23 كانون الأول 2024 الساعة 13:08

«التعليم عن بعد» ... أزمة مستمرة بين المعلمين والطلاب

2020-12-07 عدد القراءات : 1248

@ نصف الأسر التي لديها أطفال (6-18) سنة لم تشارك في الأنشطة التعليمية عن بعد نظراً لعدم توفر الانترنت بنسبة 49%

«الاتجاه الديمقراطي» ـــــــــــ غزة، تقرير ياسمين أبو حليمة

تعاني سوسن الغرباوي أم لستة أطفال من عدم قدرتها على توفير المستلزمات الأساسية لمواكبة تعليم أطفالها بعد انتقال الدراسة من الوجاهي إلى الإلكتروني في ظل انتشار فيروس كورونا داخل المجتمع في قطاع غزة.

وتقول الغرباوي من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، «لا نمتلك سوى جهازين في المنزل لمتابعة الواجبات المدرسية، عدا عن الصعوبة في متابعة الأطفال الأربعة للمواد جميعها على جهاز واحد». وتضيف، «عدم امتلاكنا جهاز لاب توب يضاعف المعاناة، وأيضا لا يوجد شبكة انترنت للمنزل، نعتمد على بطاقات يومية نشتريها، وضعيفة في تحميل المواد».

وتواصل الغرباوي حديثها، بأن «أبنائها في مراحل دراسية مختلفة، ثلاثة منهم في المرحلة الابتدائية، وآخر في المرحلة الإعدادية، وكل واحد منهم بحاجة إلى جيميل خاص به ليستطيع إرسال المواد المطلوبة، والهاتف المحمول لا يستوعب إلا بريد إلكتروني واحد، مما يزيد من معاناتها في متابعة أبنائها لدراستهم».

نتائج غير متوقعة

معاناة الغرباوي لا تختلف كثيرا عن سناء أبو مرسة أم لثلاثة أطفال في المرحلة الابتدائية، وتتحدث قائلة: «التعليم الإلكتروني غير منظم من حيث الجداول المدرسية، وعدم وجود أيضاً مواعد ثابتة لدى المدرسين».

وتوضح أبو مرسة أن التعليم الإلكتروني زاد من معاناة الأهالي، بالإضافة إلى إرباكهم في مواعيد حل الواجبات وإرسالها.

وتتابع، «التقييم للتعليم الإلكتروني من قبل المعلمين ظالمة جداً، حيث تجهد الطالب المجتهد في إرسال الفيديوهات والمتابعة الفورية مع المعلم وتقييمه لا يختلف جداً عن الطالب الغير ملتزم، وهذا ما يؤدي لوجود نوع من الإحباط لدى الأم والطالب».

وتتوقع أبو مرسة نسبة استفادة أطفالها من التعليم الالكتروني لا تتجاوز الـ 20%، مشددة على أنه تعليم للأمهات أكثر من كونه تعليم للأطفال. مشيرة إلى أن التعليم الإلكتروني سبب لها العديد من المشاكل الأسرية حيث يتم الاعتماد على جهاز زوجها في متابعة أطفالها، وطلبها المستمر للهاتف كان يؤدي الى زيادة عصبية الزوج، الأمر الذي أدى الى حدوث بعض المشاكل.

وتقطن أبو مرسة في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، المصنف وفق الخارطة الوبائية لوزارة الصحة بأنه منطقة حمراء، وغالبية اعتماد المدارس في هذه المنطقة على التعليم الإلكتروني، لمنع الوزارة إعادة افتتاح التعليم الوجاهي فيها كما هو معمول في باقي المدارس ثلاثة أيام بالأسبوع قبل أن تعود تلك المدارس للإغلاق مرة أخرى وتقتصر على الصف الثاني عشر «الثانوية العامة».

العبء يزداد على المعلمين

تشتكي معلمة المرحلة الأساسية في مدرسة حكومية بقطاع غزة، والتي فضلت عدم ذكر اسمها، من العبء الزائد في التعليم الإلكتروني، الأمر الذي زاد من العبء على كاهل المعلمين من متابعة الطلاب في المدرسة ومتابعتهم الكترونياً.

 وتستكمل المعلمة حديثها «منذ بداية جائحة كورونا في العالم ولا سيما في قطاع غزة وفرض التعليم الإلكتروني بديلاً مؤقتا عن التعليم الوجاهي، يبدأ اليوم الدراسي للمعلم بتحميل المواد التعليمية المجهزة مسبقاً على الموقع الذي تعتمده المدرسة، ثم متابعة الأهالي على جروب الواتس اب والعديد من الجروبات الأخرى، ثم تبدأ معاناة إرسال الرسائل إلى الأهالي غير ملتزمين مع أطفالهم ومن ثم كتابة التقارير اليومية المقر إرسالها إلى المدرسة للتأكد من التزام المعلم».

غياب التفاعل والتنافسية

من جهته، يضيف المدرس أ.ح «هناك ثلاث سلبيات للتعليم الإلكتروني استنتجها خلال عملي مع الطلاب، تتمثل في فقدان روح التفاعل داخل الصف، وردود الأفعال على شرح الدرس الجديد، وكذلك عدم القدرة على الدعم الإضافي لمن يحتاجون إلى شرح وتوضيح إضافي، أما العنصر السلبي الثالث فيتمثل في غياب التنافس بين الطلبة داخل الصف، وهو حافز كبير يستخدمه المعلم داخل غرفة الدرس».

ولا ينكر المدرس أن هذا النظام قدم فرصة لأعضاء هيئة التدريس والمعلمين والمعلمات على تجديد أنفسهم، والبحث عن أنجح الوسائل لإيصال وتقديم المادة العلمية لتكون مختلفة ومتجددة يوماً بعد يوم، وكذلك ابتكار أساليب غير تقليدية ومختلفة عما عهده الطلاب في المدرسة، بالرغم من صعوبة الإعداد والتجهيز للمادة العلمية في التعليم عن بعد.

ليس بديلاً عن التعليم الوجاهي

من جهته، أكد د. محمود مطر مدير عام الإشراف والتأهيل التربوي في وزارة التربية والتعليم بغزة، أن التعليم عن بعد لا يشكل بديلاً عن التعليم الوجاهي، وفي هذه الآونة يتم الاعتماد على التعليم المدمج في الثانوية العامة، مضيفاً أن «التعليم الالكتروني هو أحد أدوات التعليم عن بعد المتمثلة من البث عبر الاذاعات المحلية والصفوف الافتراضية، والمحتوى الرقمي إضافة إلى بطاقات التعلم الذاتي».

وأوضح مطر أن وزارة التربية والتعليم بصدد إطلاق قناة روافد الفضائية التعليمية المختصة بالتعليم عن بعد، وسيبدأ بث التجريبي دروس تعليمية مختلفة الأسبوع القادم، منوهاً إلى أن التحديات المتمثلة بانقطاع التيار الكهربائي والمستوى الثقافي لدى بعض الأهالي قد يشكل خطراً كبيراً على الطلاب ويسبب حالات من التسرب والجهل نتيجة البعد عن الدراسة.

وأردف مطر حديثه حول المناطق المهمشة بالقطاع أن «الوزارة تحاول قدر المستطاع ايصال المواد التعليمية إليهم في المنازل عن طريق مشاريع مؤسسات المجتمع المحلي». مؤكداً أن الوزارة وفرت أجهزة تعليم لوحية «تابلت» لبعض الطلبة وستراعي ظروف طلبة الثانوية العامة. وأشار إلى أن الوزارة جهزت إحصائيات للطلبة الذين لا يمتلكون أدوات التواصل وخاطبت العديد من الجهات المانحة ونجحت بتوفير بعض الأدوات المتمثلة بأجهزة «التابلت».

ونوه مطر إلى أنّ العدد الذي وصل الوزارة محدود وسيستفيد منه فئة قليلة جداً من الطلبة. متابعاً: «لدينا 300 ألف طالب لا يتوفر لديهم جهاز للتواصل ومن الصعب أنّ نجد جهة مانحة تدعم توفير هذا العدد من الأجهزة، وما نستطيع توفيره سنحاول إيصاله بصورة عادلة». وأوضح، أنّ الوزارة وضعت معايير لعملية التوزيع وحاولت من خلال وزارة التنمية الاجتماعية للحصول على العائلات حسب مستوى الفقر وعدد الطلبة لديهم وخصوصاً طلبة الثانوية العامة.

تباين في مشاركة الأنشطة التعليمية

ووفقاً لتقرير د. علا عوض، رئيسة الاحصاء الفلسطيني في 20/10/2020 بما يتعلق بالمشاركة في الانشطة التعليمية عن بعد، أوضحت أن 51% من الاسر في فلسطين التي لديها أطفال (6-18 سنة) وملتحقين بالتعليم قبل الإغلاق شارك أطفالهم في أنشطة تعليمية خلال فترة الإغلاق، (53% في الضفة الغربية، و49% في قطاع غزة)، مع وجود تباين واضح في مشاركة الطلاب بين المحافظات، فيما نصف الأسر التي لديها أطفال 6-18 سنة لم تشارك في الأنشطة التعليمية عن بعد نظراً لعدم توفر الانترنت بنسبة 49%.

وأوضحت د. عوض إلى عدم وجود الانترنت في المنزل حال دون مشاركة الأطفال في الأنشطة التعليمية خلال الإغلاق، إلى جانب عدم قيام المدرسين بتنفيذ أنشطة تعليمية بنسبة 22%، فيما 13% بسبب عدم رغبة الطفل في تنفيذ الأنشطة التعليمية، و6.3% بسبب عدم مقدرة/ معرفة الأهل على تنفيذ الانشطة التعليمية.

واستعرض التقرير أن «أسرتين من كل 5 أسر (المشاركة في التعليم عن بعد) قيّمت تجربة التعليم عن بعد بأنها سيئة ولم تؤدي الغرض منها».

ووفقاً لإحصائيات وزارة التربية والتعليم وجهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني، بلغ عدد الطلبة في المدارس للعام الدراسي 2018/2019، نحو مليون و282 ألف طالباً وطالبة، وبلغ عدد المعلمين 57,458 معلماً ومعلمة

أضف تعليق