفين تحتجز جثامينهم في القطاع: عوفرا كيدار، غي ايلوز، آريه زلمنوبتش، الياهو مرغليت، مايا غورن ورونين آنجل. إضافة الى ذلك قضى الجيش استنادا الى ادلة جمعت في الميدان بموت العقيد آساف حمامي، قائد اللواء الجنوبي في قطاع غزة الذي قتل في 7 أكتوبر واختطفت جثته الى غزة. في الأسبوع الماضي قضى الجيش بموت مقاتلي غرفة عمليات حمامي، الذي هو قائد اللواء الثالث الذي فقده الجيش في السبت الأسود، الى جانب قائد لواء الناحل العقيد يونتان شتاينبرغ وقائد الوحدة متعددة الابعاد العقيد روعي ليفي.
واستؤنف القتال في غزة في جبهتين اساسيتين الأولى في مدينة غزة نفسها حيث يعمل الجيش في احياء لم تعالج قبل وقف النار، وعلى رأسها الشجاعية وجباليا. في هذين الحيين تتركز ضد بعض الكتائب الأقوى لحماس، والتي من المعقول ان تكون تعززت جدا الأسبوع المنصرم.
بالتوازي، شدد الجيش عملياته في خانيونس التي منها حسب التقديرات يقود يحيى السنوار المعركة. في نهاية الأسبوع اكتفى الجيش بغارات من الجو ضد اهداف في المدينة، لكن المعقول ان تضاف اليها خطوة برية. الخطوة في جنوب القطاع ستكون باعثة على التحدي ليس فقط لانه تتركز فيها قوات قوية من حماس بل في ضوء وجود نحو مليون لاجئ في المنطقة والمطالبة الأميركية بالامتناع عن معركة عنيفة تزيد الازمة الإنسانية.
في الجيش الإسرائيلي قدروا في نهاية الأسبوع انه سيكون ممكنا انهاء المرحلة الأولى من المعركة في شمال القطاع في غضون نحو عشرة أيام. اما الخطوة الجنوبية فستتطلب زمنا أطول، لكن انهاء الخطوة الشمالية ستتيح توجيه قوات أخرى الى الاعمال في الجبهات الأخرى. ومع ذلك فالاعمال في شمال القطاع ستستمر في المستقبل أيضا لكن في صيغة مختلفة من الاقتحامات. بالتوازي يعتزم الجيش الإبقاء على مجال امني غربي الجدار يشكل فاصلا بين البلدات الإسرائيلية والأراضي الفلسطينية.
وأدى استئناف المعركة في غزة على الفور الى استئناف القتال في الشمال أيضا. هنا أيضا، واصل الجيش نمط الاعمال التي كانت حتى الهدنة واساسها جباية ثمن من حزب الله. في نهاية الأسبوع هوجمت بضع ذخائر للمنظمة في جنوب لبنان وفي غارة نسبت لسلاح الجو في سورية أصيب مبنى لحزب الله كان يتواجد فيه مستشارون للحر الثوري الإيراني.
قدرت محافل مختلفة في الاسابيع الأخيرة بان الامكانية لتوسيع المعركة في الشمال ازدادت جدا، واساسا في ضوء انعدام حل محتمل يضمن ابعاد قوات الرضوان عن الحدود الشمالية. صحيح ان الولايات المتحدة تعمل من خلف الكواليس لتحقيق حل سياسي للمسألة لكن تبدو ان الاحتمالات لذلك متدنية جدا.
--------------------------------------------
طوفان الأقصى... الموقف اليوم الأحد: 03/12/2023 الساعة: 09:00
عبدالله أمين
خبير عسكري وأمني
أولاً: الموقف:
إنه اليوم الثاني للقتال بعد إنتهاء الهدنة المؤقتة التي طوي ملفها في ي: 1/12/2023 س: 0700، حيث ما زال العدو يشن هجومه البري والجوي والبحري على مختلف مناطق قطاع غزة. كما بقيت المقاومة الفلسطينية تتعرض للعدو على كافة محاور القتال، خاصة في منطقة مدينة غزة، حيث عمليات الجهد الرئيسي للعدو، كما وتتصدى لمحاولات تقدمه في مناطق جنوب الوادي، خاصة منطقة خان يونس. أما في تفصيل موقف اليوم:
ففي صفحة العدو القتالية ؛ عاد العدو للعمل في معظم مناطق مدينة غزة، شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً ، باستخدام التشكيلات القتالية الآتية:
منطقة عمليات الشمال الشرقي لمدينة غزة / محور بيت حانون : تشكيلات الفرقة 252 والتي تضم الألوية 10 و 12 و 14 و 16.
- منطقة عمليات الشمال الغربي لمدينة غزة / محور زكيم ساحل غزة حتى أبراج المقوسي: تشكيلات الفرقة 162 والتي تضم الألوية المدرعة 401 و 460، ألوية مشاة الناحال و جفعاتي و لواء الكومانودس.
- منطقة عمليات جنوب وجنوب غرب مدينة غزة / محور الزيتون الشجاعية تل الإسلام، الشيخ عجلين شارع الرشيد حتى منطقة الميناء تقريباً: تشكيلات اللواء مدرع 188 باراك، أولية المشاة غولاني و ساعر 7 و المظليين.
- كما تضم منطقة العمليات التشكيلات التالية: لواء تدريب المشاة 828، لواء تدريب المظليين 226، لواء المظليين الاحتياط 551، لواء المظليين احتياط 646، كتيبة من لواء المدرعات كرياتي، كتيبة من لواء المظليين 55، كتيبة من لواء كفير، قوات المهام الخاصة / شيطيت، شلداغ، يهلوم، متكال.
هذا وقد استأنف العدو عملياته القتالية عبر الإجراءات التالية:
- تحليق مكثف للطائرات المقاتلة والمسيرة في جميع أجواء مسرح العمليات، خاصة منطقة الجهد الرئيسي، حيث استهدفت هذه الوسائط بنيرانها مناطق المقاومة وأهدافها.
- قصف الأحياء والحارات الداخلية في مدينة غزة، وباقي مناطق القطاع، حيث شن العدو أكثر من غارة على المناطق الوسطى في قطاع غزة.
- تركيز ناري من مختلف وسائط القتال البرية والجوية والبحرية على محافظة خان يونس ورفح، حيث أفيد بالأمس عن وصول العدو إلى منطقة المطاحن شمال غرب القرارة، مندفعاً بالتجاه الغرب في محاولة للوصول إلى شارع الرشيد الساحلي، وفي حال وصول العدو إلى مقصده؛ فأنه يكون قد قطّع قطاع غزة إلى ثلاث مناطق عمليات؛ شمالية، ووسطى، وجنوبية.
- تركيز القصف الجوي والمدفعي على محافظة خان يونس وضواحيها جنوب وادي غزة.
- قطع العدو الطريق الواصل بين محافظتي خان يونس ورفح.
- قصف بحري من زوارق العدو المنتشرة قبالة دير البلح جنوب وادي غزة.
- رد العدو على مصادر النار التي استهدفت قواته ومقاره في الجبهة الشمالية لفلسطين المحتلة ؛ حيث طال قصفه كل من: الناقورة، حولا، مركبا، اللبونة، دير ميماس، القوزح، برج الملوك، وغيرها من مدن وقرى الجنوب اللبناني التي تخرج منها أو من جوارها نيران المقاومة التي تستهدف مقار العدو وثكناته.
- قصف العدو لمحيط دمشق، حيث أفيد عن استشهاد اثنين من المستشارين الإيرانيين العاملين في سوريا، هما: العقيد " محمد على عطائي شورجه " و العقيد " بناه تقي زاده".
- إعلان وزارة الدفاع البريطانية عن بدء تسيير طائرات غير مأهولة في أجواء مسرح عمليات قطاع غزة، في مهام رصد وجمع معلومات.
وفي سياق متصل؛ يذكر أن العدو بدأ استخدام قذائف ضد التحصينات موجه عبر تقنيات ال- GPS من نوع BLU109 زنة 2000 رطل، قادرة على خرق تحصينا خرسانية بسماكة 1.22 - 1.8 متر. كما كشف العدو بالأمس عن اسماء ثلاثة من ضباطه الكبار الذين قتلوا في عملية "طوفان الاقصى " وهم العقيد "روعي ليفي" قائد وحدة "الاشباح"، والعقيد "جوناثان شتاينبرغ" قائد لواء "الناحال" والعقيد "آساف حمي" قائد لواء الجنوب في فرقة غزة، ليصل عدد قتلاه منذ بدء الحرب في 7/10/2023 إلى 398 قتيلاً، فضلاً عن آلاف الجرحى.
أما فيما يخص صفحة المقاومة القتالية؛ فقد ردت تشكيلات المقاومة على استئناف العدو لعملياته القتالية، عبر الإجراءات التالية:
- الاشتباك مع العدو بالأسلحة الفردية والصاروخية والعبوات التفجيرية، على كافة محاور القتال في مدينة غزة / الشيخ رضوان، وتل الإسلام (الهوا)، وبيت حانون، حيث تم استهداف غرفة قيادة ومراقبة للعدو في هذه المنطقة، والتوام، ونتساريم، وحي النصر، ومخيم الشاطئ، هذا وقد أفيد عن استهداف آليات هندسية للعدو في منطقة جحر الديك - س: 1815 - كما استهدف - س: 1140 - قوات العدو بمنظومة "رجوم" شرق دير البلح، وشرق خان يونس، ومنطقة القرارة شمال شرق خان يونس.
- قصف مناطق غلاف غزة بنيران الأسلحة المناسبة.
- استهداف العدو في بعض نقاط تمركزه في بعض مساكن بيت حانون.
- قصف عمق فلسطين المحتلة / تل الربيع، عسقلان، بئر السبع، حيث وصلت نار المقاومة حتى مغتصبة "مودعين" جنوب القدس.
- استأنفت المقاومة الإسلامية في لبنان " حزب الله " اشتباكها مع العدو في أكثر من نقطة في الشمال الفلسطين، حيث استهدفته في: بركة ريشا، والراهب، وجل العلّام، ورويسات العلم، وخربة ماعر، والمرج، والمطلة، ودوغيت، كما استُهدف مقر الفرقة 91 في برانيت، وقوة معادية تحصنت في منزل في مغتصبة "دوفيف ".
- استهدافت المقاومة العراقية - س: 2300 - قاعدة الحرير الأمريكية في محافظة أربيل العراقية.
وفي الضفة الغربية ؛ ما زال العدو يمارس عمليات الاقتحام والمداهمة - أمن جاري - لمختلف مدن وقرى الضفة الغربية معتقل للناشطين، ومدمراً للبنى التحتية ؛ حيث اقتحم: مخيم بلاطة، ومخيم عسكر، وعرابة / جنين، ويطا وسعير / الخليل، البيرة، وعقربة / نابلس، وبيت ريما / رام الله.
وفي الدعم الشعبي للمقاومة ؛ لا زالت تجوب المدن والعواصم على شكل:
- مظاهرات ومسيرات.
- اعتصامات ووقفات أمام بعض المقار والممثليات.
- ندوات وخطب ولقاءات.
وفي الجهود السياسية؛ وبعد استئناف العمليات القتالية المعادية؛ عادت هذه الجهود لتنصب على محاولة الاتفاق على هدنة ثانية، مع ما يرافق هذه الجهود من إعلان صريح للعدو الأمريكي تأييده لإجراءات العدو الصهيوني. كما عاد العدو للحديث عن إقامة منطقة عازلة في قطاع غزة، حيث ذكرت مصادر سياسية معادية أنه تم التوافق مع الإدارة الأمريكية بخصوص هذا الأمر. وعلى صلة ؛ فقد ذكر نائب رئيس حركة المقاومة الإسلامية " حماس " الشيخ "صالح العاروري " بالأمس، أن لا مفاوضات الآن مع العدو حول هدن، وأن أمر أسرى العدو لدى المقاومة مؤجلٌ إلى حين وقف القتال، وانتهاء الحرب.
ثانياً: التحليل والتقدير
ما زال العدو يشن غاراته الجوية والبرية والبحرية على كامل مسرح عمليات قطاع غزة، مركزاً جهده الرئيسي على مدينة غزة، التي ما زالت قواته تتوغل فيها على أكثر من محور، بحثاً عن الاصول البشرية والمادية والبنى التحتية للمقاومة، بحيث تحييد ما تجده من هذه الأهداف عبر جهود النار البرية والجوية والإجراءات الهندسية، دون التوغل إلى داخل الشوارع والأحياء الداخلية، مكتفيا - العدو - بالقتال على القشرة الخارجية لهذه المناطق، تحسباً من الخسائر التي ستقع في صفوف جنوده وآلياته في حال قرر تطهير المناطق والأحياء منزلاً منزلاً، وشارعاً شارعاً. كما بقيت المقاومة في مختلف مناطق القتال في مسرح عمليات قطاع غزة، خاصة المدينة شمالاً، بقيت تتعرض للعدو في عمليات كر وفر، مستهدفة جنوده وآلياته بمختلف أنواع الأسلحة الفردية والمتوسطة والعبوات الناسفة، مظهرة - المقاومة - قدرة على المناورة وتشغيل قدرات نارية قوسية - صواريخ، هاونات - من المناطق التي يدعي العدو أنه مسيطرٌ عليها، الأمر الذي يشي بأن وسائط القيادة والسيطرة لمخلتف فصائل المقاومة ما زالت قادرة على إدارة المعركة، والسيطرة على مواقفها المختلفة.
وفي سياق متصل فإن مراقبة نار العدو ومناورته، وتصريحات قادته - السياسيين والعسكرين - تشير إلى أن العدو في صدد نقل جهده الرئيسي باتجاه جنوب مسرح عمليات قطاع غزة، بحيث يصبح هذا الجهد متركزاً على مدينة خان يونس وضواحيها، لما لهذه المدينة من رمزية، ولما يظنه العدو من أن قادة المقاومة يتحصنون فيها، فضلاً عن أن ما في هذه المدينة من قدرات قتالية بشرية ومادية، لم تحتك إلى الآن بشكل فاعل ومؤثر مع العدو، مما جنبها خسائر تؤثر على كفائتها وقدرتها القتالية. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن نقل جهد العدو الرئيسي بالتجاه الجنوب سوف يتم بشكل متدرج، بحيث لا يؤثر على قواته التي تقاتل في الشمال، ولن تكتمل عملية النقل هذه إلّا إذا:
1. توفر للعدو قدرات قتالية نظامية أو احتياط قادرة على التعامل مع تشكيلات المقاومة في شمال قطاع غزة، بحيث تبقيها - تشكيلات المقاومة - في حالة من الضغط، بحيث لا تستطيع المشاركة في أي جهد قتالي خارج مناطقها، أو تشغيل قدرات نارية تؤثر على العدو في غلاف غزة، أو العمق الفلسطيني المحتل.
2. التخفيف من حالة الاكتظاظ البشري المدني التي تشهدها مناطق وسط وجنوب قطاع غزة، عبر فتح ممرات وطرق باتجاه مدينة رفح.
عليه وأمام هذه المعطيات، فإننا نعتقد أن الموقف في ال- 24 ساعة القادمة سوف يكون على النحو الآتي:
1. زيادة تركيز العدو ناره، وبدء تحريك قوات مناورته باتجاه مناطق وسط وجنوب قطاع غزة، خاصة محافظة خان يونس. الأمر الذي يتطلب من تشكيلات المقاومة عدم إعطاء فرصة للعدو لكشف جهازها الدفاعي عبر ما يقوم به من عمليات الاستطلاع القتالي، أو القصف الجوي، وتَحين المواقف القتالية الأنسب لها للاحتكاك والاشتباك معه، كما يجب استخدام مختلف الجهود الهندسية والنارية لإرهاق قوات العدو أثناء تقدمها نحو مراكز ثقل المقاومة، ومنعه - العدو - من تثبيت رؤوس جسور في منطقة العمليات، يمكن أن تتحول إلى مقار عمليات متقدمة تهدد مناطق مسؤولية مختلف فصائل المقاومة في منطقة العمليات هذه.
2. قد يعمد العدو إلى القيام بعمليات إنزال جوي في المناطق الغربية لمدينة خان يونس، الأمر الذي يجب التنبه له، وتخصيص جهود نارية وهندسية مسبقة، لمنع العدو من تحقيق هدفه هذا، حال قرر السير بهذا الخيار.
3. بقاء العدو مشتبكاً مع قوات المقاومة المنتشرة في مدينة غزة، على أن يبقى قتاله على القشرة الخارجية للأحياء والحارات الداخلية، دون التوغل إلى داخلها، تحسباً من الخسائر والأضرار المتوقعة.
4. بقاء تشكيلات المقاومة في مدينة غزة خصوصاً، والقطاع عموماً، مشتبكة مع العدو، بمختلف صنوف النار، وتكتيكات القتال في المناطق السكنية.
5. بقاء المقاومة الإسلامية في شمال فلسطين المحتلة - حزب الله - مشتبكة مع العدو بمختلف صنوف النار، وفي كامل المنطقة الحدودية، من رأس الناقورة غرباً، وحتى العرقوب شمالاً.
6. استئناف المقاومة العراقية في ساحة العراق وسوريا، استهدافها لقواعد ومقرات العدو الأمريكي بصنوف النار المناسبة.
7. استئناف "أنصار الله" في اليمن اشتباكهم مع العدو الصهيوني بنيران الصواريخ أو المسيرات المتوجهة نحو أهداف في العمق الفلسطيني.
8. لا نعتقد أن الجهود السياسية ستفضي إلى توقف الأعمال القتالية، أو هدنة، أو وقف دائم لإطلاق النار.
------------------انتهت النشرة-----------------
أضف تعليق