هي بالفعل حرب عالمية يشنّها الغرب على روسيا بأدوات مختلفة
من خلال المتابعة اليومية للأزمة الروسية الأوكرانية التي بدأت قبل التدخل والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بأشهر، والمفاوضات التي كانت جارية بين الغرب بزعامة الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الروسي الذي كان يطالب بضمانات أمنية جوهرها حيادية أوكرانيا وعدم انضمامها لحلف الناتو، لأنه في حال انضمامها سيتم تحول روسيا إلى ساحة مكشوفة أمام الغرب وحشرها في الزاوية وسيتم حتى معرفة ما يدور في غرف نوم الروس.
وحتى الحشود العسكرية على الحدود الروسية المحاذية لأوكرانيا لم يكن هدفها إلا الضغط السياسي حتى تذعن أوكرانيا للمطالب الروسية المحّقة، إلا أن تدخل الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا ورفضها الضمانات الأمنية التي تطالب بها روسيا اضطر الاتحاد الروسي إلى التدخل عسكريا في أوكرانيا.
أي أن حرب أو عملية عسكرية محدودة يدفع ثمنها ومعظم ضحاياها حتما هم المدنيون الأبرياء الذين يعانون بسبب الأخطاء السياسية لقادتهم ولقراراتهم، وخاصة في أوكرانيا التي عاشت وما زالت حالة مزرية من التبعية للغرب، متجاهلة التاريخ المشترك مع الاتحاد الروسي ومتناسية أن أول قيصرية روسية كان اسمها «قيصرية كييف الروسية» أو «روس الكييفية» في القرن الحادي عشر.
نحن بالتأكيد نتعاطف مع حوالي ثلاثة ملايين أوكراني لجئوا إلى الدول المجاورة وخاصة بولندا، ومع حوالي ستة ملايين نزحوا من بيوتهم داخل أوكرانيا، ومع الأبرياء والمدنيين الأوكرانيين الذين ماتوا أو تشردوا او فقدوا ممتلكاتهم، وخاصة أن شعبنا الفلسطيني هو من أكثر شعوب العالم معاناة من اللجوء والنزوح والتشريد والقتل الذي بدأ وما زال مستمرا منذ احتلال العصابات الصهيونية لأرضنا فلسطين قبل أربعة وسبعين عاما.
إن السبب الرئيسي في تصلب الغرب ورفضه إعطاء الضمانات الأمنية لروسيا يكمن في أن الإدارة الأميركية تطمح إلى أن تبقي العالم تحت سيطرة القطب الواحد الذي تهيمن عليه، ومنع أي محاولة للخروج من تحت هيمنتها أو أي محاولة لمواجهة تفردها في تقرير مصير العالم، وبشكل أكثر خصوصية فيما يتعلق بأوكرانيا فإن رفض الحكومة الأوكرانية والغرب للمطالب الروسية يتمثل بالأطماع الغربية في منطقة «الدونباس» والسيطرة على ثرواتها وبخاصة غناها بالغاز الصخري الذي يعتبر محط أطماع شركات الطاقة الأميركية التي تسعى لاستخراجه وبيعه لأوروبا بدلا عن الغاز الروسي، عوضاً عن أنها تحتوي على واحد من أكبر احتياطيات الفحم في العالم إضافة لموقعها الاستراتيجي.
صحيح أن أميركيا استطاعت تجنيد 39 دولة في العالم بما فيها دول الاتحاد الأوروبي واليابان وكندا، ودفعتها الى فرض عقوبات اقتصادية على روسيا، بما في ذلك تقييد قدرتها على الوصول الى نظام المدفوعات العالمي «سويفت»
وفرض حظر كامل على الاستثمارات في روسيا، من شأنها أن تضع قيودا ثقيلة أمام روسيا وتحد من قدرة بنوكها على الوصول إلى نظام «سويفت» لمدفوعات التصدير والاستيراد وما يترتب على ذلك من احتمالات خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي في النصف الثاني من عام 2022 بمقدار 3,5 بالمائة.
إن حجم العقوبات الاقتصادية المتخذة بحق روسيا، إضافة إلى قيام هذه الدول وتسابقها على تزويد أوكرانيا بمختلف أنواع الأسلحة، بل والضغط على قوى ودول أخرى كالصين بهدف الانضمام إلى حملة العقوبات بل وتهديدها في حال لم ترضخ للضغط الأميركي، كما أن حجم الدعاية الغربية والماكينة الإعلامية المعادية لروسيا والتي لم يسبق لها مثيل، كل ذلك هو بمثابة إعلان حرب عالمية على الاتحاد الروسي، ليست أقل عدوانية من الحربين العالميتين الأولى والثانية وأن اقتصرت حتى الآن على الساحة الروسية أو بأدوات مختلفة، إلا أن عضوية روسيا في مجموعة «بريكس» للاقتصاديات الصاعدة والتي تضم عددا من الدول كالبرازيل والصين والهند وجنوب إفريقيا ،واحتياج هذه الدول وغيرها الكبير للطاقة سيكون من السهل على روسيا تسويق نفطها، وسيحول دون أن تصبح هذه العقوبات فعّالة لدرجة تجبر روسيا على التراجع أو التوقف في منتصف الطريق.
هذا عوضا عن أن أوروبا تعتمد بأكثر من 40% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي على روسيا كما أنها تعتبر من أكبر أسواق النفط الروسي الذي يشكل حوالي 27% من احتياجاتها، هذا بالإضافة إلى كونها ثاني أكبر منتج للقمح في العالم، وبالتالي فإن دول الاتحاد الأوروبي تعرض نفسها لخسائر أكبر من تلك التي تطال الولايات المتحدة الأميركية بفعل العقوبات.
وفي المحصلة يبدو واضحاً أن روسيا الاتحادية كانت تعد نفسها لمثل هذه العقوبات منذ العام 2014 أي منذ الإعلان عن عودة القرم إلى الحضن الروسي وما صاحب ذلك من عقوبات غربية، فقد بنت روسيا الاتحادية لنفسها اقتصادًا شبه محصن من تداعيات هكذا عقوبات ووضعت أمن البلاد في كفة والوضع الاقتصادي في الكفة الأخرى ووازنت بين الأمرين بكيفية فاجأت الكثيرين وأربكت حساباتهم ■
وحتى الحشود العسكرية على الحدود الروسية المحاذية لأوكرانيا لم يكن هدفها إلا الضغط السياسي حتى تذعن أوكرانيا للمطالب الروسية المحّقة، إلا أن تدخل الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا ورفضها الضمانات الأمنية التي تطالب بها روسيا اضطر الاتحاد الروسي إلى التدخل عسكريا في أوكرانيا.
أي أن حرب أو عملية عسكرية محدودة يدفع ثمنها ومعظم ضحاياها حتما هم المدنيون الأبرياء الذين يعانون بسبب الأخطاء السياسية لقادتهم ولقراراتهم، وخاصة في أوكرانيا التي عاشت وما زالت حالة مزرية من التبعية للغرب، متجاهلة التاريخ المشترك مع الاتحاد الروسي ومتناسية أن أول قيصرية روسية كان اسمها «قيصرية كييف الروسية» أو «روس الكييفية» في القرن الحادي عشر.
نحن بالتأكيد نتعاطف مع حوالي ثلاثة ملايين أوكراني لجئوا إلى الدول المجاورة وخاصة بولندا، ومع حوالي ستة ملايين نزحوا من بيوتهم داخل أوكرانيا، ومع الأبرياء والمدنيين الأوكرانيين الذين ماتوا أو تشردوا او فقدوا ممتلكاتهم، وخاصة أن شعبنا الفلسطيني هو من أكثر شعوب العالم معاناة من اللجوء والنزوح والتشريد والقتل الذي بدأ وما زال مستمرا منذ احتلال العصابات الصهيونية لأرضنا فلسطين قبل أربعة وسبعين عاما.
إن السبب الرئيسي في تصلب الغرب ورفضه إعطاء الضمانات الأمنية لروسيا يكمن في أن الإدارة الأميركية تطمح إلى أن تبقي العالم تحت سيطرة القطب الواحد الذي تهيمن عليه، ومنع أي محاولة للخروج من تحت هيمنتها أو أي محاولة لمواجهة تفردها في تقرير مصير العالم، وبشكل أكثر خصوصية فيما يتعلق بأوكرانيا فإن رفض الحكومة الأوكرانية والغرب للمطالب الروسية يتمثل بالأطماع الغربية في منطقة «الدونباس» والسيطرة على ثرواتها وبخاصة غناها بالغاز الصخري الذي يعتبر محط أطماع شركات الطاقة الأميركية التي تسعى لاستخراجه وبيعه لأوروبا بدلا عن الغاز الروسي، عوضاً عن أنها تحتوي على واحد من أكبر احتياطيات الفحم في العالم إضافة لموقعها الاستراتيجي.
صحيح أن أميركيا استطاعت تجنيد 39 دولة في العالم بما فيها دول الاتحاد الأوروبي واليابان وكندا، ودفعتها الى فرض عقوبات اقتصادية على روسيا، بما في ذلك تقييد قدرتها على الوصول الى نظام المدفوعات العالمي «سويفت»
وفرض حظر كامل على الاستثمارات في روسيا، من شأنها أن تضع قيودا ثقيلة أمام روسيا وتحد من قدرة بنوكها على الوصول إلى نظام «سويفت» لمدفوعات التصدير والاستيراد وما يترتب على ذلك من احتمالات خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي في النصف الثاني من عام 2022 بمقدار 3,5 بالمائة.
إن حجم العقوبات الاقتصادية المتخذة بحق روسيا، إضافة إلى قيام هذه الدول وتسابقها على تزويد أوكرانيا بمختلف أنواع الأسلحة، بل والضغط على قوى ودول أخرى كالصين بهدف الانضمام إلى حملة العقوبات بل وتهديدها في حال لم ترضخ للضغط الأميركي، كما أن حجم الدعاية الغربية والماكينة الإعلامية المعادية لروسيا والتي لم يسبق لها مثيل، كل ذلك هو بمثابة إعلان حرب عالمية على الاتحاد الروسي، ليست أقل عدوانية من الحربين العالميتين الأولى والثانية وأن اقتصرت حتى الآن على الساحة الروسية أو بأدوات مختلفة، إلا أن عضوية روسيا في مجموعة «بريكس» للاقتصاديات الصاعدة والتي تضم عددا من الدول كالبرازيل والصين والهند وجنوب إفريقيا ،واحتياج هذه الدول وغيرها الكبير للطاقة سيكون من السهل على روسيا تسويق نفطها، وسيحول دون أن تصبح هذه العقوبات فعّالة لدرجة تجبر روسيا على التراجع أو التوقف في منتصف الطريق.
هذا عوضا عن أن أوروبا تعتمد بأكثر من 40% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي على روسيا كما أنها تعتبر من أكبر أسواق النفط الروسي الذي يشكل حوالي 27% من احتياجاتها، هذا بالإضافة إلى كونها ثاني أكبر منتج للقمح في العالم، وبالتالي فإن دول الاتحاد الأوروبي تعرض نفسها لخسائر أكبر من تلك التي تطال الولايات المتحدة الأميركية بفعل العقوبات.
وفي المحصلة يبدو واضحاً أن روسيا الاتحادية كانت تعد نفسها لمثل هذه العقوبات منذ العام 2014 أي منذ الإعلان عن عودة القرم إلى الحضن الروسي وما صاحب ذلك من عقوبات غربية، فقد بنت روسيا الاتحادية لنفسها اقتصادًا شبه محصن من تداعيات هكذا عقوبات ووضعت أمن البلاد في كفة والوضع الاقتصادي في الكفة الأخرى ووازنت بين الأمرين بكيفية فاجأت الكثيرين وأربكت حساباتهم ■
أضف تعليق