شباب غزة والعملية الديمقراطية المنسوفة
مارس الشباب الفلسطيني في قطاع غزة مؤخرًا عملية ديمقراطية بشكل جديد وهو تشكيل مجلس شبابي تابع لبلدية غزة بمتابعة وقرار من وزارة الحكم المحلي. حيث اعتبر هؤلاء الشباب أن هذه العملية رغم صغرها فرصة جديدة لتعزيز هذا الحق الذي افتقدوه على مدار 17 عامًا في ظل حكم حركة حماس لقطاع غزة دون إجراء لأية انتخابات سواء طلابية أو محلية أو تشريعية أو رئاسية.
هذا الحق الذي انتظروه على أحر من الجمر لمعالجة مشكلاتهم بشتى المجالات لا سيما ضمان وصولهم لمراكز صنع القرار بما يمكنهم من قيادة المسيرة الوطنية والسياسية والاجتماعية والثقافية للخروج من المأزق المعاش الذين باتوا عالقين فيه، كيف لا وهم يعيشون محاولات الهروب من حياة الضنك والانهيار ويتجهون نحو الهجرة والانتحار إزاء واقع الانقسام الأسود، بحثًا عن قيم العدالة والحرية والمساواة الغائبة، التي كفلها القانون الأساسي الفلسطيني.
نُشر بالأمس بيانًا لاتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني – أشد الإطار الشبابي للجبهة الديمقراطية استنكر فيه قرار حل المجلس الشبابي لبلدية غزة وإلغاء النتائج المتعلقة بالمجلس المنتخب في تاريخ 24/7/2023م بقرار صادر عن وزارة الحكم المحلي التابعة لحكومة الأمر الواقع في غزة، والتي تمت بإشراف مؤسسات حقوقية.
ففي ذات الوقت الذي نستغرب فيه من مطالبة بعض الأحزاب والمؤسسات بضرورة إجراء الانتخابات، نرى أنه يتم حرمان الشباب المقهور من ذات الحق، فهذا المؤشر يعطي لمحة بسيطة عن واقع الحياة الديمقراطية بغزة التي يتغنى بها البعض بل ويدافع عنها بكل سذاجة دون إنصاف أصحاب الطاقة والإبداع الذين بإمكانهم أن يشكلوا إضافة نوعية لسير عمل البلديات وصناعة السياسات الخاصة بها لتحسين جودة الخدمات.
الصدمة التي أصابت الشباب الفائزين والبالغ عددهم 13 شاب من أصل 39 مرشح جراء الضربة القانونية والأخلاقية من قبل وزارة الحكم المحلي تؤكد أن انتهاك القانون أمر سهل من وجهة نظرهم وأن السائد في القطاع هو حكم اللون الواحد، بل يعكس التفرد والإقصاء، وحالة الهيمنة على مواقع الشباب والسطو على حقوقهم المشروعة التي تشكل لهم انفتاحًا على الحياة العامة وتمكنهم من تحقيق آمالهم وتطلعاتهم باعتبارهم أداة التغيير.
فأمام هذا الإجراء الذي يشكل تعديًا على القانون، بات التوجه واضحًا أنه لا انتخابات قادمة بصرف النظر عن نوعها وحجم مشاركة الشباب فيها، وأن تعطيل الحياة الديمقراطية أمر مقصود، مما يتطلب من مؤسسات حقوق الإنسان عدم الاكتفاء ببيانات الإدانة، والشروع في تشكيل لجنة لمتابعة هذا السلوك الخطير الذي يضر بمصالح المجتمع وحقوق الشباب، وتعزيز مفاهيم الثقافة الديمقراطية لدى المؤسسات الحكومية، وأهمية ممارسة الحقوق المدنية والسياسية، كما أيضًا مطلوب تقديم اعتذار علني للفائزين برئاسة هذا المجلس، والتراجع عن هذا الخطأ الفاضح.
أضف تعليق