23 كانون الأول 2024 الساعة 09:22

في ذكراه الثانية.. اللواء خالد عبد الرحيم رحل ولم تكتحل عينيه برؤية فلسطين

2020-12-02 عدد القراءات : 825
■تمر القضية الوطنية الفلسطينية في منعطفات كبيرة جراء استمرار الانقسام الفلسطيني للعام الرابع عشر على التوالي، والحصار الإسرائيلي الخانق على قطاع غزة الشجاع مع تسارع وتيرة الاستيطان والتهويد والأسرلة، ونهب ومصادرة الأراضي وهدم منازل المواطنين، ومواصلة جرائم الإعدامات والاعتقالات والاقتحامات اليومية للمدن الفلسطينية في عموم قطاع غزة والضفة الفلسطينية وفي القلب منها مدينة القدس المحتلة، في الوقت الذي يتواصل مخطط الضم الذي شرعنته حكومة نتنياهو- غانتس في (17/5/2020) -والتي تضم في تشكيلتها أحزاب اليمين واليمين المتطرف- بخطوات متسارعة في الميدان مستغلة ما تبقى من الفترة الانتقالية لإدارة ترامب في رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، والتي تتزامن مع عودة قيادة السلطة الفلسطينية إلى سابق علاقاتها مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي بعد أن تحللت من كافة التزاماتها وتفاهماتها معها في (19/5/2020) رداً على تشريع الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي للضم.
رغم التساؤلات الكثيرة، لماذا استعجلت السلطة الفلسطينية قرار عودتها عن مقررات القرار القيادي في (19/5/2020) برسالة من منسق الإدارة المدنية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي لرئيس الشؤون المدنية في حكومة السلطة الفلسطينية تؤكد التزام إسرائيل بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وما الذي يمنع التزام السلطة الفلسطينية بتلك الاتفاقيات التي تحللت منها بعد قرار إسرائيل السطو على أموال المقاصة الفلسطينية أي ما يعادل مخصصات ورواتب وتعويضات آلاف الأسرى والشهداء الفلسطينيين، بذريعة أنها تذهب لدعم «الإرهاب».
في هذه الظروف الحالكة والصعبة، نتوقف أمام الذكرى السنوية الثانية لرحيل القائد الوطني الكبير اللواء خالد عبد الرحيم أمين سر اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الذي رحل مبكراً في الثاني من كانون أول (ديسمبر) عام 2018، لتعود بنا الذاكرة لمحطات فاصلة في مسيرة نضالية ممتدة تزيد عن نصف قرن من النضال والتضحيات الجسام والتي تتواصل، نظراً لقناعاتنا الراسخة بحتمية الانتصار للقضية والحقوق الوطنية الفلسطينية مهما تعاظمت التحديات التي تعترض طريقها.
تاريخ حافل وطويل للراحل عبد الرحيم، لم يقتصر بالبتة على العمل العسكري، بل ساهم في بناء اللبنة الأولى للحركة الوطنية الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي جنباً إلى جنب مع رفيق دربه الشهيد الأسير عمر القاسم «مانديلا فلسطين» عضو اللجنة المركزية للجبهة، ودوراً بارزاً في قيادة نضالات الأسرى في مواجهة إدارة السجون الإسرائيلية دفاعاً عن الحقوق الإنسانية للأسرى خلف قضبان الزنازين، إلى أن استعاد حريته مع دفعة من زملائه الأسرى عام 1979 وجرى حينذاك إبعاده لمخيمات اللاجئين في لبنان، ليبدأ مشواره الجديد في قيادة العمل العسكري ومعارك الدفاع عن المخيمات الفلسطينية.
ونحن نتوقف أمام مسيرة نضالية طويلة للشهيد القائد خالد عبد الرحيم، ومنها مساهمته في بناء الحركة الوطنية الأسيرة، نتساءل عن الحالة التي وصلت إليها القضية الوطنية الفلسطينية أمام الاستعصاءات الكبرى التي تعصف بها من ترهل وتراجع للحالة الوطنية الفلسطينية من استمرار الرهانات الخاسرة على اتفاق أوسلو الفاسد، والصراع على سلطة خدمات، سلطة بدون سلطة بين طرفي الانقسام، حتى وصل الحال بتلك السلطة الضعيفة للعودة إلى الالتزامات والتفاهمات مع حكومة الاحتلال والرضوخ إلى الشروط الإسرائيلية رغم انهاء عمل المرحلة الانتقالية لاتفاق أوسلو والتزاماته، وتوصيف المرحلة النضالية بأنها «مرحلة تحرر وطني».
ونستذكر في هذه السنوية الثانية التي رحل عن شعبنا الفلسطيني اللواء خالد عبد الرحيم، مراحل نضالية عديدة واكبها مع التحاقه بالحركة الوطنية الفلسطينية، تجلت مراحلها في العمل الفدائي وقيادة القوات المسلحة الثورية الذراع العسكرية للجبهة الديمقراطية ولعبه دوراً مميزاً في تطوير قدراتها القتالية جنباً إلى جنب مع رفيق دربه خالد نزال عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية ،إلى جانب التخطيط والإشراف على تنفيذ مئات العمليات الفدائية في جنوب لبنان ومنها عملية «عيون الدولة» التي استهدفت المرصد الإسرائيلي في جبل الشيخ. ولم يكتف بذلك بل امتد دوره العسكري في الإشراف على بناء الخلايا المقاتلة لمجموعات النجم الأحمر الذراع العسكرية للجبهة الديمقراطية بالأراضي الفلسطينية المحتلة في قطاع غزة والضفة الفلسطينية وفي القلب منها مدينة القدس، إبان الانتفاضة الوطنية الكبرى (انتفاضة الحجارة) عام 1987 والتي يعيش شعبنا ذكراها الثالثة والثلاثين في هذه الأيام.
لقد خاض الشهيد الراحل خالد عبد الرحيم النضال في كافة الميادين، في الزنازين والمعتقلات، وفي معارك الدفاع عن المخيمات الفلسطينية في لبنان وقيادة العمل العسكري، وصون مكانة وكيانية م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وبرنامجها الوطني المرحلي، وبناء أجيال من المناضلين في صفوف الحركة الشعبية بالمخيمات في مناطق اللجوء والشتات، وفي قواعد العمل الفدائي في مرحلة الكفاح المسلح بالضفة والقدس وغزة ولبنان وسوريا والأردن.
إن الوفاء للشهداء كافة، الذين ضحوا بأرواحهم من أجل فلسطين والانتصار لقضيتها ومكانة وكينونة م.ت.ف، يكون بإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، والتسريع بتطبيق قرارات الإجماع الوطني ومنها مخرجات اجتماع الأمناء العامين لفصائل المقاومة الفلسطينية عبر تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية على طريق المواجهة الوطنية الشاملة وصولاً إلى العصيان الوطني الشامل لدحر الاحتلال والاستيطان الإسرائيليين، وإنجاز خطة وطنية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية وتعزيز أسس الشراكة الوطنية وبناء النظام السياسي الفلسطيني بمرجعية وثيقة الوفاق الوطني واستناداً للبرنامج الوطني المرحلي الذي فتح بوابة الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني.
حيث كان الشهيد الرفيق خالد عبد الرحيم وفياً للجبهة الديمقراطية، ووحدوياً لفلسطين بقدر ما كان يسارياً وطنياً، وفلسطينياً، ومثقفاً، ومخلصاً لحركة النضال الأممية ضد الامبريالية، ويقف لجانب الشعوب المخلصة والمكافحة من أجل نيل حريتها واستقلالها.
ونحن نفتقدك اليوم، ونفتقد شهداء الثورة والانتفاضة والشعب الذين استشهدوا من قبلك ومن بعدك في مسيرة النضال والتضحية الطويلة، والذين افتقدتهم صهوات جيادهم ليطرزوا تاريخ فلسطين، نقول إن البنيان الذي أمضيت عمرك مساهماً في بنائه، سيبقى صامداً شامخاً يشغله مناضلين التحقوا في صفوف مدرسة الجبهة الديمقراطية ليتقدموا الصفوف ويسلموا الأمانة لرفاق دربهم جيل بعد جيل.
رحلت مبكراً ولم تكتحل عينيك برؤية فلسطين محررة من الاحتلال والاستيطان بعاصمتها القدس، وعودة لاجئيها إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها منذ العام 1948، وتعود إلى مسقط رأسك في عنبتا بمحافظة طولكرم بالضفة الفلسطينية، رحلت وأنت تتذكر أيام عمرك الطفولي في حارات وشوارع عنبتا وفلسطين بالقدس عاصمتها، ودون أن تمسك بيديك حفنة من تراب فلسطين. لا نقول وداعاً للشهيد القائد الوطني خالد عبد الرحيم بل نقول طوبى لمن اتبع هدي النضال، فالحياة مشوار ونضال■

أضف تعليق