حل الدولة الواحدة … مصيدة سياسية
تتزايد مخاوف الفلسطينيين ويستشعروا القلق العميق من تلاشي امكانية إقامة الدولة الفلسطينية وذلك في ضوء تسارع وتيرة الاستيطان في القدس وفي العديد من مناطق الضفة الغربية . الكثير من دول العالم المساندة لحقوق الشعب الفلسطيني يساورها نفس القلق. وعندما ترفع تلك الدول نبرة نقدها إزاء تسارع وتيرة النشاطات الاستيطانية فإنها تفعل ذلك من منطلق حرصها على الاعلان السياسي عن تمسكها بحل الدولتين والتعبير عن رفضها التسليم بالأمر الواقع الذي تسعى اسرائيل لفرضه في الضفة الغربية، وللضغط عليها لوقف إجراءاتها الاستيطانية التي يمكن أن تجعل ذلك الحل غير ممكن.
وبالرغم من احجام تلك الدول عن اتخاذ خطوات عملية باتجاه الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية، ورغم ادراكها للعقبات والصعوبات التي تعيق حل الدولتين فإنها تواصل الاعلان عن تمسكها بذلك الحل المستند لقرارات الشرعية الدولية.
ما يثير الاستغراب هو مسارعة بعض الأوساط الفلسطينية لتبني مواقف تدعو للتخلي عن حل الدولتين باعتبار ذلك الحل قد انتهى واصبح في حكم المستحيل، لتشرع انطلاقاً من ذلك في تقديم بدائل وحلول وهمية من نمط حل الدولة الواحدة وذلك كبديل لحل الدولتين.
التنازل الفلسطيني عن حل الدولتين بدعوى أن الاجراءات الاسرائيلية الاستيطانية واسعة النطاق قد أغلقت الأفق موضوعياً أمام إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، يعني عملياً التخلي عن قرارات الشرعية الدولية المساندة للحقوق الوطنية الفلسطينية؛ ويعني إدارة الظهر لكل المكاسب التي حققها نضال الشعب الفلسطيني على امتداد العقود الماضية على الصعيد العالمي وفي الأمم المتحدة وفي مختلف المؤسسات الدولية وكذلك على صعيد الرأي العام العالمي وعلى المستوى الشعبي العام.
التنازل عن المطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة لا يعني بالضرورة أن حل الدولة الواحدة هو البديل الممكن. فحتى لو بات حل الدولتين مستحيلاً فإن حل الدولة الواحدة المطروح كبديل مفترض هو أكثر استحالة وأقرب الى الوهم من حل الدولتين، كونه بالأساس مرفوض بشكل مطلق من قبل اسرائيل وحتى من قبل المجتمع الدولي.
ومن الطبيعي في حال التبني الفلسطيني الرسمي لحل الدولة الواحدة أن تقفز الى السطح حلولاً أخرى مريبة الى جانب ذلك الحل الوهمي؛ وسوف تبدو تلك الحلول الأخرى أكثر واقعية وأقرب للتحقق من حل الدولة الواحدة؛ على غرار الحل الذي أسماه نيتنياهو حل (أقل من دولة مستقلة)، أو الحلول الاقتصادية والأمنية التي توصف بأنها إبداعية والتي لا تستهدف في الحقيقة سوى تكريس الاحتلال وإبقاء السيطرة الامنية والسيادة الاسرائيلية على الضفة الغربية، كالحل الذي طرحته صفقة ترامب الشهيرة، أو كالحل المموه بإسم الكونفدرالية سواء مع اسرائيل أو مع الاردن، والذي لا يقدم سوى إطاراً خادعاً لتأمين ديمومة سيطرة وسيادة الاحتلال الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية.
طروحات الدولة الواحدة إذاً ليست في الحقيقة سوى غطاء للتمويه أو للتمهيد لتلك الحلول الاقتصادية الهزيلة التي أعلن الشعب الفلسطيني رفضه الحاسم لها، ذلك لإدراكه بأن التنازل عن هدف اقامة دولة فلسطينية مستقلة الى جانب دولة إسرائيل يعني بالمحصلة التخلي الطوعي عن هدف التخلص من الاحتلال وعن المطالبة بتحقيق الحرية والاستقلال الحقيقي المستحق لشعبنا، مقابل الاكتفاء برفع شعارات كبيرة ووهمية كشعار الدولة الواحدة والتي يسهل على اسرائيل مجابهتها والتحريض عليها في أوساط الرأي العام الاسرائيلي وعلى الصعيد العالمي.
الشعب الفلسطيني يدرك أن مشروع الدولة الواحدة الوهمي سوف يريح اسرائيل ويحررها من الضغوط ويطلق يدها لمزيد من إجراءات المصادرة والتهويد في الضفة الغربية. كما أنه سيعفي العالم من مسؤولياته في الضغط على اسرائيل لإلزامها بالانسحاب من الاراضي المحتلة عام 1967. فطالما تخلى الفلسطينيون أنفسهم عن مطالبتهم بحقهم في اقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني فليس هناك ما يدعو المجتمع الدولي لدعم حلول وهمية تتحدث عن دولة واحدة تقوم على انقاض دولة هي عضو في الامم المتحدة ومعترف بها على الصعيد العالمي وحتى على الصعيد العربي الا وهي اسرائيل . فما الذي يتبقى إذاً على طاولة المجتمع الدولي اذا ما تمت إزاحة حل الدولتين عن الاجندة؟ إن حل الدولة الواحدة الوهمي سيؤدي بالتأكيد الى فتح الباب واسعاً امام الحلول والمخططات المريبة التي تجري حياكتها في الخفاء من قبل الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل وبمشاركة أوساط عربية وإقليمية معروفة، وتسعى من خلالها لإقامة دويلة فلسطينية في قطاع غزة وتحويل ما تبقى من الضفة الغربية الى كانتونات خاضعة للسيادة وللسيطرة الاسرائيلية الأمنية وتكريس الاحتلال وتهويد القدس.
من المؤكد ان أي إنزلاق فلسطيني نحو تبني حلول وخيارات سياسية من هذا القبيل من شأنه بالنتيجة أن يؤدي الى مزيد من تهميش الحق الفلسطيني في التخلص من الاحتلال الصهيوني واستبعاد القضية الفلسطينية من أجندة المجتمع الدولي، وإلى إلحاق أفدح الضرر بالنضال الوطني الفلسطيني وتبديد التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب الفلسطيني على امتداد العقود الماضية.
بالإختصار ، مهما كان حجم الصعوبات الموضوعية والعقبات التي تقف مانعاً أمام تحقيق هدف اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية الا أن التمسك بهذا الهدف يبقى هو المدخل والسياق العملي الوحيد الذي على قاعدته يمكن المضي في النضال من أجل التحرر من الاحتلال؛ وذلك من خلال تعزيز الوحدة الداخلية لشعبنا ورص صفوف كافة قواه الوطنية التي تستشعر المسؤولية الوطنية بعيداً عن المزايدات والشعارات العدمية والطروحات الطائشة، على طريق تحقيق الاستقلال الفعلي المستحق لشعبنا ■
وبالرغم من احجام تلك الدول عن اتخاذ خطوات عملية باتجاه الاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية، ورغم ادراكها للعقبات والصعوبات التي تعيق حل الدولتين فإنها تواصل الاعلان عن تمسكها بذلك الحل المستند لقرارات الشرعية الدولية.
ما يثير الاستغراب هو مسارعة بعض الأوساط الفلسطينية لتبني مواقف تدعو للتخلي عن حل الدولتين باعتبار ذلك الحل قد انتهى واصبح في حكم المستحيل، لتشرع انطلاقاً من ذلك في تقديم بدائل وحلول وهمية من نمط حل الدولة الواحدة وذلك كبديل لحل الدولتين.
التنازل الفلسطيني عن حل الدولتين بدعوى أن الاجراءات الاسرائيلية الاستيطانية واسعة النطاق قد أغلقت الأفق موضوعياً أمام إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، يعني عملياً التخلي عن قرارات الشرعية الدولية المساندة للحقوق الوطنية الفلسطينية؛ ويعني إدارة الظهر لكل المكاسب التي حققها نضال الشعب الفلسطيني على امتداد العقود الماضية على الصعيد العالمي وفي الأمم المتحدة وفي مختلف المؤسسات الدولية وكذلك على صعيد الرأي العام العالمي وعلى المستوى الشعبي العام.
التنازل عن المطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة لا يعني بالضرورة أن حل الدولة الواحدة هو البديل الممكن. فحتى لو بات حل الدولتين مستحيلاً فإن حل الدولة الواحدة المطروح كبديل مفترض هو أكثر استحالة وأقرب الى الوهم من حل الدولتين، كونه بالأساس مرفوض بشكل مطلق من قبل اسرائيل وحتى من قبل المجتمع الدولي.
ومن الطبيعي في حال التبني الفلسطيني الرسمي لحل الدولة الواحدة أن تقفز الى السطح حلولاً أخرى مريبة الى جانب ذلك الحل الوهمي؛ وسوف تبدو تلك الحلول الأخرى أكثر واقعية وأقرب للتحقق من حل الدولة الواحدة؛ على غرار الحل الذي أسماه نيتنياهو حل (أقل من دولة مستقلة)، أو الحلول الاقتصادية والأمنية التي توصف بأنها إبداعية والتي لا تستهدف في الحقيقة سوى تكريس الاحتلال وإبقاء السيطرة الامنية والسيادة الاسرائيلية على الضفة الغربية، كالحل الذي طرحته صفقة ترامب الشهيرة، أو كالحل المموه بإسم الكونفدرالية سواء مع اسرائيل أو مع الاردن، والذي لا يقدم سوى إطاراً خادعاً لتأمين ديمومة سيطرة وسيادة الاحتلال الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية.
طروحات الدولة الواحدة إذاً ليست في الحقيقة سوى غطاء للتمويه أو للتمهيد لتلك الحلول الاقتصادية الهزيلة التي أعلن الشعب الفلسطيني رفضه الحاسم لها، ذلك لإدراكه بأن التنازل عن هدف اقامة دولة فلسطينية مستقلة الى جانب دولة إسرائيل يعني بالمحصلة التخلي الطوعي عن هدف التخلص من الاحتلال وعن المطالبة بتحقيق الحرية والاستقلال الحقيقي المستحق لشعبنا، مقابل الاكتفاء برفع شعارات كبيرة ووهمية كشعار الدولة الواحدة والتي يسهل على اسرائيل مجابهتها والتحريض عليها في أوساط الرأي العام الاسرائيلي وعلى الصعيد العالمي.
الشعب الفلسطيني يدرك أن مشروع الدولة الواحدة الوهمي سوف يريح اسرائيل ويحررها من الضغوط ويطلق يدها لمزيد من إجراءات المصادرة والتهويد في الضفة الغربية. كما أنه سيعفي العالم من مسؤولياته في الضغط على اسرائيل لإلزامها بالانسحاب من الاراضي المحتلة عام 1967. فطالما تخلى الفلسطينيون أنفسهم عن مطالبتهم بحقهم في اقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني فليس هناك ما يدعو المجتمع الدولي لدعم حلول وهمية تتحدث عن دولة واحدة تقوم على انقاض دولة هي عضو في الامم المتحدة ومعترف بها على الصعيد العالمي وحتى على الصعيد العربي الا وهي اسرائيل . فما الذي يتبقى إذاً على طاولة المجتمع الدولي اذا ما تمت إزاحة حل الدولتين عن الاجندة؟ إن حل الدولة الواحدة الوهمي سيؤدي بالتأكيد الى فتح الباب واسعاً امام الحلول والمخططات المريبة التي تجري حياكتها في الخفاء من قبل الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل وبمشاركة أوساط عربية وإقليمية معروفة، وتسعى من خلالها لإقامة دويلة فلسطينية في قطاع غزة وتحويل ما تبقى من الضفة الغربية الى كانتونات خاضعة للسيادة وللسيطرة الاسرائيلية الأمنية وتكريس الاحتلال وتهويد القدس.
من المؤكد ان أي إنزلاق فلسطيني نحو تبني حلول وخيارات سياسية من هذا القبيل من شأنه بالنتيجة أن يؤدي الى مزيد من تهميش الحق الفلسطيني في التخلص من الاحتلال الصهيوني واستبعاد القضية الفلسطينية من أجندة المجتمع الدولي، وإلى إلحاق أفدح الضرر بالنضال الوطني الفلسطيني وتبديد التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب الفلسطيني على امتداد العقود الماضية.
بالإختصار ، مهما كان حجم الصعوبات الموضوعية والعقبات التي تقف مانعاً أمام تحقيق هدف اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية الا أن التمسك بهذا الهدف يبقى هو المدخل والسياق العملي الوحيد الذي على قاعدته يمكن المضي في النضال من أجل التحرر من الاحتلال؛ وذلك من خلال تعزيز الوحدة الداخلية لشعبنا ورص صفوف كافة قواه الوطنية التي تستشعر المسؤولية الوطنية بعيداً عن المزايدات والشعارات العدمية والطروحات الطائشة، على طريق تحقيق الاستقلال الفعلي المستحق لشعبنا ■
أضف تعليق