الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 28/11/2023 العدد 868
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
يديعوت أحرونوت 28/11/2023
عَفَـن في شعـبة الاستخـبارات "أمان"
بقلم: عيناب شيف
إلى جانب هوس إيهود باراك والمحاولات النذلة لإلصاق كل أنواع المؤامرات ببطل إسرائيل نوعم تيفون (في النهاية ستبني كيبوتس ناحل عوز أموال التعويضات عن التشهير)، تعمل آلة السم من القطاع ضد رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية أمان اللواء أهرون حليوة.
كل إطلالة إلى هذا العش تؤدي قبل كل شيء إليه. فالهدف واضح: استهداف الاستخبارات بأنها المسؤولة الحصرية عن القصور المحدد في 7 أكتوبر، من أجل إبعاد الحكم ومن يقف على رأسه عن المطالبة بدفع ثمن المصيبة.
حين يتعلق هذا بحليوة مثلاً، فإنه ليست كل الوسائل العفنة مشروعة للتشهير الشخصي؛ يتبين أنه مسموح أيضاً الاستناد إلى منشورات «قنوات السم/الجزيرة».
فجأة باتت هذه وسيلة إعلامية مصداقة ومشروعة لا مجال على الإطلاق للتشكيك فيها أو إيجاد ذرة شر فيها.
بالمقابل، حين يبلغون عن الكتب الصريحة التي وضعت على طاولة رئيس الوزراء الذي فضل الترويج لخطة متطرفة لتغيير النظام مزقت الشعب بعامة ومنظومة الاحتياط بخاصة فإنهم يعودون على عجل إلى مكانتهم كسكاكين حادة في ظهر الأمة.
غير أن سلسلة عمليات الكشف عن الإخطارات التي تجمع بعضها توقعت المستقبل بشكل مذهل، تؤدي إلى استنتاج لا مفر منه: شيء ما عفن حصل في مملكة شعبة الاستخبارات أمان، ويخيل أنه يتجاوز الفشل في منع الاجتياح لبلدات النقب الغربي أو على الأقل لتقليص حجومه.
دفعة واحدة انطلق كل الهواء الساخن من الكلمات الكبيرة عن الحاجة لتعلم دروس قصور حرب يوم الغفران، بما في ذلك رسالة (مميزة لشدة الأسف) أصدرها حليوة عشية الاحتفال لإحياء 50 سنة على الحرب.
في نظرة إلى الوراء يتبين أن ما نتج عن كل هذا هو أن قصور 1973 نزل إلى المرتبة الثانية في الترتيب البائس لإخفاقات الاستخبارات الأخطر في تاريخ الدولة.
حليوة، بخلاف الآخرين الذين صنفوا أنفسهم كـ «السيد أمن» و «أريد أن يذكروني كحارس إسرائيل»، سبق أن اعترف بالمسؤولية عما حصل.
واضح لكل إنسان عاقل أنه سيخلي مكانه في مرحلة ما. هذا أيضاً أكثر مما فعله رؤساء أمان آخرون، كانوا شركاء في تلك المفاهيم ولا يزالون يغمرون الاستديوهات أو يشاركون في المشاورات وفي الحالة المدهشة للواء احتياط تمير هايمن – ينجحون في أن يفعلوا هذا وذاك في آن معاً.
لكن في ضوء المكانة المميزة لرئيس شعبة الاستخبارات أمان في منظومة («المقدر الوطني»)، فإن من ينفر من نتنياهو أيضاً، من رفضه الاعتراف بدوره الاستراتيجي (السياسي تجاه حماس) والتكتيكي (إضعاف المنظومات في السنة الأخيرة) في المصيبة وبالطبع يقرف من مشروع البروباغندا السام الذي أقامه لنفسه يجب أن يسأل: ما الذي في واقع الأمر يحصل في جلسات الكابينيت التي يكون فيها رئيس أمان، الذي لم يتمكن من جمع قطع الفسيفساء وبالتالي هو في حالة أسوأ من إوزة عرجاء، مطالباً بأن يعبر عن رأيه المستقل حقاً الآن؟
كيف ينظر هذا إلى أولئك الذين لا يزالون مسؤولين عن اتخاذ القرارات في شؤون الحياة والموت؟ وكيف يفترض بهذا أن يجري مع العلم بأن أحد أطراف الطاولة يعمل منذ الآن على نحو حثيث ضد الطرف الآخر.
إن المفارقة المأساوية هي أن آلة الكذب بالذات هي المانع الأكثر كتماناً في وجه الشرعية لإجراء هزة متطرفة في المدى القصير، وهي أيضاً ما سيمنع إصلاحاً جذرياً عميقاً وضرورياً في المدى البعيد.
إن الشكل المكشوف الذي يستهدف فيه حليوة بأن يكون كبش فداء وحيداً، بما في ذلك نشر الشائعات هو خطيئة الغرور التي تجعل الاستخبارات هي الأخرى بحاجة إلى إعادة تأهيل كالتي حصلت لجهاز الشاباك بعد اغتيال رابين.
من جهة أخرى فإن آلة السم لا تعمل في صالح الجمهور وبالتالي فإن كل هذا لا يهمه.
---------------------------------------------
معاريف 28/11/2023
ليمـونة الهدنة في يـد "الســنــوار"
بقلم: د. موشيه إلعاد
عقيد احتياط، محاضر في دائرة الاستشراق في أكاديمية الجليل الغربي، مستشار سابق في وزارة الدفاع للشؤون العربية ورئيس التنسيق الأمني في المناطق وحاكم منطقة جنين وبيت لحم.
يحيى السنوار (أبو إبراهيم) كان نشيطاً عادياً من حماس لم يبرز بشكل خاص إلى أن تسلّم جهاز المجد الذي كان مسؤولاً عن تطهير المجتمع الغزي من العملاء مع إسرائيل وممن انحرفوا عن دين الإسلام.
وعندها تحول السنوار ليصبح وحشاً يسير على قدمين كل ما قيل عنه صحيح: فقد حقق مع الناس برقة زائفة وعلى فنجان قهوة وما أن أنهى التحقيق وحصل على مبتغاه حتى أطلق النار على رأس من حقق معه.
سحل عملاء في شارع صلاح الدين وهم مربوطون بسيارة تسافر بسرعة 150كم في الساعة ودفن منحرفين عن الدين الإسلامي في عواميد إسمنت صبها عليهم بعد أن قطعوا بمناشير كهربائية. كلمة «ثبات» لا توجد في قاموس الرجل، فعندما كان مسجوناً في إسرائيل تعلم العبرية لكن أكثر من ذلك تعلم كيف يتعرف على مواضع ضعف ناطقي العبرية.
ظاهرتان كانتا في نظره لغزاً: الحساسية في إسرائيل تجاه حياة الإنسان وضعف السياسيين أمام الجمهور الإسرائيلي، الذي على حد قوله، يفعل بمندوبيه إلى الكنيست كحبة عدس، وهو تعبير عربي معروف معناه أنه يمكن اللعب بأشكالهم. في مركز فكره – الجمهور الإسرائيلي هش وقابل للضغط.
مفهومه هذا يحققه في المفاوضات الحالية على صفقة تبادل المخطوفين بالسجناء.
وهو يسوق للعالم العربي الصفقة كصفقة تمس بشدة بالنقطة الإسرائيلية الأكثر حساسية: «مقابل 50 امرأة وطفل فقط» يحظى بهدنة في القتال وبقدرة على الانتعاش وإعادة التنظيم بل وتحرير 150 امرأة وقاصراً فلسطينياً وإدخال الغذاء والأدوية والوقود.
يصر السنوار على صفقة دفعات وليس صدفة. وهو سيعصر هذه الليمونة التي تسمّى هدنة بكل وسيلة ممكنة. فمنذ الدفعة الأولى اتهم إسرائيل بخرق الاتفاق الهش، في الدفعة الثانية تغيير هوية «المخربين» المتحررين من السجن الإسرائيلي، وفي الدفعة الثالثة سيحرص على أن ينشر في العالم العربي والغربي الصور الأكثر فظاعة لأطفال فلسطينيين مقطوعي الرؤوس والأطراف كي يمارس في نهاية مشاهدتها ضغطاً في الدول الغربية لوقف القتال.
إضافة إلى ذلك من المتوقع للسنوار أن يأمر رجاله في أيام الهدنة بتنفيذ عمليات في الضفة، في شرق القدس ومن لبنان لأجل دفع إسرائيل إلى تركيز الجهود هناك والتخفيف عنه.
السنوار نفسه وفريقه القريب منه يؤمنون بأن الضغط الذي سيمارسه سينجح وإسرائيل لن تكمل مهمتها في تصفية المنظمة التي يقف على رأسها.
كخطة احتياط سيتمترس في معقله في خان يونس، مكان مولده وساحته البيتية. إذا ما فشلت خطته سيلقى هناك حتفه إما بقنبلة طن أو بنار عسكري من جندي إسرائيلي. أن يرفع يديه أو أن يرفع علماً أبيض هو الآخر ليس في قاموسه.
--------------------------------------------
هآرتس 28/11/2023
وزارات زائدة في زمـن الحرب
بقلم: أسرة التحرير
يفترض بالحكومة أن تقر التعديل على ميزانية العام 2023 التي تحطم إطارها كنتيجة للحرب. ويأتي التعديل لأجل توجيه المقدرات لتمويل كلفة الحرب، منح التعويض والمساعدة لانتعاش الاقتصاد.
بسبب الحرب والحاجة إلى تغيير سلم الأولويات، أوصى المستوى المهني في وزارة المالية الحكومة بأن تغلق في العام 2024 ست وزارات حكومية وصفها بالزائدة: وزارة الشتات (38 مليون شيكل في ميزانية 2024)، وزارة القدس وتقاليد إسرائيل (25 مليون)، وزارة التراث (73 مليون)، وزارة الاستيطان والمهام الوطنية (134 مليون)، وزارة التعاون الإقليمي (21 مليون) ووزارة المساواة الاجتماعية (140 مليون).
ويمكن أن تضاف إلى هذه التوصية وزارة تنمية النقب، الجليل والمناعة الوطنية للوزير إسحق فسرلوف، وزارة الاستخبارات للوزير غيلا غمليئيل وكذا الأموال الائتلافية المخصصة لأغراض فئوية.
رغم التوصية الواضحة، لم تغلق منذ نشبت الحرب (قبل التوصية) إلا وزارة الإعلام برئاسة الوزيرة غليت ديستل اتبريان. باستثنائها يبدو أن أياً من الوزراء في الوزارات التي أوصت المالية بإغلاقها لن يضع المفاتيح على الطاولة.
عميحاي شيكلي، أوريت ستروك، عميحاي إلياهو، مئير باروش ودافيد امسلم يلتصقون بكراسيهم الزائدة. إن حكومة مسؤولة كانت ملزمة بأن تخصص هذه الأموال لإعمار النقب الغربي وتعويض عموم المواطنين الذين تضرروا من الحرب.
لكن في الحكومة المنتفخة والفئوية برئاسة بنيامين نتنياهو أصبحت الوزارات «الصندوق الصغير – الكبير» للوزراء، الذين يستثمرون في مجالات قريبة إلى قلب قواعدهم. إقامة مواقع سياحية جديدة في يهودا والسامرة، ثقافة توراتية، «تعزيز الهوية اليهودية»، «ترسيخ تقاليد إسرائيل»، «تعزيز الوعي والارتباط الشخصي بأعياد إسرائيل والكتب المقدسة كالكتاب الخالد لشعب إسرائيل». هذا تسيب اقتصادي تحت رعاية الحرب يمس بالاحتياجات الأساس لمواطني إسرائيل. محق الوزير بيني غانتس الذي أعلن أمس أنه سينظر في بقاء حزبه في الحكومة في حالة تحويل الأموال الائتلافية.
وإلى هذا ينبغي له أن يضيف التزاماً من جانب نتنياهو لأن يغلق على الفور كل الوزارات الزائدة وأن يحول ميزانياتها في صالح الجهد الحربي.
هذا هو الوقت لتوجيه كل شيكل لصالح ترميم حياة مواطنين أصبحوا لاجئين في بلادهم؛ لدعم الاقتصاد، الأعمال التجارية الصغيرة، الصحة الجسدية والصحة النفسية للجنود، أفراد الشرطة، رجال الاحتياط، الأطفال، أصحاب الأعمال التجارية والسكان الذين تضرروا بشكل مباشر وغير مباشر من الحرب – والتي لا نزال بعيدين كثيراً عن تقدير عمق الخراب الذي ألحقته.
--------------------------------------------
هآرتس 28/11/2023
حماس فرضت معاييرها والشعب الفلسطيني باق.. ولا أمن إلا بعملية سلمية
بقلم: توم مهجار
إسرائيل لن تنتصر في هذه الحرب. فحماس بثلاثة معايير حاسمة استطاعت، أن تقرر قواعد اللعب، وتبعها في ذلك “حزب الله”، وكلما استمرت الحرب تتفاقم تداعيات هذه المعايير في غير صالحنا.
المعيار الأول هو الوضع غير المسبوق الذي نجحت حماس وبعدها “حزب الله”، في خلقه على حدود القطاع وعلى الحدود الشمالية. بعد مذبحة 7 تشرين الأول، وبعد فقدان الأمن الشخصي في إسرائيل عقب ذلك، فإن نحو 120 ألف مواطن إسرائيلي تركوا أماكن سكنهم في النقب الغربي وفي منطقة الشمال. وهم “مهجرون في بلادهم” منذ أسابيع. مشكوك فيه إذا كان هدف القضاء على حماس قابلاً للتحقق. في المقابل، ربما يستمر “حزب الله” في ترسيخ معادلة إطلاق النار المتبادل في الشمال ومحاولة الاختراق إلى داخل الدولة. معنى ذلك، أنه كلما طالت الحرب فالكثير من المواطنين لن يعودوا إلى بيوتهم.
المعيار الثاني هو الإضرار الكبير بسياسة إسرائيل للتوصل إلى التطبيع مع العالم العربي المعتدل، وعلى رأسه السعودية. ونحن على شفا التوقيع على اتفاق تاريخي بين أمريكا والسعودية وإسرائيل، استطاعت حماس إعادة القضية الفلسطينية إلى مركز جدول الأعمال الإقليمي والدولي. وكلما استمرت إسرائيل في حربها الوحشية في قطاع غزة سيزداد الضغط على العالم العربي المعتدل لاتخاذ موقف قاطع ضدها، موقف لن يعيد الدولاب إلى الوراء. الحديث يدور عن إضرار كبير بالآفات التجارية – الاقتصادية التي سعت إسرائيل إليها، والتطلع إلى شرعية إقليمية أمام السعودية وحلفائها في المنطقة والعالم.
الثالث هو قضية المخطوفين. صفقة التبادل التي تم تنفيذها تبرهن على اضطرار إسرائيل إلى التنازل لحماس والاستجابة بدرجة لا بأس بها لمصالحها. يمكن الافتراض أن الضغط داخل إسرائيل سيزداد بعد تنفيذ الصفقة الحالية؛ من أجل تنفيذ جولات أخرى من التبادل مقابل هدنة طويلة المدى وإطلاق سراح سجناء “لهم وزن”. وإذا رفضت إسرائيل فستضطر التضحية بالجنود في مهمات ذات شك كبير في أن تؤدي إلى إطلاق سراح مخطوفين على قيد الحياة، الأمر الذي سيثير توتراً شديداً في المجتمع الإسرائيلي.
السيناريو المتفائل ظاهرياً يقول إن إسرائيل ستهزم حماس وسلطتها خلال بضعة أشهر. ولكن مسؤولية استمرار السيطرة على القطاع وسكانه ستلقى على إسرائيل في هذا الواقع الجديد. وهناك شك إذا كانت هذه الهزة القوية ستجلب الأمن، أو قد تخلد وضعاً دائماً من القتال والخسائر، وهذا نعرفه من قطاع غزة قبل عملية الانفصال، ومن جنوب لبنان.
لذلك، حان الوقت لنعترف بأننا لن نحقق انتصاراً، ولا يهم عدد الضربات الوحشية التي سنوجهها للقطاع وسكانه المساكين. الحقيقة المؤلمة أن حماس، وفي أعقابها “حزب الله”، قد جرا إسرائيل إلى حرب بدأت بمبادرة هجومية منهما وبفشلنا الفظيع. العمليات العسكرية لن تنجح في تغيير الوضع السياسي الذي وجدنا أنفسنا فيه.
ما العمل إذاً؟ أولاً، يجب العمل على وقف إطلاق النار وإجراء صفقة شاملة لإطلاق سراح جميع المخطوفين ومحاسبة المسؤولين عن الفشل في أسرع وقت. ثم الالتزام بإقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة مقابل وقف بعيد المدى لإطلاق النار، 15 سنة تقريباً، والعمل على تنفيذ هذا الالتزام. هذا العرض سيحصل على دعم العرب والعالم العربي المعتدل والسلطة الفلسطينية. ولن يبقى أمام حماس أي خيار سوى الانضمام إلى هذه المبادرة، كما اقترح قادة حماس خطة مشابهة من قبل. لقد حان الوقت لمبادرة إسرائيلية سياسية تنبع من الإدراك بأن الشعب الفلسطيني لن يختفي، وأن طريقة العيش بأمان هنا من خلال الاعتراف بحقوقه وطلباته المشروعة في الاستقلال.
--------------------------------------------
هآرتس 28/11/2023
لنتنياهو “غير المؤهل”: ساعتك الائتلافية لا تنسجم مع الساعة الدولية
بقلم: إيهود براك
نقترب من نقطة الحسم بعد مرور شهرين على الحرب، للجيش الإسرائيلي إنجازات واضحة في شمال القطاع، لكن حماس بعيدة عن التفكك في الجنوب، وتحافظ على قدرات في الشمال أيضاً. استكمال هدف تدمير القدرة العسكرية والسلطوية لحماس ضروري جداً حتى إزاء المعارضة، إذا رغبنا في هذه الجولة الصعبة. ولكن ذلك يحتاج إلى أشهر طويلة وربما أكثر. الساعة العملية والساعة السياسية غير متزامنتين. الشرعية الدولية للعمل آخذة في النفاد بسرعة، والتوتر أمام الولايات المتحدة يتراكم في الغرف المغلقة وقد يتفجر. رئيس الحكومة، المسؤول عن المزامنة وعن الحصول على الوقت المطلوب، فشل في ذلك، الأمر الذي يوصلنا إلى نقطة حسم.
هناك تأخير وفقدان للزخم ينبعان من صفقة المخطوفين، لكن ذلك مبرر؛ فإطلاق سراح المخطوفين ليس أهم من تدمير حماس، لكنه ملح أكثر ويجب إعطاؤه الأولوية العليا. فشل نتنياهو في قيادة الحرب يكمن في إقصاء الإدراك بأنه لا يمكن تحقيق الانتصار في الحالة التي أمامنا من دون أن يكون هناك موقف واضح حول “اليوم التالي” وخطة عمل للتطبيق. هذا الموقف يمكن من تقدير العوامل الحيوية ويبين كيف يجب العمل أمامها الآن لكي تكون هناك في الوقت المناسب من أجل “اليوم التالي”. الولايات المتحدة ومصر والأردن والشركاء في اتفاقات إبراهيم والسعودية – هذه هي العوامل الحيوية. ومن سيعمل أمامها بنجاح ستكون له احتمالية للوصول إلى شرعية دولية وإقليمية لاستكمال تدمير حماس.
يصعب تقبل اقتراحات نتنياهو؛ وذلك لأن طروحات كثيرة جداً من التي رعاها وتفاخر بها تحطمت في 7 تشرين الأول. 1- “حماس ذخر والسلطة عبء” 2- يمكن “إدارة النزاع” بدون اتخاذ أي قرارات حاسمة وصعبة 3- يمكن عقد السلام مع السعودية والعالم العربي مع تجاهل الفلسطينيين 4- “نتنياهو مستوى آخر”، هل هذا حقيقي، مع بوتين؟ أوباما؟ بايدن؟ السنوار؟ 5- هل نتنياهو هو “السيد أمن، الذي قال “عندما يشم الإرهاب ضعفاً سيرفع رأسه؟”.
هناك شكوك كبيرة في قلوب كل من يعرفونه وينظرون إليه الآن حول أهليته لإدارة معركة مركبة كهذه. ومن الجدير بمؤيديه أن يكرسوا لحظة للتفكير: هل يدور الحديث عن شخص مؤهل لهذه المهمة؟
يتجاهل نتنياهو معايير علاقات الثقة مع البيت الأبيض لتحقيق أهداف إسرائيل. الولايات المتحدة نشرت في المنطقة قوات بحجم غير مسبوق من أجل ردع إيران و”حزب الله” ودعم إسرائيل، كجزء من الوقوف ضد “محور المارقين” – إيران، سوريا، “حزب الله”، حماس وأشباهها – الذي يعمل بدعم من روسيا. الولايات المتحدة ترى “اليوم التالي” بمفاهيم قوة عربية من وسط دول المحور المعتدل التي ذكرت آنفاً، والتي ستأخذ بعد تدمير حماس وضمان ترتيبات أمنية السيطرة من يد إسرائيل لمدة معينة، يجلبون خلالها “سلطة فلسطينية 2″ (معززة) ويساعدونها في بلورة سيطرتها على القطاع. حسب رؤية جو بايدن، تعد هذه خطوة أولى في الطريق لحل الدولتين. لذلك، هو مستعد لدعم إسرائيل، عسكرياً واقتصادياً، بقطار جوي وفي مجلس الأمن و”لاهاي”.
نتنياهو مقيد بحلف غير مقدس مع بن غفير وسموتريتش، مشعلَي النار ويحاولان إشعالها في الضفة الغربية، ويوفران له الحماية من المطالبة بعزله على الفور. ولكنهما يستغلان اعتماده عليهما من أجل فرض رؤية استئناف سيطرة إسرائيل بالكامل وتحمل المسؤولية عن قطاع غزة. هذه العملية تعني وبترجيح كبير غرقاً في مستنقع غزة، ونزاعاً وخسائر لسنوات، وأزمة مع الإدارة الأمريكية، وتعريض العلاقات مع مصر والأردن واتفاقات إبراهيم وفرصة التطبيع مع السعودية للخطر.
يبدو أن الحديث يدور عن أفق بعيد، لكن جوانب “اليوم التالي” تحتاج إلى تنسيق وثقة من الآن، حتى لو كان ذلك من وراء الكواليس مع الولايات المتحدة وجيراننا. لا يمكن إقامة علاقة كهذه مع الحكومة الحالية لأنه، مثلما في أوساط معظم الجمهور الإسرائيلي، لا يوجد في واشنطن وعواصم المنطقة أي شخص يصدق أقوال نتنياهو، ولا التعهدات الباهتة التي ستعطى في الغرف المغلقة حول مواقف إسرائيل المستقبلية، في الوقت الذي يكون فيه مطلوباً من الجيران خطوات مؤلمة وفورية. في ظل غياب هذه العملية، ربما نسير نحو الفشل في المعركة. وربما سنجد أنفسنا أمام الاختيار بين رهان استراتيجي وحشي، يتمركز في جنون العظمة النرجسي لدى نتنياهو وأحلام بن غفير وسموتريتش المسيحانية، أو تراجع كبير تحت الضغط الدولي وحوض استراتيجي هزيل.
كثيرون سيقولون: عم تتحدثون؟ في 7 تشرين الأول عرفنا أخيراً أننا سنعيش إلى الأبد على حد السيف، وأن كل العرب حماس. لا جدوى من الغرق في الأوهام، هذا أمر غير دقيق. الغضب والمطالبة بالانتقام أمور إنسانية ومفهومة، لكنها ليست مرشداً جيداً للسياسة. الجيل الذي أنتمي إليه شهد عشرات السنوات من الحروب المتكررة والصعبة وعدداً لا يحصى من العمليات، مع مصر والأردن. نحن كشباب ما ظننا أننا سنرى سلاماً مع هاتين الدولتين. أما الآن فقد مر على السلام 45 و30 سنة على التوالي، وصمد في اختبارات قاسية، وهو يشمل تعاوناً عميقاً أكثر مما يعرفه الجمهور.
إضافة إلى ذلك، المنطق الفولاذي الظاهري، الذي يجعل الطيبين يفكرون بأن أمننا مقرون بالسيطرة الكاملة والدائمة لإسرائيل على قطاع غزة، سيقودهم للحاجة إلى السيطرة على لبنان، ثم سوريا وربما على كل المنطقة. نستنتج أن الحكومة برئاسة نتنياهو، ستؤدي إلى إضرار كبير بمكانة إسرائيل الاستراتيجية، وإلى حرب لا نهاية لها. هذا ضرر عظيم. على نتنياهو أن ينهي دوره قبل أن تصبح نتائج ضعفه غير قابلة للإصلاح. في الظروف الحالية نحن بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية واسعة بدون نتنياهو وبن غفير وسموتريتش. حكومة تعمل بمسؤولية وتصميم وتكون خالية من الاعتبارات الغريبة والمشوهة، يمكنها توجيه إسرائيل نحو إنهاء الحرب بانتصار.
--------------------------------------------
يديعوت أحرونوت 28/11/2023
صحيفة عبرية.. لـ “كابينت الحرب”: كفاكم تصريحات استعراضية تقوي “رواية أعدائنا”
بقلم: بن – درور يميني
أعلن اتحاد العمال البلجيكي رفضه تحميل إرساليات سلاح إلى إسرائيل. ونشر عمال الميناء في برشلونة أيضاً بياناً مشابهاً، لا لأن اتحادات العمال تميزت بفهم النزاع، لكنها إشارات تبشر بالشر، وثمة المزيد. قبل أسبوعين، تبين في استطلاع “رويترز” و”ايبسوس” أن معظم الأمريكيين يؤيدون وقف النار. كما أن استطلاع “ياهو ويوغوف” أشار إلى نتائج مشابهة. هم ليسوا ضد إسرائيل، ولا ضد حماس، لكنهم يكررون الكلمتين السحريتين “وقف النار”، في ضوء صور الدمار. وقد يتفاقم هذا الأمر.
يجب القضاء على حماس واقتلاعها وإبادتها، أما أولئك الذين سيبقون على قيد الحياة من رجالها فعليهم أن يقفوا أمام صيغة حديث في محاكمات نورنبيرغ؛ لأن أيديولوجيا حماس نازية بكل معنى الكلمة. “يجب إبادة الصهاينة اليهود عن آخرهم”، هذا ما يبثه دعاة قناة “الأقصى” التابعة لحماس، وهو غسل أدمغة اجتازه الأطفال في برامج حماس التلفزيونية. لقد أعلن النازيون بأنهم يحتاجون إلى “مجال معيشة”، خصوصاً في المناطق الواقعة شرقي ألمانيا. أما قادة حماس فتحدثوا عن “السيطرة على 512 مليون كيلومتر مربع من العالم كله”. شهيتهم أكبر بكثير من شهية النازيين.
لكن أجزاء غير قليلة في العالم ترفض الاعتراف. من ناحيتهم، حماس منظمة مقاومة فلسطينية، مقاومة مشروعة. لا يقف العالم ضد حق إسرائيل في اقتلاع حماس، لكن الكثيرين في الغرب أيضاً، لا يعرفون ولا يريدون أن يعرفوا شيئاً لا يتناسب وفكرهم المشوه. ويريحهم أن يكونوا عمياناً عن استثمار حماس لمئات ملايين الدولارات في صناعة الموت التي تضمنت شبكة أنفاق لا مثيل لها بأي مكان في العالم.
لم تفشل إسرائيل في جبهة الرأي العام الدولي، لكن الفشل مسألة وقت. صحيح أن قسماً غير قليل من النخب يقف إلى جانب حماس، وهو إما لجهل، أو لاسامية منهم، أو مزاج تفكيري يتعلق بـ “القوى التقدمية”. التقدمية الراديكالية، القديمة، هي نوع من الشلل في عضلات الدماغ. ولا تزال الاستطلاعات تشهد عن تأييد متزايد لوقف النار. هذا رد فعل طبيعي. كل قنوات التلفزيون في العالم تبث صور الخراب والدمار من قطاع غزة – وقلبهم الرحيم يميل لاتخاذ صورة الضحية. هم ليسوا أشراراً وليسوا سيئين، لكنهم لا يعرفون.
تحتاج إسرائيل إلى دعم دولي لمواصلة القتال. لم نحصل عليه من منظمات الطلاب التي وقعت على كتاب تأييد لحماس فور فظاعة 7 أكتوبر، ولا من “المثقفين والفنانين” من النوع الكريه المتمثل بجوديت بتلر ممن وقعوا هم أيضاً على عريضة مناهضة لإسرائيل رداً على ما فعلته حماس؛ لكننا بحاجة لتأييد عشرات الملايين ممن لا يعرفون الوضع، ونحن بحاجة أيضاً إلى تأييد الملايين في العالم العربي والإسلامي من غير المتحمسين للإخوان المسلمين، كما أننا بحاجة أيضاً إلى تأييد الكونغرس.
لهذا السبب، على إسرائيل الخروج من الجمود وتغير قواعد اللعب. بدلاً من التصريحات الاستعراضية عن “استمرار الحرب بكل القوة”، وعن “إنهاء وقف النار”، هناك حاجة لنقول: إسرائيل لا تريد استمرار الحرب. إسرائيل تقترح وقف نار. وبشرط، بالطبع بشرط، أن يجرد القطاع من السلاح، ويعاد كل المخطوفين وينصرف نشطاء حماس من القطاع. وهذا ما سيمنح إسرائيل التفوق الاستراتيجي في الرأي العام الدولي. وبالطبع، مساحة زمنية أخرى لمواصلة القتال.
ويمكن مواصلة الجمود الفكري الإسرائيلي الدائم، وإطلاق المزيد من التصريحات الحربية. يبدو هذا ممتازاً لبعض، فقط لبعض، من الآذان الإسرائيلية. ويبدو مخيفاً في آذان عشرات الملايين، بمن فيهم السياسيون في الغرب الذين مع المزيد من هذه التصريحات المتبجحة – إسرائيل ستفقدهم. هذا ما سيتسبب بضغط متزايد على إسرائيل. وهذا لن يخدم القتال، بل سيعرقله. أتريدون تصفية حماس، فلتفضلوا وأدخلوها في فخ؛ بدلاً من أن تكون العناوين بعد يوم أو يومين أو ثلاثة “حماس تطالب باستمرار وقف النار، وإسرائيل ترفض”، على العناوين أن تكون معاكسة؛ “إسرائيل تقترح وقف نار، وحماس ترفض”.
تحتاج إسرائيل من أجل هزيمة حماس إلى أكثر بكثير من أسبوع أو أسبوعين؛ يدور الحديث عن أشهر. توقف القتال البري بسبب ضغط دولي، وربما يحصل مرة أخرى. نعرف أن جموداً فكرياً عسكرياً وسياسياً أدى بنا إلى 7 أكتوبر. الجيش صحا، أما المستوى السياسي، حالياً، فيصرّ على مواصلة الجمود الفكري.
--------------------------------------------
هآرتس 28/11/2023
“المخطوفون” أم الحرب؟ نتنياهو بين ضغط أهالي المحتجزين وتهديدات شركائه والتحرك الدولي
بقلم: عاموس هرئيل
ووجهت الحملة الرابعة لاتفاق إعادة المخطوفين بين إسرائيل وحماس أمس بمشكلة منذ الصباح. فقد رفضت إسرائيل القائمة الأولى وفيها 11 اسماً من المدنيين، معظمهم من النساء، التي أرسلتها حماس عبر الوسطاء القطريين. في المقابل، كان لحماس أيضاً ملاحظات على الأسماء الواردة في قائمة السجناء الأمنيين الذين تنوي إسرائيل إطلاق سراحهم. كما يبدو، هناك مشكلات حقيقية في العثور على جزء من المخطوفين المشمولين في الاتفاق إزاء الأضرار الكبيرة التي تسببت بها الحرب في قطاع غزة. ولكن إسرائيل تملك أساساً قوياً للشك بأن العقبات التي تضعها حماس لا تنبع من صعوبات على الأرض فحسب.
حتى المساء، تم التوصل إلى قائمة متفق عليها، شملت عودة امرأتين وتسعة أطفال من “نير عوز” [مستوطنة]. مع ذلك، كان واضحاً تماماً أن رئيس حماس، يحيى السنوار، كان يمارس حرباً نفسية على صيغة “ألعاب الجوع” للفصل بين الوالدين والأطفال، وبين الأخوة والأخوات، بكل أنواع التبرير، بحيث تتم إعادة جزء منهم فقط إلى عائلاتهم فوراً. التأخير الذي استمر أمس لساعات، نبع من محاولة حماس إعادة أطفال بدون الأمهات خلافاً لاتفاق مسبق، ونشر الأكاذيب حول صعوبة العثور على الأمهات. هذا رغم أن فتاة عادت السبت شهدت بأن والدتها فصلت عنها قبل يومين من عودتها.
إلى جانب الانفعال المفهوم الذي أثارته لأفلام المؤثرة للمخطوفين الذين تم لم شملهم مع أقربائهم في نهاية نضال من أجل إطلاق سراحهم الذي استمر 50 يوماً، يجب التذكر بأن الأغلبية الساحقة من العائدين مرت بصدمة فظيعة. كثيرون منهم فقدوا أبناء عائلة في الهجوم الإرهابي في 7 تشرين الأول، وآخرون اكتشفوا مصير أعزائهم عند عودتهم إلى البلاد. ومن الأفضل عدم استخلاص استنتاجات كبيرة جداً من شهادات عدد من العائدين، التي تسمع بواسطة عائلاتهم، أنهم حصلوا على معاملة معقولة في الأسر. لقد سبق أن مروا بفظائع عندما اقتحمت خلايا الموت التابعة لحماس بلدات الغلاف أثناء الهجوم.
يجب التذكير أيضاً بالشهادات المتزايدة، بما في ذلك تقرير الجمعية الدولية “أطباء من أجل حقوق الإنسان”، حول ظاهرة واسعة من الاعتداء الجنسي ضد نساء أثناء هجوم حماس. بالأمس، نشرت الجمعية تقريراً مفصلاً حول ذلك، وهو يتطابق مع استنتاجات تقرير مشابه في إسرائيل. “نؤكد مجدداً في هذا السياق أيضاً على ضرورة إطلاق سراح المخطوفين في غزة، وأن يحصل من تعرضوا للعنف الجنسي أو شهدوه على مساعدة طبية ونفسية مستعجلة، في ظروف وأماكن تسمح لهم بالتعافي.
ينص الاتفاق بين الطرفين على أنه يمكن تمديد وقف إطلاق النار ليوم آخر مقابل كل 10 مخطوفين تطلق حماس سراحهم. أمس، أعلن الطرفان بأنه تم تمديد وقف إطلاق النار ليومين، ويبدو أن لحماس مصلحة واضحة في ذلك، فهو يمكنها من النهوض بعد فقدان الآلاف من رجالها في المعارك التي وقعت شمالي القطاع، بعد أن قتل عشرات كثيرة من قيادة الذراع العسكري من رتبة قائد فصيل وحتى قائد لواء، هذا أولاً. وثانياً، تطمح حماس إلى وقف طويل لإطلاق النار يمكنها من ترسيخ إنجازاتها من الهجوم في بداية الحرب والبدء في المفاوضات على إطلاق سراح كبير – أكثر من 100 مخطوف إسرائيلي، وجنود ومدنيين، مقابل مطالبته بإطلاق سراح آلاف السجناء الأمنيين الفلسطينيين في إسرائيل.
قطر هي التي تساعد حماس في ذلك، إذ رغم المساعدات المالية والسياسية الكبيرة التي قدمتها لحماس في الـ 16 سنة الأخيرة، فإنها تحظى الآن بتعاطف في الساحة الدولية بفضل نجاح جهودها في الوساطة في الصفقة. رئيس حكومة قطر، محمد آل ثاني، قال في المقابلات هذا الأسبوع إن استئصال سلطة حماس ليس هدفاً حقيقياً، وإن الحل الوحيد للأزمة هو إقامة دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
عندما جند رئيس الحكومة نتنياهو وزراء قائمة “الصهيونية الدينية” في تصويت الحكومة على الصفقة، وعدهم بعدم تمديد وقف إطلاق النار بأكثر من عشرة أيام إضافة إلى الأيام الأربعة الأولى. في الأيام القريبة القادمة، يتوقع حدوث توتر زائد في أوساط الجمهور الإسرائيلي، بين من يطالبون بإعطاء أي فرصة لإطلاق سراح مخطوفين آخرين (ويخافون تعريض حياتهم للخطر جراء استمرار القتال بقوة كبيرة) وبين من يحذرون من فقدان زخم الجهود الهجومية للجيش الإسرائيلي. يعتقد أعضاء المجموعة الثانية أن التأجيل المتكرر لاستئناف القتال سيساعد في إنقاذ حكم حماس. الاستطلاعات الأولية التي أجريت تدل على وجود اختلاف في أوساط الجمهور. فرغم الفرح بإعادة المخطوفين، فإن الكثير من المواطنين يؤكدون الحاجة لاستئناف الهجوم العسكري. تنكيل حماس النفسي أثناء الاتصالات قد يعزز تأييد عملية عسكرية أكثر حزماً.
إذا ما تم استئناف القتال، يبقى للجيش الإسرائيلي نحو 20 في المئة من أراضي شمال القطاع التي لم تُحتلّ يعد برياً، خصوصاً مخيم جباليا وأحياء الزيتون والشجاعية في شمال وشرق مدينة غزة. تشير إسرائيل بوضوح إلى أنها تنوي فحص القيام بعملية عسكرية واسعة في خانيونس جنوبي القطاع، حيث تتركز كتائب حماس التي لم تتضرر، وقيادة المنظمة أيضاً. الصعوبة الأكبر التي ذكرت سابقاً تتعلق بالحاجة إلى المناورة في منطقة مكتظة بالسكان بشكل خاص – نحو مليوني إنسان، بعد أن نزح معظم سكان شمال القطاع إلى الجنوب بضغط من إسرائيل. تناقش إسرائيل مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة ومنظمات دولية إقامة مدن من الخيام للاجئين على شاطئ غزة. وهذه العمليات لم تنضج بعد، رغم أنه شوهد في أيام الهدنة تحسن في أداء الممر الإنساني في معبر رفح.
حرب المستوطنين
انشغال إسرائيل المتلعثم بالتأثيرات الإنسانية لعملية في جنوب القطاع يزيد التوتر بين حكومة نتنياهو والإدارة الأمريكية. الرئيس الأمريكي الذي يواصل إظهار دعمه لإسرائيل، أشار أول أمس بأن زعماء عرباً يأملون أن تسقط إسرائيل سلطة حماس في غزة. “جميع اللاعبين في المنطقة يريدون انتهاء هذه الحرب بعودة جميع المخطوفين إلى بيوتهم، وألا تسيطر حماس على أي جزء في غزة”، قال. ولكن الأمريكيين يقلقون من عدة خطوات إسرائيلية مثل تصميم إسرائيل على القيام بعملية واسعة في الجنوب؛ وسلوك خطير من قبل المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية؛ والتهديد المتكرر لوزراء ومتطرفين بشن حرب ضد “حزب الله” في لبنان؛ والرفض المطلق لمناقشة طبيعة الاتفاق المرغوب فيه لـ “اليوم التالي” في القطاع.
كان جهاز الأمن بدأ بجس نبض أولي حول خطط تحاول رسم مستقبل آخر في قطاع غزة، إذا ما تمت هزيمة حماس عسكرياً. احتمالية تطبيق ذلك غير واضحة، لكن الحديث يدور عن ترتيبات قد تشمل الدعم الاقتصادي من قبل دول الخليج بتنسيق وثيق مع مصر ووجود محتمل لقوة عربية دولية وربما موطئ قدم للسلطة الفلسطينية، هذا بواسطة لجنة مدنية يتم تشكيلها من سكان القطاع وتدير القضايا الاجتماعية والإنسانية الملحة حسب الحاجة.
الجزء الأخير هو ما يقلق نتنياهو. فهو مكبل بيد قوائم اليمين المتطرف والمستوطنين الذين يحاربون كل فكرة تشمل دمج السلطة. وينبع هذا النضال بالأساس من الخوف من استغلال الولايات المتحدة والسعودية ذلك لإعادة تفعيل العملية السياسية وحل الدولتين، بصورة تجبر إسرائيل على تقديم تنازلات في الضفة الغربية.
مصادر أمنية قالت للصحيفة إن نتنياهو، بضغط من الشركاء السياسيين، يمنع أي نقاش في ذلك، وأن “كابنت الحرب” يتصرف مثل مجلس حربي ولا ينشغل إلا بالجوانب التكتيكية – العملياتية، حيث يجلس على الطاولة جنرالات متقاعدون يقدمون الاستشارة العملياتية”. حسب قولهم، على المستوى السياسي أن يستيقظ ويدرك أنه يجب البدء في الحوار مع الولايات المتحدة حول القضايا المهمة بالنسبة للإدارة الأمريكية من أجل الحفاظ على الدعم الأمريكي الذي سيصبح حاسماً أكثر إذا تم استئناف القتال بقوة أكبر.
ضرر إيراني غير مباشر
في الوقت الذي تسود فيه غزة ولبنان حالة هدوء نسبي، ثمة مشكلة تتطور لإسرائيل، وربما لكل المنطقة، في البحر الأحمر. الحوثيون في اليمن، الشركاء المستقلون جداً لإيران، يطبقون تهديداتهم ويشددون هجماتهم على الملاحة البحرية في المنطقة رداً على الحرب في غزة. في الأسبوع الماضي تم اختطاف سفينة بملكية جزئية لشخص إسرائيلي، وتم استخدام مسيّرة انتحارية ضد سفينة أخرى في بحر العرب. وهي أحداث تضاف إلى سلسلة محاولات للحوثيين لإطلاق صواريخ كروز ومسيرات وصواريخ بالستية نحو إيلات.
وتواجه إسرائيل هذه الهجمات بشكل جيد الآن بمساعدة من الولايات المتحدة. ولكن المشكلة الأخطر التي بدأت تتفاقم هنا ولها تأثيرات إقليمية، وهي أن الحوثيين يخربون المواصلات البحرية بشكل متعمد ويختارون سفناً لها صلة ضئيلة بإسرائيل. مع مرور الوقت، ربما تزيد مثل هذه الهجمات أسعار تأمين السفن التي تبحر من شرق آسيا نحو إسرائيل، أو إجبارها على اختيار مسار ملاحة أطول وأعلى سعراً، المقرون بضرورة الدوران حول إفريقيا والوصول إلى شرق البحر المتوسط عبر جبل طارق.
تعتمد إسرائيل بشكل كبير على التجارة البحرية لحصولها على البضائع من الخارج. والتدهور الأمني في البحر الأحمر يمكن ذو نتائج إشكالية، منها المس بأداء ميناء إيلات. أما إيران، فقد نجحت في إلحاق أضرار غير مباشرة بإسرائيل، ودون دفع الثمن على إسهامها في التدهور الإقليمي.
--------------------------------------------
يديعوت أحرونوت 28/11/2023
الصراع في الحكومة.. صفقة أم قتال؟
بقلم: ناحوم برنياع
الصراع في الأيام القريبة المقبلة سيكون بين ميلين متضاربين. الأول يقوده بعض من وزراء الكابينت، يؤيد استمرار الصفقات انطلاقا من التطلع في تحرير كل من يمكن تحريره؛ الثاني، الذي يقوده وزير الدفاع وقيادة الجيش الإسرائيلي، يسعى الى استئناف القتال. أما نتنياهو فأطلق في هذا الموضوع تصريحات متضاربة.
هاكم الحقائق: أول من أمس، انتهت أربعة أيام اتفق عليها بين حكومة إسرائيل وحماس. في الاتفاق الأصلي تقرر أن تكون محطتان أخريان -محطة واحدة بعد يومين ومحطة ثانية بعد يومين آخرين.
إسرائيل وحماس اتفقتا عمليا على المواصلة حتى المحطة الأولى. السؤال هو ماذا سيحصل في اليوم السابع أو في اليوم التاسع.
الأيام الأربعة الأولى علمت الطرفين بأنه رغم مواضع الخلل التي على الطريق، تمزيق الأعصاب وتدوير الزوايا والاتفاق تنجح. حماس، حاليا بتوفير ما يلزم. رئيس الوزراء، أعضاء الكابينت وقادة الجيش ادعوا منذ بداية المفاوضات بأن الضغط العسكري لا يعيق التحرير بل العكس، يدفع حماس للوصول الى صفقة. يحتمل أن يكونوا محقين -يحتمل لا. في هذه اللحظة حين يكون مخطط الصفقات ثابتا ومطبقا، فإن هذه الحجة غير ذات صلة. سيتعين على الكابينت أن يقرر ما هي المرحلة التالية -استمرار تحرير مخطوفين أو استئناف النار.
القرار ليس سهلا. لكن مثلما كتبت هنا في الماضي، فإن الحد الأدنى اللازم من القيادة السياسية والعسكرية هو أن يقولوا للإسرائيليين، وكذا للعائلات، الحقيقة، هل هم يعودون ليضعوا القتال في رأس جدول الأعمال، مثلما كان في الأسابيع الأولى أم هم يواصلون وضع تحرير المخطوفين في رأس جدول الأعمال، مثلما قالوا وتصرفوا هذا الأسبوع.
لشدة الأسف، هم يمتنعون عن عرض المعضلة كما هي على الجمهور.
الحرب ضد حماس في وسط القطاع وفي جنوبه ستكون مختلفة عن الحرب في غزة وفي ضواحيها. فعندما يكون قرابة مليوني نسمة يعيشون في الشوارع، سيكون من الصعب جدا تسطيح مدن كاملة بالقصف من الجو ومن البر، وإدخال فرقتين ونصف الى المنطقة المبنية. فالثمن بالإصابات لقواتنا والإصابات بالسكان المدنيين سيكون باهظا جدا، وسيصعب الحال على إسرائيل في العالم.
الواقع على الأرض أقل لمعانا مما كنا نريد أن نراه: 52 يوما مرت، ولحماس ما تزال قبضة في شمال القطاع، في الشجاعية، في جباليا وفي قسم من الرمال. الحدث العلني الذي حرر فيه مقاومو حماس المخطوفين في الشمال يشهد على ذلك.
وللفهم، فإن الحرب في الوسط وفي الجنوب ستكون أكثر انتقائية، أكثر تركيزا. هذه الحرب يمكن أن نبدأها بعد أسبوعين أيضا، وحتى بعد ثلاثة. وفي هذه الأثناء، يتحرر مزيد من المخطوفين والمخطوفات: أحد لن يتمكن من أن يضمن ألا تسوء الظروف المحتملة التي احتجز فيها بعض من المخطوفين. مخطوف واحد من بين المحررين، روني كريبوي من كرميئيل، نجا بأعجوبة بعد أن قصف الجيش الإسرائيلي البيت الذي احتجز فيه؛ مخطوفة واحدة وصلت الى المستشفى في البلاد وهي في خطر على حياتها. آخرون اشتكوا من الجوع في الأيام الأخيرة في الأسر.
وعليه، فإن المسؤولية تقول: خذوا ما يوجد، مع كل الثمن الذي ينطوي مع ذلك، بتحرير أسرى (فلسطينيين)، بتعزيز قبضة حماس في المنطقة وفي المراوحة في عمليات الجيش الإسرائيلي. هذا ما يمكن للدولة أن تفعله في هذه اللحظة من أجل السكان الذين تركتهم لمصيرهم.
بدلا من الخروج كل يوم بتصريحات مدوية عن تصفية حماس من الأفضل تخفيض النبرات. فهذه لا تشوش فقط عقل الجمهور الإسرائيلي بل والأميركيين، والمصريين والقطريين الذين نحتاج لوساطتهم بصفقات المخطوفين. فالمصداقية هي عنصر حيوي في المفاوضات.
حماس أرادت وقف النار: فهو يجديها. لكن وقف النار يجدي الجيش الإسرائيلي أيضا. فهو يسمح له بأن يتصدى لمواضع الخلل والنواقص التي انكشفت في الأسابيع الثلاثة الأولى من الحملة البرية. وليس أقل أهمية، فإنه يسمح بالبحث في المسائل التي ترافقنا منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر). قبل كل شيء، في مسألة اليوم التالي. فإلى أي واقع في غزة تسعى إسرائيل بعد أن يستقر الوضع وهل الحكومة بتركيبتها الحالية يمكنها أن تصل الى القرارات اللازمة في هذا الموضوع؟ مشكوك جدا أنها تستطيع.
ثانيا، وقف النار يسمح بالبحث في رأس نقي في الأخطاء والقصورات التي جلبها علينا 7 تشرين الأول (أكتوبر). فالمكتشفات التي نشرت في الأيام الأخيرة في "هآرتس" مذهلة. فالتشديد على الغرور والإهمال اللذان سادا ظاهرا في سلاح الاستخبارات لا ينبغي أن ينسيا للحظة العناصر الأخرى المسؤولة عن الكارثة، من المستوى السياسي حتى فرقة غزة. عناصر مختلفة تحاول أن تؤجل قدر الإمكان البحث في هذين الموضوعين -الرؤية لغزة والمسؤولين عن الخراب. محظور الاستسلام لهم، لسبب بسيط: كل قرار يتخذ اليوم بشأن غزة يجب أن يأخذ المستقبل بالحسبان. في العالم يفهمون هذا -أما في إسرائيل فيدحرونه جانبا.
وبالنسبة لقصور 7 تشرين الأول (أكتوبر)، المسؤولون المباشرون عما حصل مستمرون في مناصبهم. ينبغي الأمل في ألا تؤثر الرغبة في التكفير عن الماضي على قراراتهم في الحاضر. التحدي الذي يقفون أمامه مزدوج ومضاعف.
حتى هنا الدراما. ومن هنا تبدأ المهزلة: أول من أمس، هبط في البلاد ايلون ماسك، ملياردير غريب الأطوار يتبنى بين الحين والآخر تصريحات لا سامية والأخطر من ذلك -يفتح على مصراعيها بوابات شبكته الاجتماعية لتحريض لاسامي، نازي جديد، ولأكاذيب صادمة عن إسرائيل وعن الحرب. لتويتر اليوم منصة (X) (التسمية الجديدة لتويتر) دور خاص به في موجة اللاسامية المتعاظمة. اليهود في الولايات المتحدة وفي أوروبا يشعرون بأنهم مهددون، وعن حق. الضرر لإسرائيل هائل.
العصبة ضد التشهير، الوكالة التي تنسق الكفاح ضد اللاسامية في أميركا وفي العالم، انطلقت الى معركة ضد ماسك. اتحادات كبرى قررت وقف النشر في شبكته. ماسك كان يمكنه أن يلجم إجرامية شبكته. بدلا من هذا جاء في زيارة علاقات عامة سريعة الى هنا.
نتنياهو هرع لمساعدته. كرس ساعات من وقته للضيف في يوستن. في الحديث الذي أجراه معه لم يتكبد حتى عناء ذكر مساهمة ماسك وشبكته في الموجة اللاسامية.
نتنياهو لا يفاجئني. فقلبه يميل للمليارديريين وأموالهم؛ الغريبون منهم محبوبون من جانبه على نحو خاص. وحتى اللاساميين يعشقهم. انظروا د. أوربان، رئيس الحكومة الهنغارية. ففي ذروة حرب تتوق فيها إسرائيل لدعم الجالية اليهودية في أميركا يوجه لليهود هناك صفعة رنانة. وعلى الطريق يكره نفسه أيضا على الرئيس بايدن، الذي هاجم لاسامية ماسك بحدة. رئيس الولايات المتحدة ضد اللاسامية، رئيس وزراء إسرائيل يمتنع.
يفاجئني الرئيس هرتسوغ. فالحد الأدنى الواجب من رئيسنا كان الإعلان بأنه طالما يواصل ماسك نشر دعاية لاسامية، فإنه غير معني بلقائه. لا يضر أن يظهر بين الحين والآخر بعض الشخصية. بدلا من هذا استقبله هرتسوغ وتفوه ببضع جمل عمومية، غير ملزمة، عن تعبيرات لاسامية في مجال الشبكة.
يتبين أن التكافل المتبادل بين إسرائيل والشعب اليهودي لا يوجد إلا في الأقوال. أما في الواقع، فالحكومة تتوقع من اليهود أن يكفلوها ولكنها تعفي نفسها من أن تكفلهم. في حالة ماسك سارت خطوة أخرى الى الأمام: حتى الدعاية المناهضة لإسرائيل هي على ما يرام. تصوروا ماذا كانوا سيفعلون في مطار بن غوريون لسائح يتصرف مثل ماسك لكنه ليس مليارديرا مثله: اعتقال، تحقيق مهين في الشرطة وطرد فوري، على أول طائرة.
--------------------------------------------
هآرتس 28/11/2023
جنوب أفريقيا جديدة أو الاستعداد لاتفاق
بقلم: عوزي برعام
جميعنا نشعر الآن بالتضامن مع المخطوفين والتماهي مع الدولة. توجد رغبة في أن نثبت بأنه أثناء ضائقة حقيقية، فإن الجميع يميلون إلى المساعدة والتطوع. تصفية الحساب المبررة بيننا وبين حماس تسمح لنا بتجاهل ردود العالم الذي لا يدرك ولا يستوعب أبعاد الشرخ الذي يوجد في إسرائيل. 50 يوما بعد المذبحة نحن بقينا، وليس العالم الواسع، مع القلق كل يوم على مصير المخطوفين.
رؤساء الكابنت أكثروا من التحدث. في بداية المناورة أكدوا هدف إسرائيل، تدمير حماس ومنع تزويدهم بالاحتياجات الإنسانية إلى أن يستسلموا. بعد يوم أضافوا إطلاق سراح المخطوفين كأحد أهداف العملية البرية. لا أحد منهم يتحدث الآن عن تدمير حماس، بل هم يبحثون عن كلمات مغسولة أكثر، عدم تقديم المساعدات الإنسانية، لم يعد بالإمكان تكرار ذلك. في ظل غياب قيادة حازمة، وبالأساس موثوقة، فإن الجمهور قرر أن إطلاق سراح المخطوفين هو الهدف الأسمى للحرب، إضافة إلى تجريد حماس من قدرتها العسكرية.
أنا أؤيد هزيمة واضحة لحماس، لكنني أعرف بأنه خلافا لادعاء وزير الدفاع، فإن هذين الهدفين لا يسيران معا. للأسف، يحيى السنوار هو لاعب رئيسي في موضوع المخطوفين. ومثلما نحن نعتمد عليه في كل نبضة يتعهد بها، يجب علينا أن نعرف بأنه يمكن أن يستخدم المخطوفين لتأجيل أهداف الحرب التي يجب علينا تحقيقها.
من الجدير الاستماع إلى أصوات في العالم الواسع، التي موضوع المخطوفين ليس على رأس سلم اهتماماتها. العناوين تحولت من الانشغال في المذبحة في غلاف غزة، إلى القتل والخسائر في غزة.
أصدقاء في أوروبا يقولون: "إنه بسبب المشاهد من غزة فإن هناك خطرا ملموسا يحدق بتصنيف إسرائيل العالمي". بالنسبة لجزء واسع في الرأي العام العالمي، فإن إسرائيل مصنفة كجنوب أفريقيا جديدة بسبب معاملتها المميزة ضد الفلسطينيين، والرغبة في ضم المناطق. في الأصل نحن لا نصغي للأصدقاء من أوروبا. ونحن أيضا نتجاهل مواقف الرئيس الأميركي الواضحة، الذي هو أفضل أصدقاء إسرائيل من بين كل الرؤساء، نحن نحصل بسرور على دعمه لاجتثاث حماس، وعلى المساعدة اللوجستية والاستراتيجية من قبل الولايات المتحدة، ونتجاهل تصريحاته المتكررة بأنه يجب على إسرائيل إجراء المفاوضات مع الفلسطينيين، حسب رأيه، على أساس حل الدولتين. أقوال بايدن توجد لها نغمتها الخاصة. شطرا المعادلة أوجدا دعما أميركا لإسرائيل في وقتها الصعب. موقف مشابه يطرحه معظم الزعماء في العالم.
مطلوب لإسرائيل بعد الحرب قيادة أخرى، تؤمن بالحوار من أجل الاتفاق مع جهات أخرى في العالم الفلسطيني. استمرار سياسة الاستيطان مع إخلاء الفلسطينيين من أراضيهم سيؤدي إلى تصنيف إسرائيل كجنوب أفريقيا جديدة.
--------------------------------------------
يديعوت أحرونوت 28/11/2023
التقديرات التي انهارت في 7 أكتوبر
بقلم: يوسي يهوشع
في ليلة الجمعة - السبت، قبل ساعات من عملية 7 تشرين أول/أكتوبر، عُقدت مشاورات في منتدى رفيع المستوى: رئيس الأركان وقائد شعبة العمليات وقائد المنطقة الجنوبية، "يديعوت أحرونوت" كشفت أنّ قائد سلاح الجو لم يكن جزءاً من تلك المحادثة، ويتضح الآن أنّه لا رئيس "أمان" ولا رئيس لواء الأبحاث كانا على الخط، هذا بالطبع لا يعفيهم من الذنب.
تقدير وضع أُجري قبل الأعياد بمشاركة "أمان" و"الشاباك" ومنسق أنشطة الحكومة في المناطق، حدّد أنّ رئيس حركة حماس في غزّة، يحيى السنوار، ليس لديه مصلحة في مواجهة واسعة النطاق، كما جاء في التقدير السنوي الذي أعدته شعبة الاستخبارات لعام 2024 إنّه "لن يكون الفلسطينيون المحرّك لمعركة متعددة الساحات"، المعلومات التي كانت، ولمن تم نقلها ولماذا لم تمنع غزو مستوطنات النقب الغربي.
في حين أن العاصفة في شعبة الاستخبارات لا تنتظر انتهاء الحرب، ينشر موقع "واينت" وصحيفة "يديعوت أحرونوت" هذا الصباح سلسلة من التفاصيل الجديدة عن الإخفاق الذريع قبل 7 تشرين أول/أكتوبر، والتي تتناول كل المستويات، من الرؤية الاستراتيجي للشعبة لنوايا حماس إلى تفويتها نواياها تنفيذ اجتياح غير مسبوق لمستوطنات الغلاف.
لنبدأ بالليلة المصيرية بين الجمعة والسبت، عيد فرحة التوراة. مؤسسة الأمنية والعسكرية تتلقى ما يسمى بـ "إشارات ضعيفة" تفيد بأن شيئاً ما يحدث على الحدود مع غزة. رئيس الأمان، اللواء أهارون حليفا، في إجازة في إيلات مع عائلته وأولاده. عند الساعة 3:00 فجراً اتصل به مساعده لإطلاعه على المعلومات التي نقلها إليه ضابط استخبارات المنطقة الجنوبية، والتي تفيد بأن حماس قد تكون تستعد لعملية مبادرة، لكن لا شيء بحجم المذبحة. إلى جانب المؤشرات، كانت هناك أيضاً "علامات مطمئنة"، وكان الاستنتاج أنه يجب إطلاع حليفا على أي تطور.
لكن عندها تقرر في قيادة "الجيش" التشاور في أعلى منتدى: رئيس أركان "الجيش" الإسرائيلي، هرتسي هليفي، ورئيس شعبة العمليات، اللواء عوديد بسيوك، وقائد المنطقة الجنوبية، يارون فينكلمان، الذي كان هو أيضاً في إجازة، في هضبة الجولان. حليفا لم يشارك، ولا رئيس لواء الأبحاث، العميد عميت ساعر، الخبير في ساحة غزة. كما ورد في هذه الصحيفة في 15 تشرين أول/أكتوبر، أيضاً قائد سلاح الجو، الذي يلعب دوراً رئيسياً في الاستعداد حيال هجوم بحجم معين، لم يوضع على الخط.
ما الذي يُفترض أن تعرفه القيادة بالضبط عما تفكر فيه حماس في تلك اللحظة؟ كيف لم يتم تطبيق القاعدة التي يعرفها كل مبتدئ هنا: إذا كان هناك شك، يجدر الفحص (لإزالة الشك)؟
الجواب الذي قُدّم في هيئة الأركان هو أن الإنذار لم يُفد عنه بأنه مهم. وعلى الرغم من أن فينكلمان وضباط آخرين عادوا إلى القطاع (كان على فينكلمان قطع مسافة طويلة بسبب ذلك)، إلا أن التقدير العام كان أن هذا تدريب آخر لحماس. كما أن الشاباك لم يعتقد أن الأمر يتعلق بما هو أكثر من عملية محدودة، لذلك اكتفوا بنقل وحدة "تاكيلا" إلى الجنوب ولم يصدر أي إعلان صارم. كان هناك أيضاً في الشاباك الذين اعتقدوا أن إرسال الوحدة كان خطوة مبالغ فيها في ظل المعلومات. بعد ثلاث ساعات، فتحت أبواب الجحيم على مستوطنات النقب الغربي.
حتى في وقت لاحق، يعترف رئيس أمان أنه إذا استندنا إلى المعطيات التي قُدّمت إلى رئيس الأركان في محادثة المسؤولين تلك، فإنه لم يكن ليخلُص فيها إلى نتيجة مختلفة. المعلومات الاستخبارية في هذا السياق تتدفق من الأسفل إلى الأعلى، وما جاء من الأسفل لم يقترب من حجم الغزو. ومع ذلك، فإن ترك قيادة الاستخبارات خارج الصورة في الوقت الحقيقي، فيما يتعامل "الجيش" الإسرائيلي والشاباك مع هذه القضية، هو خلل خطير للغاية، خاصة وأن رئيس أمان كان قد أُبلغ بالفعل من قبل مساعده بأن شيئاً ما لا يزال يتحرك. يجب أيضاً التحقيق في هذا التفصيل من قبل اللجنة التي سيتم إنشاؤها لاستيضاح سلسلة الإخفاقات التي قادتنا إلى الواقع الذي استيقظنا عليه صباح فرحة التوراة.
وغني عن القول إنه يجب استيضاح هذه المسألة بشكل كامل، إلى جانب ودون صلة بالمعالجة الجذرية لمسؤولية رئيس أمان ولواء الأبحاث، الذي مجال خبرته هو الساحة الفلسطينية، مع التركيز على غزة: فقد أمضى جزءاً من مساره إلى المنصب الحساس في مناصب مثل ضابط استخبارات المنطقة الجنوبية وقبل ذلك كرئيس لفرع هناك.
وراء كواليس القيادة العليا، أيضا خلال الحرب، كانت الرياح عاصفة في ضوء التقارير المختلفة المتعلقة بالمعلومات التي تراكمت في أمان حول نوايا حماس، ورغم هذا تم تفويتها كلياً. تتعلق إحدى القصص بامرأة في الخدمة الدائمة اسمها "و"، والتي كانت الوحيدة التي حذّرت أمام ضابط استخبارات كبير من أن "غزواً" سيحدث تقريباً بالضبط مثلما حدث. لكن الاتهام الخطير هو أن تشخيص "و" وصل إلى حليفا، الذي "ألغاه". بالنسبة للكثيرين، هذا جرس مألوف: لم يُصغوا إلى "و"، مثلما أزاحوا الراصدات جانباً.
لكن من المهم القول هنا: إن كل قيادة شعبة الاستخبارات، من حليفا، مروراً برئيس لواء الأبحاث ساعر، إلى قائد الوحدة 8200، العميد "ن"، تدعي أن الوثيقة المعنية لم تصل إليها. وفقاً لهم، سيتم توضيح الأمر من قبل لجنة التحقيق، والادعاء بأنهم أخفوا إنذاراً محدداً عن القيادة العليا ليس أقل من فرية دم. الحقائق هي أن حليفا زار الوحدة قبل ثلاثة أيام من الحرب، في وسط عيد السوكوت. "و" لم تكن هناك. رتيب آخر يدّعي أنه رافق اللواء وروى انه قلق من مسألة اقتحام حماس للمستوطنات وذكر قلق "و". لم تُقدم أي وثيقة إلى كبار مسؤولي الاستخبارات الثلاثة.
هذا لا يعني أنه ينبغي التقليل من خطورة الكلام الدقيق الذي كتبته "و". أمس نشرت إيلانا دايان بعض النصوص التي كتب فيها "و" أن "هذا سيناريو واقعي ومعلومة ذهبية عشية عملية حماس للسيطرة على الجنوب وقطع رؤوس". بيد أن الضابط فوقها رفض كلامها وحدد: "هذا سيناريو خيالي وغير واقعي". يبقى السؤال عما عرفه كبار ضباط كما هو.
في هذا السياق، تنشر "يديعوت أحرونوت" ملخص زيارة حليفا للوحدة، حيث لم يكن هناك أي ذكر للسيناريو الذي ذكرته "و". بالعكس، كُتب هناك: "ليس لدى يحيى السنوار أي نية للدفع إلى تدهور: حماس أمرت بكبح الميدان. السنوار أمر بالهدوء".
الرتيبة لديها قائدة مباشرة، ضابط برتبة مقدم. هي أيضاً لم تثر الموضوع مع قائد 8200. لا يمكن لحاليفا "إلغاء" إنذار لم يرفعه إليه أي شخص في سلسلة القيادة. كما أن الادعاء بأن مثل هذا الإنذار يمكن أن يصل إلى رئيس أمان لا أساس له من الصحة: لا يوجد مثل هذا الإنذار، من جهة مخولة، ولا يمر عبر ضباط آخرين على طول الطريق. أيضاً في زيارة حليفا المعنية لم تُثر مسألة تهديد ملموس بشن غارة حاسمة من غزة. لو كان، لكانت تحولت رسائل البريد الإلكتروني إلى انذار من أسفل إلى أعلى.
من الناحية العملية، وهذه هي المأساة، تم حظر رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بـ "و" على مستوى الفرقة والمنطقة الجنوبية. يقول ضابط كبير في الشعبة إن "و" شخصت بأن التدريبات أصبحت عملية وبالتالي من هنا أهميتها، لكن هذا ليس بعد إنذاراً من الحرب. ادعى ضابط استخبارات كبير أنه تعمق فيما كُتب فيها. "الإنذار" الذي يُقال ظاهرياً أن حليفا "ألغاه" لا يعتبر "إنذاراً" بالمفاهيم الاستخبارية، وبالتأكيد ليس بداية حرب.
كل هذا، كما قلنا، لا يعفي شعبة الاستخبارات بشكل عام، وحليفا بشكل خاص، من المسؤولية الشاملة عن إخفاق بدء الحرب. هناك لا جدال في أن الإنذار المتوقع لم يُقدّم. منذ عملية "الجرف الصامد" قبل تسع سنوات، لاحظ "الجيش" الإسرائيلي استعدادات على مستويات مختلفة من قبل حماس لاقتحام مستوطنات في الغلاف ومواقع "للجيش" الإسرائيلي في المنطقة. لكن كلما مرر الوقت، أصبح تدريب حماس أكثر جدية. في العام ونصف العام الماضيين، كانت هناك قفزة نوعية شهدها كل من خدم في القطاع أو عاش في مكان قريب: على الجانب الإسرائيلي، لم تكن هناك حاجة إلى مناظير لرؤية "المخربين" على السياج. بيد أن كل التقديرات في أمان اعتقدت أن الأمر يتعلق ببناء قوة وليس نية لتنفيذ عملية. الفرق هو بين ما يعرف في المصطلحات المهنية باسم "استخبارات نوايا" مقابل "استخبارات قدرات".
في الواقع، ننشر لأول مرة أن رئيس لواء الأبحاث أجرى تقديراً للوضع قبل الأعياد بمشاركة "الجيش" الإسرائيلي والشاباك ومنسق الأنشطة في المناطق، وهناك حددوا جميعاً: "حسب فهمنا، ليس للسنوار مصلحة في مواجهة واسعة". كان الخط هو أن حماس مردوعة وغير معنية بتصعيد مبادر إليه، وقد تم التحقق من صحة ذلك من قبل فريق مراقبة "الموساد" المتخصص في دراسة مثل هذه الاستنتاجات.
ومع ذلك، كانت فرقة غزة قد وضعت بالفعل خطة استعداد لهجوم مماثل قبل عام ونصف، بل وأعطيت اسم شيفرة. هذا لم يغير من التقدير الاستخباري في "الجيش" الإسرائيلي ولا من تقدير الشاباك بأن السنوار يريد أن يحكم ويحسن الوضع الاقتصادي في قطاع غزة. كان هذا هو الخطأ الاستراتيجي والتفويت الكبير: "لا يوجد عنصر عسكري لم ير تدريبات حماس"، يقول ضابط كبير، "لقد ظهرت في كل وثيقة استخبارية وهي مرئية، لكن القيادة بأكملها ارتكبت خطأ في تقدير نواياها". نحن ندفع ثمن هذا الخطأ منذ 52 يوماً والنهاية ليست في الأفق.
لذلك، لا تكمن الخطيئة الأصلية فقط في تفويت رسائل البريد الإلكتروني من "و"، بل في وهم التصور. من أجل معرفة كم كان قوياً وغير عادي، ننشر اليوم أن التقدير السنوي للوضع الذي صاغته شعبة الاستخبارات لسنة 2024، بدايةً قبل اندلاع الحرب، ينص: "لن يكون الفلسطينيون المحرّك لمعركة لمعركة متعددة الساحات". لا أقل من هذا.
صحيح أن هذا لا يزيل المسؤولية عن المستوى السياسي الذي كان ينبغي أن يتابع ويتأكد ويتحدّى، لكن فيما يتعلق بالمؤسسة الأمنية والعسكرية فإن خلاصة القول واضحة: لقد تحدثت المنظومة كلها بصوت واحد. يقول ضابط كبير في هيئة الأركان العامة: "لم ننجح في فهم أن الخطة التي نُسجت أمام أعيننا أصبحت أمراً – لا نحن ولا "الشاباك" ولا "الموساد"، الذين كانوا في الماضي نوعاً من عين فاحصة لكل التقارير، ولا فرق الرقابة على تقدير الوضع. نحن لا نعلم متى اتخذ السنوار قرار تحويله إلى أمر تنفيذي، ولا نعرف لماذا، على الرغم من التكهنات التي أثيرت".
"الخضة" التي ستمر على هيئة الأركان العامة في أعقاب الحرب هي أيضاً فرصة لفهم كيف أن ثقافة التعيينات في "الجيش" هي جزء من المشكلة. مثلما كُتب هنا مراراً وتكراراً، حاليفا يعمل منذ أكثر من عقد في مناصب أركان في وزارة الأمن ولم يخرج إلى وظيفة ميدانية، مثل قيادة مناطقية. في الواقع، لم يحتك بالعدو العربي منذ أن كان في وزارة الأمن، وارتدى بزة اللواء منذ تعيينه رئيساً للواء العمليات، ثم رئيساً لشعبة اللوجستيات ثم شعبة العمليات، وعلى مدى العام ونصف العام الماضيين كان مسؤولاً عن شعبة الاستخبارات الحساسة.
حتى بعد عملية "بزوغ الفجر"، تفاخر بتقديره من فترة قيادة شعبة العمليات خلال عملية "حارس الأسوار": "بعد العملية، أتوقع خمس سنوات من الهدوء في الساحة الجنوبية. في غزة، إلى جانب استخدام حماس للقوة، نرى أن الخطوات التي تقودها في قبال "إسرائيل" لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد وإدخال عمال إلى "إسرائيل" تنطوي على إمكانية تحقيق هدوء طويل الأمد".
ليس هناك شك في أن حاليفا يعاني من الماضي. سينزع بزته العسكرية مباشرة بعد الحرب. ويجب عليهم في "الجيش" الإسرائيلي أن يسألوا بصراحة كيف يمنعون المفاهيم من إعماء عيون الأذكياء في الحاضر والمستقبل.
--------------------------------------------
بعد 75 عاماً لإيصال الحقيقة للعالم الغربي.. يبدو أن الرسالة وصلت!
بقلم: غادة الشيخ
رفع المدافعون عن القضية الفلسطينية بالعموم وعن غزة بالخصوص أياديهم عن "الهاشتاغات" الداعمة لفلسطين والموجهة إلى الغرب، وعادت حناجرهم إلى صوتها الطبيعي بعد أن بحت على مدار عقود، ليس تقاعساً أو استسلاماً، بل لأن الرسالة واضح جداً أنها وصلت.
لم يعد هم إيصال الرسالة الحقيقية لما يحدث في غزة من إبادة جماعية للرأي العام الغربي، هما كبيرا كما كان في السابق لدرجة وصوله لمرحلة العبء النفسي، عندما كان يشاهد المواطن العربي في السابق كذب وزيف الرواية الغربية ويحاول بكل ما أوتي من قوى افتراضية كالهاشتاغات والترند كشف الغطاء عن ذلك الزيف؛ ذلك لأن الحقيقة انكشفت بفضل غزة ودماء شهدائها وصبر أهلها، وإيمانهم.
في كل مرة يبرز فيها الظلم الصهيوني على فلسطين، تتجه الأصوات والنداءات العربية إلى مواقع التواصل الاجتماعي لإنشاء حملات تخاطب من خلالها العالم الغربي، لإبراز الصورة الحقيقية في قصة اسمها القضية الفلسطينية، وهي أن المحتل هو من يتخذ شكل الوحش والفلسطينيين هم الضحية منذ 75 عاما وليس العكس، لكن في كل مرة من المرات السابقة كانت تبوء تلك الحملات بالفشل نظراً لقوة سلطة الإعلام الغربي الممول بالمليارات لكسر الصورة الحقيقية، وقدرته على تنميطها لدى الشارع الغربي، لكن هذه المرة وبفضل غزة، انتصر المدافعون عن فلسطين.
اللافت، أن الانتصار العربي في كسر الصورة النمطية الظالمة عن رواية القضية الفلسطينية لم يأت من جراء مليارات الدولارات لدعم الرواية الشعبية العربية، ولا من خلال حيادية إدارات مواقع التواصل الاجتماعي في إبراز الخطاب العربي المدافع عن فلسطين لأنها أصلاً ليست حيادية، لكن الانتصار الافتراضي لقصة فلسطين جاء لعدة أسباب، جميعها تبلورت نحو أن الأذن الغربية منحت نفسها لأول مرة وقتاً لسماع الصوت الفلسطيني المظلوم، وصدقته.
ومن بين الأسباب للانتصار العربي الفلسطيني الافتراضي لقضية فلسطين، أنه وكما يقول المثل الشعبي: "حفروا على خراب عشهم"، أي أن زيف الرواية الإسرائيلية في كثير من المحاور كشفت نفسها بنفسها في هذه الحرب، أولها: "عدم استهداف مدنيين"، مروراً برواية تقطيع رؤوس الإسرائيليين في الحفلة التي حدثت في السابع من أكتوبر لتفندها مؤخراً الوسائل الإعلامية الإسرائيلية التي كشفت أن سبب الوحشية الظاهرة في أشلاء الإسرائيليين في تلك الحفلة هي من جراء الآلة الإسرائيلية نفسها وليس بفعل المقاومة، فضلاً عن الفيدوهات الركيكة للجيش الإسرائيلي التي تدعي أن مستشفى الشفاء معقل للمقاومة والذي فضحها الإعلام الغربي.
وأخيرا، ويبدو أنه لن يكون آخراً روايات المحتجزين الإسرائيليين الذين أفرجت عنهم كتائب المقاومة، والتي حاولت الرواية الإسرائيلية تفنيدها بكل الطرق، بيد أن الرسالة الأخيرة أحبطت تلك المحاولات، تلك الرسالة التي وصفت المحتجزة الإسرائيلية فيها نفسها أنها ستبقى دوماً: "أسيرة شكر" للمقاومة.
يقال لمن يؤمن بعدالة الكون، أن المظلوم سيأتي يوم وينال تاج إنصافه في الأرض قبل السماء، وفلسطين انتظرت 75 عاماً لتنال عدالة تصديق قصتها الحقيقية من قبل الشارع الغربي، واليوم وبفضل غزة وما قدمته من أثمان لا تعوض ولا تستبدل، سيقول المدافعون عن القضية الفلسطينية لها: "سنبقى أسرى شكر لك".
------------------انتهت النشرة------------------
أضف تعليق