25 تشرين الثاني 2024 الساعة 14:29

مونديال قطر، مونديال فلسطين

2022-12-11 عدد القراءات : 789
مونديال كرة القدم في قطر فرصة للفلسطينيين لتعريف العالم بالقضية الفلسطينية خصوصاً أنها تقام لأول مرة في دولة عربية، مما يمكّن حملات التضامن مع الشعب الفلسطيني استثمار هذا الظرف للقيام بفعاليات ونشاطات خلال المونديال ويمكن أن تستمر بعده، فهذه البطولة قد فتحت الباب واسعاً للاتصال بالجماهير العاشقة لكرة القدم والتي تقدر معنى التضامن مع المظلومين، وقد شهدنا قبل بدء مباريات كرة القدم الجلوس على الركبة واحدة كتعبير عن رفض العنصرية لدعم حركة «حياة السود مهمة» بعد مقتل جورج فلويد.
قال صحفي فلسطيني: «بموازاة مباريات كرة القدم في مونديال قطر، هناك مونديال آخر يعبر فيه أحرار العالم من زوار قطر ومن جنسيات عديدة عن رفضهم للمحتل وكل ما يمثله، رفض يعبر عن نبض الشعوب ويجتاز صفقات التطبيع الحكومي الرسمي لبعض الأنظمة».
ربما اعتقد جاريد كوشنر بعد مؤتمر المنامة وبعد جهوده المبذولة للتطبيع بين إسرائيل ودول عربية ولاسيما الخليجية منها، أنه قد أنجز شيئاً مهماً، لكن مونديال قطر أفشل رهاناته على اتفاقات التطبيع التي اقتصرت على فئة محدودة من الدبلوماسيين ومن المثقفين النفعيين المنبوذين من مجتمعهم، فشل رهانه أن التطبيع سيقود إلى تحقيق السلام بين الدول العربية وإسرائيل، وما لمسه في قطر أفسد زيارته مع زوجته إيفانكا ترامب لحضور مباريات كأس العالم في قطر، فشاهدا معاً في مباريات المونديال الأعلام الفلسطينية تملأ الملاعب، وترفرف فوق مدرجاتها، ومشجعون من مختلف دول العالم جاؤوا لمناصرة فريقهم الوطني تزين أكتافهم كوفيات فلسطينية، وهتافات التضامن مع الشعب الفلسطيني يتردد صداها داخل الملاعب وخارجها، وفي كل تجمع للمشجعين في الساحات أمام الشاشات العملاقة بل حتى في المقاهي التي تبث المباريات، ربما أصابت كوشنير الدهشة وهو يرى حجم التأييد الجماهيري الواسع لفلسطين، والرفض للتطبيع وللتواجد الإسرائيلي في المونديال، ولابد أنهما ابتعدا عن التجمعات الجماهيرية كيلا يتلقيا سيل الشتائم، كما تلقاها صحفيون إسرائيليون، فقرروا التعريف بأنفسهم كصحفيين من الإكوادور، ليتهربوا من المواجهة مع العرب وغيرهم من الشعوب المناصرة للقضية الفلسطينية، ومن بينهم رئيسة كرواتيا السابقة التي ظهرت وهي ترفع علم فلسطين، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من المنشورات التي أظهرت رفض الجماهير المتواجدة في قطر التحدث لوسائل إعلام إسرائيلية، فالشعوب باتت تتضامن مع القضية الفلسطينية وترفض وتدين السياسة الاستعمارية العنصرية الإسرائيلية، وتدعم مطالب الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
لقد أثبت مونديال قطر رفض الشعوب العربية التطبيع مع الاحتلال، وأثبت أن نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه «معهد واشنطن للأبحاث» في آذار الماضي، حول نسبة الجماهير الخليجية المعارضة للتطبيع مع إسرائيل، باعتقادي أنها نسب لم تصل إلى الدقة المطلوبة، وأن أكثر من 99% من الشعب البحراني يعارض التطبيع، وليس فقط ما نسبته 71% فقط، وكذلك في الإمارات العربية 76% حسب استطلاع الرأي، أما في العربية السعودية فأمر مشكوك فيه أن تكون النسبة 75% فقط بل أكثر من ذلك، يدرك السياسيون الأمريكيون والإسرائيليون هذه النسب ومعناها، إلا إذا غباؤهم أوهمهم أنهم حققوا تقدماً في قبول الشعوب العربية لإسرائيل في المنطقة، كانت فلسطين ومازالت حاضرة بقوة في الضمير العربي، وهي حاضرة في كأس العالم، وستحرز المكانة التي تؤهلها للنصر النهائي.
أما في قطر فقد قامت حملة شعبية للتوعية بالقضية الفلسطينية وجرائم الاحتلال، تحت عنوان «الحلم الفلسطيني» للاستفادة من المونديال ومن حضور ملايين المشجعين من مختلف البلدان للقيام بأنشطة إعلامية وميدانية طوال فترة المونديال، وربما تمتد لما بعده، تشمل حملة إلكترونية لتعريف العالم بالقضية الفلسطينية خلال مباريات كأس العالم 2022، كما تشمل الحملة أنشطة مختلفة، من توزيع أعلام فلسطين وحملها ورفعها، وجولات تعريفية وإعلامية، وأناشيد وهتافات وفعاليات أخرى.
ليست المرة الأولى التي تسجل فيها فلسطين حضورها في المونديال الكروي، كانت البداية في العام 1982 حين أهدى المنتخب الايطالي فوزه بلقب كأس العالم لمنظمة التحرير الفلسطينية، كمبادرة تضامن مع الشعب الفلسطيني الذي تعرض لآلة القتل الإسرائيلية في اجتياح قوات المجرم شارون جنوب لبنان ووصولها إلى بيروت، أثارت المبادرة غضب اسرائيل والفيفا، لكن كان لها انعكاساتها لجهة تعريف العالم بالقضية الفلسطينية وحشد النصرة للشعب الفلسطيني، والتذكير بنكبته وتشريده بفعل مجازر الاحتلال الإسرائيلي، وأشنعها مجزرتي صبرا وشاتيلا في ذاك العام، هذه المبادرة فتحت المجال أمام عدة فرق إيطالية لتأييد القضية الفلسطينية، فرفضت أندية التعاقد مع أي لاعب اسرائيلي للعب في صفوفها، وقامت جماهير إيطالية بحمل العلم الفلسطيني ورفع لافتات مؤيدة لفلسطين، فطالبت إسرائيل الفيفا بحرمان هذه الجماهير من حضور المباريات، ومنعها تشجيع فريقها.
وأنصار نادي السلتيك الأسكتلندي، رفعوا لافتات متضامنة مع الشعب الفلسطيني، ورافضة لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ورددوا شعارات تطالب بالحرية للشعب الفلسطيني، وقامت جماهير نادي السلتيك بإطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي لجمع الأموال من أجل جمعيات خيرية فلسطينية، في الوقت الذي يترقب فيه النادي عقوبات محتملة من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
انتقلت إزدواجية المعايير من السياسة إلى الرياضة وكرة القدم، فالفيفا" الذي يدعو إلى عدم ربط الرياضة بالسياسة، والمفترض أن يكون نصيراً للشعوب المستضعفة اعترض على المبادرة الإيطالية وساند دولة الاحتلال الاسرائيلي بفاشيتها وعنصريتها، بينما يحرم الآن روسيا وأنديتها من المشاركة في البطولات الأوروبية والعالمية بذريعة الحرب على أوكرانيا.
العديد من أبرز نجوم الكرة العالمية تضامنوا مع القضية الفلسطينية، مارادونا تداولت تصريحاته العديد من وسائل الإعلام، حين قال: إن الشعب الفلسطيني شعبٌ عظيم، يجب علينا الوقوف إلى جانبه، أحبه كمحبتي لحفيدي، وقال أيضاً: "أنا فلسطيني، وقلبي فلسطيني". النجم البرتغالي الدولي كريستيانو رونالدو استقبل الطفل أحمد دوابشة، وهو الناجي الوحيد من عائلته التي أحرقها المستوطنون الإسرائيليون المتطرفون.
المونديال عرس كروي عالمي ورائع ومهم أن نشهد فيه الدبكات والأغاني الفلسطينية تقيم عرساً لفلسطين يؤهلها لاحتلال مكانة في وعي الجماهير يدفعهم للتعريف بقضية فلسطين وتأييدها.

أضف تعليق