22 تشرين الثاني 2024 الساعة 21:33

منها "السحيمي والمعمار والسناري".. بيوت أثرية تشع ثقافة بالقاهرة التاريخية

2023-06-17 عدد القراءات : 325
القاهرة(الاتجاه الديمقراطي)

وانطلقت تجربة إنشاء المراكز الثقافية في البيوت الأثرية من بيتي الهراوي وزينب خاتون عام 1994، ثم تبعهما بيت السحيمي 2001، ثم بيت العيني 2003، ثم وكالة الغوري للفنون 2005.
ويرى معنيون تحدثوا للجزيرة نت أن هذه البيوت الأثرية تقدم تجارب نجاح للاستفادة من الأثر في التنوير الثقافي وحمايته، مما أدى إلى تحقيق معادلة رواج الثقافة في محيط الأثر والحفاظ عليه، مؤكدين أهمية دراسة التجربة ومدها إلى باقي شواهد التراث والآثار محل الجدل في مشروعات تطوير القاهرة التاريخية.
وتعتبر وزارة الثقافة المصرية تدشين مراكز الثقافة في البيوت الأثرية خطوة "تعزز منظومة اتحاد المعنى بالمبنى، بحيث تتحول منطقة القاهرة التاريخية إلى بؤرة للإشعاع الفني والثقافي" وفق بيانات رسمية.

القاهرة التاريخية وبيوتها الأثرية
وتملك مصر العديد من البيوت الأثرية الخلابة بالقاهرة الإسلامية، من أبرزها بيوت السحيمي، السناري، علي لبيب، زينب خاتون، الست وسيلة، الرزاز، ساكنة بك، الهراوي، العيني، قصر الأمير بشتاك.

ومن أبرز المراكز الثقافية في البيوت الأثرية:
•    بيت السناري: مركز ثقافي كبير وبيت للعلوم والفنون، يقع بمنطقة السيدة زينب، وتشرف عليه مكتبة الإسكندرية، ويشغل منزل الأمير إبراهيم كتخدا السناري (ت 1801 م) الذي يعد أحد أروع أمثلة العمائر السكنية العثمانية.
•    بيت السحيمي: يقع في شارع المعز لدين الله الفاطمي، وينشط في حفلات التراث الشعبي والعروض الفنية والأمسيات الشعرية، ويعتبر متحفا مفتوحا لفنون العمارة الإسلامية، والبيت الوحيد المتكامل الذي يمثل عمارة القاهرة العثمانية.
•    بيت المعمار المصري: يقع بجوار قلعة صلاح الدين الأيوبي، وينشط في إبراز ثقافة العمارة المصرية وتنظيم مختلف الأنشطة والفعاليات الثقافية والأدبية والمعمارية.
•    بيت الغناء العربي: يقع في قصر الأمير بشتاك، بشارع المعز لدين الله الفاطمي، ويتولى رعاية هواة الغناء العربي، وحماية أصالة الفنون.
•     بيت الشعر العربي بمنزل الست وسيلة: يقع بمنطقة الأزهر، وينظم العديد من الفعاليات الثقافية والأدبية من المنزل الذي يمثل نموذجا مبدعا لعمارة المنازل العثمانية.
•    بيت العود العربي في بيت الهراوى: يعتبر أول مركز متخصص وشامل لدراسة كل ما يتعلق بآلة العود في العالم، ويقدم العديد من العروض الفنية، في أحد أهم منازل العمارة الإسلامية المتفردة.

حماية الأثر وترويج الثقافة
توضح أستاذ العمارة والتصميم العمراني ومدير بيت المعمار المصري الدكتورة هبة صفي الدين أن فكرة توظيف البيوت الأثرية، في النشاط الثقافي والإبداعي، جاءت منذ تسعينيات القرن الماضي، عندما كان الوزارة تعتني بالثقافة والآثار قبل فصلهما (في وزارتين) لاحقا وهو ما أدى إلى حسن رعاية الأثر والعناية به مع كثرة الحركة المدروسة فيه.
وتضيف الدكتورة هبة -في حديث للجزيرة نت- أن تفاعل المتخصصين وغيرهم، مع أنشطة البيت الأثري الثقافية، عزز من قيمة الأثر في محيطه خاصة أهالي منطقته السكنية بالقاهرة القديمة، ودفعهم للمحافظة عليه كرافد تنموي وفني وثقافي.
وتشير إلى أن الحركة الثقافية استفادت من العبق التاريخي للبيوت الأثرية، بتحقيق معادلة جذب الجمهور للنشاط الثقافي من باب جاذبية الأثر وقيمته التاريخية، فمثلا بيت المعمار المصري الذي يعد أحد مراكز الإبداع التابعة لصندوق التنمية الثقافية (جهة ثقافية حكومية) هو بالأساس منزل علي أفندي لبيب الذي أنشئ أواخر القرن 18 الميلادي على تقاليد العمارة المملوكية.
وترى الدكتورة هبة أنه مع الجدل الدائر حول التطوير العمراني للقاهرة التاريخية، فإن وجود نشاط ثقافي في البيت الأثري يعزز مكانته والاهتمام به، خاصة أن وزارة الآثار تتولى الإشراف عليه كونه من الآثار، بينما تتولى وزارة الثقافة الإشراف على الفعاليات الثقافية، موضحة أن بيت المعمار المصري منذ تأسيسه وهو يجذب الجمهور والمؤسسات الرسمية وغيرها من مصر وخارجها لأنشطته المتنوعة، ورسخ وجوده كقبلة ثقافية يحتضنها موقع أثري مصان.

تجارب إيجابية
من جانبه، يرى الباحث والأكاديمي المتخصص في الآثار الدكتور حسين دقيل -في حديث للجزيرة نت- أن بيوت مثل "السحيمي والمعمار المصري والسناري" هي ذات طابع أثري من العهد العثماني نجح القائمون عليها في تقديم تجارب إيجابية في تطوير وظيفتها بالمجتمع، وهو دور مهم وإيجابي مثمن، بشرط استمرار الحفاظ على الأثر الذي يجب أن يكون أولوية في أي تطوير.
ويضيف أن في علوم الترميم يمكن إعادة استخدام الأثر نفسه بعد ترميمه، بشرط الحفاظ عليه وحمايته مما قد يهدد أثريته وتاريخه، وهو ما حدث لبيوت أثرية مثل السحيمي، وذلك خلاف ما اقترحه البعض مؤخرا، لتطوير عدد من المواقع الأثرية في القاهرة التاريخية باستخدامها كفنادق سياحية، وهو ما لاقى رفضا في أوساط الآثاريين والمعمارين، لأن ذلك يهدد الأثر، ويستنزفه في مسار لا يحافظ عليه.
ويرى الباحث والأكاديمي المتخصص بالآثار أن معاول الهدم -التي انطلقت مؤخرا في القاهرة التاريخية- كان يجب أن تدرس تجارب مثل هذه البيوت الاثرية في نشر الثقافة والإبداع، لتنقلها إلى مواقع ذات قيمة أثرية وتراثية أخرى كانت أولى بالبقاء بدلا من النقل والهدم، مثل مقابر الشيخ محمد رفعت والشعراء حافظ ابراهيم وسامي البارودي وأحمد شوقي، وذلك عبر تحويلها لمزارات سياحية وتاريخية ومراكز ثقافية تدر دخلا.


أضف تعليق