24 تشرين الثاني 2024 الساعة 01:24

أوضاع معيشية متهالكة.. أزمة الوقود وانهيار الليرة يعمقان آلام السوريين

2022-12-20 عدد القراءات : 295
دمشق(الاتجاه الديمقراطي)

رغم نفي مصرف سوريا المركزي الأنباء المتداولة عن إفلاسه وعدم قدرته على دفع الأجور للعاملين في دوائر الدولة خلال الأشهر القادمة، فإن الموظفين في مناطق سيطرة النظام باتوا يتخوفون من انهيار وشيك في قيمة رواتبهم الضئيلة، وانعدام قدرتهم الشرائية في المنظور القريب.
وباتت قيمة راتب أحمد الحلبي (اسم مستعار) -الموظف في مديرية التربية في مدينة حلب- البالغ 100 ألف ليرة سورية لا تتجاوز أكثر من 17 دولارا أميركيا، بعد الخسارات المتلاحقة في الليرة السورية. وتجاوز سعر الصرف 6 آلاف ليرة سورية للدولار الواحد في تعاملات أمس الأحد.
وقال الحلبي -في حديث للجزيرة نت- إن السكان في مناطق سيطرة النظام أصبحوا تحت رحمة الإشاعات -التي تنتقل كالنار في الهشيم- عن اقتراب إفلاس الدولة ووقف دفع الرواتب للموظفين، جراء الوضع الاقتصادي المنهار أصلا.
وأشار الحلبي إلى أن راتبه الشهري لم يعد يكفيه لأكثر من 3 إلى 4 أيام لتأمين الطعام والشراب، بعد الارتفاع المتسارع في أسعار المواد التموينية والغذائية، والانعكاس الهائل لفقدان المحروقات على أسعار السوق وحركة المواصلات والنقل.
وأعرب الموظف الحكومي عن اعتقاده أن السكان في مناطق سيطرة النظام يعيشون أسوأ مرحلة من الناحية المعيشية والخدمية منذ بدء الحرب عام 2011، لافتا إلى أن الأوضاع خلال المعارك والاشتباكات كانت أفضل من حال الهدوء النسبي الذي تعيشه البلاد اليوم.
أزمة معيشية
وعلى وقع الانهيار التاريخي لليرة السورية وتوقف حركة النقل العام والمواصلات جراء فقدان الوقود، باتت مدينة حلب الخاضعة لسيطرة النظام تمر بحالة أشبه بحظر للتجوال، في وقت يجبر فيه الطلاب وموظفو الدولة على التنقل سيرا على الأقدام، وسط الطقس البارد.
وفي سوق الجميلية وسط المدينة أصبحت حركة البيع والشراء شبه منعدمة، واقتصر البيع والشراء على المواد الرئيسية للمائدة من الخبز وبعض الخضار والحبوب.
وقال تاجر (رفض الكشف عن اسمه) إنه اضطر لرفع أسعار الخضار والفواكه بنسبة 30%، بسبب ارتفاع أسعار أجور النقل إلى الضعف خلال الأسبوعين الماضيين، ورفض تجار الجملة الاستدانة منهم وطلبوا بالدفع نقدا.
وأضاف التاجر -في حديث للجزيرة نت- أن ارتفاع الأسعار تسبب في إحجام الزبائن وتراجع حركة الشراء، مشيرا إلى أن بقاء الأسعار على حالها سيعرضه للخسارة.
من جهته، أكد الموظف المتقاعد أبو أمجد (66 عاما) أن المشكلة ليست في وفرة المواد وتأمينها، فهي منتشرة في جميع أسواق المدينة، بل تكمن في قيمة الأجور والقدرة الشرائية للأهالي.
ولفت أبو أمجد إلى أن المواطن السوري بحاجة إلى راتب قدره مليون ليرة، حتى يستطيع تدبير مصاريف أسرته واحتياجاتها من الطعام واللباس ومصاريف الدراسة والمواصلات، في حين لا تقدم الدولة إليه سوى 100 ألف ليرة وتطلب منه أن يتدبر بها شؤونه.
الفقر المدقع
كان مصرف سوريا المركزي نفى ما تم تداوله عبر وسائل إعلام سورية -التي نسبته إلى وكالة أسوشيتد برس- حول إفلاسه وعدم قدرته على دفع الرواتب، مؤكدا -في بيان- أن السيولة المتوفرة لدى المصرف كافية لسنوات وليست لأشهر فقط، فضلا عن وجود مخزون كاف من القطع الأجنبي.
ولن يعجز النظام السوري عن دفع رواتب الموظفين ويعلن المصرف السوري إفلاسه، وفق المستشار الاقتصادي السوري أسامة قاضي، لأن الرواتب تدفع بالليرة السورية، ولا تكلفه سوى قيمة طبع العملة، معتبرا أن المشكلة ليست في تسليم الموظف مبلغا يقارب 100 ألف ليرة سورية، بل في قيمة تلك المطبوعات من العملة الورقية أمام سعر صرف الدولار الأميركي.
وقال قاضي إن الموازنة العامة الجديدة للدولة بلغت نحو 16.5 تريليون ليرة سورية، ليكون أضخم رقم أعلن عنه في تاريخ سوريا، مضيفا أنها أضعف موازنة في قيمتها الفعلية منذ عام 1950، التي لا تتجاوز أكثر من 2.5 مليار دولار.
ورأى قاضي أن انخفاض مستوى الوقود سيؤثر على كل مناحي الحياة من خلال عمل الأفران والتنقل وإغلاق المؤسسات الحكومية، وبالتالي انخفاض الناتج القومي وهبوط المستوى المعيشي نحو الفقر المدقع.
أسباب وحلول
وأمام هذه الأزمات المتراكمة، تعمل حكومة النظام السوري على حلول مؤقتة تسعفه في تسيير حركة النقل وعمل المؤسسات الحكومية والأفران، بعد وعود رئيس الحكومة حسين عرنوس بحدوث انفراجة قادمة في أزمة المحروقات، يُعتقد أن تكون من خلال ناقلات نفط إيرانية تصل تباعا إلى الساحل السوري.
وأرجع المحلل الاقتصادي يونس الكريم انهيار الليرة السورية المتسارع أخيرا لعدة أسباب، أبرزها فشل النظام في إعادة السيطرة على مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية الغنية بالنفط وتوقف إمداد الأخيرة له بالوقود، إضافة إلى رفض حلفاء النظام إمداده دون دفع ثمن الوقود.
ورأى الكريم أن خيارات النظام تبدو في إعادة ترتيب خريطة أمراء الحرب وتقديم مكاسب اقتصادية عبر خصخصة قطاعات الدولة، مقابل قيامهم بتسديد ثمن النفط وإيصاله إلى السوق في مناطق سيطرة النظام بسعر غير مدعوم، محذرا من أن الأمر سيزيد من ارتفاع الأسعار.

أضف تعليق