25 كانون الأول 2024 الساعة 10:20

دائرة المقاطعة في الجبهة الديمقراطية: مقاربة بين حركة المقاطعة في جنوب أفريقيا وحركة المقاطعة (BDS) (ج3)

2021-07-31 عدد القراءات : 679

نظام الفصل العنصري الإسرائيلي

تشير الأدلة المتوفرة بأن «إسرائيل» مسؤولة عن إرتكاب جرائم ضد الإنسانية بالمعنى المقصود بالمادة 2(أ) و 2(ج) و2(د) و2(و) من إتفاقية الفصل العنصري.

المادة 2(أ):

تتعلق هذه المادة بإنكار المجموعة العرقية الحق بالحياة والحرية الشخصية التي تشمل سياسات الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية والتي هي:

-       الحرمان من الحق في الحياة من خلال القتل خارج النطاق القانوني للفلسطينيين بموافقة الدولة، بما في ذلك إستهداف القادة السياسيين والمسلحين في الأوقات التي لم يكونوا فيها مشاركين في الأعمال العدائية، حيث كانوا محميين من قبل القانون الدولي الإنساني، وهذا ما حصل بالإنتفاضة عام 2000، ما أدى في كثير من الأحيان إلى قتل المارة الأبرياء أو إصابتهم بأضرار خطيرة.

-       وضعت المحكمة العليا الإسرائيلية قيوداً على هذه الممارسات إلى حد إعلانها عن عدم قانونية هذه الأفعال في 13 كانون الأول 2006، ولكن هذه الممارسات مستمرة بقتل الناشطين الفلسطينيين خارج نطاق القانون وإعتقالهم وتقديمهم للمحاكمة.

-       تنتهك «إسرائيل» أيضاً الحق في الحياة في سياق نظام عسكري إسرائيلي (إرهاب الدولة) عندما تشن غارات على الأراضي الفلسطينية المحتلة التي غالباً ما يتواجد فيها الأبرياء والمدنيون، وإستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين المدنيين بشكل متكرر والتي تؤدي إلى الموت كما حصل في مسيرات العودة بغزة.

-       كما أن حرمان الشخص من الحرية مطبق منذ بداية الإحتلال العسكري الإسرائيلي، حيث إنطوت السياسة الإسرائيلية على إعتقال وإحتجاز عدد كبير من الفلسطينيين، وقد أشارت إحصائية المراقبين في الأمم المتحدة في 14 ايار 2009 أن عدد المسجونين الفلسطينيين منذ عام 1967 أكثر من 650 الف، 40% منهم من الذكور، ولكن لم يتم توثيق التعذيب المذكور في القانون الدولي بعد أن أدرج القانون الإسرائيلي في المحكمة العليا الإسرائيلية عام 1999، إعتبار وسائل الإستجواب الوحشية وغير الإنسانية غير قانونية إلا في الحالات الضرورية، وفرضت عليهم عقوبات عالية، كما إستخدمت الضغط والتهديد لإنتزاع المعلومات من الأسرى، كما ورد في تقرير اللجنة الرسمية الإسرائيلية ضد الحكومة الإسرائيلية في تقرير لها المدرج برقم 5100/94 بالفقرة 53(4). أما الفلسطينيون الأمنيون الموجودون في سجون الإحتلال قدر عددهم 9498 حسب الرسالة الإسرائيلية لشؤون السجناء في 6 تشرين الثاني 2006، ووصل عددهم إلى 4279 عام 2020.

-       يتعرض الأسرى الفلسطينيون أسوأ معاملة بشكل روتيني أثناء سجنهم، إلا أن السجناء الإسرائيليين اليهود مصنفون على أنهم سجناء أمنيون ويحصلون على إمتيازات، بما في ذلك الزيارات الزوجية. بينما الإعتقالات التعسفية الإدارية بحق الفلسطينيين مازالت سارية بدون تهمة أو محاكمة، وقد برزت هذه السمة أثناء الإنتفاضة الثانية عام 2000.

-       في ظل النظام العسكري الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تنفذ الأوامر من المحكمة العسكرية الإسرائيلية وهو ما يعتبر غير لائق وغير متوافق مع المعايير الدولية فيما يتعلق بالإجراءات القانونية الواجبة وإقامة العدالة، ومازالت المحاكم العسكرية الإسرائيلية تدين المدنيين الفلسطينيين بمن فيهم الأطفال، حيث تصل أوامر الإحتجاز إلى 6 أشهر دون تهمة أو محاكمة وهي قابلة للتجديد.

-       أما قطاع غزة، فما يزال تحت الإحتلال الحربي، وقد قدمت «إسرائيل» فك إرتباط أحادي الجانب عام 2005 بهدف تبديد الإدعاءات المتعلقة بمسؤولية «إسرائيل» عن الفلسطينيين في قطاع غزة، وهكذا تم إلغاء الأوامر العسكرية الإسرائيلية في غزة، ومع ذلك لم ينتج عنه نقل السلطة الكاملة لإقامة العدالة في غزة من «إسرائيل» إلى الفلسطينيين، بل سنت تشريعات تتعلق بقانون الإجراءات الجنائية على قطاع غزة عام 2006 للسماح لهم بسجن المشتبه بهم ومحاكمتهم في المحاكم المدنية الإسرائيلية، لم يكن ذلك إلا للرغبة بالسيطرة المباشرة على إقامة العدالة في غزة الذي تم تطبيقه بشكل حصري ضد سكان غزة، وبحسب وحدة التحقيقات في جهاز الأمن العام الاسرائيلي GSS بشأن إمكانية تطبيق القانون على 90% من المعتقلين في قطاع غزة، ولكن هناك بند في القانون الإسرائيلي عام 2006 يسمح بالحبس الإحتياطي من المشتبه بهم لأسباب أمنية، كان من المقرر تمديدها غيابياً وتم إسقاطها في شباط 2010 من قبل المحكمة العليا الإسرائيلية، وتم تعديل على الفور المادة 2 من قانون أصول المحاكمات الجزائية لتجاوز حكم المحكمة العليا الإسرائيلية وإزالة الضمانات الإجرائية من المحتجزين الفلسطينيين بقانون 2010، لينطبق عملياً مرة أخرى بشكل أساسي على المعتقلين في غزة. وقد أصدرت سلطات الإحتلال العسكرية أوامر إعتقال بقانون عام 2002 بحق إثنين من قطاع غزة، بعد أن سن القانون في الأصل لإمكانية محتملة بتبادل الأسرى مع المواطنين اللبنانيين في المقام الأول بإعتقال فلسطينيين من قطاع غزة دون محاكمة.

المادة 2(ج):

في إتفاقية الفصل العنصري بند واسع يعد من أفعال الفصل العنصري والذي هو أي تدبير يهدف إلى منع مجموعة عرقية من المشاركة في الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية ولاسيما الحرمان من الحقوق الإنسانية والحريات الأساسية، وسنستشهد بتسعة من هذه الحقوق المدنية والسياسية التي تم خرقها والتي هي ذات صلة مباشرة بالتنمية الإجتماعية والإقتصادية والثقافية، والأدلة على ذلك كثيرة التي تشير بأن إسرائيل تنكر بإستمرار هذه الحقوق للفلسطينيين بحسب إستنتاجات HSRC المتعلقة بالحقوق والحرية التي نصت عليها المادة 2(ج) من إتفاقية الفصل العنصري نذكر منها:

1.    القيود على الفلسطينيين في حق حرية التنقل، بما في ذلك سيطرة إسرائيل على المعابر الحدودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعوائق واسعة أمام السفر والوصول، وآثار الجدار ونقاط التفتيش، وأنظمة التصاريح وبطاقات الهوية المعيقة والشاملة.

2.    تقييد حرية الفلسطينيين في الإقامة من خلال إدارة ممنهجة بسبب القيود المفروضة على الإقامة والبناء في القدس الشرقية، ومن خلال التشريعات التمييزية التي تعمل على منع الأزواج الفلسطينيين من العيش معاً على أساس أي جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة التي نشأوا منها، وقيود التصريح والهوية.

3.    يحرم الفلسطيني بشكل منهجي من التمتع بحقه في المغادرة والعودة إلى بلده، كما لا يسمح للاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة (يبلغ عددهم 1.8 مليون شخص) بالعودة إلى ديارهم ولا يسمح للاجئين خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة بالعودة إلى أي منها (يبلغ عددهم 4.5 مليون شخص). كما نزح مئات الآلاف من الضفة الغربية وغزة خلال حرب 1967، ومنعوا من العودة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما يجب على الفلسطينيين المقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة الحصول على إذن إسرائيلي لمغادرة الأرض، وغالباً ما يتعرض الناشطون السياسيون والمدافعون عن حقوق الانسان إلى حظر السفر التعسفي، بينما سافر العديد من الفلسطينيين إلى الخارج لأسباب تجارية أو شخصية وتم إبطال بطاقات الإقامة الخاصة بهم ومنعوا من العودة.

4.    يحرم الفلسطينيون من حقهم في الجنسية بطريقتين: الأولى أن «إسرائيل» تنفي فلسطين واللاجئين الذين يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذين فروا من منازلهم داخل الخط الأخضر وتحظر عودتهم وإقامتهم والحصول على الجنسية الاسرائيلية التي تحكم أرض ولادتهم. والثانية تحرم «إسرائيل» الفلسطينيين من حقهم في الجنسية من خلال إعاقة ممارسة حق الفلسطيني في تقرير المصير من خلال منع إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.

5.    يقيد الفلسطينيون بحقهم في العمل من خلال السياسات الإسرائيلية الشديدة التقليص للأراضي الزراعية والصناعية الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن خلال تقييد الصادرات والواردات، وعرقلة الحركة الداخلية للفلسطينيين، بما في ذلك وصولهم إلى الأراضي الزراعية الخاصة، والسفر للعمل داخل «إسرائيل» في السنوات الاخيرة، إلى أن وصلت البطالة في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى 50%.

6.     عدم الإعتراف بالنقابات الفلسطينية من قبل الحكومة الإسرائيلية أو من قبل أكبر نقابة عمالية إسرائيلية «الهستدروت» على الرغم من وجودها، ولا يمكن تمثيل الفلسطينيين بشكل فعال لدى أرباب العمل والشركات الإسرائيلية، كما أن النقابات الفلسطينية محظورة من العمل في المستوطنات الإسرائيلية على الرغم من أنهم مطالبون بدفع المستحقات، لكن «الهستدروت» لا يمثل مصالح وإهتمامات العمال الفلسطينيين، فبات لا صوت لهم يقر حقوقهم المهدورة، بدءا من الصرف التعسفي وغيره من مشاكل العمل كالتعويضات والحد الادنى للأجور.

7.    لا يتأثر التعليم بشكل أساسي بالسياسة الإسرائيلية سوى بالمناهج وتغييرها لما يعجبهم من تاريخ وغيره في المستوطنات، ولكن ما يعيقه هو الحكم العسكري الإسرائيلي وما يشمله من أعمال عسكرية ما أدى إلى إغلاق المدارس على نطاق واسع، والهجمات المباشرة عليها، وقيود مشددة على حركة الطلاب والمعلمين وإحتجازهم أو إعتقالهم بعد أن منعت «إسرائيل» تصاريح الخروج خاصة للفلسطينيين من غزة ومنع الآلاف من الطلاب من إستكمال العام الدراسي في الخارج.

8.    يحرم الفلسطينيون من حقهم في التعبير من خلال قوانين الرقابة المطبقة من قبل السلطات العسكرية والمصادقة على تصاريح عسكرية لعملهم كصحفيين من المجلس الأعلى للمحكمة بعد موافقة إدارة المطبوعات عليها من رتبة نقيب عسكري. وقد حد مكتب الصحافة الحكومي عام 2001 إعتماد الصحافة الفلسطينية، كما يتعرضون للإحتجاز والمضايقات ومصادرة معداتهم ووصلت إلى حد قتل بعض الصحفيين.

9.    إعاقة حق الفلسطيني في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات من خلال الأوامر العسكرية التي تحظر التجمعات العامة لعشرة أشخاص وأكثر دون تصريح من القيادة العسكرية الإسرائيلية. كما يقوم الجيش بقمع المظاهرات السلمية بشكل منتظم بالذخائر الحية والغاز المسيل للدموع، والإعتقالات. بالإضافة إلى عدم شرعية الأحزاب السياسية الفلسطينية والمؤسسات المرتبطة بها، مثل الجمعيات الخيرية والثقافية التي تم إغلاق معظمها.

يشير إتساع وإتساق هذه الإنتهاكات إلى أنها لا تحدث من عزلة، لأنها جزء من نظام يعمل للسيطرة على الفلسطينيين وعلى الأراضي الفلسطسينية المحتلة وقمع أي معارض لتلك الهيمنة. يلاحظ أن شبكة الأوامر والأنظمة العسكرية غامضة نسبياً فيتعذر الوصول إليها إلى جانب القيود البيروقراطية والتي غالبا ما تكون عنصرية في التنفيذ بدلاً من الورق، مما يجعل عمق التمييز بشكل منهجي وعميق أقل وضوحاً من جنوب أفريقيا.

يظهر الوضوح الكامل للفصل العنصري في الضفة الغربية بعد إنشاء شبكات طرقات منفصلة وغير متكافئة إلى حد كبير للمستوطنين اليهود دون أي سند قانوني واضح ودون أي إخطار أو تحفظ، وقد نشر ريتشارد غولدستون مقال رأي في نيويورك تايمز في تشرين الثاني 2011 تقرير لبعثة تقصي الحقائق التابعة للامم المتحدة عام 2009 بشأن نزاع غزة حيث يشير الى الفصل العنصري وانتهاك المادة 2(أ) و2(ج) من إتفاقية الفصل العنصري، ويستحضر التقرير أدلة على التمييز بين الفلسطينيين واليهود الإسرائيليين في مجالات تشمل السلطات القضائية، الأراضي، السكن، الوصول إلى الموارد الطبيعية، المواطنة، الإقامة، لم شمل الأسرة، الوصول إلى الإمدادات الغذائية والمياه، إستخدام القوة ضد المتظاهرين، حرية الحركة، الصحة، التعليم والخدمات الإجتماعية وتأسيس الجمعيات حيث ورد ذلك في التقرير بكل من الفقرات 113، 206،208، 938، 1427، 1577، 1579، 1616.

المادة 2(د):

-       تشير هذه المادة من إتفاقية الفصل العنصري بحظر التدابير الدافعة إلى تقسيم السكان بحسب العرق، كما يمكن فهمها على أنها سمة أساسية داعمة لنظام الفصل العنصري. إن السياسات التي إنتهجتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خلال فترة الإحتلال وخاصة أواخر السبعينيات بلغت ذروتها ببناء الجدار عام 2002، الذي قسم الأراضي المحتلة وحصر الفلسطينيين فيها.

-       إستمرت عمليات الإغلاق والقيود المفروضة على الحركة من وإلى قطاع غزة بشكل مطرد منذ إبعاد المستوطنين اليهود عام 2005 كما تم تجزئة باقي الضفة الغربية ومنع الفلسطينيين من دخول الأراضي دون تصريح، إذ تشكل أراضي الضفة الغربية 30% من وادي الأردن، حيث الأراضي الخصبة ومصادر المياه التي تم مصادرتها والهيمنة عليها، وإنشاء كانتونات منفصلة بموجب التشريع العسكري الذي تم تدميره مع بداية الإحتلال عام 1967.

-       تم إغلاق جزء كبير من وادي الأردن أمام الفلسطينيين في أعقاب 5 عقود من بناء المستوطنات ومصادرة المزيد من الأراضي حيث تسيطر «إسرائيل» على 78.3% من وادي الأردن، و15% تحت السيطرة المباشرة للمستوطنات (448672 مستوطن يهودي في 7892 مستوطنة)، و40% مناطق عسكرية مغلقة وأكثر من 20% محميات طبيعية مغلقة أمام تنقل الفلسطينيين لتوسيع رقعة المستوطنات. بالإضافة إلى سياسات التهجير القسري وتقليل عدد السكان الفلسطينيين في غور الأردن من 200 ألف إلى 56 ألف عام 2011. كما منعت الفلسطينين من الوصول إلى الشواطئ الفلسطينية للبحر الميت.

-       أما الجدار الذي بدأت «إسرائيل» ببنائه عام 2002، والذي يعد مخالفاً للقانون الدولي من قبل قرار محكمة العدل الدولية في 2004، ومن الواضح أن قضية الأمن هي لتبرير الجدار. فإن 40% من مساحة الضفة الغربية تم تخصيصها لإفساح المجال أمام المستوطنات الإسرائيلية وربطها بشبكات طرق تربط المستوطنات ببعضها البعض.

المادة 2(و):

تتعلق هذه المادة من إتفاقية الفصل العنصري بإضطهاد المنظمات والأشخاص الذين يعارضون نظام الفصل العنصري السائد، فالإضطهاد في هذا السياق يؤدي إلى الحرمان من الحقوق والحريات الأساسية، بينما يتغاضى القانون عن الحرمان من بعض الحقوق في الحالات التي تكون دفاعاً عن أمن الدولة والأنظمة العنصرية، حيث يتم تمثيل الهيمنة عادة من خلال أعمال القمع غير المشروعة التي تتجاوز ما يمكن تبريره بالرجوع إلى الأمن القومي.

إن حالات القتل خارج القانون، التعذيب، السجن الجماعي للفلسطينيين، تحت عنوان المادة 2(أ) والقيود المفروضة على حرية التعبير والإرتباط بالمعنى المقصود في المادة 2(ج). يمكن فهم الإستهداف المنهجي للقادة السياسيين الفلسطينيين والناشطين في المجتمع والمدافعين عن حقوق الإنسان على أنه إضطهاد لمعارضة نظام الهيمنة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية المحتلة بالمعنى المقصود في المادة 2(و).

في عام 2009، 45 عضواً في المجلس التشريعي الفلسطيني (أكثر من ثلث المجلس) لم يجلسوا على مقاعدهم البرلمانية بل في السجون الإسرائيلية، غالبية هؤلاء مدانين بالإنتماءات لأحزاب سياسية فلسطينية التي تعتبرها «إسرائيل» غير قانونية، 8 منهم معتقلون بلا محاكمة أو تهمة. يمكن إعتبار أن الهدف من ذلك قمع المعارضة السياسية لحكم «إسرائيل».

شهد إغلاق المؤسسات الخيرية والتعليمية والثقافية للأحزاب السياسية المحظورة في «إسرائيل»، فضلاً عن منعها من السفر وكذلك الذين يتحدثون علانية ومجاهرة بإنتهاك «إسرائيل» للقانون الدولي. هناك إحتجاجات أسبوعية في الضفة الغربية ضد الجدار وتتم مواجهتها بالقوة المفرطة والإعتقالات الجماعية من قبل الجيش الإسرائيلي.

اتبع نتنياهو استراتيجية تشريعية منسقة مع الكنيست في الحكومات الإئتلافية منذ عام 2009، تسعى لخنق ومعاقبة الفلسطينيين، كما يهتمون بالمؤسسات الداعمة لـ«إسرائيل» كدولة تمنح إمتيازات للمواطنين اليهود. وقد تم حظر الناشطين المناهضين للفصل العنصري وإعتقالهم وإستهدافهم جسدياً بسبب الممارسات السياسية. إذ تم إعتقال اليهود الإسرائيليين لمشاركتهم في إحتجاجات ضد الهيمنة الإسرائيلية على الفلسطينيين وأخضعوا لعقوبات بموجب قانون منع الحاق الضرر بمقاطعة دولة «إسرائيل» الصادر عام 2011.

صدر عن مجموعة واسعة من الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني عام 2005 الدعوة الفلسطينية للمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات التي ترتكز على مؤسسات «إسرائيل» وعملائها على فشل تفكيك الجدار. وقد إستمرت المقاطعة وإكتسبت قوة كبيرة في أعقاب عملية الرصاص المصبوب الإسرائيلية عام 2008-2009. وهجومها على المياه الدولية «أسطول الحرية في غزة» في أيار 2010.

من هنا فإن المادة 2 من قانون منع إلحاق الأذى بدولة الإحتلال تجعل من الخطأ المدني دعوة الى المقاطعة الإسرائيلية، بل مجرد وجود أكثر من نصف مليون مستوطن يهودي في الضفة الغربية فهو دليل على إنتهاك المادة 49(6) من اتفاقية جنيف الرابعة، وكما أثبتنا سابقا أن الاعمال غير الإنسانية التي ترتكبها «إسرائيل» في الأراضي الفلسطينية المحتلة لا تحدث بشكل عشوائي بل بشكل منظم بطريقة أيديولوجية تمييزية، حيث ترتقي المكانة اليهودية إلى مكانة عالية وخاصة بينما الفلسطينيون يمنحون معاملة منفصلة وغير متساوية.

إن دعم سياسات «إسرائيل» التمييزية ضد الفلسطينيين سواء داخل أراضي 1948 أو 1967 فهو نظام مبني على مفهوم الجنسية اليهودية التي تميز المواطن اليهودي عن غيره تحت الولاية القضائية الإسرائيلية. فالقانون الإسرائيلي فريد من نوعه إلى حد التمييز بين الجنسية والمواطنة، من خلال إنشاء «إسرائيل» كدولة الأمة اليهودية لأغراض قانونية وسياسية ولا توجد أمة إسرائيلية.

يؤكد فقه المحكمة العليا الإسرائيلية أن «إسرائيل» معرفة على أنها دولة يهودية وليست دولة الأمة الإسرائيلية، وفي قضية «تامارين» تم السعي إلى تسجيل جنسية إسرائيلية بدلاً من اليهودية، لكن المحكمة وجدت أنه لا يوجد أمة إسرائيلية منفصلة عن الأمة اليهودية، حيث مع الأمة اليهودية تتألف الأمة الاسرائيلية وليس فقط الموجودين في «إسرائيل» بل مع يهود الشتات.

أوضح ذلك القرار أن الإعتراف بالجنسية الإسرائيلية المشتركة سيكون بمثابة نفي الأساس التي قامت عليه «إسرائيل». وهكذا قد تم إنشاء نظام على مستوى الأحوال المدنية الأول للمواطنين الإسرائيليين والثاني مع اليهود المواطنين المميزين عن المواطنين غير اليهود.

تستند الجنسية الإسرائيلية إلى أربعة معايير: الولادة، الإقامة، الزواج والهجرة. وإن كان هناك إستثناءات منصوص عليها في قانون المواطنة فالدخول إلى «إسرائيل» يحظر من قبل القادمين من الأراضي الفلسطينية المحتلة، لبنان، سوريا، الأردن. في حين أن الفلسطينيين الحاملين للجنسية الإسرائيلية تشكل 20% من سكان «إسرائيل» ويحق لهم التصويت كمواطنين ولكن مقيدين بشكل كبير في المجالات الحرجة كإستخدام الأراضي والوصول للموارد الطبيعية والخدمات الرئيسية. تخدم مؤسسات شبه حكومة اليهود كالصندوق القومي اليهودي بالإضافة إلى العديد من الإمتيازات في المناطق التي تسيطر عليها «إسرائيل».

يحدد قانون العودة الإسرائيلي 1950 من هو اليهودي ويمنح كل يهودي الحق في الهجرة إلى «إسرائيل» بموجب تأشيرة أولية، كما يمنح قانون المواطنة 1952 الإسرائيلي المهاجرين الحق في الحصول على الجنسية الفورية، بينما يستبعد المقيمين في فلسطين قبل إنشاء دولة «إسرائيل» عام 1948. ومن حيث المنطق كان يجب على «إسرائيل» أن تمنح جنسيتها للاجئين كون أراضيهم داخل سلطتها وحدودها إلا أن دستورها يقنن على الإسرائيليين بما أن «إسرائيل» دولة للشعب اليهودي.

ينص القانون الأساسي للأراضي الإسرائيلية 1960 على ملكية العقارات التي تحتفظ بها الدولة ولا يجوز تحويل مسار «إسرائيل» وسلطتها والصندوق القومي اليهودي لأجل المنفعة للشعب اليهودي. وبحسب مصادر حكومية فإن 93% من أراضي «إسرائيل» موجودة في سلطة التنمية وبالتالي لا يمكن شراؤها أو تأجيرها لغير اليهود حتى المواطنين غير اليهود في «إسرائيل».

إن تقنين الجنسية اليهودية له نفس الأهمية بالنسبة لوضع الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يتم توجيه القانون الإسرائيلي بعدة طرق لمنح المستوطنين اليهود إمتيازات عن السكان الفلسطينيين كما في قانون ملكية الدولة 1951 الذي يدمج أراضي الدولة في أي مكان يسري فيه قانون دولة «إسرائيل» بمرسوم إسرائيلي رقم 5711 عام 1951، ما يجعل كل المحميات والمستوطنات والأراضي لصالح اليهود حصراً.

يمكن تفسير الفصل العنصري من خلال تطبيق القانون المدني الإسرائيلي والحماية الإسرائيلية الدستورية والإدارة العسكرية، والتشريعات البرلمانية. حيث تم تسليط الضوء على الطبيعة العنصرية للقانون الجنائي الإسرائيلي بموجب المادة 6(ب) من ملحق القانون لعام 1948 الذي يمتد نطاقه إلى سكان الضفة الغربية الذين ليسوا مواطنين إسرائيليين ولكن يحق لهم الهجرة إلى «إسرائيل» بموجب قانون العودة الإسرائيلي. بذلك لا يمكن أن نقول عن النظام الإسرائيلي إلا أنه نظام فصل عنصري بكل المقاييس الدولية والذي يجب محاسبته دون تردد أو تقصير من المجتمع الدولي ولاسيما في المحكمة الجنائية الدولية لأنه أخطر من نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا الذي ذهب فيه نظام الفصل العنصري السياسي وبقي في الشق الاقتصادي

أضف تعليق