23 كانون الأول 2024 الساعة 14:05

لو كنت في موقع المفاوض الفلسطيني في القمة الاقتصادية المرتقبة

2022-07-20 عدد القراءات : 704
لو كنت في موقع المفاوض الفلسطيني في القمة الاقتصادية المرتقبة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، التي أعطى رئيس وزراء الحكومة الاسرائيلية الانتقالية يئير لبيد الضوء الأخضر لعقدها بعد توقف دام لسنوات طويلة، لمزقت اتفاق باريس الاقتصادي وقذفت به في وجه هؤلاء اللصوص، الذين لم يكتفوا بفرض قيود ثقيلة على الاقتصاد الفلسطيني تحول دون تطوره وازدهاره بل تجاوزوا ذلك الى السطو اللصوصي على المال العام الفلسطيني في أكثر من محطة وأكثر من مناسبة وأكثر من مجال، تارة كعقاب على موقف سياسي لا يروق لدولة الاحتلال وتارة أخرى بحجة تقديم مساعدات لأسر الشهداء والجرحى والأسرى الفلسطينيين، الذين تصنفهم دولة الاحتلال ومعها الادارات الأميركية كـ«إرهابيين»، في محاولة لنزع الشرعية عن الكفاح الوطني المشروع الذي يخوضه الشعب الفلسطيني منذ عشرات السنين من أجل الحرية، متسلحًا بقرارات الاجماع الوطني، التي توافقنا عليها في المجلس الوطني في دورة انعقاده، التي اختتمت أعمالها في الرابع من أيار 2018 وبقرارات دورات المجلس المركزي المتعاقبة وقرارات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي أكدت على ان العلاقة مع إسرائيل، هي علاقة تقوم على الصراع بين شعبنا ودولته الواقعة تحت الاحتلال، وبين قوة الاحتلال، ودعت إلى إعادة النظر في كافة الالتزامات المتعارضة مع ذلك، وإلى التحرر من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرسها اتفاق باريس، بما في ذلك المقاطعة الاقتصادية لمنتجات الاحتلال، وبما يدعم استقلال الاقتصاد الوطني ونموه.
أكثر من أربعة أعوام تفصلنا عن المجلس الوطني الفلسطيني والرأي العام الفلسطيني يسأل عن مصير تلك القرارات، التي اعتبرها صحيحة تمامًا حتى لو جاءت متأخرة لسنوات امتدت طويلًا في المراوحة في المكان. لا يخفى هنا على أحد أن تلك القرارات بقيّت مُعلقة ولم تجر ترجمتها إلى واقع عملي بخطوات متدرجة ومدروسة، كان من شأنها أن ترفع الجدران عالياً في وجه سياسة حكام تل أبيب ومعها الادارات الأميركية المتعاقبة وأن تعيد بناء العلاقة مع دولة الاحتلال على أسس تدفع حكومة اسرائيل للتفكير في نتائج تحللها من الالتزامات، التي انطوت عليها اتفاقية المرحلة الانتقالية، التي اعترف المجلس الوطني بأنها لم تعد قائمة.
فاتفاق باريس الاقتصادي ما زال ساري المفعول ودولة الاحتلال الاسرائيلي تتحكم في تفاصيله وتقوم بانتهاكه على الدوام كما يجري حالياً في السطو اللصوصي على أموال المقاصة بمبلغ يعادل ما توفره منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية لأسر شهداء وجرحى وأسرى فلسطين في معسكرات الاعتقال الجماعي الاسرائيلي.
وفي تقدير الموقف من الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الاسرائيلي سوف اتجاوز التعليق على مجمل قرارات دورة المجلس الوطني وأحصر التركيز على الموقف من اتفاق باريس الاقتصادي، ليس لأن الموقف من الاتفاق يتفوق على الموقف من القرارات الأخرى التي شكلت بمجموعها وجهة عمل استراتيجية، بل لأن ما يسمى بـ«القمة الاقتصادية المرتقبة» تتيح الفرصة لذلك من ناحية ولأن الحديث عن الموقف من ذلك الاتفاق ما زال يدور في العموميات، التي هي في جوهرها صحيحة ولكنها في محصلتها لا تصنع سياسة من ناحية ثانية.
هنا لا بد من التأكيد في البداية على أن اتفاق باريس الاقتصادي مخالف للقانون الدولي في الأصل والأساس وهو اتفاق ينطوي في مدلولاته على مضمون خطير لأنه ببساطة بني على فكرة شيطانية مضمونها الضم من خلال الغلاف الجمركي الواحد بين دولة الاحتلال وبين المناطق الواقعة تحت الاحتلال. هذه سابقة لم يعرفها تاريخ الاستعمار سوى في حالة الجزائر، عندما كانت فرنسا تعلن أن الجزائر جزء لا يتجزأ من التراب الفرنسي.
إن خضوع التجارة الخارجية لغلاف جمركي موحد مع إسرائيل يؤثر على أسعار المنتجات في السوق المحلي، فالسلع والبضائع المستوردة لفلسطين يفرض عليها نفس الرسوم والجمارك والضرائب التي تفرض على المستوردات الإسرائيلية. خطورة هذا الأمر تتأتى من أن هناك فوارق كبيرة بمستويات المعيشة والدخول بين إسرائيل وفلسطين ما يعكس نفسه على ضعف حركة الشراء والاستهلاك والرواج في السوق الفلسطيني وبالتالي على عملية التنمية الاقتصادية بمجملها والتي تلعب حركة التجارة الخارجية دوراً فيها لا يخفى على أحد.
ومع وقف إسرائيل العمل باتفاقية أوسلو وتوابعها (اتفاقية المرحلة الانتقالية) كان يتوجب وقف العمل باتفاقية باريس الاقتصادية واعتبارها وكأنها غير قائمة فهي ملحق للاتفاقية، فحينما توقف إسرائيل العمل بالنص الأصلي لاتفاقية المرحلة الانتقالية يصبح نفاذ أو صلاحية العمل بالملحق الاقتصادي غير قائم بل ويصبح باطلًا ومن الطبيعي والمنطقي والحالة هذه وقف العمل باتفاقية باريس الاقتصادية لأن الملحق لا يعتبر سارياً بمفرده وهذا للأسف ما أهمله ولم يوليه الجانب الفلسطيني أية أهمية حتى تاريخه.
ولتوضيح مزيد من الاعتبارات في رفض اتفاق باريس الاقتصادي نشير إلى أن إسرائيل تقوم بجباية وتحصيل الايرادات الجمركية على البضائع والسلع مباشرة وتبقيها لديها قبل تحويلها فيما بعد إلى خزينة السلطة بعد خصم 3% مقابل رسوم التحصيل. عدا ما تستقطعه بين فترة وأخرى بقرارات المحاكم الإسرائيلية لأسباب مختلفة وكلها غير قانونية.
وتبقى التجارة الخارجية الفلسطينية في كل الأحوال غير مقيدة بالمواصفات والمقاييس الإسرائيلية فحسب، وإنما في الكميات أيضاً، فلا يجوز استيراد كميات من السكر والرز والزيوت وغيرها من السلع فوق سقف معين يناقش في اللجنة المشتركة المعطلة منذ سنوات. كما تقود زيادة الاستيراد المباشر إلى زيادة نجاعة تحصيل الجمارك والضرائب وضمان تدفقها للخزينة الفلسطينية وتقليص التسرب المالي والتهرب الضريبي، وذلك بسبب سهولة الرقابة على تجارة الاستيراد والبيانات الجمركية.
وإلى جانب ذلك هنالك اعتبارات كثيرة تدعوني للمطالبة دون تردد بالتحرر من الاتفاق، الذي يسمح لإسرائيل التحكم بالمعابر والحدود وحركة النقل والتجارة وحركة الأفراد من وإلى فلسطين بالكامل ويضع على الاقتصاد الفلسطيني قيوداً ثقيلة لا يستطيع بسببها الاستيراد أو التصدير من ومع دول لا تقيم إسرائيل علاقات سياسية أو تجارية معها ويحرمه بالتالي من التعامل مع نحو 48 دولة في العالم قد تكون سلعها أرخص وأفضل من تلك التي نستوردها سواء من اسرائيل أو من دول أجنبية أخرى فضلًا عن كونه يخضع التجارة الخارجية الفلسطينية للمعايير والمواصفات الإسرائيلية بالكامل ولا يمكن المستثمرين والمستوردين والمصدرين على حد سواء من التعامل التجاري بأي سلع وبضائع لا تنطبق عليها المواصفات الإسرائيلية.
كما أن الاقتصاد الفلسطيني لا يستطيع حسب الاتفاق التعامل أو التوسع تصديراً واستيراداً بمستلزمات ومتطلبات قطاع الخدمات ومرافق البنية التحتية (الكهرباء والماء والاتصالات وإقامة الجسور وتعبيد الطرق في المناطق المصنفة (ب) و (ج) بدون الحصول على الموافقات المسبقة من قبل سلطات الاحتلال، وهذا يعني أن حدود التوسع في القاعدة الإنتاجية مقيد ومحصور بالمنطقتين «أ و ب» في أحسن الاحوال. كما يحظر الاتفاق على المستثمرين والقطاع الخاص مد أنشطتهم الإنتاجية والتجارية إلى المنطقة «ج»، التي تشكل نحو 62% من مساحة الضفة الغربية، فضلًا عن كونه يحظر التعامل بحرية مع مدينة القدس، إنتاجاً وتصديرًا واستيرادًا، حيث ينطبق عليها ما ينطبق على بقية مدن إسرائيل وأهمية ذلك تنبع من أن محافظة القدس كانت تساهم بما بين 15-17% من الناتج المحلي الفلسطيني.
ويحرم اتفاق باريس الاقتصادي الاقتصاد الفلسطيني من إقامة وبناء موانئ بحرية أو إنشاء مطارات أو انشاء سكك حديدية ، أي ما يطلق عليها مرافق البنية التحتية لتسهيل تدفق السلع والخدمات والتجارة فكل السلع والبضائع يجب ان تصدر وتستورد من خلال الموانئ والمطارات الإسرائيلية أو تحت مراقبة وتحكم وتفتيش سلطات الاحتلال الإسرائيلية في المعابر والجسور في الضفة الغربية والقطاع .
ويجب الاعتراف كذلك أن الغلاف الجمركي الواحد خطأ كبير وقع فيه المفاوض الفلسطيني للاعتبار الذي أوضحناه وهو أنه لا يجوز للدولة القائمة بالاحتلال أن تفرض على المناطق الخاضعة لاحتلالها غلافاً جمركيًا واحدًا، فهذا مخالف للقانون الدولي، فقيامها بذلك يعبر بشكل أو بآخر عن نزعة ضم والتعامل مع السوق في المناطق المحتلة باعتباره امتدادًا لسوق الدولة القائمة بالاحتلال، بكل ما يترتب على ذلك من تداعيات سلبية على حركة التجارة والاستثمار والتنمية. لذا فمن الأهمية بمكان تقليص تأثيرات هذا الغلاف الجمركي الواحد إلى الحدود الدنيا، إذا تعذر التخلص منه بضربة واحدة وذلك بخفض ضريبة القيمة المضافة على تلك البضائع، التي تدخل في عداد البضائع القابلة للتعويض أو البضائع التي تسهم في إنعاش حركة التجارة المحلية وبالتالي حركة الاستثمار والتنمية. لا يجب ان يبقى الغلاف الجمركي موحدًا مع فارق 1 – 2% ناقصًا أو زائدًا عن القيمة المضافة المعمول بها في اسرائيل.
ولا يخفى على المتابع أن التسرب في مداخيل السلطة الفلسطينية من التجارة الخارجية يصل إلى مئات ملايين الدولارات، فضلًا عن أشكال التهرب الضريبي التي ترافق عمليات الاستيراد من خلال وسيط إسرائيلي أو من خلال المستوطنات. إذ لا يعود بشيء من الضرائب على الخزينة الفلسطينية والاقتصاد الفلسطيني، وعليه يجب تحريم الاستيراد للأسواق الفلسطينية من خلال الوسيط الاسرائيلي أو عبر المستوطنات تحت أي ظرف من الظروف وعدم إيلاء أي اهتمام للحجج التي يسوقها البعض لتبرير الاستمرار بالاستيراد عبر الوسيط ويجب تشجيع الاستيراد المباشر وتقديم المحفزات والتسهيلات له بما في ذلك المحفزات والتسهيلات له بما في ذلك الضريبية. فمردود المستوردات الفلسطينية المباشرة على الخزينة الفلسطينية أعلى من مردود المستوردات من إسرائيل بسبب تحصيل الجمارك وضريبة المشتريات وضريبة القيمة المضافة عليها، بعكس المستوردات من إسرائيل التي تجبي منها الخزينة الفلسطينية ضريبة القيمة المضافة فقط.
وفي خطوات فك الارتباط باتفاق باريس الاقتصادي على طريق التحرر من قيوده يجب التخلص من تحكم جهات اسرائيلية بالواردات الفلسطينية القادمة من السوق الإسرائيلي من السلع المعاد تصديرها. فمن المعروف أن اتفاق باريس الاقتصادي لا يسمح للسوق الفلسطينية الاستفادة من سلع مستوردة ومعادة للتصدير إلى بلد آخر، عكس الحالة الموجودة في اسرائيل. فالتاجر الاسرائيلي يستورد بضاعة من الخارج ويعيد تصديرها إلى الأسواق الفلسطينية مباشرة أو عبر المستوطنات أو بعض المهربين دون أن تستفيد الخزينة الفلسطينية من ذلك سواء القيمة المضافة أو الرسوم الأخرى، التي تذهب أصلاً إلى الخزينة الاسرائيلية. مثل هذه السلع يجب منع دخولها إلى الاسواق الفلسطينية إلا إذا خضعت كغيرها من السلع الاجنبية المستوردة لاستحقاقات الضرائب الفلسطينية .
هناك إمكانية فعلية لتوسيع القاعدة الانتاجية الفلسطينية من خلال الاستعاضة عن جزء مما يتم استيراده من إسرائيل بمنتجات محلية الصنع نتيجة استيراد مباشر لمواد خام وشبه مصنعة بأسعار منافسة وأقل من السعر في السوق الإسرائيلية وهذا يساعد على زيادة تنافسية المنتجات الفلسطينية على المدى المتوسط والطويل. يجب فحص المجالات، التي من خلالها يمكن أن تجري عمليات توسيع القاعدة الانتاجية بمواد خام وشبه مصنعة أسعارها منافسة أو أقل من أسعار السوق الاسرائيلي لإنتاج سلع بديلة لتلك المستوردة من الأسواق الاسرائيلية (صناعات غذائية وصناعات غزل ونسيج وصناعات دباغة وجلود وألبان وغيرها).
فضلًا عن ذلك توجد صناعات وطنية قائمة وتحتاج لحوافز وتسهيلات وحماية لتوسيع القاعدة الانتاجية الوطنية وتعزيز حصتها في الأسواق الفلسطينية، مثل الأدوية وبعض الصناعات الغذائية وصناعات النسيج والملابس والزيوت والمياه المعدنية والحجر والرخام والألبان والاجبان وغيرها. هذه الصناعة بحاجة الى حماية من المنافسة، أولا من منافسة البضائع الاسرائيلية وثانيًا من منافسة البضائع المستوردة من الخارج. فمن الأهمية بمكان هنا التفكير في فرض ضرائب تحديداً على البضائع المنتجة في إسرائيل تجعل قدرتها على منافسة المنتج الفلسطيني محدودة بكل ما يرافق ذلك طبعاً من سياسة رسمية وأهلية تقوم على تشجيع المنتج الوطني ومقاطعة المنتج الاسرائيلي.
ولا ننسى هنا أن نشير إلى أن حصة القطاعات الانتاجية من صناعة وزراعة في الناتج المحلي الاجمالي الفلسطيني في تراجع مستمر لصالح التجارة والخدمات، ونخص هنا بالذكر قطاع الزراعة الذي تدنت مساهمته في الناتج المحلي في السنوات الاخيرة إلى مستويات غير مسبوقة وتنذر بالمزيد من التراجع والخسائر. فالمنتجات الزراعية من المستوطنات والمتداولة في الاسواق الفلسطينية تفوق في حضورها وتنوعها تلك الفلسطينية. منتجات المستوطنات لا يعود منها شيء بالنفع على الخزينة الفلسطينية، فضرائبها كلها تصب في الخزينة الاسرائيلية رغم أن اسواق تصريفها تتم في السوق الفلسطيني. يجب منع جميع المنتجات الزراعية المنتجة في المستوطنات من دخول الاسواق الفلسطينية وتوفير المحفزات والتسهيلات للمنتج الزراعي الفلسطيني وبما يوفر الاساس الضروري لرفع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الاجمالي إلى أعلى مستوى ممكن لسد حاجة السوق الداخلي، والبحث في الوقت نفسه عن أسواق خارجية لتصدير المنتج الزراعي الفلسطيني.
كما يجب التحلل كليًا من الارتباط بمشتقات النفط من سلطات الاحتلال. وبالمناسبة فإن اتفاقية باريس الاقتصادية لا تحظر استيراد النفط من الخارج، ما يعني أنه يمكن للسلطة الوطنية الاستيراد بشكل مباشر. ولعلنا نذكر في هذا الإطار او السياق ان العلاقات والمنافع الشخصية قد تغلبت على مصالح الوطن. نذكر هنا أن بعض الجهات كانت المستفيد الأبرز من التعاقد مع شركات التكرير في مدينة حيفا.
إن الشراء من الخارج يتيح للسلطة شراء النفط وبيعه للمستهلك بسعر أقل مما هو قائم حاليًا. كما أن هناك ميزة أخرى وهامة جداً تتعلق بعدم دفع رسوم وضرائب وسمسرات للوسطاء المختلفين ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى الحد بنسبة كبيرة من تهريب النفط ومشتقاته إلى فلسطين من المستوطنات لأن سعر بيعه للمستهلك سيكون أقل بكثير من شراءه من المستوطنات، مما تنتفي الفائدة من وراء التهريب.
ليس هذا فحسب ، بل كان يجب المطالبة برسوم سنوية على استخدام وتداول الشيكل في فلسطين وبنسبة من الناتج المحلي تقدر عند مستوى 1% سنويًا لتجنب خسارة خزينة السلطة الوطنية ما يعادل مئات الملايين من الدولارات سنوياً قابلة للزيادة بسبب زيادة الناتج المحلي الإسرائيلي الذي بلغ في العام 2021 نحو 150 مليار -$- . فمنذ أوسلو كان يتوجب حصول السلطة على حصة الجانب الفلسطيني مقابل استخدام الشيكل في فلسطين على الأقل . ونشير في هذا السياق الى أن البنك المركزي الإسرائيلي والبنوك العاملة تحت إشرافه لا تقوم بتبديل الشواكل المتجمعة لدى البنوك الفلسطينية بالدولار بحجة أن هناك غسيل للأموال أو تدفق للعملة الإسرائيلية خارج القنوات القانونية. فاتفاقية باريس الاقتصادية لم تتطرق الى حق الفلسطينيين باستبدال كافة الشواكل التي بحوزتهم إلى عملات قابلة للتحويل في أي وقت وبدون قيود أو شروط. ويترتب على ذلك كما هو معروف فوائض كبيرة من الشيكل لدى المصارف في فلسطين تماطل إسرائيل دائمًا في استبدالها وحتى قبول ايداعها لديها.
أخيراً تقوم اسرائيل بعمليات سطو على مستحقات العمال الفلسطينيين العاملين في المشاريع الاسرائيلية من مخصصات تأمين صحي وضمان اجتماعي وهي تقدر بالتراكم بأكثر من 10 مليارات دولار وهي حق من حقوق العمال الفلسطينيين وفقاً لاتفاق باريس الاقتصادي نفسه. استمرار اسرائيل في حجز هذه الاموال بات يتطلب المساءلة والمحاسبة والتحصيل من خلال القنوات المباشرة وإن تعذر ذلك، فمن خلال المحاكم الدولية وتدخل النقابات العمالية الدولية ومنظمة العمل الدولية.
لهذه الاعتبارات بالدرجة الرئيسية يجدر بالجانب الفلسطيني أن يحذر الاستمرار في دوامة المناورات الاسرائيلية في السياسة كما في الاقتصاد. فالاقتصاد الفلسطيني مجني عليه وهو محكوم بسلسلة من القيود، التي تكبل مكوناته وتفرض قيوداً ثقيلة على فرص تطوره وتقدمه وعلى فرص التنمية المستدامة وقد ربطه الاتفاق المذكور بدءًا بالسياسة المالية والنقدية مروراً بالتجارة الخارجية وانتهاءً بالبنى التحتية الضرورية لكل تطور وعملية تنمية بعجلة الاقتصاد الإسرائيلي، ما يملي ضرورة وقف العمل به كمهمة وطنية لا تقبل التأجيل ■

أضف تعليق