في ظل استمرار الأزمات العالمية.. هل تستمر موجة التضخم في 2023؟
غزة(الاتجاه الديمقراطي)
لم يكن عام 2022 سعيدًا لغالبية اقتصاديات العالم، المتقدمة منها والنامية على حد سواء، فالجميع عانى من معدلات التضخم التي يمر بها الاقتصاد العالمي منذ عقود، خاصة الدول المتقدمة؛ ومنها: أميركا والاتحاد الأوروبي، حيث اقتربت معدلات التضخم من 10% خلال شهور 2022.
وهو ما جعل صندوق النقد الدولي يصدر رؤية تشاؤمية بشأن معدلات التضخم في الاقتصاد العالمي، ففي تقريره الدوري بعنوان "آفاق الاقتصاد العالمي أكتوبر 2022″، ذهب التقرير إلى أن معدلات التضخم عام 2021 بلغت 4.7%، ويتوقع أن ترتفع إلى 8.8% عام 2022، أي أن التضخم تضاعف في عامين، وعن توقعات 2023 يقدّر التقرير أن تكون بحدود 6.5%، وعلى أن تتراجع لما كانت عليه في عام 2024 لتصل إلى 4.1%.
الحصاد المر للحرب الروسية على أوكرانيا
في أسرع مؤشراتها السلبية على الاقتصاد العالمي، أدّت الحرب الروسية على أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية لتتجاوز 120 دولارًا للبرميل، ثم بدأت في التراجع بعد يونيو/تموز 2022، إلا أنه لا يزال يكتنفها الغموض، على الرغم من وصولها لسقف 80 دولارًا للبرميل.
وقد صاحب أزمة الطاقة ارتفاع أسعار الغذاء في السوق الدولية؛ بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، لكون الدولتين مصدّرتين للنفط والغذاء، وتسبّب تأخر حركة السفن من البلدين، في حدوث أزمة حقيقية، أضرت بالعديد من الدول النامية والأقل نموًا.
ولذلك شهدت الموازنات العامة لكثير من الدول عمليات إرباك، لمحاولات التأقلم مع مستجدات التضخم، التي ضربت كل النشاطات والقطاعات الاقتصادية.
وهنا برزت أهمية أن يكون لدى اقتصاديات الدول رصيد من الاعتماد على الذات تنمويًا، ووجود خطة بديلة لتوفير نسب عالية من السلع، التي يتم الاعتماد عليها من خلال الاستيراد.
الدول النامية تدفع الثمن
في ضوء ارتفاع معدلات التضخم عالميًا، تحمّلت الدول النامية موجة إضافية في إطار ما يُعرف بالتضخم المستورد، بسبب اعتماد الدول النامية والأقل نموًا على استيراد العديد من السلع الاساسية من الخارج، لذلك عانت غالبية الدول العربية من ارتفاع معدلات التضخم خلال عام 2022، وقد يكون انخفاض أسعار النفط في السوق الدولي مؤخرًا أسهم في تخفيض معدلات التضخم خلال عام 2023.
خاصة أن انخفاض سعر النفط مصحوبًا بانفراجة ملموسة في خروج السلع الغذائية والنفط من أوكرانيا وروسيا، حسب اتفاق إسطنبول، الذي بموجبه توصّلت تركيا وروسيا وأوكرانيا تحت رعاية الأمم المتحدة، على تأمين خروج السفن المحملة بالنفط والغذاء إلى كل دول العالم، بل طالبت روسيا بأن تشمل الاتفاقية سلعًا أخرى.
ومن الملامح البارزة لعام 2022، تلك السياسة النقدية التي اتبعتها أميركا من ارتفاع سعر الفائدة لتكون بحدود 4.5%، وهو ما أدى إلى ارتفاع قيمة الدولار أمام جميع العملات للدول الأخرى، وهو ما استجلب ارتفاع التضخم بسبب انخفاض قيمة العملات المحلية في العديد من الدول النامية، وهو ما حدث في العديد من دول المنطقة؛ مثل: مصر وتونس وسوريا ولبنان.
الحماية الاجتماعية
مع ارتفاع موجة التضخم في كل الاقتصاديات المختلفة، حظي المواطن في الدول المتقدمة، مثل: أميركا والاتحاد الأوروبي بحماية اجتماعية، خفّفت إلى حد ما التداعيات السلبية للأزمة، مثل: وضع سقف لارتفاع أسعار الطاقة، أو فرض ضرائب على شركات الطاقة الكبرى، لتخفيف العبء على باقي شرائح المجتمع.
ولكن في الدول النامية، ومن بينها الدول العربية، لم يتوفر هذا الغطاء من الحماية الاجتماعية، فواجه المواطن بتلك الدول موجة التضخم في إطار إمكاناته الفردية، ولم يجد من الحكومات سوى التعلق بشماعة الأزمات الدولية.
وعلينا أن نستوعب ما تسببت فيه موجة التضخم من آثار على الأوضاع السياسية في أميركا، على الرغم من سعي الحكومة هناك لتخفيف آثار موجة التضخم، فعاقب المواطن الأميركي حكومة الديمقراطيين بقيادة بايدن، بفقدان الأغلبية في مجلس النواب.
أما مواطنو الدول النامية، فلم تمكّنهم أدوات السياسة من فعل شيء تجاه حكوماتهم، وثمة مطالب في العديد من الدول النامية، بتحرك الحكومات لتخفيض الأسعار، بعد أن هدأت إلى حد ما أسعار النفط في السوق الدولية، وكذلك أسعار الغذاء.
مستقبل التضخم
كما ذكرنا أعلاه من تقديرات لصندوق النقد الدولي، لأن يكون معدل التضخم عند 6.5% في عام 2023، أي بانخفاض بحدود 2.3%، ولكن هذا مشروط باستمرار الجهود المبذولة لانخفاض سعر الطاقة والغذاء.
وأي هزة أو تغيّر يتعلق بتصعيد في الحرب الروسية على أوكرانيا، أو إخلال باتفاقية إسطنبول لتصدير النفط والغذاء من روسيا وأوكرانيا، سيعود بنا إلى موجة تضخمية عالية، وهو ما يعني أن احتمالات انخفاض معدلات التضخم في العامين المقبلين 2023 و2024، ستكون هشة، ومرتبطة بأجواء سياسية بشكل كبير.
أما الاحتمال الأكثر تفاؤلًا، فهو أن يتم التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا عبر السبل السياسية، وهو ما من شأنه أن تعود أسعار النفط إلى مستوى ما كانت عليه في يونيو/حزيران 2021 بنحو 65– 70 دولارًا للبرميل، وهو سعر يمكّن العديد من النشاطات الاقتصادية من تخفيض الأسعار على صعيد الأسواق الدولية.
والملفت للنظر أن الاتحاد الأوروبي مثّل حالة نجاح في تنسيق جهوده لمواجهة أزمة التضخم، من محاولاته لتنظيم عمليات استيراد الغاز، أو ترشيد استخدام الطاقة، بغض الطرف عن تأثير هذه الأدوات على تهدئة موجة التضخم، إلا أنها محاولة جادة وتُحترم.
أما حالة الإخفاق فكانت في المحيط العربي والشرق الأوسط، فلم تكن هناك أي جهود تنسيقية ملموسة، أو معلن عنها لمواجهة التضخم بشكل خاص، والأزمة الاقتصادية العالمية بشكل عام، الأمر الذي استدعى المقارنة.
لم يكن عام 2022 سعيدًا لغالبية اقتصاديات العالم، المتقدمة منها والنامية على حد سواء، فالجميع عانى من معدلات التضخم التي يمر بها الاقتصاد العالمي منذ عقود، خاصة الدول المتقدمة؛ ومنها: أميركا والاتحاد الأوروبي، حيث اقتربت معدلات التضخم من 10% خلال شهور 2022.
وهو ما جعل صندوق النقد الدولي يصدر رؤية تشاؤمية بشأن معدلات التضخم في الاقتصاد العالمي، ففي تقريره الدوري بعنوان "آفاق الاقتصاد العالمي أكتوبر 2022″، ذهب التقرير إلى أن معدلات التضخم عام 2021 بلغت 4.7%، ويتوقع أن ترتفع إلى 8.8% عام 2022، أي أن التضخم تضاعف في عامين، وعن توقعات 2023 يقدّر التقرير أن تكون بحدود 6.5%، وعلى أن تتراجع لما كانت عليه في عام 2024 لتصل إلى 4.1%.
الحصاد المر للحرب الروسية على أوكرانيا
في أسرع مؤشراتها السلبية على الاقتصاد العالمي، أدّت الحرب الروسية على أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية لتتجاوز 120 دولارًا للبرميل، ثم بدأت في التراجع بعد يونيو/تموز 2022، إلا أنه لا يزال يكتنفها الغموض، على الرغم من وصولها لسقف 80 دولارًا للبرميل.
وقد صاحب أزمة الطاقة ارتفاع أسعار الغذاء في السوق الدولية؛ بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا، لكون الدولتين مصدّرتين للنفط والغذاء، وتسبّب تأخر حركة السفن من البلدين، في حدوث أزمة حقيقية، أضرت بالعديد من الدول النامية والأقل نموًا.
ولذلك شهدت الموازنات العامة لكثير من الدول عمليات إرباك، لمحاولات التأقلم مع مستجدات التضخم، التي ضربت كل النشاطات والقطاعات الاقتصادية.
وهنا برزت أهمية أن يكون لدى اقتصاديات الدول رصيد من الاعتماد على الذات تنمويًا، ووجود خطة بديلة لتوفير نسب عالية من السلع، التي يتم الاعتماد عليها من خلال الاستيراد.
الدول النامية تدفع الثمن
في ضوء ارتفاع معدلات التضخم عالميًا، تحمّلت الدول النامية موجة إضافية في إطار ما يُعرف بالتضخم المستورد، بسبب اعتماد الدول النامية والأقل نموًا على استيراد العديد من السلع الاساسية من الخارج، لذلك عانت غالبية الدول العربية من ارتفاع معدلات التضخم خلال عام 2022، وقد يكون انخفاض أسعار النفط في السوق الدولي مؤخرًا أسهم في تخفيض معدلات التضخم خلال عام 2023.
خاصة أن انخفاض سعر النفط مصحوبًا بانفراجة ملموسة في خروج السلع الغذائية والنفط من أوكرانيا وروسيا، حسب اتفاق إسطنبول، الذي بموجبه توصّلت تركيا وروسيا وأوكرانيا تحت رعاية الأمم المتحدة، على تأمين خروج السفن المحملة بالنفط والغذاء إلى كل دول العالم، بل طالبت روسيا بأن تشمل الاتفاقية سلعًا أخرى.
ومن الملامح البارزة لعام 2022، تلك السياسة النقدية التي اتبعتها أميركا من ارتفاع سعر الفائدة لتكون بحدود 4.5%، وهو ما أدى إلى ارتفاع قيمة الدولار أمام جميع العملات للدول الأخرى، وهو ما استجلب ارتفاع التضخم بسبب انخفاض قيمة العملات المحلية في العديد من الدول النامية، وهو ما حدث في العديد من دول المنطقة؛ مثل: مصر وتونس وسوريا ولبنان.
الحماية الاجتماعية
مع ارتفاع موجة التضخم في كل الاقتصاديات المختلفة، حظي المواطن في الدول المتقدمة، مثل: أميركا والاتحاد الأوروبي بحماية اجتماعية، خفّفت إلى حد ما التداعيات السلبية للأزمة، مثل: وضع سقف لارتفاع أسعار الطاقة، أو فرض ضرائب على شركات الطاقة الكبرى، لتخفيف العبء على باقي شرائح المجتمع.
ولكن في الدول النامية، ومن بينها الدول العربية، لم يتوفر هذا الغطاء من الحماية الاجتماعية، فواجه المواطن بتلك الدول موجة التضخم في إطار إمكاناته الفردية، ولم يجد من الحكومات سوى التعلق بشماعة الأزمات الدولية.
وعلينا أن نستوعب ما تسببت فيه موجة التضخم من آثار على الأوضاع السياسية في أميركا، على الرغم من سعي الحكومة هناك لتخفيف آثار موجة التضخم، فعاقب المواطن الأميركي حكومة الديمقراطيين بقيادة بايدن، بفقدان الأغلبية في مجلس النواب.
أما مواطنو الدول النامية، فلم تمكّنهم أدوات السياسة من فعل شيء تجاه حكوماتهم، وثمة مطالب في العديد من الدول النامية، بتحرك الحكومات لتخفيض الأسعار، بعد أن هدأت إلى حد ما أسعار النفط في السوق الدولية، وكذلك أسعار الغذاء.
مستقبل التضخم
كما ذكرنا أعلاه من تقديرات لصندوق النقد الدولي، لأن يكون معدل التضخم عند 6.5% في عام 2023، أي بانخفاض بحدود 2.3%، ولكن هذا مشروط باستمرار الجهود المبذولة لانخفاض سعر الطاقة والغذاء.
وأي هزة أو تغيّر يتعلق بتصعيد في الحرب الروسية على أوكرانيا، أو إخلال باتفاقية إسطنبول لتصدير النفط والغذاء من روسيا وأوكرانيا، سيعود بنا إلى موجة تضخمية عالية، وهو ما يعني أن احتمالات انخفاض معدلات التضخم في العامين المقبلين 2023 و2024، ستكون هشة، ومرتبطة بأجواء سياسية بشكل كبير.
أما الاحتمال الأكثر تفاؤلًا، فهو أن يتم التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا عبر السبل السياسية، وهو ما من شأنه أن تعود أسعار النفط إلى مستوى ما كانت عليه في يونيو/حزيران 2021 بنحو 65– 70 دولارًا للبرميل، وهو سعر يمكّن العديد من النشاطات الاقتصادية من تخفيض الأسعار على صعيد الأسواق الدولية.
والملفت للنظر أن الاتحاد الأوروبي مثّل حالة نجاح في تنسيق جهوده لمواجهة أزمة التضخم، من محاولاته لتنظيم عمليات استيراد الغاز، أو ترشيد استخدام الطاقة، بغض الطرف عن تأثير هذه الأدوات على تهدئة موجة التضخم، إلا أنها محاولة جادة وتُحترم.
أما حالة الإخفاق فكانت في المحيط العربي والشرق الأوسط، فلم تكن هناك أي جهود تنسيقية ملموسة، أو معلن عنها لمواجهة التضخم بشكل خاص، والأزمة الاقتصادية العالمية بشكل عام، الأمر الذي استدعى المقارنة.
أضف تعليق