25 تشرين الثاني 2024 الساعة 12:23

بلاغ صادر عن المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

2023-02-14 عدد القراءات : 566
بلاغ صادر عن المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
[دورة شهداء المقاومتين الشعبية والمسلحة]
[النصف الأول من شباط/ فبراير 2023]


1- ■ إفتتح المكتب السياسي دورة إجتماعاته، بالوقوف إجلالاً وإكباراً للصف العريض من شهداء شعبنا، خلال العام المنصرم، والشهر الأول من العام الحالي، كما قدم واجب التحية للرفاق الشهداء الـ6، أعضاء الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: يامن نافذ جفال (16 عاماً- القدس 6/3/2022)، علي حسن حرب (26 عاماً- سلفيت 21/6/2022)، فايز خالد دمدوم (18 عاماً- القدس 1/10/2022)، مهدي محمد لدادوة (17 عاماً- رام الله 29/4/2022)، محمد توفيق بدارنة (26 عاماً- جنين 30/11/2022)، حسن منصور(27 عاماً) معركة وحدة الساحات – غزة/ آب 2022.
وأكد المكتب السياسي حرصه على الوفاء للدماء الغالية التي سالت على أرض فلسطين على أيدي عصابات جيش الاحتلال، وميليشيات المستوطنين المسلحة، والوفاء لأهداف النضال الوطني التحرري لشعبنا، في العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة وعاصمتها القدس، ورفض كل البدائل الهابطة والفاسدة، بما في ذلك مشاريع «الحل الإقتصادي»، أو الحكم الإداري الذاتي، في إطار تسويات تنازلية لم يعد يخفيها رافعو لواء «حل الدولتين»، نقيض حل الإجماع الوطني القائم على دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، على خط الرابع من حزيران (يونيو) 1967 وعاصمتها القدس + ضمان حق العودة للاجئين بموجب القرار 194 ■

2- ■ أشاد المكتب السياسي بالصمود البطولي لأبناء شعبنا في الأراضي المحتلة، وخاصة في الضفة الغربية وفي القلب منها مدينة القدس، كما أشاد بقدرة المقاومة الشعبية على الانتقال إلى عام جديد من عمرها، رغم إفتقارها إلى القيادة الوطنية الموحدة والفاعلة، وإلى استراتيجية وطنية كفاحية ترسم لها إتجاهات نضالاتها في محاور الاشتباك المختلفة مع قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين.
كذلك إنتقد المكتب السياسي تخلف القيادة السياسية للسلطة الفلسطينية عن إتخاذ القرارات ورسم السياسات الكفيلة بتوفير الحماية السياسية والوطنية للمقاومة الشعبية، واتباع سياسات إجتماعية تكفل لها عناصر الثبات والصمود، وتوزع بشكل عادل، أعباء النضال وضريبته على الفئات الاجتماعية المختلفة في المجتمع الفلسطيني، وبحيث لا تقع ضريبة النضال على الفقراء وأصحاب الدخل المحدود وحدهم، وإعفاء رجال المال والأعمال، وأصحاب الثروات والدخل العالي من واجبهم الوطني ■  

3- ■ وفي هذا السياق، توقف المكتب السياسي أمام القرار بوقف العمل بالتنسيق الأمني، رداً على مجزرة مخيم جنين، وباقي الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ضد أبناء شعبنا، ورأى المكتب السياسي أن وقف العمل بالتنسيق الأمني مع قوات الاحتلال خطوة طال انتظارها، تحتاج إلى تعميقها وحمايتها من الضغوط الأميركية، الأمر الذي يتطلب إستكمال تطبيق قرارات المجلس المركزي بوقف العمل بالمرحلة الانتقالية لاتفاق أوسلو، وتعليق الإعتراف بدولة الاحتلال، إلى أن تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس على حدود 4 حزيران (يونيو) 67، ووقف الاستيطان وضم الأراضي، وإطلاق سراح الأسرى في سجون الاحتلال، إلى جانب وقف العمل ببروتوكول باريس الاقتصادي، بما في ذلك الخروج من الغلاف الجمركي مع دولة الاحتلال، وتحرير اقتصادنا الفلسطيني من قيوده والتزاماته واستحقاقاته القاهرة.
كما يؤكد المكتب السياسي على التمسك برفض الضغوط الأميركية، وأهدافها الخبيثة لزرع الفتنة في الصف الوطني الفلسطيني، وجر شعبنا إلى حرب أهلية، يستباح فيها الدم الفلسطيني بالسلاح الفلسطيني، وفي خدمة مصالح دولة الاحتلال والولايات المتحدة.
كما أكد بالمقابل، على ضرورة إعادة صياغة العقيدة الأمنية لأجهزة السلطة الفلسطينية، لتكون الدرع الوطني في حماية شعبنا ومقاومته الشعبية من الأعمال العدوانية الدموية لسلطات الاحتلال وعصابات المستوطنين■

4- ■ يؤكد المكتب السياسي على أهمية الدعم السياسي والدبلوماسي لنضالات شعبنا في الميدان، وإسناد مقاومته الشعبية الشاملة، وفي هذا السياق يؤكد المكتب السياسي على ضرورة رفض الضغوط الأميركية الهادفة إلى لجم معركتنا السياسية والدبلوماسية وإجهاضها، ويدعو بالمقابل إلى تطويرها، إلتزاماً بالخطاب الرئاسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أيلول (سبتمبر) 2022، بما في ذلك تنسيب دولة فلسطين إلى الوكالات المتخصصة رغم الڤيتو الأميركي، ومنها على سبيل المثال وكالة الملكية الفكرية، ومواصلة التحرك من أجل نيل العضوية العاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، والعمل مع محكمة لاهاي والمحكمة الجنائية الدولية، للوصول إلى النتائج التي تعزز حقوقنا الوطنية في المحافل الدولية، وأن توفر الفرص لفرض العزلة على دولة الاحتلال باعتبارها دولة مارقة، متمردة على القانون الدولي، على قرارات الشرعية الدولية.
وفي خطوة تؤكد صدقية التحرك السياسي والدبلوماسي، يجدد المكتب السياسي الدعوة إلى الإعلان عن بسط السيادة الوطنية للدولة الفلسطينية المستقلة على كامل أراضيها المحتلة بعدوان حزيران (يونيو) 1967، بما يضع الأمور في نطاقها السليم، ويغلق الأبواب أمام المشاريع الفاسدة والتدخلات والضغوط الخارجية لجر القضية الوطنية خارج المسار الوطني، كما رسمه شعبنا، في اعتماد المقاومة سبيلاً إلى الظفر بالحقوق الوطنية المشروعة ■

5- ■ توقف المكتب السياسي أمام خرائط الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الفلسطينية، والمشاريع التي تنوي حكومة اليمين المتشدد والفاشي إنجازها، في ظل إدعاء أن فلسطين هي حصراً وطن لليهود، ورأى المكتب السياسي أن هذا من شأنه أن يسهم إلى حد بعيد في تقويض الأسس المادية للمشروع الوطني، وأن يساهم في تدمير الاقتصاد الفلسطيني، خاصة القطاع الزراعي، كما رأى أن من شأن هذا أن يسبب الهجرة الجماعية لآلاف الفلسطينيين المهددين بخسارة أراضيهم ومزارعهم.
ولاحظ المكتب السياسي أن ثمة خطوات إستيطانية إستراتيجية يحضر لها الاحتلال الإسرائيلي، كالخان الأحمر، لشطر الضفة الفلسطينية إلى شطرين، وفصل القدس المحتلة عن عمقها الفلسطيني غرباً، ومناطق مسافر يطا، واستعادة مستوطنة حاميش، لإقامة حزام استيطاني في شمال الضفة، ربطاً بالأغوار، ما يعمق تقطيع أوصال الضفة، ويحاصر مدنها وبلداتها في بحر من المستوطنات، والجسور والأنفاق والطرق الالتفافية والمواقع العسكرية، تمهيداً لإقامة معازل فلسطينية مقطعة الأوصال، في ظل الهيمنة الأمنية والسياسية لدولة الاحتلال، بديلاً للحق المشروع لشعبنا في دولة مستقلة كاملة السيادة، على كامل التراب الفلسطيني على حدود حزيران (يونيو) 67، وعاصمتها القدس.
وفي هذا السياق أكد المكتب السياسي على ضرورة تطوير أساليب المقاومة الشعبية وأدواتها، بما في ذلك لجان الدفاع عن القدس والأحياء والأرض عموماً، وتشكيل الفرق الضاربة، من الشباب في المحاور والمناطق المهددة بالاستيطان والضم، لمواجهة فاعلة لمخططات المصادرة والاغتصاب، وعن الدور والمنازل ضد الهدم والتشريد.
وأكد المكتب السياسي أن مثل هذه النقلة النوعية في مواجهات المقاومة الشعبية باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى، ما يحتم على السلطة الفلسطينية القائمة بأعمال الخدمات وإدارة الحياة اليومية لشعبنا في الضفة، وعلى كافة القوى الوطنية، رسم الاستراتيجيات والخطط الميدانية للدفاع عن الأرض وحمايتها من الاستيطان ■

6- ■ في ملف اللاجئين، جدد المكتب السياسي التأكيد على محورية «دور وكالة الغوث» في تأمين الخدمات للمخيمات، خاصة في سوريا ولبنان، وقطاع غزة، في ظل الأزمات السياسية والمعيشية التي تعيشها هذه الأقطار الثلاثة، وما تعكسه على أوضاع اللاجئين من تدهور في مستوى المعيشة، وارتفاع التكاليف اليومية، وندرة فرص العمل، وارتفاع نسبة البطالة، خاصة بين الخريجين والشباب، ما يدفع العشرات إلى قوارب الموت في هجرات غير شرعية، شكلت مأساة إضافية من مآسي اللاجئين.
وأكد المكتب السياسي على أهمية تحركات حركة اللاجئين للضغط على وكالة الغوث والدول والجهات المانحة، لزيادة الموازنة السنوية، بما يرتقي إلى مستوى الغلاء الفاحش الذي يجتاح دول المنطقة، وتراجع سعر صرف الدولار.
وحذر المكتب السياسي من لجوء الأونروا إلى إجراء مناقلات من موازنة البرنامج العام، إلى موازنات البرامج الطارئة، بسبب ما يعكسه ذلك على الخدمات وتدنيها، خاصة الصحية والتربوية منها.
كذلك أكد المكتب السياسي في السياق نفسه على إطلاق نداءات من أجل استكمال إعادة إعمار مخيم نهر البارد، والشروع في إعادة إعمار مخيم اليرموك وحندرات، وترميم الأضرار في باقي المخيمات، بما في ذلك تلك التي تعرضت للانهيار في لبنان وسوريا، تحت تأثير التقلبات الجوية العاصفة.
ودعا المكتب السياسي اللجان الشعبية، والاتحادات والنقابات العمالية والنسائية والشبابية إلى تطوير أساليب تحركها في تبني قضايا اللاجئين وصمودهم، والدفاع عن حق العودة، ورفض كل الحلول والسيناريوهات البديلة ■

7- ■ وجه المكتب السياسي تحية النضال والصمود والوفاء وتجديد العهد على بذل كل الجهود، من أجل إنتزاع الحرية لجميع الأسرى والمعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال، مشيداً بدورهم النضالي على خط الصدام الأول مع مصلحة السجون، ورجال الشرطة في ظل ظروف قاسية، تلجأ فيها مصلحة السجون إلى القمع غير عائبة بالقوانين الدولية التي تكفل لأسرانا حقوقهم الإنسانية، كما يؤكد على رفض كل الضغوط الإسرائيلية والأميركية لحرمان الأسرى وعوائلهم وعوائل الشهداء من حقهم في العيش الكريم، وحرمانهم من استحقاقاتهم المالية، مديناً في الوقت نفسه سياسة اللصوصية والقرصنة الإسرائيلية، ومصادرتها أموال المقاصة بذريعة منعها من الوصول إلى «الإرهاب»، في إشارة فجة إلى الأسرى وعوائلهم وعوائل الشهداء، وشدد المكتب السياسي على أن الوفاء بالالتزامات الوطنية نحو هؤلاء، يشكل خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه على الإطلاق■
 
8- ■ في مراجعته لأوضاع الجاليات الفلسطينية في الخارج، شدد المكتب السياسي على أهمية الدور المتزايد لهذه الجاليات في إسناد نضالات شعبنا في الأراضي المحتلة، وعلى جبهة الاشتباك مع اللوبيات الصهيونية، وكشف حقيقة سياسات الاحتلال، وانتهاكه لمباديء حقوق الإنسان، عبر منظومة من القوانين القائمة على التمييز العنصري، والتطهير العرقي، واحتقار قوانين الشرعية الدولية وقراراتها، ما يضع دولة الاحتلال في مصاف الدول المارقة، مثلها مثل النظام العنصري البائد في جنوب إفريقيا.
وأكد المكتب السياسي على ضرورة تعزيز الإنخراط في حملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها (B.D.S)، واستقطاب قوى وفعاليات محلية إلى صفوفها، بما يمنح الحملة بعدها الدولي والأممي العميق.
كما أكد على أهمية تعزيز العلاقة مع الأحزاب والقوى السياسية اليسارية والديمقراطية والتقدمية والليبرالية، والبرلمانات، حيث ترسم الشعوب قراراتها عبر ممثليها، وكذلك تعزيز العلاقة مع الوزارات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية كالخارجية، ووزارات حقوق الانسان والصف العريض من الجامعات والمؤسسات الحقوقية والأهلية المتحررة من الضغوط الإسرائيلية وحلفائها.

■ أما على الصعيد العربي فقد شدد المكتب السياسي على أهمية تعزيز العلاقة مع أحزاب حركة التحرر في مواجهة سياسات التطبيع مع إسرائيل، والإنخراط في «تحالف أبراهام»، وتفعيل دور الأحزاب والمؤسسات الأهلية والثقافية والاتحادات العمالية والنسائية والشبابية والطلابية، في معركة فرض الحصار على الوجود الإسرائيلي في بلادها، وتعزيز سياسات المقاطعة بأشكالها المختلفة، السياسية والتجارية والرياضية والسياحية والثقافية وغيرها.
كما أكد المكتب السياسي على ضرورة العمل الدؤوب على تأطير الجاليات الفلسطينية في مؤسسات أهلية تنظم دورها، فبالتنظيم ترتقي جالياتنا الفلسطينية في أداء دورها النضالي جنباً إلى جنب من أبناء شعبنا الفلسطيني في كافة مناطق تواجده في شطري الوطن(67+48) وفي الشتات وبلاد المهجر■

9- ■ يؤكد المكتب السياسي أن الانقسام ما زال يعكس نفسه سلباً على الحالة الوطنية، ويشكل قوة شد عكسي للحركة الشعبية، يرسم عوائق أمام اتساع بناها وتأطيرها، والنجاح في توحيد ساحات المواجهة وجبهاتها، ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وينظر المكتب السياسي بقلق شديد إلى العوائق التي يزرعها فريقا الانقسام لتجاوز الحالة القائمة والتقدم على طريق استعادة الوحدة الداخلية، بما في ذلك العوائق الموضوعة أمام نجاح المبادرة الجزائرية الكريمة، والجهد المصري الشقيق، لتقليص مساحة الانقسام، والتقريب التدريجي بين طرفيه.
وفي هذا السياق، يرى المكتب السياسي أن مبادرته لإنهاء الانقسام بحلول وخطوات متوازنة ومتوازية، كما طرحها في 16/1/2022، ما زالت موضوعة على طاولة البحث، لأنها تنطلق من تقدير موضوعي ودقيق، لتوازن مصالح الطرفين في إطار الحرص على المصلحة الوطنية العامة، وأخذها بالاعتبار، والوصول إلى حلول توافقية، بديلاً لحلول المغالبة من الطرفين وكما تبدت في أوراق العمل التي تقدم بها كل منهما إلى الإخوة في الجزائر نهاية العام المنصرم.
ويشدد المكتب السياسي على أن إنهاء الانقسام يشكل شرطاً ضرورياً، لفتح الأبواب أمام إصلاح النظام السياسي الفلسطيني، وإعادة بنائه على أسس ديمقراطية وائتلافية تستلهم قيم ومعايير حركات التحرر في التاريخ النضالي للشعوب، وينقل العلاقة بين أطراف النظام السياسي من صراع بين السلطات، وصراع على السلطات، إلى صراع ضد الاحتلال ومشاريعه، وتوحيد المؤسسات الوطنية، وتعميق الوحدة الميدانية لشعبنا، وإزالة العوائق والعراقيل أمام تجديد إنطلاقة المقاومة الشعبية نحو انتفاضة وعلى طريق العصيان الوطني، في النضال المقدس من أجل الاستقلال الناجز والعودة ■

10- ■ وفي وقفة معمقة أمام تطورات الحالة الإسرائيلية، وانعكاسها على الأوضاع الفلسطينية وتداعياتها الإقليمية، رأى المكتب السياسي أن ما تشهده دولة الاحتلال من متغيرات، يشكل إنتقالاً من نظام ليبرالي، وإن إفتقد، إلى الديمقراطية بحكم سياسة التمييز العنصري التي كان يتبعها، إنما يستند في إدارته إلى السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية، والقضائية، إلى نظام سلطوي، عنصري متعصب، تلجأ فيه السلطة التنفيذية المتنفذة ممثلة بحكومة اليمين العنصري بنزوعه الفاشي، إلى تقليص صلاحيات السلطة القضائية، وتجريدها من عناصر قوتها، وتحويلها إلى سلطة ملحقة بالسلطة التنفيذية وتعمل على خدمتها، في الوقت نفسه، وبسبب من هيمنة السلطة التنفيذية على أكثرية السلطة التشريعية، فإن حالة محو الحدود الفاصلة ما بين السلطتين يعزز النزعة التسلطية، الفردية، لرئيس الحكومة، ولوزرائه المتنفذين، الذين يملكون القدرة على فرط الائتلاف الحكومي، وإفقاد نتنياهو للأكثرية.
وبالتالي فإن الصراع الدائر في إسرائيل، هو صراع على طبيعة الدولة ونوعية النظام، وليس مجرد صراع بين سلطة ومعارضة على الحكم، وهو صراع لا يقوم على أساس الإفتراق في النظر إلى الوجود الفلسطيني في إسرائيل، باعتباره حمولة زائدة تلجأ الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة إلى تهميشها بالقوانين والإجراءات، بما في ذلك إعدامها سياسياً، عبر المزيد من قوانين التمييز العنصري والتطهير العرقي؛ كما أنه لا يقوم على أساس الإفتراق في مقاربة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني المتمثلة بحقه في إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة، وفي إنتزاع حق العودة للاجئين.

■ وفي السياق نفسه، يرى المكتب السياسي أن المرحلة الجديدة من عمر النظام السياسي الإسرائيلي، عبر تعبيراته السياسية والحزبية والقانونية الجديدة، من شأنه أن يضع عموم الحالة الوطنية الفلسطينية أمام المجابهة الحاسمة التي ليس فيها ما يسمى بـ«الحلول الوسط»، أو «الحلول الانتقالية»، أو «الحلول بأفق سياسي»، فهذه كلها لا تعدو كونها مناورات مكشوفة لتمنح المشروع الإسرائيلي المزيد من الوقت، فضلاً عن السقف السياسي لتحقيق أهدافه، تحت مبدأ واضح وصريح يؤكد بكل فجاجة «أن فلسطين هي الوطن القومي لليهود حصراً»، ولا حق للفلسطينيين في هذه الأرض، وبالتالي لا حلول مطروحة في المدى المنظور للقضية الفلسطينية، فالجهد الإسرائيلي – الأميركي الآن، هو العمل على «إنهاء الصراع الإسرائيلي – العربي»، واعتبار «تحالفات أبراهام» هي العنوان للاستراتيجية السياسية الإسرائيلية – الأميركية في المنطقة، يشكل «منتدى النقب» كما تقول الأوساط السياسية والإعلامية الإسرائيلية «روح اتفاقات أبراهام». فمنتدى النقب هو الآلية المعتمدة حالياً لاستئناف مسار التطبيع في المنطقة العربية، إنما بدون مشاركة مباشرة من الأردن وفلسطين هذه المرة، وهو يستند إلى مخرجات عمل 6 لجان رئيسية هي: لجنة الأمن الإقليمي، ولجنة الأمن الغذائي، والمياه، ولجنة التعليم والتسامح، ولجنة البيئة، ولجنة السياحة، ولجنة الطاقة، ولجنة الصحة، وهي كلها عناوين لاستراتيجيات تقود إلى نشر وتعميق التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، ليس على المستوى الدبلوماسي فحسب، بل وتشرع الأبواب أمام التغلغل الإسرائيلي في تفاصيل النظام العربي، علماً أن منتدى النقب، والذي سيعقد اجتماعاً على مستوى وزراء الخارجية في المغرب، في آذار (مارس) القادم، يضم إلى جانب إسرائيل كلاً من مصر والإمارات والبحرين والمغرب والولايات المتحدة، التي تمارس ضغوطاً ثقيلة على الأردن للعودة إلى المنتدى، وعلى السلطة الفلسطينية للالتحاق هي الأخرى بالمشروع.

■ إن مثل هذه التقاطعات بين الانتقال الإسرائيلي إلى نظام آخر وبديل، تتراجع فيه الليبرالية لا يمكن الفصل بينه وبين الحاجة الأميركية إلى مشروع تحالفي إقليمي، يمكنها من إدامة الهيمنة والتفرد بإقليم الشرق الأوسط، في ظل الاستراتيجية العسكرية الجديدة لوزارة الدفاع الأميركية (تقليص الاعتماد على العنصر البشري الأميركي لصالح الاعتماد على الذكاء الاصطناعي والشراكات المحلية) وفي ظل الحرب الدائرة بين حلف الناتو وحلفائه من جهة، وروسيا من جهة أخرى، وفي ظل علاقات دولية تزداد توتراً، تلجأ فيها الولايات المتحدة إلى عسكرة العالم بعقد التحالفات العسكرية، وتعزيز القائم منها، ومضاعفة الموازنات العسكرية في تلك الدول التي تعتبر نفسها طرفاً في المواجهات العسكرية الدائرة فصولها حالياً في أوكرانيا بشكل خاص، كما هو الحال في ألمانيا، وتايوان، وكوريا الجنوبية، وأستراليا، والفلبين وغيرها من الدول التي تدور في فلك الولايات المتحدة وتحت هيمنتها ■

■   ■   ■

■ وفي الختام يتقدم المكتب السياسي من عموم أعضاء الجبهة ومنظماتها الجماهيرية وعموم أبناء شعبنا، بالتهاني الرفاقية بحلول العيد الـ54 للانطلاقة المجيدة للجبهة، في 22 شباط (فبراير) 1969، قدمت خلال عمرها الكفاحي التضحيات الواجب تقديمها والمساهمات النضالية، الميدانية والفكرية والسياسية في إغناء المشروع الوطني وتعزيزه، بقيادة م. ت. ف الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، داعياً إلى تحويل الاحتفالات بالعيد الـ54 إلى احتفالات شعبية وطنية، كما تقتضيها السياسة الوحدوية النضالية للجبهة على مدى زمنها الكفاحي.
كما يتقدم المكتب السياسي بخالص العزاء إلى شعب سوريا وقيادته، لما حل بالبلاد من كارثة إنسانية في زلزال مدمر، ذهب ضحيته الآلاف بين قتلى ومصابين، وشرد عشرات الآلاف من المواطنين، كما يخص أهلنا في المخيمات المتضررة بالعزاء، داعياً وكالة الغوث إلى تحمل مسؤولياتها الإنسانية الأخلاقية والقانونية في توفير كل ما يلزم لإغاثة المنكوبين، ومحو آثار الزلزال ■

النصف الأول في شباط (فبراير) 2023

أضف تعليق