عمليات الضمّ وجدول الأعمال المطلوب
لا يستدعي تلمُّس التغيير الجاري على الأرض كثيراً من الجهد عند تحليل سِمات المرحلة الراهنة ومستجداتها، لجهة طبيعة الصراع الدائر بين الشعب الفلسطيني والاحتلال وعناوينه المتجددة، في أعقاب صعود الفاشية الدينية في إسرائيل، والتسارع الذي تشهده عملية الضم الهادفة لاستكمال عملية تقطيع أوصال الضفة الغربية المحتلة، وتجزئتها إلى ثلاث مناطق جغرافية: شمال ووسط وجنوب، بوساطة المستوطنات والجدران وغيرها من أشكال الاستعمار الاستيطاني، علاوة على وضع الرتوش الأخيرة التي تفصل القدس بشكل كلّي عن باقي مناطق الضفة الغربية.
الحكومة الإسرائيلية تسابق الزمن في إصدار القرارات التي من شأنها توسيع المستوطنات القائمة إلى جانب بناء البؤر الاستيطانية الجديدة وشرعنة المنجز منها، بالتوازي مع تقديم القوانين وابتداع الإجراءات الهادفة إلى تمكين إسرائيل من فرض هيمنتها وسيطرتها على كامل الأرض المحتلة عام 1967 بما يجعل أمر إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة مستحيلاً. في هذا الإطار نشهد إحالة صلاحيات ذات طبيعة عسكرية وأمنية لتصبح صلاحيات مدنية إلى الحكومة، مثل التحكم بأموال المقاصة، والمسؤولية عن التشكيلات العسكرية المقامة في المستوطنات.
في المقابل، تشهد الجبهة الفلسطينية حالة جديدة من المقاومة بجميع أشكالها المتاحة بيد الشعب، الذي لم يسقطها في أي مرحلة من مراحل النضال للخلاص من الاحتلال، جبهة يُمسك بزمامها الشباب المؤمن بذاته وبحقوقه الوطنية، بعد أن فشلت اسرائيل في خطة الردع وكيّ الوعي والاعتماد على الترهيب وزرع الخوف وتأصيله في الوعي العام للمجتمع، لتتفاجأ بجسارة المقاومة وشجاعتها ووحدتها في الميدان، مقدمة البرهان على قدرة استثنائية في الحفاظ على استدامتها وتقدُّمها مقارنة بحجم القمع الوحشي الذي تعرضت له، وفشل محاولات اجتثاثها كظاهرة جديدة غير معهودة.
لقد توسع نطاق المقاومة، وارتفع منسوب العمليات النوعية بحجم التحديات والمخاطر، كما استطاعت تكبيد الاحتلال خسائر فادحة مادية ومعنوية، نذكر منها على سبيل المثال عملية جنين الأخيرة وعملية «عيلي»، استدعتها شراسة الاحتلال وبطشه وإرهابه، وساهمت فيها حالة العجز القيادي الرسمي والتخلف عن ركب المقاومة، والتلكؤ في حسم موقفها وهي القيادة المناط بها مسؤولية حماية الشعب، علاوة على تراجع دور الفصائل السياسية وانخراطها الواضح في قيادة المقاومة بما يتناسب مع خطورة المرحلة وأهداف الاحتلال، وقد شجع تطور المقاومة وثباتها الالتفاف الجماهيري حولها وتشكيل الناس حاضنة معنوية دافئة حول المقاومة.
التضحيات الغالية التي تقدمها المقاومة الميدانية، ونموذجها الفريد غير كافٍ على أهميته، وعلى الرغم من رسائلها بعدم انتظار تحقيق الوحدة السياسية قبل إنهاء الانقسام. لكن الثمار السياسية المنتظرة، تكون بتحقيق الزخم السياسي والنتائج السياسية المنشودة، واستثمار المقاومة وتضحياتها الجسام سياسياً، وإيصال صوتها إلى العالم ومستويات صناعة القرار الدولي لتحقيق العدالة وصناعة الفرق. فالوحدة الوطنية بين القوى السياسية تُعظِّم من فعالية الدور السياسي، إضافة إلى انخراطها الحاسم في قيادة المقاومة، ترفع صوت الشعب الفلسطيني الموحد ويتوقف التشكيك بصفة المنظمة التمثيلية والوحدة، حيث يتم مواجهتها بأزمة الانقسام وتعدد البرامج والمرجعيات، والتذرع به من أجل التخلي عن القيام بالمسؤوليات.
الاحتلال في المرحلة الراهنة يسابق الزمن في سعيه لقمع المقاومة والتنكيل بها، يسعى جهاراً نهاراً لحسم الصراع بالقوة، ملوّحاً بإعادة اجتياح المناطق المحتلة لاجتثاث المقاومة، في إطار عملية عسكرية شاملة يُصطلح على تسميتها «السور الواقي 2»، على غرار عملية السور الواقي التي نفذها جيش الاحتلال عام 2002، وتشهد دوائر الاحتلال القيادية بعض الخلافات حول طبيعة العملية العسكرية، بين استخبارات الجيش التي لا تؤيد عملية اجتياح شاملة، بينما يتخذ جهاز المخابرات (الشاباك) موقفاً مؤيداً لها، كل هذا يجري بينما الحالة الانتظارية سيدة الموقف الفلسطيني، عوضاً عن الرد المطلوب والخروج من حالة العجز وعدم الجاهزية والتقدم بمبادرة للدعوة لتحديد موعد الانتخابات التشريعية.
جديد المقاومة وجديد الاحتلال لا يقابلهما جديد على مستوى الانقسام، الوحدة الميدانية المستمرة منذ أكثر من عام على قلب رجل واحد لا تدفع الانقسام الذي بلغ عامه السادس عشر إلى استخلاص العبر المطلوبة واستعادة وحدة النظام السياسي وطيّ صفحة المشهد المعيب، بل ما يطفو على السطح يؤكد عدم المبالاة بالاستحقاقات، بل يتم الدفع بالأمور نحو التكيف مع الحالة الانقسامية من قبل طرفَيه، وليس من برهان أكثر بلاغة من اقتصار جدول أعمال لقاء القاهرة الأخير على البحث في قضية الهدنة طويلة الأمد والأزمة المعيشة وتخفيف وطأتها، دون وضع القضية الوطنية الفلسطينية على رأس جدول الأعمال، بينما تواصل إسرائيل خططها الجهنمية وأعمالها المقررة على جدول أعمالها، وبينما المقاومة تتصدى وتستبسل، ولا يتم استثمار زخمها ومفاعيلها، ولا يُستجاب لرغبة الشعب الذي عبّر 80% منه عن موقفه السياسي في آخر استطلاع رأي عام بوقوفه مع المصالحة، كما أعرب 70% من المستطلعين عن عدم تعويلهم على الطبقة السياسية.
الحكومة الإسرائيلية تسابق الزمن في إصدار القرارات التي من شأنها توسيع المستوطنات القائمة إلى جانب بناء البؤر الاستيطانية الجديدة وشرعنة المنجز منها، بالتوازي مع تقديم القوانين وابتداع الإجراءات الهادفة إلى تمكين إسرائيل من فرض هيمنتها وسيطرتها على كامل الأرض المحتلة عام 1967 بما يجعل أمر إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة مستحيلاً. في هذا الإطار نشهد إحالة صلاحيات ذات طبيعة عسكرية وأمنية لتصبح صلاحيات مدنية إلى الحكومة، مثل التحكم بأموال المقاصة، والمسؤولية عن التشكيلات العسكرية المقامة في المستوطنات.
في المقابل، تشهد الجبهة الفلسطينية حالة جديدة من المقاومة بجميع أشكالها المتاحة بيد الشعب، الذي لم يسقطها في أي مرحلة من مراحل النضال للخلاص من الاحتلال، جبهة يُمسك بزمامها الشباب المؤمن بذاته وبحقوقه الوطنية، بعد أن فشلت اسرائيل في خطة الردع وكيّ الوعي والاعتماد على الترهيب وزرع الخوف وتأصيله في الوعي العام للمجتمع، لتتفاجأ بجسارة المقاومة وشجاعتها ووحدتها في الميدان، مقدمة البرهان على قدرة استثنائية في الحفاظ على استدامتها وتقدُّمها مقارنة بحجم القمع الوحشي الذي تعرضت له، وفشل محاولات اجتثاثها كظاهرة جديدة غير معهودة.
لقد توسع نطاق المقاومة، وارتفع منسوب العمليات النوعية بحجم التحديات والمخاطر، كما استطاعت تكبيد الاحتلال خسائر فادحة مادية ومعنوية، نذكر منها على سبيل المثال عملية جنين الأخيرة وعملية «عيلي»، استدعتها شراسة الاحتلال وبطشه وإرهابه، وساهمت فيها حالة العجز القيادي الرسمي والتخلف عن ركب المقاومة، والتلكؤ في حسم موقفها وهي القيادة المناط بها مسؤولية حماية الشعب، علاوة على تراجع دور الفصائل السياسية وانخراطها الواضح في قيادة المقاومة بما يتناسب مع خطورة المرحلة وأهداف الاحتلال، وقد شجع تطور المقاومة وثباتها الالتفاف الجماهيري حولها وتشكيل الناس حاضنة معنوية دافئة حول المقاومة.
التضحيات الغالية التي تقدمها المقاومة الميدانية، ونموذجها الفريد غير كافٍ على أهميته، وعلى الرغم من رسائلها بعدم انتظار تحقيق الوحدة السياسية قبل إنهاء الانقسام. لكن الثمار السياسية المنتظرة، تكون بتحقيق الزخم السياسي والنتائج السياسية المنشودة، واستثمار المقاومة وتضحياتها الجسام سياسياً، وإيصال صوتها إلى العالم ومستويات صناعة القرار الدولي لتحقيق العدالة وصناعة الفرق. فالوحدة الوطنية بين القوى السياسية تُعظِّم من فعالية الدور السياسي، إضافة إلى انخراطها الحاسم في قيادة المقاومة، ترفع صوت الشعب الفلسطيني الموحد ويتوقف التشكيك بصفة المنظمة التمثيلية والوحدة، حيث يتم مواجهتها بأزمة الانقسام وتعدد البرامج والمرجعيات، والتذرع به من أجل التخلي عن القيام بالمسؤوليات.
الاحتلال في المرحلة الراهنة يسابق الزمن في سعيه لقمع المقاومة والتنكيل بها، يسعى جهاراً نهاراً لحسم الصراع بالقوة، ملوّحاً بإعادة اجتياح المناطق المحتلة لاجتثاث المقاومة، في إطار عملية عسكرية شاملة يُصطلح على تسميتها «السور الواقي 2»، على غرار عملية السور الواقي التي نفذها جيش الاحتلال عام 2002، وتشهد دوائر الاحتلال القيادية بعض الخلافات حول طبيعة العملية العسكرية، بين استخبارات الجيش التي لا تؤيد عملية اجتياح شاملة، بينما يتخذ جهاز المخابرات (الشاباك) موقفاً مؤيداً لها، كل هذا يجري بينما الحالة الانتظارية سيدة الموقف الفلسطيني، عوضاً عن الرد المطلوب والخروج من حالة العجز وعدم الجاهزية والتقدم بمبادرة للدعوة لتحديد موعد الانتخابات التشريعية.
جديد المقاومة وجديد الاحتلال لا يقابلهما جديد على مستوى الانقسام، الوحدة الميدانية المستمرة منذ أكثر من عام على قلب رجل واحد لا تدفع الانقسام الذي بلغ عامه السادس عشر إلى استخلاص العبر المطلوبة واستعادة وحدة النظام السياسي وطيّ صفحة المشهد المعيب، بل ما يطفو على السطح يؤكد عدم المبالاة بالاستحقاقات، بل يتم الدفع بالأمور نحو التكيف مع الحالة الانقسامية من قبل طرفَيه، وليس من برهان أكثر بلاغة من اقتصار جدول أعمال لقاء القاهرة الأخير على البحث في قضية الهدنة طويلة الأمد والأزمة المعيشة وتخفيف وطأتها، دون وضع القضية الوطنية الفلسطينية على رأس جدول الأعمال، بينما تواصل إسرائيل خططها الجهنمية وأعمالها المقررة على جدول أعمالها، وبينما المقاومة تتصدى وتستبسل، ولا يتم استثمار زخمها ومفاعيلها، ولا يُستجاب لرغبة الشعب الذي عبّر 80% منه عن موقفه السياسي في آخر استطلاع رأي عام بوقوفه مع المصالحة، كما أعرب 70% من المستطلعين عن عدم تعويلهم على الطبقة السياسية.
أضف تعليق