ربط مصيره بحرب غزة..صحيفة: إدارة بايدن تعتقد أن أيام نتنياهو السياسية "معدودة"
وقال اثنان من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية للصحيفة، إن مستقبل نتنياهو السياسي طُرح في اجتماعات البيت الأبيض الأخيرة التي شارك فيها بايدن. وشمل ذلك المناقشات التي جرت منذ زيارة الرئيس الأميركي إلى إسرائيل، حيث التقى نتنياهو.
وأضاف المسؤولان أن بايدن ذهب إلى حد أن اقترح على نتنياهو التفكير في الدروس التي سيشاركها مع خليفته المقبل في نهاية المطاف. وأكد مسؤول أميركي حالي وآخر سابق، أن الإدارة تعتقد أن نتنياهو لم يتبق له سوى وقت محدود في منصبه.
"نظرة أميركية قاتمة"
وقال المسؤول الأميركي الحالي إن التوقعات الداخلية هي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي من المرجح أن يستمر لبضعة أشهر، أو على الأقل حتى تنتهي مرحلة القتال الأولى من الحملة العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، على الرغم من أن المسؤولين الأربعة أشاروا إلى عدم القدرة على التنبؤ بالسياسة الإسرائيلية.
وقال مسؤول آخر، طلب عدم كشف هويته: "يجب أن يكون هناك حساب داخل المجتمع الإسرائيلي على ما حدث. في نهاية المطاف، تقع المسؤولية على عاتق مكتب رئيس الوزراء (نتنياهو)".
وتأتي نظرة الإدارة الأميركية القاتمة لمستقبل نتنياهو السياسي في الوقت الذي يحاول فيه الرئيس الأميركي وفريقه للسياسة الخارجية العمل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وتوجيهه دبلوماسياً، بينما تواصل بلاده مواجهة معقدة ودموية مع "حركة" حماس، التي تسيطر على قطاع غزة.
وكانت رحلة بايدن إلى تل أبيب الشهر الماضي، تهدف إلى إبداء الدعم لإسرائيل إلى حد كبير، لكنه حث نتنياهو بشكل خاص على المضي قدماً بحذر وعدم توسيع الحرب، وفقاً لمسؤولين كبار في الإدارة.
ودفع بايدن، نتنياهو إلى إعطاء الأولوية لحل الدولتين (بين فلسطين وإسرائيل) والانتباه إلى الخطوات التي تتجاوز محاولة القضاء على حماس، بما في ذلك تحديات أي نوع من الاحتلال المستقبلي لغزة.
وفي مرحلة ما خلال الرحلة، نصح بايدن نتنياهو بالنظر في السيناريو الذي سيتركه لخليفته، وهو اقتراح ضمني بأن نتنياهو قد لا يكون في السلطة طوال فترة الصراع الطويل على الأرجح.
وقلَّل مسؤول آخر في البيت الأبيض من أهمية فكرة أن مستقبل نتنياهو كان موضوعاً مثيراً للاهتمام، قائلاً إن أي أحاديث هي مجرد تكهنات، وأصرَّ على أن تركيز الإدارة الأميركية كان بشكل مباشر على دعم أمن إسرائيل.
كما قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون إن "هذا الوصف غير صحيح. هذه المسألة ليست قيد المناقشة".
"قبضة نتنياهو المهتزة"
وأشار المسؤول في البيت الأبيض إلى أن "نتنياهو هو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول بقاء في السلطة، وقد كتب نعيه السياسي قبل الأوان من قبل".
لكن المسؤول الأميركي الحالي قال إن قبضة نتنياهو المهتزة على السلطة دائماً ما تكون "في الخلفية" خلال محادثات إدارة بايدن الداخلية بشأن الشرق الأوسط.
ويشارك مساعدو بايدن بالفعل مجموعة من السياسيين الإسرائيليين الآخرين، بعضهم في السلطة والبعض الآخر ليس كذلك، في المجهود الحربي. ووفقاً للمسؤولين الذين تحدثت إليهم صحيفة "بوليتيكو"، وفرت تلك المحادثات أيضاً طريقة لقياس تفكير مختلف الإسرائيليين الذين قد يتولون قيادة البلاد.
ويكمن الاعتقاد بأن نتنياهو أُضعف بشكل كبير بسبب "الغضب الإسرائيلي من فشل قطاعي الأمن والاستخبارات في بلادهم في منع هجوم حماس (وفصائل فلسطينية أخرى) في 7 أكتوبر"، والذي أسفر عن سقوط ما يزيد على 1500 شخص، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية.
وزادت المعارضة الدولية المتزايدة للحملة العسكرية الإسرائيلية الحالية في غزة، التي أودت بحياة آلاف المدنيين الفلسطينيين، من زعزعة موقفه.
ولاحظ المسؤولون الأميركيون انخفاض شعبية نتنياهو، كما يشيرون إلى موجة التقارير العامة بشأن الإخفاقات الاستخباراتية الإسرائيلية الهائلة، ويتوقعون أن أي تقييم إسرائيلي داخلي قادم، وآخر يجريه نظراؤهم الأميركيون، من المرجح أن يكون أكثر إدانة، ويوجه صفعة أكبر لنتنياهو.
وفي حين قدَّم مسؤولو إدارة بايدن إعلانات تضامن علنية مع الحكومة الإسرائيلية خلال الأزمة الحالية، يحاول مساعدوهم أيضاً المضي قدماً فيما قد يعنيه سقوط نتنياهو بالنسبة لمستقبل العلاقة الإسرائيلية الأميركية.
"سيناريوهات بعد حرب غزة"
ومن بين أمور أخرى، تناقش إدارة بايدن سيناريوهات "اليوم التالي" بعد حرب غزة، بما في ذلك إمكانية إرسال قوة متعددة الجنسيات، وإن لم تشمل بالضرورة قوات أميركية، لتحقيق الاستقرار في القطاع.
ولم يكن نتنياهو المفضل لدى فريق بايدن، إذ كان من أشد المؤيدين للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي هزمه بايدن في انتخابات الرئاسة في 2020، وقد يواجهه مرة أخرى في انتخابات 2024، كما كان من أشد المنتقدين للاتفاق النووي الإيراني الذي ساعدت إدارة أوباما ونائبه آنذاك بايدن في صياغته.
لقد أزعجت مواقف نتنياهو المتشددة بشكل متزايد مساعدي بايدن، الذين ما زالوا يدعمون إنشاء دولة فلسطينية، كما عارضوا رغبة حكومة نتنياهو إجراء تعديلات قضائية.
لكن بايدن ونتنياهو يعرفان بعضهما البعض منذ عقود، وتمكنا من البقاء ودودين علناً، على الرغم من خلافاتهما. وفي أعقاب هجمات حماس، ألقى بايدن دعمه العلني الكامل وراء نتنياهو وإسرائيل.
ولكن خلف الكواليس، كان بايدن متمسكاً في تقييمه لما يعتقد أنها ميول نتنياهو "غير الديمقراطية"، التي صرفت انتباه حكومته جزئياً عن الاستعداد لهجوم "حماس".
وقال شخص مطلع على موقف الإدارة بشأن إسرائيل: "إنهم يعرفون أن هذا (نتنياهو) هو من يتعين عليهم العمل معه الآن".
ولاحقا نفى البيت الأبيضض كليا ما أوردته الصحيفة الأمريكية، بأن بايدن قال ذلك.
اتصالات مع غانتس وبنيت ولابيد
ومع التطلع نحو المستقبل، يتحدث المسؤولون الأميركيون إلى عضو حكومة الحرب الحالية بيني غانتس، ورئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، وزعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق يائير لبيد، من بين شخصيات إسرائيلية أخرى.
وذكرت الصحيفة أن المسؤولين الأميركيين شعروا بالإحباط بسبب أمر الإجلاء الإسرائيلي الأولي الصادر لسكان شمال غزة، وكذلك قطع إسرائيل الواضح للاتصالات في غزة قبل الغزو البري.
كما أن الولايات المتحدة ليست على استعداد لدعم الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار في غزة، لكن إسرائيل أيضاً لم توافق على الدعوات الأميركية لـ"هدنة إنسانية" في القتال. وقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة "بوليتيكو"، إن بلاده "مستعدة لمناقشة هدنة إنسانية لبضع ساعات".
وتخشى إدارة بايدن من أن نتنياهو قد يربط مستقبله السياسي بالحرب، ويمكن أن يتحرك في مرحلة ما لتصعيد الصراع، وفقاً لمسؤولين كبار في الإدارة الأميركية.
وقالت هاجر شيمالي، المسؤولة السابقة في مجلس الأمن القومي ووزارة الخزانة في إدارة أوباما: "حتى أفضل سيناريو لإسرائيل في هذه الحرب لن يبقى نتنياهو في السلطة على الأرجح، لأن رعب هجوم 7 أكتوبر سيبقى في الذاكرة، ولأن الكثير من الإسرائيليين ينسبون بالفعل بشكل مباشر انعدام الأمن إلى سياسات نتنياهو".
وأضافت: "على العكس من ذلك، حتى لو استمرت الحرب، أو فتحت جبهات إضافية، ما زلت أعتقد أن نتنياهو في طريقه للرحيل، لأن الإسرائيليين يتساءلون بالفعل علناً عما إذا كان هو الشخص المناسب حقاً، ليس فقط للفوز بهذه المعركة المحددة ضد حماس، ولكن الحرب الأوسع من أجل إسرائيل مسالمة وآمنة".
أضف تعليق