بين تحقيق الذات والتحديات في رواية الأرملة
القدس(الاتجاه الديمقراطي)
رواية الأرملة للروائيين المقدسيين الشيخ جميل السلحوت وديمة السمان. إصدار مكتبة كل شيء حيفا، 2023، تنسيق شربل إلياس. تقع الرواية في 227 صفحة.
صور لنا الكاتبان جميل السلحوت وديمة السمان، في روايتهما، حياة الأرملة في المجتمع العربيّ، وما يواجهها من صعوبات وتحديّات ومضايقات ومعاناة، بل ونبذ من قبل النساء الصديقات والجارات خوفا من أن يقع أزواجهن في حبّ الأرملة.
ندى ووردة امرأتان فقدتا زوجيهما. وردة عاشت مع زوجها في حبّ وسعادة وهناء، لكنّ هذه السعادة لم تدم. توفي زوجها وهي في ريعان الشباب إثر جلطة قلبية حادّة، تاركًا لها طفلا وطفلة.
كانت وردة فائقة الجمال وكانت مدرسة للغة الانجليزيّة في مدرسة في القدس. بعد وفاة زوجها عرض عليها والد زوجها أن يزوّجها من ابنه عمر "سلفها"، لكنها رفضت وانتقلت للعيش مع أهلها في شعفاط، ورفضت الارتباط بأيّ رجل لمدة سبع سنوات.
خلال هذه السنوات التقت وردة بالمهندس سامر الذي أحبّها خلال فترة التعليم الجامعيّ، لكنه سافر للعمل في دول الخليج وبعد عدة سنوات عاد؛ ليجدها قد تزوجت من صديقه عودة. وعندما تقدّم لخطبتها رفضت. خلال هذه السنوات السبع تعرّضت وردة للكثير من المضايقات وتوالت عليها عروض الزواج من أشخاص يكبرونها بعشرات السنين، لكنها رفضت وأصرّت على تربية ولديها.
بعد ذلك عادت فكرة الزواج تداعب أفكارها، وحين تقدّم لها سامر مرّة أخرى بعد سبع سنوات من الانتظار وعدته بالتفكير جديّا في الموضوع.
أمّا ندى فقد عاشت حياة قاسية مع زوجها صخر، الذي كان يعنّفها ويضرب ابنته براء، وقد كاد مرّة أن يقضي عليها لولا تدخل الجيران أبو عارف وأمّ عارف. كلّ ذلك لأن الشاب أمير الذي يدرس معها في الجامعة تقدّم لخطبتها وقال لوالدها أنه يعرفها من الجامعة.
فقد صخر ابنه عميد بعد أن هبّ لنجدة والده من مجموعة من الأشخاص قدموا إلى كراج صخر، تعرّض عميد لضربة سكين على قلبه وخرّ صريعا. أمّا صخر فقد مات بعد أن سقط عن الدرج المعلّق في إحدى البنايات، حيث رافق صديقه عنان لرؤية البيت الجديد الذي اشتراه عنان في القدس. وقد نصح عنان صخرا بعدم الصعود إلى الدرج لكن صخرا لم يصغ له.
بعد موت صخر ابتدأت معاناة جديدة للأرملة ندى. تقول ندى لابنتها براء:" لم أعد أحتمل يا براء. كل من أتعامل معه ويعرف أنني أرملة إمّا أن يتعامل معي بشفقة جارحة، أو إذا كان رجلا أشعر أنه ينتظر فرصة؛ ليتجاوز حدوده معي، أمّا النساء المتزوجات فأشعر أنهنّ يتجنبنني ولا يتحمسن إلى بناء علاقة صداقة معي". ص 143.
قررت ندى الالتحاق بالجامعة المفتوحة، وتعلمت أيضا سياقة السيارة هي وابنتها براء، كما عملت ندى في حضانة للأطفال رغم أنها لا تحتاج للمال، إذ ترك لها زوجها إرثا كبيرا.
بدأت نساء الحيّ يحرضن أمّ عارف على ندى، وقد كانت تربطها بندى علاقة حميمة، وحين رأت أمّ عارف زوجها يصلح عطبا في عجل سيارة ندى ويوصلها وأولادها الى الروضة، قررت أن تقطع علاقتها مع ندى نهائيا خوفا على زوجها.
التقت ندى ووردة حين ذهبت ندى وبراء لتعزية المعلمة وردة" معلمة براء" لوفاة والدتها. توطدت عرى الصداقة بينهما وقررتا فتح حضانة حديثة حملت اسم "روضة التميّز والإبداع"، وقد تمّ توفير الزوايا التعليميّة والتربويّة المختلفة التي تسهم بتطوير ذكاء الطفل وتنمية مواهبه، وقد حظيت الروضة بإقبال كبير من قبل الأهالي.
تقدّم عنان مرّة أخرى لخطبة وردة، وقد تحدّث أولا مع ابنتها براء التي أجابته أن والدتها ترفض قطعيا الارتباط مرّة أخرى، لكنّ أمير خطيب براء شجّعها على التحدّث مع أمّها وتشجيعها على القبول، وهنا تقع براء في حيرة، من جهة هي تريد السعادة لأمّها، ومن جهة أخرى يصعب عليها تقبّل وجود رجل آخر في بيت أهلها بدلا من والدها. لكنّ صوت العقل غلب عاطفتها وحاولت إقناع والدتها. في بداية الأمر رفضت الأمّ عرض الزواج قائلة لابنتها:" لن أكون عبدة لأيّ رجل مرّة أخرى، أنا حرّة الآن، أعشق حريّتي لن أتخلّى عنها". ص 217.
انتهت الرواية بأن طلبت وردة من ابنتها أن تخبر عنان أنها تحتاج إلى شهر كي تردّ على طلبه. فتجيبها ابنتها:" أدري يا أمّي أنك ستختارين الأفضل لك ولأسرتك، خذي وقتك جميعنا ننتظر.
محاور مهمّة في الرواية:
• لا شك أن موضوع الأرملة وما تعانيه من تحديّات وصعوبات هو المحور الأهم الذي سلّط الكاتبان الضوء عليه مع تبيان أحكام الشرع في كل ما يتعلّق بحقوق الأرملة، ودحض السلوكيّات التي يتبّعها الناس عن جهل ودون دراية بأحكام الشرع. مثل خطبة الأرملة في فترة العدّة التي تستمر أربعة أشهر وعشرة أيام، ووفق الشرع يمكن خطبة الأرملة بعد انتهاء مدّة العدّة فقط. مع ذلك فقد بيّن الكاتبان قدرة المرأة (في هذه الحالة الأرملة) على التحدّي والصمود والمواجهة، وحرّيتها في امتلاك قراراتها بالزواج أو بعدمه، كذلك حريّتها في العمل، فنجاح مشروع الأرملتين وردة وندى دليل على قدرة الأرملة على التحدّي والنجاح والإبداع في العمل.
• قتل المرأة على ما يسمّى شرف العائلة دون الرجوع إلى أحكام الشرع. وقد جاء في الرواية أن امرأة قتلت لمجرّد أنها ابتسمت في وجه شخص اشترى منها بضاعة في السّوق، وقد قتلها أخوها دفاعا عن شرف العائلة- كما يدّعي- علما أنه لوطيّ ويتعاطى المخدرات. فهل يقتصر الشرف على المرأة دون الرجل؟ لقد بيّنت الرواية حكم الشرع في الزّاني والزّانية دون تفرقة بين رجل وامرأة. لكن للأسف مجتمعنا يقاضي المرأة فقط لمجرّد وجود شكوك دون وجود إثباتات دامغة كما يقتضي الشرع. كما أشارت الرواية إلى وجوب تشجيع النّساء لبعضهنّ البعض وعدم تصديق الشائعات التي تكون مغرضة ومجحفة بحق المرأة. للأسف هناك نساء يحاربن بعضهنّ البعض ويؤيدن قتل النساء على خلفيّة شرف العائلة. قالت إحدى المعلمات بعد أن قرأت عن خبر مقتل امرأة تعيل أبناءها الثلاثة:" من تفرّط في شرفها تستحقّ الموت. باقي المعلمات اعترضن على هذا الكلام:" لعن الله شرف المجرمين القتلة إن كان لديهم شرف". ص 80.
• تنتقد الرواية الدراما العربيّة التي تسيء للمرأة بشكل عام والمطلّقة والأرملة بشكل خاصّ:" في هذا المسلسل السخيف لماذا لم يجعل المخرج من الأرملة بطلة تتصدّى لكل العقبات وتتغلب على جميع التحديات وحدها؛ لتسجيل قصة نجاح؟ هذه المسلسلات بهذا الطرح الساذج ترسّخ المعتقدات البالية عند المجتمع وتثبّتها في عقول المشاهدين بدلا من تغيّيرها". ص 148.
• المضايقات التي يتعرّض لها سكّان القدس من قبل الجنود وإغلاق الحواجز وتعذيب الشباب وضربهم، فقد خلّص عنان فتى من أيدي الجنود الذين انهالوا عليه ضربا وتعذيبا وكانت النتيجة اعتقال عنان:" أسرة وردة الساكنة في شعفاط على بعد أقلّ من كيلومترين لم يسمح لها بالدخول إلى القدس. انتشرت الحواجز الشرطيّة عند بوابات المدينة المقدّسة، ولم تسمح بدخول القدس القديمة إلا لساكنيها". ص 19.
• الصراع القائم على القدس ومحاولة إسرائيل إضفاء الشرعية الدينية على القدس، في حين تثبت الحفريات أن آثار القدس شاهد على الحضارة الإسلامية المحضة بامتياز. ص 20.
• التضامن بين جميع سكان القدس وطوائفها:" إن بطاركة ومطارنة القدس أصدروا بيانا دعوا فيه إلى احترام دور العبادة في القدس، وأكّدوا أنّ المسجد الأقصى هو مكان عبادة مقدّس للمسلمين، ويجب احترام ذلك، واجتمعوا مع عدد من رجال الدين المسلمين". ص 21.
• عدم احترام كبار السن خلافا للعادات والتقاليد التي كانت متّبعة في المجتمع قبل سنوات:" أبو عبد الرحمن بقي نصف ساعة في شارع صلاح الدين في انتظار مركبة؛ لتقلّه إلى بيته في شعفاط دون فائدة، وعاد أبو عبد الرحمن إلى شبابه حين كان يلاطف الصغير ويحترم الكبير ويحمل له سلّة ملآى بأغراض البيت". ص 26.
• بناء مدارس وروضات توفر زوايا تعليمية وتربوية حديثة تسهم في تطوير ذكاء الطفل وتنمية مواهبه، وتلتزم بالمنهاج الفلسطيني الذي يحاربه الاحتلال الاسرائيلي.
• تسليط الضوء على علاقة الصداقة التي ربطت الأمّ ندى بابنتها براء، وهي بلا شك نموذج للعلاقات التربوية السليمة في الأسرة.
أسلوب السرد:
تنقسم الرواية إلى ثلاثة فصول: الفصل الأول يتحدّث عن وردة، الفصل الثاني يتحدّث عن ندى، الفصل الثالث ندى ووردة. يبدو السرد في الفصول الثلاثة متنوّعًا بين السرد الذاتي لشخصيات الرواية وسرد الراوي، وهو تكنيك تميّز به تيّار الوعي، وهو يمزج سمات الكلام المباشر مع الكلام غير المباشر، وصوت الراوي مع صوت الشخصيّة، فبدلًا من أن يظهر في النصّ متكلّم واحد (الراوي أو الشخصيّة)، يمتزج فيه متكلّم ظاهر ومتكلّم خفيّ الأوّل هو الراوي؛ والثاني هو الشخصيّة. ويظهر الصوت الخفيّ للشّخصيّة ويشارك الصوت الظّاهر سيطرته على النص. وأحيانًا يكون الصوت الخفيّ هو المتكلّم الرئيس وتشكّل تقنيّات الاسترجاع والأحلام والهذيان والمناجاة وغيرها خلفيّة هامّة للسّرد، فتتداخل الأزمنة والأمكنة، ويتداخل الواقع بحلم اليقظة( غنايم، 1992، ص17). كما في المثال التالي:" وقفت تحت رشاش الماء تستحم والفرحة تغمرها، الماء ينساب من الصنوبر الذي يعلوها، يمرّ على رأسها وينحدر بفوضى عارمة على جسدها... ما لبثت أن طردت الفكرة من رأسها وهي تقول" العجلة من الشيطان". فقالت سأستحمّ وسأرتدي أجمل الثياب سأعمل تسريحة الشعر التي يحبّها.....( ص 7).
وقد وظّفت في الرواية تقنيّات سرديّة حديثة أخرى، مثل: التذكُّر، التداعي، والحوار الداخليّ. وقد مُزج بين هذه التقنيّات التي أسهمت في استبطان العالم الداخليّ للشخصيّة المحوريّة وتصويره. ومن الأمثلة على التداعي والاستذكار ما يلي:" استذكر عبد الرحمن في طريق عودته اليوم الذي استشهد فيه القائد عبد القادر الحسيني في معركة القسطل. تذكّر مذبجة دير ياسين التي حدثت في اليوم الثاني لاستشهاد البيك....". ص 28.
" عادت الذاكرة بسامر إلى أيام دراسته الجامعيّة كان في السنة الثالثة الجامعية عندما التحقت وردة بالجامعة، وكيف لفتت انتباهه بسحر جمالها".ص 50.
" في مخدعها سرحت وردة بذكرياتها عن رحلة الطفولة، استعادت صورة عودة وسامر وهما يعترضان طريقها دون إزعاج، ضحكت عندما تذكّرت عودة يصطدم بعامود هاتف منصوب على حافّة الرصيف وهو ينظر إليها". ص 50-51.
المونولوج في الرواية:
يُعرّف المونولوج على أنه "نقل لكلام توجّهه إحدى الشخصيّات لنفسها. الضمير المسيطر عليه هو المتكلّم، وله مقدّمة غالبًا ما تشتمل على ضمير الذات" قال في نفسه"، "خاطب نفسه"،( القواسمة، 2006، ص 185): ويُعدّ استخدام تقنيّة المونولوج والكشف عن مكنونات النفس، وما يعتريها من مشاعر واحدة من تقنيّات رواية التيّار، التي تُعنى بتقديم الخارج من خلال الداخل؛ أي من داخل الشخصيّة وليس من خارجها، وهو نوع من أنواع الصوت المتداخل الذي يقدّم، كذلك، داخليّة (وعي) الشخصيّة من الداخل.(غنايم، محمود، تيّار الوعي في الرّواية العربيّة: دراسة أسلوبيّة، بيروت، دار الجيل، القاهرة، دار الهدى، ط2، 1414هـ-1993م).
وردت في الرواية مقاطع كثيرة من المونولوج، كما في الأمثلة التالية:" حدّثت براء نفسها:" لا أنا لست أنانية، أنا حاولت اقناعها بشكل جدّي وأنا أوّل من سأفرح لزواجها من العمّ عنان". ص223 .
فسمعت صوتا داخلها يقول:" شتّان ما بين صخر وعنان، فهما شخصيتان مختلفتان، عنان إنسان حسّاس وراقٍ، في تعامله مع المجتمع، لقد لمست ذلك يا ندى فلماذا لا تعطي نفسك فرصة أخرى قد تعوّضك عن كل عذابات حياتك". ص 219
اللغة في الرواية:
تشكّل اللغة في الرواية الجانب الأساسيّ في رسالة الإبلاغ، وتتفاوت مستويات اللغة في السرد بتنوُّع الشخصيّات فيه، وبهذا يكون على الكاتب الروائيّ استخدام جملة من المستويات اللغويّة التي تناسب أوضاع الشخصيّة الثقافيّة والاجتماعيّة والفكريّة، فقد تتضمّن الرواية العالم والطبيب والسياسيّ والعامل والسائق ورجل الأعمال الخ...، وعلى الكاتب استخدام اللغة التي تليق بكلّ من هذه الشخصيّات. وقد اجتهد بعضٌ من الروائيّين في تطويع اللغة؛ لجعلها لغة الحياة العامّة والحياة اليوميّة في أبسط مستوياتها وأدناها، وفي استخدام بعضٍ من الألفاظ من الحياة اليوميّة "مرتاض،1998، ص.111".
استخدم الكاتبان في روايتهما، لغة مكتنزة بالصور والمشاعر، تختلط فيها اللغة الفصحى باللغة المحكيّة؛ لتبدو واقعيّة في تصويرها مشاعر شخصيّات الرواية. كما في الاقتباس التالي حين التقى أبو عوف مع جندي إسرائيلي: خج انت فين بروخ؟ شو بسوي هون؟ هات هويّة! ردّ عليه أبو عوف: انقلع يا ولد من أمامي.
- -خج انت واحد مجنون
قال عبد الرحمن غاضبا: وجع يخلع نيعك ونيع اللي خلفوك، جنون يضربك انت واللي ربوك.
قالت وردة:" ربنا يقطع البنات ويقطع عيشتهن". ص 51.
وفي مثال آخر:" يا قليلات الأصل والله كندرتها أشرف منكن". ص 70.
كما ورد في الرواية العديد من التناص المأخوذ من التاريخ والتراث والدين. فمن القرآن اقتبست أيات عديدة عن حكم الشرع في الأرملة . كما في الآية التالية:" والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا. فإذا بلغن أجلهنّ فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهنّ بالمعروف والله بما تعملون خبير(سورة البقرة: آية 234) ص 18.
كما وردت الكثير من الأمثلة الشعبيّة مثل: "جينا تنكحلها خلعنا عينيها". ص 61. :" يا طبّال حط في طبلك". ص70. :" اعمل خير وارمي في البحر". ص 69.:" بوس اليدين ضحك على اللحى". ص 56. :" جمل مطرح جمل برخ". ص 60. :" كل فولة ولها كيّال". ص 37. :" عزوبية دهر ولا رملة شهر". ص 39 .:" ظل راجل ولا ظل حيطة". ص 146. وغيرها الكثير.
كما استخدم الكاتبان التناص من كلمات الشاعرة فدوى طوقان:" أنا فراشة الحريّة، أنا عاشقة الحريّة، لا عاشقة الأزهار والمصابيح". ص 218. كما ورد ذكر شهريار:" حب شهريار الشرقي مرادف لامتلاك المحبوب. لن أعود عبدة لشهريار". ص 219.
إجمال:
رواية الأرملة للروائيين جميل السلحوت وديمة السمّان، رواية اجتماعيّة توعويّة بامتياز، سلّط الكاتبان فيها الضوء على مواضيع هامّة تتعلّق بالمرأة الأرملة، حقوقها، واجباتها، العقبات التي تعترضها، نظرة المجتمع لها وما إلى ذلك، وإظهار القوانين الشرعيّة المتعلّقة بالأرملة بالاعتماد على آيات قرآنية. وأن وفاة الزوج لا يعني قتل المرأة في الحياة، وإنما حقّها العيش بكرامة والتعليم والعمل وتحقيق الأحلام.
من خلال هذه الرواية أظهر الكاتبان معاناة سكان القدس في ظل وجود جنود وحواجز وتفتيش وتضييق الخناق على المواطنين، وأكّدا على ضرورة التآخي بين جميع سكّان القدس باختلاف طوائفهم، والعناية بالتعليم وبناء مؤسسات تعليمية حديثة تساهم في تطوير ذكاء الأطفال وتطوير شخصياتهم.
ظهر في أسلوب الكاتبين تقنيات روائية تعتبر من سمات الحداثة مثل: المونولوج( الحوار الداخلي) تعدّد الرواة، الاستذكار والاسترجاع، والتناص، كلّ ذلك بأسلوب شائق ولغة جميلة شاعريّة وأخرى واقعيّة.
رواية الأرملة للروائيين المقدسيين الشيخ جميل السلحوت وديمة السمان. إصدار مكتبة كل شيء حيفا، 2023، تنسيق شربل إلياس. تقع الرواية في 227 صفحة.
صور لنا الكاتبان جميل السلحوت وديمة السمان، في روايتهما، حياة الأرملة في المجتمع العربيّ، وما يواجهها من صعوبات وتحديّات ومضايقات ومعاناة، بل ونبذ من قبل النساء الصديقات والجارات خوفا من أن يقع أزواجهن في حبّ الأرملة.
ندى ووردة امرأتان فقدتا زوجيهما. وردة عاشت مع زوجها في حبّ وسعادة وهناء، لكنّ هذه السعادة لم تدم. توفي زوجها وهي في ريعان الشباب إثر جلطة قلبية حادّة، تاركًا لها طفلا وطفلة.
كانت وردة فائقة الجمال وكانت مدرسة للغة الانجليزيّة في مدرسة في القدس. بعد وفاة زوجها عرض عليها والد زوجها أن يزوّجها من ابنه عمر "سلفها"، لكنها رفضت وانتقلت للعيش مع أهلها في شعفاط، ورفضت الارتباط بأيّ رجل لمدة سبع سنوات.
خلال هذه السنوات التقت وردة بالمهندس سامر الذي أحبّها خلال فترة التعليم الجامعيّ، لكنه سافر للعمل في دول الخليج وبعد عدة سنوات عاد؛ ليجدها قد تزوجت من صديقه عودة. وعندما تقدّم لخطبتها رفضت. خلال هذه السنوات السبع تعرّضت وردة للكثير من المضايقات وتوالت عليها عروض الزواج من أشخاص يكبرونها بعشرات السنين، لكنها رفضت وأصرّت على تربية ولديها.
بعد ذلك عادت فكرة الزواج تداعب أفكارها، وحين تقدّم لها سامر مرّة أخرى بعد سبع سنوات من الانتظار وعدته بالتفكير جديّا في الموضوع.
أمّا ندى فقد عاشت حياة قاسية مع زوجها صخر، الذي كان يعنّفها ويضرب ابنته براء، وقد كاد مرّة أن يقضي عليها لولا تدخل الجيران أبو عارف وأمّ عارف. كلّ ذلك لأن الشاب أمير الذي يدرس معها في الجامعة تقدّم لخطبتها وقال لوالدها أنه يعرفها من الجامعة.
فقد صخر ابنه عميد بعد أن هبّ لنجدة والده من مجموعة من الأشخاص قدموا إلى كراج صخر، تعرّض عميد لضربة سكين على قلبه وخرّ صريعا. أمّا صخر فقد مات بعد أن سقط عن الدرج المعلّق في إحدى البنايات، حيث رافق صديقه عنان لرؤية البيت الجديد الذي اشتراه عنان في القدس. وقد نصح عنان صخرا بعدم الصعود إلى الدرج لكن صخرا لم يصغ له.
بعد موت صخر ابتدأت معاناة جديدة للأرملة ندى. تقول ندى لابنتها براء:" لم أعد أحتمل يا براء. كل من أتعامل معه ويعرف أنني أرملة إمّا أن يتعامل معي بشفقة جارحة، أو إذا كان رجلا أشعر أنه ينتظر فرصة؛ ليتجاوز حدوده معي، أمّا النساء المتزوجات فأشعر أنهنّ يتجنبنني ولا يتحمسن إلى بناء علاقة صداقة معي". ص 143.
قررت ندى الالتحاق بالجامعة المفتوحة، وتعلمت أيضا سياقة السيارة هي وابنتها براء، كما عملت ندى في حضانة للأطفال رغم أنها لا تحتاج للمال، إذ ترك لها زوجها إرثا كبيرا.
بدأت نساء الحيّ يحرضن أمّ عارف على ندى، وقد كانت تربطها بندى علاقة حميمة، وحين رأت أمّ عارف زوجها يصلح عطبا في عجل سيارة ندى ويوصلها وأولادها الى الروضة، قررت أن تقطع علاقتها مع ندى نهائيا خوفا على زوجها.
التقت ندى ووردة حين ذهبت ندى وبراء لتعزية المعلمة وردة" معلمة براء" لوفاة والدتها. توطدت عرى الصداقة بينهما وقررتا فتح حضانة حديثة حملت اسم "روضة التميّز والإبداع"، وقد تمّ توفير الزوايا التعليميّة والتربويّة المختلفة التي تسهم بتطوير ذكاء الطفل وتنمية مواهبه، وقد حظيت الروضة بإقبال كبير من قبل الأهالي.
تقدّم عنان مرّة أخرى لخطبة وردة، وقد تحدّث أولا مع ابنتها براء التي أجابته أن والدتها ترفض قطعيا الارتباط مرّة أخرى، لكنّ أمير خطيب براء شجّعها على التحدّث مع أمّها وتشجيعها على القبول، وهنا تقع براء في حيرة، من جهة هي تريد السعادة لأمّها، ومن جهة أخرى يصعب عليها تقبّل وجود رجل آخر في بيت أهلها بدلا من والدها. لكنّ صوت العقل غلب عاطفتها وحاولت إقناع والدتها. في بداية الأمر رفضت الأمّ عرض الزواج قائلة لابنتها:" لن أكون عبدة لأيّ رجل مرّة أخرى، أنا حرّة الآن، أعشق حريّتي لن أتخلّى عنها". ص 217.
انتهت الرواية بأن طلبت وردة من ابنتها أن تخبر عنان أنها تحتاج إلى شهر كي تردّ على طلبه. فتجيبها ابنتها:" أدري يا أمّي أنك ستختارين الأفضل لك ولأسرتك، خذي وقتك جميعنا ننتظر.
محاور مهمّة في الرواية:
• لا شك أن موضوع الأرملة وما تعانيه من تحديّات وصعوبات هو المحور الأهم الذي سلّط الكاتبان الضوء عليه مع تبيان أحكام الشرع في كل ما يتعلّق بحقوق الأرملة، ودحض السلوكيّات التي يتبّعها الناس عن جهل ودون دراية بأحكام الشرع. مثل خطبة الأرملة في فترة العدّة التي تستمر أربعة أشهر وعشرة أيام، ووفق الشرع يمكن خطبة الأرملة بعد انتهاء مدّة العدّة فقط. مع ذلك فقد بيّن الكاتبان قدرة المرأة (في هذه الحالة الأرملة) على التحدّي والصمود والمواجهة، وحرّيتها في امتلاك قراراتها بالزواج أو بعدمه، كذلك حريّتها في العمل، فنجاح مشروع الأرملتين وردة وندى دليل على قدرة الأرملة على التحدّي والنجاح والإبداع في العمل.
• قتل المرأة على ما يسمّى شرف العائلة دون الرجوع إلى أحكام الشرع. وقد جاء في الرواية أن امرأة قتلت لمجرّد أنها ابتسمت في وجه شخص اشترى منها بضاعة في السّوق، وقد قتلها أخوها دفاعا عن شرف العائلة- كما يدّعي- علما أنه لوطيّ ويتعاطى المخدرات. فهل يقتصر الشرف على المرأة دون الرجل؟ لقد بيّنت الرواية حكم الشرع في الزّاني والزّانية دون تفرقة بين رجل وامرأة. لكن للأسف مجتمعنا يقاضي المرأة فقط لمجرّد وجود شكوك دون وجود إثباتات دامغة كما يقتضي الشرع. كما أشارت الرواية إلى وجوب تشجيع النّساء لبعضهنّ البعض وعدم تصديق الشائعات التي تكون مغرضة ومجحفة بحق المرأة. للأسف هناك نساء يحاربن بعضهنّ البعض ويؤيدن قتل النساء على خلفيّة شرف العائلة. قالت إحدى المعلمات بعد أن قرأت عن خبر مقتل امرأة تعيل أبناءها الثلاثة:" من تفرّط في شرفها تستحقّ الموت. باقي المعلمات اعترضن على هذا الكلام:" لعن الله شرف المجرمين القتلة إن كان لديهم شرف". ص 80.
• تنتقد الرواية الدراما العربيّة التي تسيء للمرأة بشكل عام والمطلّقة والأرملة بشكل خاصّ:" في هذا المسلسل السخيف لماذا لم يجعل المخرج من الأرملة بطلة تتصدّى لكل العقبات وتتغلب على جميع التحديات وحدها؛ لتسجيل قصة نجاح؟ هذه المسلسلات بهذا الطرح الساذج ترسّخ المعتقدات البالية عند المجتمع وتثبّتها في عقول المشاهدين بدلا من تغيّيرها". ص 148.
• المضايقات التي يتعرّض لها سكّان القدس من قبل الجنود وإغلاق الحواجز وتعذيب الشباب وضربهم، فقد خلّص عنان فتى من أيدي الجنود الذين انهالوا عليه ضربا وتعذيبا وكانت النتيجة اعتقال عنان:" أسرة وردة الساكنة في شعفاط على بعد أقلّ من كيلومترين لم يسمح لها بالدخول إلى القدس. انتشرت الحواجز الشرطيّة عند بوابات المدينة المقدّسة، ولم تسمح بدخول القدس القديمة إلا لساكنيها". ص 19.
• الصراع القائم على القدس ومحاولة إسرائيل إضفاء الشرعية الدينية على القدس، في حين تثبت الحفريات أن آثار القدس شاهد على الحضارة الإسلامية المحضة بامتياز. ص 20.
• التضامن بين جميع سكان القدس وطوائفها:" إن بطاركة ومطارنة القدس أصدروا بيانا دعوا فيه إلى احترام دور العبادة في القدس، وأكّدوا أنّ المسجد الأقصى هو مكان عبادة مقدّس للمسلمين، ويجب احترام ذلك، واجتمعوا مع عدد من رجال الدين المسلمين". ص 21.
• عدم احترام كبار السن خلافا للعادات والتقاليد التي كانت متّبعة في المجتمع قبل سنوات:" أبو عبد الرحمن بقي نصف ساعة في شارع صلاح الدين في انتظار مركبة؛ لتقلّه إلى بيته في شعفاط دون فائدة، وعاد أبو عبد الرحمن إلى شبابه حين كان يلاطف الصغير ويحترم الكبير ويحمل له سلّة ملآى بأغراض البيت". ص 26.
• بناء مدارس وروضات توفر زوايا تعليمية وتربوية حديثة تسهم في تطوير ذكاء الطفل وتنمية مواهبه، وتلتزم بالمنهاج الفلسطيني الذي يحاربه الاحتلال الاسرائيلي.
• تسليط الضوء على علاقة الصداقة التي ربطت الأمّ ندى بابنتها براء، وهي بلا شك نموذج للعلاقات التربوية السليمة في الأسرة.
أسلوب السرد:
تنقسم الرواية إلى ثلاثة فصول: الفصل الأول يتحدّث عن وردة، الفصل الثاني يتحدّث عن ندى، الفصل الثالث ندى ووردة. يبدو السرد في الفصول الثلاثة متنوّعًا بين السرد الذاتي لشخصيات الرواية وسرد الراوي، وهو تكنيك تميّز به تيّار الوعي، وهو يمزج سمات الكلام المباشر مع الكلام غير المباشر، وصوت الراوي مع صوت الشخصيّة، فبدلًا من أن يظهر في النصّ متكلّم واحد (الراوي أو الشخصيّة)، يمتزج فيه متكلّم ظاهر ومتكلّم خفيّ الأوّل هو الراوي؛ والثاني هو الشخصيّة. ويظهر الصوت الخفيّ للشّخصيّة ويشارك الصوت الظّاهر سيطرته على النص. وأحيانًا يكون الصوت الخفيّ هو المتكلّم الرئيس وتشكّل تقنيّات الاسترجاع والأحلام والهذيان والمناجاة وغيرها خلفيّة هامّة للسّرد، فتتداخل الأزمنة والأمكنة، ويتداخل الواقع بحلم اليقظة( غنايم، 1992، ص17). كما في المثال التالي:" وقفت تحت رشاش الماء تستحم والفرحة تغمرها، الماء ينساب من الصنوبر الذي يعلوها، يمرّ على رأسها وينحدر بفوضى عارمة على جسدها... ما لبثت أن طردت الفكرة من رأسها وهي تقول" العجلة من الشيطان". فقالت سأستحمّ وسأرتدي أجمل الثياب سأعمل تسريحة الشعر التي يحبّها.....( ص 7).
وقد وظّفت في الرواية تقنيّات سرديّة حديثة أخرى، مثل: التذكُّر، التداعي، والحوار الداخليّ. وقد مُزج بين هذه التقنيّات التي أسهمت في استبطان العالم الداخليّ للشخصيّة المحوريّة وتصويره. ومن الأمثلة على التداعي والاستذكار ما يلي:" استذكر عبد الرحمن في طريق عودته اليوم الذي استشهد فيه القائد عبد القادر الحسيني في معركة القسطل. تذكّر مذبجة دير ياسين التي حدثت في اليوم الثاني لاستشهاد البيك....". ص 28.
" عادت الذاكرة بسامر إلى أيام دراسته الجامعيّة كان في السنة الثالثة الجامعية عندما التحقت وردة بالجامعة، وكيف لفتت انتباهه بسحر جمالها".ص 50.
" في مخدعها سرحت وردة بذكرياتها عن رحلة الطفولة، استعادت صورة عودة وسامر وهما يعترضان طريقها دون إزعاج، ضحكت عندما تذكّرت عودة يصطدم بعامود هاتف منصوب على حافّة الرصيف وهو ينظر إليها". ص 50-51.
المونولوج في الرواية:
يُعرّف المونولوج على أنه "نقل لكلام توجّهه إحدى الشخصيّات لنفسها. الضمير المسيطر عليه هو المتكلّم، وله مقدّمة غالبًا ما تشتمل على ضمير الذات" قال في نفسه"، "خاطب نفسه"،( القواسمة، 2006، ص 185): ويُعدّ استخدام تقنيّة المونولوج والكشف عن مكنونات النفس، وما يعتريها من مشاعر واحدة من تقنيّات رواية التيّار، التي تُعنى بتقديم الخارج من خلال الداخل؛ أي من داخل الشخصيّة وليس من خارجها، وهو نوع من أنواع الصوت المتداخل الذي يقدّم، كذلك، داخليّة (وعي) الشخصيّة من الداخل.(غنايم، محمود، تيّار الوعي في الرّواية العربيّة: دراسة أسلوبيّة، بيروت، دار الجيل، القاهرة، دار الهدى، ط2، 1414هـ-1993م).
وردت في الرواية مقاطع كثيرة من المونولوج، كما في الأمثلة التالية:" حدّثت براء نفسها:" لا أنا لست أنانية، أنا حاولت اقناعها بشكل جدّي وأنا أوّل من سأفرح لزواجها من العمّ عنان". ص223 .
فسمعت صوتا داخلها يقول:" شتّان ما بين صخر وعنان، فهما شخصيتان مختلفتان، عنان إنسان حسّاس وراقٍ، في تعامله مع المجتمع، لقد لمست ذلك يا ندى فلماذا لا تعطي نفسك فرصة أخرى قد تعوّضك عن كل عذابات حياتك". ص 219
اللغة في الرواية:
تشكّل اللغة في الرواية الجانب الأساسيّ في رسالة الإبلاغ، وتتفاوت مستويات اللغة في السرد بتنوُّع الشخصيّات فيه، وبهذا يكون على الكاتب الروائيّ استخدام جملة من المستويات اللغويّة التي تناسب أوضاع الشخصيّة الثقافيّة والاجتماعيّة والفكريّة، فقد تتضمّن الرواية العالم والطبيب والسياسيّ والعامل والسائق ورجل الأعمال الخ...، وعلى الكاتب استخدام اللغة التي تليق بكلّ من هذه الشخصيّات. وقد اجتهد بعضٌ من الروائيّين في تطويع اللغة؛ لجعلها لغة الحياة العامّة والحياة اليوميّة في أبسط مستوياتها وأدناها، وفي استخدام بعضٍ من الألفاظ من الحياة اليوميّة "مرتاض،1998، ص.111".
استخدم الكاتبان في روايتهما، لغة مكتنزة بالصور والمشاعر، تختلط فيها اللغة الفصحى باللغة المحكيّة؛ لتبدو واقعيّة في تصويرها مشاعر شخصيّات الرواية. كما في الاقتباس التالي حين التقى أبو عوف مع جندي إسرائيلي: خج انت فين بروخ؟ شو بسوي هون؟ هات هويّة! ردّ عليه أبو عوف: انقلع يا ولد من أمامي.
- -خج انت واحد مجنون
قال عبد الرحمن غاضبا: وجع يخلع نيعك ونيع اللي خلفوك، جنون يضربك انت واللي ربوك.
قالت وردة:" ربنا يقطع البنات ويقطع عيشتهن". ص 51.
وفي مثال آخر:" يا قليلات الأصل والله كندرتها أشرف منكن". ص 70.
كما ورد في الرواية العديد من التناص المأخوذ من التاريخ والتراث والدين. فمن القرآن اقتبست أيات عديدة عن حكم الشرع في الأرملة . كما في الآية التالية:" والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا. فإذا بلغن أجلهنّ فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهنّ بالمعروف والله بما تعملون خبير(سورة البقرة: آية 234) ص 18.
كما وردت الكثير من الأمثلة الشعبيّة مثل: "جينا تنكحلها خلعنا عينيها". ص 61. :" يا طبّال حط في طبلك". ص70. :" اعمل خير وارمي في البحر". ص 69.:" بوس اليدين ضحك على اللحى". ص 56. :" جمل مطرح جمل برخ". ص 60. :" كل فولة ولها كيّال". ص 37. :" عزوبية دهر ولا رملة شهر". ص 39 .:" ظل راجل ولا ظل حيطة". ص 146. وغيرها الكثير.
كما استخدم الكاتبان التناص من كلمات الشاعرة فدوى طوقان:" أنا فراشة الحريّة، أنا عاشقة الحريّة، لا عاشقة الأزهار والمصابيح". ص 218. كما ورد ذكر شهريار:" حب شهريار الشرقي مرادف لامتلاك المحبوب. لن أعود عبدة لشهريار". ص 219.
إجمال:
رواية الأرملة للروائيين جميل السلحوت وديمة السمّان، رواية اجتماعيّة توعويّة بامتياز، سلّط الكاتبان فيها الضوء على مواضيع هامّة تتعلّق بالمرأة الأرملة، حقوقها، واجباتها، العقبات التي تعترضها، نظرة المجتمع لها وما إلى ذلك، وإظهار القوانين الشرعيّة المتعلّقة بالأرملة بالاعتماد على آيات قرآنية. وأن وفاة الزوج لا يعني قتل المرأة في الحياة، وإنما حقّها العيش بكرامة والتعليم والعمل وتحقيق الأحلام.
من خلال هذه الرواية أظهر الكاتبان معاناة سكان القدس في ظل وجود جنود وحواجز وتفتيش وتضييق الخناق على المواطنين، وأكّدا على ضرورة التآخي بين جميع سكّان القدس باختلاف طوائفهم، والعناية بالتعليم وبناء مؤسسات تعليمية حديثة تساهم في تطوير ذكاء الأطفال وتطوير شخصياتهم.
ظهر في أسلوب الكاتبين تقنيات روائية تعتبر من سمات الحداثة مثل: المونولوج( الحوار الداخلي) تعدّد الرواة، الاستذكار والاسترجاع، والتناص، كلّ ذلك بأسلوب شائق ولغة جميلة شاعريّة وأخرى واقعيّة.
أضف تعليق