21 تشرين الثاني 2024 الساعة 22:36

أول أمين عام من أصل عربي على أكبر صرح ثقافي فرنسي

2023-09-30 عدد القراءات : 1957
باريس(الاتجاه الديمقراطي)

رواياته كثيرة، بينها "صخرة طانيوس، والهويات القاتلة، وليون الإفريقي، والحروب الصليبية"، وغيرها. هو الكاتب الفرنسي اللبناني الشهير أمين معلوف.
ففي إنجاز جديد، انتُخب الخميس أميناً دائماً للأكاديمية الفرنسية، خلفاً لإيلين كارير دانكوس التي توفيت بأغسطس، في نتيجة متوقعة إثر منافسة مع صديقه الكاتب جان كريستوف روفان.

وفاز معلوف بهذا المركز بأغلبية 24 صوتاً مقابل 8 لروفان، بحسب عضو في اللجنة الإدارية للأكاديمية الفرنسية التي ستعقد مؤتمراً صحافياً، وفق فرانس برس.
وبذلك يكون أول أمين عام من أصل عربي على أكبر صرح ثقافي فرنسي منذ 400 عام.

32 شخصاً فقط
يشار إلى أن الأمين الدائم للأكاديمية الفرنسية هو العضو الذي يدير هذه المؤسسة المُدافعة عن اللغة الفرنسية وتطويرها. ولم يشغل هذا المنصب سوى 32 شخصاً منذ سنة 1634.
وكان المنصب شاغراً منذ وفاة إيلين كارير دانكوس أوائل الشهر الماضي، بعدما شغلته منذ 1999.

انخراطه القوي
أمين معلوف (74 عاماً) كاتب فرنسي من أصل لبناني، حائز جائزة غونكور عام 1993 عن روايته "Le Rocher de Tanios" ("صخرة طانيوس")، وكان مرشحاً معلناً منذ فترة.
كما أنه أحد وجوه الروايات التاريخية المُستلهمة من الشرق، وركّز في أعماله على مسألة تقارب الحضارات.
ورغم أن الأمينة الدائمة السابقة المتخصصة في الشؤون الروسية لم تسم أحداً لخلافتها، كان يُنظر إلى معلوف على أنه المرشح الأوفر حظاً لقيادة الأكاديمية، إذ تحظى شخصيته بالإجماع، نظراً إلى انخراطه القوي في أنشطة المؤسسة التي انضم إليها عام 2011.
ولدى استقباله في الأكاديمية سنة 2012، توجه جان كريستوف روفان نفسه إلى أمين معلوف بالقول: "أنت بالفعل رجل ذو لباقة خالصة وتظهر لديه في كل مناسبة علامات التقدير الكبير لجميع من يخاطبه".

تردد قوي
وقد تنافس معلوف مع صديقه جان كريستوف روفان (71 عاماً)، الطبيب والدبلوماسي السابق والحائز جائزة غونكور عام 2001 عن روايته "Rouge Brésil"، والذي انضم إلى الأكاديمية عام 2008. وبدا روفان سعيداً للغاية بانضمام صديقه إلى المؤسسة العريقة، إذ توجه إليه حينها قائلاً: "لدي انطباع بأن أحلامنا جعلت منا أكثر من مجرد أصدقاء، فقد أصبحنا بمثابة الإخوة".
فيما أظهر روفان تردداً قوياً في خوض المنافسة، حتى إنه ترك انطباعاً في مراحل معينة بأنه سيعدل عن الترشح، قبل الدخول رسمياً في السباق.
وأبدى جان كريستوف روفان انزعاجاً من الابتعاد عن مظاهر المنافسة الديمقراطية في انتخاب رأس المؤسسة العريقة التي تتباهى بمواكبتها الحداثة. ونقلت مجلة "ام" التابعة لصحيفة "لوموند" الفرنسية اليومية عنه قوله السبت: "كأننا في كوريا الشمالية".

"اختيار ممتاز"
حصلت عملية الانتخاب بصورة مغلقة، خلال الجلسة الأولى للأكاديمية بعد العودة من الإجازة.
وقالت وزيرة الثقافة ريما عبد الملك، وهي أيضاً فرنسية من أصل لبناني، لدى وصولها إلى مقر الأكاديمية بعد الانتخابات: "إنه اختيار ممتاز، (...) كاتب عظيم، ورجل أخوة وحوار وتهدئة".
كما أكدت أن انتخاب معلوف يحمل "رمزية رائعة لجميع الناطقين بالفرنسية في العالم".

مسألتان ملحتان
وسيعفى الأمين الدائم الجديد على الفور من المهمة التي كرست لها إيلين كارير دانكوس الكثير من الطاقة، وهي إكمال الطبعة التاسعة من قاموس الأكاديمية، إذ إن هذه المهمة أوشكت على الانتهاء.

لكنّ ثمة مسألتين ملحتين أخريين ستشغلانه.
في المقام الأول: الشؤون المالية. فالأكاديمية الفرنسية، كغيرها من فروع معهد فرنسا Institut de France، تعاني من وضع مالي حساس، إذ تعيش على عائدات أصولها المالية، وعلى الهبات والتركات.

فعام 2021، حث ديوان المحاسبة على التجديد السريع لمبنى الأكاديمية الفرنسية في باريس، في مواجهة خطر الحريق. وهذه المهمة لا تزال غير منفذة. كما أن محاولة مستشار المعهد، كزافييه داركوس، لجعل الأكاديميات تخسر من استقلاليتها مقابل ما تكسبه على صعيد اتساق الإدارة، باءت بالفشل، في مواجهة معارضة إيلين كارير دانكوس.
كذلك، ثمة مسألة أخرى مرتبطة بجاذبية المؤسسة. ومن بين المهمات المعلنة منذ زمن بعيد في هذا الإطار، إدخال مزيد من العناصر الشابة والنساء إلى الأكاديمية المؤلفة حالياً من 28 رجلاً وسبع نساء، هو هدف يصعب جداً تحقيقه.
الجدير بالذكر أن ثمة 5 مقاعد شاغرة في الأكاديمية الفرنسية حالياً. غير أن هناك صعوبة واضحة في انتخاب أعضاء أصغر سناً، ما تجلى من خلال فشل ضم فريديريك بيغبيدير أو بونوا دوتورتر إلى الأكاديمية عام 2022، عن عمر 57 و62 عاماً على التوالي.


أضف تعليق