23 كانون الأول 2024 الساعة 02:54

القضية الفلسطينية بين الضم والتطبيع

2021-01-28 عدد القراءات : 1571

يصدر عن المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات (ملف) خلال الأيام القادمة، كتاب جديد بعنوان «الضم والتطبيع».
و«الضم والتطبيع»، هما الركنان الأساسيان لـ «صفقة ترامب – نتنياهو» لتسوية القضية الفلسطينية وتصفيتها، لصالح قيام دولة «إسرائيل الكبرى». والخطة سارت، كما هو معروف، على مسارين: أولهما فرض الوقائع الميدانية للاحتلال والاستعمار الاستيطاني حقائق مسلماً بها، والثاني تطبيع العلاقات العربية – الإسرائيلية ودمج إسرائيل في المنطقة، وبناء التحالف الأميركي – الإسرائيلي – العربي.

وإن كان المسار الثاني حقق رزمة مهمة من أهدافه (مع تطبيع دولة الإمارات ومملكة البحرين، وجمهورية السودان والمملكة المغربية) بشكل معلن، وفي إطار احتفالي ترحيباً بكل خطوة، باعتبار التطبيع «تقدماً نحو السلام» في المنطقة، فإن مسار الضم، على المحور الفلسطيني، تحول إلى معركة طاحنة، بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، كونه يعكس حقيقة «صفقة ترامب – نتنياهو»، باعتبارها المعركة الصفرية لشطب القضية الفلسطينية، وإذا كان، في هذا السياق، ما زال متوقعاً أن تقدم دول عربية أخرى على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل في «أجواء احتفالية» من المتوقع أن تعم واشنطن، والقدس المحتلة، وعواصم الشركاء الجدد في التطبيع، فالمتوقع، في الوقت نفسه، أن تكون خطوات الضم الإسرائيلي للأرض الفلسطينية عناصر تفجير إضافية وفاعلة وشديدة التأثير للأوضاع في المناطق الفلسطينية المحتلة، حيث تدور رحى معارك حرب الاستقلال الفلسطيني، من أجل دحر الاحتلال الإسرائيلي، وإحباط كل مشاريع الضم ونسفها، وإظهار مدى هشاشة خطوات التطبيع الأخيرة في «صناعة السلام» المزعوم

             

 

الكتاب، هو الأربعون في سلسلة «الطريق إلى الاستقلال» التي يصدرها «المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات» (ملف) والثالث في الوقت نفسه الذي يتناول «صفقة القرن» وتداعياتها دولياً، وعربياً، وبالضرورة على الجبهتين الفلسطينية والإسرائيلية في خمسة فصول.

الفصل الأول: ينطلق من أن مشروع الضم لم يعد مجرد خرائط على الورق، بل تحول إلى خطوات عملية، تعمل على رسم الوقائع الجديدة لشق الطريق أمام نجاح «صفقة القرن»، لذلك حمل عنوان «في مواجهة مشروع الضم»، و«موضوعات في النظام السياسي الفلسطيني»، يستعرض العملية السياسية في المنطقة برعاية أربع إدارات أميركية متعاقبة، وقد شهدت مع إدارة ترامب الانعطافة التاريخية، بحيث انتقلت من إدارة الأزمة، إلى العمل على فرض الحل الأميركي – الإسرائيلي عبر «صفقة القرن»، وترجمته فلسطينياً كما أسلفنا، ضم أوسع الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى دولة الاحتلال.

وبعد قراءة حدود رد فعل السلطة الفلسطينية، التي ما زالت تراهن على حلول لا ترتقي إلى مستوى المجابهة الوطنية الشاملة، ونترك الباب موارباً لتسوية ما، يخلص هذا الفصل إلى تأكيد مسألتين جوهرتين، تشكلان أساساً لمقاومة خطة الضم: الأولى أن القضية الفلسطينية ما زالت قضية تحرر وطني، خلافاً للادعاء بأن السلطة خطت خطوات واسعة نحو التحول إلى دولة مستقلة تحت الاحتلال. والثانية أن الرهان على ثني إسرائيل عن قرارها في المضيّ في إجراءات الضم، من خلال الضغوط الدولية، هو رهان فاشل ولن يؤثر في صلب الموضوع، والبديل هو العودة الكثيفة إلى الميدان، التي من شأنها أن تعيد إلى عملية تدويل القضية الألق الذي بدونه سوف تبقى مجرد حقل للعلاقات العامة محدودة الفائدة.

• القسم الثاني من هذا الفصل بعنوان «موضوعات في النظام السياسي الفلسطيني» لا ينفصل موضوعياً عما سبقه، فإذا كان القسم الأول يتحدث عن ضرورات وكيفية مواجهة مشروع الضم، فإن هذا القسم يتناول، من أكثر من زاوية، واقع م. ت. ف. باعتبارها الإطار الرسمي الذي من شأنه أن يعيد تجميع القوى الفلسطينية مؤسساتياً وبرنامجياً في معارك المواجهة، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر بأوضاع هذه المؤسسة، وإدخال الإصلاحات الضرورية عليها، خاصة مجلسها الوطني، ولجنتها التنفيذية، والصندوق القومي، والسلطة الفلسطينية، ضمن حدود وسقوف، ووفق آليات، تستجيب لمتطلبات مرحلة التحرر الوطني والمقاومة في الميدان، وعلى طريق دحر الاحتلال، وفي ربط وثيق بين أهمية تطوير المؤسسة الوطنية الفلسطينية، وبين أهمية مغادرة اتفاق أوسلو لصالح البرنامج الوطني (البرنامج المرحلي) الذي تؤكد الوقائع الميدانية، والضرورات النضالية، وموازين القوى، راهنيته التاريخية، مؤكداً أن المقاربة المعيارية حسمت الآن لصالح هذا البرنامج، كما حسمت مسألة افتقار البدائل، وفشلها، في توفير الإجابات الضرورية على قضايا مرحلة التحرر التي ما زالت القضية الفلسطينية تمر بها

             

يشكل الفصل الثاني نقلة في مواجهة مشروع الضم في مقاربته لأعمال «اجتماع الأمناء العامين» لفصائل المقاومة الفلسطينية بين رام الله وبيروت (3/9/2020) في سياقه السياسي الإقليمي والفلسطيني، وإثارة الأسئلة الضرورية حول ما هو المطلوب بعد الاجتماع، حتى لا يكون مجرد خطوة تكتيكية في الهواء، داعياً إلى ثلاث خطوات لتفعيل مخرجات الاجتماع.

• اجتماع الأمناء العامين جاء في سياق مسار سياسي، افتتحه القرار القيادي الفلسطيني في 19/5/2020 رداً على ولادة حكومة إسرائيلية جديدة، استند برنامجها إلى محورين أولهما مشروع الضم، وثانيهما: تطبيقات قانون القومية اليهودية، وقد حفز للدعوة لاجتماع الأمناء العامين خطوات التطبيع العربية الإسرائيلية، ومهّد لها المشاورات بين فتح وحماس، والتي انطلقت في 2/7/2020 بين جبريل الرجوب (فتح) وصالح العاروري (حماس).

وقد أسس اجتماع الأمناء العامين في مخرجاته لمرحلة جديدة، تتجاوز في سياساتها اتفاق أوسلو، لصالح وثيقة الوفاق الوطني (2006)، والرهان على المفاوضات، لصالح المقاومة الشعبية تحت قيادة مقاومة وطنية موحدة، وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، والتوافق على وثيقة للمواجهة الاستراتيجية الشاملة للمرحلة القادمة.

ثلاثة عناوين كبرى يفترض  مدها بأكسير الحياة عبر ترجمتها في خطط عمل وآليات وأهداف محددة، تضمن الانتقال من الانقسام إلى الوحدة الداخلية وفق مبادئ الشراكة الوطنية، ورسم آليات لتشكل م. ت. ف. مع الإصلاحات الضرورية، الإطار الجامع للكل الفلسطيني، وتوسيع آفاق عمل المجلس المركزي ليصبح برلماناً فلسطينياً إلى حين إعادة لتشكيل المجلس الوطني الجديد، ووضع خطط برنامجية مؤسساتية للمقاومة الشعبية وقيادتها، بما يفعل مخرجات اجتماع الأمناء العامين، ويتقدم بها إلى الأمام، ويمنحها صدقية، تخرج السياسة الرسمية الفلسطينية من مربع المناورة والتكتيك، إلى مربع المواجهة الاستراتيجية في الميدان، وفي المحافل الدولية

             

يواصل الفصل الثالث من هذا الكتاب مقاربة تطور الأحداث في أعقاب انتهاء اجتماع الأمناء العامين لفصائل المقاومة، وما صدر عنه من مخرجات ترسم عناوين المرحلة القادمة.

في هذا الفصل معالجة سياسية للخطوة الثنائية (فتح وحماس) في إعادة صياغة أولويات مخرجات اجتماع الأمناء العامين، وتنحيتها جانباً، والذهاب ثنائياً بدلاً من ذلك إلى حوار هدفه اعتماد الانتخابات، المدخل الأكثر صعوبة في الحالة الفلسطينية، لإنهاء الانقسام.

فكانت تفاهمات اسطنبول في 24/9/2020، من أجل الدعوة لانتخابات شاملة رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني، بالتتالي والترابط خلال ستة أشهر، وبدلاً من أن تشكل هذه الخطوة دفعة إلى الأمام، في تطبيقات مخرجات اجتماع الأمناء العامين، أحدثت، على العكس من ذلك، إرباكاً في الحالة الفلسطينية، تمثلت أولاً بعدم موافقة المكتب السياسي على التفاهمات (باركها لكنه لم يوافق عليها ثم ما لبث أن انقلب على آلياتها داعياً إلى «التزامن» بدلاً من التتالي والترابط)، كما أبرزت حوارات دمشق، مع وفد فتح، حجم الخلافات في الرؤية للانتخابات وآلياتها ووظائفها.

الفصل يبرز هذا كله ويقدم الحل الذي اقترحته الجبهة الديمقراطية بما يقرب بين الفصائل ورؤاها المختلفة، ويمهد لخطوات تجمع بين الانتخابات (وخلفيتها السياسية وثيقة الوفاق الوطني) والتوافق في الوقت نفسه، بما يمكن من إنجاز خطوات إعادة بناء المؤسسة الوطنية، بما يملي ضرورات المواجهة كما رسمت عناوينها مخرجات الأمناء العامين.

كما يسهم هذا الفصل إسهاماً مهماً في دحر المفاهيم القائلة بأن رحيل ترامب ورفقته «صفقة القرن» سترحل، ومشروع الضم، وتصوير وصول إدارة جو بايدن، باعتبارها نسخة طبق الأصل عن إدارة أوباما، في تجاوز متسرع لكل ما شهدته المنطقة من تطورات سياسية ووقائع ميدانية. كما يسهم في دحض السياسات التي راهنت طويلاً على النظام الرسمي العربي في حل القضية الفلسطينية، وقد أثبتت في هذا السياق، تصريحات نائبة الرئيس بايدن، كامالا هاريس، ووزير خارجيته بلينكن، بشأن القضية الفلسطينية، الحدود الضيقة لرؤية الإدارة الجديدة، والتي لم تتجاوز حدود «حل الدولتين»، دون أن تجرؤ على نسف الوقائع الميدانية لـ«صفقة ترامب». كما أثبتت خطوات التطبيع مع إسرائيل حدود «الدعم» العربي الرسمي للقضية الفلسطينية.

المعيار الذي يقدمه هذا الفصل لمقاربة سياسة بايدن، هو مقدار ما تقترب سياسة إدارته إزاء القضية الفلسطينية من الالتزام واحترام قرارات الشرعية ذات الصلة. أما بالشأن العربي، فالبديل الوحيد هو الرهان على الحركة الشعبية العربية، دون أن نسقط نهائياً ما يمكن أن تقدمه بعض الدول العربية الباقية على مواقفها في رفض التطبيع، من دعم للقضية أياً كان حجم هذا الدعم ومستواه.

• أما القسم الأخير من الفصل الثالث فيتناول بشكل ملحوظ، إلى جانب قراءته للمتغيرات التي ستحملها إدارة بايدن إلى المنطقة، موضوع عودة السلطة الفلسطينية إلى الرهان على الرباعية الدولية، في ترجمة منحرفة لقرار المجلس الوطني، وفي توقيت فاسد لترجمته، يستعيض عن مؤتمر دولي، تدعو له الأمم المتحدة، برعاية مجلس أمنها، وبموجب قراراتها ذات الصلة، بمؤتمر يرعاه «تحالف دولي» تترأسه الرباعية الدولية ذات الصيت السيء، والتي شكلت على الدوام، أداة طيعة بيد الإنفراد الأميركي في الإشراف على المفاوضات، والتي ألحقت  بالحقوق والقضية الكثير من الكوارث.

   

■ الفصل الرابع: «في المدار» ويحمل ثلاثة عناوين:

• «اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. الخصوصية الوطنية والإجتماعية»، وهو التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الرابع عشر لإقليم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في لبنان. (كانون الأول – ديسمبر-2020) يقدم لوحة جديدة للحالة الفلسطينية في لبنان، في ما شهدته المنطقة من تطورات، وما شهدته لبنان من عواصف، أهمها عاصفة  انفجار مرفأ بيروت (4/8/2020) وجائحة كورونا، وتردي الأوضاع الإجتماعية في مخيمات اللاجئين، وتقاعس وكالة الغوث والمجتمع الدولي، ومداخل وآليات وخطط عمل لحمل أعباء الوجود الفلسطيني في لبنان في خضم الحالة المتأججة وطنياً وإجتماعياً.

• أما «النظام السياسي الإسرائيلي... (حيث) هيمنة السلطة التنفيذية وخطاب «الديمقراطية اليهودية» فقراءة لتحولات النظام السياسي في إسرائيل في ظل المزيد من الإنزياح نحو اليمين واليمين المتطرف، وكيف نجحت استراتيجيات نتنياهو وتكتيكاته، في تحويل وزارات الحكومة الإسرائيلية إلى مصائد أسهمت في اصطياد الكنيست وأضعفت دوره التشريعي، وأفسحت في هيمنة السلطة التنفيذية عليها، ما جعل الفوضى وعدم الإستقرار في حياة الكنيست وحكومات إسرائيل المتعاقبة في السنوات الأخيرة، سمة بارزة.

• أما القسم الثالث فدراسة الأوضاع الإقتصادية في قطاع غزة أمام تحديات الحصار والجائحة معاً، ويمكن في هذا المجال الإنتقال من الأرقام الدالة كما تقدمها هذه الدراسة إلى الكثير من الإستنتاجات والخلاصات، تلتقي كلها لتصور حجم المآسي التي يعيشها القطاع وسكانه

  

الفصل الخامس والأخير من الكتاب يحتله رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، وهو شخصية سياسية إسرائيلية ذات طابع خاص، تميز به عن أقرانه من رؤساء حكومات إسرائيل، أقام في ديوان رئيس الحكومة الفترة الأطول (حتى مقارنة مع دافيد بن غوريون نفسه) وقدم رؤى ومشاريع سياسية ذات آفاق واضحة المعالم، يحاول من خلالها أن يحقق مشروعه الصهيوني، مستعيناً بكل الوسائل والأساليب السياسية والميدانية، بما في ذلك البطش والقهر، طور شعارات إسرائيل من «الأرض مقابل السلام»، إلى «السلام الإقتصادي»، ثم مؤخرة إلى «السلام مقابل السلام»، في إطار رؤية سياسية، يمكن أن نطلق عليها مجازاً «عقيدة نتنياهو». يتناول شرحها هذا الفصل.

فيستعرض مشاريع «السلام» الإسرائيلي من شمعون بيريس، العراب الإسرائيلي لاتفاق أوسلو، إلى بنيامين نتنياهو الأب الشرعي لـ«صفقة القرن ومشروع الضم».

• ثم عرض «عقيدة نتنياهو»، قدمها في غلاف زائف، هو «السلام مقابل السلام».

• وأخيراً وليس آخراً، خطة نتنياهو للضم، من الضم «الزاحف» إلى الضم بـ«الأمر الواقع»، بما يؤكد مجدداً أن حديث دول التطبيع عن تعليق مشروع الضم، مقابل التطبيع، ما هو إلا ادعاءات مزيفة، فالضم ما زال يعبر عن نفسه بأساليب عديدة، يستعرض هذا القسم من الفصل بعضها.

             

كتاب حافل بالقراءات السياسية والمعلومات والوقائع والتفاصيل، تشكل أساساً لتحليلاته السياسية، ولمحاولاته مقاربة التطورات وقراءة تداعياتها، ورسم البدائل الوطنية، مستندة دوماً إلى استخراج ما في البرنامج المرحلي من إجابات تلبي المسارات النضالية للقضية الوطنية، حمل غلاف الكتاب أسماء المشاركين في إصداره، وضم فهد سليمان نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وعلي فيصل ومعتصم حمادة، وصالح ناصر أعضاء المكتب السياسي للجبهة.

أضف تعليق