الاستيطان يتوسع والفلسطينيون يحيون يوم الارض في ظل حصارٍ قاسٍ لمدنهم وقراهم
نابلس (الاتجاه الديمقراطي)
أعدت الإعلامية عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان مديحة الأعرج التقرير الأسبوعي الاستيطاني، وهذا نصه:
سبعة وأربعون عامًا مرت على يوم الأرض الخالد وما زالت الأرض الفلسطينية تئن تحت وطأة سياسات الاحتلال الإسرائيلية التي حوّلت المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية إلى معازل وجزر منفصلة ومنعزلة عن بعضها، بعد أن أستعر الاستيطان وازدادت أعداد المستوطنين وتضاعفت انتهاكاتهم وجرائمهم.
فمخططات الاستيطان تتواصل وتتصاعد والضفة الغربية نشهد فصولًا من التطهير العرقي المتواصل في القدس والأغوار الفلسطينية ومناطق جنوب الخليل وغيرها من المناطق في الضفة الغربية عبر سياسة مصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات وشق طرق فصل عنصري التفافية في أراضي الفلسطينيين فضلًا عن هدم المساكن المتواصل في القدس المحتلة وفي المناطق المصنفة (ج)، حيث يمارس الاحتلال عمليات تهجير بشكل ممنهج، في الوقت الذي يسمح فيه للمستوطنين بالبناء غير المرخص في عشرات البؤر الاستيطانية ويشرع لأجل تعميق الاحتلال وتوسيع رقعة الاستيطان قوانين عنصرية في الكنيست، كان آخرها إلغاء قانون «فك الارتباط»، والذي سمح للمستوطنين بالعودة إلى 4 مستوطنات مخلاة في شمال الضفة الغربية .
في يوم الارض لهذا العام، كما في كل عام يؤكد الفلسطينيون تمسكهم بأرضهم واستعاداهم العالي للدفاع عنها ويحيون ذكرى هذا اليوم الخالد وسط حصار قاس لمدنهم وقراهم. فقد نفذت عديد البلدات والقرى الفلسطينية في انحاء مختلفة من الضفة الغربية فعاليات لإحياء هذا اليوم الخالد، الذي يعبر فيه الفلسطينيون عن تمسكهم بأرضهم ومقاومتهم للمشروع الاستيطاني التهويدي الذي يستهدفها.
وقد أصيب العشرات من المواطنين جراء قمع قوات الاحتلال لتلك الفعاليات في الضفة الغربية نتيجة وابل من الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز، التي ألقيت بكثافة على المواطنين المشاركين في تلك الفعاليات المنددة بالاستيطان والتهويد المتواصل في أراضيهم. واندلعت المواجهات في بلدة بيتا جنوب نابلس وبيت دجن شرقًا، ومنطقة الزاوية في الخليل، وبلدة كفر قدوم في قلقيلية، وقريوت في نابلس، حيث أصيب عدد من المواطنين بالاختناق إثر قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي، مسيرة بيت دجن الأسبوعية المناهضة للاستيطان، شرق نابلس. وأطلقت قوات الاحتلال الرصاص المعدني المغلف بالمطاط ، وقنابل الصوت ، والغاز السام المسيل للدموع، صوب المشاركين في المسيرة، ما أدى لإصابة 10 مواطنين بالاختناق، عولجوا ميدانيًا. واعتدت قوات الاحتلال على مسيرة في بلدة حوارة جنوب نابلس، وأصيب العشرات في بلدة قريوت بالاختناق بعد استهداف قوات الاحتلال والمستوطنين لمنازل المواطنين وتم اخلاء المنازل التي تم الاعتداء عليها .
وبمناسبة الذكرى السابعة والاربعين ليوم الارض الخالد أصدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تقريراً لمناسبة الذكرى السنوية ليوم الأرض، قال فيه إن «عام 2022 شهد زيادة كبيرة في وتيرة بناء وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية، إذ صادقت سلطات الاحتلال على نحو 83 مخططًا استيطانياً لبناء أكثر من 22 ألف وحدة استيطانية في جميع أنحاء الضفة الغربية بما فيها القدس.
وأشار إلى أن عدد المواقع الاستيطانية والقواعد العسكرية الإسرائيلية بلغ 483 موقعاً حتى نهاية العام 2021 في الضفة الغربية، تتوزع بواقع 151 مستوطنة، و25 بؤرة مأهولة عدّت كأحياء لمستوطنات قائمة، و163 بؤرة استيطانية خارج حدود المستوطنات ، و144 موقعا آخر كمناطق صناعية وسياحية وخدماتية ومعسكرات لجيش الاحتلال . هذا في الوقت ، الذي نفذت سلطات الاحتلال والمستوطنون تحت حماية جيش الاحتلال 8,724 اعتداءً بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم خلال العام 2022 وما مجموعه 378 عملية هدم، طالت 953 منشأة في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس، تركزت معظم عمليات الهدم في محافظة القدس بواقع 118 عملية هدم بنسبة 31%.
ويستغل الاحتلال الإسرائيلي تصنيف الأراضي حسب اتفاقية أوسلو (أ، ب، ج) لإحكام السيطرة على أراضي الفلسطينيين خاصة في المناطق المصنفة (ج) والتي تخضع قضايا الأمن والتخطيط والبناء بالكامل لسيطرة الاحتلال الاسرائيلي ، حيث يستغل الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر ما نسبته 76% من مجمل المساحة المصنفة (ج)، تسيطر المجالس الإقليمية للمستعمرات على 63% منها، فيما بلغت مساحة مناطق النفوذ في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية (تشمل المساحات المغلقة والمخصصة لتوسيع هذه المستعمرات) نحو 537 كم2 في نهاية العام 2022، وتمثل ما نسبته حوالي 10% من مساحة الضفة الغربية، فيما تمثل المساحات المصادرة لأغراض القواعد العسكرية ومواقع التدريب العسكري حوالي 18% من مساحة الضفة الغربية بواقع 1,016 كم2، بالإضافة إلى جدار الضم والتوسع الذي عزل أكثر من 10% من مساحة الضفة الغربية ، وتضرر ما يزيد على 219 تجمعاً فلسطينياً جراء إقامة الجدار والذي يبلغ طوله حوالي 714 كم، كما قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي منذ 1967 بمصادرة حوالي 353 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية وتصنيفها كمحميات طبيعية تمهيداً للاستيلاء عليها.
وعلى صعيد مخططات البناء الاستيطاني في القدس وغيرها من مناطق الضفة الغربية فهي لا تتوقف، وكأنها في سباق مع الزمن في محاولة لخلق وقائع جديدة تسرع في عمليات التهويد والأسرلة وخاصة في المدينة المقدسة. فقد قدمت بلدية الاحتلال خططا لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في المدينة المقدسة.
والخطط تشمل مشاريع لبناء مئات المنازل على اراضي بلدة أبو ديس، التي تقع جزئيًا داخل حدود بلدية القدس، بالإضافة إلى المزيد من المنازل في قرية أم طوبا وحولها جنوب شرق القدس، كما تشمل الخطط أيضًا البناء فى رأس العامود. ويمثل نائب رئيس بلدية الاحتلال اليميني المتطرف، أربيه كينغ، القوة الدافعة وراء الخطط الاستيطانية الجديدة، بدعم من مستثمرين يهود ومجموعات خاصة، بمساعدة مسؤولين في بلدية الاحتلال.
ومن شأن هذه المخططات أن تغير جذريًا الطابع الديموغرافي في القدس، كما أنها تخلق نقاط احتكاك جديدة في المدينة المحتلة . وفي بلدة أبو ديس ينوي المخططون بناء ما بين 250 إلى 450 وحدة استيطانية جديدة على قطعتين من الأرض تدّعي مجموعة يهودية، أن ملكيتها يهودية وتعود إلى عام 1920، وذلك بدعم من منظمة «عطيرت كوهانيم»، وهي جماعة يمينية متطرفة وتقوم بشراء أراض لتوطين المستوطنين اليهود وخاصة في القدس وفي قرية «أم طوبا»، حيث يجري التخطيط لبناء 400 وحدة استيطانية أخرى، وهي أول محاولة منظمة لإيجاد تواجد يهودي ملاصق للبلدة. كما تتطلع سلطات الاحتلال إلى افتتاح حي استيطاني جديد تمامًا على سفح تل بين «أم طوبا» ومستوطنة «جيلو» في القدس ؛. وفي حي «رأس العامود»، يتطلع المخططون الآن إلى إضافة 140 وحدة استيطانية أخرى لبيعها للمستوطنين اليهود فى مشروعين سكنيين جديدين.
ولا تسلم بقية المناطق من وحش الاستيطان، ففي مخطط استيطاني جديد يعزل التجمعات البدوية ويكرس معاناة خربة أم الخير يسطو المخطط الاستيطاني الذي تم الاعلان عنه وايداعه بخرائط رسمية، على مئات الدونمات من الجهة الجنوبية الشرقية من أراضي مدينة يطا وأراضي أم الخير، ويعزل التجمعات البدوية في المنطقة ويحرم أصحاب الأراضي من من العناية بها والاستفادة منها وزراعتها. وهو مخطط قديم جرى أحياؤه بهدف توسيع «مستوطنة كرمل» وتنظيم الأراضي التي يتم الاستيلاء عليها بموجب هذا المخطط المفصل، من مبان عامة وفتح شوارع وتسهيل البناء للمستوطنين على حساب الاراضي الخاصة، وخاصة في خربة أم الخير وعائلة الهذالين على وجه الخصوص، و«مستوطنة كرمل” التي ظهرت مطلع ثمانيات القرن الماضي ، كبؤرة استيطانية صغيرة جدا، تتوسع كل يوم في كل الاتجاهات، حتى وصلت المساحة التي تسيطر عليها اليوم حوالي 2000 دونم ، يضاف لها أراضي بمساحة تقارب (6000) دونم كمجال حيوي .
وفي الأغوار الشمالية سيّجت مجموعة من المستوطنين أراض رعوية في منطقة أبو القندول جنوب عين الحلوة تمهيدا للاستيلاء عليها. في وقت أقام فيه مستوطنون بؤرة استيطانية جديدة، في الجهة الشرقية من سهل البقيعة حيث أقيمت ثلاث حظائر في منطقة «الحنو»، وحولوها إلى بؤرة استيطانية، علمًا أن المستوطنين كانوا قد أحضروا قبل أسبوع مجموعة من الأبقار إلى المنطقة نفسها كمقدمة للاستيلاء عليها، ومن المتوقع أن تستولي البؤرة الاستيطانية على أراض تقدر بنحو 1800 دونم، علماً أن هذه الأراضي مملوكة لمواطنين من بلدة طمون. وفي قرية عين البيضا، في الأغوار الشمالية، واصل مستوطنون أعمال حفر وترميم في محيط نبع مياه عين بليبل تمهيدا للاستيلاء عليها، علماً أن هذه العين يستخدمها المواطنون لري مزروعاتهم.
وما زالت بلدة حواره الى الجنوب من مدينة نابلس هدفًا لاعتداءات واستفزازات المستوطنين في حماية جيش الاحتلال، الذي حول البلدة الى ثكنة عسكرية. فقد افتتح المدعو رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة يوسي دغان وعضو الكنيست تسيفي سوكوت، مكتبا لهما في ساحة «عينابوس» قرب حوارة للتعبير حسب زعمهما عن احتجاجهم على عدم تأمين المستوطنين العابرين من المكان. وأغلقت قوات الاحتلال طرقا ومداخل فرعية في البلدة ، كما اعتدى مستوطنون على منازل ومركبات فلسطينية في شوارعها وهاجموا منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم ، ما أدى إلى تضرر الممتلكات. وأشعل مستوطنون النار في مركبة «ونش» تابعة لأحد المواطنين، فيما اعتدوا على سيارة إسعاف وهشموا زجاجها.
على صعيد آخر، صادق جيش الاحتلال على طلب منظمة «نخلة» الاستيطانية السماح للمستوطنين بتنظيم أضخم تظاهرة في شمال الضفة الغربية، منذ سنوات وذلك في العاشر من شهر نيسان القادم والتي ستشارك فيها عشرات المنظمات التابعة للمستوطنين. وتنطلق المظاهرة من حاجز زعترة جنوبي نابلس باتجاه بؤرة «أفيتار» الاستيطانية المقامة على جبل صبيح في أراضي بلدة بيتا، حيث سيقوم الجيش بتأمين الحراسة للمسيرة، التي تجري بالتزامن مع عيد الفصح اليهودي في العاشر من نيسان القادم، حيث سيشارك فيها كبار حاخامات المستوطنين بالإضافة لوزراء وأعضاء كنيست من اليمين.
وقد أعلنت عشرات المنظمات اليهودية عن مشاركتها في المسيرة ومن بينها : يسرائيل شيلي، عاد كان، هبيتخونيستين، حركة السيادة، حركة شبيبة بني عكيفا، عزرا فأريئيل، منظمة بيتار وغيرها. بينما سيطالب المشاركون الحكومة الإسرائيلية بالإيفاء بتعهداتها بالسماح للمستوطنين بالعودة إلى بؤرة «أفيتار» وذلك بعد استكمال الإدارة المدنية عملية مسح الأراضي المقامة عليها.
ومع صعود اليمين المتطرف والفاشي الى السلطة في اسرائيل بعد انتخابات الكنيست الاخيرة بدأت تتبلور مواقف دولية اكثر تقدما في تسليط الضوء على انتهاكات وجرائم الاحتلال ومستوطنيه. ففي ردود الفعل على ممارسات الاحتلال وسياساته ومخططاته ومشاريعه الاستيطانية استعرض مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، أمام مجلس حقوق الإنسان تقريراً حول المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية والجولان السوري المحتل ، ذكر فيه أن المستوطنين يغيشون بطريقة غير قانونية في 279 مستوطنة إسرائيلية وبؤرة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك 14 مستوطنة في القدس الشرقية المحتلة وأن 147 من هذه المستوطنات كانت بؤرا استيطانية غير قانونية بموجب القانون المحلي الإسرائيلي. ووثق التقرير وجود علاقة بين التوسع الاستيطاني وهجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين خلال العقد الماضي، مبيناً أن الأمم المتحدة تحققت من 3372 حادث عنف من المستوطنين أدت إلى إصابة 1222 فلسطينيًا وأن إسرائيل أخفقت في التحقيق في جرائم عنف ارتكبها المستوطنون والقوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين .
كما دعت المسؤولة المعنية بحقوق الإنسان في فلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، المجتمع الدولي إلى محاسبة إسرائيل ومعاقبتها على أفعالها، بحسب بيان صحفي صادر عن الأمم المتحدة. وقالت المسؤولة في بيانها إن «موجة العنف التي اجتاحت الضفة الغربية منذ بداية هذا العام هي النتيجة الحتمية لاحتلال غازٍ وقمعي لا نهاية له في الأفق وثقافة الخروج عن القانون والإفلات من العقاب التي رعتها إسرائيل وتميزت بها».
كما قال الاتحاد الأوروبي وفق بيان صدر عن مكتب ممثل الاتحاد الأوروبي في فلسطين، إن «السلطات الإسرائيلية هدمت 953 منزلًا فلسطينيًا بالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية خلال 2022، في أعلى رقم منذ 2016. وأشار الاتحاد إلى أنه «تم هدم أو الاستيلاء على 953 مبنى في الضفة الغربية بما في ذلك مدينة القدس الشرقية، وهو أعلى رقم مسجل منذ العام 2016 وأن أكثر من 80 بالمئة من المباني التي هُدمت تقع في المنطقة المصنفة (ج)، وتم تهجير وتضرر 28 ألفًا و446 نسمة نتيجة لعمليات الهدم، وأن من المباني المهدمة 101 ممولة من الاتحاد، كما أن عدد المباني التي تم هدمها من قبل أصحابها في مدينة القدس الشرقية بقرار إسرائيلي قفز من 34 بالمئة العام 2021 إلى 51 بالمئة العام 2022».■
أعدت الإعلامية عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان مديحة الأعرج التقرير الأسبوعي الاستيطاني، وهذا نصه:
سبعة وأربعون عامًا مرت على يوم الأرض الخالد وما زالت الأرض الفلسطينية تئن تحت وطأة سياسات الاحتلال الإسرائيلية التي حوّلت المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية إلى معازل وجزر منفصلة ومنعزلة عن بعضها، بعد أن أستعر الاستيطان وازدادت أعداد المستوطنين وتضاعفت انتهاكاتهم وجرائمهم.
فمخططات الاستيطان تتواصل وتتصاعد والضفة الغربية نشهد فصولًا من التطهير العرقي المتواصل في القدس والأغوار الفلسطينية ومناطق جنوب الخليل وغيرها من المناطق في الضفة الغربية عبر سياسة مصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات وشق طرق فصل عنصري التفافية في أراضي الفلسطينيين فضلًا عن هدم المساكن المتواصل في القدس المحتلة وفي المناطق المصنفة (ج)، حيث يمارس الاحتلال عمليات تهجير بشكل ممنهج، في الوقت الذي يسمح فيه للمستوطنين بالبناء غير المرخص في عشرات البؤر الاستيطانية ويشرع لأجل تعميق الاحتلال وتوسيع رقعة الاستيطان قوانين عنصرية في الكنيست، كان آخرها إلغاء قانون «فك الارتباط»، والذي سمح للمستوطنين بالعودة إلى 4 مستوطنات مخلاة في شمال الضفة الغربية .
في يوم الارض لهذا العام، كما في كل عام يؤكد الفلسطينيون تمسكهم بأرضهم واستعاداهم العالي للدفاع عنها ويحيون ذكرى هذا اليوم الخالد وسط حصار قاس لمدنهم وقراهم. فقد نفذت عديد البلدات والقرى الفلسطينية في انحاء مختلفة من الضفة الغربية فعاليات لإحياء هذا اليوم الخالد، الذي يعبر فيه الفلسطينيون عن تمسكهم بأرضهم ومقاومتهم للمشروع الاستيطاني التهويدي الذي يستهدفها.
وقد أصيب العشرات من المواطنين جراء قمع قوات الاحتلال لتلك الفعاليات في الضفة الغربية نتيجة وابل من الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز، التي ألقيت بكثافة على المواطنين المشاركين في تلك الفعاليات المنددة بالاستيطان والتهويد المتواصل في أراضيهم. واندلعت المواجهات في بلدة بيتا جنوب نابلس وبيت دجن شرقًا، ومنطقة الزاوية في الخليل، وبلدة كفر قدوم في قلقيلية، وقريوت في نابلس، حيث أصيب عدد من المواطنين بالاختناق إثر قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي، مسيرة بيت دجن الأسبوعية المناهضة للاستيطان، شرق نابلس. وأطلقت قوات الاحتلال الرصاص المعدني المغلف بالمطاط ، وقنابل الصوت ، والغاز السام المسيل للدموع، صوب المشاركين في المسيرة، ما أدى لإصابة 10 مواطنين بالاختناق، عولجوا ميدانيًا. واعتدت قوات الاحتلال على مسيرة في بلدة حوارة جنوب نابلس، وأصيب العشرات في بلدة قريوت بالاختناق بعد استهداف قوات الاحتلال والمستوطنين لمنازل المواطنين وتم اخلاء المنازل التي تم الاعتداء عليها .
وبمناسبة الذكرى السابعة والاربعين ليوم الارض الخالد أصدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تقريراً لمناسبة الذكرى السنوية ليوم الأرض، قال فيه إن «عام 2022 شهد زيادة كبيرة في وتيرة بناء وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية، إذ صادقت سلطات الاحتلال على نحو 83 مخططًا استيطانياً لبناء أكثر من 22 ألف وحدة استيطانية في جميع أنحاء الضفة الغربية بما فيها القدس.
وأشار إلى أن عدد المواقع الاستيطانية والقواعد العسكرية الإسرائيلية بلغ 483 موقعاً حتى نهاية العام 2021 في الضفة الغربية، تتوزع بواقع 151 مستوطنة، و25 بؤرة مأهولة عدّت كأحياء لمستوطنات قائمة، و163 بؤرة استيطانية خارج حدود المستوطنات ، و144 موقعا آخر كمناطق صناعية وسياحية وخدماتية ومعسكرات لجيش الاحتلال . هذا في الوقت ، الذي نفذت سلطات الاحتلال والمستوطنون تحت حماية جيش الاحتلال 8,724 اعتداءً بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم خلال العام 2022 وما مجموعه 378 عملية هدم، طالت 953 منشأة في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس، تركزت معظم عمليات الهدم في محافظة القدس بواقع 118 عملية هدم بنسبة 31%.
ويستغل الاحتلال الإسرائيلي تصنيف الأراضي حسب اتفاقية أوسلو (أ، ب، ج) لإحكام السيطرة على أراضي الفلسطينيين خاصة في المناطق المصنفة (ج) والتي تخضع قضايا الأمن والتخطيط والبناء بالكامل لسيطرة الاحتلال الاسرائيلي ، حيث يستغل الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر ما نسبته 76% من مجمل المساحة المصنفة (ج)، تسيطر المجالس الإقليمية للمستعمرات على 63% منها، فيما بلغت مساحة مناطق النفوذ في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية (تشمل المساحات المغلقة والمخصصة لتوسيع هذه المستعمرات) نحو 537 كم2 في نهاية العام 2022، وتمثل ما نسبته حوالي 10% من مساحة الضفة الغربية، فيما تمثل المساحات المصادرة لأغراض القواعد العسكرية ومواقع التدريب العسكري حوالي 18% من مساحة الضفة الغربية بواقع 1,016 كم2، بالإضافة إلى جدار الضم والتوسع الذي عزل أكثر من 10% من مساحة الضفة الغربية ، وتضرر ما يزيد على 219 تجمعاً فلسطينياً جراء إقامة الجدار والذي يبلغ طوله حوالي 714 كم، كما قامت سلطات الاحتلال الاسرائيلي منذ 1967 بمصادرة حوالي 353 ألف دونم من الأراضي الفلسطينية وتصنيفها كمحميات طبيعية تمهيداً للاستيلاء عليها.
وعلى صعيد مخططات البناء الاستيطاني في القدس وغيرها من مناطق الضفة الغربية فهي لا تتوقف، وكأنها في سباق مع الزمن في محاولة لخلق وقائع جديدة تسرع في عمليات التهويد والأسرلة وخاصة في المدينة المقدسة. فقد قدمت بلدية الاحتلال خططا لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في المدينة المقدسة.
والخطط تشمل مشاريع لبناء مئات المنازل على اراضي بلدة أبو ديس، التي تقع جزئيًا داخل حدود بلدية القدس، بالإضافة إلى المزيد من المنازل في قرية أم طوبا وحولها جنوب شرق القدس، كما تشمل الخطط أيضًا البناء فى رأس العامود. ويمثل نائب رئيس بلدية الاحتلال اليميني المتطرف، أربيه كينغ، القوة الدافعة وراء الخطط الاستيطانية الجديدة، بدعم من مستثمرين يهود ومجموعات خاصة، بمساعدة مسؤولين في بلدية الاحتلال.
ومن شأن هذه المخططات أن تغير جذريًا الطابع الديموغرافي في القدس، كما أنها تخلق نقاط احتكاك جديدة في المدينة المحتلة . وفي بلدة أبو ديس ينوي المخططون بناء ما بين 250 إلى 450 وحدة استيطانية جديدة على قطعتين من الأرض تدّعي مجموعة يهودية، أن ملكيتها يهودية وتعود إلى عام 1920، وذلك بدعم من منظمة «عطيرت كوهانيم»، وهي جماعة يمينية متطرفة وتقوم بشراء أراض لتوطين المستوطنين اليهود وخاصة في القدس وفي قرية «أم طوبا»، حيث يجري التخطيط لبناء 400 وحدة استيطانية أخرى، وهي أول محاولة منظمة لإيجاد تواجد يهودي ملاصق للبلدة. كما تتطلع سلطات الاحتلال إلى افتتاح حي استيطاني جديد تمامًا على سفح تل بين «أم طوبا» ومستوطنة «جيلو» في القدس ؛. وفي حي «رأس العامود»، يتطلع المخططون الآن إلى إضافة 140 وحدة استيطانية أخرى لبيعها للمستوطنين اليهود فى مشروعين سكنيين جديدين.
ولا تسلم بقية المناطق من وحش الاستيطان، ففي مخطط استيطاني جديد يعزل التجمعات البدوية ويكرس معاناة خربة أم الخير يسطو المخطط الاستيطاني الذي تم الاعلان عنه وايداعه بخرائط رسمية، على مئات الدونمات من الجهة الجنوبية الشرقية من أراضي مدينة يطا وأراضي أم الخير، ويعزل التجمعات البدوية في المنطقة ويحرم أصحاب الأراضي من من العناية بها والاستفادة منها وزراعتها. وهو مخطط قديم جرى أحياؤه بهدف توسيع «مستوطنة كرمل» وتنظيم الأراضي التي يتم الاستيلاء عليها بموجب هذا المخطط المفصل، من مبان عامة وفتح شوارع وتسهيل البناء للمستوطنين على حساب الاراضي الخاصة، وخاصة في خربة أم الخير وعائلة الهذالين على وجه الخصوص، و«مستوطنة كرمل” التي ظهرت مطلع ثمانيات القرن الماضي ، كبؤرة استيطانية صغيرة جدا، تتوسع كل يوم في كل الاتجاهات، حتى وصلت المساحة التي تسيطر عليها اليوم حوالي 2000 دونم ، يضاف لها أراضي بمساحة تقارب (6000) دونم كمجال حيوي .
وفي الأغوار الشمالية سيّجت مجموعة من المستوطنين أراض رعوية في منطقة أبو القندول جنوب عين الحلوة تمهيدا للاستيلاء عليها. في وقت أقام فيه مستوطنون بؤرة استيطانية جديدة، في الجهة الشرقية من سهل البقيعة حيث أقيمت ثلاث حظائر في منطقة «الحنو»، وحولوها إلى بؤرة استيطانية، علمًا أن المستوطنين كانوا قد أحضروا قبل أسبوع مجموعة من الأبقار إلى المنطقة نفسها كمقدمة للاستيلاء عليها، ومن المتوقع أن تستولي البؤرة الاستيطانية على أراض تقدر بنحو 1800 دونم، علماً أن هذه الأراضي مملوكة لمواطنين من بلدة طمون. وفي قرية عين البيضا، في الأغوار الشمالية، واصل مستوطنون أعمال حفر وترميم في محيط نبع مياه عين بليبل تمهيدا للاستيلاء عليها، علماً أن هذه العين يستخدمها المواطنون لري مزروعاتهم.
وما زالت بلدة حواره الى الجنوب من مدينة نابلس هدفًا لاعتداءات واستفزازات المستوطنين في حماية جيش الاحتلال، الذي حول البلدة الى ثكنة عسكرية. فقد افتتح المدعو رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة يوسي دغان وعضو الكنيست تسيفي سوكوت، مكتبا لهما في ساحة «عينابوس» قرب حوارة للتعبير حسب زعمهما عن احتجاجهم على عدم تأمين المستوطنين العابرين من المكان. وأغلقت قوات الاحتلال طرقا ومداخل فرعية في البلدة ، كما اعتدى مستوطنون على منازل ومركبات فلسطينية في شوارعها وهاجموا منازل الفلسطينيين وممتلكاتهم ، ما أدى إلى تضرر الممتلكات. وأشعل مستوطنون النار في مركبة «ونش» تابعة لأحد المواطنين، فيما اعتدوا على سيارة إسعاف وهشموا زجاجها.
على صعيد آخر، صادق جيش الاحتلال على طلب منظمة «نخلة» الاستيطانية السماح للمستوطنين بتنظيم أضخم تظاهرة في شمال الضفة الغربية، منذ سنوات وذلك في العاشر من شهر نيسان القادم والتي ستشارك فيها عشرات المنظمات التابعة للمستوطنين. وتنطلق المظاهرة من حاجز زعترة جنوبي نابلس باتجاه بؤرة «أفيتار» الاستيطانية المقامة على جبل صبيح في أراضي بلدة بيتا، حيث سيقوم الجيش بتأمين الحراسة للمسيرة، التي تجري بالتزامن مع عيد الفصح اليهودي في العاشر من نيسان القادم، حيث سيشارك فيها كبار حاخامات المستوطنين بالإضافة لوزراء وأعضاء كنيست من اليمين.
وقد أعلنت عشرات المنظمات اليهودية عن مشاركتها في المسيرة ومن بينها : يسرائيل شيلي، عاد كان، هبيتخونيستين، حركة السيادة، حركة شبيبة بني عكيفا، عزرا فأريئيل، منظمة بيتار وغيرها. بينما سيطالب المشاركون الحكومة الإسرائيلية بالإيفاء بتعهداتها بالسماح للمستوطنين بالعودة إلى بؤرة «أفيتار» وذلك بعد استكمال الإدارة المدنية عملية مسح الأراضي المقامة عليها.
ومع صعود اليمين المتطرف والفاشي الى السلطة في اسرائيل بعد انتخابات الكنيست الاخيرة بدأت تتبلور مواقف دولية اكثر تقدما في تسليط الضوء على انتهاكات وجرائم الاحتلال ومستوطنيه. ففي ردود الفعل على ممارسات الاحتلال وسياساته ومخططاته ومشاريعه الاستيطانية استعرض مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، أمام مجلس حقوق الإنسان تقريراً حول المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية والجولان السوري المحتل ، ذكر فيه أن المستوطنين يغيشون بطريقة غير قانونية في 279 مستوطنة إسرائيلية وبؤرة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك 14 مستوطنة في القدس الشرقية المحتلة وأن 147 من هذه المستوطنات كانت بؤرا استيطانية غير قانونية بموجب القانون المحلي الإسرائيلي. ووثق التقرير وجود علاقة بين التوسع الاستيطاني وهجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين خلال العقد الماضي، مبيناً أن الأمم المتحدة تحققت من 3372 حادث عنف من المستوطنين أدت إلى إصابة 1222 فلسطينيًا وأن إسرائيل أخفقت في التحقيق في جرائم عنف ارتكبها المستوطنون والقوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين .
كما دعت المسؤولة المعنية بحقوق الإنسان في فلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، المجتمع الدولي إلى محاسبة إسرائيل ومعاقبتها على أفعالها، بحسب بيان صحفي صادر عن الأمم المتحدة. وقالت المسؤولة في بيانها إن «موجة العنف التي اجتاحت الضفة الغربية منذ بداية هذا العام هي النتيجة الحتمية لاحتلال غازٍ وقمعي لا نهاية له في الأفق وثقافة الخروج عن القانون والإفلات من العقاب التي رعتها إسرائيل وتميزت بها».
كما قال الاتحاد الأوروبي وفق بيان صدر عن مكتب ممثل الاتحاد الأوروبي في فلسطين، إن «السلطات الإسرائيلية هدمت 953 منزلًا فلسطينيًا بالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية خلال 2022، في أعلى رقم منذ 2016. وأشار الاتحاد إلى أنه «تم هدم أو الاستيلاء على 953 مبنى في الضفة الغربية بما في ذلك مدينة القدس الشرقية، وهو أعلى رقم مسجل منذ العام 2016 وأن أكثر من 80 بالمئة من المباني التي هُدمت تقع في المنطقة المصنفة (ج)، وتم تهجير وتضرر 28 ألفًا و446 نسمة نتيجة لعمليات الهدم، وأن من المباني المهدمة 101 ممولة من الاتحاد، كما أن عدد المباني التي تم هدمها من قبل أصحابها في مدينة القدس الشرقية بقرار إسرائيلي قفز من 34 بالمئة العام 2021 إلى 51 بالمئة العام 2022».■
أضف تعليق