المكانة القانونية للمدينة بعد «إعلان القدس»
وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس حكومة الاحتلال يائير لابيد «إعلان القدس» في 14 تموز الجاري، خلال زيارته إلى الشرق الأوسط. واعتبرت بعض الدول والقوى في المنطقة العربية أن الإعلان بمثابة «إعلان حرب»، وأدانت الفصائل الفلسطينية الإعلان الذي عدّته «يمثّل عدواناً مباشراً على الشعب الفلسطيني وحقوقه». الإعلان، الذي تمّ في القدس، يعيدنا إلى اعتراف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، وبالتالي يفتح المجال للبحث والتذكير مجدداً في المكانة الدولية للمدينة ووضعها في القانون الدولي.
لقد شكّلت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قرارها 106 لعام 1947، لجنة خاصة بفلسطين تدعى «لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين» (يونسكوب)، تمتعت بصلاحيات واسعة، مكنتها من تقديم مقترحين للجمعية العامة للأمم المتحدة حول فلسطين؛ اقتراح الغالبية، وهو تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية مع وحدة اقتصادية، على أن تدار مدينة القدس بموجب نظام خاص تحت إشراف الأمم المتحدة، أمّا مقترح الأقلية، فكان إنهاء الانتداب البريطاني، وإقامة دولة فلسطينية اتحادية، لليهود والعرب، على أن تكون القدس عاصمتها.
أقرّت الأمم المتحدة اقتراح الأكثرية، تقسيم فلسطين، وهو ما عُرف لاحقاً بالقرار 181 عام 1947، وعلى الرغم من التوصية الأساسية في هذا القرار، وهي وضع القدس تحت نظام دولي خاص لعشر سنوات ثم يصبح بعد ذلك كياناً منفصلاً، فشلت الجمعية العامة في تطبيق هذا النظام بسبب الرفض الأردني والإسرائيلي المتكرر.
وفي السياق ذاته، واصلت الجمعية العامة للأمم المتحدة جهودها حول مدينة القدس، فاتخذت قراراً عام 1967 يطالب إسرائيل بعدم القيام بأي أعمال من شأنها تغيير وضعية القدس، واعتبرت أن كل الإجراءات التي أقدمت عليها إسرائيل في القدس باطلة بموجب القرار 2553 و2554 لعام 1967. وعلى الرغم من كل القرارات المتصلة بالقدس، التي تعتبر أن الإجراءات الإسرائيلية باطلة، اتخذ الكنيست الإسرائيلي عام 1980 قراراً يعتبر أن المدينة عاصمة لإسرائيل.
قرارات الشرعية الدولية في ما يتعلق بالمدينة، بقيت حبراً على ورق، وأصبحت القدس مثالاً كلاسيكياً على انتهاك إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية، في ظل نفاق دولي وحماية دولية مبطنة لإسرائيل. لكن على الصعيد القانوني الدولي المجرد، فإن القضاء الدولي المختص و«المجتمع الدولي»، بما فيه هيئات الأمم المتحدة، رفضت ضم إسرائيل للقدس الشرقية من جانب واحد، وما زالت تعتبر أن القدس الشرقية هي أرض فلسطينية محتلة باستخدام القوة المفرطة وبشكل مخالف للقانون الدولي الإنساني، استناداً إلى المادة 2 (البند الرابع) من ميثاق الأمم المتحدة وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2625، الذي يشير إلى عدم أحقية الدول باستخدام القوة لحل النزاعات الدولية.
كذلك، لم تقتصر قرارات الأمم المتحدة على الجمعية العامة فقط، بل هناك العديد من قرارات مجلس الأمن أيضاً التي تعتبر أن إسرائيل قوة احتلال في القدس الشرقية وأن الإجراءات التي تقوم بها في مدينة القدس الشرقية باطلة، كما هو حال قرار 298 لعام 1971 الذي أكد على انتهاك إسرائيل للقانون الدولي في مصادرة الأراضي الفلسطينية في القدس، وقرار 446 لعام 1976، و465 لعام 1980، إلخ.
أمّا في ما يتعلّق بالبعثات الديبلوماسية في القدس، فقد اتخذ مجلس الأمن القرار 478 عام 1980، ودعا من خلاله إلى سحب جميع البعثات الديبلوماسية من القدس، وعلى هذا الأساس انتقلت البعثات الديبلوماسية من القدس إلى مكان آخر، لكل من سفارة تشيلي، الإكوادور، فنزويلا، بوليفيا، كولومبيا، كوستاريكا، السلفادور، هولندا، بنما، أورغواي، لحين إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 6 كانون الأول عام 2017، من جانب واحد، أن «القدس عاصمة موحدة لإسرائيل»، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، حيث جرى افتتاح السفارة في 14 أيار عام 2018، على الرغم من قرار مجلس الأمن 478.
وبناء على الإجراءات الأميركية بنقل السفارة إلى القدس، تقدّمت السلطة الفلسطينية بشكوى أمام محكمة العدل الدولية عام 2018 ضد نقل السفارة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري لاتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية، لكنها ما زالت مجمدة وليس فيها أي مستجدات إلى اليوم، بسبب انسحاب الولايات المتحدة من البروتوكول الاختياري لاتفاقية فيينا، خشية إدانة محكمة العدل الدولية للإجراء الأميركي غير القانوني.
وتجدر الإشارة إلى أن قضية نقل السفارة الأميركية إلى القدس، هي قضية ملزمة للطرفين في حال اتخاذ قرار من محكمة العدل الدولية، وليست كحال قضية الجدار العازل عام 2004، لأن الأخيرة تقدمت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة كفتوى استشارية فقط، أمّا قضية نقل السفارة الأميركية، فقد تقدّمت بها دولة فلسطين، بعد أن أصبحت دولة غير كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وبعد أن أصبحت أيضاً طرفاً في اتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية.
ومن الواضح أن إدارة بايدن ما زالت في مسار ترامب، من جهة حماية المصالح الإسرائيلية، وهذا ما أكده «إعلان القدس» أثناء زيارة جو بايدن، والذي جاء فيه: «تؤكد الولايات المتحدة وإسرائيل أنهما ستواصلان العمل معاً لمحاربة كل الجهود الرامية إلى مقاطعة إسرائيل أو نزع الشرعية عنها، أو إنكار حقها في الدفاع عن نفسها، أو النيل منها بصورة غير عادلة في أي منتدى، بما في ذلك في الأمم المتحدة أو في محكمة الجنايات الدولية. ومع احترامهما الكامل للحق في حرية التعبير فإنهما ترفضان بحزم حملة حركة الـ ب.د.س (حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات)».
لا يعترف «المجتمع الدولي» بالأعمال الاستيطانية التي تقوم بها إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها شرقي القدس. وعلى الرغم من وجود الازدواجية في تطبيق قرارات الشرعية الدولية، ينقسم النظام الدولي إلى قسمين؛ الأوّل، غير مهتم في القدس والصراع العربي – الصهيوني، والثاني، الداعم لإسرائيل، والمتمثّل بأميركا، ولا سيما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، والانتقال إلى الأحادية القطبية. أخيراً، وصل النفاق الدولي إلى الحد الذي أدّى إلى تفكيك قضية القدس، وإجبار الطرف الأضعف في المعادلة على تقديم تنازلات تحت مسميات «السلام» العادل والدائم والشامل.
لقد شكّلت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بموجب قرارها 106 لعام 1947، لجنة خاصة بفلسطين تدعى «لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين» (يونسكوب)، تمتعت بصلاحيات واسعة، مكنتها من تقديم مقترحين للجمعية العامة للأمم المتحدة حول فلسطين؛ اقتراح الغالبية، وهو تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية مع وحدة اقتصادية، على أن تدار مدينة القدس بموجب نظام خاص تحت إشراف الأمم المتحدة، أمّا مقترح الأقلية، فكان إنهاء الانتداب البريطاني، وإقامة دولة فلسطينية اتحادية، لليهود والعرب، على أن تكون القدس عاصمتها.
أقرّت الأمم المتحدة اقتراح الأكثرية، تقسيم فلسطين، وهو ما عُرف لاحقاً بالقرار 181 عام 1947، وعلى الرغم من التوصية الأساسية في هذا القرار، وهي وضع القدس تحت نظام دولي خاص لعشر سنوات ثم يصبح بعد ذلك كياناً منفصلاً، فشلت الجمعية العامة في تطبيق هذا النظام بسبب الرفض الأردني والإسرائيلي المتكرر.
وفي السياق ذاته، واصلت الجمعية العامة للأمم المتحدة جهودها حول مدينة القدس، فاتخذت قراراً عام 1967 يطالب إسرائيل بعدم القيام بأي أعمال من شأنها تغيير وضعية القدس، واعتبرت أن كل الإجراءات التي أقدمت عليها إسرائيل في القدس باطلة بموجب القرار 2553 و2554 لعام 1967. وعلى الرغم من كل القرارات المتصلة بالقدس، التي تعتبر أن الإجراءات الإسرائيلية باطلة، اتخذ الكنيست الإسرائيلي عام 1980 قراراً يعتبر أن المدينة عاصمة لإسرائيل.
قرارات الشرعية الدولية في ما يتعلق بالمدينة، بقيت حبراً على ورق، وأصبحت القدس مثالاً كلاسيكياً على انتهاك إسرائيل لقرارات الشرعية الدولية، في ظل نفاق دولي وحماية دولية مبطنة لإسرائيل. لكن على الصعيد القانوني الدولي المجرد، فإن القضاء الدولي المختص و«المجتمع الدولي»، بما فيه هيئات الأمم المتحدة، رفضت ضم إسرائيل للقدس الشرقية من جانب واحد، وما زالت تعتبر أن القدس الشرقية هي أرض فلسطينية محتلة باستخدام القوة المفرطة وبشكل مخالف للقانون الدولي الإنساني، استناداً إلى المادة 2 (البند الرابع) من ميثاق الأمم المتحدة وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2625، الذي يشير إلى عدم أحقية الدول باستخدام القوة لحل النزاعات الدولية.
كذلك، لم تقتصر قرارات الأمم المتحدة على الجمعية العامة فقط، بل هناك العديد من قرارات مجلس الأمن أيضاً التي تعتبر أن إسرائيل قوة احتلال في القدس الشرقية وأن الإجراءات التي تقوم بها في مدينة القدس الشرقية باطلة، كما هو حال قرار 298 لعام 1971 الذي أكد على انتهاك إسرائيل للقانون الدولي في مصادرة الأراضي الفلسطينية في القدس، وقرار 446 لعام 1976، و465 لعام 1980، إلخ.
أمّا في ما يتعلّق بالبعثات الديبلوماسية في القدس، فقد اتخذ مجلس الأمن القرار 478 عام 1980، ودعا من خلاله إلى سحب جميع البعثات الديبلوماسية من القدس، وعلى هذا الأساس انتقلت البعثات الديبلوماسية من القدس إلى مكان آخر، لكل من سفارة تشيلي، الإكوادور، فنزويلا، بوليفيا، كولومبيا، كوستاريكا، السلفادور، هولندا، بنما، أورغواي، لحين إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 6 كانون الأول عام 2017، من جانب واحد، أن «القدس عاصمة موحدة لإسرائيل»، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، حيث جرى افتتاح السفارة في 14 أيار عام 2018، على الرغم من قرار مجلس الأمن 478.
وبناء على الإجراءات الأميركية بنقل السفارة إلى القدس، تقدّمت السلطة الفلسطينية بشكوى أمام محكمة العدل الدولية عام 2018 ضد نقل السفارة بموجب المادة 2 من البروتوكول الاختياري لاتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية، لكنها ما زالت مجمدة وليس فيها أي مستجدات إلى اليوم، بسبب انسحاب الولايات المتحدة من البروتوكول الاختياري لاتفاقية فيينا، خشية إدانة محكمة العدل الدولية للإجراء الأميركي غير القانوني.
وتجدر الإشارة إلى أن قضية نقل السفارة الأميركية إلى القدس، هي قضية ملزمة للطرفين في حال اتخاذ قرار من محكمة العدل الدولية، وليست كحال قضية الجدار العازل عام 2004، لأن الأخيرة تقدمت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة كفتوى استشارية فقط، أمّا قضية نقل السفارة الأميركية، فقد تقدّمت بها دولة فلسطين، بعد أن أصبحت دولة غير كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وبعد أن أصبحت أيضاً طرفاً في اتفاقية فيينا للعلاقات الديبلوماسية.
ومن الواضح أن إدارة بايدن ما زالت في مسار ترامب، من جهة حماية المصالح الإسرائيلية، وهذا ما أكده «إعلان القدس» أثناء زيارة جو بايدن، والذي جاء فيه: «تؤكد الولايات المتحدة وإسرائيل أنهما ستواصلان العمل معاً لمحاربة كل الجهود الرامية إلى مقاطعة إسرائيل أو نزع الشرعية عنها، أو إنكار حقها في الدفاع عن نفسها، أو النيل منها بصورة غير عادلة في أي منتدى، بما في ذلك في الأمم المتحدة أو في محكمة الجنايات الدولية. ومع احترامهما الكامل للحق في حرية التعبير فإنهما ترفضان بحزم حملة حركة الـ ب.د.س (حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات)».
لا يعترف «المجتمع الدولي» بالأعمال الاستيطانية التي تقوم بها إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها شرقي القدس. وعلى الرغم من وجود الازدواجية في تطبيق قرارات الشرعية الدولية، ينقسم النظام الدولي إلى قسمين؛ الأوّل، غير مهتم في القدس والصراع العربي – الصهيوني، والثاني، الداعم لإسرائيل، والمتمثّل بأميركا، ولا سيما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، والانتقال إلى الأحادية القطبية. أخيراً، وصل النفاق الدولي إلى الحد الذي أدّى إلى تفكيك قضية القدس، وإجبار الطرف الأضعف في المعادلة على تقديم تنازلات تحت مسميات «السلام» العادل والدائم والشامل.
أضف تعليق